بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، اللهم اغفر لنا و لشيخنا و للحاضرين ، اللهم علَمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علَمتنا و زدنا علماً يا رب العالمين، أما بعد :
( متن )
قال أبو محمد عبد الغني المقدسي رحمنا الله و إياه :
136 - عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي ، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَتَصَدَّقُ. وَيُعْتِقُونَ وَلا نُعْتِقُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ ، إلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟ قَالُوا: بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ: ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّةً.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ ، فَقَالُوا: سَمِعَ إخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا ، فَفَعَلُوا مِثْلَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ .
قال سُمَي : فحدثت بعض أهلي بهذا الحديث فقال وهمت إنما قال ( تسبح الله ثلاثاً و ثلاثين و تحمد الله ثلاثاً و ثلاثين و تكبِّر الله ثلاثاً و ثلاثين ) فرجعت إلى أبي صالح فذكرت له ذلك فقال: الله أكبر و سبحان الله و الحمد لله حتى تبلغ من جمعهن ثلاثاً و ثلاثين " .
( شرح )
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد :
فهذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه و فيه بيان نوع من أنواع الذكر الذي يُقال عَقِبَ الصلوات.
فالذكر الذي يُقال عَقِبَ الصلوات أنواع:
النوع الأول أن تسبح الله ثلاثاً و ثلاثين و تكبِّر الله ثلاثاً و ثلاثين و تحمد الله ثلاثاً فيكون المجموع تسعاً و تسعين كما في هذا الحديث فقط بدون زيادة.
و النوع الثاني أن تسبح الله ثلاثاً و ثلاثين و تحمد الله ثلاثاً و ثلاثين و تكبِّر الله ثلاثاً و ثلاثين و تقول تمام المائة لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
النوع الثالث أن تسبح الله ثلاثاً و ثلاثين و تحمد الله ثلاثاً و ثلاثين و تكبِّر الله أربعاً و ثلاثين فيكون المجموع مائة ، هذا علمه النبي ﷺ عليا و فاطمة عند النوم هذا مشروعيته عند النوم.
النوع الرابع أن تسبح الله خمساً و عشرين و تحمد الله خمساً و عشرين و تهلل الله خمساً و عشرين و تُكَبِّر الله خمساً و عشرين فيكون المجموع مائة. هذه أربعة أنواع كلها إذا أتيت بنوع واحد بعد الصلاة فهو ثابت.
و هناك نوع خامس و هو أن تسبح الله إحدى عشر و أن تحمد الله إحدى عشر و أن تُكَبِّر الله إحدى عشر فيكون المجموع ثلاثاً و ثلاثين .
هذا الحديث حديث أبي هريرة فيه فضل الصحابة رضوان الله عليهم و أنهم يتنافسون في الخير فالفقراء ينافسون الفقراء و الأغنياء ينافسون الفقراء لمَّا كان الأغنياء يتصدقون و يعتقون و ينفقون من أموالهم رَغِبَ الفقراء في أن يشاركوهم فجاءوا إلى النبي ﷺ و شكوا إليه و قالوا يا رسول الله إخواننا أهل الأموال يشاركوننا في الصلاة و الصيام و الذكر و لكن يزيدون علينا في النفقة ينفقون من أموالهم و ليس عندنا أموال ننفق ماذا نعمل ؟
و لهذا قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور، الدثور هي الأموال دثور جمع دثر و هي المال الكثير ذهب أهل الدثور بالدرجات العُلا و النعيم المقيم ، الدرجات العلى الجنة و النعيم المُقيم الدائم فقال وَمَا ذَاكَ؟ قالوا :يصلون كما نصلي و يصومون كما نصوم و يتصدقون و لا نتصدق و يُعتِقونَ و لا نُعتِق يعني يشاركوننا في العبادات البدنية الصلاة و الصيام ويزيدون علينا في العبادات المالية الصدقة و العتق فقال الرسول ﷺ أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ يعني من سبقهم من أهل الأموال الذين امتازوا عليكم أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ ، إلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟ قالوا بلى يا رسول ، قال تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ: ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّةً. فيكون المجموع تسعاً و تسعين هذا نوع من الذكر.
و فيه مشروعية الذكر بعد الصلاة.
قال أبو صالح : فرجع فقراء المهاجرين يعني مرة ثانية فقالوا : يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا فعلوا مثله فماذا نعمل ؟ سَمِعَ إخواننا بما أرشدتنا إليه من التسبيح و التحميد و التكبير ، و صار الأغنياء يسبحون و يحمدون و يكبرون و يحمدون مثلنا و يزيدون علينا بالصدقات و العتق و إنفاق الأموال فقال الرسول ﷺ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ استدل به بعض العلماء على أنَّ الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر لأنَّ الغني الشاكر نفعه متعدي و لأن الفقراء لما اشتكوا إلى النبي ﷺ و قالوا يا رسول الله إن َّالأغنياء شاركونا في التسبيح و التكبير و التحميد و زادوا علينا فقال ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ دلّ على أنه فضل عليهم فدل على تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر و هذه المسألة خلافية بين أهل العلم و من العلماء من قال أن الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر و منهم من قال متساويان و الصواب أنَّ الغني الشاكر أفضل لأنَّ الغني الشاكر نفعه متعد و الفقير الصابر صبره على نفسه نفعه قاصر لنفسه و القاعدة التي دلت عليها النصوص أن النفع المتعدي أفضل من النفع القاصر الذي نفعه متعدي للآخرين أفضل من الذي نفعه قاصر على نفسه .
و فيه بيان كيفية التسبيح و التكبير و التحميد ، قال سُمَي في الأول قال سَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ: ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّةً. ما معنى هذا ؟ معنى هذا تقول سبحان الله و الحمد لله و الله أكبر هذا مرة سبحان الله و الحمد لله و الله أكبر حتى تبلغ ثلاثاً و ثلاثين قال فرجعت إلى أبو صالح سمي فذكرت له ذلك فقال لا ما تفعل هذا تقول ( الله أكبر ثلاثاً و ثلاثين ، سبحان الله ثلاثاً و ثلاثين، الحمد لله ثلاثاً و ثلاثين ) حتى تبلغ من جميعهن ثلاثاً و ثلاثين فأبو صالح سمي في الأول قال تسبح يعني تجمع التسبيح و التكبير و التحميد " سبحان الله و الحمد لله و الله أكبر " حتى تبلغ ثلاثاً و ثلاثين فرجع إلى أبو صالح فذكر له ذلك فقال : لا تقول ( الله أكبر و سبحان الله و الحمد لله ) و حتى تبلغ من جميعهن ثلاثاً و ثلاثين و الأمر في هذا واسع سواء ثلت " سبحان الله و الحمد لله و الله أكبر " و سواء قلت " سبحان الله سبحان الله سبحان الله " ثلاثا و ثلاثين " الحمد لله الحمد لله الحمد لله " ثلاثا و ثلاثين " الله أكبر الله أكبر الله أكبر " ثلاثا و ثلاثين و لكن كل واحدة على حِدا إذا تيسر يكون أولى و إلا الحمد لله الأمر في ذلك واسع ، إذا جمعت هذا أسرع " سبحان الله و الحمد لله و الله أكبر " حتى تبلغ ثلاثا و ثلاثين و إذا قلت " سبحان الله سبحان الله سبحان الله الحمد لله الحمد لله الحمد لله الله أكبر الله أكبر ".
و في هذا الحديث من الفوائد حرص الصحابة على الخير و رغبتهم في العمل الصالح و تنافس الفقراء و الأغنياء في عمل الخير.
و فيه أن الأعمال الصالحة سبب في رفع الدرجات و مزيد الأجر.
و فيه فضل التسبيح و التحميد و التكبير بعد الصلوات و مشروعية التسبيح و التحميد و التكبير دبر الصلوات و فضله .
( متن )
الخميصة : كساء مربع له أعلام و الإمبجانية :كساء غليظ .
( شرح )
و هذا الحديث متفق عليه رواه الشيخان البخاري و مسلم رحمهما الله.
هذا الحديث عن النبي ﷺ فيه أنَّ النبي ﷺ عندما صلى بخميصة عليها أعلام الخميصة كساء مربع له أعلام فيه خطوط أو نقوش نظر إلى أعلامها نظرة فلمَّا انصرف قال اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إلَى أَبِي جَهْمٍ ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ. فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاتِي . الخميصة كساء مربع له أعلام و الإمبجانية كساء غليظ.
هذا الحديث فيه مشروعية إزالة ما يُشغِل المصلي عن صلاته و أنَّه ينبغي أنّ يكون السجاجيد التي يصلي عليها الإنسان سادة ليس بها نقوش و لا نقط و لا خطوط حتى لا تشغل الإنسان و لهذا النبي ﷺ لما صلى في خميصة كساء له أعلام فيه خطوط ألهته عن صلاته فلما انصرف من الصلاة قال اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إلَى أَبِي جَهْمٍ ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ المقصود بالأمبجامية الكساء الذي ليس فيه أعلام سادة فدل على مشروعية أن تكون السجاجيد الأفضل أن تكون سادة ما فيها خطوط و لا نقوش و لا كذا و كذلك الجدران ما ينبغي أن تكون سادة التي أمام المصلي في المسجد ينبغي أن لا يكون فيها خطوط و لا نقوش و لا كتابة حتى لا ينشغل المصلي عن الصلاة. و أبو جهم هو عامر بن حذيفة ألعدوي المدني.
يقول أَلْهَتْنِي يعني شغلتني آنِفًا يعني قريباً.
و في الحديث من الفوائد جواز لبس الثوب المُعلَّم ، لا بأس من لبسه فيه خطوط معلم و فيه نقوش لكن تركه أولى الأفضل أنّ يلبس سادة حتى لا ينشغل عن الصلاة و كذلك أيضا ينبغي أن لا يكون أمام المصلي نقوش و لا خطوط و لا كتابة و كذلك السجادة التي يصلي عليها ينبغي أن تكون سادة حتى لا ينشغل.
و فيه أنَّ الإنسان إذا انشغل فكره في الصلاة إنها لا تبطل صلاته و لهذا قال النبي ﷺ قال أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاتِي . و مع ذلك لم تبطل صلاته يعني الوساوس و الخواطر التي ترد على الإنسان لا تبطل صلاته لكنها تنقص الثواب و الأجر فينبغي على الإنسان أن يجاهد نفسه في إبعاد الوساوس و الخواطر و يبعد كل شيء يشغله من خطوط و نقوش أمامه أو في الثوب الذي يلبسه أو الشيء الذي يصلي عليه ينبغي أن لا يكون فيه خطوط و لا نقوش كي لا ينشغل.
و فيه دليل على أنه إذا اشتغل الإنسان في الصلاة فإن صلاته لا تبطل.
و فيه أنه ينبغي للإنسان أن يطلب ما يكون سبباً في خشوعه في صلاته و الإقبال عليها و أن يفعل الإنسان ما يكون سببا في الخشوع في الصلاة و الإقبال عليها و إبعاد كل ما يشغل خاطر الإنسان عن الصلاة.
و فيه قبول الهدية من الأصحاب فإن أبا جهم أهدى للنبي ﷺ خميصة فقبلها فيه قبول الهدية من الأصحاب.
و فيه أنَّ النبي ﷺ لمَّا طلب من صاحبه الإمبجانية كان جبراً لخاطر المهدي ليبين أنَّ رد الخميصة كان لسبب رد الخميصة و طلب أخرى فردّ الخميصة لأنَّ بها نقوش و طلب الإمبجانية لأنَّه لا يوجد بها نقوش عليه الصلاة و السلام .
( متن )
بابُ الجمعِ بين الصلاتين في السفرِ
138 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِﷺ يَجْمَعُ فِي السَّفَرِ بَيْنَ صَلاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، إذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ .
( شرح )
هذا الباب فيه جواز الجمع بين الصلاتين للمسافر بين الظهر و العصر و بين المغرب و العشاء أمَّا الفجر فلا تجمع مع شيء الجمع يكون بين الظهر و العصر و بين المغرب و العشاء و هذا إذا كان جدَّ به السير إذا كان ماشيا أمَّا إذا كان نازل فالأفضل أن لا يجمع ، بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنَّ المسافر إذا كان نازلا لا يجمع مثل الحجاج بمِنى إذا كانوا نازلين يقصرون و لا يجمعون ، الحجاج بمِنى يقصرون الظهر ركعتين العصر ركعتين العشاء ركعتين المغرب في وقتها ثلاث و الفجر في وقتها ركعتين و لا في جمع لكن إذا كان جادا به السير ماشيا فإنه يجمع و الأفضل.
و الصواب أنه يجوز الجمع حتى لو كان الإنسان نازلا لأنَّ النبي ﷺ جمع في تبوك و هو نازل فدل على جواز الجمع للمسافر و إن كان نازل لكن الأفضل للمسافر إذا كان نازل في مكان من الظهر للعصر يصلي الظهر في وقتها ركعتين و العصر في وقتها ركعتين و لا يجمع و إن جمع فلا حرج و لاسيما إذا كان محتاجا إلى الجمع يجمع المغرب والعشاء حتى ينام إذا كان مسافرا أو لأنه لا يوجد الماء ، الماء قليل فيتوضأ و يجمع بين الصلاتين فلا حرج.
و هل الأفضل جمع التقديم أو جمع التأخير ؟ الأفضل هو الأرفق بالمسافر فإن كان الأرفق به جمع التقديم فجمع التقديم ، و إن كان الأرفق به جمع التأخير فجمع التأخير كما كان النبي ﷺ يفعل فمثلاً إذا جاء وقت الظهر و هو نازل و يريد أن يرتحل قبل العصر ؛ فالأفضل أن يجمع جمع تقديم يصلي الظهر ثم يصلي العصر و يقدمها حتى إذا ارتحل قبل العصر لا يقف للعصر ، أمَّا إذا جاء كان إذا جاء وقت الظهر و هو ماش الأفضل أن يؤخر وقت الظهر للعصر حتى لا ينزل إلا مرة واحدة ، و كذلك المغرب و العشاء الأفضل الأرفق به فإن كان لما جاء المغرب و هو نازل في المكان فالأفضل أن يصلي المغرب ثم يصلي العشاء جمع تقديم حتى إذا ارتحل لا يقف و إذا كان لما جاء المغرب ماشيا فالأفضل أن يؤخر ما دام أنه في المغرب ماشي فالأفضل أن يؤخر المغرب حتى يجمعها مع العشاء فإن تساويا على حد سواء جمع التقديم و جمع التأخير فالأفضل جمع التأخير الأفضل الأرفق بالمسافر إذا كان الأرفق به جمع التقديم هذا هو الأفضل يقدم و إن كان الأرفق به جمع التأخير فيجمع تأخير و إن تساويا فالأفضل جمع التأخير .
و قوله ( إذا كان على ظهر سير ) يعني إذا جد به السير بأن كان متواصل و الجمع بين الظهر و العصر في وقت إحداهما و كذلك الجمع بين صلاة المغرب و العشاء في وقت احداهما يجمع الظهر و العصر في وقت الظهر أو الظهر في وقت العصر يجمع المغرب و العشاء في وقت المغرب أو في وقت العشاء .
( متن )
بابُ قصرِ الصلاة في السفرِ
139 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَكَانَ لا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ .هذا هو لفظ البخاري في الحديث و لفظ الإمام مسلم ( أكثر وأزيد فليعلم ذلك ) .
( شرح )
هذا الباب في قصر الصلاة في السفر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال " صحبت رسول الله ﷺ فكان لا يزيد في السفر على ركعتين و أبا بكر و عمر و عثمان كذلك " هذا هو لفظ البخاري في الحديث و لفظ الإمام مسلم ( أكثر و أزيد فليعلم ذلك ).
هذا الحديث فيه مشروعية قصر الرباعية في السفر و فيه أنَّ النبي ﷺ كان يقصر الصلاة في السفر و كذلك أبا بكر و عمر و عثمان و في قوله (أبا بكر و عمر و عثمان ) فيه بيان أنَّه لم ينسخ أن قصر الصلاة لم يُنسخ و أنه باقي ولهذا قصر أبا بكر و قصر عمر و قصر عثمان و قصر الصلاة قصر الرباعية في الحديث مشروعية قصر الرباعية في السفر إلى ركعتين و هي الظهر و العصر و العشاء.
و هي سُنَّة مؤكدة. و قال بعض العلماء أنَّه واجب يرى بعض العلماء أنه يجب على المسافر أن يقصر و لا يجوز له أن يتم الظهر و لا يتم العصر و لا يتم العشاء هذا قول مغلوط و الصواب أنه يجوز له أن يُّتِّم ، لو أتم المسافر و صلى الظهر أربع و العصر أربع و العشاء أربع جائز و لكنه خالف الأولى ، الأولى في حقه أن يقصر.
و الدليل على أنَّه يجوز للمسافر أن يُتم الصلاة أنَّ عثمان في آخر حياته حج بالناس و أتم الصلاة في مِنى و صلى خلفه الصحابة ، فلو كان الإتمام للمسافر غير جائز ؛ لما فعله الصحابة و لما أقر الصحابة عثمان على ذلك إذا قصر الرباعية للمسافر سنة مؤكدة و الإتمام في السفر إتمام الرباعية جائز إلا أنه خلاف الأولى.
و قال بعض العلماء أن الإتمام في السفر لا يجوز و الصواب أنه جائز إلا أنه خلاف الأولى الإتمام .