شعار الموقع

شرح كتاب الطلاق من سنن أبي داود_12

00:00
00:00
تحميل
26

بسم الله الرحمن الرحيم 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين. 

(المتن) 

يقول الإمام أبو داود رحمه الله في سننه: 

باب في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد. 

2231- حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس: «أن مغيثا كان عبدًا، فقال: يا رسول الله اشفع لي إليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بريرة اتقي الله، فإنه زوجك وأبو ولدك، فقالت: يا رسول الله أتأمرني بذلك، قال: لا، إنما أنا شافع فكان دموعه تسيل على خده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: ألا تعجب من حب مغيث بريرة، وبغضها إياه». 

(الشرح) 
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد 

قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: (باب في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد) يَعْنِي: ما الحكم الشرعي إذا كانت أمة أعتقها سيدها وزوجها حرٌ أو زوجها عبد, ما الحكم؟ ذكر المؤلف رحمه الله الأحاديث في هذا وهي أن المملوكة إذا عتقت تَحْتَ عبد فلها الخيار, وإذا كَانَ حر فلا خيار لها عَلَى الصحيح. 

ذكر المؤلف حديث بريرة, وذلك أن بريرة أعتقها أهلها بريرة  لها قصة وهي أنها اشترت نفسها وكاتبت نفسها من أهلها عَلَى تسع يراق من فضة منجمة عَلَى تسع سنوات كل سنة تدفع نجم, وجاءت لعائشة رضي الله عنها تستعينها في كتابتها فقالت: أعينيني يا أم الْمُؤْمِنِينَ, وعائشة رضي الله عنها كريمة تتصف بالجود والكرم ما يقع في يدها شيء إِلَّا تنفق؛ حتى إن جاءها مرة مال كثير وأنفقته في الحال وهي كانت صائمة, فقالت الآمة: يا أم الْمُؤْمِنِينَ ما بقي شيء وهي كانت صائمة نفطر بِهِ, قَالَت: لو ذكرتني لأبقيت شَيْئًا. 

فصار عندها ثمنها فقالت عائشة لبريرة: إن شاء أهلك أن أصبها صبًا في الحال ويكون الولاء لي, فجاءت لأهلها وقالت: إن عائشة تقول: يكون الولاء لي, قالوا: لا, إن كانت أم الْمُؤْمِنِينَ تحتسب لوجه الله ويكون الولاء لنا وإلا لا, فَلَمّا بلغ النَّبِيِّ r قَالَ: «اشتريها واشترطي لهم الولاء فَإِن الولاء لمن أعتق» اشريها وأعتقي ولو شرطتي الولاء فهو باطل لا يكون لهم الولاء, فدل هذا عَلَى أن من اشترى عبدًا ثم أعتقه فالولاء له, ولو شرط البائع أن يكون الولاء له فلا يكون الولاء له. 

فهذه بريرة عتقت وكان زوجها اسمه مغيث, فَلَمّا عتقت قَالَ لها: اختاري, فاختارت نفسها, صارت حرة وهو عبد, خيرها النَّبِيِّ r فاختارت نفسها, وكان زوجها يحبها حبًا شديدًا حتى إنه كَانَ يمشي في سكك المدينة ودموعه تجري عَلَى خديه وهي لا تريده, هي تبغضه وهو يكرهها, فَلَمّا رأى النَّبِيِّ r ذلك, ما أصابه من الوجد طلب من النَّبِيِّ r أن يشفع له عند بريرة لعلها ترجع إليه وتبقى زوجة له. 

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بريرة اتقي الله، فإنه زوجك وأبو ولدك، فقالت: يا رسول الله أتأمرني بذلك، قال: لا، إنما أنا شافع» كانت فقيهة, تعرف أن أمر الرسول r ما يمكن رده, «فكان دموعه تسيل على خده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: والد عبد الله ألا تعجب من حب مغيث بريرة، وبغضها إياه» هو يحبها شديدًا حتى إنه يمشي في الأسواق في المدينة ودموعه تجري عَلَى خده وهي تكرهه ولا تريده. 

هذا الحديث أخرجه البخاري بمعناه وهو دليل عَلَى أن الآمة إذا عتقت تَحْتَ زوجها وهو عبد كَانَ لها الخيار في فسخ النكاح, ونقل النووي إجماع العلماء عَلَى ذلك, فَإِن كَانَ زوجها حرًا فلا خيار لها عند الجمهور, قَالَ أبو حنيفة: لها الخيار ولو كَانَ حرًا, واحتج برواية من قَالَ: إنه كَانَ حرًا, وأُجيب بأن هَذِه الرواية غلط وشاذة لمخالفتها لرواية الثقات كما سيأتي سيقول المؤلف في هذه الرواية أَنَّه كَانَ حرًا؛ فهذه الرواية شاذة والصواب أَنَّه كَانَ عبدًا ليس حرًا, عَلَى هذا فيكون ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة من أن لها الخيار ولو كَانَ حرًا ضعيف مرجوح. 

وفي هذا الحديث دليل: عَلَى أن الشافع لا يَجِبُ أن يطول شفاعته لَكِنْ يُستحب؛ لِأَنّ بريرة وهي أمة لم تقبل شفاعة النَّبِيِّ r, وفيه دليل عل فقه بريرة حيث قَالَ: «أتأمرني أم تشفع؟» لِأَنّ الْأَمْرِ يَجِبُ امتثاله, والشفاعة يُستحب قبولها ولا يَجِبُ, وبين لها النَّبِيِّ r أَنَّه ليس هناك أمر وَإِنَّمَا هي شفاعة, فقالت: لا حاجة لي فيهِ وخرجت وتركته. 

قوله: «اشفع لي إليها» يَعْنِي: إِلَى بريرة لترجع إِلَى عصمتي, قالت: «أتأمرني» يَعْنِي عَلَى سبيل الحتم والإيجاب, فَقَالَ: «لا,لا آمر حتما وَإِنَّمَا هي شفاعة». 

«فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: ألا تعجب من حب مغيث بريرة، وبغضها إياه» قيل: إِنَّمَا كَانَ التعجب؛ لِأَنّ الغالب في العادة أن المحب لا يكون إِلَّا محبوبًا. 

(المتن) 

2232- حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال حدثنا عفان، قال حدثنا همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: «أن زوج بريرة كان عبدًا أسود يسمى مغيثًا فخيرها يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرها أن تعتد». 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه البخاري مختصرًا, وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة. 

(المتن) 

2233- حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال حدثنا جرير، عن هاشم بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها في قصة بريرة، قالت: «كان زوجها عبدًا فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختارت نفسها، ولو كان حرًا لم يخيرها». 

(الشرح) 

وهذا الحديث أخرجه مسلم والترمذي والنسائي, وهذان الحديثان دليلان عَلَى أن زوج بريرة كَانَ عبدًا, وأن النَّبِيِّ r خيرها بين نفسها أو بين البقاء مع زوجها فاختارت نفسها, عائشة رضي الله عنها أيضًا من فقهها قالت: «فكان زوجها عبدًا فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم، فاختارت نفسها، ولو كان حرًا لم يخيرها»هذا من كلام عائشة رضي الله عنها هذا دليل عَلَى أنها فهمت هذا من النَّبِيِّ r, «خيرها» يَعْنِي: بين اختيار الزوج واختيار الفسخ. 

قولها: «وأمرها أن تعتد» يَعْنِي: بثلاث حيض كما أخرج اِبْن ماجة, وفيه دليل عَلَى أن زوجها كَانَ عبدًا من وجهين: 

الوجه الأول: إخبار عائشة أَنَّه كَانَ عبدًا وهي صاحبة القصة. 

الوجه الثاني قولها: «لو كَانَ حرًا لم يخيرها» وهذا لا يمكن أن تقوله عائشة إِلَّا بتوقيف من النَّبِيِّ r, ما تقوله من اجتهادا لأن هذا حكم شرعي وفيه الرد عَلَى من قَالَ: إنه كَانَ حرًا؛ كما سيأتي. 

(المتن) 

2234- حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال حدثنا حسين بن علي، والوليد بن عقبة، عن زائدة، عن سماك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها  «أن بريرة خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان زوجها عبدًا». 

(الشرح) 

وهذا الحديث رواه مسلم والنسائي, قولها: «وكان زوجها عبدًا» الواو للحال, يَعْنِي: والحال أن زوجها كَانَ عبدًا. 

(المتن) 

باب من قال: كان حرًا. 

2235- حدثنا ابن كثير، قال أخبرنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة،رضي الله عنها «أن زوج بريرة كان حرًا حين أعتقت، وأنها خيرت، فقالت: ما أحب أن أكون معه، وأن لي كذا وكذا». 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه البخاري والترمذي, والنسائي وابن ماجة, والحديث احتج بِهِ الإمام أبو حنيفة عَلَى أن زوج بريرة كَانَ حرًا وأن الأمة إذا عتقت فإنها تُخير ولو كَانَ زوجها حرًا, هذا لو صح, لَكِنْ الحديث لا يصح, بل هَذِه الزيادة في قوله: «أن زوج بريرة كان حرًا» هَذِه الزيادة مدرجة في الحديث من قول الأسود, ولو كانت موصولة فهي شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة فتكون ضعيفة فلا يُعول عليها. 

قَالَ المنذري: قوله: «أن زوج بريرة كان حرًا» هذا من كلام الأسود بْنُ يزيد وقع ذلك مدرجًا في الحديث, قَالَ البخاري: قول الأسود منقطع, قول اِبْن عباس: رأيته عبدًا, أصح, وَكَذَلِكَ أيضًا روي عن الأسود عن عائشة: «أن زوجها كَانَ عبدًا» فاختلفت الرواية عن الأسود ولم تختلف عن اِبْن عباس, اِبْن عباس قَالَ: زوجها عبد, لَكِنْ الرواية عن الأسود مرة قَالَ: عبد, ومرة قَالَ: حرًا. 

وَكَذَلِكَ أيضًا قول إبراهيم النخعي وقول الحكم بْنُ عُتيبة, وقول الحكم مرسل أيضًا, قول إبراهيم النخعي وقول الحكم بْنُ عُتيبة: إنه حر, مرسل ولا يصح. 

 (.....) عن عائشة، رضي الله عنها «أن زوج بريرة كان حرًا حين أعتقت» فاستدل بِهِ أو حنيفة رحمه الله عَلَى أن للأمة المعتقة الخيار إذا كَانَ زوجها حرًا, ولكن في كون قوله كان حرًا موصولًا كلام, قَالَ المنذري: وقوله كان حرًا هو من كلام الأسود بن يزيد جاء ذلك مفسرًا وإنما وقع مدرجًا في الحديث .  

وقال البخاري: قول الأسود منقطع وقول ابن عباس رأيته عبدًا أصح, هذا آخر 
كلامه, وقد روي عن الأسود عن عائشة أن زوجها كان عبدا فاختلفت الروايات عن الأسود ولم تختلف عن ابن عباس وغيره ممن قال: كان عبدًا وقد جاء عن بعضهم أنه قول إبراهيم النخعي 

وعن بعضهم أنه من قول الحكم بن عتيبة قال البخاري: وقول الحكم مرسل هذا آخر كلامه, فإذا كَانَ مرسل يَعْنِي: منقطع فلا يصح. 

وروى القاسم بن محمد وعروة بن الزبير ومجاهد وعمرة بنت عبد الرحمن كلهم عن عائشة رضي الله عنها زوج بريرة كان عبدًا والقاسم هو ابن أخي عائشة رضي الله عنها وعروة هو ابن أختها وكانا يدخلان عليها بلا حجاب وعمرة كانت في حجر عائشة؛ رضي الله عنها لِأَنّ القاسم تكون عمته عائشة, عروة تكون خالته فيدخلان عليها بدون حجاب, وهؤلاء أخص الناس بها، وأيضا فإن عائشة رضي الله عنها كانت تذهب إلى خلاف ما روي عنها وكان رأيها لا يثبت لها الخيار تحت الحر, وروى نافع عن صفية بنت أبي عبيد أن زوج بريرة كان عبدًا. قال البيهقي: إسناده صحيح, وقال إبراهيم بن أبي طالب: خالف الأسود بن يزيد الناس في زوج بريرة فقال: إنه حر, إبراهيم بْنُ أبي طالب يقول: الأسود بْنُ يزيد خالف الناس كلهم بقوله: إنه حر, الناس يقولون: هو عبد, وهو يقول: حر. خالف 

وقال الناس: إنه عبد انتهى كلام المنذري, قال الحافظ في الفتح: وحاول بعض الحنفية ترجيح رواية من قال: كان حرًا على رواية من قال كان عبدًا فقال الرق تعقبه الحرية بلا عكس وهو كما قال، لكن محل طريق الجمع إذا تساوت الروايات في القوة، أما مع التفرد في مقابلة الاجتماع فتكون الرواية المنفردة شاذة والشاذ مردود، ولهذا لم يعتبر الجمهور طريق الجمع بين الروايتين مع قولهم إنه لا يصار إلى الترجيح مع إمكان الجمع, والذي يتحصل من كلام محققيهم وقد أكثر منه الشافعي ومن تبعه أن محل الجمع إذا لم يظهر الغلط في إحدى الروايتين ، ومنهم من شرط التساوي في القوة انتهى.  

وبهذا يتبين أن الصواب: أنه عبد وليس حرًا. 

(المتن) 

باب حتى متى يكون لها الخيار؟. 

2236- حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني، حدثني محمد يعني ابن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، وعن أبان بن صالح، عن مجاهد، وعن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها «أن بريرة أعتقت وهي عند مغيث عبد لآل أبي أحمد فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لها: إن قربك فلا خيار لك». 

(الشرح) 

هَذِه الترجمة فيها بيان متى يكون الخيار للأمة إذا أُعتقت؟ ما مدته؟ ذكر النَّبِيِّ r أن له مدة وهو أن لا يقربها, يَعْنِي: لا يجامعها, إذا جامعها برضاها فَإِنَّهُ يسقط خيارها فلا خيار لها, يَعْنِي: إذا عتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها زوجها, فإذا وطأها سقط الخيار, في الأول لها الخيار إن تشأ فارقته وإن وطأها فلا خيار لها. 

والحديث في سنده محمد بْنُ إسحاق مدلس وقد عنعن لَكِنْ الحديث له شاهد عند الإمام أحمد مرفوعًا, إذا عتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها, إن تشأ فارقته وإن وطأها فلا خيار لها, والحديث: دليل عَلَى أن خيار الآمة إذا عتقت تَحْتَ عبد يبطل إذا مكنت الزوج من نفسها, والخيار عَلَى التراخي وقيل عَلَى الفور, فيهِ دليل عَلَى أن خيار من عتقت عَلَى التراخي وأنه يبطل إذا مكنت الزوج من نفسها, وإلى هذا ذهب الأئمة مالك, وأبو حنيفة وأحمد, وهو قول الشافعي, في قول آخر: أَنَّه عَلَى الفور, وفي رواية: أَنَّه عَلَى التراخي يَعْنِي: لا يُشترط أنها في الحال, لو جلست يوم أو يومين أو ثلاثة فقالت: أنا لا أريده فلا يضر. 

وقال بعض العلماء: إنه عَلَى الفور وفي الحال, فإذا لم تختر نفسها بطل خيارها وهذا قول الشافعي,وقيل: إن لها الخيار مدة ثلاثة أيام, وقيل: بقيام المجلس الحاكم, إذا قام المجلس الحاكم ولم تختر نفسها بطل خيارها, وقيل: لها خيار من مجلسها, والأقرب: أَنَّه عَلَى التراخي ما لم تمكنه من نفسها, فإذا مكنته من نفسها سقط خيارها. 

(المتن) 

باب في المملوكين يعتقان معًا هل تخير امرأته؟. 

2237- حدثنا زهير بن حرب، ونصر بن علي، قال زهير، حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد، قال حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها ، «أنها أرادت أن تعتق مملوكين لها زوج، قال: فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأمرها أن تبدأ بالرجل، قبل المرأة»، قال نصر: أخبرني أبو علي الحنفي، عن عبيد الله. 

(الشرح) 

هَذِه الترجمة في: (المملوكين يعتقان معًا) عبد وأمة عند شخص ثم أعتقهما في الحال فهل تُخير زوجته إن عتقت معه؟ قوله: «في المملوكين» يَعْنِي: الذين أحدهما زوجٌ للآخر, يعتقان معًا هل تُخير امرأته؟ يعني زوجة المملوك ذكر المؤلف رحمه الله حديث عائشة: «أنها أرادت أن تعتق مملوكين _يعني كائنين ثابتين لعائشة_ لها زوج»يعني هما زوج أي رجل وامرأة, والزوج في الأصل تطلق على شيئين بينهما ازدواج ويطلق على الفرد وفي نسخة: «تعتق مملوكين زوجان» وفي بعضًها: «زوج وامرأة». 

قال: «فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأمرها أن تبدأ بالرجل قبل المرأة» يَعْنِي: تُعتق الرجل أولًا ثم تُعتق المرأة؛ لِأَنّ إعتاقه لا يوجب فسخ النكاح, وإعتاق المرأة أولًا يوجبه, ولهذا بدأت بالرجل أولًا, لو أعتقت المرأة صار لها الخيار, صارت حرة تَحْتَ عبد, لَكِنْ أمرها أن تبدأ بالرجل تُعتقه ثم المرأة, عَلَى هذا فالأول أولى بالابتداء لئلا ينفسخ النكاح إن بُدأ بِهِ, قَالَ بَعْضُهُم: إِنَّمَا بُدأ بالرجل لِأَنَّهُ الأكمل والأفضل, أو لِأَنّ الغالب استنكاف المرأة من أن يكون زوجها عبدًا بخلاف العكس. 

والحديث  عُبيد الله بْنُ عبد الرحمن بْنُ موهب, ضعفه النسائي وابن معين ضعفه مرة ومرة قَالَ: ثقة, عُبيد الله بْنُ عبد الرحمن ضعفه النسائي ويحي بْنُ معين أيضًا المحدث, مرة ضعفه ومرة قال ثقة وهو دليل: عَلَى أن لو عتق الزوجين معًا أو عتق الزوج أولًا فلا خيار للزوجة, وَإِنَّمَا الخيار لها إذا عتقت وخرجت من العدة قبل عتق زوجها. 

الحديث هذا أخرجه النسائي وابن ماجة, وهو دليل عَلَى أن الزوجين إذا عتقا معًا أو عتق الزوج أولًا فلا خيار للزوجة, وَإِنَّمَا يكون لها الخيار إذا عتقت وخرجت من العدة قبل عتق زوجها, والحديث يشهد له الحديث السابق وإن كَانَ الحديث فيهِ ضعف فيشهد له الحديث السابق وحديث عائشة أن النَّبِيِّ r خير بريرة وكان زوجها عبدًا. 

قَالَ الحافظ شمس الدين اِبْن القيم رحمه الله: واستدل بِهِ من يقول: أن التخيير إِنَّمَا يكون للمعتقة تَحْتَ عبد ولو كان لها  الخيار إذ كانت تحت حر لم يكن لتقديم عتق الزوج عليها معنى ولا فائدة وفيه نظر. 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد