شعار الموقع

شرح كتاب الطلاق من سنن أبي داود_4

00:00
00:00
تحميل
22

بسم الله الرحمن الرحيم 

بسم الله الرحمن الرحيم ,والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد. 

(المتن) 

قَالَ الإمام أبو داود رحمنا الله وأياه:  

باب الرجل يراجع، ولا يشهد 

2186 - حدثنا بشر بن هلال، أن جعفر بن سليمان، حدثهم، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، أن عمران بن حصين، سئل عن الرجل يطلق امرأته، ثم يقع بها، ولم يشهد على طلاقها، ولا على رجعتها، فقال: «طلقت لغير سنة، وراجعت لغير سنة، أشهد على طلاقها، وعلى رجعتها، ولا تعد». 

(الشرح) 

قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: (باب الرجل يراجع، ولا يشهد), يَعْنِي يراجع زوجته ولا يشهد عليها, ما حكم ذَلِكَ؟ 

ذكر حديث عمران بن حصين «أن عمران بن حصين، سئل عن الرجل يطلق امرأته، ثم يقع بها»، يَعْنِي يجامعها للرجعة «ولم يشهد على طلاقها، ولا على رجعتها، فقال: «طلقت لغير سنة، وراجعت لغير سنة، أشهد على طلاقها، وعلى رجعتها، ولا تعد». 

نهي عَنْ العود إِلَى ترك الإشهاد يَعْنِي, والحديث أخرجه ابن ماجة والحديث ضعيف في سنده يزيد الرشك وَهُوَ ضعيف, لكن الحديث معناه صحيح يشهد له الكتاب العزيز, قَالَ الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق/2]. 

تدل الآية عَلَى الْأَمْرِ بالإشهاد عَلَى الرجعة أو الطلاق, وَالْأَمْرِ أصله الوجوب, فالقول بالوجوب قول قوي, وَهُوَ قول مالك والشافعي, ذهبوا إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الإشهاد في الرجعة, وأقل أحواله الاستحباب, كما هُوَ قول أبي حنيفة, وحنيفة وأصحابه يرون أن الإشهاد مستحب. 

والحديث ليس مرفوع إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَلْ هُوَ قول صحابي, ولكن قوله هنا «طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة», السنة هِيَ ما ثبت عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لكن الحديث لا يصح, وَهُوَ قول صحابي, ولو كَانَ صحيحًا لكان حجة لقوله: «طلقت لغير سنة», ولكن الحجة إِنَّمَا في كلام الله تعالى, الحجة في الآية, فِيهَا دليل عَلَى الإشهاد وأقل أحواله الاستحباب وَهُوَ قول قوي. 

(المتن) 

باب في سنة طلاق العبد 

2187 - حدثنا زهير بن حرب، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا علي بن المبارك، حدثني يحيى بن أبي كثير، أن عمر بن معتب، أخبره أن أبا حسن مولى بني نوفل، أخبره أنه، استفتى ابن عباس، في مملوك كانت تحته مملوكة فطلقها تطليقتين، ثم عتقا بعد ذلك، هل يصلح له أن يخطبها؟ قال: «نعم، قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم». 

2188 - حدثنا محمد بن المثنى، أخبرنا عثمان بن عمر، أنبانا علي بإسناده ومعناه بلا إخبار، قال ابن عباس: «بقيت لك واحدة قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: قال عبد الرزاق: قال ابن المبارك، لمعمر: «من أبو الحسن هذا؟ لقد تحمل صخرة عظيمة»، قال أبو داود: «أبو الحسن هذا روى، عنه الزهري»، قال الزهري: «وكان من الفقهاء روى الزهري، عن أبي الحسن أحاديث»، قال أبو داود: «أبو الحسن معروف، وليس العمل على هذا الحديث». 

(الشرح) 

هَذَا الباب في سنة طلاق العبد, ذكر فِيهِ حديث ابن عباس, فتوى ابن عباس من طريق عمر بن معتب, وأن أبا حسن مولى بني نوفل، أخبره أنه، استفتى ابن عباس، في مملوك كانت تحته مملوكة فطلقها تطليقتين، ثم عتقا بعد ذلك، هل يصلح له أن يخطبها؟ قال: «نعم، قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم». 

وروى الحديث عن علي في السند الثاني, قَالَ: حدثنا محمد بن المثنى، أخبرنا عثمان بن عمر، (.....) بإسناده ومعناه بلا إخبار, يَعْنِي بصيغة العنعنة لا بصيغة الإخبار, قال ابن عباس: «بقيت لك واحدة», يَعْنِي تطليقة واحدة «قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم»، والحديث هَذَا ضعيف فِي سنده عمر بن معتب هَذَا, عمر بن معتب هَذَا مستور الحال مجهول. 

وَفِيهِ يحيى بن أبي كثير مدلس وَقَدْ أنن وَلَمْ يصرح بالسماع, والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة, وفي هَذَا الحديث أن العبد إِذَا طلق أمته تطليقتين ثُمَّ عتق جميعًا فَإِنَّهُ يخطبها بَعْدَ ذَلِكَ, ويتزوجها ويبقى له طلقة, لكن الحديث ضعيف لا يصح. 

«قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: قال عبد الرزاق: قال ابن المبارك، لمعمر: من أبو الحسن هذا؟ لقد تحمل صخرة عظيمة»، يريد بها إنكار ما جاء به من هَذَا الحديث, وَهَذِهِ الرواية ليست في رواية اللؤلئي رواية أبي داود رواية اللؤلئي لَمْ يذكرها ابن المبارك, والحديث هَذَا كما سبق. 

قال الزهري: «وكان من الفقهاء», يَعْنِي أبو الحسن ولكن ليس الإشكال في أبي الحسن, الإشكال في الراوي عنه عمر بن معتب, وإلا أبو الحسن هَذَا لا بأس, ولهذا قَالَ الزهري: «كَانَ من الفقهاء روى الزهري، عن أبي الحسن أحاديث، قال أبو داود: أبو الحسن معروف»، أبو الحسن معروف ما في إشكال فيه, لكن الإشكال في عمر بن معتب الراوي عَنْ أبي الحسن, هو الضعيف هُوَ المجهول, ولهذا قَالَ أبو داود: ليس العمل عَلَى هَذَا الحديث, يَعْنِي هُوَ ظن أَنَّهُ بقيت له طلقة؛ لأنها صارت حرة, وطلاقها ثلاثًا هَذَا معنى قوله: بقيت له طلقة في حديث ابن عباس, يَقُولُ: بقيت له طلقة؛ لأنها صارت حرة, وطلاقها ثلاثًا, ولكن الحديث لا يصح والصواب ما قاله الخطابي في معالم السنن؛ أَنَّهُ لَمْ يذهب إِلَى هَذَا أحد من أهل العلم. 

قَالَ: لَمْ يذهب إِلَى هَذَا أحد من أهل العلم فيما أعلم, ومذهب عامة الفقهاء إِذَا كانت الأمة تَحْتَ المملوك فطلقها تطليقيتن ثُمَّ عتق فإنها لا تحل له إِلَّا بَعْدَ زوج. 

هَذَا هُوَ الَّذِي دلت عَلَيْهِ النصوص, ولا فرق بين العبد وغيره؛ لِأَنَّ العبد استوفى الطلاق؛ ليس له إِلَّا تطليقتان واستوفى هنا, فَإِذَا كانت الأمة تَحْتَ المملوك وطلقها تطليقتين ثُمَّ عتق فإنها لا تحل لها إِلَّا بَعْدَ زوج, كما قرر ذَلِكَ العلماء وقرر ذَلِكَ الخطابي في معالم السنن, وَأَمَّا أبو الحسن هَذَا قَالَ: فَإِنَّهُ موثق, ذكر بخير وصلاح وثقه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان, أَمَّا عمر بن معتب فهذا هُوَ منكر الحديث, كما قَالَ علي بن المديني, قَالَ: إن عمر بن معتب هَذَا منكر الحديث, وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْهُ فَقَالَ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ يَحْيَى يعني بن كَثِيرٍ. 

وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بَالْقَوِيِّ, وَقَالَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 

ابن القيم رحمه الله أَيْضًا تكلم عَلَى هَذَا, تكلم مثل كلام الخطابي, نقل عن الإمام أحمد كلام (.....) ، قال الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه اللَّه: وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَة إِجْمَاع. فَإِنَّ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَام أَحْمَد الْقَوْل بِهَذَا الْحَدِيث, قَالَ: ولا أرى شَيْئًا يدفعه وَغَيْر وَاحِد يَقُول بِهِ أَبُو سَلَمَة وَجَابِر وَسَيد بْن الْمُسَيَّب هَذَا آخِر كَلَام. 

وَقَالَ مَرَّة حَدِيث عُثْمَان وَزَيْد فِي تَحْرِيمهَما عَلَيْهِ جيد وحديث بن عباس يرويه عمر بن معتب. 

يَعْنِي الخطابي في معالم السنن يَقُولُ: لَمْ يقل به أحد من أهل العلم فيما أعلم, وابن القيم يَقُولُ: ليس في المسألة إجماع؛ يَعْنِي هناك من قَالَ. قَالَ: ولا أعرفه ثم ذكر كلام بن الْمُبَارَك, قَالَ أَحْمَد: أَمَّا أَبُو حَسَن فَهُوَ عِنْدِي مَعْرُوف وَلَكِنْ لَا أَعْرِف عُمَر بْن معتب. 

وقال الإمام أحمد في رواية بن مَنْصُور فِي عَبْدٍ تَحْتَهُ مَمْلُوكَة وَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ عُتِقَا: يَتَزَوَّجهَا وَتَكُون عَلَى وَاحِدَة عَلَى حَدِيث عُمَر بْن مُعَتِّب. 

وَقَالَ فِي رِوَايَة أَبِي طَالِب فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة: يَتَزَوَّجهَا وَلَا يُبَالِي عُتِقَا أَوْ بَعْد الْعِدَّة, وَهُوَ قَوْل بن عَبَّاس وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَأَبِي سَلَمَة وَقَتَادَة 

قَالَ أَبُو بَكْر عَبْد الْعَزِيز: إِنْ صَحَّ الْحَدِيث فَالْعَمَل عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصِحّ فَالْعَمَل عَلَى حَدِيث عُثْمَان وَزَيْد. 

وَحَدِيث عُثْمَان وَزَيْد الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ومَا رَوَاهُ الْأَثْرَم فِي سُنَنه عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار؛ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتِب أُمّ سَلَمَة طَلَّقَ اِمْرَأَته حُرَّة بِتَطْلِيقَتَيْنِ, فَسَأَلَ عُثْمَان وَزَيْد بْن ثَابِت عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا حُرِّمَتْ عَلَيْك. 

عَلَى كُلّ حال الأقرب كما سبق أن الحديث يَعْنِي لا يصح وليس العمل عَلَيْهِ. 

(المتن) 

2189 - حدثنا محمد بن مسعود، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن مظاهر، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان»، قال أبو عاصم، حدثني مظاهر، حدثني القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال: «وعدتها حيضتان»، قال أبو داود: «هو حديث مجهول»، قال أبو داود: « االحديثان جميعا ليس العمل عليهما»، قال أبو داود: «مظاهر ليس بمعروف»،  قال أبو داود: « هذا حديث مجهول» . 

(الشرح) 

هَذَا الحديث حديث عائشة رضي الله عنها عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان»، أخرجه الترمذي وابن ماجة «قال أبو عاصم، حدثني مظاهر، حدثني القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال: وعدتها حيضتان، قال أبو داود: وهو حديث مجهول». 

وصف الحديث بأنه مجهول مبالغة؛ لِأَنَّ فِيهَ راويًا مجهولًا وَهُوَ ومظاهر, والحديث ضعيف في سنده مظاهر بن أسلم وَهُوَ مجهول. 

قَالَ أبو داود: الحديثان جميعًا ليس العمل عليهما, الحديث الأول حديث عائشة: ««طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان». 

والحديث الثاني حديث عائشةأيضا مثله إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وعدتها حيضتان», فالحديثان ضعيفان كما قَالَ أبو داود وليس العمل عليهما, وَعَلَيْهِ فلا حجة فيهما, ولا عمل عليهما, وحينئذٍ فيقال: أن العبد كغيره مثل الحر له ثلاث تطليقات, لعموم قول الله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة/229]. 

والحرة تعتد بثلاثة قروء ولو كانت تَحْتَ العبد, أَمَّا الأمة ولو كانت تَحْتَ حر فإنها تعتد بنصف عدة الحرة, قياسًا عَلَى تنصيف الحد عليها, لقول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء/25]. 

جعل عليها نصف الحد, فكذلك أَيْضًا في العدة, تنصف العدة عليها كما أَنَّهَا يخفف عليها الحد؛ حَتَّى تتزوج بسرعة؛ لِأَنَّ هَذَا من جنس التعزير, وَعَلَى هَذَا فَإِن كانت الأمة تحيض فإنها تعتد بحيضتين؛ لِأَنَّهُ يجبر الكسر, فلا تعتد بحيضة ونصف حيضة, بَلْ يجبر الكسر. 

وإِن كانت لا تحيض لصغر أو لكبر فإنها تعتد بشهرين, ويجبر الكسر, فلا تعتد بشهر, والعلماء اختلفوا في هَذِهِ المسألة, قَالَ بعض العلماء: إن العبرة الطلاق بالرجال والعدة بالنساء, كما ذكر الخطابي في المعالم. 

ومروي هذا عن بن عمر وزيد بن ثابت وبن عَبَّاسٍ وينسب إلى مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ, وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَتْ الأَمَةٌ تَحْتَ حُرٍّ فَطَلَاقُهَا ثَلَاثٌ, وَعِدَّتُهَا قراءان وإن كانت حرة تحت عبد فطلاقها ثنتان وَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ. 

الطلاق يكون بالرجال والعدة تكون بالنساء, فَإِذَا كَانَ الرجل حر فله ثلاث تطليقات, وَإِذَا كانت الأمة حرة تعتد ثلاث حيض, وإن كانت أمة تعتد حيضتان. 

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَأَصْحَابُهُ الْحُرَّةُ تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ كَانَتْ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ تَحْتَ عَبْدٍ –العبرة بالنساء عكس القول الأول- والأمة تعتد قرءين وتطلق تَطْلِيقَتَيْنِ, سَوَاءً كَانَتْ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ تَحْتَ عَبْدٍ. 

وَعَلَى كُلّ حال ما دام أن الحديثان ضعيفان ولا يعول عليهما؛ فالأصل أنهما كغيرهما.  

ابن القيم تكلم عَنْ هَذَا أَيْضًا قَالَ الحديث له علة عجيبة, قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه: وَلِلْحَدِيثِ بَعْدُ عِلَّةٌ عَجِيبَةٌ ذَكَرهَا الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخه الْكَبِير.  

قَالَ مُظَاهِر بْن أَسْلَمَ عَنْ الْقَاسِم عَنْ عَائِشَة رَفَعَهُ طَلَاق الْأَمَة تَطْلِيقَتَانِ وَعِدَّتهَا حَيْضَتَانِ, قَالَ أَبُو عَاصِم: حَدَّثَنَا بن جُرَيْج عَنْ مُظَاهِر ثُمَّ لَقِيت مُظَاهِرًا فَحَدَّثَنَا بِهِ, وَكَانَ أَبُو عَاصِم يُضَعَّف مُظَاهِرًا. 

وَقَالَ يحيى بن سليمان: حدثنا بن وَهْب قَالَ حَدَّثَنِي أُسَامَة بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْد أَبِيهِ, فَأَتَاهُ رَسُول الْأَمِير فَقَالَ إِنَّ الْأَمِير يَقُول لَك كَمْ عِدَّة الْأَمَة؟ قَالَ عِدَّة الْأَمَة حَيْضَتَانِ, وَطَلَاق الْحُرّ الْأَمَة ثَلَاث, وَطَلَاق الْعَبْد الْحُرَّة تَطْلِيقَتَانِ وَعِدَّة الْحُرَّة ثَلَاث حِيَض.  

ثُمَّ قَالَ لِلرَّسُولِ: أَيْنَ تَذْهَب؟ قَالَ: أَمَرَنِي أَنْ أَسْأَل الْقَاسِم بْن مُحَمَّد وَسَالِم بْن عَبْد اللَّه قَالَ فَأُقْسِم عَلَيْك إِلَّا رَجَعْت إِلَيَّ فَأَخْبَرْتنِي مَا يَقُولَانِ, فَذَهَبَ وَرَجَعَ إِلَى أَبِي فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمَا قَالَا كَمَا قَالَ, وَقَالَا لَهُ: قُلْ إِنَّ هَذَا لَيْسَ فِي كِتَاب اللَّه وَلَا فِي سُنَّة رَسُول اللَّه وَلَكِنْ عَمِلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ. 

وَذَكَر الدَّارَقُطْنِيُّ حَدِيث مُظَاهَر, ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيح عَنْ الْقَاسِم خِلَاف هَذَا, وَذَكَر عَنْ الْقَاسِم أَنَّهُ قِيلَ لَهُ بَلَغَك فِي هَذَا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَا. 

وذكره الدارقطني أَيْضًا من حديث ابن عُمَر مَرْفُوعًا وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَر بْن شبيب والصحيح أنه من قول بن عمر. 

عَلَى كُلّ حال كما سبق الحديثان ضعيفان, ولا يعول عليهما, والعلماء اختلفوا في هَذَا, ولكن الأصل هُوَ كما سبق, الأصل أنهما كغيرهما, أن الأمة ينصف عليها في العدة, والزوج له كغيره الحر والعبد سواء, هَذَا هُوَ الأصل, والخلاف كما رأيتم, أبو حنيفة يرى أن العبرة بالنسا, والقول الثاني القول الطلاق بالرجال والعدة بالنساء, وأبو حنيفة يَقُولُ: العبرة بالنساء الحرة تعتد ثلاثة أقراء, وإن كانت أمة تعتد بقرءين, الحرة تعتد بثلاثة أقراء سواء كانت تَحْتَ حرة أو تَحْتَ عبد ما ننظر إِلَى الرجال ننظر إِلَى النساء, والأمة تعتد قرءين سواء كانت تَحْتَ عبد أو تَحْتَ حر ننظر إِلَى النساء. 

والقول الثاني: أن الطلاق يكون بالرجال والعدة تكون بالنساء, فالرجل إِذَا كَانَ حر فله ثلاثة تطليقات وَإِذَا كَانَ (.....) فله طلقتان والعدة تكون من النساء إِذَا كانت حرة فلها ثلاث أقراء وإن كانت أمة فلها قرءان, وَعَلَى كُلّ حال هَذَا اجتهاد من العلماء. 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد