شعار الموقع

شرح كتاب الطلاق من سنن أبي داود_10

00:00
00:00
تحميل
46

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله, والصلاة والسلام عَلَى رسول الله اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين وللمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين 

(المتن) 

يقول الإمام أبو داود رحمه الله في سننه: 

2214- حدثنا الحسن بن علي، قال حدثنا يحيى بن آدم، قال حدثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن معمر بن عبد الله بن حنظلة، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن خويلة بنت مالك عن ثعلبة قالت: «ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه، ويقول: اتقي الله فإنه ابن عمك، فما برحت حتى نزل القرآن: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}[المجادلة/1]، إلى الفرض، فقال: يعتق رقبة, قالت: لا يجد، قال: فيصوم شهرين متتابعين، قالت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: فليطعم ستين مسكينًا، قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قالت: فأتي ساعتئذ بعرق من تمر، قلت: يا رسول الله، فإني أعينه بعرق آخر، قال: قد أحسنت، اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا، وارجعي إلى ابن عمك، قال: والعرق: ستون صاعًا»، قال أبو داود: في هذا إنها كفرت عنه من غير أن تستأمره، قال أبو داود: هذا أخو عبادة بن الصامت. 

2215- حدثنا الحسن بن علي، قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني، قال حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد نحوه إلا أنه قال: «والعرق مِكتل يسع ثلاثين صاعًا»، قال أبو داود: وهذا أصح من حديث يحيى بن آدم. 

2216- حدثنا موسى بن إسماعيل، قال حدثنا أبان، حدثنا يحيى، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: يعني بالعرق: «زنبيلًا يأخذ خمسة عشر صاعًا». 

(الشرح) 
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

فهذا الحديث حديث أوس بْنُ الصامت في ظهاره من زوجته خويلة, وفي سنده محمد بْنُ إسحاق وهو مدلس وقد عنعن, وفيه معمر بْنُ عبد الله مجهول ولم يوثقه إِلَّا اِبْن حبان فهو ضعيف بهذا السند, لَكِنْ يشهد له وحديث خويلة حديث سلمة السابق,يشهد أحدهما للآخر وَكَذَلِكَ الشواهد الَّتِي ذكرها المؤلف تشهد لهما ويتقوى بثبوت الحديث في كفارة الظهار, ولو لم يصح شيءٌ من الأحاديث في كفارة الظهار فالقرآن الكريم كافي في ذلك, وقد ذكر الله تعالى في سورة المجادلة كفارة الظهار وأنها تعتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين, فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا, قَالَ تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}[المجادلة/3-4].  

فكفارة الظهار مرتبة أولًا: عتق رقبة, فَإِن لم يجد الرقبة أو لم يجد ثمنها انتقل إلى الصيام, فَإِن لم يستطع الصيام لكونه مريضًا أو لكونه شيخًا كبيرًا أو لكون الصيام يضعفه عن الكسب لأهله ولأولاده فَإِنَّهُ ينتقل إِلَى الإطعام, وعلى كل حال هذان الحديثان يشهد أحدهما للآخر ويشد أحدهما الآخر في وجوب كفارة الظهار الَّتِي هي ثابتةٌ في الْقُرْآن الكريم.  

 وفيه: أن خويلة زوجة أوس بْنُ الصامت, أوس بْنُ الصامت هذا هو أخو عبادة بْنُ الصامت, فيهِ: أنها جاءت للنبي r تشكو إليه وتجادل كما قَالَ الله في سورة المجادلة: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}[المجادلة/1].  

 وكان الظهار طلاقًا في الجاهلية, ولهذا جاءت خولة تجادل النَّبِيِّ r سيقول لها النَّبِيِّ r: «اتقي الله فَإِنَّهُ اِبْن عمك, قالت: فما برحت حتى نزل الْقُرْآن». 

وقوله: «إِلَى الفرض» يَعْنِي: إِلَى ما فرض الله تعالى من الكفارة, فقال لها: «يعتق رقبة» هذا أولًا كما في سورة المجادلة, «قالت: لا يجد، قال: فيصوم شهرين متتابعين، قالت: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: فليطعم ستين مسكينًا، قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قالت: فأُتي ساعتئذ بعرق من تمر» والعرق هو الزنبيل, منسوج من الخوص وسعف النخل. 

قلت: «يا رسول الله، فإني أعينه بعرق آخر، قال: قد أحسنت، اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا، وارجعي إلى ابن عمك» هي الَّتِي تكفر والأصل أن الذي يكفر هو الذي يفعل العبادة وصاحب العبادة ولابد له من نية, فكيف تكفر عنه؟, يُظهر أَنَّه وكلها في السؤال له والكفارة عنه, والكفارة داخلة في الوكالة, حيث فوضها في السؤال عما يلزمه وفي الإخراج عنه ولهذا قَالَ النَّبِيِّ: «اذهبي فأطعمي عنه». 

وقوله هنا: «والعرق: ستون صاعًا» اختلفت الروايات في الإطعام ما مقداره لكل مسكين مع الاتفاق عَلَى إطعام ستين مسكينًا, لَكِنْ كم مقدار المطعم؟ جاء في هَذِه الرواية رواية يوسف بْنُ عبد السلام عن خويلة قَالَ: «والعرق ستون صاعًا». 

وفي رواية عن محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق،وهو الحديث الأول «ثلاثون صاعا »وفي رواية يحي عن أبي سلمة «خمسة عشر صاعا» (.....) بهذا الإسناد نحوه إلا أنه قال: «والعرق مِكتل يسع ثلاثين صاعًا»، قال أبو داود: وهذا أصح من حديث يحيى بن آدم. 

وفي رواية يحيى، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: يعني بالعرق: «زنبيلًا يأخذ خمسة عشر صاعًا». 

والأقرب أوسطها وأنها ثلاثون صاعًا لكل مسكين نصف صاع, كما في كفارة فدية الأذى فَإِن النَّبِيِّ r فسرها في قوله تعالى في الحج: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}[البقرة/196].  

فسرها النَّبِيِّ r فسر الصيام بأنه إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع, وفسر الصيام بأنه ثلاثة أيام, وفسر النُسك بأنه ذبح شاة. 

وقوله هنا: «وَإِنَّمَا كفرت عنه من غير أن تستأمره» لِأَنَّهُ وكلها والنبي r أجازها وأمضاها لِأَنَّهُ وكلها, «يأخذ خمسة عشر صاعًا» يَعْنِي: يسع خمسة عشر صاعًا, عَلَى كل حال الاختلاف في الكفارة من العلماء من ذهب إِلَى رواية يوسف بْنُ سلام وقال: إنه ستون صاعًا, ومنهم من ذهب إِلَى رواية من بْنُ سلمة حيث أنها ثلاثون صاعًا, ومنهم من ذهب إِلَى رواية يحي بْنُ آدم عن أبي سلمة وأنها خمسة عشر صاعًا والأقرب: أَنَّه أوسطها, سفيان الثوري وأصحاب الرأي ذهبوا إِلَى أنها في حديث سلمة الأصح أنها ثلاثون صاعًا, الشافعي ذهب إِلَى التقدير وإلى أنها خمسة عشر صاعًا. 

فإن قيل: لو تطوع لازم وكالة صاحب الكفارة؟. 

العبادة لابد لها من نية, فإما أن يفعلها هو أو يوكل غيره, مثل إخراج الزَّكَاة لو أخرجت الزَّكَاة عن شخص ما تصح لِأَنَّهُ ما نوى إِلَّا إذا وكلك, بخلاف قضاء الدين, فلو قضيت الدين عنه وهو لم يعلم برأت ذمته ما يحتاج نية, وغسل النجاسة ما يحتاج نية, وصب الماء لو كَانَ الثوب فيهِ نجاسة أو الأرض فيها نجاسة وصب عليها المطر طهر بدون نية. 

(المتن) 

2217- حدثنا ابن السرح، قال حدثنا ابن وهب، قال أخبرني ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار، بهذا الخبر، قال: «فأُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فأعطاه إياه، وهو قريب من خمسة عشر صاعًا، قال: تصدق بهذا، قال: يا رسول الله، على أفقر مني ومن أهلي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كله أنت وأهلك». 

(الشرح) 

وهذا فيهِ اِبْن لهيعة وهو حديث سلمة الحديث الأول, وفيه أن التمر قريب من خمسة عشر صاعًا, يَعْنِي إذا كانت نصف صاع تكون ثلاثين صاعًا, وإذا كانت مُد تكون ستين مسكينًا, «قال: تصدق بهذا، قال: يا رسول الله، على أفقر مني ومن أهلي؟» يَعْنِي: أعلى أفقر مني؟ فقال: «كله أنت وأهلك» وذلك لِأَنَّهُ فقير ولا يجد أحد أفقر منه, وهل يَجِبُ عليه في المستقبل أن يكفر أو أنها سقطت عنه؟. 

قولان لأهل العلم:  

الأول: منهم من قَالَ أنها تسقط عن المعسر. 

الثاني: ومنهم من قَالَ تبقى في ذمته. 

والأقرب أنها تبقى في ذمته متى ما أيسر فَإِنَّهُ يؤدي الكفارة, ولو استمر عَلَى حاله حتى مات فليس عليه شيء. 

فإن قيل: الحديث أن الرسول r أعطاه إياه, هل كَانَ موجود هو؟. 

محتمل أَنَّه جاء بعد ذلك فقل له: «كله أنت وأهلك» والحديث كما سبق فيهِ ضعف لَكِنْ الأحاديث يشد بعضها بعضًا. 

(المتن) 

2218- قال أبو داود: قرأت على محمد بن وزير المصري، قلت له: حدثكم بِشر بن بكر، قال حدثنا الأوزاعي، قال حدثنا عطاء، عن أوس، أخي عبادة بن الصامت: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه خمسة عشر صاعًا من شعير إطعام ستين مسكينًا» قال أبو داود: وعطاء لم يدرك أوسًا، وهو من أهل بدر قديم الموت، والحديث مرسل، وإنما رووه عن الأوزاعي، عن عطاء، أن أوسًا. 

(الشرح) 

قال أبو داود: (قرأت على محمد بن وزير المصري، قلت له) يَعْنِي: قلت لمحمد بْنُ وزير, وأوس من أهل بدر قديم الموت لِأَنَّهُ مات في أيام عثمان رضي الله عنه, يَعْنِي: عطاء لم يدرك أوس فيكون منقطع ولهذا قَالَ: الحديث مرسل, معنى مرسل يَعْنِي: منقطع؛ لِأَنّ المرسل يطلق عَلَى المنقطع كما هو, ويطلق عَلَى ما سقط منه الصحابي وقال فيهِ التابعي: قَالَ رسول اله r, فالحديث منقطع هنا لِأَنّ عطاء ما أدرك أوس, أوس مات قديم في زمن عثمان وعطاء متأخر, وَلَكِن هذا يكون يشهد له ما سبق. 

(المتن) 

2219- حدثنا موسى بن إسماعيل، قال حدثنا حماد، عن هشام بن عروة، «أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت، وكان رجلًا به لمم، فكان إذا اشتد لممه ظاهر من امرأته، فأنزل الله تعالى فيه كفارة الظهار». 

2220- حدثنا هارون بن عبد الله، قال حدثنا محمد بن الفضل، قال حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة مثله. 

(الشرح) 

جميلة ذكر أن اسمها جميلة وفي الحديث الأول في رواية يوسف أن اسمها خويلة, فيحتمل أنها لها اسمان: جميلة, خويلة, أو أن جميلة صفة لها واسمها خويلة وهي وصفها جميلة, «وكان رجلًا بِهِ لمم» يَعْنِي: كَانَ بِهِ شدة ميل إلى النساء, ويدل عَلَى هذا كما سبق في الحديث الأول أَنَّه قَالَ: «كنت امرئ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري» وليس معنى اللمم هنا الخبل والجنون. 

(المتن) 

2221 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، قال حدثنا سفيان، قال حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، «أن رجلًا ظاهر من امرأته، ثم واقعها قبل أن يكفر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: رأيت بياض ساقها أو ساقيها في القمر، قال: فاعتزلها حتى تكفر عنك». 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة, وقال النسائي: المرسل أولى بالصواب من المسند, يَعْنِي النسائي يرى أَنَّه مرسل وليس مسندًا والمسند ضعيف, لَكِنْ يشهد له ما سبق. 

قوله: «أن رجلًا ظاهر من امرأته، ثم واقعها قبل أن يكفر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: رأيت بياض ساقها في القمر، قال: فاعتزلها حتى تكفر عنك» فيهِ الرجوع والاعتزال من المظاهر لزوجته حتى يكفر, وأنه يَجِبُ أن يعتزلها ولا يقربها حتى يكفر, فَإِن واقعها ثم كفر فعليه التوبة ولا شيء عليه, قَالَ: «فاعتزلها حتى تكفر عنك» فالاعتزال واجب من المظاهر ويحرم عليه أن يقربها حتى يكفر, فَإِن واقعها ثم كفر فعليه التوبة من هذا الذنب ولا شيء عليه, ولا يسقط التكفير ولا يتضاعف لقوله: «حتى تكفر عنك». 

ولهذا قَالَ بَعْضُهُم: سألت عشرة من الفقهاء عن المظاهر يجامع قبل التكفير, قالوا: كفارته واحدة, وهذا قول الأئمة الأربعة, أَنَّه يكفر كفارة واحدة. 

وقال بعض العلماء: يكفر ثلاثة كفارات إذا جامعها قبل أن يكفر فيكفر ثلاثة كفارات وهذا مروي عن سعيد بْنُ منصور عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي: أَنَّه يَجِبُ عَلَى من وطء قبل التكفير ثلاثة كفارات. 

وذهب آخرون: إِلَى أَنَّه يكفر كفارتين, وهذا مروي عن عبد الله بْنُ عمرو بْنُ العاص أَنَّه يَجِبُ عليه كفارتان, وذهب بعض العلماء إِلَى أَنَّه يسقط التكفير إذا وطئها قبل أن يكفر فَإِنَّهُ تسقط الكفارة وهذا مروي عن الزهري وسعيد, وابن جبير وأبو يوسف. 

والصواب من هَذِه الأقوال: أنها تبقى كفارته واحدة, وأنه إذا جامع قبل أن يكفر فعليه التوبة والاستغفار ويكفر كفارة واحدة كما ذهب إليه الأئمة الأربعة, أما القول بسقوطها أو أنها كفارتان أو ثلاثة كفارات هَذِه أقوال مرجوحة تخالف ظاهر النصوص, واختلف العلماء هل يجوز له مقدمات الوطء, هل يحرم عليه قبل أن يكفر كأن يباشرها, أو يقبلها؟. 

فذهب بعض العلماء إِلَى أَنَّه يجوز له المقدمات وأن المحرم إِنَّمَا هو الوطء وهذا مروي عن الشافعي رحمه الله وعن الثوري, وذهب الجمهور إِلَى أَنَّه يحرم عليه المقدمات وأنه لا ينبغي له أن يقدم ولأن المقدمة وسيلة ولأنه قد لا يملك نفسه فالواجب عليه أن يبتعد ولا يفعل المقدمات حتى يكفر. 

فإن قيل: الأفضل قول الجمهور؟. 

واجب قول الجمهور, يَجِبُ عليه أن يجتنب وليس له أن يفعل المقدمات فلا يباشرها ولأن هَذِه وسيلة إِلَى المحرم ولأنه قد لا يملك نفسه فيقع أيضًا في المحرم. 

فإن قيل: ما فرقوا بين الكفارة بالصيام والإطعام لِأَنّ الصيام يأخذ وقت طويل؟. 

ولو يأخذ وقت طويل, كفارة واحدة مرتبة سواء كَانَ بالعتق أو بالإطعام أو بالصيام. 

(المتن) 

2222- حدثنا الزعفراني، قال حدثنا سفيان بن عيينة، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، «أن رجلًا ظاهر من امرأته، فرأى بريق ساقها في القمر فوقع عليها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يكفر». 

2223- حدثنا زياد بن أيوب، قال حدثنا إسماعيل، قال حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، ولم يذكر الساق. 

(الشرح) 

هذا من مجرد الرؤية دعاه إِلَى الجماع فكيف بالمقدمات بالمباشرة وكذا؟! 

(المتن) 

2224- حدثنا أبو كامل، أن عبد العزيز بن المختار حدثهم، قال خالد، قال حدثني محدث، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث سفيان. 

(الشرح) 

وهذا مرسل حدثني محدث, يَعْنِي: ليس معروف من هو المحدث وكلها من رواية عن عكرمة هنا, ولهذا قَالَ أبو بكر,,: ليس في الظهار حديث صحيح يُعول عليه لَكِنْ هذا فيهِ نظر؛ لِأَنّ الترمذي قَالَ: لا بأس بإسناده, وإسناده ثقات, ولأن الأحاديث وإن كَانَ فيها الضعف لكنها تقوي بعضها بعضًا فتصلح للاحتجاج عَلَى أن الْقُرْآن الكريم كاره لكفارة الظهار. 

(المتن) 

2225- قال أبو داود: وسمعت محمد بن عيسى يحدث به، حدثنا المعتمر قال: سمعت الحكم بن أبان يحدث بهذا الحديث، ولم يذكر ابن عباس قال: عن عكرمة، قال أبو داود: كتب إلي الحسين بن حريث، قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، بمعناه عن النبي صلى الله عليه وسلم. 

باب في الخلع. 

2226 - حدثنا سليمان بن حرب، قال حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة». 

(الشرح) 

الخُلع: بضم المعجمة وسكون اللام؛ هو فراق الزوجة عَلَى مال, مأخوذٌ من خلع الثوب؛ لِأَنّ المرأة لباس الرجل, وضُم المصدر للتفريق بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي, عند البعض يسمونها المعنى المجازي, المعنى الحقيقي أصله: خلع الثوب, فضُم الخُلع لبيان الخُلع المعنى وهو فراق الزوجة, فراق الزوجة يقال له: خُلع, وفراق الثوب يقال له: خَلع, خلع ثوبه يقال: خَلع, وفارق زوجته يُقال: خُلع, والأصل في الخُلع قول الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة/229]. 

والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة وسنده جيد وهو يفيد الوعيد والتحذير من سؤال المرأة الطلاق بلا سبب, فيهِ الوعيد الشديد عَلَى سؤال المرأة زوجها الطلاق بغير سبب, أما إذا كَانَ هناك سبب كأن لا ينفق عليها ولا تستطيع البقاء أو لسوء خلقه أو لكونه يفعل الكبائر, ويشرب المخدرات وغيرها فهذا له سبب. 

قوله: «أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا في غير ما بأس» ما: زائدة للتأكيد, يَعْنِي: في غير بأس, «فحرام عليها رائحة الجنة» هذا دليل عَلَى أَنَّه من الكبائر, وبعضهم تأولها قَالَ: «فحرام عليها رائحة الجنة» يَعْنِي: إذا وجدها المحسنون أولًا فلا تجدها هي, وهذا من المبالغة, وعلى كل حال نصوص الكبائر وأحاديث الكبائر ينبغي أن تُترك عَلَى حالها ولا تُفسر حتى تفيد الزجر, فيحرم عَلَى المرأة أن تسأل زوجها الطلاق لِأَنّ هذا فيهِ تشتيت للبيت الأسري وتفرقة للأولاد, وحصول مفاسد متعددة فلا يجوز إِلَّا من بأس ومن موجب ومن سبب. 

 

حدثنا القعنبي عن مالك عن يحي بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصارية 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد