شعار الموقع

شرح كتاب الحج من عمدة الأحكام_7 من بابُ فَسْخِ الحجِّ إِلى العُمْرَةِ إلى نهاية كتاب الحج

00:00
00:00
تحميل
41

(المتن)

بسم الله والحمد لله وصلى الله  وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

قال الإمام عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه العمدة:

252 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ.

(الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

 أما بعد..

فهذا الحديث فيه فضل الحلق وانه أفضل من التقصير للحاج والمعتمر، فالمعتمر إذا طاف وسعى فإنه يقصر من جميع شعر رأسه أو يحلق رأسه ثم يتحلل، والحاج إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد وذبح هديه يحلق أسه أو يقصر من جميع الجهات ويتحلل.. يتحلل بالحلق والتقصير، لكن الحلق أفضل لأنه أبلغ.. الحلق أبلغ في امتثال الأمر وأبلغ في التذلل والتعبد لله لأن الحلق بالموس يستأصل جميع الشعر بخلاف التقصير ، فالحلق أبلغ في العبادة وأبين في التذلل.

ولهذا فإن النبي ﷺ دعا للمحلقين ثلاثاً ودعا للمقصرين مرة واحدة، دل على أنه أفضل.. قال اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قالوا والمقصرين يا رسول الله، قال اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قالوا والمقصرين يا رسول الله، قال اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قالوا والمقصرين يا رسول الله، قال: وَالْمُقَصِّرِينَ. مرة واحدة.

فدل على أن الحلق أفضل، بعض الناس تجده أن شعر الرأس عنده غالي فلا يحلق رأسه أبداً، تقول لبعض الناس يقول لا يمكن أن أحلق راسي لا يمكن.. أبقى هكذا أصلع لا يمكن، فتجد بعض الناس مهما كان يبقي شعر رأسه ويزهد في الفضيلة وفي الأجر، الحمد لله احلق رأسك لله تعبداً لله .

والحلق والتقصير.. الحلق أو التقصير واجب من واجبات العمرة وواجب من واجبات الحج لو تركها عليه دم شاة يذبحها.. نعم..

هذا عندكم ليس فيه تبويب عندكم.. باب ماذا في الكتاب؟  السابق؟ باب الحلق والتقصير عندك؟ في الكتاب كتاب الأمس، لا يوجد تبويب.. الكتاب الذي معك في الأمس فيه تبويب، نعم؟ لا يوجد فيه تبويب؟ ... نعم.. باب فضل الحلق والتقصير.. أحسنت .. التبويب فقط، والذي بعده باب ماذا؟ حديث عائشة مباشرة .. باب الطواف نعم..

(المتن)

باب طواف الإفاضة والوداع

253 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ.، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهَا حَائِضٌ. قَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: اُخْرُجُوا.
وَفِي لَفْظٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: عَقْرَى حَلْقَى، أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَانْفِرِي.

(الشرح)

نعم وهذا الباب في طواف الإفاضة والوداع ، طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، وطواف الوداع واجب من واجبات الحج، والركن لا يسقط لا سهواً ولا عمداً ولا جهلاً لا بد أن يؤتى به، وأما الواجب فإنه يجبر بدم، ويسمى طواف الإفاضة ويسمى طواف الحج ويسمى طواف الصدر لأنه يصدر الناس إلى مكة، هذه كلها أسماء طواف الحج وطواف الصدر وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج.

في هذا الحديث حديث عائشة قالت حججنا مع النبي ﷺ فأفضنا يوم النحر.. أفضنا يعني طفنا طواف الإفاضة يوم النحر يوم العيد، وهذا هو الأفضل.. الأفضل في طواف الإفاضة أن كونيوم العيد فإن لم يتيسر أخره إلى اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر أو الثالث عشر أو بعده، والصواب أنه إذا أخره إلى ما بعد أيام التشريق لا شيء عليه خلافاً للإمام أبي حنيفة القائل أنه إذا أخره لما بعد أيام التشريق فإن عليه دم، فالأفضل أن يكون يوم العيد فإن لم يتيسر يكون في أيام التشريق الثلاثة.

فأضفنا يوم النحر وحاضت صفية.. صفية بنت حيي زوج النبي ﷺ، فأراد منها الرجل.. فأراد منها رسول الله ﷺ ما يريد الرجل من أهله، يعني كناية عن الجماع، فقالوا يا رسول الله ﷺ أنها حاضت، فقال عَقْرَى حَلْقَى، عقرى يعني عقرها الله جعلها الله عاقرة لا تلد، حلقى يعني حلق الله شعرها ، هذه كلمة تدل على اللسان من غير قصد ليس المراد منها الدعاء، مثل قوله أرغم الله.. مثل قوله: تَرِبَتْ يَدَاك يعني لصقت يديك بالتراب من الفقر، ليس المراد من هذا.. ليس المراد الدعاء وإنما المراد كلمة تجري على اللسان من غير قصد لأجل الحث على الشيء أو لأجل بيان أهمية هذا الشيء.

قال عَقْرَى حَلْقَى، أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ يعني أتريد أن تحبسنا؟ يعني هل طافت طواف الإفاضة أو لم تطف؟ إن كانت لم تطف طواف الإفاضة فهي تحبسنا، الرسول ﷺ لما أراد الرحيل من المدينة قيل له إن صفية حاضت، قال أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ يعني هل طافت طواف الإفاضة أو لم تطف فإن لم تطف فهي تحبسنا لأن طواف الإفاضة ركن لا بد من الإتيان به، وإن كانت طافت طواف الإفاضة ولم يبق إلى الوداع فلا تحبسنا لأن طواف الوداع يسقط عن الحائض، فقال عَقْرَى حَلْقَى، أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ قالوا يا رسول الله إنها أفاضت يعني طافت طواف الإفاضة قال فَانفِرُوا.. ارحلوا.. فرحلوا وصفية لم تطف طواف الوداع لأنه يسقط عن الحائض والنفساء لقول ابن عباس.. حديث ابن عباس قال : أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم في البيت إلا أنه خفف عن الحائض فالحائض يسقط عنها طواف الوداع لأنه واجب مخفف بخلاف طواف الإفاضة فلا يسقط ولا يمكن ولا يسقط لا سهواً ولا عمداً ولا جهلاً ولا..

فدل على أن طواف الإفاضة إذا لم تطف المرأة طواف الإفاضة تحبس وليها، قال أحابستنا هي..نعم..

باب ماذا؟ عندك الباب؟.. حديث ابن عباس.. الباب.. العنوان.. نعم..

(المتن)

254 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ.

 (الشرح)

 وهذا الحديث فيه دليل على أن طواف الوداع واجب من واجبات الحج، لأن الأوامر لا تكون إلا.. لأن الأوامر الأصل فيها الوجوب، أُمر الناس يعني أمر وجوب.. أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض والتخفيف لا يكون إلا عن شيء واجب فلولا أنه واجب لما خفف عن الحائض، ولو لم يكن واجباً لكان خفيفاً على كل أحد على الحائض وعلى غيرها، فلما خفف على الحائض دل على أنه واجب.. واجب على غيرها.

وهذا يدل على وجوب طواف الوداع، ومن سافر ولم يطف طواف الوداع، كل من أراد السفر من مكة لا بد أن يطوف طواف الوداع، كل من أراد أن يخرج خارج حدود الحرم لجدة، أردت أن تسافر إلى جدة أو الطائف أو بحرة لا بد أن يطوف طواف الوداع فإن لم يطف وسافر مسافة قصر فإن عليه دم شاة يذبحها يوكل واحد يذبحها في مكة مقابل تركه هذا النسك وهو طواف الوداع.. نعم..

(المتن)

باب وجوب المبيت بمنى

255 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنىً مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ.

(الشرح)

ﷺ، فهذا الحديث دليل على وجوب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لمن تأخر لأن العباس عم النبي ﷺ استأذن له.. استأذنه أن يبيت بمكة وأن يترك المبين بمنى من أجل سقايته الحجيج لأنه يقوم يسقي الحجيج من زمزم يأخذون من الدلى في زمزم ويصبونها في الأحواض للناس يشربون، ما كان عندهم مثل المواسير التي عندنا الآن بل كانوا يزعبون الماء عن طريق الدلى ويسقون، فرخص النبي ﷺ له من أجل سقايته.

وهذا يدل على أن المبيت في منى واجب ولو كان.. ولو لم يكن واجباً لما استأذن العباس، لولا أنه واجب لما استأذن العباس والرخصة لا تكون إلا في شيء واجب، حيث أن النبي رخص له، فلو كان المبيت في منى غير واجب لكان رخص للجميع، فلما رخص للعباس وحده دل على أن المبيت على غيره واجب وكذلك رخص للرعاة والسقاة، رعاة الإبل، السقاة الذين يسقون الإبل أن يتركوا المبيت بمنى من أجل رعاية الإبل وسقايتها لترعى حول المشاعر فلا يتمكنون من المبيت في منى فرخص لهم الرسول ﷺ أن يتركوا المبيت من أجل الإبل. من أجل رعاية الإبل والسقاية فدل على أن المبيت في منى واجب، والعباس استأذن من أجل السقاية ومعه من يساعده يسقون الحجيج يعني يخرجون الماء من بئر زمزم ويصبونه في الاحواض للحجيج.

وكذلك أيضاً يقاس عليه أيضاً الأكل من يشتغل بإطعام الحجيج ويطعمهم الأكل ويعد الأكل لهم كذلك يرخص له.

وكذلك يرخص من خاف على نفسه أو خاف على أهله أو خاف على ماله من باب أولى كذلك يرخص له بترك المبيت.

وكذلك المريض ينقل إلى المستشفى أو ينقل إلى مكة يرخص له بترك المبيت لأن هذا أهم، فالمريض إذا نقل المستشفى أو نقل إلى أهله فإنه يرخص له يسقط عنه المبيت في هذه الحالة وكذلك من يرافقه، المرافق له يسقط عنه المبيت لأن هذا في معنى الرخصة ، نعم وإن كان يرخص لسقاة الإبل ورعاة الإبل من أجل الإبل أن يتركوا المبيت فمراعاة الإنسان المسلم أولى من مراعاة الإبل.. نعم..

(المتن)

باب جمع المغرب والعشاء في مزدلفة

256 - وَعَنْهُ - أَيْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - قَالَ: جَمَعَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ «بِجَمْعٍ»، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إقَامَةٌ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وَلا عَلَى إثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.

(الشرح)

نعم هذا الحديث فيه مشروعية الجمع في مزدلفة ليلة العيد المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، يسن للحاج أن يصلي المغرب والعشاء في مزدلفة من حين وصوله إليها جمع تقديم وجمع تأخير فإن وصل فإنه يؤذن ثم يقيم، يصلي المغرب ثم يقيم فيصلي العشاء بأذان وإقامتين فإن النبي ﷺ صلى المغرب والعشاء، صلى المغرب.. أمر بلال أن يؤذن فأذن ثم صلى المغرب ثم أمر بحط الرحال عن الإبل حتى تستريح ثم أقام لصلاة العشاء فصلى العشاء، فدل على مشروعية الجمع في مزدلفة ليلة العيد بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين لكل صلاة إقامة.. جمعاً وقصراً المغرب يصلى ثلاث والعشاء ركعتين.

وقوله وفيه أنه لا يشرع التنفل بينهما ولا على إثر واحد منهما ولذا قال ولم يسبح بينهما ، يعني لم يسبح يعني لم يصلي صلاة السبحة.. صلاة السبحة هي صلاة النافلة، لم يسبح بينهما.. بين المغرب والعشاء ما صلى بينهما نافلة ولا على إثر واحدة كل منهما، ولا عقب كل واحدة، لم يتنفل لا بين المغرب والعشاء ولا بعد العشاء، هذا تصلى الفريضة فقط من دون نافلة، لا يوجد سنة لا قبلية ولا بعدية.

والنبي ﷺ في هذه الليلة في مزدلفة بات إلى الفجر (15:18) يعني بات بعدما صلى ليتقوى ولم يسهر، لم يسهر عليه الصلاة والسلام ليتقوى على وظائف يوم العيد، وظائف العيد عظيمة أربع ، فإن النبي ﷺ كلها قضاها قبل الظهر وعلى بعيره المواصلات ليست سريعة مثل المواصلات عندنا على الإبل، فالنبي ﷺ لما صلى الفجر، صلى الفجر في أول وقتها، وقف عند المشعر الحرام جبل قزح، فلما أسرى (15:54) دفع إلى منى ثم رمى جمرة العقبة (15:57) ثم وقف للناس يسألونه ثم نحر.. نحره هديه بيده الشريفة، نحر ثلاثة وستين بعير بيده كل واحدة ينحرها وهي قائمة (16:10) يطعنها بالحربة حتى تسقط ثم يجهز عليها ،قائمة على ثلاث هذه هي السنة الإبل تنحر وهي قائمة على ثلاث، والإبل تضجع.. البقر والغنم تضجع على شقها الأيسر لأنها ضعيفة لا تتحمل ثم حلق رأسه، ثم قال للحلاق خُذ، وَابدَأ بِالشِّقِّ الأَيمَنِ ثُمَّ الشِّقِّ الأَيسَرِ.

ثم وزع.. اعطى أبا أيوب يوزعه على الناس الشعرة والشعرتين يتبركون به عليه الصلاة والسلام لما جعل الله في جسده من البركة، ووزع الشعر على الناس يتبركون به، كل واحد يعطيه شعرة شعرة وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام كما أنه لو توضأ تسابقوا على القطرات التي تسقط من وضوئه فيتبركون بها لما جعل الله في جسده من البركة وإذا تنخم وقعت في بد واحد منهم فدلك بها وجهه وجسده ليتبرك وهذا من خصائصه اما غيره لا يتبرك به، فالصحابة ما تبركوا بأبي بكر وعمر وعثمان هذا من خصائصه ولأن التبرك بغيره من وسائل الشرك لا يجوز وإنما هذا خاص بالنبي ﷺ في حياته (17:19) عليه الصلاة والسلام.

ثم بعد ذلك ركب ناقته وأفاض إلى مكة وطاف طواف الإفاضة ثم أدركته صلاة الظهر في مكة فصلى الظهر في مكة، أرأيت كيف الوظائف العظيمة التي عملها، ولهذا ينام مبكر عليه الصلاة والسلام.. رمى جمرة العقبة، على بعيره يمشي وليس على سيارات مريحة، ثم نحر هديه ثم حلق رأسه،ثم ركب ناقته فأفاض وطاف طواف الإفاضة، هذه كلها وظائف يوم العيد أربعة.. نعم..

(المتن)

بابُ المُحْرِمِ يأْكلُ من صيدِ الحلالِ

257 - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ حَاجَّاً؛ فَخَرَجُوا مَعَهُ. فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ - فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ - وَقَالَ: خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ، فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ، إلاَّ أَبَا قَتَادَةَ فَلَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانَاً، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، ثُمَّ قُلْنَا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟ قَالُوا: لا. قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ فَقُلْت: نَعَمْ. فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَ مِنْهَا.

(الشرح)

عليه الصلاة والسلام هذا الباب المحرم يأكل من صيد الحلال، متى يأكل المحرم من صيد الحلال، من المعلوم أن الصيد حرام على المحرم ، لكن يجوز أن يأكل من الصيد إذا صاده غيره بشروط كما في حديث أبي قتادة هذا، هذه الشروط هي أن لا يكون قتلة صيد.. أن لا يكون أمر الصائد أن يصيد، ولم يدله عليه ولم يعينه ولم يناوله السلاح ولم يشر إليه ولم يعنه بشيء ولم يكن صاده لأجله كما في الحديث الآخر.. الحديث الذي بعده حديث الصعب بن جثامة، فإذا وجدت هذه الشروط ولم يكن صاده لأجله للمحرم أن ياكل من صيد الحلال.

ولهذا قال المؤلف باب المحرم يأكل من صيد الحلال يعني اذا وجدت الشروط.

وذكر حديث أبي قتادة خرج النبي ﷺ حاجاً الحج الأصغر وهو العمرة في السنة السادسة للهجرة فصرف طائفة من أصحابه قال لهم خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ، ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة -انتبه خلك معانا - فأحرموا كلهم إلا أبا قتادة من المعلوم أنهم إذا أحرموا حرم عليهم الصيد أما أبو قتادة حلال فأبصر أبا قتادة حمر وحش مجموعة من الحمر فأخذ رمحه وحمل على أتانٍ منها فقتله وأصابه، الأتان الأنثى من حمار الوحش، حمر الوحش صيد وهو يشبه الحمار الأهلي مخطط، أما الحمر الأهلية ويقال لها الحمر الأنسية فهذه حرام، النبي ﷺ حرمها يوم خيبر قال أمر منادي ان الله ورسوله ينهانكم عن الحمر الأهلية فإنها رجس أما حمر الوحش فهي صيد أصاب منها أتاناً يعني الأنثى من الحمر فأتى به فأكلوا منها فلما أكلوا قالوا كيف نأكل ونحن محرمون؟ كيف لم نسأل النبي ﷺ فامتنعوا فلما وصلوا إلى النبي ﷺ فسألوه فقال مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ قالوا لا، قال منكم احدٌ أشار إليه؟ قالوا لا ، قال مِنكُم أَحَدٌ أَعَانَهُ؟ قالوا لا، قال فَكُلُوا

وفي لفظ هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ يعني ليطيب خواطرهم حتى يبين لهم حلها، قالوا نعم معنا شيء منها فأعطاه العضد فأكل منها حتى تسمح أنفسهم ويطيب خواطرهم.

هذا الحديث هو حديث أبو قتادة فيه دليل على جواز أكل المحرم من الصيد الذي صاده الحلال بهذه الشروط.

جواز أكل المحرم من الصيد الذي صاده الحلال بشروط:

الشرط الأول أن لا يأمره بالصيد.

الشرط الثاني أن لا يعاونه.. يعينه لايعينه بالسلاح ولا يعطيه السلاح.

الشرط الثالث أن لا يشير إليه.

الشرط الرابع: أن لا يدله عليه.

الشرط الخامس أن لا يكون صاده لأجله كما في الحديث  (23:17) صاده للنبي ﷺ فرده عليه.

والشرط السادس ان لا يكون حياً، فإذا أعطي المحرم صيداً حياً فلا يقبله، وإنما إذا كان بقي منه لحم ، وجاء في الرواية الأخرى أن الصحابة لما أحرموا أبصروا صيد، أبصروا حمار الوحش فجعلوا يضحكون، جعل بعضهم يضحك لبعض ينظرون إليهم ويضحكون، يعني أنهم ممنوعين منه.. ممنوعين منه لأنهم محرمون الآن، وهذا الصيد لولا أنهم محرمين ففطن أبو قتادة لضحكهم فأخذ سلاحه، بوب البخاري عليه فقال باب إذا ضحك.. إذا رأى الصيد المحرم فضحك المحرم ففطن له الحلال، باب إذا ضحك المحرم.. إذا رأى المحرم الصيد فضحك ففطن له الحلال فلا يضر هذا ما عانه على شيء.. الصحابة بعضهم شافوا الحمار فصار بعضهم يضحك لبعض، ينظر بعضهم إلى بعض ويضحك فانتبه أبو قتادة فنظر إليه فركب فرسه فسقط رمحه فقال أعطوني الرمح قالوا لا والله لا نعينك بشيء نحن محرمون، قال أعطوني الرمح قالوا لا، فنزل فأخذ رمحه وعقره، لأنهم لو أعطوه أعانوه.. لو أعطوه الرمح أعانوه ولهذا قال النبي ﷺ لهم مِنكُم أَحَدٌ أَعَانَهُ؟ قالوا لا، هَل مِنكُم أَحَدٌ أَشَارَ إلَيْهَ؟ حتى لو أشار إليه (24:50) قال انظر انظر إلى حمار الوحش، لو أشار إليه لا يأكل منه، لا يأمره ولا يشير إليه ولا يعينه ويناوله السلاح ولا يكون صاده لأجله كما في حديث الصعب بن جثامة صاده للنبي ﷺ فرده إليه ولا يكون حياً، أما كونه يضحك فالمحرم يضحك فقط، فهذا الضحك ليس بإشارة ولا إعانة، صدف ضحك بعضهم لبعض فتفطن لذلك أبو قتادة فانتبه وأخذ سلاحه فلما سقط رمحه طلب منهم أن يناولوه امتنعوا لأنهم يعلمون أنهم محرمون.. نعم..

(المتن)

258 - عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ ﷺ حِمَاراً وَحْشِيَّاً وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي ، قَالَ: إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلاَّ أَنَّا حُرُمٌ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «رِجْلَ حِمَارٍ» وَفِي لَفْظٍ «شِقَّ حِمَارٍ» وَفِي لَفْظٍ «عَجُزَ حِمَارٍ» .

وجه هذا الحديث أنه ظن أنه صيد لأجله والمحرم لا يأكل ما صيد لأجله..

(الشرح)

نعم هذا تعليق، هذا الحديث حديث الصعب بن جثامة الليثي صاد حمار.. رجل كريم مضياف فلما سمع بقدوم النبي ﷺ صاد له حماراً وحشياً ليهديه له، فلما وصل النبي ﷺ أهدى إليه الحمار وهو محرم النبي ﷺ.. وهو محرم، فرده إليه، فتغير وجه الصعب فملا رأى النبي ﷺ ما في وجهه من الكراهة من التغير، قال إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلاَّ أَنَّا حُرُمٌ. ما رديناه عليك إلا إنا محرمون ولا نأكل الصيد.

والصعب بن جثامة أهدى النبي ﷺ حماراً وحشياً بودان.. ودان مكان بين مكة والمدينة، أهدى إليه وهو بالأبواء أو ودان، الأبواء وودان موضعان بين مكة والمدينة يعني في هذا المكان قدم النبي ﷺ إلى هذا المكان، والصعب بن جثامة رجل مضياف كريم فلما سمع أن النبي ﷺ سيقدم قال أُكرم النبي ﷺ، فصاد له حماراً وحشياً، والمحرم لا يأكل ما صيد لأجله، والنبي ﷺ محرم فلما أعطاه وعلم النبي ﷺ أنه صاده لأجله رده عليه فتكدر يعني الصعب كيف يرده النبي ﷺ، فالنبي طيب خاطره فقال إنا لم نرده عليك إلا أنّا حُرم.

وفي لفظ أنه أعطاه رِجل حمار وفي لفظ شق حمار يعني نصف.. جزء من الحمار، وفي لفظ عجز حمار يعني مؤخرة الحمار الوحشي، فهذا فيه يدل على أنه ما أعطاه حياً فلو أعطاه حياً لا يأخذه  محرم لأنه.

وهذا فيه دليل على أن المحرم لا يأكل من الصيد الذي صاده الحلال لأجله، وهذا هو الجمع بينه وبين حديث أبي قتادة، أبو قتادة ما صاده لأجلهم صاده لنفسه ولا صاده لأجل النبي ﷺ اكل منه النبي ﷺ وأكل منه أصحابه، والصعب بن جثامة ما قبله النبي ﷺ منه لأنه صاده لأجله، فتكون الشروط.

شروط أكل المحرم لصيد الحلال:

أولاً: ألا يكون صاده من أجله.

وثانياً: ألا يأمره الحلال على المحرم.

الثالث: ألا يعينه.

الرابع: ألا يدله عليه.

الخامس: ألا يشير إليه.

السادس: ألا يكون الصيد حياً.

فإذا وجدت هذه الشروط جاز له أن يأكل، يعني لو أعطاه حياً لا يقبله.. هؤلاء نعم.

ولا بد أن يكون الذي صاده حلال أما إذا صاد المحرم.. إذا صاد المحرم صيداً صار ميتةً عليه وعلى غيره أشد من الميتة، إذا صاده المحرم لا يأكل منه لا المحرم ولا الحلال، المحرم إذا صاد صيداً هل يجوز أن يأكل منه أحد؟ لا لا محرم ولا حلال، صار ميتة. لكن متى يأكل المحرم من الصيد الذي صاده الحلال بهذه الشروط: الصائد يكون حلال. وجاء في الحديث، حديث أبي ذر: صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ، مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ يعني ما لم يصده المحرم أو يصد لأجله كما فعل الصعب بن جثامة صاده لأجل النبي ﷺ.

أما صيد البحر، هل يجوز صيد البحر للمحرم السمك؟ يجوز.. نعم يجوز، قال الله تعالى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا يعني الصيد يعني الاصطياد، الصيد بمعنى المصدر الاصطياد، غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ يعني الاصطياد، فصيد البحر حلال يجوز للمحرم أن يصيد السمك ويأكل، الممنوع من صيد البر.. منع المحرم من صيد البر.. نعم..

وفق الله الجميع لطاعته.. نعم.. نقف..

الصيد الذي يؤكل والذي لا يؤكل؟

المراد الذي يؤكل، صيد البر الحلال الذي يؤكل أما النوع الثاني لا يؤكل

لا يؤكل هذا فلا يجوز له أن يصيد،  لا يجوز له أن يصيد، لماذا يصيد حيوان لا يؤكل؟ هذا تعذيب له.

لا يجوز له إلا إذا كان اعتدى عليه، مثل الإنسان مثلا صال عليه هذا مثلا الإنسان يدافع عن نفسه نعم.. كيف يصيد أسدا أو فهدا أو  نمرا أو ماذا؟ ولا يصيد صقرا؟ لا ينصاد هذا نعم

على هذا نكون انتهينا من ماذا؟ من كتاب الحج.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد