شعار الموقع

شرح كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان_8 بيان عدم عصمة الأولياء

00:00
00:00
تحميل
91

(الشيخ)

بسم الله الرحمن والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

(المتن)

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

قال رحمه الله:
 

وَهَذِهِ الْأُمُورُ الصَّادِقَةُ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّهَا تَتَجَلَّى لِلْمُطِيعِينَ هِيَ الْأُمُورُ الَّتِي يَكْشِفُهَا اللَّهُ لَهُمْ. فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ مُخَاطَبَاتٍ وَمُكَاشَفَاتٍ.

فَأَفْضَلُ هَؤُلَاءِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ تَعْيِينُ عُمَرَ بِأَنَّهُ مُحَدَّثٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فَأَيُّ مُحَدَّثٍ وَمُخَاطَبٍ فُرِضَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَعُمَرُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَمَعَ هَذَا فَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَيَعْرِضُ مَا يَقَعُ لَهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ فَتَارَةً يُوَافِقُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ فَضَائِلِ عُمَرَ كَمَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِمُوَافَقَتِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَتَارَةً يُخَالِفُهُ فَيَرْجِعُ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ كَمَا رَجَعَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لَمَّا كَانَ قَدْ رَأَى مُحَارَبَةَ الْمُشْرِكِينَ.

وَالْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ اعْتَمَرَ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ وَمَعَهُ الْمُسْلِمُونَ نَحْوُ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَهُمْ الَّذِينَ بَايَعُوهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَكَانَ قَدْ صَالَحَ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ مُرَاجَعَةٍ جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَيَعْتَمِرَ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ وَشَرَطَ لَهُمْ شُرُوطًا فِيهَا نَوْعُ غَضَاضَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الظَّاهِرِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم وَأَحْكَمَ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَكَانَ عُمَرُ فِيمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: أَفَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ نَاصِرِي وَلَسْت أَعْصِيه ثُمَّ قَالَ: أَفَلَمْ تَكُنْ تُحَدِّثُنَا أَنَّا نَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: أَقُلْت لَك أَنَّك تَأْتِيه الْعَامَ؟ قَالَ: لَا قَالَ: إنَّك آتِيه وَمَطُوفٌ بِهِ.

فَذَهَبَ عُمَرُ إلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ وَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ مِثْلَ جَوَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ يَسْمَعُ جَوَابَ النَّبِيِّ ﷺ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَكْمَلَ مُوَافَقَةً لِلَّهِ وَلِلنَّبِيِّ ﷺ مِنْ عُمَرَ وَعُمَرُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: فَعَمِلْت لِذَلِكَ أَعْمَالًا.

(الشرح)

نعم، هذه المكاشفات التي يعطيها الله للأولياء الأولياء هم الصالحون أولياء الله هم الصالحون ولي الله تعريف الولي هو كل مؤمن تقي فهو ولي  من هو الولي؟ كل مؤمن تقي فهو ولي، قال الله تعالى : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ نص القرآن.

وأولياء الله يتفاوتون فيهم يتفاوتون تفاوتاً عظيماً فأفضل أولياء الله هم الأنبياء الرسل أفضل أولياء الله  ثم يليهم الصديقون ثم يليهم الشهداء ثم يليهم الصالحون وقد يكون ولياً لله وعنده ضعف إيمان نقص إيمان فإذا نقص إيمانه وتقواه نقصت ولايته قلّت ولايته فيعطيه الله من خوارق العادات ما يتقوّى به إيمانه يعطى من الخوارق ما يتقوى به إيمانه وقد يعطى من خوارق العادة  ما يغلب به خصمه فأولياء الله لهم كرامات، أعظم كرامة يعطاها الولي هو التوفيق للاستقامة و يوفقه الله للاستقامة على طاعة الله ودينه وأمره هذه أعظم كرامة، وعباد الله والمؤمنون يتطلعون للاستقامة ولا يتطلعون إلى خوارق العادات.

 ينبغي على الإنسان ألا يتطلع إلى خوارق العادات إن جرى (05:20)  هذا قدره الله وله الحكمة في ذلك وإلا فإنه يتطلع إلى الاستقامة، الاستقامة على طاعة الله يجاهد نفسه على الاستقامة، ومنهم من يعطى كرامات، وكرامات الأولياء ثابتة من عقيدة السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء الإيمان بكرامة الأولياء، والكرامات كما سبق نوعان النوع الأول عن طريق الكشف والنوع الثاني عن طريق التأثير

عن طريق الكشف أن يكشف له ما لم يكشف لغيره من العلم  ذكر الجمهور  مثلما حصل للخضر لما رحل موسى إليه نحو البحرية يتعلم منه وخرق السفينة وكذلك أيضاً قتل الغلام قال هذا كشف  كشف له عما يكون  المستقبل  وكذلك  أقام الجدار  ولكن الصواب أن الخضر نبي يوحى إليه أن هذه الأمور إنما فعلها بالوحي لقول الله تعالى عرف أنه  قال لموسى لما أراد فراقه: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي.

و الكشف الذي يأتيه الله للأولياء سبق الأمثلة له مثلما حصل لعمر لما كشف له عن جيشه وهو في نهاوند في  العراق ثم قال رأى جيش كدن ينهزم  فنادى القائد وقال يا سارية الجبل، يعني الزم الجبل فلزم فسلم فكونه يكشف له عنه من هذه المسافة البعيدة هذا من كرامة الأولياء وكونه يلقي الكلمة في أذنه  هذا من التأثير أيضاً.

النوع الثاني التأثير ومن ذلك ما حصل لعباد بن بشر ذكرناه بالأمس وأسيد بن حضير  أنهما خرجا من عند النبي ﷺ في ليلة مظلمة فأضاء لهما السوط  فلما افترقا أضاء لكل واحد سوطه هذا كشف هذا من الكشف.

ومن ذلك والتأثير مثاله مثل ما حصل لخالد بن الوليد أنه لما حاصر حصناً من الحصون فطلبوا منه أن يأكل السم  فأكل السم ولم يتأثر  هذا إن صح.

وكذلك كما حصل  لبعض السلف أنه سخر له الأسد فكان يحمل على ظهره الحطب عليه الحطب هذه كلها من الكرامات.

 وسيذكر المؤلف رحمه الله أيضاً أنواع من الكرامات وأحياناً يخاطب يخاطب بما لم يخاطب به غيره وأحيانا يجد في قلبه شيئاً، المؤلف رحمه الله قال الولي الذي يحصل له شيء من الكرامات من المخاطبات يحصل له من المخاطبات والكشف  لابد أن يعرضها على الكتاب والسنة  إن وافقت الكتاب والسنة فهي حق وإن خالفت فلا، وقال إن هذا هو الفرق بين الولي وبين النبي، النبي يجب القبول جميع ما جاء به وما أخبره به  والولي لا يجب القبول بجميع ما أخبر به، بل يخبر عن شيء وقد يغلط الولي، قد يخطئ وقد يقع في الخطأ وفي المعصية فليس بمعصوم فيعرض ما حصل له من الخوارق ومن المكاشفات على الكتاب والسنة فإن وافقها فيكون وإن لم توافق الكتاب والسنة فإذن تُرد.

ولهذا قال كثير من السلف كالشافعي رحمه الله الشافعي وكثير من الأئمة قالوا لا يغتر بالخوارق العادات حتى ولو طار في الهواء أو غاص في البحار حتى ينظر إلى حاله إن كان مستقيم على طاعة الله فهذه الخوارق كرامات وإن كان غير مستقيم فهذه الخوارق حالة شيطانية.

ولهذا بعض السحرة يطير في الهواء، بعض السحرة تحمله الشياطين تطير به في الهواء فلا يغتر بهذا هذا استدراج، بعض السحرة يأتيه شيء تأتيه له الشياطين ببعض الطيب من النوع الجيد كل هذا من هذه أحوال شيطانية ومن ذلك  مسح الدجال في آخر الزمان يأتي بخوارق أخبر بها النبي ﷺ يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت هذا أمر عظيم ويأمر(...) تدفعه كنوزها كعسل النحل  ويأمر بالقوم فيأمرهم بالقوم وبالجماعة يدعوهم إلى الإيمان به فيردون عليه دعوته فيصبحون ممحلين فقراء  ابتلاء وامتحان ويأتي إلى القوم  فيدعوهم إليه فيؤمنون به فيحصل لهم الخيرات ويحصل لهم الأرزاق وضلوع مواشيهم تمتلئ من الحليب واللبن  ابتلاء وامتحان.

فهذا لا يغتر بالخوارق إنما ينظر إلى حال الشخص إن كان الشخص مستقيم وحصل له خارق فهذه كرامة من كرامات الأولياء حصلت له ببركة اتباعه للنبي ﷺ وإن كان منحرف فهي حالة شيطانية فهي حالة شيطانية.

المؤلف رحمه الله هنا قال هذه الأمة أخبر النبي ﷺ أن فيها محدث محدثون يعني ملهمون إن كان فيهم محدثون فعمر منهم، عمر أفضل الأمة بعد نبيه وبعد أبي بكر وهو أفضل المحدثين الملهمين ومع ذلك أحياناً يغلط  ويخطئ وأحيانا يرجع كما ذكر المؤلف رحمه الله.

فالمؤلف يقول هذه الأمور الصادقة التي أخبر بها عمر، عمر كان يقول اقتربوا من أفواه المطيعين واسمعوا منهم ما يقولون فإنه يتجلى لهم أمور صادقة هذه الأمور الصادقة التي أخبر بها عمر التي تتجلى للمطيعين هي الأمور التي يكشفها الله لهم، يكشفها الله لهم.

ومن ذلك أيضاً الرؤى، الرؤى التي تحصل التي تحصل في المنام، قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ وَبَقِيَتِ المُبَشِّرَاتُ، قيل وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا المُؤمِنُ أَوْ تُرَى لَهُ والرؤية في آخر الزمان لا تكاد تكذب هنا للمؤمنين هذه أيضاً من الكشف الرؤيا وتعبر الرؤيا وتكشف عما يحدث في المستقبل هذه من الكرامات من الكرامات.

وبعض الأولياء وكثير من الأولياء ومن الصالحين ما يحصل له كرامات ما يحصل له خوارق عادات ويكون أفضل ممن حصلت له خوارق وهذا كثير من الصحابة لم يحصل لهم شيء من هذا وأبو بكر ما ذكر أنه حصل له شيء من الخوارق إلا في قصة تكثير الطعام لما جاءه الضيوف ومع ذلك فهو أفضل الأمة بعد نبيها المقصود أن أعظم كرامة يقدرها الله للمؤمن هو أن يوفقه للاستقامة على طاعة الله .

ولا ينبغي للإنسان أن يتطلع، وكثير من الناس ومن ينتسب إلى التصوف تتشوف نفسه إلى الخوارق ويتمنى أن يحصل له شيء من الخوارق وهذا ليس من المستحسن أن يتطلع إلى خوارق العادات، إنما المستحسن أن يتطلع المسلم إلى الاستقامة، يجاهد نفسه على الاستقامة على طاعة الله هذه أعظم كرامة، أعظم كرامة يعطيها المؤمن بأن يوفقه  للاستقامة على طاعة الله والإخلاص لعبادة الله  وأداء حقه والقيام بأمره.

يقول المؤلف فقد ثبت أن الأولياء أن لأولياء الله مخاطبات ومكاشفات مخاطبات قد يخاطب يسمع خطاب يأتيه قد يكشف له فإذا خطب بالشيء ثم تكلم به لا يقبل وإنما على هكذا بل يعرض على الكتاب والسنة إن وافق الكتاب والسنة قبل وإن خالف الكتاب والسنة رفض، وكذلك ما يحصل له من الكشف.

ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الشيطان قد  يتسلط على بعض الناس وأن بعض الصالحين رأى عرشاً أمامه وفيه نور وجعل يخاطبه قال يا فلان أسقطت عنك الصلاة، فقال كذبت يا عدو الله أنت عدو الله يا عدو الله فتمزق ذلك النور وقد نجوت مني بحلمك وعلمك ،  ولقد فتنت بهذه الفعلة كذا ستين صديقاً وكذا قيل له فكيف عرفت أنه؟ قال عرفت أنه أسقطت عنك الصلاة  والصلاة لا تسقط عن الإنسان مادام عقله ثابت إلا إذا فقد العقل هو الحيض و النفساء تسقط عنهما الصلاة في حال الحيض والنفاس.

قال المؤلف فقد ثبت أن لأولياء الله مخاطبات ومكاشفات وأفضل هؤلاء في هذه الأمة بعد أبي بكر عمر بن الخطاب ، فإن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر قد ثبت في الصحيح  تعيين عمر بأنه محدث لهذه الأمة والمحدث هو الملهم فأي محدث ومخاطب فرض في أمة في أمة محمد ﷺ بعده فعمر أفضل منه لا شك في محدثين بعده لكن أفضلهم عمر أي محدث يأتي بعد عمر فعمر أفضل منه، ومع ذلك عمر حصل له بعض الأشياء وغلط فيها ورجع عنها فدل على أن المحدث إذا أخبر عن شيء حصل له فلا يقبل حتى يعرض على الكتاب والسنة فإن وافقهما قبل وإن خالفهما رد.

ولهذا قال المؤلف: ومع هذا فكان عمر يفعل ما هو الواجب عليه فيعرض ما يقع له على ما جاء به الرسول ﷺ فتارة يوافقه فيكون  ذلك من فضائل عمر كما نزل القرآن  موافقته غير مرة وتارة يخالفه فيرجع عمر عن ذلك كما رجع يوم الحديبية لما كان قد رأى محاربة المشركين.

والحديث معروف في البخاري وغيره فإن النبي ﷺ فإن النبي ﷺ قد اعتمر سنة ست من الهجرة تسمى العمرة عمرة الحديبية ومعه المسلمون نحو ألف وأربعمائة وهم الذين بايعوه تحت الشجرة وكان قد صالح المشركين  بعد مراجعة جرت بينه وبينهم على أن يرجع في ذلك العام ويعتمر من العام القابل واشترط له  شروطا فيها نوع غضاضة  للمسلمين.

من هذه الشروط في الظاهر أنهم شرطوا على كفار قريش شرطوا عليهم أن من جاء منا مسلماً تردونه إلينا من جاء منا إليكم تردونه إلينا ومن جاء منكم إلينا ما نرده إليكم هذه غضاضة، فقبلها النبي ﷺ بأمر من الله فشق ذلك على الصحابة فقال النبي ﷺ بين فقال النبي ﷺ : من جاءنا منهم مسلماً فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاَ ومن جاء منا -ذهب إليهم فيعني -  مرتداً فلا رده الله أو كما جاء عن النبي ﷺ

وشرط لهم شروطاً فيها نوع  غضاضة للمسلمين في الظاهر فشق ذلك على كثير من المسلمين وسهيل ومن ذلك سهيل الذي عقد الصلح مع  النبي ﷺ  وهو يعقد الشروط ومن ذلك الغضاضة أنه لما كتب النبي ﷺ هَذَا مَا صَالَح عَلَيهِ مُحمَّدٌ رسولُ اللهِ. قال لا تكتب رسول لو كنا نعدك رسول الله ما قاتلناك اكتب هذا ما صنع  اكتب اسمك واسم أبيك هذا ما صنع به محمد بن عبد الله  شق ذلك على الصحابة كتبها علي فقال النبي ﷺ لعلي : امحه، قال: والله لا أمحوها،  فسأل النبي عنها وهو لا يعرف الكتابة فمحاها النبي ﷺ بيده.

فجاء ابن المصالح هذا سهيل ابنه في قيوده جاء مسلماً وألقى نفسه من المسلمين وقال يا أيها المسلمون  يقصد (19:29) خلصوني  فقال النبي ﷺ الآن ما انتهينا من الصلح  اترك لي هذا  قال لا ولكن لا ما أكتب الصلح حتى ترده  شق ذلك على الصحابة وجعل يصيح ويبكي ويقول يا أيها المسلمون كيف تردوني إلى الكفار، شق ذلك على الصحابة فالنبي ﷺ قبل ذلك وجعل الله فرجاً ومخرجاً.

بعد ذلك كما هو معروف اجتمع جماعة من الذين أسلموا وكونوا عُصابة وصاروا يتعرضون لقافلة تأتي من قريش ويذهبونها حتى هذا وهم فقالوا خذوهم.

قال وكان عمر فيمن كره ذلك حتى قال للنبي ﷺ  يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل، يعني شق ذلك على الصحابة  فكيف غضاضة الذي يأتي إلينا مسلما نرده والذي  يأتي منا لا نرده وهذا يصفد في قيوده يرد إليهم، عمر لم يتحمل ولم يصبر ، أبو بكر عنده تحمل وصبر وعنده يعني بعد نظر، ظهرت مزية أبي بكر على عمر في هذا ، جاء عمر قال يا رسول الله: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل، قال: بلى، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا، لم لا نناجزهم؟  لماذا هكذا؟ من جاءنا مسلم نرده   لماذا لا نقاتل نناجزهم  نحن أقوياء علام نعطي الدنية في ديننا، فقال له النبي ﷺ: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَهُوَ نَاصِرِي، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وفي رواية أنه قال إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي قال يا رسول الله أفلم تكن تحدثنا  أننا نأتي البيت ونطوف به  الآن نرجع الآن لا نطوف بالبيت أخبرتنا فقال له أَخبَرتُكَ العَامَ؟ قلت تأتيه هذا العام؟ قال: لا قال : سَتَأتِيهِ فِي المُستَقبَلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ  قال: بلى قال: فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟ قال: لا، قال فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ ، راح  عمر انتهى.

ذهب إلى أبي بكر لم يصبر عمر ذهب إلى أبي بكر وقال له مثلما قال للنبي ﷺ  فقال له: يا أبا بكر ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ،و أبو بكر ما حضر المجلس الأول فكان جواب أبو بكر مثل جواب النبي ﷺ  فقال لعمر: إنه رسول الله ولن يضيعه نفس الكلمة التي قالها أبو بكر النبي ﷺ  قال لعمر وزاد : (فاستمسك بغرزه) والله حكيم عليم.

حصل في هذا الصلح خير عظيم من ذلك من هذا الخير أن الحرب وضعت أوزارها وأنه اختلط المشركون بالمسلمين وجاؤوا يأتون إلى المدينة فيسمعون القرآن فأسلم جم كثير وعدد كثير من الرجال والنساء وتفرغ النبي ﷺ لفتح خيبر، فتح خيبر ثم بعد سنتين نقضوا العهد فغزاهم النبي ﷺ في عقر دارهم، عمر .

قال المؤلف كان أبو بكر أكمل موافقة لله وللنبي ﷺ من عمر وعمر رجع عن ذلك  بعد عمر لما تذكر رجع عن ذلك قال فعملت لذلك أعمالاً يعني ظن هذا قال: كيف آتي إلى النبي ﷺ   وأعترض عليه قال عملت لذلك صلاة وصيام عمل أعمال يقول لعلها تكفر اعتراضي على النبي ﷺ  قال فعملت لذلك أعمالاً لما بعد ذلك لما فكر وتأمل قال كيف أنا آتي إلى النبي ﷺ وأعترض عليه  والله ورسوله أعلم قال: فعملت لذلك أعمالاً  صلاة وصيام وصدقات وعتق لعلها تكفر عني ، وهو ما أذنب لكن هكذا رأى أن اعتراضه على النبي ﷺ وسؤاله أن فيه غضاضة عليه فعمل لذلك أعمالاً تقابلها من صلاة وصيام وصدقة وعتق، نعم.

(المتن)

وَكَذَلِكَ لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْكَرَ عُمَرُ مَوْتَهُ أَوَّلًا فَلَمَّا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنَّهُ مَاتَ رَجَعَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ.

(الشرح)

نعم، هذا في بيان أن الصديق أكمل موافقة للنبي ﷺ من عمر وأثبت في المواقف الحرجة، أبو بكر عنده ثبات وقوة في الأماكن والأمور العِظام التي تحتاج إلى قوة وشدة وثبات وصلابة فاق أبو بكر عمر ، من ذلك هذا في صلح الحديبية عنده ثبات وصبر على الشروط التي فيها غضاضة وعمر ما صبر.

ثانياً لما مات النبي ﷺ ماذا حصل لعمر؟ عمر أنكر موته أنكر وقال إن النبي ﷺ ما مات ومن  قال أنه مات توعده وشهر سيفه وقال أنه سيأتي إنه ذهب كما ذهب موسى لميقات ربه وسيقطع أيدي القوم وأرجلهم، وكان أبو بكر متخلف في حديث (25:30) الصلح وجاء فلما جاء أبو بكر ما كلم أحد ، الناس يتحدثون في المسجد ويبكون، ذهب إلى بيت عائشة وكشف عن وجه النبي ﷺ  وقبله وقال: بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً  أما الموتة التي كتبها الله لك فقد متها،  فجاء دخل المسجد أبو بكر وجعل يتحدث وعمر يحدث الناس ويتوعد من يقول أنه مات فأراد أن يسكته ما سكت فصعد المنبر أبو بكر وخاطب الناس وقال يا أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فأن الله حي لا يموت، ثم تلا هذه الآية: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ.

فسقط عمر وخارت قواه قال حتى لا تحمله رجلاه وجعل الناس يقرؤون هذه الآية ما كأنها نزلت إلا الآن  ما كأنها نزلت إلا الآن  نسوها نسيها الكثير نسيها الكثير وجعلوا يقرؤونها هذا موقف عظيم ظهر فيه قوة أبي بكر وثباته وكونه فاق على عمر في هذا المكان في هذا الموقف في هذا المقام ، نعم.

( المتن)

قال رحمه الله:

وَكَذَلِكَ فِي " قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ " قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ نُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ أَلَمْ يَقُلْ: إلَّا بِحَقِّهَا فَإِنَّ الزَّكَاةَ مِنْ حَقِّهَا وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَقَاتَلْتهمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ: فَوَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ رَأَيْت اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَلِمْت أَنَّهُ الْحَقُّ.

(الشرح)

نعم وهذا الحديث رواه الشيخان عن البخاري ومسلم هذا موقف ثالث ظهر فيه قوة أبي بكر وشجاعته وثباته وفاق عمر في هذا، لما توفي النبي ﷺ واستخلف أبو بكر ارتد أكثر العرب ارتدوا ، ارتدوا وهم طوائف منهم من ارتد وأنكر رسالة النبي ﷺ  ومنهم من قال أنه لو كان نبياً ما مات ومنهم من منع الزكاة  فأجمع أبو بكر على قتالهم جميعاً  ومنهم من منع الزكاة بعضهم منع الزكاة فقال ما نعطيها ما نعطيها إلا للنبي ﷺ فلما مات ما نعطيها لأحد فقاتلهم كلهم قاتلهم أبو بكر .

فعمر اعترض على هذا، قال: كيف تقاتل؟ تقاتل من منع الزكاة وهم يصلون يعني من أنكر نبوة النبي ﷺ هذا يقاتَل لا بأس ولكن من منع الزكاة كيف تقاتله  وهو يصلي فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة  فإن الزكاة حق المال وقد قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح : أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا والزكاة من حقها من حق الشهادة.

انظر في حديث أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ... يعني كأن الحديث غاب عن أبي بكر وغاب عن عمر  لو كان يستحضر لهذا الحديث  انتهى الأمر انتهى الأمر أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا  هذا غاب عن أبي بكر وغاب عن عمر، لكن انظر الفهم، فهم أبي بكر  فهم أن الزكاة داخلة من حقوق لا إله إلا الله قال: أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا  والزكاة من حقها .. لكن لو استحضروا الحديث الآخر وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ انتهى الأمر وكذلك لو استحضر عمر ما اعترض، فهذا يدل على فهم عظيم لأبي بكر وموقف موقف قوي يتطلب شجاعة ولهذا قال أبو بكر: "والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة  والصلاة ولأقاتلنهم" فاستمسك السيف بيده قال عمر: "فو الله ما هو إلا أن رأيت الله  قد شرح صدر أبي بكر  لذلك فعرفت أنه الحق" هذه  ثلاث مواقف تبين فيها  قوة أبي بكر وشجاعته  وثباته وكونه فاق على عمر في هذا

وعمر مع ذلك محدث و ملهم وهذه الأمور الثلاث كلها غلط فيها وما يلزم أن المحدث والملهم يقبل كل ما يقوله بخلاف النبي عليه الصلاة والسلام النبي يقبل كل ما قال كل ما جاء به لأنه معصوم لأنه ما يأتي من شيء من عند نفسه : وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى بخلاف المحدث والملهم فإنه قد يغلط وقد يخطئ فلا يقبل ما يأتي به إلا بموافقة الكتاب والسنة، نعم.

(المتن)

قال رحمه الله :

وَلِهَذَا نَظَائِرُ تُبَيِّنُ تَقَدُّمَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ مَعَ أَنَّ عُمَرَ مُحَدَّثٌ؛ فَإِنَّ مَرْتَبَةَ الصِّدِّيقِ فَوْقَ مَرْتَبَةِ الْمُحَدَّثِ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ يَتَلَقَّى عَنْ الرَّسُولِ الْمَعْصُومِ كُلَّ مَا يَقُولُهُ وَيَفْعَلُهُ وَالْمُحَدَّثُ يَأْخُذُ عَنْ قَلْبِهِ أَشْيَاءَ وَقَلْبُهُ لَيْسَ بِمَعْصُومِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يَعْرِضَهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ المعصوم.

(الشرح)

نعم، المؤلف يقول: هذه النظائر في مسائل أخرى تبين فيها قوة أبي بكر وشجاعته وتقديمه على عمر، وبما أن عمر محدث يعني ملهم  ...لكن أبو بكر الصديق مرتبة الصديق أعظم من مرتبة المحدث الصديق فعّيل على وزن فعّيل سمي صديق لقوة إيمانه وتصديقه فإذا قوي الإيمان والتصديق فإنه يحرق الشبهات والشهوات فلا يمكن أن يصر على معصية إذا قوي الإيمان  ووصل لمرتبة الصديقية أحرق الشبهات والشهوات  فلا يصر على معصية فإذا ضعف الإيمان جاءت الشبهات والشهوات وإذا قوي الإيمان انتهت الشبهات والشهوات.

فمرتبة الصديق تلي مرتبة الأنبياء لأن الناس طبقات  الأنبياء ثم الصديقون ثم الشهداء ثم الصالحون فمرتبة الصديق تلي مرتبة الأنبياء ، وأفضل الصديقين أبو بكر وهو الصديق الأكبر فإن مرتبة الصديق فوق مرتبة المحدث لأن الصديق يتلقى عن الرسول المعصوم وأما الملهم يتلقى عن الرسول المعصوم كل ما يقول ويفعل والمحدث يأخذ عن قلبه أشياء يكون في قلبه أشياء خواطر إلهامات تأتيه ومخاطبات تأتيه، لكن قد يكون هذه المخاطبات وهذه الإلهامات فيها خطأ مخالفة للكتاب والسنة فإذا حدث عن نفسه أو أنه ألهم كذا أو قال أو خوطب بكذا نقول قد دونك هذا الذي تقول نعرضه على الكتاب والسنة إن وافق قبلناه وإلا رددناه واضح هذا؟

و لذلك قال المؤلف: جاء الصديق يتلقى عن الرسول المعصوم كل ما يقوله ويفعله والمحدث يأخذ عن قلبه أشياء وقلبه ليس بمعصوم فيحتاج أن يعرضه على ما جاء به النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام، نعم.

(المتن)

وَلِهَذَا كَانَ عُمَرُ يُشَاوِرُ الصَّحَابَةَ وَيُنَاظِرُهُمْ وَيَرْجِعُ إلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ وَيُنَازِعُونَهُ فِي أَشْيَاءَ فَيَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ وَيَحْتَجُّونَ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيُقَرِّرُهُمْ عَلَى مُنَازَعَتِهِ وَلَا يَقُولُ لَهُمْ: أَنَا مُحَدَّثٌ مُلْهَمٌ مُخَاطَبٌ فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَقْبَلُوا مِنِّي وَلَا تُعَارِضُونِي

(الشرح)

نعم وهذا يدل على أن المحدث الملهم لا يقبل كل ما يأتي به، فعمر أفضل المحدثين والملهمين ومع ذلك يشاور الصحابة ويرجع إليهم ويردون عليه وإذا أشكل عليه شيء أمر جمع أهل بدر يشاورهم  في قصة الاستئذان لما جاء أبو موسى الأشعري استأذن على عمر في خلافته  قال السلام عليكم أأدخل؟ المرة الأولى . فلم يؤذن له ..  فقال السلام عليكم أأدخل؟ فلم يؤذن له، فقال السلام عليكم أأدخل؟ فلم يؤذن له فرجع ،كان عمر مشغول انتهى من شغله وقال ألم أسمع صوت أبي موسى قالوا بلى استأذن ورجع قال ردوه علي فردوه عليه فقال: مالك؟ قال سمعت النبي ﷺ يقول: إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْفقال: لتأتين بمن يشهد معك أو لأجعلنك مأدبة أؤدبك، فجعل فذهب مذعوراً إلى أصحابه  وقال عمر قال الكلام هذا قالوا هذا أمر معروف والله لا يذهب معنا إلا أصغر، أصغر الصحابة يذهب معك  أبو سعيد فذهب فشهد له فعمر قال أما إني لم أتهمك بعد ذلك، ولكن خشيت أن تتقول على رسول الله، وقال: كيف أنا فاتني هذا الحديث؟  اشتغلت بصفق الأسواق أشغلني صفق الأسواق فهذا فات هذا عمر وهو محدث وملهم نعم.

(المتن)

فَأَيُّ أَحَدٍ ادَّعَى أَوْ ادَّعَى لَهُ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ وَلِيٌّ لِلَّهِ وَأَنَّهُ مُخَاطَبٌ يَجِبُ عَلَى أَتْبَاعِهِ أَنْ يَقْبَلُوا مِنْهُ كُلَّ مَا يَقُولُهُ وَلَا يُعَارِضُوهُ وَيُسَلِّمُوا لَهُ حَالَهُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهُوَ وَهُمْ مُخْطِئُونَ

(الشرح)

 نعم  إذا ادعوا هذا فهم مخطئون ‘إذا ادعى شخص أنه ولي لله وأنه مخاطب وأنه يجب عليهم أن يتبعوه في كل ما قال له وهم كذلك لا يعارضونه يكون هو واهم وهم واهمون وهو مخطئ وهم مخطئون هذا ليس بصحيح، نعم.

(المتن)

وَمِثْلُ هَذَا مِنْ أَضَلِّ النَّاسِ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَفْضَلُ مِنْهُ.

(الشرح)

يعني لو قدر هذا من أفضل الناس بعد عمر و وقال هذا الكلام قال أنا محدث وأنا ملهم  ينبغي لكم أن تقبلوا كلامي وسلموا له وقالوا له يكونوا هم مخطئون وهو مخطئ ، هذا عمر أفضل منه ومع ذلك رجع عن بعض الأشياء، نعم.

(المتن)

فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَفْضَلُ مِنْهُ وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُنَازِعُونَهُ فِيمَا يَقُولُهُ وَهُوَ وَهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

(الشرح)

نعم هذا أمر متفق عليه مجمع عليه من  أهل السنة اتفق. ما هو الأمر المجمع عليه؟  اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله .. حتى أبو بكر؟ حتى أبو بكر.. وحتى عمر وحتى عثمان  قد يجتهد أبو بكر ويكون اجتهاده خلافا الصواب.

من ذلك سأسرد لكم أمران:

الأمر الأول أبو بكر وعمر وعثمان الخلفاء الثلاثة اجتهدوا بعد وفاة النبي ﷺ النبي ﷺ في حجة الوداع أمر الناس بالعمرة خيرهم عند الميقات بين الإحرام بالحج والإحرام بالعمرة والإحرام بالحج والعمرة ثم لما قربوا من مكة أمرهم أن يجعلوها عمرة ثم لما طافوا وسعوا حتم عليهم وألزمهم  حتى تحللوا فصارت عمرة ودل هذا على أن المتعة صارت متعة أفضل أليس كذلك؟ شيء أمر به النبي ﷺ وأذن مؤذن حتى تحللوا حتى قال حتى قال بعض العلماء أو بعض الصحابة رأوا أن التمتع واجب وأن الأمر التخيير منسوخ  ذهب إلى ابن عباس  وجماعة وذهب إلى هذا وروي عن الإمام أحمد وذهب إليه ابن القيم وجماعة وهو قول الشيخ ناصر الدين الألباني أن التمتع فرض واجب كل واحد يجب عليه أن يتمتع قال ابن عباس وإن طاف وسعى أليس كذلك؟ الصديق أفضل الناس بعد الأمة وعمر وعثمان لما توفي النبي ﷺ صاروا يأمرون الناس بالإفراد بالحج اجتهاد ماذا ؟ قالوا نحن نعلم أن الرسول ﷺ أمر الناس بالمتعة لكن هذا حتى يزول اعتقاد الجاهلية الذين يعتقدون أن العمرة والحج بنفس الأجور فاجتهدوا وصاروا يأمرون الناس بالإفراد يفردوا الحج حتى يأتوا العمرة في سفرة ثانية فلا يزال هذا البيت يحج ويعتمر.

وابن عباس يفتي بالتمتع وأبو موسى الأشعري يفتي بالتمتع وعلي يفتي بالتمتع حتى إنه حصل بينه وبين عثمان خلاف فقال علي ما تريد أن  تأتي شيئاً أمر به النبي إلا أن تخالفه فلما رأى أنه لا يوافقه لبى بهما جميعاً ..  ولما قيل لابن عباس إن الصديق أبو بكر وعمر وعثمان يأمرون الناس بالإفراد وأنت تأمر بالمتعة فاشتد عليهم وقال يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله تقول قال أبو بكر وعمر، أنا أعطيكم السنة وأنتم تعارضون بأبي بكر وعمر وعثمان يوشك يخشى أن تنزل عليكم حجارة من السماء كيف تخالفون السنة؟ قال رسول الله، الرسول أمر بالتمتع وأنت تقول أبو بكر وعمر بالإفراد هذا إذن هذا دليل على أي شيء؟ دليل على أن الصحابي هو ولو كان مزيته عالية قد يجتهد ويكون اجتهاده خلاف الصواب.

المسألة الثانية فاطمة بنت النبي ﷺ هي سيدة نساء أهل الجنة هذا ما فيه خلاف ومع ذلك  لما توفي النبي ﷺ وتولى أبو بكر جاءت إلى أبي بكر تطلب ميراثها من النبي ﷺ تقول هات ميراثي فقال أبو بكر إن النبي ﷺ قال: نَحنُ مَعَاشِرَ الأَنبِيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ وهذا الحديث رواه عشرة من الصحابة .. وقال أبو بكر إن قرابة النبي ﷺ  أحب إلي من قرابتي فلم ترض رضي الله عنها وغضبت وهجرت أبا بكر وكذلك  عمر بقيت ستة أشهر، فغلطت، الحق مع من؟ الحق مع أبي بكر وفاطمة سيدة أهل الجنة  ومع ذلك غلطت رضي الله عنها لأنها غير معصومة النبي أصلاً لا يورث لو كان النبي ﷺ يورث لو كان يورث لكانت فاطمة لها النصف ولكان زوجاته لهن الثمن والباقي تعصيب لعمه العباس لو كان يورث لكن ما يورث لو كان يورث  كان فاطمة لها النصف، لأن البنت لها النصف والزوجات لهن الثمن مع (41:50) الوارث  والباقي تعصيب للعباس لكن لا يورث فهذا يدل على أن الولي يغلط ويخطئ وقد يكون معذور وقد يكون مأجور على اجتهاده فالخلفاء الثلاثة اجتهدوا فأمروا الناس بالإفراد مع أن النبي ﷺ أمر بالمتعة وفاطمة رضي الله عنها طلبت ميراثها من النبي ﷺ ولم تقنع ظنت أن لها ميراثا والنبي ﷺ لا يورث، نعم.

(المتن)

وَقَدْ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

(الشرح)

نعم، وهذا أمر متفق عليه هذه قاعدة معروف عند أهل السنة ينبغي لكل إنسان ينبغي للإنسان أن يكتبها عنده، هذه ينبغي أن تكتب هذه تكتب تكون مع الإنسان وينبغي أن ترسل أيضاً رسالة في الجوالات، حتى يفهمها الناس مهمة هذه، اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كل واحد يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله، هذه اكتبوها في رسالة وأرسلوها في الجوالات حتى يحفظها الناس كل واحد يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله ﷺ ..عام قاعدة عامة، كل كلمة كل لصيغة العموم تشمل أبي بكر؟ تشمله، تشمل عمر؟ تشمل عمر، تشمل عثمان؟ تشمل عثمان كل واحد يؤخذ من قوله ويرد أبو بكر لما اجتهد وأمر الناس بالإفراد يقول لا المتعة أفضل ولو كان أبو بكر الصديق لأن قول الرسول مقدم على قول أبي بكر فنأخذ من قول أبي بكر ونرد ونترك ونأخذ من قول عمر ونترك أما قول رسول الله ﷺ ما يترك منه شيء يؤخذ قول الرسول ولا يترك منه شيء فاكتبوه هذه اكتبوها بارك الله فيكم وأرسلوها كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله ﷺ، أو تقول اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ﷺ، نعم وقال المؤلف وهذا من الفروق بين ، نعم.

(المتن)

وَهَذَا مِنْ الْفُرُوقِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ يَجِبُ لَهُمْ الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ اللَّهِ وَتَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِيمَا يَأْمُرُونَ بِهِ؛ بِخِلَافِ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّهُمْ لَا تَجِب طَاعَتُهُمْ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ وَلَا الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَا يُخْبِرُونَ بِهِ؛ بَلْ يُعْرَضُ أَمْرُهُمْ وَخَبَرُهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَمَا وَافَقَ الْكِتَاب وَالسُّنَّةَ وَجَبَ قَبُولُهُ وَمَا خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ كَانَ مَرْدُودًا وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَكَانَ مُجْتَهِدًا مَعْذُورًا فِيمَا قَالَهُ لَهُ أَجْرٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ. لَكِنَّهُ إذَا خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ كَانَ مُخْطِئًا وَكَانَ مِنْ الْخَطَإِ الْمَغْفُورِ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ قَدْ اتَّقَى اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.

(الشرح)

 هذا من الفروق بين الأنبياء وغيرهم  هذا الفرق.. ما هو هذا الفرق؟ الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يجب الإيمان بجميع ما يخبرون به وتجب طاعتهم فيما يأمرون به  هذا خاص بالأنبياء كل ما يخبرون به صدّق وكل ما يأمرون به يجب عليك أن تعمله، أما غيرهم فلا تجب طاعتهم في كل ما يأمرون به  ولا الإيمان بجميع ما يخبرون به غير النبي  إذا أخبرك بأشياء قد يؤمَن بها وقد لا يؤمَن بها إن كانت توافق الكتاب والسنة يؤمن بها وإن كانت تخالف فلا ، وكذلك إذا أمروا بشيء ينظر  و نعرضها على الكتاب والسنة إن كان من طاعة الله ورسوله قبلناه وإن كان يخالف الكتاب والسنة رددناه هذه قاعدة هذه من الفروق.

هناك فرق بين الأنبياء والأولياء  وبين غيرهم وفروق بين ماذا؟ بين أولياء الله وأولياء الرحمن  هذا الكتاب الفرق بين أولياء الله وأولياء الرحمن سيأتي الفرق الثاني هذا فرق بين الأنبياء وغيرهم ما هو؟

الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجب الإيمان بجميع ما يخبرون به  ولا يسترد منه شيء.

ثانياً يجب طاعتهم في ما يأمرون به، غير الأنبياء لا يجب الإيمان بكل ما يخبرون به ولا يجب طاعتهم في كل ما يأمرون به، بل يعرض على الكتاب والسنة  واضح هذا؟  إذا خالف الكتاب والسنة الولي مردود..

طيب هل هو آثم أو غير آثم قد يكون مأجور وقد يكون اجتهد فإذا اجتهد وأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر، سيكون أخطأ وغلط  ولا نتبعه فله أجره على اجتهاده هو مأجور عند الله لأنه مجتهد لكن أنت لا يجوز لك تتبعه هو يظن أن هذا هو الحق  غلط يظن أن هذا هو الحق فأخبر فأمر بشيء مخالف لأمر الله ورسوله، لكن عليه اجتهاد فخطأه مغفور وله أجر وأما أنت إذا علمت أن يخالف الكتاب والسنة فلا يجوز لك أن تتبعه واضح هذا ؟ له أجر على اجتهاده والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وهذا الولي اتقى الله ما استطاع واجتهد وأخطأ، فهذا يعني هذا وسعه فهو مأجور لكن أنت إذا تبين لك أنه أنه مخطئ وأن هذا غلط  ليس لك أن تتبعه هو مأجور وأنت لا يجوز لك أن تتبعه، نعم.

(المتن)

فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَهَذَا تَفْسِيرُ قَوْله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ: حَقَّ تُقَاتِهِ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى؛ وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ أَيْ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ وَقَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَقَالَ تَعَالَى: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا.

(الشرح)

المعنى أن الإنسان يجب عليه أن يتقي الله بحسب قدرته واستطاعته بحسب قدرته واستطاعته بحسب ما أعطاه الله من العلم والبصيرة وتفسير هذه الآيات يفسر قوله: مَا اسْتَطَعْتُمْ  قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ . يعني حسب استطاعتكم، قال ابن مسعود في تفسيرها حق الله: حق تقاته أن يطاع فلا يعصى وأن يشكر فلا يكفر وأن يذكر فلا ينسى.

يعني بحسب الوسع والاستطاعة، يعني بحسب القدرة، قال ولهذا قال الله تعالى: لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا لا يكلف الناس لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا، لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا بحسب القدرة والاستطاعة، فهذا الولي أو هذا الصالح واجتهد واتقى الله بحسب قدرته واستطاعته وغلط فيكون مأجور له أجره على اجتهاده أما أنت إذا تبين لك وعرفت أنه على خطأ فليس لك أن تتبعه. نعم.

(المتن)

وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ

(الشرح)

وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ أمر بإيفاء الكيل والرزق بأي شيء؟ كيف توفي الكيل والرزق؟ بحسب قدرتك و استطاعتك فقد يغلط الإنسان لكن إذا اجتهد في إيفاء الكيل والميزان بحسب قدرتك واستطاعتك فقد أدى ما عليه، نعم.

(المتن)

وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ الْإِيمَانَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وَقَالَ تَعَالَى: الم ۝ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ۝ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ۝ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ۝ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَقَالَ تَعَالَى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ. 

(الشرح)

نعم في هذه الآيات يبين الله أي يبين المؤلف رحمه الله الإيمان بما جاءت به الأنبياء وخصال التقوى وأنهم  هم المتقون الذين اتصفوا بهذه الصفات الذين آمنوا بالله وبما أنزل إليهم وكما قال في كما قال تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ هذا من التقوى هذا من الإيمان.

ثم وذكر صفات المؤمنين في أول البقرة، قال: الم ۝ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ من هم؟ من هم المتقون؟ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ۝ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ  خمس خصال هؤلاء هم المتقون.

ثم ذكر حكمه في الدنيا أنهم على هداية من الله وفي الآخرة هم المفلحون الحائزون على ما يرضيهم حصلوا على الفلاح ونجوا مما يخافون وذكر خصال البر خصال التقوى في هذه الآية لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ ما هو البر؟ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ هؤلاء هم الصادقون صدقوا في إيمانهم وهؤلاء هم المتقون ، هؤلاء المتقون الذين يتصفون بهذه الصفات العظيمة ليسوا معصومين  قد يغلطون فإذا غلطوا فهم معذورون باجتهادهم وأما أنت إذا عرفت غلطهم فليس لك أن تتبعهم في غلطهم وخطئهم، نعم.

(المتن)

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الِاعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ مَعْصُومٌ يَسُوغُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ اتِّبَاعُ مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مَنْ خَالَفَ فِي هَذَا فَلَيْسَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِاتِّبَاعِهِمْ؛ بَلْ إمَّا أَنْ يَكُونَ كَافِرًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُفْرِطًا فِي الْجَهْلِ.

(الشرح)

نعم، يعني يقول المؤلف رحمه الله هذا الأمر الذي قرره من أن الولي يجب عليه الاعتصام بالكتاب والسنة يتبع الكتاب والسنة ويعمل بهما  وأنه ليس بمعصوم الولي قد يغلط فإذا غلط فليس لغيره أن يتبعه في غلطه فإذا كان الملهم يقع في قلبه أشياء ويخاطب بأشياء فإنه تعرض على الكتاب والسنة فلا تقبل هكذا ، يقول هذا أمر متفق عليه ، أنه لا يجب اتباع كل أحد فيما يأمر به وفيما يقوله ويفعله إلا الرسل والأنبياء، لأنهم معصومون أما غيرهم فليسوا معصومين ، أما من خالفه قال يجب اتباع الولي في كل ما يقول ويجب قبول المحدث في كل ما يقول، نقول هذا ليس من أولياء الله هذا من أعداء الله  قد يكون كافر وقد يكون جاحد مركب الذي يقول يجب اتباع كل أحد غير الرسول هذا إما كافر وإما جاهل مركب، نعم ومفرط في الجهل، نعم.

(المتن)

قال رحمه الله

وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْمَشَايِخِ كَقَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي

(الشرح)

كثير في كلام المشايخ لأنه لأن أقوال الأولياء وأقوال المتقين تعرض على الكتاب والسنة وأفعالهم ، وأنه لا يجب قبول قول كل أحد حتى يعرض على الكتاب والسنة، بخلاف الأنبياء والرسل فإنه تقبل أقوالهم على كل حال لأنهم معصومون بالوحي، نعم.

(المتن)

كَقَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي سُلَيْمَانَ الداراني: إنَّهُ لَيَقَعُ فِي قَلْبِي النُّكْتَةُ مِنْ نُكَتِ الْقَوْمِ فَلَا أَقْبَلُهَا إلَّا بِشَاهِدَيْنِ: الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

(الشرح)

نعم وهذا يعتبر من فضائل أبي سليمان الداراني يقول يقع في قلبي نكتة يعني شيء من القوم من المحدثين أو الملهمين يقال افعل كذا أو لا تفعل كذا أو استحسن كذا  يقول ما أقبله إلا بشاهدين الكتاب والسنة إذا شهده الكتاب والسنة قابلته وإلا النكتة هذه دعها تمشي واضح هذا نعم.

(المتن)

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْد رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: عِلْمُنَا هَذَا مُقَيَّدٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَمَنْ لَمْ يَقْرَأْ الْقُرْآنَ وَيَكْتُبْ الْحَدِيثَ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي عِلْمِنَا أَوْ قَالَ: لَا يُقْتَدَى بِهِ.

(الشرح)

هذا أبو القاسم الجنيد يثني عليه شيخ الإسلام يقول أنه من أفضل الصوفية الصوفية ينتسب إلى الصوفية  فيقول علمنا هذا علم الصوفية مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يقرأ الكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يصلح له أن يتكلم في علمنا، وهذا يعتبر من فضائل الجنيد  من فضائل يقول علمنا الصوفية المعتدلين ينتسب إلى الصوفية، الصوفية تطلق على الزهاد وعلى بعض الوعاظ وتطلق على بعض الصوفية المنحرفين، لكن الصوفية المعتدلون هكذا أبو القاسم يقول علمنا مقيد بالكتاب والسنة مرتبط بالكتاب والسنة إذا وافق الكتاب والسنة  مقبول وإلا رفضته، نعم.

(المتن)

وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ مَنْ أَمَّرَ السُّنَّةَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا نَطَقَ بِالْحِكْمَةِ وَمَنْ أَمَّرَ الْهَوَى عَلَى نَفْسِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا نَطَقَ بِالْبِدْعَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ.

(الشرح)

نعم أبو عثمان النيسابوري يقول من أمر السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق أمّر يعني جعل الكتاب والسنة أميراً عليه أمير يمتثل  أمره مثل كما أن الإنسان يمتثل أمر الأمير ولا يخالفه  فكذلك جعل الكتاب والسنة أمّرها على نفسه يعني  لا يقبل إلا ما جاء في الكتاب والسنة  هذا ينطق بالحكمة ومن أمر الهوى جعل الهوى على نفسه هو الذي يقبل هواه  قولاً وفعلاً نطق بالبدعة فمن جعل الكتاب والسنة فوقه وأمّرهما على نفسه نطق بالحكمة ومن جعل الهوى أميرا عليه  يأخذ بالهوى نطق بالبدعة لأن الله يقول: وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا الرسول، وإن تطيعوه تهتدوا، نعم.

(المتن)

وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنِ نجيد: كُلُّ وَجْدٍ لَا يَشْهَدُ لَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَهُوَ بَاطِلٌ.

(الشرح)

نعم أبو عمرو بن نجيد كل وجد الوجد أن الصوفية ما يجد الإنسان في نفسه يجد الإنسان في نفسه أن هذا مستحسن أو أن هذا غير مستحسن يقول هذا لا بد أن يشهد له بالكتاب والسنة وجد في نفسه أنه يستحسن مثلاً يصوم ثلاثة أشهر متوالية رجب وشعبان ورمضان مثلاً وجد في نفسه يقول هذا ضد الكتاب والسنة ما في الكتاب والسنة ليشرع ليصوم ثلاثة أشهر ليس بمشروع هذا فإذن اترك هذا الوجد الذي تجده في نفسك لا بد أن يشهد له الكتاب والسنة، نعم.

(المتن)

قال رحمه الله :

وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَغْلَطُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَيَظُنُّ فِي شَخْصٍ أَنَّهُ وَلِيٌّ لِلَّهِ وَيَظُنُّ أَنَّ وَلِيَّ اللَّهِ يَقْبَلُ مِنْهُ كُلَّ مَا يَقُولُهُ وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ كُلَّ مَا يَقُولُهُ وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ كُلَّ مَا يَفْعَلُهُ وَإِنْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَيُوَافِقُ ذَلِكَ الشَّخْصُ لَهُ وَيُخَالِفُ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ تَصْدِيقَهُ فِيمَا أَخْبَرَ وَطَاعَتَهُ فِيمَا أَمَرَ وَجَعَلَهُ الْفَارِقَ بَيْن أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ وَبَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَبَيْنَ السُّعَدَاءِ وَالْأَشْقِيَاءِ فَمَنْ اتَّبَعَهُ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ وَجُنْدِهِ الْمُفْلِحِينَ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ؛ وَمَنْ لَمْ يَتْبَعْهُ كَانَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْخَاسِرِينَ الْمُجْرِمِينَ فَتَجُرُّهُ مُخَالَفَةُ الرَّسُولِ وَمُوَافَقَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوَّلًا إلَى الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالِ وَآخِرًا إلَى الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَيَكُونُ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ۝ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ۝ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا وقوله تعالى: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ۝ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ۝ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ۝ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ۝ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ.

(الشرح)

نعم يقول المؤلف رحمه الله كثير من الناس يغلط في هذا المقام فيظن الشخص أنه ولي لله إذا ظن ورأى الشخص وظن أنه ولي الله يظن أنه يقبل منه كل ما يقوله ويسلم له  كل ما يفعله  ولو خالف الكتاب والسنة فيوافق ذلك الشخص ويخالف الكتاب والسنة يقول هذا باطل هذا الذي يظنه بعض الناس هذا باطل كثير من الناس الكثير يقول المؤلف يغلط في هذا الموضوع  فيظن أن الشخص إذا ظن أنه ولي لله نقبل كل ما يقوله كل ما يفعله صحيح كل ما يقوله صحيح يقول هذا غلط تجده يوافق هذا الشخص فيفعل مثلما يفعل ويقول مثلما يقول ويأتمر بما يأمر ، هذا خاص بالرسول الرسول على سهولة  يقبل كلامه والذي تنفذ أوامره أما غيره فلا.

يقول بعض الناس كثير من الناس يقول شيخ الإسلام يفعل هذا إذا رأى شخص واعتقد أنه ولي لله قبل جميع أقواله ونفذ جميع أوامره وهذا ولو كانت أوامره تخالف ما بعث الله به رسوله الذي فرض الله على جميع الخلق تصديقه فيما أخبر والطاعة فيما أمر الله تعالى جعل هذا خاص بالرسول جعل أوجب على جميع الخلق أن يصدقوا الرسول في أخباره وأن يطيعوه في أوامره وهذا هو الفارق بين الأولياء والأعداء بين أولياء الله وأعدائه وبين أهل الجنة وأهل النار وبين السعداء والأشقياء الفارق بينهم ما هو؟ هو أن السعداء يصدقون الرسول ﷺ في أخباره ويمتثلون أوامره والأشقياء لا يصدقونه في أخباره ولا يتبعونه في أوامره ، هذا الفارق  بين أولياء الله وأعداء الله وبين أهل الجنة وأهل النار وبين السعداء والشقاء والأشقياء فمن اتبعه من اتبع الرسول ﷺ كان من أولياء الله المتقين وكان من جند الله المفلحين وكان من عباد الله الصالحين ومن لم يتبعه كان من أعداء الله الخاسرين المجرمين فإذا خالف الرسول عليه الصلاة والسلام قال تجره مخالفة الرسول وموافقة ذلك الشخص تجره أولاً إلى البدعة والضلالة ثم تجره إلى الكفر والنفاق فيندم يوم القيامة ويكون له نصيب من قوله تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ۝ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ومآله إلى النار التي قال الله فيهم: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا وكما قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ۝ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ۝ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً يعني رجعة إلى الدنيا فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ نعم.

(المتن)

قال رحمه الله:

وَهَؤُلَاءِ مُشَابِهُونَ لِلنَّصَارَى الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

(الشرح)

يعني يقول هؤلاء الذين يتبعون الأولياء في كل ما يقولون يصدقونهم في كل ما يقولون  يأخذون بأقوالهم ويتبعون أوامرهم شابهوا النصارى، وجه الشبه النصارى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله قبلوا  والمسيح ابن مريم فكفروا بذلك وهؤلاء قبلوا  كل ما يقوله الولي وفعلوا كل ما يفعله يعني اتخذوه أرباباً من دون الله من قال إنه يقبل شخص غير الرسول ﷺ تقبل كلامه في كل ما يقوله وتنفذ أوامره جعله ربا جعله مشرعا تقول تأخذ بكل ما يقول وتمتثل لكل ما يأمر هذا تشريع هذا خاص بالله الله تعالى هو المشرع الله تعالى خص الرسول الذي أرسله الله للناس، نعم.

النصارى والنصارى شابهوا النصارى والنصارى يعبدون المسيح ويعبدون أحبارهم ورهبانهم  فالذي يقبل كلام الأولياء في كل ما جاء به شابه النصارى الذين يعبدون المسيح ويعبدون أحبارهم ورهبانهم، نعم.

(المتن)

وَفِي الْمَسْنَدِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا سَأَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهَا فَقَالَ: مَا عَبَدُوهُمْ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَحَلُّوا لَهُمْ الْحَرَامَ، وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ الْحَلَالَ؛ فَأَطَاعُوهُمْ، وَكَانَتْ هَذِهِ عِبَادَتَهُمْ إيَّاهُمْ.

(الشرح)

نعم هذه الآية فيها اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فيها بيان أن الأحبار أن اليهود والنصارى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله فكفروا وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا اتخذوهم يعني يشرعون لهم.

وعدي بن حاتم أسلم أخيرا فجاء إلى النبي ﷺ يقرأ هذه الآية: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ  كان يعرف كان يعرف العربية، فقال يا رسول الله لسنا نعبدهم؟ ما نعبدهم  وكان نصرانياً ثم أسلم قال يا رسول الله ما نعبدهم كيف يتخذون أرباباً من دون الله ظن عدي أن العبادة أن نسجد لهم ونركع لهم قال ما نعبدهم فبين له النبي ﷺ أن العبادة طاعته في التحليل والتحريم فقال النبي ﷺ : أليسوا يحلُّونَ ما حرَّمَ اللهُ فتحلُّونَه قال: بلى قال أليسَ يحرمونَ ما أحلَّ اللهُ فتحرِّمونَه قال: بلى قال: فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ. عبادتهم طاعتهم في التحليل والتحريم ليست عبادة خاصة بالركوع والسجود

(المتن)

وَفِي الْمَسْنَدِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا سَأَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهَا فَقَالَ: مَا عَبَدُوهُمْ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَحَلُّوا لَهُمْ الْحَرَامَ، وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ الْحَلَالَ؛ فَأَطَاعُوهُمْ، وَكَانَتْ هَذِهِ عِبَادَتَهُمْ إيَّاهُمْ.

(الشرح)

نعم، عبادتهم طاعتهم في التحليل والتحريم طاعتهم في التحليل والتحريم و ولما نزل قوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ الله تعالى لما حرم الميتة أباح  الذبيحة إذا ذبحت وحرم الميتة، المشركون أوجدوا شبهة، ما هي هذه الشبهة؟ قالوا للمسلمين أنتم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله، يعني ما قتل الله حرام وما تقتلونه حلال يعني الميتة ،  الميتة قتلها الله فأنزل الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ يعني في التحليل والتحريم إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ فدل على أن الطاعة في التحليل والتحريم شرك، وما معنى طاعتهم في التحليل والتحريم؟ يعني يحل له الحرام فيعتقد أنه حلال ويحرم عليه الحلال فيعتقد أنه حرام،  أما لو أطاعه في المعصية  وهو ما يعتقد أنه حلال و لا حرام تكون هذه معصية لكن إذا أطاعه في التحليل والتحريم شرك وإن أطاعه في المعصية فقط أمره بمعصية وفعله طاعة له  و الشيطان وطبع في رفقه إن كان من الملوك أو الرؤساء فهذا يكون عاصي من جنسه لكن إذا أطاعه في التحليل والتحريم فهذا شرك، نعم.

(المتن)

وَلِهَذَا قِيلَ فِي مِثْلِ هَؤُلَاءِ إنَّمَا حَرَّمُوا الْوُصُولَ بِتَضْيِيعِ الْأُصُولِ فَإِنَّ أَصْلَ الْأُصُولِ تَحْقِيقُ الْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِيمَانِ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ إنْسِهِمْ وَجِنِّهِمْ وَعَرِبِهِمْ وَعَجَمِهِمْ عُلَمَائِهِمْ وَعُبَّادِهِمْ مُلُوكِهِمْ وَسُوقَتِهِمْ وَأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إلَى اللَّهِ لِأَحَدِ مِنْ الْخَلْقِ إلَّا بِمُتَابَعَتِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا حَتَّى لَوْ أَدْرَكَهُ مُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَوَجَبَ عَلَيْهِمْ اتِّبَاعُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ۝ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لِيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أُمَّتِهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهْم أَحْيَاءٌ لِيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ.

(الشرح)

نعم يقول المؤلف ولهذا قيل في هذا في مثل هذا إنما حرم الوصول في تضييع الأصول من ضيع الأصول حرم  الوصول  كيف هذا؟ يقول  هؤلاء الذين يقبلون قول الولي ولو كان مخطئاً ضيعوا الأصول ضيعوا الأصول .. الأصول ما هي الأصول؟ الأصول هو الإيمان بالله ورسوله واتباع ما جاء في الكتاب والسنة باطناً وظاهراً دونما سواهما وهذا ضيع الأصول هذا قال اتبع غير الرسول فحرم الوصول حرم الوصول إلى الحق ما عرف الحق فمن ضيع الأصول حرم الوصول فهؤلاء ضيعوا الأصول فقالوا كل واحد نقبل قول الولي ولو مهما كان مثل الرسول فضيعوا الأصول الأصول أنه لا يقبل إلا كلام الله وكلام الرسول هؤلاء ضيعوا الأصول فحرموا الوصول فلم يصلوا إلى الحق.

ثم بين المؤلف رحمه الله قال أصل الأصول الإيمان بالله ورسوله فلا بد من الإيمان بأن محمداً رسول الله بعث إلى جميع الخلق إنسهم وجنهم عربهم وعجمهم علمائهم وعبادهم وملوكهم وأنه لا طريق إلى الله لأحد من الخلق إلا بمتابعته متابعة الرسول ﷺ باطناً وظاهراً حتى لو أدركه موسى وعيسى وغيره من الأنبياء وجب عليهم اتباعه جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيْسَى حَيًّينِ مَّا وَسِعَهُمَا إِلا اتَّبَاعَِي والله تعالى أخذ الميثاق على الأنبياء لئن بعث محمد وأنت حي لتتبعنه ولتنصرنه كما في الآية: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ۝ فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.

ابن عباس قال على هذه الآية ما بعث الله به إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرونه، فالله تعالى أخذ الميثاق على الأنبياء لئن بعث محمد وهو حي تتبعونه والأنبياء أخذوا على أممهم الميثاق لئن بعث محمد وهم أحياء ليتبعونه إذا هذا خاص بالرسل أما غير الرسل فلا، يؤخذ بقوله ويرد ولا يتبع في كل ما يقول، نعم.

(المتن)

وقد قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ۝ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ۝ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ۝ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ۝ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ۝ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.

(الشرح)

هذه الآيات نزلت في المنافقين أولها قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا أَلَمْ تَرَ استفهام تعجب يزعمون أنهم آمنوا بالله ورسوله وهم يتحاكمون إلى الطاغوت أمران متناقضان كيف يزعمون أنهم آمنوا بالله ورسوله  ومع ذلك يتحاكمون إلى الطاغوت؟ يتحاكمون إلى الطاغوت ينافي الإيمان، والإيمان بالله ورسوله ينافي التحاكم إلى الطاغوت، أمران متناقضان ولهذا تعجب أَلَمْ تَرَ استفهام تعجب ألم تر يا محمد هؤلاء الذين يزعمون أمام الله ورسوله أنهم آمنوا بالله ورسوله ومع ذلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ، وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا جعلهم مردة الشيطان تحاكم للطاغوت وهم من مردة الشيطان.

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا من أصناف المنافقين أنهم يعرضون عن التحاكم إلى الكتاب والسنة.

فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا لو أصابتهم مصيبة بما قدمت جاؤوا يحلفون بالله إن ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق يعني هؤلاء الذين يتحاكمون إلى الطاغوت إذا أصابتهم مصيبة جاؤوا يحلفون إن ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق نريد أن نوفق بين العقول والآراء وبين الكتاب والسنة.

قال الله أولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا هذه معاملة النبي ﷺ مع المنافقين.

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ۝ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا نعم.

(المتن)

قال رحمه الله

وَكُلُّ مَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ

(الشرح)

في أسئلة؟ نقف على هذا ووفق الله الجميع على طاعته.....

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد