شعار الموقع

شرح كتاب الحج من عمدة الأحكام_2 بابُ الفِدْيَةِ وبابُ حرمة مكةَ وبابُ ما يجوزُ قتلُهُ

00:00
00:00
تحميل
43

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله تعالى وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

 هذه الليلة من شهر الحجة وغداً من شهر ذي الحجة بيقين، لأنه مضى من رمضان ستين يوماً فإن لم ير الهلال ليلة الثلاثاء يكون الأربعاء هو اليوم، وإن رؤي حسب إعلان مجلس القضاء الأعلى فيكون الثلاثاء هو الأول من شهر ذي الحجة.

ويسن التكبير، التكبير من أول دخول شهر ذي الحجة وهي سنة مهجورة عند كثير من الناس، التكبير في جميع الأوقات.. في الأسواق.. في الشوارع.. في المدارس والمتاجر والمصانع والدكاكين والبيوت..

( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد)

كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما يدخلان السوق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما حتى يضج السوق بالمكبيرين.

وهناك تكبير مقيد بعد الصلوات هذا يكون من يوم عرفة، خمسة أيام من غير الحج، من فجر عرفة إلى عصر اليوم الثالث من أيام التشريق بعد العيد، وأما الحج بعد رمي جمرة العقبة يبدأ التكبير من ضحى يوم العيد، يعني: من ظهر يوم العيد إلى عصر آخر أيام التشريق... نعم

(المتن)

بسم الله والحمد لله وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين....

قال الإمام عبد الغني المقدسي في كتابه العمدة يرحمه الله.

223 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحرَمٍ.
وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ: لا تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ.

 (الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

 أما بعد..

فهذا الحديث وهو حديث أبو هريرة  رواه الشيخان البخاري ومسلم وفيه يقول النبي ﷺ لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحرَمٍ. وفي لفظ: لا تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ. وللبخاري مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ، وجاء في الحديث الآخر: مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وفي لفظ: أَنْ تُسَافِرَ مطلقة مطلق السفر.

وأيضاً في معنى هذا الحديث حديث ابن عباس أن النبي ﷺ خطب الناس فقال: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا، وَلَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فقام رجل فقال: يارسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال النبي ﷺ: انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ.

هذا الحديثان يدلان على تحريم سفر المرأة بدون محرم وأنه لا يجوز للمراة أن تسافر إلا ويصحبها محرم.

وهذا المحرم هو زوجها أو من تحرم عليه بالتأبيد بنسب أو بسبب مباح كأبيها وجدها وأخيها وابن أخيها شقيق لأب او لأم أو ابن أختها أو عمها او خالها، وكذلك أيضاً أبوها من الرضاع وأخوها من الرضاع وابن أخيها من الرضاع وابن أختها من الرضاع وجدها من الرضاع وكزوج أمها وزوج ابنتها كل هؤولاء محارم، تسافر معهم، ولا يجوز لها أن تسافر حتى ولو إلى الحج إلا ومعها ذو محرم.

ولا بد أن يكون المحرم بالغا لا يكون طفلاً أو صبياً قبل البلوغ.

والحكمة من كون المرأة معها محرم أنه يدافع عنها ويحافظ عليها لأن المرأة ضعيفة إذا سافرت وليس معها أحد قد تتعرض لها الذئاب و وذئاب البشر وأصحاب الشهوات ويطمعون فيها وينتهكون عرضها، ولو بالكلام السيء الذي لا يليق أو باللمس أو بالتقبيل، فالإسلام أوجب على المراة أن تسافر إذا أرادت أن تسافر أن يصحبها محرم حتى ولو للحج.

ولهذا قال النبي ﷺ في حديث ابن عباس لما قال: وَلَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَهَا ذِي مَحْرَمٍ  قام الرجل فقال يارسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وليس معها محرم وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا.. اكتتب في الغزوة في الجيش ليجاهد، قال له النبي ﷺ: انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ. أمره أن يترك الغزو ويكون مع امرأته محرما لها ، مما يدل على أهمية المحرم يترك الجيش ويترك الغزو ويترك الجهاد في سبيل الله ويذهب مع امرأته مما يدل على أهمية المحرم، وفي الحديث.

 وفي أول الحديث أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا وفي حديث آخر لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا  والخلوة أن ينفرد الرجل الأجنبي بالمرأة في مكان ليس معهما أحد، كأن ينفرد في بيت ولو كان قريب الزوج كأن يدخل في بيت أخيه وليس فيه إلا زوجته، أو يدخل عم الزوج على المرأة، هذا خلوة إلا إذا كان معهما ثالث فتزول الخلوة كأن تكون زوجته معه أو أمه أو أحد الأبناء أو البنات الكبار البالغ فتزول الخلوة لأن هذا ليس بسفر إذا كان في البلد، وكذلك يخلو بالمرأة في السيارة وحدها هذا خلوة لا يجوز أن تركب المرأة مع السائق وحدها، مثل في يعض الناس تركب المرأة في الليموزين وحدها هذا لا يجوز هذا خلوة، او يخلو بها المصعد الكهربائي لأن الشيطان ثالثهما يسول لهما الشر.

ولا يجوز للمراة أن تسافر حتى ولو إلى الحج، ومقولة النبي ﷺ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وبعضها يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وبعضها يَوْمَيْنِ، وبعضها ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وبعضها لَا تُسَافِرِ كل ما يسمى سفر، والسفر عند جمهور العلماء مسافة السفر يومين للإبل المحملة وهو ما يقارب 80 كيلو فهذه المسافة لا تسافر المرأة إلا مع محرم، لأن المحرم يصون المرأة ويحفظها ويعتني بها من أن تخدش كرامتها أو يساء إليها حتى ولو إلى الحج، يجب على المرأة أن يصاحبها المحرم في الحج.

فإن لم تجد وكانت غنية فإن لم تجد محرم صبرت وانتظرت حى تجد المحرم، فإن لم تجد المحرم قال العلماء وهي قادرة لا تحج ولو كان عندها مال ، وإنما تنيب من يحج عنها، تدفع نقود لمن يحج عنها وتكون عاجزة، عاجزة هنا شرعاً، وإن كانت قادرة ببدنها وإن كان عندها مال ولكن لم تجد محرم ، إذا آيست ولم تجد محرم أنابت من يحج عنها وهذا يدل على عناية الإسلام بالمرأة وتكريمها.

فما بال هذه النساء التي تأتي وحدها تركب المرأة في الطائرة وحدها وتأتي من بلدها وتأتي خادم و تعمل تجلس سنين وشهور وليس معها محرم هذا منكر.. لا شك أن هذا منكر ، والذي يستقدمها وليس معها محرم شريك في الإثم.

الواجب على الإنسان إذا أراد أن يستقدم امرأة خادم أن يستقدم معها زوجها أو محرمها، وتسكن مع محرمها في مكان خاص ولا تختلط مع الرجال ولا يخلو هو بها المرأة ولا أحد من أولاده لا في البيت ولا في السيارة ، تكون المرأة مع النساء، والرجل مع الرجال، هذا هو الواجب، الإسلام اعتنى بالمرأة وحفظها ولم يوجب عليها الحج إلا مع محرم، وهي تتمرد على تعاليم الإسلام وتأتي وتسافر وتركب الطائرة وتأتي وحدها وتجلس في خادم وتختلط بالرجال من دون مراعاة لأحكام الشرع، هذا منكر لاشك أنه تمرد على حكم الله وشرعه.. نعم..

فالحديث فيه دليل تحريم سفر المرأة من دون محرم.

وفيه تحريم خلوة الرجل الأجنبي بالمرأة الأجنبية.. نعم..

والخلوة تكون في البيت أو في السيارة أو في المصعد الكهربائي..نعم

(المتن)

بابُ الفِدْيَةِ

224 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: جَلَسْتُ إلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. فَسَأَلَتْهُ عَنِ الْفِدْيَةِ؟ فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً. 

الشيخ يسأل:- عمن؟ الراوي من هو؟ كعب بن عجرة لا الذي قبله، السائل؟ عبد الله بن معقل نعم..-..

224 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: جَلَسْتُ إلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. فَسَأَلَتْهُ عَنِ الْفِدْيَةِ؟ فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً. حُمِلْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي. فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى أَوْ مَا كُنْتُ أُرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، أَتَجِدُ شَاةً؟ فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُطْعِمَ فَرَقاً بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ.

(الشرح)

نعم وهذا الحديث في باب الفدية، والفدية هي الجزاء يفعلها المكلف مقابل فعله المحظور.. محظورات الإحرام، محظورات الإحرام ما هي؟ إذا دخل المسلم في الحج أو في العمرة وأحرم حرمت عليها أشياء، تسمى عند أهل العلم محظورات الإحرام يعني ممنوعات.. تسعة أشياء، ما هي؟ أخذ شيء من الشعر، تقليم الأظفار، تغظية الرأس، لبس المخيط، الطيب، قتل الصيد، عقد النكاح، الجماع، المباشرة دون جماع.. تسعة أشياء تسمى هذه محظورات الإحرام عن أهل العلم للرجل، هذه تسعة محرمة على الرجل.

وإذا احتاج لفعل محظور من هذه المحظورات، غير الجماع وغير عقد النكاح وغير قتل الصيد وغير المباشرة، ، الأمور الأربعة  ما هي؟ وهي تغطية الرأس، لبس المخيط تقليم الاظفار، اخذ الشعر، الطيب.. هذه الخمسة أشياء، إذا احتاج إلى فعل واحد منها، أولاً لا يجوز للإنسان أن يفعل شيئا منها، فإن فعل واحداً منها ناسياً أو جاهلاً فاختلف العلماء، فقال بعض العلماء: عليه فدية، وقال آخرون: ليس عليه فدية وهذا هو الصواب، الصواب: أن الناسي والجاهل معفو عنه إذا تطيب ناسياً أو غطى رأسه ناسياً أو لبس المخيط ناسياً أو أخذ شيئاً من ظفره أو أشعاره أو شعره ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه، لقول الله تعالى رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قال الله قَد فَعَلتُ.

أما إذا فعل شيئا منها متعمداً فله حالتان:

الحالة الأولى: أن يكون متعمداً محتاجاً كأن يغطي رأسه لأنه محتاج للبرد، لشدة البرد لا يستطيع أن إلا يغطي رأسه من البرد، أو لبس المخيط ولبس الصوف من شدة البرد هذا محتاج، أو احتاج إلى أن يحلق رأسه ليداوي جروح في رأسه فهذا لا بأس يفعل المحظور وعليه الفدية، واضح هذا؟

الحالة الثانية: أن لا يكون محتاجاً يفعله متعمداً ولا يكون محتاجاً، فهذا يلزمه أمران، الأمر الأول الفدية، والأمر الثاني الإثم والمعصية ، صار آثماً عاصياً عليه التوبة والاستغفار.

والفدية ما هي؟ الفدية هي ماذكرت في هذا الحديث عن كعب بن عجرة، يخير بين واحدة من ثلاثة أمور: إما أن يذبح شاة أو يطعم ستة مسكيناً لكل مسكين نصف صاع ونصف الصاع كيلو ونصف أو يصوم ثلاثة أيام، والإطعام والذبح في مكة، والصيام في أي مكان.

هذا الحديث هو حديث كعب بن عجرة سأله عبد الله بن معقل فقال: نزلت في خاصة وبكم عامة، وذلك أن كعب بن عجرة آذاه هوام رأسه وأتعبه القمل، فحمل إلى النبي ﷺ والقمل يتناثر على وجهه، فقال النبي ﷺ مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى أو الْجَهْدَ مَا أَرَى ثم قال احلِق رَأسَكَ، حلقه لماذا؟ وهو محرم؟ من أجل القمل الذي آذاه. كذلك إذا احتاج إلى أن يحلق رأسه لمداواة الجروح، قال الطبيب: لا بد أن تحلق رأسك حتى نداواي الجروح التي تؤلمك ، يحلق رأسه ويداوي الجروح ثم يفعل.. يؤدي الفدية، ما هي الفدية؟ قال له النبي ﷺ في الحديث قال أَتَجِدُ شَاةً؟ قال: لا، قال: أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ، أو صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وفي اللفظ الآخر أنه خيره لم يبدأ بالشاة، قال: أَطعِم فَرقاً بَينَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ والفرق: مكيال يسع ثلاثة أصوع، أَطعِم فَرقاً بَينَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَو اذبَح شَاةُ أَو صُم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ هذه تسمى الفدية.

الفدية ما هي؟ الفدية: هي الجزاء الذي يؤديه المحرم في حج أو عمرة مقابل فعل المحظور الذي فعله، يقال له الفدية، يسمى هذا الحديث حديث الفدية، جاءت في حلق الرأس ويقاس عليه تقليم الأظفار، أخذ الشعر، تقليم الأظفار، لبس المخيط، تغطية الرأس، الطيب.

إذا فعلاً واحداً من هذه الخمسة محتاجاً متعمداً عليه الفدية ولا اثم عليه، فإن فعلها غير محتاج متعمداً فعليه الفدية وعليه الإثم والمعصية.. عليه التوبة.. نعم..

الذي بعده..

(المتن)

بابُ حرمة مكةَ

225 - عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ - خُوَيْلِدِ بْنِ عَمْرٍو - الْخُزَاعِيِّ الْعَدَوِيِّ : أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ - وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إلَى مَكَّةَ -

الشيخ: عمرو بن العاص أم عمرو بن سعيد؟ هل عندك عمرو بن سعيد،

 لا ..عمرو بن العاص!

نعم ..عمرو بن سعيد بن العاص-

وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إلَى مَكَّةَ - ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ أَنْ أُحَدِّثَكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ. فَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ ، حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ: أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ؛ فَلا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَماً، وَلا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً؛ فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُولُوا: إنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أُذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ. فَقِيلَ لأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إنَّ الْحَرَمَ لا يُعِيذُ عَاصِياً وَلا فَارَّاً بِدَمٍ وَلا فَارَّاً بِخَرْبَةٍ.

الشيخ : الخربة بالخاء المعجمة نعم.. أعد..-

قال: والخربة بالخاء المعجمة والراء المهملة قيل الخيانة وقيل البلية وقيل التهمة وأصلها في سرقة الإبل قال الشاعر: والخارب اللص يحب الخاربة.

(الشرح)

نعم هذا الباب في حرمة مكة ذكر فيه المؤلف حديث أبي شريح العدوي صحابي جليل، نصح عمرو بن سعيد بن العاص وهو يجهز الجيوش لقتال عبد الله بن الزبير في مكة، وذلك أن عمرو بن سعيد كان أمير، أمير المدينة من قبل يزيد بن معاوية، الخليفة يزيد بن معاوية وكان يجهز الجيوش من المدينة إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير، عبد الله بن الزبير كان خليفة في مكة بايعه الناس بايعه أهل مكة وأهل الطائف وغيرهم.. في الأول بايعه أهل مكة وأهل المدينة وأهل الحجاز في الأول وحتى بايعه أهل الشام، ثم بعد ذلك جاء.. بعد ذلك هذا في خلافة يزيد لكن بعد ذلك تمت له البيعة..على الشام وغيره،. فكان عمرو بن سعيد بن العاص أميراً ليزيد بن معاوية يجهز الجيوش بأمر من الخليفة يزيد بن معاوية لقتال عبد الله بن الزبير في مكة، فنصح أبو شريح نصحه أن لا يقاتل في مكة، وقال: إئذن لي أيها الأمير، هذا فيه حسن المخاطبة مع الأمراء بالأسلوب المناسب، قال: إئذن لي أيها الأمير أن أقول لك قولاً سمعته من النبي الله ﷺ الغد من يوم الفتح يعني اليوم الثاني من يوم فتح مكة، فسمعته أذناي ووعاه قلبي يعني أنا متأكد، فسمعته أذناي وأبصرته عيناي ووعاه قلبي حين تكلم به، يعني ما توهمت.. متأكد مائة في المائة.

وهذا فيه دليل على أن الإنسان لا بأس أن يزكي نفسه و يخبر بأنه متثبت حتى يطمئن من يخاطبه فقال: إِنَّ هَذَا البَلَدَ يعني مكة حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ هذا فيه دليل على أن مكة حرام وأن الله حرمها يوم خلق السماوات والأرض وجاء في الحديث الآخر أن الذي حرمها إبراهيم فما الجمع بينهما؟ في هذا الحديث إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وفي الحديث الآخر إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ إِبرَاهِيمُ وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ الجمع بينهما أن يقال إن إبراهيم أظهر تحريمها، فالذي حرمها هو الله، حرمها الله وأن إبراهيم أظهر تحريمها بأمر الله أظهر تحريمها للناس، حرمها يوم خلق السماوات والأرض ولا يحل القتال فيها.. لا يسفك.. لا يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً فيه تحريم القتال بمكة وأنه لا يجوز القتال بمكة ولا أن يعضد بها شجرة تحريم قطع الشجر الأخضر الذي أنبته الله، الذي نبت بالسيول والأمطار أما ما استنبته الآدميون فلا بأس، وفي اللفظ آخر.. الحديث آخر وَلَا يُعضَدُ شَوكُهُ وفي اللفظ الآخر وَلاَ تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ هذا من خصائص مكة.

يعني أن أبو شريح نصح الأمير وقال له: لا تقاتل في مكة الرسول ﷺ حرّم القتال في مكة قال هذا حرمه الله، لا تقاتل أنت تجهز الجيوش تقاتل في مكة وهذا حرام، لكنه تلطف في الخطاب معه قال إئذن لي أيها الأمير أقول لك قولاً سمعته قاله النبي ﷺ الغد من الفتح اليوم الثاني من الفتح سمعته أذناي وأبصرته عيناي ووعاه قلبي متأكد، قال: إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، لَا يُسفَكُ فِيهَا دَمٌ، وَلَا تُعضَدُ فِيهَا شَجَرٌ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهُ الحشيش الأخضر، هذا من خصائص مكة الشجر يأمن والطير يامن واللقطة تأمن فكيف تقاتل!

فقيل لأبي شريح ما قال لك الأمير؟، الأمير رد عليه رداً سيئاً قال له: أنا أعلم منك يا أبا شريح.. أنا أعلم منك يا أبا شريح بهذا، كيف أعلم من الصحابي؟ أنا أعلم منك إن الحرم لا يعيذ عاصياً، وعبد الله بن الزبير عاصي لا بد أن نقاتله، إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فاراً  بدم ليفر يقتل الناس ثم يفر يلجأ إلى مكة لا يعيذه الحرم.. يقتل، والعاصي لا يمنع ولا فاراً بخربة، الخربة -فسرها المؤلف- يعني: الخيانة أو التهمة أو سرقة الإبل، الخائن والسارق الذي يسرق أو يخون ويلجأ إلى مكة لا يعيذه، هذا كلام.. هذا رد من؟ رد الأمير عمرو بن سعيد بن العاص على الصحابي الجليل، قال: أنا أعلم منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فاراً بدم ولا فاراً بخربة، وهذا رد قبيح من عمرو بن العاص ،كان الواجب عليه أن يقول سمعاً وطاعة لله ولرسوله ﷺ ويمتثل أمر النبي ﷺ.

والحديث فيه من الفوائد تحريم أن مكة محرمة وأنها حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض ولم يحرم الناس.

وفيه تحريم القتال في مكة، وتحريم قطع الشجر الأخضر وتحريم الشوك الأحمر وتحريم حش الحشيش الأخضر الذي نبت من المطر أما ما استنبته الآدميون لا بأس، الشجر الذي يغرسه الناس والنبات الذي يتسببب فيه الناس لابأس به.

وكذلك أيضاً تحريم تنفير الصيد تحريم أخذ اللقطة إلا ليعرفها مدى الدهر وتحريم تنفير الصيد، يأمن فيها الصيد ويأمن فيها.. فالآدميون أولى المسلم من باب أولى يأمن فيه ، إذا كان الصيد يأمن والحشيش يأمن والشجر يأمن فالآدمي من باب أولى.. نعم..

(المتن)

226 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا، وَقَالَ: يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ. فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلا يَلْتَقِطُ لُقْطَتَهُ إلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلا يُخْتَلَى خَلاهُ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إلاَّ الإِذْخِرَ؛ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ. فَقَالَ: إلاَّ الإِذْخِرَ. القينُ: الحَدَّاد.

(الشرح)

هذا الحديث حديث ابن عباس يقول النبي ﷺ  لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.

دل على فوائد وأحكام:

الحكم الأول أن الهجرة انقطعت من مكة إلى المدينة بعد فتح مكة، عندما كانت مكة بلد شرك أمر الله تعالى نبيه أن يهاجر إلى المدينة فكان من أسلم يجب عليه أن يهاجر من مكة إلى المدينة حتى يكثر سواد المسلمين طاعة لله ولرسوله ﷺ، فلما فتحت مكة وصارت بلد الإسلام انتهت الهجرة من مكة إلى المدينة وبقيت الهجرة من بلد الإسلام إلى بلد الكفر إلى قيام الساعة لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، فالتي انقطعت الهجرة إلى مكة أما الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام باقية، إذا الحديث يدل على أنه لا هجرة بعد فتح مكة ولكن الهجرة باقية من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام. وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، بقي الجهاد والنية، لما فتحت مكة انتهت الهجرة من مكة إلى المدينة، بقي الجهاد، الجهاد مشروع والنية.. فالجهاد والنية، يعني: يكون الإنسان له نية طيبة نية صالحة وعمل صالح، والحكم الثالث: أن الجهاد باقٍ والنية باقية.

والحكم الثالث قوله وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا. إذا استنفر الإمام أحدا أو طائفة للجهاد في سبيل الله وجب عليهم القتال.. وجب عليهم الجهاد.

فهذا من الأمور التي يجب فيها الجهاد في سبيل الله، فالجهاد مستحب ويكون ............

ملاحظة(27:00) جزء من المادة الصوتية محذوف ولذلك جرى التنبيه.

الحالة الأولى: لو استنفر الإمام واحدٌ أو طائفة وجب عليه.. صار فرضاً عليه.

والحالة الثانية: إذا وقف في صف القتال ولو كان نفلاً ، ليس له أن يفر ويخذل أخوانه المسلمين.

الحالة الثالثة: إذا ذهب العدو بلداً من بلاد المسلمين صار الجهاد فرضاً عليهم حتى يخرجوا العدو، فإن لم يستطيعوا وجب على من حولهم وهكذا.. وما عدا ذلك فالجهاد مستحب.. ذروة سنام الإسلام.

وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا. إذا استنفرتم وطلب منكم الإمام أن تنفروا فانفروا، وجب النفير ويكون الجهاد فرضاً على من استنفره الإمام.

و قال إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ. فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فيه أن مكة حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وفيه أنه لا يحل القتال فيها تحريم القتال في مكة، وقال النبي ﷺ وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ماهي هذه الساعة التي أحلت للنبي ﷺ؟ يوم فتح مكة، لماذا أحلت للنبي ﷺ؟ حتى يتم الفتح وحتى تطهر مكة من الشرك فأحلت للنبي ﷺ وأحلت له ساعة، والمراد بالساعة جزء من النهار فليس المراد الساعة المعروفة ستين دقيقة، لا المراد بالساعة جزء من النهار قد تكون أطول وقد تكون أقل مثل الساعات يوم الجمعة مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةٌ الساعات جزء قد تكون أطول من الساعة، فهي أطول من الساعة في الصيف وأقل من الساعة في الشتاء، وهذه الساعة التي أبيحت للنبي ﷺ من الضحى إلى بعد العصر سماها ساعة، أبيح له القتال، يعني: من عارض ولم يمتثل فإنه يقتل ولهذا قال النبي ﷺ لخالد بن الوليد مَن وَجَدْتُمُوهُ ف‏احْصُدُوهُم حَصْداً حتَّى تُوافُونِى عَلى الصَّفَا‏، أحلت له ساعة من نهار حتى يتم الفتح ولما تم الفتح عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فهذا من أراد أن يقاتل يقال له... من أراد أن يقاتل وقال أن النبي ﷺ قاتل فيها نقول له إن ترخص أحد وقال النبي ﷺ قاتل فيها نقول له إن ترخص أحدهم بما فعل رسول الله : إن الله أباحها لنبيه ولم يبحها لكم.

وفيه قال النبي ﷺ وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ فيه تحريم القتال في مكة وفيه تحريم تنفير الصيد، تحريم قطع الشجر الأخضر، تحريم حش الحشيشي الأخضر، تحريم اللقطة إلا لمنشد.

فقام العباس فقال يا رسول الله إلا الإذخر، إلا الإذخر يعني: لو استثنيت الإذخر نأخذه، والإذخر نبت طيب يحتاجه الناس لقينهم وبيوتهم، فقال النبي ﷺ بوحي من الله إلاَّ الإِذْخِرَ. الإذخر نبت طيب يحتاجه الناس في ثلاثة أشياء: يحتاجونه الحداد.. الحداد يعني الذي يصنع.. يرب القدور وغيرها يحتاج إلى ما يوقد به، يوقد به النبت، ويحتاجه أيضاً البيوت لما تسقف الخشب يجعل بينها.. يجعل هذا النبت الذي هو الإذخر في الخلل بينها وكذلك في القبور.. في القبر هناك بين اللبنات يجعل فيها، فيكون يحتاج في ثلاثة أشياء : يحتاجه الناس في تسقيف البيوت ويحتاجه الحداد للوقود ويحتاجه للخلل بين القبور، فقال (إلا الإذخر فإنه لقينهم) يعني الحداد (وبيوتهم) يعني لسقف البيوت، -وفي اللفظ الآخر- فإنه لبيوتنا وقبورنا، فقال النبي بوحي من الله إلاَّ الإِذْخِرَ. استثناه، لك أن تقطع الإذخر.. نعم..

(المتن)

بابُ ما يجوزُ قتلُهُ

227 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.
وَلِمُسْلِمٍ: يُقْتَلُ خَمْسٌ فَوَاسِقُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ.

(الشرح)

 نعم هذا الباب عقده المؤلف باب ما يجوز قتله.. ما يجوز قتله للمحرم وفي الحرم، ذكر في حديث البخاري قال : خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ وإذا قتلن في الحرم فمن باب أولى أن يقتلن في الحل ، وفي رواية مسلم يُقْتَلْنَ الحِلِّ فِي الْحَرَمِ ، خمس دواب تقتل في مكة وغير مكة، ماهي هذه الفواسق؟ الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ. خمس فواسق، تسمى فاسق، الفسق هو الخروج عن الطاعة، سميت فاسق لأنها خرجت عن طبيعة غيرها بالإيذاء لأنها مؤذية، فلما خرجت عن المسالمة وصارت تؤذي سميت فاسق.. فواسق..الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ. تقتل في الحرم وفي غير الحرم لفسقها وإيذائها، ومنه الفاسق.. سمي الفاسق فاسق لأنه خرج عن طاعة الله،.. المطيع هذا مطيع لله ولرسوله ﷺ، والعاصي فاسق، لماذا؟ لماذا سمي فاسق العاصي الذي يفعل الكبائر والزنا؟. لأنه خرج عن طاعة الله إلى معصيته، فكذلك  هذه الدواب خرجت عن المسالمة إلى الإيذاء فسميت فاسق، فكان جزاؤها القتل، تقتل في الحل والحرم ما هي هذه الخمس:

الْغُرَابُ الغراب هذا معروف من فسقه أنه يأكل سنبل الزرع.. سنبل الزرع، ومن فسقه أنه ينقض الدبر التي في ظهر البعير، الجروح التي في ظهر البعير كان الناس إذا يحجون فإذا حجوا على الإبل والمسافة بعيدة شهر، فإذا وصلوا إلى البلد كان البعير يكون في ظهره جروح من الحمل وكذا فيداوونه، فيأتي الغراب وينقض الدبر هذا.. ينقض الجرح وغيره من فسقه حتى يخرج الدم، وكذلك يأكل سنبل الزرع فإن هذا أمر بقتله لأنه فاسق، من فسقه أنه ينقض الجروح الذي في ظهر البعير حتى يدميه ويأكل سنبل الزرع فأمر بقتله من فسقه.

الثاني: الْحِدَأَةُ والحدأة طائر، طائر تأتي فتخطف الشيء وتخطف اللحم وتأخذ كذا وأحيانا إذا وجدت شيئاً أحمر أخذته وخطفته، ومنها قصة المرأة التي اتهموها.. الأمة عند عائشة.. اتهموها بأنها أخذت ثوباً أحمر لثوبان، ثم جاءت بعد ذلك الطائر فأسقطها قالت: هذا الذي اتهمتوني فيه، أسقطها.. أسقط الثوب الذي أخذه وظن أنه لحم، فهذا الطائر من فسقه أنه يأخذ وينتشل الأشياء من اللحم وغيره فكانت جزاؤه القتل لأنه خرج عن طبيعته.

ومنها الْفَأْرَةُ الفأرة فاسق لأنها تدور في البيت وتخرق الأشياء.. تفسد الأشياء وتخرقها.. تخرق الثياب وغيرها وتأكل وتفسد فكانت فاسق ولذا كان جزاؤها القتل.

وكذلك الْعَقْرَبُ العقرب تلدغ الإنسان وفيها سم فهي فاسق وكان جزاؤها القتل.

والخامس: الْكَلْبُ الْعَقُورُ. الكلب العقور الذي يقعر الناس ويؤذيهم لأنه فيه داء الكلب، لأن الكلب الآن أحياناً يكون عقوراً وأحياناً لا يكون عقوراً، متى يكون عقور؟ إذا كان فيه داء مرض يسمى داء الكلب، فإذا جاءه هذا المرض يعدو على الإنسان وكلما وجد إنسان يعضه، فإذا عضه نزل جرائيم من فمه إلى الجلد، في جلد الرجل، ففي جلد الرجل تنتشر في جسده حتى يموت من هذا الداء، فهذا يسمى داء الكلب، يسمونه العامة مغلوث عنده غلث، فمن فسقه أنه يعدو على الناس ويعضهم ويخيفهم فكان جزاؤه القتل.

هذه خمسة فواسق تقتل في الحل والحرم.

 الحديث يدل على جواز قتل هذه الفواسق الخمس، وهي ماذا؟ الغراب، والحدأة، والفأرة ، والعقرب ، والكلب العقور.

وجاء في الحديث الآخر زيادة الحية أيضاً سادس تقتل، وجاء في حديث آخر الوزغ، الوزغ يقتل، والوزغ هذا الذي يمشي في الجدار ويسميه بعض الناس الظاطور وهو برصي يسمونه برصي هذا أو الظاطور ، هذا فيه سم مادة سامة، فهو يضع هذه المادة السامة في الماء أو في الإناء.

ولذا جاء في الحديث أنه من قتله فله أجر، مَنْ قَتَلَهُ فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، ومَنْ قَتَلَهُ فِي ثاني ضَرْبَةٍ فَلَهُ خَمسِينَ حَسَنَةً، كما جاء في صحيح مسلم، هذا يقتل فاسق.

وكذلك كل مؤذي يقتل، المؤذي يقتل مثل الذباب والبعوض وما أشبه ذلك من المؤذيات تقتل في الحل والحرم، فصار يقتل الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور والحية والوزغ والذباب، ولا بأس الذباب والصراصير والبعوض كل هذه مؤذية تقتل في الحل وفي الحرم.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه..

وقفت على ماذا؟ باب ماذا؟ اقرأ الباب.. اقرأ الباب.. باب دخول مكة.. ارفع الصوت.. باب دخول مكة.. نقف على هذا غداً إن شاء الله تعالى.

وفق الله الجميع لطاعته وصلى الله على سيدنا محمد.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد