شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من سنن أبي داود_18

00:00
00:00
تحميل
11

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين. 

(المتن) 

قَالَ الإمام أبو داود رحمه الله تعالى:  

باب الحلق والتقصير 

1979 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم ارحم المحلقين»، قالوا: يا رسول الله، والمقصرين؟ قال: «اللهم ارحم المحلقين»، قالوا: يا رسول الله، والمقصرين؟ قال: «والمقصرين». 

(الشرح) 

قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: (باب الحلق والتقصير), يَعْنِي باب ما جاء في حكم الحلق والتقصير للحاج والمعتمر, ذكر حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين, وَهَذَا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وهنا ذكر أَنَّهُ دعا للمحلقين مرتين, وفي اللفظ الآخر أَنَّهُ دعا للمحلقين ثلاثًا, قَالَ: «اللَّهُمَّ ارحم المحلقين, قَالُوا رسول الله والمقصرين, اللَّهُمَّ ارحم المحلقين, قَالُوا رسول الله والمقصرين, اللَّهُمَّ ارحم المحلقين, قَالُوا رسول الله والمقصرين, اللَّهُمَّ ارحم المحلقين, قَالُوا رسول الله والمقصرين», قَالَ: والمقصرين في الرابعة. 

فِيهِ دليل عَلَى التحريم عَلَى الحي, وعدم اختصاصه بالميت, بعض النَّاس يظن أَنَّهُ ما يترحم إِلَّا عَلَى الميت, فلان توفي رحمه الله والحي ما يَقُولُ رحمه الله, بَلْ تترحم عَلَى الحي والميت. 

فالحي يدعا له بالرحمة كما يدعى للميت, والمقصرين عطف عَلَى محذوف تقديره قَالُوا: يا رسول الله قل والمقصرين, والحديث دليل عَلَى أن الحلق أفضل من التقصير؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كرر الدعاء للمحلقين ثلاثًا وترك الدعاء للمقصرين في المرة الأولى. 

وَذَلِكَ أن الحلق أبلغ في الامتثال, وبعض النَّاس لَاسِيَّمَا بعض الَّذِينَ ألفوا بقاء الشعر(...) وغيرهم يشق عَلَيْهِ حلق الرأس, تقول: يا فلان أحلق رأسك يَقُولُ: لا, صعب علي, أقصر, الحلق أفضل وأبلغ في الامتثال فيمتنع. 

هَذَا زهد في الفضيلة, والشيطان هُوَ الَّذِي يربح هَذَا, الشيطان إِذَا لَمْ يظفر منك بفعل المعصية يظفر منك بترك الأفضل, هُوَ يستفيد, أنت فعلت المفضول وتركت الأفضل. 

وظاهر صيغة المحلقين أَنَّهُ يشرع حلق جميع الرأس, هَذِهِ الصيغة تقتضيه, قوله: المحلقين, تقتضيه الصيغة, إذ لا يقال لمن حلق شعر رأسه حلق. 

وَقَالَ بوجوب حلق جميع الرأس جمع من أهل العلم وَهُوَ مروي عَنْ الإمام أحمد ومالك, وَأَنَّهُ واجب, وَهُوَ ظاهر قول الله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}[الفتح/27]. 

واستحبه الكوفيون والشافعي ويجزىء الْبَعْضَ عِنْدَهُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ, فَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ الرُّبْعُ إِلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ النِّصْفُ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ أَقَلُّ مَا يَجِبُ حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَهَكَذَا الْخِلَافُ فِي التَّقْصِيرِ. 

ظاهر الحديث أنه يعمم جميع الرأس, وبعضهم قال: يكفي الأخذ ولو شعرات, والصواب: أنه لابد من حلق جميع الرأس أو تقصير جميع الرأس لابد من التعميم, والقزع منهي عنه, ولهذا لما رأى النبي صبيًا حُلق بعض رأسه قال: «احلقه كله أو اتركه كله», فينبغي حلق جميع الرأس أو تقصير جميع الرأس من جميع الجهات, لا من شعرة بعينها ولكن من جميع الجهات. 

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَلْقِ هَلْ هُوَ نُسُكٌ أَوْ تَحْلِيلُ مَحْظُورٍ؟ فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الْجُمْهُورُ, وهذا هُوَ الأقرب هُوَ نسك من مناسك الحج وواجب من الواجبات ومنهم من قَالَ: هُوَ ليس نسكًا وَإِنَّمَا هُوَ إطلاق من محظور, تحلق؛ حَتَّى تتحلل. 

(المتن) 

1980 - حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب يعني الإسكندراني، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «حلق رأسه في حجة الوداع». 

(الشرح) 

وَهَذَا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم أن النَّبِيّ حلق رأسه ووزعه عَلَى النَّاس, قَالَ للحلاق: الشق الأيمن احلق ثُمَّ وزعه, ثُمَّ قَالَ الشق الأيسر وأعطاه أبا طلحة يوزعه عَلَى النَّاس شعرةً شعرة للتبرك بها منه عليه الصلاة والسلام وَهَذَا من خصائصه, وحلق رأسه وحلق رأسه بالتشديد والتخفيف, يَعْنِي أمر بحلقه, حلّق رأسه أو حلق رأسه, وَالَّذِي يظهر أَنَّهُ وجوب استيعاب للرأس, وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه, استوعب جميع رأسه. 

وَهَذَا فعل الصَّحَابَة الصَّحَابَة والسلف, أجمعوا عَلَى أن الحلق يعم الجميع, وَلَمْ يحفظ عَنْ أحد من الصَّحَابَة الاكتفاء ببعض شعر الرأس, بَعْضُهُمْ قاسها عَلَى مسح الرأس وَهَذَا لا وجه له. 

من محظورات الإحرام أخذ الشعر سواء بالحلق أو بغيره, لا منافاة بين كون أخذه يكون من المحظورات وحلقه يكون نسك. 

(المتن) 

1981 - حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا حفص، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " رمى جمرة العقبة يوم النحر، ثم رجع إلى منزله بمنى فدعا بذبح، فذبح، ثم دعا بالحلاق، فأخذ بشق رأسه الأيمن فحلقه فجعل يقسم بين من يليه الشعرة والشعرتين، ثم أخذ بشق رأسه الأيسر فحلقه، ثم قال: «ها هنا أبو طلحة» فدفعه إلى أبي طلحة. 

(الشرح) 

وَهَذَا الحديث أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي, وَفِيهِ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بدأ أول أيام العيد رمى جمرة العقبة, ثُمَّ رجع إِلَى منزله فذبح, هَذَا مجمل, وفي الحديث الآخر بين أن النَّبِيّ ذبح ثلاثا وستين, نحرها, يقال له: نحر, ثُمَّ نحر علي بقية المائة, ثُمَّ دعا بالحلاق فأخذ بشق رأسه الأيمن, فِيهِ مشروعية البدء بالشق الأيمن وَأَنَّهُ سنة. 

فحلقه ثُمَّ أخذ بشقه الأيسر ثُمَّ قَالَ: «ها هنا أبو طلحة», عَلَى حذف حرف الاستفهام, التقدير أها هنا أبو طلحة, فدفعه إليه يوزعه عَلَى النَّاس للتبرك به, لما جعل الله في جسده من البركة وَهَذَا خاص به صلى الله عليه وسلم كما سبق. 

أَمَّا قول النووي والجماعة وَكَذَلِكَ الشافعي في مشروعية التبرك بشعر أهل الفضل فهذا ليس بصحيح, أخذوا من هَذَا التبرك بِأَهْلِ الفضل الصَّالِحِينَ, والصواب أن هَذَا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ الصَّحَابَة ما تبركوا بأبي بكر ولا عمر وهم أفضل الصَّالِحِينَ بَعْدَ الأنبياء, فدل عَلَى أَنَّهُ خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ وَلِأَنَّهُ وسيلة إِلَى الشِّرْك, فهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم الصَّحَابَة ما فعلوه مَعَ غير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم . 

وفيه دليل عَلَى البداءة بالأيمن, وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ عَلَى أن المستحب بالأيسر ليكون أيمن الحالق, ولكن ليس هَذَا بظاهر. 

(المتن) 

1982 - حدثنا عبيد بن هشام أبو نعيم الحلبي، وعمرو بن عثمان، المعنى قالا: حدثنا سفيان، عن هشام بن حسان، بإسناده بهذا قال فيه: قال للحالق: «ابدأ بشقي الأيمن فاحلقه». 

1983 - حدثنا نصر بن علي، أخبرنا يزيد بن زريع، أخبرنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل يوم منى فيقول: «لا حرج» فسأله رجل، فقال: إني حلقت قبل أن أذبح، قال: «اذبح ولا حرج» قال: إني أمسيت ولم أرم، قال: «ارم ولا حرج». 

(الشرح) 

وَهَذَا الحديث أخرجه البخاري والنسائي وَفِيهِ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نفى الحرج عَنْ التقديم والتأخير من أعمال يوم النحر؛ لأنها قَدْ يحصل الغلط فِيهَا وَهِيَ الرمي ثُمَّ النحر ثُمَّ الحلق ثُمَّ الطواف, فلو قدم بعضها عَلَى بعض فلا حرج. 

سُئِلَ عليه الصلاة والسلام كما هنا, قَالَ: «إني حلقت قبل أن أذبح، قال: اذبح ولا حرج, قال: إني أمسيت ولم أرم»،والمساء يكون بعد الظهر والرمي سيكون من بَعْدَ الظهر, فِيهِ أن رمي جمرة العقبة لا بأس أن يؤخرها إِلَى آخر النهار, من طلوع الشمس إِلَى غروبها كله وقت للرمي. 

وَكَذَلِكَ سُئِلَ عمن قدم الطواف قَالَ: لا حرج, فدل عَلَى أَنَّهُ لا بأس بتقديم بعضه عَلَى بعض, ولكن الترتيب هُوَ الأفضل, أن يرمي ثُمَّ يذبح ثُمَّ يحلق ثُمَّ يطوف. 

فهذا الترتيب سنة مستحب وَبِهِ قَالَ الشافعي وجماعة, قَالَ بعض العلماء: إِنَّهُ واجب كالأحناف وغيرهم, ذهبوا إِلَى أَنَّهُ واجب ومن لَمْ يرتب فَإِن عَلَيْهِ دما, قاله أبو حنيفة ومالك. 

وَتأَوَّلُوا قَوْلَهُ وَلَا حَرَجَ عَلَى رفْعِ الْإِثْمِ دُونَ الْفِدْيَةِ, ولكن الصواب أن الترتيب مستحب وأن من قدم بعضه عَلَى بعض فلا حرج عَلَيْهِ ولا فدية عَلَيْهِ. 

فَإِن قِيلَ: الَّذِينَ يتعمدون الطواف ليلة العيد يمشون من مزدلفة إِلَى الحرم مباشرة؟ إِذَا كَانَ في آخر الليل بَعْدَ (..) فلا بأس, بدأ الطواف ولاسيما النساء يخشى عَلَيْهِمْ نزول الدم فلا بأس, لا بأس أن يقدم في آخر الليل قبيل الفجر. 

فَإِن قِيلَ: تعمد أَنَّهُ سعى ثُمَّ طاف (..)؟ الصواب أَنَّهُ لا يصح السعي إِلَّا بَعْدَ الطواف, الصواب الَّذِي أقره جمهور العلماء, كما في حديث شَرِيك سعيت قبل أن أطوف هُوَ حديث ضعف, رواية شاذة, الصواب وَهُوَ الأحوط والأبرأ للذمة أَنَّهُ لا يجوز السعي قبل الطواف مطلقًا, لا في العمرة ولا في الحج. 

فَإِن قِيلَ: لو ترك السعي طاف ثُمَّ لَمْ يسع ثُمَّ بعدين رجع وسعى؟ لا بأس, الأفضل الموالاة لكن لو أخر السعي فلا حرج. 

(المتن) 

1984 - حدثنا محمد بن الحسن العتكي، حدثنا محمد بن بكر، حدثنا ابن جريج، قال: بلغني، عن صفية بنت شيبة بن عثمان، قالت: أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان، أن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير». 

1985 - حدثنا أبو يعقوب البغدادي، ثقة، حدثنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، قالت: أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان، أن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على النساء الحلق، إنما على النساء التقصير». 

(الشرح) 

هَذَا حديث ابن عباس رواه مالك من طريق محمد بن الحسن العتكي, عَنْ محمد بن أبي بكر, والحديث الثاني حديث أبو يعقوب البغدادي عَنْ هشام بن يوسف. 

والحديث أخرجه الدارقطني والطبراني وحسنه الحافظ وقوى إسناده البخاري في التاريخ, وأبو حاتم في العلل, وَفِيهِ دليل عَلَى أن النساء إِنَّمَا يشرع في حقهن التقصير ولا يشرع في حقهن الحلق؛ لِأَنَّ الشعر جمال المرأة, فالمرأة تقصر من الشعر قدر أنملة رأس الأصبع, وليس عليها الحلق إِنَّمَا الحلق خاص بالرجال. 

والحلق للرجال أفضل, ففيه دليل عَلَى أن المشروع في حَقّ النساء التقصير, قَالَ بَعْضُهُمْ: لو حلقت المرأة شعرها أجزأها, لكن لا ينبغي لها هَذَا. 

(المتن) 

باب العمرة 

1986 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا مخلد بن يزيد، ويحيى بن زكريا، عن ابن جريج، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عمر، قال: «اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج». 

(الشرح) 

وَهَذَا صحيح, لكن الحديث في سنده ابن جريج وَهُوَ مدلس وَقَدْ عنعن, ولكن معنى الحديث صحيح, النَّبِيّ اعتمر قبل أن يحج ثلاث عمر, والعمرة الرابعة مَعَ حجته. 

(المتن) 

1987 - حدثنا هناد بن السري، عن ابن أبي زائدة، حدثنا ابن جريج، ومحمد بن إسحاق، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: " والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك، فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون: إذا عفا الوبر وبرأ الدبر ودخل صفر فقد، حلت العمرة لمن اعتمر فكانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم ". 

(الشرح) 

والعمرة هِيَ الزيارة, وفي الشرع عبارة أن أفعال مخصوصة بالطواف والسعي, وهنا في حديث ابن عباس يَقُولُ أن النَّبِيّ أمر عائشة أن تعتمر في ذي الحجة؛ لِأَنَّهُ من أشهر الحج, ليزيل بِذَلِكَ اعتقاد الْمُشْرِكِينَ «إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك، فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يَقُولُونَ», ليس هناك عمرة في أشهر الحج, بَلْ ينبغي أن تكون الشهور الحج خاصة بالحج وَهِيَ شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم إِلَى صفر. 

وَيَقُولُونَ قولتهم المشهورة: (إذا عفا الوبر), يَعْنِي وبر الإبل الَّذِي يعني إِذَا كثر وبره؛ لِأَنَّهُ في الحج مَعَ التعب ينزل الشعر, ولا يكون عَلَيْهِ شعر من الأحمال والأثقال, فَإِذَا انتهى الحج عفا وكثر الشعر؛ لِأَنَّهُ في الذهاب الطويل, ذهاب وإياب وحمل الأمتعة يزول الشعر, فَإِذَا عفا الوبر, وَهُوَ وبر الإبل (وبرأ الدبر), وَهِيَ الجروح الَّتِي تكون في ظهر البعير بسبب الأحمال (ودخل صفر), يَعْنِي مضت المدة هَذِهِ؛ هَذِهِ المدة كفاية لكثرة الوبر ومداواة الجروح (فقد حلت العمرة لمن اعتمر). 

وفي لفظ الشيخين: (إِذَا عفا الأثر), يَعْنِي اندرس أثر الإبل وغيرها, (وبرأ الدبر), وبرأ الدبر الجروح ما كَانَ يحصل لظهور الإبل من المشقة, فَإِذَا عفا الأثر وبرأ الدبر ودخل صفر, وفي اللفظ الآخر: وَإِذَا انسلخ شهر صفر حلت العمرة لمن اعتمر. 

(فكانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم), فالبني صلى الله عليه وسلم أراد مخالفتهم وإبطال هَذَا الاعتقاد, والحديث في إسناده ابن جريج وابن إسحاق وهما مدلسان وَقَدْ عنعنا, لكن أبلغ من هَذَا عمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الأربع كلهن في ذي القعدة, هَذَا فِيهِ هدم اعتقاد أهل الجاهلية أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذو القعدة من أشهر الحج  وليس هناك عمرة عِنْد أهل الجاهلية. 

(المتن) 

1988 - حدثنا أبو كامل، حدثنا أبو عوانة، عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، أخبرني رسول مروان، الذي أرسل إلى أم معقل، قالت: كان أبو معقل حاجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم، قالت أم معقل: قد علمت أن علي حجة فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه، فقالت: يا رسول الله، إن علي حجة وإن لأبي معقل بكرًا، قال أبو معقل: صدقت، جعلته في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطها فلتحج عليه، فإنه في سبيل الله» فأعطاها البكر، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة قد كبرت وسقمت فهل من عمل يجزئ عني من حجتي، قال: «عمرة في رمضان تجزئ حجة». 

(الشرح) 

والحديث هَذَا ضعف في إسناده إبراهيم بن المهاجر البجلي الكوفي هُوَ ضعيف, وَفِيهِ مجهول وَهُوَ رسول مروان, ولكن أخرج الشيخان في صححيهما من حديث ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لامرأة من الأنصار: «إن عمرة في رمضان تعدل حجة», هَذَا ثابت أَمَّا هَذَا الحديث فضعيف. 

والبكر هنا الفتى من الإبل, وجعل الحج في سبيل الله كما أن الجهاد في سبيل الله. 

قوله: (إني جعلته صدقة), فِيهِ جواز حبس الحيوان وجعله يَعْنِي وقفًا, وَفِيهِ أَنَّهُ جعل الحج من سبيل الله. 

وَهَلْ يعطى الرجل من الزَّكَاة ليحج؟ كَانَ ابن عباس لا يرى بأسًا أن يعطى الرجل من الزَّكَاة للحج, ويروى عَنْ ابن عمر ويروى أَيْضًا عَنْ الإمام أحمد, وَقَالَ أبو حنيفة وجماعة: لا تصرف الزَّكَاة للحج, وسهم السبيل عندهم للغزاة والمجاهدين, وَهَذَا هُوَ الأقرب, الأقرب أَنَّهُ لا يعطى للحج, الحج ما وَجَبَ عَلَيْهِ, إن استطاع أن يحج حج وإلا فالله تعالى يَقُولُ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[آل عمران/97]. 

والمراد بسبيل الله الغزاة, هَذَا هُوَ الصواب, بعض العلماء توسع في الحج وَقَالَ: هُوَ عام في كُلّ شَيْء, عَلَى هَذَا يدخل بناء المساجد والصدقة عَلَى الفقراء والمساكين كلهم يدخلون في سبيل الله, لكن ليس بظاهر هَذَا. 

(المتن) 

1989 - حدثنا محمد بن عوف الطائي، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عيسى بن معقل بن أم معقل الأسدي أسد خزيمة، حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام، عن جدته أم معقل، قالت: لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وكان لنا جمل، فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض وهلك أبو معقل وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من حجه جئته، فقال: «يا أم معقل ما منعك أن تخرجي معنا؟»، قالت: لقد تهيأنا فهلك أبو معقل وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله، قال: «فهلا خرجت عليه، فإن الحج في سبيل الله، فأما إذ فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان فإنها كحجة» فكانت تقول: الحج حجة، والعمرة عمرة، وقد قال: هذا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري ألي خاصة. 

(الشرح) 

والصواب أَنَّهَا ليست لها خاصة بَلْ هِيَ عامة, لكن الحديث في سنده محمد بن إسحاق مدلس وَقَدْ عنعن, لكنه شاهد للحديث السابق وَهَذَا ثابت كما سبق في الصحيحين أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عمرةٌ في رمضان تعدل حجة». 

يَعْنِي تعدل حجة كحجة معي في الثواب, هنا شبه الشيء بالشيء قَالَ: العمرة تعدل حجة, نقل الحافظ عَنْ ابن خزيمة قَالَ: إن الشيء يشبه بالشيء ويجعل عدله إِذَا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها؛ لِأَنَّ العمرة لا يقضى منها فرض الحج ولا النذر, تعدل حجة لكن لو كَانَ الإنسان عَلَيْهِ حج فرض ما يكفي أن يعتمر في رمضان ويسقط الحج عنه, وَكَذَلِكَ لو كَانَ عَلَيْهِ نذر. 

وَقَالَ ابن بطال: فِيهِ دليل عَلَى أن الحج الَّذِي ندب إليه كَانَ تطوعًا, وإجماع الأمة عَلَى أن العمرة لا تجزئ عَنْ حجة الفريضة, بَلْ حصل أَنَّهُ أعلمها أن العمرة في رمضان تعدل حجة في الثواب؛ لا أَنَّهَا تقوم مقامها في إسقاط الفرض, بالإجماع عَلَى أن الاعتمار لا يجزئ عَنْ حج الفرض. 

وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ نَظِيرُ مَا جَاءَ أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن. 

وقال بن الْعَرَبِيِّ حَدِيثُ الْعُمْرَةِ صَحِيحٌ وَهُوَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ فَقَدْ أَدْرَكَتِ الْعُمْرَةُ مَنْزِلَةَ الْحَجِّ بانضمام رمضان إليها. 

وقال ابن الْجَوْزِيِّ فِيهِ أَنَّ ثَوَابَ الْعَمَلِ يَزِيدُ بِزِيَادَةِ شَرَفِ الْوَقْتِ كَمَا يَزِيدُ بِحُضُورِ الْقَلْبِ وَبِخُلُوصِ الْقَصْدِ. 

ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت في رمضان في الحج كما أنه يزيد في العمل بحضور القلب الثواب, وبخلوص القصد. 

والحديث في سنده محمد بن إسحاق وأم طريق هذه قيل لها صحبة, وحديثها مرفوع, وقيل: إن أم معقل هي أم طريق في كلام لأهل العلم, هل أم طريق هي أم معقل أم لا؟ 

(المتن) 

1990 - حدثنا مسدد، وحدثنا عبد الوارث، عن عامر الأحول، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج فقالت: امرأة لزوجها أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جملك، فقال: ما عندي ما أحجك عليه، قالت: أحجني على جملك فلان، قال: ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله، وإنها سألتني الحج معك، قالت: أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما عندي ما أحجك عليه، فقالت أحجني على جملك فلان، فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله، فقال: «أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله؟» قال: وإنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجة معك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرئها السلام ورحمة الله وبركاته، وأخبرها أنها تعدل حجة معي» - يعني عمرة في رمضان -. 

(الشرح) 

وفي رواية: «أحججني», وهذا الشاهد الثالث للحديث السابق, وعلى كل حال عمرة في رمضان هذا ثابت في الصحيح أنها تعدل حجة, وحديث أم معقل له طرق وأسانيد لا تخلوا من الاضطراب في المتن والإسناد, قد ساق الحافظ بعض سنده في ترجمة أبي معقل, والصحيح في هذا الباب ما أخرجه الشيخان عن ابن عباس كما تقدم أن عمرة في رمضان تعدل حجة. 

وهذا الحديث فيه كلام والحديث الثاني والثالث السابق وإن كان بعضها يشهد لبعض, وعلى كل حال العمرة في رمضان تعدل حج هذا ثابت في الصحيحين. 

(المتن) 

1991 - حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا داود بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «اعتمر عمرتين عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال». 

(الشرح) 

والحديث سكت عنه المنذري وَهَذَا يحمل عَلَى أن المراد عمرتان تامتان, وَهِيَ عمرة القضاء في السنة السابعة وعمرة الحديبية, أَمَّا العمرة الأولى في عمرة الحديبية قَدْ صد عنها, ثُمَّ تحلل (..) ليست مستقلة, وإلا اعتمر أربع مرات, عمرة الحديبية الَّتِي صد عنها وعمرة القضاء, وعمرة الجعرانة في الثامنة, والعمرة الَّتِي مَعَ حجته في السنة العاشرة, هنا يحمل قول عائشة اعتمر عمرتين يَعْنِي عمرتين تامتين. 

 هِيَ أربع عمر لكن يحمل كلام عائشة عَلَى أَنَّهَا عمرتان تامتان, فمن قَالَ أربع عمر فمعروف أَنَّهَا أربع عمر, بَعْضُهُمْ قَالَ: ثلاث عمر ما عد الأولى أو الرابعة, والقول بأنها أربع عمر هَذَا واضح. 

فَإِن قِيلَ: (..)أحل من عمرة الحديبية؟ نعم تحلل منها فَهِيَ عمرة تامة في الأجر, تحلل لِأَنَّهُ صد عنها. 

فَإِن قِيلَ: العمرة كلها ليست في ذي القعدة؟ هَذَا محمول عَلَى أَنَّهُ ذَهَبَ إليها في شوال عمرة الجعرانة ولكنه أحرم في ذي القعدة. 

(المتن) 

1992 - حدثنا النفيلي، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن مجاهد، قال: سئل ابن عمر كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، فقال: مرتين، فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد «اعتمر ثلاثًا سوى التي قرنها بحجة الوداع». 

(الشرح) 

وَهَذَا الحديث أخرجه النسائي, ولا منافاة فمن قَالَ مرتين أيْ مستقلتين ومن قَالَ ثلاثا عد العمرة الَّتِي صد عنها في الحديبية؛ لِأَنَّ الله كتب أجرها لهم, ومن قَالَ أربعا عد عمرة القران الَّتِي مَعَ حجته. 

(المتن) 

1993 - حدثنا النفيلي، وقتيبة، قالا: حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: " اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر: عمرة الحديبية، والثانية حين تواطئوا على عمرة من قابل، والثالثة من الجعرانة، والرابعة التي قرن مع حجته ". 

(الشرح) 

وَهَذَا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة وَهُوَ صحيح. 

(المتن) 

1994 - حدثنا أبو الوليد الطيالسي، وهدبة بن خالد، قالا: حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته». قال أبو داود: أتقنت من ها هنا من هدبة وسمعته من أبي الوليد، ولم أضبطه عمرة زمن الحديبية أو من الحديبية، وعمرة القضاء في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته. 

(الشرح) 

قوله: «اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته», وَالَّتِي مَعَ حجته كَذَلِكَ في ذي القعدة, لكن لما صارت مقترنة بالحج استثناها. 

وَهَذَا الحديث أخرجه الشيخان فِيهِ أن أبا دود بين الَّذِي أتقنه من هدبه, وَهِيَ أربع عمر كما هُوَ معروف, عمرة الحديبية لأنها تامة وإن كَانَ صد عنها, عمرة القضاء لأنها صالحهم عَلَى أن يعود في السنة الَّتِي بعدها, وعمرة الجعرانة بَعْدَ غزوة حنين في السنة الثامنة, وعمرة الَّتِي مَعَ حجته في السن العاشرة. 

وَفِيهِ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اعتمر في كُلّ سنة عمرة, وليس النَّبِيّ اعتمر في سنة مرتين كما قَالَ بَعْضُهُمْ, وجاءت الأحاديث بالحث عَلَى الإكثار من العمرة, «تباعوا بين الحج والعمرة فَإِنهما ينفيان الفقر والذنوب». 

«العمرة إِلَى العمرة كفارة لما بينهما», فِيهِ دليل عَلَى التفريق بين الحج والعمرة في التكرار, فالحج لا يكون إِلَّا في السنة مرة, أَمَّا العمرة فإنها تتكرر, بعض العلماء قَالَ: لا يعتمر إِلَّا في السنة مرة, ولكن لاشك أن الحديث فِيهِ استحباب الاستكثار من الاعتمار, خلافًا لمن قَالَ يكره أن يعتمر الإنسان في السنة أكثر من مرة. 

فالإمام مالك رحمه الله يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة, وَبَعْضُهُمْ قَالَ: في الشهر مرة, وَالصَّحِيحُ جَوَازُ الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الِاعْتِمَارِ وَخَالَفَ مالكا مطرف من أصحابه وابن الْمَوَّازِ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي السنة مرارًا. 

وقال بن الْمَوَّازِ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَقَدِ اعْتَمَرَتْ عَائِشَةُ مَرَّتَيْنِ فِي شَهْرٍ, وَلَا أَدْرِي أَنْ يُمْنَعَ أَحَدٌ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ مِنَ الطَّاعَاتِ وَلَا مِنَ الِازْدِيَادِ مِنَ الْخَيْرِ, وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. 

وَيَكْفِي فِي هذا أن النبي أَعْمَرَ عَائِشَةَ مِنَ التَّنْعِيمِ سِوَى عُمْرَتِهَا الَّتِي كَانَتْ أَهَلَّتْ بِهَا وَذَلِكَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ, وَاعْتَمَرَتْ عَائِشَةُ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ 

فَقِيلَ لِلْقَاسِمِ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَقَالَ أَعَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. 

وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا جَمَّمَ رَأْسَهُ خَرَجَ فَاعْتَمَرَ, وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَمِرُ فِي السنة مرارًا.  

يَعْنِي إِذَا حلق رأسه ثُمَّ نبت الشعر اعتمر, يَعْنِي إِذَا مضىى أربعة أيام خمسة أيام إِلَى أسبوع, وَأَمَّا ما يفعله بعض النَّاس من الزوار يعتمر كُلّ يوم عمرة هَذَا لا أصل له, ولكن إذا مضى مدة مقدار أسبوع فلا بأس, هَذَا عَلَى قول الجمهور أَنَّهُ لا بأس إِذَا كَانَ في مَكَّة يخرج. 

والقول الثاني وَهُوَ اختيار شيخ الإسلام: أن من في مَكَّة لا يشرع أن يعتمر, إِنَّمَا العمرة للداخل, العمرة للزيارة, ومن في جوف مَكَّة كيف يزور؟ ذَهَبَ شيخ الإسلام وجماعة إِلَى أن أهل مَكَّة ليس عَلَيْهِمْ عمرة, ومن كَانَ في مَكَّة يتعبد بالطواف والصلاة ولا يعتمر, إِذَا اعتمر فَهُوَ بدعة, اختار هَذَا الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله يفتي بِهَذَا, والجمهور عَلَى أَنَّهُ لا بأس بالعمرة للنصوص الَّتِي فِيهَا الحث عَلَى العمرة. 

وأن النَّبِيّ أعمر عائشة وَهِيَ في مَكَّة, وَهَذَا خاص بعائشة ومن كَانَ في مثل حالها, وَعَلَى كُلّ حال المنكر ما يفعله بعض النَّاس من التكرار, التكرار القريب يَعْنِي كُلّ يوم عمرة, بعض الزوار ولاسيما في وقت الحج يتعبون أنفسهم ويتعبون النَّاس ويشكلون الزحام في الصباح عمرة وفي المساء عمرة واليوم عمرة وبكرة عمرة, هَذِهِ عمرة لأبي وَهَذِهِ عمرة لجدي وَهَذِهِ عمرة لزوجتي وَهَذِهِ عمرة لجاري, كأنها صدقة يوزعها. 

أَمَّا إِذَا جلس مدة أسبوع فهذا فِيهِ الخلاف والجمهور عَلَى الجواز. 

فَإِن قِيلَ: هَلْ ينكر عَلَيْهِمْ؟ نعم ينكر عَلَيْهِمْ لا نرى أن هَذَا مشروع, ولهذا قَالَ بعض السَّلَف: هؤلاء الَّذِينَ يذهبون لا أدري أيعذبون أم يثابون, فقيل له: كيف؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يمشي خطوات يأتي بعمرة ولو تعبد في المسجد الحرام لكن أفضل. 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد