شعار الموقع
شعار الموقع

الإخلاص في رمضان

00:00

00:00

تحميل
97

بسم الله الرحمن الرحيم 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا اله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني أشهد أنه رسول الله إلى الثقلين الجن والإنس والعرب والعجم  أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأئمة وجاهد في اله حق جهاده حتى آتاه من ربه اليقين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من المرسلين وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين . 

أما بعد : 

فإني أحمد الله إليك وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله واسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا كما اسأله سبحانه أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما وأن لا يجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروما.

كما أسأله سبحانه أن يجعل تجمعنا هذا تجمع خير وعلم ورحمة وتنزل عليه السكينة وتغشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ

أيها الإخوان نحن في شهر رمضان المبارك شهر عظيم وهو سيد اشهور كان النبي ﷺ يبشر أصحابه ويقول: أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرُ بَرَكَةٍ ، فِيهِ خَيْرٌ يَغْشَاكُمُ اللَّهُ فَيُنْزِلُ الرَّحْمَةَ وَيَحُطُّ فِيهَا الْخَطَايَا ، وَيُسْتَحَبُّ فِيهَا الدَّعْوَةُ ، يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ وَيُبَاهِيكُمْ بِمَلَائِكَةٍ ، فَأَرُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسَكُمْ خَيْرًا ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ كُلَّ الشَّقِيِّ مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللَّهِ.

 هذا الشهر العظيم اختاره الله لإنزال القران فيه كما قال   شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ. والقران أعظم كتاب وأفضل كتاب وخير كتاب.

فضل الله هذا الشهر بأن يكون صيامه أحد أركان الإسلام التي لا يقوم الإسلام ولا يستقيم إلا بها.

وجعل الله في هذا الشهر من أسباب المغفرة ما لو تصورته نفس مؤمنة لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان لتكون ممتعة بهذا الروح والريحان.

 شهر عظيم مبارك جعل الله صيامه من أسباب المغفرة كما بشر النبي ﷺ الأئمة الإسلامية الصائمة وبشرها بهذه البشارة العظيمة قال عليه الصلاة والسلام كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وهذه بشارة لكل مسلم صائم إذا أدى هذا الشرط وهو أن يكون الصوم عن إيمان بالله و رسوله ورضى بشرعيته واحتساب الأجر والثواب لا عن تقليد ولا عن متابعة لهوى النفس ، يصوم عن رغبة ورهبة يصوم عن عبادة وعن قصد وعن نية وعن احتساب.

وشرط آخر لا بد منه وهو اجتناب الكبائر كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر الذي رواه الإمام مسلم الْصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعُةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانِ إِلَى رَمَضَانَ مُكفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ.

فهما شرطان : 

 الشرط الأول : أن يكون الصوم عن إيمان بالله ورسوله واحتساب الأجر والثواب . 

الشرط الثاني : اجتناب الكبائر . 

 والكبائر جمع كبيرة والكبيرة هي كل ذب وجب له حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة بالنار أو اللعن أو الغضب أو نفي عن صاحبه الإيمان أو قال فيه النبي ﷺ ليس منا أو برئ منه النبي ﷺ هذه هي الكبيرة مثل السرقة والزنى وشرب الخمر وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم والتعامل بالربى وأكل الرشوة والغيبة والنميمة وشرب الخمر والعدوان على الناس بنسف دمائهم وأموالهم وأعراضهم هذه هي الكبيرة ومن الكبائر ترك الفرائض وتأخيرها عن وقتها فإذا أخر الظهر عن وقتها والعصر عن وقتها أو أخر الفجر عن وقتها حتى تطلع الشمس فيكون مرتكب لكبيرة فصومه لا يقى على تكفير السيئات ، تأخير الفرائض من الكبائر فلا بد من المسلم أن يؤدي الفرائض والواجبات التي أوجبها الله عليه في كل وقت وفي كل زمان في رمضان وفي غيره الواجبات لا تتخلف ولا تتأخر فيها وتتساهل بها والصلوات الخمس لا بد من أدائها جماعة في المسجد في الوقت بعض الناس إذا صام صار عبدا لهواه ولشهوته ومتى ما أراد أن يستيقظ استيقظ في الليل أو النهار والصلاة ايجالها على الفراغات متى ما فرغ صلى الظهر مع العصر أو مع المغرب ولا يصلي الفجر هذا في الحقيقة عبد لهواه ولشهوته ، من عبد الله على حقيقته هو الذي أدى فرائض الله كما أمر الله في مساجد الله لا بد أن تكبح جماح نفسك وتنهاها عن الهوى قال الله تعالى فأما من طغى  ۝ وآثر الحياة الدنيا  ۝  فإن الجحيم هي المأوى  ۝  وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى  ۝  فإن الجنة هي المأوى لا بد أن تكبح جماح نفسك فتؤدي الفرائض لا بد من دائها تجاهد نفسك على احسانها واتقانها وتجميلها وتحسينها وأدائها في وقتها . 

ومن الفرائض بر الوالدين ومن الفرائض صلة الأرحام ومن الفرائض أداء الأمانات ومن الفرائض الوفاء بالعقود ومن الواجبات أيضا أداء العمل الرسمي الذي أئتمنت عليه سواء كان العمل وظيفة حكومية أوفي شركة أو مؤسسة العقد بينك وبين الدولة وبين الشركة أو المؤسسة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فلا بد أ تؤدي هذا العمل من أول الوقت إلى آخره من أول الدوام إلى آخره لا تتأخر أول الوقت ولا تتقدم في آخر  الدوام ولا تتلاعب بالمعاملات وتضيع المعاملات وتترك المراجعين على أحر من الجمر تتلاعب هذا عقد بينك وبين الله لا بد من أدائه.

ثم لا بد من الإخلاص والمتابعة للنبي ﷺ في كل أعمالنا وفي كل عباداتنا العبادة سواء كانت صلاة أو صيام أو زكاة أو حج أوبر الوالدين وصلة الرحم أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو دعوة إلى الله أو إحسان إلى الناس لا بد من الإخلاص بأن نكون تقصد وجه الله والدار الآخرة لا عن رياء ولا عن سمعة لا ترائي الناس عن عملك إذا تخلف الإخلاص حل محله الشرك لا بد من الإخلاص وجهاد النفس على الإخلاص حتى يكون عملك لله فإن كنت تقصد بذلك الرياء وتسميع الناس فليس لك إلا ذلك يقول النبي ﷺ مَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ، ومَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ فالمرائات تكون في الأعمال والتسميع يكون في الأقوال في قراءة القرآن وفي الذكر وفي التسبيح وفي الأمر بالمعروف والنهي عن النكر وفي الدعوة إلى الله: مَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ، ومَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ والله تعالى يقول في كتابه العظيم مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه أبي هريرة في صحيح مسلم إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ قال أبو هريرة هؤلاء الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم انار يوم القيامة.

ما الذي جعل هذه الأعمال تصبح وبالا على صاحبها أعمال صالحة هذا قارئ وعالم وهذا شهيد قتل في المعركة وهذا متصدق أنفق أعماله في المشاريع الخيرية ومع ذلك فهي صارت وبالا عليهم صات أعمالهم نارا تلظى والسبب النية السيئة النية و القصد السيئ لا بد من إصلاح النية.

ولا بد من جهاد النفس حتى تزول هذه الخواطر الرديئة ومرائات الناس وقصد الثناء أو قصد المدح لا بد من جهاد النفس والمجاهد موعود بالهداية قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وقال سبحانه وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ في تعلم العلم لا بد من النية وإحسان القصد.

قيل للإمام أحمد كيف ينوي لطلب العلم قال " ينوي رفع الجهل عن نفسه ثم ينوي رفع الجهل عن غيره " لأن أصل الإنسان أنه لا يعلم قال اله تعالى وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.

والأصل الثاني : المتابعة للنبي ﷺ بأن يكون عملك عبادتك صلاتك صومك برك دعوتك جهادك أمرك بالمعروف نهيك عن المنكر وفقا للشريعة وصوابا على هدي رسول ﷺ.

قال الله تعالى في بيان هذي الأصلين فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ما كان موافقا للشريعة والعمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص لله قال تعالى وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى والإسلام الوجه وهو إخلاص العمل لله والإحسان أن يكون العمل موافقا للشريعة قال الله تعالى بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ. وثبت في الصحيحين من حديث عم بن الخطاب أن النبي ﷺ قال إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. وإذا نخلف هذا الأصل حل محله الشرك وهو تحقيق شهادة لا إله إلا الله.

وقال عليه الصلاة والسلام مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وفي الصحيحين عن عائشة أن النبي ﷺ قال مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ فإن تخلف هذا الأصل حل محله البدع . 

ثم بعد ذلك عليك الإكثار من الأعمال الصالحة في هذا الشهر العظيم الإكثار من قراءة القران والإكثار من الصدقة والإحسان وتفطير الصوام والتسبيح والتهليل والتكبير والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإحسان إلى الناس وإطعام الجائع وتعليم الجاهل وكف الأذى عن الناس تجاهد نفسك على الأعمال الصالحة بعد أداء الفرائض والتوبة النصوح واجبة على كل مسلم فريضة الله على عبادة والتوبة في كل وقت ولا سيما في هذا الشهر العظيم بأن يقلع عن المعاصي ويندم على ما مضى منها ويعزم أن لا يعود إليها عزما جازما صادقا ويرد المظلمة إلى أهلها وتكون قبل الموت يبادر بالتوبة . 

أسأل الله أن يوفقنا وإياكم للتوبة النصوح والعمل الصالح وأن يرزقنا الجد والنشاط في هذا الشهر الكريم وأن يبعدنا من الكسل والتفريط والإضاعة ويثبتنا على دينه القويم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين . 

logo
2024 م / 1445 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد