شعار الموقع

شرح كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان_10 من بيان أن أفضل الأولياء هم الأنبياء إلى ذكر كلام الفلاسفة في علم الله تعالى وقدم العالم

00:00
00:00
تحميل
106

(متن)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى

فَصْلٌ:

وَقَدْ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَسَائِرُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ لَيْسُوا بأنبياء وَقَدْ رَتَّبَ اللَّهُ عِبَادَهُ السُّعَدَاءَ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِمْ " أَرْبَعَ مَرَاتِبَ " فَقَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. وَفِي الْحَدِيثِ: مَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَلَا غَرَبَتْ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ

وَأَفْضَلُ الْأُمَمِ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ. قَالَ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَقَالَ تَعَالَى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ أَنْتُمْ تُوَفُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ 

(شرح)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فهذا الفصل أعطاه المؤلف رحمه الله في بيان أن الأنبياء أفضل الناس وأنهم من الأولياء فالأنبياء من الأولياء، كلمة الأولياء شاملة تشمل النبيين وغيرهم تشمل الأنبياء والمؤمنين تشمل كل مؤمن وكل نبي كله داخل في الأولياء ولكن الأنبياء أفضل من سائر الأولياء، كلمة ولي عامة تشمل النبي وغيره ولكن أفضل الأولياء هم الأنبياء.

والله تعالى جعلهم أربع مراتب الأولياء أربع مراتب:

المرتبة الأولى مرتبة الأنبياء.

والمرتبة الثانية مرتبة الصدّيقين في مقدمتهم الصدّيق الأكبر أبو بكر، الصدّيق فعّيل صيغة مبالغة يسمى صدّيق لقوة تصديقه وإيمانه فقوة تصديقه وإيمانه (02:04) الشبهات والشهوات.

والمرتبة الثالثة مرتبة الشهداء الذين بذلوا أغلا ما يجدون وهي أرواحهم بذلوها رخيصةً لإعلاء كلمة الله.

والمرتبة الرابعة مرتبة الصالحين سائر المؤمنين.

هذه مراتبهم الأنبياء في المرتبة الأولى هذه مراتب الأولياء مراتب المؤمنين مراتب السعداء هذه مراتبهم المرتبة الأولى مرتبة الأنبياء المرتبة الثانية مرتبة الصدّيقين المرتبة الثالثة مرتبة الشهداء المرتبة الرابعة مرتبة سائر المؤمنين الصالحين كما قال الله تعالى في هذه الآيات الكريمة وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.

(02:54 يوجد قطع في التسجيل)

وجوابنا مرد على عالم زمانهم فهم أفضل الناس قبل أن تأتي هذه الأمة ولما وجدت هذه الأمة صارت أفضل من بني إسرائيل وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ قال العلماء المعنى على عالم زمانهم في زمانهم ما في أفضل منهم ولذلك نصرهم الله على فرعون وقومه وأورثهم الأرض أرض مصر.

فإذاً هذه الأمة أفضل الأمم على الإطلاق وبنو إسرائيل أفضل الناس في زمانهم في عصورهم، أفضلهم أمة محمد الدليل قوله تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ والخيرية التي حصلت بها هذه الأمة بهذه الأوصاف تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ هذه الأوصاف هي التي حصل بها الخيرية من حقق هذه الأوصاف حصلت له الخيرية ومن فاتته هذه الأوصاف فاتته الخيرية تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله والإيمان بالله هو الأصل لكن قدّم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأهميتهما ولعظم  شأنهما وإلا فالإيمان هو الأصل.

وقال تعالى ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا قسّمهم ثلاثة أقسام الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات وكلهم اصطفاه الله كلهم أورثهم الله الكتاب يُشكل علينا، كيف الظالم لنفسه؟ كيف من مصطفين؟ ومن الذين أورثوا الكتاب ومن الأولياء كيف يكونون؟ نقول الأولياء يتفاوتون فالظالمون لأنفسهم هم الموحدون الذين وحدوا الله ولم يقوموا بالشرك لكن ظلموا أنفسهم بترك بعض الواجبات أو بفعل بعض المحرّمات، كيف يكونون من الأولياء؟ نعم لأن الولي هو المؤمن التقي وهؤلاء سموا أولياء لأنهم اتقوا الشرك وحدوا الله وأخلصوا له العبادة لكن حصل لهم نقص في التقوى ولهذا ظلموا أنفسهم عندهم نقص فهم من المصطفين اصطفاهم الله بخلاف الكفار خرجوا عن دائرة الكفار واصطفاهم الله بالإيمان فكانوا مؤمنين متقين للشرك لكن عندهم نقص في الإيمان بفعل بعض المعاصي هم داخلين بقوله: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا . اصطفاهم الله وأورثهم الكتاب قال فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ۝ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا.

هم أصناف ثلاث لكن السابقون والمقتصدون يدخلون الجنة من أول وهلة لأنهم ما تركوا شيء من الواجبات ولا فعلوا شيء من المحرمات وإن كانت درجات السابقين والمقرّبين أعلى من درجات المقتصدين لأن السابقين المقرّبين فعلوا النوافل والمستحبات والمقتصدون ما فعلوا إلا الواجبات وتركوا المحرمات.

فالمقتصدون و السابقون يدخلون الجنة من أول وهلة وأما الظالم لنفسه فقد يتأخر دخولهم منهم من يُعفى عنه ومنهم من يُعذب في قبره ومنهم من يُعذب في النار ومنهم من يُشفع له فلا يدخل النار ومنهم من يتأخر دخوله الجنة بسبب تعذيبه في النار ببعض معاصيه ثم في النهاية مآله إلى الجنة والسلامة.

وقال النبي ﷺ في الحديث الذي في مسلم أَنْتُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد والدانبي وبن حميد ومبارك وسنده صحيح أأَنْتُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ .

(متن)

وَأَفْضَلُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْت فِيهِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ وَهَذَا ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.

(شرح)

أفضل هذه الأمة القرن الأول ثم يليه القرن الثاني ثم القرن الثالث هذه تسمى القرون المفضّلة ولهذا في هذا الحديث في الصحيحين يقول النبي ﷺ خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْت فِيهِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ  هذه القرون المفضّلة القرن الذي بُعث فيهم الرسول ﷺ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ .

اختُلف هل القرون المفضّلة ثلاثة أو أربعة والصواب أنها ثلاثة لأن في حديث عمران بن حصين قال فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثاً شك.

والصواب أنه قال أنه ذكر أن القرون المفضلة ثلاثة وهذه القرون الثلاثة ليس معناه أنه ما حصل فيها شيء حصل فيها في القرن الثاني بعض البدع ولكن في هذه القرون الثلاثة الدين ظاهر والخير كثير والبدعة وأصحاب البدع صاروا مقهورون مغمورون بخلاف الثلاثة الذين انتشر فيها البدع صار لهم صولة وقوة.

(متن)

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ.

(شرح)

الحديث رواه الشيخ خالد والبخاري ومسلم وغيرهما وهو حديث صحيح.

وهذا الحديث يقول لا تسبّوا موجه إلى خالد بن الوليد يدل على سبب الحديث، سبب الحديث أنه حصل سوء تفاهم بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف وكلهم أصحابه حصل بينهم سوء تفاهم وعبد الرحمن بن عوف من السابقين الذين أسلموا قديماً من السابقين الأولين وخالد بن الوليد من الذين أسلموا بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة.

والصواب أن السابقين المقربين هم الذين أسلموا قبل صلح الحديبية وقيل هم الذين صلّوا إلى القبلتين ولكن هذا ضعيف (10:17) خاصة فالسابقون الأولون الذين قال الله عليهم: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ.

السابقين فيها قولين قيل هم الذين أسلموا قبل صلح الحديبية وقيل هم الذين صلّوا إلى القبلتين والصواب الأول أنهم الذين أسلموا قبل صلح الحديبية.

والقول بأنهم صلّوا إلى القبلتين عددهم قليل لأن النبي ﷺ لما هاجر إلى المدينة وجّه إلى استقبال بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً فيكون العدد قليلا لكن القول بأنهم الذين أسلموا قبل صلح الحديبية عدد كبير لأن الذين بايعوا النبي ﷺ في صلح الحديبية ألف وأربعمائة ما بين ألف وأربعمائة إلى خمسمائة.

وعلى هذا فالصواب أنّ السابقين المقرّبين الذين قال الله فيهم وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ هم الذين أسلموا قبل صلح الحديبية هذه مرتبة على عدة مراتب.

ثم يليهم المرتبة الثانية الذين أسلموا بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة.

ثم يليهم الطبقة الثالثة الذين أسلموا بعد فتح مكة ويسمّون الطلقاء.

هذه مراتب الصحابة الذين أسلموا قبل صلح الحديبية هم السابقون الأولون ثم المرتبة الثانية الذين أسلموا بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة ومنهم خالد بن الوليد ثم المرتبة الثالثة الذين يسمون مسلمة الفتح ومنهم أبو سفيان وابناه يزيد ومعاوية.

فحصل سوء تفاهم بين عبد الرحمن بن عوف وهو من السابقين الأولين وبين خالد بن الوليد وهو ليس من السابقين في المرتبة الثانية فالنبي ﷺ يخاطب خالد يقول لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي (كلهم أصحابه) والمعنى لا تسبّوا أصحابي المتقدمين أيها المتأخرون كأنه يقول أيها الصحابة المتأخرون لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي المتقدمين فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حلف عليه الصلاة والسلام لتأكيد المقام هو الصادق وإن لم يقسم فيه بيان أن هذا قسم النفس بيده الله وأن النفوس بيده سبحانه فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ.، هذا في التفاوت العظيم بين الصحابة أنفسهم فلو أنفق خالد بن الوليد مثل أُحُد ذهب جبل أُحد عظيم وأنفق عبد الرحمن مدّ والمدّ ملئ الكف للرجل أو نصف مدّ لسبق عبد الرحمن خالد شوفوا التفاوت بين الصحابة فكيف التفاوت بين الصحابة ومن بعدهم، خالد لو أنفق مثل أُحُد ذهباً صدقة وأنفق عبد الرحمن مُدّ المدّ ملئ الكف أو نصف المدّ أيهم الذي يسبق؟ نصف مدّ سبق جبل أُحد، لماذا؟ للتفاوت العظيم الذي بينهم كم المدة التي مضت على عبد الرحمن بن عوف في سبقه الإسلام مدة ست سنوات بعد الهجرة، عبد الرحمن بن عوف أسلم قديماً في مكة.

فالنبي ﷺ قال لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ. التفاوت بين الصحابة أنفسهم فكيف التفاوت بين الصحابة ومن بعدهم.

ولهذا ميزة الصحبة ميزة عظيمة حصل به الشرف بالصحابة رضوان الله عليهم ولا يلحقهم من بعدهم.

ولهذا لما عمر بن عبد العزيز معروف بالورع والعدل لكن ما أدرك الصحبة ومعاوية بن أبي سفيان صحابي ويمكن أن يكون من بعد الصحابة يفوق بعض الصحابة في العبادة أو مثلاً في الصلاة والصيام والصدقة لكن ما يصل إلى مرتبة الصحبة مرتبة الجهاد في سبيل الله فأراد بعض العلماء أن يقارن بين معاوية بن أبي سفيان الصحابي وبين عمر بن عبد العزيز، فقال أحد العلماء الغبار الذي دخل الثياب في معاوية في جهاده مع النبي ﷺ يعدل رضا معاوية بالعدل وعبادته، معاوية صحب النبي ﷺ ولم يصحبه عمر بن عبد العزيز جاهد مع النبي ﷺ ولم يجاهد معه فلا يمكن عمر بن عبد العزيز يلحق معاوية في هذا في الصحبة وفي الجهاد، فرق بين من رأى النبي ﷺ وشاهده وآمن به وصحبه وكان مع النبي يجاهد معه ويسأل عما أشكل عليه ويعرف الوقائع فميزة الصحبة ميزة عظيمة حصل بها الشرف للصحابة رضوان الله عليهم دون غيرهم.

(متن)

وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ

(شرح)

السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أفضل من الصحابة الذين ليسو من المهاجرين وليسو من الأنصار لأن الصحابة يتفاوتون.

(متن)

قَالَ تَعَالَى: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى.

(شرح)

المراد بالفتح صلح  الحديبية، الفتح فتحان الفتح الأول صلح الحديبية والفتح الثاني فتح مكة والمراد هنا صلح الحديبية سُئل النبي أفتح هو قال نَعَمٌ، لا يستوي من أنفق قبل صلح الحديبية ومن أنفق بعد صلح الحديبية لا يستوون في الدرجات، أيهم أعظم درجة؟ قال أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً من هم ؟ الذين أنفقوا قبل الفتح ثم قال وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى. الجنة كلهم موعودون بالجنة لكن متفاوتين كلهم موعودون بالجنة لكن درجة من أنفق قبل الفتح لا تساوي درجة ماذا ؟ من أنفق بعد الفتح.وقاتل

(متن)

وَقَالَ تَعَالَى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا 

الشرح

هذا هو الصواب وقيل هم الذين صلوا إلى القبلتين ولكن هذا قول مرجوح.

المتن

وَالْمُرَادُ بِالْفَتْحِ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ فَإِنَّهُ كَانَ أَوَّلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَفِيهِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ۝ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَفَتْحٌ هُوَ قَالَ: نَعَمْ

(شرح)

سماه أول الفتح إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا هو صلح الحديبية وذلك لأنه مقدمة للفتح لأنه بعد صلح الحديبية وضعت الحرب أوزارها وذهب المشركون إلى المدينة واختلطوا بهم وسمعوا القرآن وأسلم جم غفير من الصحابة من الرجال والنساء وتفرّغ النبي ﷺ لفتح خيبر ثم بعد ذلك قريش نقضت العهد بعد سنتين فغزاهم النبي ﷺ وفتح مكة.

(متن)

وَأَفْضَلُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ " الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ " وَأَفْضَلُهُمْ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةِ الْأُمَّةِ وَجَمَاهِيرِهَا وَقَدْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ دَلَائِلُ بَسَطْنَاهَا فِي " مِنْهَاجِ أَهْلِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ فِي نَقْضِ كَلَامِ أَهْلِ الشِّيعَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ ".

(شرح)

أفضل السابقين الأولين الخلفاء الأربعة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة ترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة أبو بكر هو أفضل الناس بعد الأنبياء ثم يليه عمر ثم يليه عثمان ثم علي.

قد حصل خلاف في المفاضلة بين علي وعثمان فذهب في رواية عن الإمام أبي حنيفة أن علي أطول من عثمان ولكن عثمان أولى بالخلافة وروي أنه وافق الجمهور في هذا ولهذا قال الشيخ (19:37) يبين أن الخلاف في الفضيلة بين علي وعثمان سهل أمر سهل لكن القول الترتيب في الخلافة وأن عثمان هذا أجمع الصحابة على أنه هو الخليفة وبايعوه فمن قال أن علياً أولى بالخلافة فإنه أضل من حمار أهله لأن الصحابة أجمعوا كلهم على تقديم عثمان لكن الخلاف في الفضيلة فقط والصواب الذي عليه الجمهور.

والقول أن الإمام بن حنيفة رجع أن عثمان أفضل وعلى هذا يزول الخلاف انقرض الخلاف فيكون ترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة أبو بكر أفضل الناس بعد الأنبياء وهو أحق الناس بالخلافة ثم عمر أفضل الناس بعد أبو بكر وهو أحق الناس بالخلافة ثم عثمان أفضل الناس بعد عمر وهو أحق بالخلافة ثم علي أفضل الناس بعد عثمان.

وهو أحق بالخلافة قال عليه الصلاة والسلام الْخِلَافَةُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ مُلْكًا بَعْدَ ذَلِكَ ثلاثون سنة نهايتها ستة أشهر التي تنازل فيها الحسن بن علي لمعاوية هذه مدة الخلفاء الراشدون ثلاثون سنة مع ستة أشهر لما بويع حسن بن علي تنازل عن الخلافة لمعاوية حقناً لدماء المسلمين فصدق فيه قول النبي ﷺ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ.

(متن)

وَبِالْجُمْلَةِ اتَّفَقَتْ طَوَائِفُ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا وَاحِدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ وَلَا يَكُونُ مِنْ بَعْدِ الصَّحَابَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّحَابَةِ.

(شرح)

موجودة عندي بدل ولا يكون من بعد الصحابة أفضل من الصحابة (ولا يكون أحد من بعد الخلفاء وبعد الصحابة أفضل من جميع الصحابة).

يعني المؤلف يقول اتّفقت الشيعة والسنة على أن أفضل هذه الأمة رجل واحد من الخلفاء من هو هذا الخليفة أهل السنة يقولون أبو بكر والشيعة يقولون علي لأن الشيعة يرون أن الخليفة بعده علي يقولون هناك نصوص ثابتة عن النبي ﷺ بأن الأئمة اثني عشر أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن بن علي ثم الحسين بن علي ثم علي بن الحسين زين العابدين ثم محمد بن علي الباقي ثم جعفر بن محمد الصادق ثم موسى بن جعفر الكاظم ثم علي بن موسى الرضا ثم محمد بن علي الجواد ثم علي بن محمد الهادي ثم الحسن بن علي العسكري ثم الخلف الحجة المهدي المنتظر محمد بن حسن الذي دخل سرداب السامراء في العراق سنة ستين ومائتين ولم يخرج إلى الآن ولن يخرج لأنه شخص موهوم مات أبوه عقيم ولم يولد له  فاختلقوا له ولد وأرسلوه السرداب.

شيخ الإسلام يقول مضى عليه أربعمائة سنة في زمانه ونحن نقول مضى عليه ألف ومائتين سنة لأنه لا وجود له ولا حقيقة له، الشيعة تقول هذه الأئمة الاثني عشر أئمة منصوصين معصومين لهم النص والعصمة لئلا يخلو العالم بلطفه ورحمته يقولون هذا فيه نص لكن أهل السنة كفروا وظلموا وأخفوا نصوص فولّوا أبو بكر زوراً وبهتاناً ثم ولّوا عمر زوراً وبهتاناً ثم ولّوا عثمان زوراً وبهتاناً ثم وصلت النوبة إلى الخليفة الأول وهو علي هذا الذي يقره الشيعة الرافضة وهم بذلك كفرة فجرة فسقة كفرة أسأل الله السلامة والعافية.

(متن)

وَأَفْضَلُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَعْظَمُهُمْ مَعْرِفَةً بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ وَاتِّبَاعًا لَهُ كَالصَّحَابَةِ الَّذِينَ هُمْ أَكْمَلُ الْأُمَّةِ فِي مَعْرِفَةِ دِينِهِ وَاتِّبَاعِهِ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَكْمَلُ مَعْرِفَةً بِمَا جَاءَ بِهِ وَعَمَلًا بِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ إذْ كَانَتْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ أَفْضَلَ الْأُمَمِ وَأَفْضَلُهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ وَأَفْضَلُهُمْ أَبُو بَكْرٍ .

(شرح)

يقول المؤلف رحمه الله أفضل أولياء الله أعظمهم معرفة بما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام واتباعاً له وهذا الوصف إنما ينطبق على الصحابة والصحابة أكمل الأمة في معرفة دينه واتباعه وأبو بكر الصدّيق أكمل معرفة بما جاء به وأكمل عملاً به فيكون أبو بكر أفضل أولياء الله بعد الأنبياء إذ كانت أمة محمد ﷺ أفضل الأمم وأفضلها أصحاب محمد ﷺ وأفضل أصحاب محمد أبو بكر بهذا تكون الرسل أفضل الأولياء وأفضل الأولياء بعد الرسل أبو بكر الصدّيق .

(متن)

وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ غالطة أَنَّ " خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ " أَفْضَلُ الْأَوْلِيَاءِ قِيَاسًا عَلَى خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ مِنْ الْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِخَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ إلَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُ صَنَّفَ مُصَنَّفًا غَلِطَ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ ثُمَّ صَارَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَزْعُمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ جِهَةِ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَسْتَفِيدُونَ الْعِلْمَ بِاَللَّهِ مِنْ جِهَتِهِ كَمَا يَزْعُمُ ذَلِكَ ابْنُ عَرَبِيٍّ صَاحِبُ " كِتَابِ الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ " وَ " كِتَابِ الْفُصُوصِ " فَخَالَفَ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ مَعَ مُخَالَفَةِ جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوْلِيَائِهِ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ قَالَ: فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ تَحْتِهِمْ لَا عَقْلَ وَلَا قُرْآنَ.

(شرح)

يقول المؤلف قد ظن طائفة غالطة أن خاتم الأولياء أفضل الأولياء قياساً على خاتم الأنبياء، طائفة من الصوفية يقولون محمد خاتم الأنبياء وفيه خاتم الأولياء ومحمد بن عربي يقول خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء، الصوفية لماذا؟ يقول لأن خاتم الأنبياء يأخذ بواسطة جبريل الوحي وأما خاتم الأولياء فيأخذ من المعدن الذي يأخذ منه جبريل يأخذ عن الله مباشرة أو اللوح المحفوظ لا يحتاج إلى وحي وقالوا إنّ خاتم الأنبياء وهو محمد تابع لخاتم الأولياء في الباطن وخاتم الأولياء تابع لخاتم الأنبياء في الظاهر.

ابن عربي رئيس وحدة الوجود يدّعي أنه خاتم الأولياء ويقول خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء لأن خاتم الأولياء ما يحتاج إلى وساطة خاتم الأنبياء محمد يحتاج إلى وساطة يأتيه الوحي عن طريق جبريل لكن خاتم الأولياء ما يحتاج إلى وساطة يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه جبريل يأخذ عن الله مباشرة أو يأخذ من اللوح المحفوظ ولا يحتاج إلى جبريل هذا الكلام يقوله وهذا كفر وضلال وهذا أعظم الكفر.

وابن عربي يعارض النبي ﷺ الرسول عليه الصلاة والسلام قال في حديث صحيح مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ عليه الصلاة والسلام، ابن عربي عارض يقول خاتم الأولياء لابد أن يرى مثل هذه الرؤية فيرى أن هذا البيت مكون من لبنتين لبنة باطنة ولبنة ظاهرة فاللبنة الباطنة لبنة الفضة واللبنة الظاهرة لبنة الذهب فاللبنة الباطنة الفضة تُمثّل خاتم الأنبياء ولبنة الذهب تُمثّل خاتم الأولياء ويرى الناس تنطبع بعباءة ذهبية هذا من الكفر الغليظ وله مع ذلك ابن عربي يقول أنه شافعي له كتاب الفتوحات المكية وله كتاب فصوص الحكم فصوص يعارض القرآن فيه يأتي مثلاً بقصة نوح مثلاً يسميها فص ويعارضها ويؤول الآيات تأويل باطل فاسق والعياذ بالله ويرى والعياذ بالله أن كل أحد له أن يعبد ما يشاء وأن كل من عبد شيء فقد عبد الله وكله على صواب يقول بوحدة  الوجود يقول ماذا؟ يقول أن الذي يعبد النيران والذي يعبد الثعبان والذي يعبد البقر كله مصيب لأنه وجود واحد والكفر بالتخصيص لا تنهى على أحد إذا خصصت شيء وتقول إن هذا لا يؤمن بالله هذا هو الكفر (نسأل الله السلامة والعافية).

ولذلك يتأول القرآن له كتاب الفتوحات المكية ويقول أن فرعون حينما قال أنا ربكم الأعلى مصيب لأن الوجود واحد صحح قول زميله  ويقول إن إغراق فرعون، لماذا أُغرق؟ يقول تطهيراً له حتى يزول الحسبان والوهم لأنه متوهم أنه رب والناس كلهم أرباب مافي إلا أنت إله ؟ يقول أنا ربكم الأعلى فكل الناس آلهة فلما توهم وحسب أن هو الرب وحده أُغرق تطهيراً له حتى يزول هذا الحسبان (كفر والعياذ بالله).

ويقول إن موسى عليه الصلاة والسلام لما ذهب لملاقاة ربه وعبد بنو إسرائيل العجل وجاء وغضب وجعل يجر رأس أخيه هارون ولحيته يقول يُنكر عليه هو يُنكر على هارون إنكاره عليه عبادة العجل قل لماذا تنكر عليهم هم مصيبون هذا موجود أهل التوحيد موجودون أغلظ الناس كفراً هم أهل الوجود لهم مؤلفات لهم كتب تُطبع بأوراق ثقيلة وتُحقق، في رسالة تسمى صاحبها إيمان فرعون تقول فرعون مصيب حينما قال أنا ربكم الأعلى ويقول إنه آمن في القرآن قال آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ويقول أنه هو الذي آمن بنص القرآن وأما قوله أدخلوا آل فرعون أشد العذاب فآله يدخلون أما هو لا يدخل  النار وهكذا والعياذ بالله.

وجاء واحد يحقق الرسالة وكتب عليها كتاب وعقّب عليها وقال الشيخ يقول القول هذا (...)  هذا هو الكفر والضلال، الصوفية الآن كلهم الآن الطرق الصوفية كلها على هذا المذهب التيجانية والسهروردية والرفاعية والنقشبندية  كل هذه طرق صوفية توصل إلى النار وكلها على هذا المذهب  والعياذ بالله.

ومنهم من يزعم أن الأوراق التي عند الصوفية أفضل من القرآن بـأربعة آلاف مرة نسأل الله السلامة والعافية.

فالمؤلف رحمه الله قال ظن طائفة غالطة أن خاتم الأولياء يكون أفضل الأولياء قياساً على خاتم الأنبياء قال ولم يتكلم أحد من المشايخ المتقدمين بخاتم الأولياء إلا محمد بن علي الحكيم الترمذي (هذا صوفي الظاهر يعمل تصوّف) هو محمد بن علي بن حسن بن بشير الترمذي المؤذّن المعروف بالحكيم وله كتاب النوادر والأصول عنده بعض التصوّف صنّف مصنّفاً غلط فيه في مواضع ثم صار طائفة من المتأخرين يزعم كل واحد منهم أنه خاتم الأولياء ومنهم من يدّعي أن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء من جهة العلم بالله لأن خاتم الأولياء أعلم بالله من خاتم الأنبياء وأن الأنبياء يستفيدون العلم بالله من جهته الأنبياء يستفيدون من خاتم الأولياء كما زعم ذلك ابن عربي صاحب كتاب الفتوحات المكية وكتاب الفصوص.

فالمؤلف رد عليهم قال فخالفوا الشرع والعقل مع مخالفة جميع أنبياء الله تعالى وأوليائه يعني خالفوا الشرع وخالفوا العقل كما يقال لمن قال فخرّ عليهم السقف من تحتهم لا عقل ولا قرآن الله تعالى يقول خرّ عليهم السقف من فوقهم وهذا يقول فخرّ عليهم السقف من تحتهم فيه مخالفة القرآن وألغيت عقلك السقف من فوق ولا من تحت؟ يقول فخرّ عليهم السقف من تحتهم، ألغى عقله وكذّب القرآن لا عقل ولا قرآن، وكذلك هؤلاء الذين يتكلمون في خاتم الأولياء وأنهم أفضل من الأنبياء لا عقل ولا قرآن ليس لهم عقول وخالفوا النصوص وخالفوا الدين.

(متن)

ذَلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ فِي الزَّمَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَكَيْفَ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ؟ وَالْأَوْلِيَاءُ إنَّمَا يَسْتَفِيدُونَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ مِمَّنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ وَيَدَّعِي أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ وَلَيْسَ آخِرُ الْأَوْلِيَاءِ أَفْضَلَهُمْ كَمَا أَنَّ آخِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُهُمْ؛ فَإِنَّ فَضْلَ مُحَمَّدٍ ﷺ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ ﷺ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ.

(شرح)

الصوفية يقولون الدرجات الآن ثلاث أولاً الولي أفضل شيء ثم النبي ثم الرسول آخر شي يقول ابن عربي في بيت معروف

مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخٍ فُوَيْقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الْوَلِيّ

مقام النبوة في برزخ يعني وسط مقام النبوة (هذا بيت) مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي إذاً أعلى شيء الولي ثم النبي ثم الرسول النبي فوق الرسول، بعكس جعل الرسول درجة متأخرة مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي إذاً الولي أعلى شيء ثم النبي ثم الرسول.

يقول المؤلف رحمه الله الأنبياء أسبق الناس في الزمان من الأولياء والأنبياء أفضل من الأولياء فكيف يكون الأنبياء يستفيدون من معرفة الله ممن يأتي بعدهم ما دام الأنبياء هم السابقون كيف يأتي الأنبياء بعدهم كقول ابن عربي ويصير الأنبياء يستفيدون ممن يأتي بعدهم السابق يستفيد من اللاحق أم اللاحق يستفيد من السابق أين هي العقول ويدّعي أنه خاتم الأولياء وليس آخر الأولياء أفضلهم كما أن آخر الأنبياء أفضلهم فإن فضل محمد ﷺ على سائر الأنبياء ثبت بالنصوص الدالة على ذلك كقوله ﷺ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ. هذا حديث صحيح فيه دليل على أن نبي الله أفضل الناس فقال أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ.

(متن)

وَقَوْلِهِ: آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ: بِك أُمِرْت أَنْ لَا أَفْتَحَ لِأَحَدِ قَبْلَك

(شرح)

وهذا دليل على فضل النبي ﷺ وأنه لا تُفتح الجنة لأحد قبله عليه الصلاة والسلام.

(متن)

وَ " لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ " رَفَعَ اللَّهُ دَرَجَتَهُ فَوْقَ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ فَكَانَ أَحَقَّهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ. إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الدَّلَائِلِ

(شرح)

لما عُرج بالنبي ﷺ ووجد الأنبياء وجد أعلاهم إبراهيم في السماء السابعة وموسى في السماء السادسة ثم تجاوزهم إلى سدرة المنتهى حتى وصل إلى مكان يسمع فيه شر سريف الأقلام فظهر فضله ولهذا قدّمه جبريل يصلي بالأنبياء إماماً عليه الصلاة والسلام.

(متن)

كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْتِيه الْوَحْيُ مِنْ اللَّهِ لَا سِيَّمَا مُحَمَّدٌ ﷺ لَمْ يَكُنْ فِي نُبُوَّتِهِ مُحْتَاجًا إلَى غَيْرِهِ فَلَمْ تَحْتَجْ شَرِيعَتُهُ إلَى سَابِقٍ وَلَا إلَى لَاحِقٍ؛ بِخِلَافِ الْمَسِيحِ

(شرح)

فلم تحتج شريعته لا إلى سابق ولا إلى لاحق هذا أيضاً فضيلة النبي أن الأنبياء يأتيهم الوحي والرسول ﷺ لا يحتاج إلى غيره فلم تحتج شريعته إلى سابق ولا لاحق بخلاف الأنبياء السابقين فإن شريعتهم تُنسخ، الشريعة المتأخرة تنسخ الشريعة المتقدمة.

(متن)

فإنّ المسيح أَحَالَهُمْ فِي أَكْثَرِ الشَّرِيعَةِ عَلَى التَّوْرَاةِ وَجَاءَ الْمَسِيحُ فَكَمَّلَهَا؛ وَلِهَذَا كَانَ النَّصَارَى مُحْتَاجِينَ إلَى النُّبُوَّاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْمَسِيحِ: كَالتَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ وَتَمَامِ الْأَرْبَعِ وَعِشْرِينَ نُبُوَّةً وَكَانَ الْأُمَمُ قَبْلَنَا مُحْتَاجِينَ إلَى مُحَدَّثِينَ؛ بِخِلَافِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَاهُمْ بِهِ فَلَمْ يَحْتَاجُوا مَعَهُ إلَى نَبِيٍّ وَلَا إلَى مُحَدَّثٍ

(شرح)

هذا في فضيلة هذه الأمة فيه أن الشريعة التي جاء بها محمد ﷺ لا تحتاج إلى سابق ولا إلى لاحق بخلاف غيره من الأنبياء، المسيح أحياناً يحيل إلى التوراة لأن الإنجيل مكمل للتوراة أحاله في أكثر شريعة التوراة وشريعة التوراة أيضاً جاء المسيح فكمّلها فالمسيح شريعته الإنجيل أيضاً تحتاج إلى التوراة والمسيح كمّل التوراة ولهذا كان النصارى محتاجين إلى النبوات المتقدمة على المسيح كالتوراة والزبور وتمام الأربع وعشرين نبوة وكان الأمم قبلهم محتاجين إلى محدّثين بخلاف أمة محمد ﷺ فإنّ الله تعالى أغناهم به فلا تحتاج شريعته إلى توراة ولا إلى إنجيل ولا إلى محدّث وملهمي فلم يحتاج معه إلى شيء ولا إلى محدّث.

(متن)

بَلْ جُمِعَ لَهُ مِنْ الْفَضَائِلِ وَالْمَعَارِفِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا فَرَّقَهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ؛ فَكَانَ مَا فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ اللَّهِ بِمَا أَنْزَلَهُ إلَيْهِ وَأَرْسَلَهُ إلَيْهِ لَا بِتَوَسُّطِ بَشَرٍ.

(شرح)

هذا فيه ميزة محمد ﷺ والشريعة، جمع له من الفضائل والأعمال ما فرق في غيره من الأنبياء جمع له جميع الفضائل والخصال ما فرّق في غيره من الأنبياء فكان ما فضّله الله تعالى به ما أنزله عليه وأرسله به لا يحتاج إلى توسط بشر آخر كغيره.

(متن)

وَهَذَا بِخِلَافِ " الْأَوْلِيَاءِ " فَإِنَّ كُلَّ مَنْ بَلَغَهُ رِسَالَةُ مُحَمَّدٍ ﷺ لَا يَكُونُ وَلِيًّا لِلَّهِ إلَّا بِاتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَكُلُّ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ هُوَ بِتَوَسُّطِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَكَذَلِكَ مَنْ بَلَغَهُ رِسَالَةُ رَسُولٍ إلَيْهِ لَا يَكُونُ وَلِيًّا لِلَّهِ إلَّا إذَا اتَّبَعَ ذَلِكَ الرَّسُولَ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِ.

(شرح)

هذا واضح وذلك أن الأولياء لا يكون الإنسان ولياً ممن بلغته رسالة محمد ﷺ إلا باتباع محمد لا يكون ولياً إلا إذا اتبع محمد من لا يتبع محمد ﷺ لا يكون ولي بل يكون كافر قال فكل ما حصل له من الهدى ودين الحق ما حصل للولي من الهدى ودين الحق هو بواسطة اتباع النبي ﷺ لو لم يتبع النبي ﷺ ما حصل له العلم ولا حصل له هدى ولا حصل له تقوى ولا حصلت له ولاية ولهذا قال كل ما حصل له من الهدى ودين الحق هو بواسطة محمد ﷺ وكذلك من بلغه رسالة رسول إليه لا يكون ولياً لله إلا باتباع ذلك الرسول الذي أرسل إليه.

(متن)

وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمْ رِسَالَةُ مُحَمَّدٍ ﷺ مَنْ لَهُ طَرِيقٌ إلَى اللَّهِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُحَمَّدٍ فَهَذَا كَافِرٌ مُلْحِدٌ وَإِذَا قَالَ: أَنَا مُحْتَاجٌ إلَى مُحَمَّدٍ فِي عِلْمِ الظَّاهِرِ دُونَ عِلْمِ الْبَاطِنِ أَوْ فِي عِلْمِ الشَّرِيعَةِ دُونَ عِلْمِ الْحَقِيقَةِ؛ فَهُوَ شَرٌّ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا: إنَّ مُحَمَّدًا رَسُولٌ إلَى الْأُمِّيِّينَ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ. فَإِنَّ أُولَئِكَ آمَنُوا بِبَعْضِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِ فَكَانُوا كُفَّارًا بِذَلِكَ

(شرح)

يقول من ادعى أن من الأولياء الذين بلغتهم رسالة محمد ﷺ له طريق إلى الله لا يحتاج فيه إلى محمد فهو كافر ملحد ليس هناك طريق يوصل إلى الله إلا عن طريق الرسول فمن ادّعى أنه يستطيع أن يصل إلى الله عن طريق الصبو أو عن طريق الفلسفة أو غيرها فهو كافر ما في طريق إلى الله إلا عن طريق الرسول سدت الطرق إلا عن طريق الرسول ﷺ، وإذا قال: أنا محتاج إلى محمد في علم الظاهر دون علم الباطن أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة فهو شر من اليهود والنصارى هذا يقوله الصوفية يقولون أنا محتاج إلى محمد في علم الظاهر أما في علم الباطن ما أحتاج إلى محمد، ما هو علم الباطن؟ خرافات الصوفية أنهم عندهم علم الحقيقة وأن عندهم أشياء في الباطن يتوصلون بها إلى أن يكونوا أعلى من غيرهم، فمن قال: أنا محتاج إلى محمد في علم الظاهر دون علم الباطن أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة فهو شر من اليهود والنصارى الذين قالوا إن محمداً رسول إلى الأميين دون أهل الكتاب فإن أولئك آمنوا ببعض وكفروا ببعض فكانوا كفاراً بذلك.

(متن)

وَكَذَلِكَ هَذَا الَّذِي يَقُولُ إنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ بِعِلْمِ الظَّاهِرِ دُونَ عِلْمِ الْبَاطِنِ آمَنَ بِبَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ وَكَفَرَ بِبَعْضِ فَهُوَ كَافِرٌ وَهُوَ أَكْفَرُ مِنْ أُولَئِكَ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْبَاطِنِ الَّذِي هُوَ عِلْمُ إيمَانِ الْقُلُوبِ وَمَعَارِفِهَا وَأَحْوَالِهَا هُوَ عِلْمٌ بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ الْبَاطِنَةِ وَهَذَا أَشْرَفُ مِنْ الْعِلْمِ بِمُجَرَّدِ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ.

(شرح)

كذلك من يقول إن محمداً بُعث بعلم الظاهر دون علم الباطن هذا عمل ببعض ما جاء به رسول الله جاء بالباطن والظاهر أعمال القلوب الباطنة وأعمال الجوارح الظاهرة فيقول إن الرسول بُعث بعلم الظاهر دون علم الباطن كافر لأنه آمن ببعض ما جاء به الرسول فيما يتعلق بالأمور الظاهرة ولم يؤمن بالرسول فيما يتعلق بالأمور الباطنة آمن ببعض ما جاء به الرسول وكفر ببعض فهو كافر قال بل هو أكفر من أولئك، لماذا؟ لأن علم الباطن الذي هو علم إيمان القلوب ومعارفها وأحوالها هو علم بحقائق الإيمان الباطنة وهذا أشرف من العلم بمجرد أعمال الإسلام الظاهرة، لماذا قال بل هو أكفر من أولئك؟ لأن علم الباطن الذي هو علم إيمان القلوب ومعارفها وأحوالها هو علم بحقائق الإيمان الباطنة وهذا أشرف من العلم بمجرد أعمال الإسلام الظاهرة يعني العلم بحقائق الإيمان وباطنه هذا هو أشرف من العلم بمجرد أعمال الإسلام الظاهرة لأن هذا يتعلق بالقلوب وهذا يتعلق بما جاء به الظاهر.

(متن)

فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ إنَّمَا عَلِمَ هَذِهِ الْأُمُورَ الظَّاهِرَةَ دُونَ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ؛ وَأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ هَذِهِ الْحَقَائِقَ عَنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ فَقَدْ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ الَّذِي آمَنَ بِهِ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ وَهَذَا شَرٌّ مِمَّنْ يَقُولُ: أُؤْمِنُ بِبَعْضِ وَأَكْفُرُ بِبَعْضِ وَلَا يَدَّعِي أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ الَّذِي آمَنَ بِهِ أَدْنَى الْقِسْمَيْنِ.

وَهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ يَدَّعُونَ أَنَّ " الْوِلَايَةَ " أَفْضَلُ مِنْ " النُّبُوَّةِ " وَيُلَبِّسُونَ عَلَى النَّاسِ فَيَقُولُونَ: وِلَايَتُهُ أَفْضَلُ مِنْ نُبُوَّتِهِ وَيُنْشِدُونَ:

مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخٍ فُوَيْقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الْوَلِيّ

وَيَقُولُونَ نَحْنُ شَارَكْنَاهُ فِي وِلَايَتِهِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ رِسَالَتِهِ

(شرح)

يقول إذا ادّعى المدّعي أن محمداً إنما علم هذه الأمور الظاهرة دون حقائق الإيمان وأنه لا يأخذ هذه الحقائق عن الكتاب والسنة فقد ادّعى أن البعض الذي آمن به مما جاء به الرسول دون البعض الآخر وهذا شر ممن قال أؤمن ببعض وأكفر ببعض ولا يدّعي أن هذا البعض الذي آمن به أدنى القسمين.

(متن)

وَهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ يَدَّعُونَ أَنَّ " الْوِلَايَةَ " أَفْضَلُ مِنْ " النُّبُوَّةِ " وَيُلَبِّسُونَ عَلَى النَّاسِ فَيَقُولُونَ: وِلَايَتُهُ أَفْضَلُ مِنْ نُبُوَّتِهِ وَيُنْشِدُونَ:

مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخٍ فُوَيْقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الْوَلِيّ

وَيَقُولُونَ نَحْنُ شَارَكْنَاهُ فِي وِلَايَتِهِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ رِسَالَتِهِ

وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ ضَلَالِهِمْ فَإِنَّ وِلَايَةَ مُحَمَّدٍ لَمْ يُمَاثِلْهُ فِيهَا أَحَدٌ لَا إبْرَاهِيمُ وَلَا مُوسَى فَضْلًا عَنْ أَنْ يُمَاثِلَهُ هَؤُلَاءِ الْمُلْحِدُونَ.

(شرح)

المؤلف يبين في هذا أن هؤلاء الذين يدّعون أنّ محمد إنما علمه علم الظاهر دون الباطن وأنه يأخذ هذه الحقيقة عن الكتاب أن هذا ادّعى أن البعض الذي آمن به الرسول ﷺ دون البعض الآخر وهذا أشر ممن يقولون أؤمن ببعض الكتاب ويكفرون ببعض فهؤلاء الملاحدة يدّعون أن الولاية أفضل من النبوة ويلبّسون على الناس فيقولون ولاية محمد أفضل من نبوته، ماهذا التقسيم يعني النبي ﷺ قسّموه إلى ولاية وإلى نبوة، هو الولي وهو الرسول وهو الحاكم عليه الصلاة والسلام، ويقولون: نحن شاركناه في ولايته التي هي أعظم من رسالته هذا من أعظم ضلالاتهم هؤلاء والعياذ بالله، يقولون أن محمد ولي ونبي فبولايته صار حاكماً قاضياً حاكماً بين الناس ويقول نحن نشارك النبي في ولايته نصير حكام وإن كنا لا نشارك في ولايته.

المؤلف رد عليهم قال هذا من أعظم ضلالتهم فإن ولاية محمد ﷺ لم يماثله فيها أحد لا إبراهيم ولا موسى عليهما السلام فضلاً عن أنه يماثله فيها هؤلاء الملاحدة.

(متن)

وَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيٍّ وَلِيٌّ فَالرَّسُولُ نَبِيٌّ وَلِيٌّ. وَرِسَالَتُهُ مُتَضَمِّنَةٌ لِنُبُوَّتِهِ وَنُبُوَّتُهُ مُتَضَمِّنَةٌ لِوِلَايَتِهِ وَإِذَا قَدَّرُوا مُجَرَّدَ إنْبَاءِ اللَّهِ إيَّاهُ بِدُونِ وِلَايَتِهِ لِلَّهِ فَهَذَا تَقْدِيرٌ مُمْتَنِعٌ فَإِنَّهُ حَالَ إنْبَائِهِ إيَّاهُ مُمْتَنِعٌ أَنْ يَكُونَ إلَّا وَلِيًّا لِلَّهِ وَلَا تَكُونُ مُجَرَّدَةً عَنْ وِلَايَتِهِ وَلَوْ قُدِّرَتْ مُجَرَّدَةً لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مُمَاثِلًا لِلرَّسُولِ فِي وِلَايَتِهِ.

(شرح)

يقول المؤلف رحمه الله كل رسول فهو نبي وكل نبي فهو ولي هذه قاعدة، الفرق بينهما قيل أن النبي هو الذين يُنبأ بنفسه فقط ولا يُرسَل والرسول هو الذي يُرسَل إلى أمة يقول أن النبي هو من أوحي إليه بشرع ولا يؤمر بتبليغه والرسول هو الذي أوحي بشرع وأُمر بتبليغه لكن القول مرجوح كما حقّ شيخ الإسلام.

والصواب أن الرسول هو الذي يُرسَل إلى أمة كافرة فيؤمن به بعضهم ويرد دعوته بعضهم مثل موسى أُرسل إلى بني إسرائيل فآمن به بعضهم وكفر به بعضهم ومثل عيسى مثل إبراهيم وهود وصالح ونوح وشُعيب ونبينا محمد ﷺ هؤلاء رسل أُرسلوا إلى أمم آمن بهم بعضهم وكفر بهم بعضهم، وأما النبي فهو الذي يُكلّف بالعمل بشريعة سابقة يُرسل إلى مؤمنين لا يرسل إلى كفار مثل داوود وسليمان و زكريا ويحيى كلهم الذين جاؤوا بعد موسى كلهم كُلّفوا بالعمل بالتوراة هؤلاء أنبياء إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا.

ولهذا قال المؤلف كل رسول نبي وكل نبي ولي وليس كل ولي نبي وليس كل ولي يكون رسولاً قد يكون ولي ولا يكون رسولاً ولا يكون نبي أما الرسول لا بد أن يكون ولياً والنبي لا بد أن يكون ولياً فالرسول نبي وولي في نفس الوقت ورسالته متضمنة لنبوته ونبوته متضمنة لولايته فالرسول نبي ولي رسالته في ظلها نبوته ونبوته في ظلها ولايته فكيف تكون الولاية الداخلة في نبوته أفضل من نبوته المتضمنة لولايته؟ لا يمكن.

وإذا قدّر مجرد إنباء الله إياه بدون ولاية لله فهذا تقدير ممتنع مستحيل، أن يُقول شخص أنا أقدّر أنه بمجرد إنباء الله إياه يكون نبياً ولكن لا يكون ولياً هذا باطل هذا تقدير ممتنع مستحيل فإنه حال إنباء الله إياه ممتنع أن يكون إلا ولياً لله حال يعني إذا أنبأه الله فإنه يمتنع أن يكون إلا ولياً لله فلا تكون نبوة مجردة عن ولاية ولو قدّرت مجردة لم يكن أحد مماثلاً للرسول في ولايته لله.

(متن)

وَهَؤُلَاءِ قَدْ يَقُولُونَ - كَمَا يَقُولُ صَاحِبُ " الْفُصُوصِ " ابْنُ عَرَبِيٍّ -: إنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مِنْ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَلَكُ الَّذِي يُوحَى بِهِ إلَى الرَّسُولِ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا " عَقِيدَةَ الْمُتَفَلْسِفَةِ " ثُمَّ أَخْرَجُوهَا فِي قَالَبِ " الْمُكَاشَفَةِ ".

وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتَفَلْسِفَةَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ الْأَفْلَاكَ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَهَا عِلَّةٌ تَتَشَبَّهُ بِهَا كَمَا يَقُولُهُ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعُهُ؛ أَوْ لَهَا مُوجَبٌ بِذَاتِهِ كَمَا يَقُولُهُ مُتَأَخِّرُوهُمْ: كَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ وَلَا يَقُولُونَ إنَّهَا لِرَبِّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَلَا خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَلَا يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ؛ بَلْ إمَّا أَنْ يُنْكِرُوا عِلْمَهُ مُطْلَقًا كَقَوْلِ أَرِسْطُو؛ أَوْ يَقُولُوا إنَّمَا يَعْلَمُ فِي الْأُمُورِ الْمُتَغَيِّرَةِ كُلِّيَّاتُهَا كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ سِينَا وَحَقِيقَةُ هَذَا الْقَوْلِ إنْكَارُ عِلْمِهِ بِهَا؛ فَإِنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ فَهُوَ مُعَيَّنٌ جُزْئِيٌّ: الْأَفْلَاكُ كُلُّ مُعَيَّنٍ مِنْهَا جُزْئِيٌّ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَعْيَانِ وَصِفَاتُهَا وَأَفْعَالُهَا فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا الْكُلِّيَّاتِ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ الْمَوْجُودَاتِ وَالْكُلِّيَّاتُ إنَّمَا تُوجَدُ كُلِّيَّاتٍ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ.

وَالْكَلَامُ عَلَى هَؤُلَاءِ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي " رَدِّ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ " وَغَيْرِهِ.

(شرح)

المؤلف رحمه الله يبين أن كلام الفاسد كلام الكفر الذي يقوله صاحب الفصوص، صاحب الفصوص هو محمد ابن عربي يقول هؤلاء قد يقولون كما يقول صاحب الفصوص ابن عربي إنهم يأخذون من المعدن الذي يأخذ منه الملَك الذي يوحى به إلى الرسول، ابن عربي الآن يفضّل ماذا؟ ابن عربي يفضّل الولي على النبي يقولون إن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء لأن خاتم الأنبياء يحتاج إلى وساطة أما خاتم الأولياء فلا يحتاج إلى وساطة،يقولون صاحب الفصوص، لماذا يسمى صاحب الفصوص؟ يقول أنه لا حاجة به إلى جبريل ولا إلى غيره يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك من اللوح المحفوظ مباشرة يقول وذلك أنهم اعتقدوا عقيدة الملاحدة المتفلسفة يعني الصوفية ثم أخرجوها في قالب المكاشفة لأن يُكشف لهم عن أشياء، وذلك أن المتفلسفة الذين قالوا إن الأفلاك قديمة أزلية لها علل ثلاثة كما يقول أرسطو وأتباعه أولها موجب بذاته كما يقوله متأخروهم كابن سينا وأمثاله ولا يقولون إنّ الرب خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ولا خلق الأشياء بمشيئته وقدرته ولا يعلم الجزئيات بل إنما يعلم علماً مطلقاً يقول أرسطو (أرسطو هو شيخ ابن سينا) يقولون إنما يعلم في الأمور المتغيرة كلياتها كما يقول ابن سينا ويقولون إنه يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات.

وحقيقة هذا القول إنكار علمه يعني المؤلف رحمه الله يبين أن كفر ابن عربي صاحب الفصوص وأنه يدّعي أنه يستغني عن الرسول ﷺ وأنه لا يحتاج إليه وإنما يأخذ عن الله مباشرة فهذا أعظم الكفر ومن عقيدة الفلاسفة يقول الأفلاك قديمة أزلية، ما معنى قديمة أزلية؟ الأفلاك ما هي؟ الأفلاك السماوات والأرضين والنجوم والكواكب والمجرات كل هذه قديمة أزلية كلمة أزلية يعني لا بداية لها، هذا إنكار للرب، لا بداية لها، من الذي خلقها وأوجدها؟ أزلية ما لها بداية هذا كفر وضلال أنكروا وجود الرب والله تعالى قال عن نفسه هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وقال فسر النبي هذه الأسماء الأربعة وقال اللهم أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ.

فإذاً الله تعالى هو الأول الذي لا بداية لأوله فإذا قالوا الأفلاك قديمة أزلية معناه أن هذه الأفلاك ما خلقها الله ولا أوجدها بقدرته ومشيئته لأنها قديمة أزلية ليس لها بداية وهذا كفر وضلال كما يقول أرسطو01:01:11).

ثم جاء بعده أبو ناصر الفارابي ثم جاء بعده ابن سينا وأخذوا منه وذلك أن المتفلسفة الذين قالوا إن الأفلاك قديمة أزلية لها علل ثلاثة كما يقول أرسطو ومن اتبعوه أولها موجب بذاته يعني يقول أن الأفلاك لم يخلقها الله وإنما وجودها من ذاتها كما يقوله متأخروهم كابن سينا وأمثاله ولا يقولون إنّ الرب خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ولا خلق الأشياء بمشيئته وقدرته ولا يعلم الجزئيات بل إما ينكرون علمه مطلقاً كقول أرسطو أو يقولون إنما يعلم من الأمور المتغيرة كلياتها كما يقول ابن سينا وحقيقة هذا القول إنكار علمه بها يقول إن الله يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات ما معنى هذا؟ يقول إن الله يعلم النجوم يعلم البحار يعلم الأشجار لكن يخصص واحدة من النجوم يقول لا يعلم هذا جزء كذلك الناس موجودون خلقهم الله، الله تعالى خلقهم وأوجدهم من العدم فيقول أن الآدميون وهؤلاء الناس يعلمهم الله إجمالاً لكن فلان بن فلان ما يعلمه لأنه جزئي هذا كفر وضلال هذا معنى قولهم أنه قال ولا يعلم الجزئيات بل إما أن ينكروا علمه مطلقاً كقول أرسطو أو يقولون إنما يعلم في الأمور المتغيرة كلياتها كما يقول ابن سينا.

وقال المؤلف وحقيقة هذا القول إنكار علمه بهم إنكار علمه بالجزئيات فإن كل موجود في الخارج هو معين جزئي والأفلاك كل منها معين جزئي وكذلك جميع الأعيان وصفاتها وأفعالها فمن لم يعلم إلا الكليّات لم يعلم شيئاً من الموجودات والكليّات إنما توجد كليّات في الأذهان لا في الأعيان. وصلوا إلى القول إن الله لا يعلم شيئاً قالوا بأن الله يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات وهذا باطل وكذلك جميع الأعيان وصفاتها وأفعالها هذه الأمور في الباطن فمن لم يعلم إلا الكليات لم يعلم شيئاً من الموجودات هم يقولون أن الله يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات الكليات في الذهن والجزئيات في الأفراد مثل الحيوانية هذا كلي ذهني وهذا باطل هذا كفر وضلال وكذلك جميع الأعيان وصفاتها وأفعالها فمن لم يعلم إلا الكليات وهي الناس عموماً لم يعلم شيئاً من الموجودات، والكليات إنما تؤخذ كليات في الذهن لا في الأعيان مثلاً الواحد (01:05:37) والكليات إنما توجد كليات في الأذهان لا في الأعيان.

(متن)

وَالْكَلَامُ عَلَى هَؤُلَاءِ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي " رَدِّ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ " وَغَيْرِهِ. فَإِنَّ كُفْرَ هَؤُلَاءِ أَعْظَمُ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بَلْ وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ فَإِنَّ جَمِيعَ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَإِنَّهُ خَلَقَ الْمَخْلُوقَاتِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ.

وَأَرِسْطُو وَنَحْوُهُ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْيُونَانِ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَلَيْسَ فِي كُتُبِ أَرِسْطُو ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا غَالِبُ عُلُومِ الْقَوْمِ الْأُمُورُ الطَّبِيعِيَّةُ وَأَمَّا الْأُمُورُ الْإِلَهِيَّةُ فَكُلٌّ مِنْهُمْ فِيهَا قَلِيلُ الصَّوَابِ كَثِيرُ الْخَطَأِ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ أَعْلَمُ بِالْإِلَهِيَّاتِ مِنْهُمْ بِكَثِيرِ؛ وَلَكِنْ مُتَأَخِّرُوهُمْ كَابْنِ سِينَا أَرَادُوا أَنْ يُلَفِّقُوا بَيْنَ كَلَامِ أُولَئِكَ وَبَيْنَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ؛ فَأَخَذُوا أَشْيَاءَ مِنْ أُصُولِ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَرَكَّبُوا مَذْهَبًا قَدْ يَعْتَزِي إلَيْهِ مُتَفَلْسِفَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ؛ وَفِيهِ مِنْ الْفَسَادِ وَالتَّنَاقُضِ مَا قَدْ نَبَّهْنَا عَلَى بَعْضِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَهَؤُلَاءِ لَمَّا رَأَوْا أَمْرَ الرُّسُلِ كَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ ﷺ قَدْ بَهَرَ الْعَالَمَ وَاعْتَرَفُوا بِأَنَّ النَّامُوسَ الَّذِي بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ أَعْظَمُ نَامُوسٍ طَرَقَ الْعَالَمَ وَوَجَدُوا الْأَنْبِيَاءَ قَدْ ذَكَرُوا الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ أَرَادُوا أَنْ يَجْمَعُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَقْوَالِ سَلَفِهِمْ الْيُونَانِ الَّذِينَ هُمْ أَبْعَدُ الْخَلْقِ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأُولَئِكَ قَدْ أَثْبَتُوا عُقُولًا عَشَرَةً يُسَمُّونَهَا " الْمُجَرَّدَاتِ " " وَالْمُفَارَقَاتِ ". وَأَصْلُ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ مُفَارَقَةِ النَّفْسِ لِلْبَدَنِ وَسَمَّوْا تِلْكَ " الْمُفَارَقَاتِ " لِمُفَارَقَتِهَا الْمَادَّةَ وَتَجَرُّدِهَا عَنْهَا. وَأَثْبَتُوا الْأَفْلَاكَ لِكُلِّ فَلَكٍ نَفْسًا وَأَكْثَرُهُمْ جَعَلُوهَا أَعْرَاضًا وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهَا جَوَاهِرَ.

(شرح)

على كل حال دخل المؤلف رحمه الله في كلام في الصوفية والتخيلات التي لهم والفعّالة وهذا يحتاج إلى فصل لعلنا نقف على كلامه هذا في موضع آخر ويكون هذا إن شاء الله في الدورة القادمة نكمل الكتاب إن شاء الله بقية الكتاب بقيت دورة كاملة إن شاء الله لأنه اليوم آخر الدروس لأن الكلام متصل الكلام عن أرسطو ونتكلم عن الفلاسفة أرسطو هذا هو الفيلسوف اليوناني الذي جاء بعده ابن سينا وأبو ناصر الفارابي وهذه التفصيلات التي يفصّلون فيها عن خصائص النبي وخصائص الولي......

وفق الله الجميع

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد