شعار الموقع

شرح تفسير السعدي ( جزء عمَّ - 6 - سورة الفجر )

00:00
00:00
تحميل
103

مقدمة:

والمسلم بحاجة إلى يعلم ويفهم ويتدبر معاني كلمات ربه والله تعالى يقول كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ، أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.

نحن بحاجة إلى قراءة التفسير (.....) دروس التفسير قليلة دروس التفسير قليلة في الدروس العلمية والإنسان يمضي عليه مدة طويلة ما مر عليه تفسير هذا كلام ربنا أفضل كتاب وأعظم كتاب كتاب عظيم هذا القرآن العظيم هو من عمل به هو السعيد هذا الكتاب العظيم الذي هو أفضل الكتب وأعظم الكتب وهو المهمين على جميع الكتب المنزلة يمضي على عمره وما مر على كتاب الله.

فنحن بحاجة إلى قراءة كتب التفاسير وإلى تفهم معاني الآيات ولله المثل الأعلى لو جاءك كتاب من ملك أو رئيس جمهورية أو كذا خطاب يتفهمه الناس ويتفهمونه ويحللونه وهو كلام بشر كلام الله كتاب الله كلام الله العزيز الخبير الذي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ فيه السعادة وفيه الهدى وفيه النور وفيه أحكام وفيه وعظ وفيه آيات محكمة وفيه آيات متشابهة وفيه تخويف ووعيد أحكام عظيمة وآداب وأخلاق.

فالمسلم بحاجة  بحاجة إلى تفهم كتاب ربه ويتعلم المعاني.

ونحن  إن شاء الله في هذه الدورة يهمنا معاني الآيات فهم معاني الآيات (.....)

وإذا لو اراد الإنسان إذا توسع في التفسير يمكن في الدورة ما نأخذ فيها إلا آية واحدة (.....).

وكذلك صلة الآية لما قبلها، وكذلك ما يتعلق بها من المعاني اللغوية والبلاغية يتوسع راح الوقت انتهى الوقت ولم يتجاوز الإنسان آية أو آيتين.

لكننا نحن بحاجة إلى أن نقرأ هذين التفسيرين تفسير الجلالين ومختصر كلماته معدودة حتى قال بعض العلماء الكلمات في تفسير الجلالين لم تزد على كلمات القرآن ، محدودة أربع كلمات أو خمس كلمات، أو قريبا من ذلك، ولكنه يشير إشارات.

وفيه بعض الملحوظات التي تتعلق بالصفات ينبه عليها.

والتفسير الثاني مثل تفسير الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله، هو كتاب عظيم يفهمه طالب العلم والعامل وكل أحد، يبين معاني كلام الله ، نحن نقرأ هذين التفسير إن شاء الله ونسأل الله للجميع العلم النافع والعمل الصالح.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين

قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره :

متن:

بسم الله الرحمن الرحيم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْفَجْرِ ۝ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ۝ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ۝ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ.

الظاهر أن المقسم به، هو المقسم عليه، وذلك جائز مستعمل، إذا كان أمرًا ظاهرًا مهمًا، وهو كذلك في هذا الموضع.
فأقسم تعالى بالفجر، الذي هو آخر الليل ومقدمة النهار، لما في إدبار الليل وإقبال النهار، من الآيات الدالة على كمال قدرة الله تعالى، وأنه وحده المدبر لجميع الأمور، الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة، يحسن أن يقسم الله بها، ولهذا أقسم بعده بالليالي العشر، وهي على الصحيح: ليالي عشر رمضان، أو [عشر] ذي الحجة، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها.
وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وفي نهارها، صيام آخر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام.
وفي أيام عشر ذي الحجة، الوقوف بعرفة، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان، فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة، لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله لعباده، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة، وهذه أشياء معظمة، مستحقة لأن يقسم الله بها.
وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ أي: وقت سريانه وإرخائه ظلامه على العباد، فيسكنون ويستريحون ويطمئنون، رحمة منه تعالى وحكمة.
هَلْ فِي ذَلِكَ المذكور قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ أي: [لذي] عقل؟ نعم، بعض ذلك يكفي، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

شرح:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذه السورة تسمى سورة الفجر؛ لأن الله أقسم في أولها بالفجر، والسورة تسمى بما يذكر في بعض السورة من الآيات أو الكلمات، مثل سورة البقرة، ذكر البقرة فيها، وسورة آل عمران كذلك، سورة النساء، وكذلك سميت بالفجر؛ لأن الله أقسم بالفجر، والله تعالى له أن بقسم بما شاء من مخلوقاته، لا أحد يحسب عليه سبحانه، فيقسم بما شاء، يقسم بالليل بالفجر بالنهار وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ۝ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى والتين والضحى كل هذه أقسم الله تعالى بها لا أحد يحسر عليه فهو يقسم بما شاء من مخلوقاته لما فيه من بديع الحكمة وبما فيه من الدلالة على قدرته على قدرة الله ووحدانيته واستحقاق العبادة أما المخلوق فليس له إلا أن يقسم بالله والاسماء والصفات ليس للإنسان أن يقسم بشيء من المخلوقات ويقول أنا أريد أن أقسم بالمخلوقات كما أقسم الله بها نقول ليس لك ذلك أنت عبد مأمور أنت مكلف فإذا حلفت بغير الله فقد وقعت في الشرك وإن كان اصغر يقول النبي ﷺ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ، ومَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا وقال لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِالْأَنْدَادِ فمَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ.

وأنت لا يجوز أن تحلف إلا بالله وأسمائه والصفات والحلف فيه تعظيم والله تعالى له أن يقسم بما شاء من مخلوقاته لما فيها من بديع حكمته وبديع خلقه لما فيها من الحكمة ولما فيها من الدلالة على قدرة الله ووحدانيته على استحقاقه للعبادة.

وهذه الأشياء التي أقسم الله بها كما سمعتم الفجر، وَالْفَجْرِ ۝ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ۝ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ثلاث أشياء أقسم الله بالفجر، الفجر كما هو معروف الذي هو آخر الليل ومقدمة النهار لما بين الشيخ رحمه الله أن الحكمة في ذلك لما في إدبار الليل وإقبال النهار من الآيات الدالة على كمال قدرته ووحدانيته فلهذا أقسم الله بالفجر الله يقسم بما شابه لكن لا يقسم  إلا بما فيه حكمة ودلال على قدرة الله ووحدانيته فالفجر الله مقدمة النهار ومؤخرة الليل وهذا فيه دلالة على قدرة الله ووحدانيته وأنه وحده المدبر لجميع الأمور.

والثاني وَلَيَالٍ عَشْرٍ قيل هي العشر الأول من ذي الحجة وقيل العشر الأواخر من رمضان وكل منهما في حكمة كل من القولين له وجه وَلَيَالٍ عَشْرٍ ليال عشر رمضان فيها ليلة القدر التي هي خير من الف شهر ونهارها صيام الواجب وهو صوم الفرض وعشر ذي الحجة فيها يوم الحج الأكبر يوم العيد ويوم عرفة الذي هو ما رؤي الشيطان في يوم أدحر واحقر من يوم عرفة.

وسئل شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله أيهما أفضل العشر الأول من ذي الحجة أو العشر الأخيرة من رمضان فأجاب بجواب شديد موفق كعادته رحمه الله فقال ليال العشر الأواخر من رمضان افضل لأن فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ونهار العشر من ذي الحجة لأن فيها يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر الذي فيه معظم أعمال الحج التي هي رمي جمرة العقبة ثم الذبح النحر ثم الحلق ثم الطواف طواف الإفاضة ثم يليه يوم عرفة. فلهذا أقسم الله بهذه الليالي.

وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِهذا الثالث بالليل إذا يسر إذا مضى الليل إذا يسر يعني وقت سريانه وإرخائه ظلامه على العباد فإذا جاء الليل سكن حصل للعباد السكن والراحة والنوم في الغالب من التعب يستريحون ويستجمون نشاطهم فإذا جاء النهار تجدد نشاط الإنسان وأستيقظ وبدأ العمل كأن حياة جديدة ولهذا سمى الله النوم بالليل وفاة واليقظة حياة الله تعالى وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ وهذا فيه حكمة عظيمة تعاقب الليل والنهار حكم عظيمة ولهذا أشار الرب بين الرب ما في ذلك من الحكم في سورة القصص قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ۝ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ۝ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.

فلهذا أقسم الرب بالليل إذا سرى وأرخى ظلامه هذه الثلاث هي التي اقسم الله بها وَالْفَجْرِ ۝ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ۝ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ والشيخ رحمه الله اختار أن المقسم به هو المقسم عليه قالوا هذا جائز مستعمل إذا كان أمر ظاهر مهما وهو كذلك في هذا الموضع يعني المقسم به هو المقسم عليه وهذا جائز مستعمل إذا كان ظاهرا والشيخ رحمه الله يرى أن هذا هو الظاهر أن المقسم و المقسم به سواء اقسم الله بالفجر وليال عشر  والليل إذا يسر.

وَالْفَجْرِ ۝ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ۝ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ خمسة أشياء خمسة أشياء وإذا كان الشيخ رحمه الله ما ذكره الشفع كناء الزوج الشفع ضم الشيء إلى الشيء يكون شفعًا بعد أن كان وترا والوتر الفرد يشمل الشفع كل اثنين كل اثنين يضم احدهما إلى الآخر يسمى شفعا والوتر الواحد فتكون المقصد به خمسة أشياء نقول (....) الشيخ رحمه الله (....)  ثلاثة لم يذكره فتكون خمسة أشياء الفجر وليال عشر والشفع والوتر لما في ذلك من بديع قدرة الله ووحدانيته قال الله تعالى وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزوجين شفع والوتر قيل الوتر هو الله وقيل هو الفرد.

فهذه الأشياء الخمسة وَالْفَجْرِ ۝ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ۝ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ أقسم الله بها على ما فيها من بديع حكمة الله ووحدانيته واستحقاقه للعبادة.

هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ [الفجر/5] يعني: هل في هذا المذكور قسم لذي عقل نعم لا شك أنها هذه المذكورات فيها عبرة وعظة لكل إنسان عنده عقل كما قال تعالى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق/37]  لا شك أنها فيها العبرة والعظة لكن ليس لكل أحد إنما لمن كان عقله سليم فإن العقل العقل الصريح السالم من الشبهة والشهوات يوافق النقل الصحيح يوافق النقل الصحيح أما العقل الذي تلطخ بالشبهات والشهوات فقد لا يتذكر وقد لا يستفيد لأن الشبهات والشهوات قد تحجب العقل وتطمس نوره أو تضعفه.

متن:

قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ۝ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ۝ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ۝ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ۝ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ ۝ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ ۝ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ۝ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ۝ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ.

يقول تعالى: أَلَمْ تَرَ بقلبك وبصيرتك كيف فعل بهذه الأمم الطاغية، وهي إِرَمَ القبيلة المعروفة في اليمن ذَاتِ الْعِمَادِ أي: القوة الشديدة، والعتو والتجبر.
الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا أي: مثل عاد فِي الْبِلادِ أي: في جميع البلدان [في القوة والشدة] ، كما قال لهم نبيهم هود : وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ أي: وادي القرى، نحتوا بقوتهم الصخور، فاتخذوها مساكن، وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَاد أي: [ذي] الجنود الذين ثبتوا ملكه، كما تثبت الأوتاد ما يراد إمساكه بها، الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ هذا الوصف عائد إلى عاد وثمود وفرعون ومن تبعهم، فإنهم طغوا في بلاد الله، وآذوا عباد الله، في دينهم ودنياهم، ولهذا قال:
فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ وهو العمل بالكفر وشعبه، من جميع أجناس المعاصي، وسعوا في محاربة الرسل وصد الناس عن سبيل الله، فلما بلغوا من العتو ما هو موجب لهلاكهم، أرسل الله عليهم من عذابه ذنوبًا وسوط عذاب، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ لمن عصاه يمهله قليلا ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر.

شرح:

نعم هذه الآيات في شأن هذه الأمم المكذبة عاد وثمود وفرعون فعاد هم قوم نوح الذين اهلكهم الله تعالى بالريح لما كذبوا نبيهم هود عليه الصلاة والسلام فكفروا بالله وكذبوا نبيهم واغتروا بقوتهم وافتخروا بها كما أخبر الله عنهم في القرآن قالوا أو لم في أية فصلت فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [فصلت/15] قال عن قبيلتهم قال إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ يعني قبيلة معروفة في اليمن ذَاتِ الْعِمَادِ ذات القوة الشديدة والعتو والتجبر أهلكهم الله بأي شيء قال فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ أهلكهم الله بالريح الريح سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا وكانت الريح تأتي تنقلهم ثم تنكسهم اعلى برأس فإذا سقط الواحد بان رأسه من جسده كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ، كأنهم أصول نخل قطعت رؤوسها.

هكذا وثمود كذلك قوم صالح افتخروا وتجبروا وكذبوا نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ويتخذون من السهول قصورا مكنهم الله لكنهم بطروا النعمة وكذبوا نبيهم قال الله تعالى عنهم في سورة الأعراف وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ لكنهم كذبوا نبيهم واستعجلوا العذاب وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فجاءهم  العذاب صب الله عليهم العذاب أرسل جبريل فصاح بهم صيحة قطع أمعائهم في اجوافهم وماتوا على آخرهم نسأل الله السلامة.

والثالث فرعون، فرعون الطاغية ملك مصر في زمان موسى الذي ادعى الربوبية وقال للناس أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي أمهلهم الله ثم أهلكه الله وجنوده في الغرق لما تبعوا موسى عليه الصلاة والسلام ودخل موسى في البحر جعل الله له البحر يبسا طرقا فتبعهم فرعون وجنوده وخرج موسى ومن معه إلى الجهة الأخرى وتكامل فرعون ومن معه داخلين فامر الله البحر أن يعود إلى حالته فانطبق عليهم فأغرقهم الله فصارت اجسامهم إلى الغرق وأرواحهم للنار والحرق والعياذ بالله.

ولهذا قال الله فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ أكثروا فيها الفساد أفسدوا في الأرض وأعظم الفساد في الارض الكفر بالله وتكذيب الأنبياء هذا أعظم الفساد فعاد كذبوا نبيهم وافتخروا بقوتهم فأهلكهم الله وتجبروا وصالح كذلك كذبوا نبيهم كفر بالله وفساد في الأرض واغتروا بما اعطاهم الله من القدرة والقوة ينحتون من الجبال بيوتا ومن السهول قصورا وفرعون تجبر وطغى وادعى الربوبية فهؤلاء كلهم أهلكم الله بسبب كثرة فسادهم في الأرض أكثروا في الأرض الفساد بالكفر والعناد والسرف في المعاصي مع الكفر بالله فصب الله عليهم أنواع من العذاب الذي أخبر الله به في كتابه العظيم.

ثم قال إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ  هذا تهديد تهديد الوعيد لمن كفر بالله وتعدى حدود الله فإن الله له لبالمرصاد تهديد ووعيد لمن كفر بالله وتعد حدود الله فإن الله له بالمرصاد لأن الله يمهل ولا يهمل.

فليحذر المتجبرون والمتكبرون والمستكبرون عن عبادة الله والمتكبرون على عباد الله (.....) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ  من فعل مثل فعلهم فإنه يخشى أن يصيبه ما أصابهم والله تعالى يمهل ولا يهمل.

متن:

قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى:

 فَأَمَّا الإنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِي ۝ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِي ۝ كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ۝ وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ۝ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا ۝ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا.
يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان من حيث هو، وأنه جاهل ظالم، لا علم له بالعواقب، يظن الحالة التي تقع فيه تستمر ولا تزول، ويظن أن إكرام الله في الدنيا وإنعامه عليه يدل على كرامته عنده وقربه منه، وأنه إذا قدر عَلَيْهِ رِزْقُهُ أي: ضيقه، فصار يقدر قوته لا يفضل منه، أن هذا إهانة من الله له، فرد الله عليه هذا الحسبان: بقوله كَلا أي: ليس كل من نعمته في الدنيا فهو كريم علي، ولا كل من قدرت عليه رزقه فهو مهان لدي، وإنما الغنى والفقر، والسعة والضيق، ابتلاء من الله، وامتحان يمتحن به العباد، ليرى من يقوم له بالشكر والصبر، فيثيبه على ذلك الثواب الجزيل، ممن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل.
وأيضًا، فإن وقوف همة العبد عند مراد نفسه فقط، من ضعف الهمة، ولهذا لامهم الله على عدم اهتمامهم بأحوال الخلق المحتاجين، فقال: كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ الذي فقد أباه وكاسبه، واحتاج إلى جبر خاطره والإحسان إليه.
فأنتم لا تكرمونه بل تهينونه، وهذا يدل على عدم الرحمة في قلوبكم، وعدم الرغبة في الخير.
وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين أي: لا يحض بعضكم بعضًا على إطعام المحاويج من المساكين والفقراء، وذلك لأجل الشح على الدنيا ومحبتها الشديدة المتمكنة من القلوب، ولهذا قال: وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أي: المال المخلف أَكْلا لَمًّا أي: ذريعًا، لا تبقون على شيء منه.
وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا أي: كثيرًا شديدًا، وهذا كقوله تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ۝ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى، كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ.

(شرح)

في هذه الآيات الكريمات يبين الله حال الإنسان من حيث هو وأن الإنسان إذا اكرمه الله ونعمه وأعطاه حسب أن ذلك من كرامته عليه يعطى من الدنيا صحة في البدن ووفرة في ماله وأنه كريم على الله وأن هذا من كرمه على الله وقد يكون استدراج وإذا ضيق عليه رزقه فافتقر أو مرض ظن أن ذلك من هوانه على الله.

فالله تعالى نفى هذا الحسبان فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ ما هنا للتأكيد ويقول عنها النحاة أنها زائدة القاعدة يا طالب (.....) بفائدة ما بعد إذا زائدة هكذا يقول ليس في شيء زائد بالتأكيد وضابطها أنك إذا حذفتها لا يختل الكلام فأما الإنسان إذا ابتلاه ربه في غير القرآن ففي القرآن بالتأكيد ابتلاه يعني: اختبره وامتحنه فأكرمه ونعمه بالمال أو بالصحة ظن أن ذلك لكرامته على الله وإذا ضيق عليه رزقه بالفقر فافتقر ظن أن ذلك لهوانه على الله فالله نفى هذا الحسبان قال.

كَلَّا (.....) فالمال ابتلاء وامتحان المال يروح ويغدو يعطى المال ابتلاء وامتحان كما أن الفقر ايضا ابتلاء وامتحان والصحة أيضا ابتلاء وامتحان والمرض ابتلاء وامتحان فما منا إلا مبتلى الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا. فالغني (.....) هل يشكر أو يكفر كما قال الله عن سليمان عليه الصلاة والسلام لما جاءه بعرش بلقيس قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ.

والفقير مفتقر لفقره هل يصبر أو يتسخط والصحيح مبتلى بعافيته هل يستخدمها في طاعة الله أو في معصيته والمريض مثل ذلك هل يصبر أو يفزع كل مبتلى الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا.

فالله نفى هذا الحسبان قال كَلَّا ردع وزجر ليس التضييق في الرزق دليل على الإهانة وليس التوسيع في الرزق دليل على الكرامة الكرامة (.....) في الدين وفي الحديث إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه أما الدنيا والمال والجاه والسلطان والفقر والغنى كل هذه أشياء عارية ابتلاء وامتحان إذا استعملها الانسان في طاعة الله صارت خيرا استعمل ماله في طاعة الله كسب منه في الوجوه المشروعة وأنفق في سبل الخير صار خيرا وإن استعملها في معصية الله وكسب من وجوه محرمة صار الشر وبال عليه وكذلك أيضا السلطان والجاه استعمل في طاعة الله صار خيرا وإن استعمل في معصية الله صار شرا إذا كانت هذه الأشياء المال والسلطان والجاه تابعة للدين وخادمة له نفعت الانسان وإن استعملها في معاصي الله صارت سببا لهلاكه ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولهذا نفى الله ذلك قال كَلَّا ردع وزجر ثم ذكر الله حال ضعيف الهمة ولامه على ذلك قال بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ الذي فقد أباه دون البلوغ لا يكرمه بل يهينه من عصى الله وإلا فالمؤمن يكرم اليتيم يقول أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ.

وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ يعني لا يحض بعضهم بعضا على إطعام المحاويج الذي هو الشح.

وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا المال أكلا سريعا وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا كثيرا شديدا كقوله تعالى  بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ۝ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ هذا شأن الإنسان هذا شأن غالب الناس ويخرج من هذا المؤمن الموفق، المؤمن الموفق يخرج من هذا الوصف هذه الأوصاف من وفقه الله خرج منها يكرم اليتيم ويحض على طعام المسكين والمال يأخذه من وجوهه من حله ويبتعد عن الوجوه المفاسد المشهورة والمحرمة وينفق الواجبات وينفق في المشاريع الخيرية على قدر ما وفقه الله له هذا هو شأن الموفق.

متن:

قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى:

كَلا إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا ۝ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ۝ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ۝ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ۝ فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ۝ وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ۝ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ۝ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ۝ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ۝ وَادْخُلِي جَنَّتِي.

كَلا أي: ليس [كل] ما أحببتم من الأموال، وتنافستم فيه من اللذات، بباق لكم، بل أمامكم يوم عظيم، وهول جسيم، تدك فيه الأرض والجبال وما عليها حتى تجعل قاعًا صفصفًا لا عوج فيه ولا أمت.
ويجيء الله تعالى لفصل القضاء بين عباده في ظلل من الغمام، وتجيء الملائكة الكرام، أهل السماوات كلهم، صفًا صفا أي: صفًا بعد صف، كل سماء يجيء ملائكتها صفا، يحيطون بمن دونهم من الخلق، وهذه الصفوف صفوف خضوع وذل للملك الجبار.
وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ تقودها الملائكة بالسلاسل.
فإذا وقعت هذه الأمور فـ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ ما قدمه من خير وشر.
وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى فقد فات أوانها، وذهب زمانها، يقول متحسرًا على ما فرط في جنب الله: يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي الدائمة الباقية، عملا صالحًا، كما قال تعالى: يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا.
وفي الآية دليل على أن الحياة التي ينبغي السعي في أصلها وكمالها، وفي تتميم لذاتها، هي الحياة في دار القرار، فإنها دار الخلد والبقاء.
فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ لمن أهمل ذلك اليوم ونسي العمل له.
وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ فإنهم يقرنون بسلاسل من نار، ويسحبون على وجوههم في الحميم، ثم في النار يسجرون، فهذا جزاء المجرمين.

وأما من اطمأن إلى الله وآمن به وصدق رسله، فيقال له: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إلى ذكر الله، الساكنة [إلى] حبه، التي قرت عينها بالله.
ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ الذي رباك بنعمته، وأسدى عليك من إحسانه ما صرت به من أوليائه وأحبابه رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً أي: راضية عن الله، وعن ما أكرمها به من الثواب، والله قد رضي عنها.
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ۝ وَادْخُلِي جَنَّتِي وهذا تخاطب به الروح يوم القيامة، وتخاطب به حال الموت.

 [والحمد لله رب العالمين] 

شرح:

نعم هذه السورة الكريمة بين الله في آخرها ما يحصل للإنسان يوم القيامة دار الجزاء كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا تدك الأرض يوم القيامة وذلك إذا أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور النفخة الأولى نفخة الصعق والموت تموت كل نفس إلا ما شاء الله وتكور الشمس وتسير الجبال وتسجر البحار ويخرب هذا الكون لخلوه من التوحيد والإيمان لأن في آخر الزمان بعد ظهور اشراط الساعة الكبار تأتي ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات فلا يبقى إلا الكفرة فعليهم تقوم الساعة إذا خلا هذا الكون من الإيمان والتوحيد خرب وقامت القيامة ولا يخرب هذا الكون إلا بخلوه من التوحيد والإيمان ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللهُ، اللهُ بعد أشراط الساعة الكبار في آخرها تقبض أرواح المؤمنين تأتي ريح طيبة من اليمن تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة فلا يبقى أحد في قلبه إيمان إلا دخلت عليه حتى تقبضه وفي الحديث: حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ، حَتَّى تَقْبِضَهُ فلا يبقى إلا الكفرة يتهارجون تهارج الحمر وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ فعليهم تقوم الساعة يأمر إسرافيل ينفخ في الصور نفخة الصعق وهي نفخة طويلة أولها فزع وآخرها صعق وموت ثم يمكث الناس أربعين فيأمر الله السماء (.....) وينزل الله مطرا تنبت منه أجساد الناس إذا  تكامل أجسادهم أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور النفخة الثانية نفخة البعث والحياة والأرواح حينما يموت الإنسان باقية فيه عذاب وفيه نعيم، روح المؤمن تلقى إلى الجنة (.....) وروح الكافر كانت تلقى إلى النار (.....)  بعد ذلك يأمر الله إسرافيل إذا تكامل خلقه فينفخ في الصور هذه النفخة نفخة البعث فيبعث في الناس ويقوم الناس من قبورهم للحساب.

كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ۝ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا يجيء الله لفصل القضاء بين عباده فهو سبحانه يحكم بين عباده بنفسه بحكمه القدري في الدنيا الحكم الشرعي في ما أنزل الله على رسوله والحكم الجزائي في يوم القيامة يجيء الله لفصل القضاء كما قال الله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ وكذلك أهل السموات الملائكة صفا صفا يحيطون بالخلائق ويؤتى بجهنم كما في الحديث يقال يوم القيامة يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا تبرز يوم القيامة النار تبرز يوم القيامة وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى وتسجر البحار ويزاد في حرارتها.

في ذلك اليوم يتذكر الإنسان يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ يتذكر ما قدم من خير وشر لكن وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى انتهت الدنيا ما بقي إلا الحساب يَقُولُ يَا لَيْتَنِي متحسر على ما فرط  يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي كما قال تعالى يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ۝ يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا.

قال الله  فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ لأنه أهمل هذا اليوم ونسي العمل  وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ لأنهم يوثقون بالسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون نسأل الله العافية.

وهذه حال الكافر وأما المؤمنون الذي إطمئنت قلوبهم بالله وأمنوا بالله فذكر الله حالهم قال يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إلى ذكر الله ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ۝ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ۝ وَادْخُلِي جَنَّتِي هؤلاء هم السعداء نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم هذا في يوم القيامة وعند خروج الروح يقال لهم هذا فهذا جزاء الكافرين هذا جزاء المعذبين وهذا جزاء المؤمنين فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المؤمنين الذين أطمئنت قلوبهم بالله والذين قال الله فيهم يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ۝ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ۝ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ۝ وَادْخُلِي جَنَّتِي إذا وقعت هذه الأمور حينئذ يحصل الجزاء والله يحكم بين عباده يجازيهم يوم القيامة بنفسه حكم الجزاء.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد