شعار الموقع

شرح تفسير السعدي ( جزء عمَّ - 8 - من سورة الضحى إلى سورة العلق )

00:00
00:00
تحميل
109

(متن)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ۝ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ۝ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى ۝ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ۝ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ۝ وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى ۝ وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى ۝ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ۝ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ۝ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ.
أقسم تعالى بالنهار إذا انتشر ضياؤه بالضحى، وبالليل إذا سجى وادلهمت ظلمته، على اعتناء الله برسوله ﷺ فقال: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ أي: ما تركك منذ اعتنى بك، ولا أهملك منذ رباك ورعاك، بل لم يزل يربيك أحسن تربية، ويعليك درجة بعد درجة.
وَمَا قَلاك الله أي: ما أبغضك منذ أحبك، فإن نفي الضد دليل على ثبوت ضده، والنفي المحض لا يكون مدحًا، إلا إذا تضمن ثبوت كمال، فهذه حال الرسول ﷺ الماضية والحاضرة، أكمل حال وأتمها، محبة الله له واستمرارها، وترقيته في درج الكمال، ودوام اعتناء الله به.
وأما حاله المستقبلة، فقال: وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى أي: كل حالة متأخرة من أحوالك، فإن لها الفضل على الحالة السابقة.
فلم يزل ﷺ يصعد في درج المعالي ويمكن له الله دينه، وينصره على أعدائه، ويسدد له أحواله، حتى مات، وقد وصل إلى حال لا يصل إليها الأولون والآخرون، من الفضائل والنعم، وقرة العين، وسرور القلب.
ثم بعد ذلك، لا تسأل عن حاله في الآخرة، من تفاصيل الإكرام، وأنواع الإنعام، ولهذا قال: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى وهذا أمر لا يمكن التعبير عنه بغير هذه العبارة الجامعة الشاملة.
ثم امتن عليه بما يعلمه من أحواله [الخاصة] فقال:
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى أي: وجدك لا أم لك، ولا أب، بل قد مات أبوه وأمه وهو لا يدبر نفسه، فآواه الله، وكفله جده عبد المطلب، ثم لما مات جده كفله الله عمه أبا طالب، حتى أيده بنصره وبالمؤمنين.
وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى أي: وجدك لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان، فعلمك ما لم تكن تعلم، ووفقك لأحسن الأعمال والأخلاق.
وَوَجَدَكَ عَائِلا أي: فقيرًا فَأَغْنَى بما فتح الله عليك من البلدان، التي جبيت لك أموالها وخراجها.
فالذي أزال عنك هذه النقائص، سيزيل عنك كل نقص، والذي أوصلك إلى الغنى، وآواك ونصرك وهداك، قابل نعمته بالشكران.
[ولهذا قال:] فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ أي: لا تسيء معاملة اليتيم، ولا يضق صدرك عليه، ولا تنهره، بل أكرمه، وأعطه ما تيسر، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك.
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ أي: لا يصدر منك إلى السائل كلام يقتضي رده عن مطلوبه، بنهر وشراسة خلق، بل أعطه ما تيسر عندك أو رده بمعروف [وإحسان] .
وهذا يدخل فيه السائل للمال، والسائل للعلم، ولهذا كان المعلم مأمورًا بحسن الخلق مع المتعلم، ومباشرته بالإكرام والتحنن عليه، فإن في ذلك معونة له على مقصده، وإكرامًا لمن كان يسعى في نفع العباد والبلاد.
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ [وهذا يشمل] النعم الدينية والدنيوية فَحَدِّثْ أي: أثن على الله بها، وخصصها بالذكر إن كان هناك مصلحة.
وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق، فإن التحدث بنعمة الله، داع لشكرها، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها، فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن.

(شرح)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.

هذه السورة الكريمة تسمى سورة الضحى وهي من أول قصار المفصل فإن العلماء بينوا تحديد الصحابة للقرآن الكريم وأنهم حزبوا القرآن ثلاثا وخمسا وسبعا وتسعا وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحسبة نصف الواحد هكذا كان السلف الصالح الصحابة رضوان الله عليهم يحزبون القرآن ويقرءون كل يوم حزب في الليل في صلاة الليل.

وكذلك أيضا لو لم يتمكن أيضا من صلاة الليل وحزبه في النهار على التحزيب يقسم القرآن سبعة اقسام ويختمونه في سبعة أيام الحزب الأول ثلاث سور البقرة وال عمران والنساء والحزب الثاني خمس المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة وهكذا والحزب الثالث سبعا سور والحزب الرابع تسع والحزب الخامس إحدى عشر والحزب السادس ثلاثة عشر سورة يصل إلى ق والحزب السابع الحزب المفصل  من ق إلى آخر القرآن سيكون ختمة القرآن في سبعة أيام.

وبين العلماء أنه مستحب للأمام الذي يأم الناس في الصلاة أو غيره أنه يستحب له أن يقرء في الفجر من طوال المفصل وفي الظهر والعصر والعشاء من أوساط المفصل وفي المغرب من قصار المفصل وقصار المفصل تبدأ من الضحى وهذا هو الشاهد إلى آخره وسط المفصل من عَمَّ وهذا يعني: في الغالب لأن النبي ﷺ قرأ  أحيانا في المغرب من الطوال قرأ بالمرسلات قرأ  كذلك سورة ق والطور أيضا لكن هذا في الغالب ولا يلازم الإنسان القصار في المغرب دائما باستمرار فالفقير من ملازمة القصار من سنة مروان الحمار ومروان بن الحكم. 

 أما النبي ﷺ فإنه أحيانا وأحيانا أحيانا يقرء من الطوال وأحيانا من قصار المفصل (.....).

أن هذه السورة هي أول قصار المفصل وهذه السورة يحفظها الكثير من الناس وكثير ما يقرءونها في الصلاة قيل أن لها سبب سبب نزولها ورد أن امراة من المشركين جائت النبي ﷺ لما فتر عنه الوحي وتأخر (.....) جاءت وقالت ما أرى شيطانك إلا تركك ما أرى شيطانك إلا تركك  من المشركين امراة كافرة فأنزل الله تعالى  هذه الأيات وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ۝ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى  ما تركك ربك وما أبغضك.

هذه السورة فتح الله بالقسم وكما سبق الواو للقسم  القسم يكون بالواو والله والباء بالله والتاء تالله وبالهمزة الله والله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته كما سبق والمخلوق ليس له أن يقسم إلا بالله والأسماء والصفات  وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى أقسم الله بالضحى وهو وقت انتشار النهار لما فيه من بديع قدرة الله، ولما فيه من انتشار النهار ووضوحه ثم يعمل الناس ينتشر الناس في معايشهم أعمالهم كما قال سبحانه: إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا.

وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى  إذا أرخى ظلامه فهما متقابلان الضحى إذا سجى الضحى والليل الضحى وقت انتشار النهار ووضوحه والليل إذا سجى وقت الظلام وهما متقابلان وهما من خلق الله وله في ذلك الحكمة البالغة في الليل فيه الحكمة يرخي سدوله ويكون الليل سكن ويرتاح الناس فيه من عملهم بالنهار والنهار والضحى يكون في نهار منتشر مضيء والشمس مرتفعة ويعمل الناس في إعمالهم وينتشر الناس في إعمالهم ووظائفهم وإعمالهم وحروثهم ومزارعهم وتجارتهم.

وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى  اقسم بشيئين ما ودعك ربك وما قلى ما ودعك الله وما تركك بل هو معتني بك .

وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى بين الله أن كل حالة متأخرة من أحوال النبي ﷺ فهي أفضل من الحالة السابقة هذا كما جاء في الحديث وفي الدعاء اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيَرَ أَعْمَارِنَا آوَآخِرَهَا، وَخَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَاويدخل في ذلك أن الآخرة خير للنبي ولغيره من الدنيا؛ لأن الآخرة باقية والدنيا زائلة كما قال الله تعالى وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ يعني: الحياة الطيبة.

وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى بين الله هذا وعد من الله أنه سيرضي نبيه الكريم وهذا كما قال الشيخ رحمه الله لا يمكن التعبير عنه  بغير هذه العبارة الجامعة الشاملة بأنواع الإكرام امتن الله على نبيه وذكره بنعمه عليه.

قال أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فقدت أبواك فَآوَى كفلك جدك ثم عمك ووجدك ضالا فهدى لا تعلم شيئا ولا تعلم القرآن فعلمك (.....) وعلمك ما لم تكن تعلم والله حينما قص علينا خبر موسى وما جرى فقد وما كنت لديهم وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ [القصص/44]  وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [القصص/46] لست حاضرًا ولما ذكر قصة مريم وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ولما قص قصة يوسف قال ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف/102] وهذا كله يدل على أن الله  اعتنى بنبيه وعلمه ما لم يكن يعلم.

وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى [الضحى/8] امتن الله عليه باغنائه بما فتح الله عليه من البلدان في حياته وبما فتح على أمته بعد ذلك وهذه الإمتنانات فيه إمتنان على أمته وعلى من حصل له مثل ماحصل له عليه الصلاة والسلام ولهذا قال فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ [الضحى/9] فهذا خطاب للنبي ولأمته لا يقهر اليتيم بل يرد ولا ينهر بل يعطى ما تيسر أو يرد باللين والرفق والكلام الطيب بالوعد في المستقبل.

وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ [الضحى/10] فسره (.....) السائل في العلم والسائل  في المال كل منهما لا ينهر بل يعطى ما تيسر أو يرد بمعروف وإحسان.

وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى/11] هذا قال ويشمل النعم الدينية والدنيوية الإنسان يحدث بها على سبيل الإعتراف بنعم الله فيكون ذلك داعي إلى شكر الله عليها بالقول والعمل فإن التحدث بها نوع من الشكر ثم استعماله في طاعة الله وفي مرضاته وهذا شامل النعم الدينية والدنيوية النعم الدينية ما أعطاه الله الإنسان من العلم ومن حفظ القرآن ومن توفيقه للإيمان والإسلام والنعم الدنيوية أعطاه من المال والولد وصحة البدن وغير ذلك نعم. 


(متن)

قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى تفسير سورة ألم نشرح لك صدرك وهي مكية: 

 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ۝ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ۝ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ۝ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ۝ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ۝ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ۝ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ۝ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ.
يقول تعالى -ممتنًا على رسوله-: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ أي: نوسعه لشرائع الدين والدعوة إلى الله، والاتصاف بمكارم الأخلاق، والإقبال على الآخرة، وتسهيل الخيرات فلم يكن ضيقًا حرجًا، لا يكاد ينقاد لخير، ولا تكاد تجده منبسطًا.
وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ أي: ذنبك، الَّذِي أَنْقَضَ أي: أثقل ظَهْرَكَ كما قال تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ.
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ أي: أعلينا قدرك، وجعلنا لك الثناء الحسن العالي، الذي لم يصل إليه أحد من الخلق، فلا يذكر الله إلا ذكر معه رسوله ﷺ، كما في الدخول في الإسلام، وفي الأذان، والإقامة، والخطب، وغير ذلك من الأمور التي أعلى الله بها ذكر رسوله محمد ﷺ.
وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال والتعظيم ما ليس لأحد غيره، بعد الله تعالى، فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزى نبيًا عن أمته.
وقوله: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ۝ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا بشارة عظيمة، أنه كلما وجد عسر وصعوبة، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر، فأخرجه كما قال تعالى: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا وكما قال النبي ﷺ: وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا.
وتعريف " العسر " في الآيتين، يدل على أنه واحد، وتنكير " اليسر " يدل على تكراره، فلن يغلب عسر يسرين.
وفي تعريفه بالألف واللام، الدالة على الاستغراق والعموم يدل على أن كل عسر -وإن بلغ من الصعوبة ما بلغ- فإنه في آخره التيسير ملازم له.
ثم أمر الله رسوله أصلا والمؤمنين تبعًا، بشكره والقيام بواجب نعمه، فقال: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ أي: إذا تفرغت من أشغالك، ولم يبق في قلبك ما يعوقه، فاجتهد في العبادة والدعاء.
وَإِلَى رَبِّكَ وحده فَارْغَبْ أي: أعظم الرغبة في إجابة دعائك وقبول عباداتك.
ولا تكن ممن إذا فرغوا وتفرغوا لعبوا وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره، فتكون من الخاسرين.
وقد قيل: إن معنى قوله: فإذا فرغت من الصلاة وأكملتها، فانصب في الدعاء، وإلى ربك فارغب في سؤال مطالبك.
واستدل من قال بهذا القول، على مشروعية الدعاء والذكر عقب الصلوات المكتوبات، والله أعلم بذلك.

شرح: 

نعم هذه السورة وهي سورة الانشراح؛ لأن الله ابتدى بقوله أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ  نشرح لك صدرك مع توسيعه لشرائع الدين والدعوة وجعله عليه الصلاة والسلام متواضعا متحملا لأقوال الناس وأفعالهم والله تعالى شرح للنبي ﷺ صدره وسع له شرائع الدين والدعوة وأتصف بمكارم الأخلاق فلا يضجر من من يسيء المعاملة ولهذا لما جاء أعرابي وجزبه عليه الصلاة والسلام جزبة شديدة أثرت (.....) وقال أعطني يا محمد مما أعطاك الله أعطني مال فليس المال مال أبيك ولا مال أمك فالتفت إليه رسول الله ﷺ وهو يضحك وأمر له بعطاء هذه الأخلاق العظيمة شرح الله له صدره وجعله يتسع لكن ضيق الصدر ما لا يقابله يعطي الصاع صاعيين فإذا عمل مع هذا ضربه وأدبه وسجنه لو كان من الجبابرة من الملوك أو غيرهم أو من الظلمة يضرب ويسجن وكيف كيف يتهمونه بهذا كيف يقول أعطني من مال أبيك وأمك كيف تقول هذا يسجن ويضرب ويؤذى لكن الرسول ﷺ ماذا عمل التفت إليه وهو يضحك هذا من شرح الله صدره له وأمر له بعطاء أمر له بعطاء يعطيه وانتهي فذهب الأعرابي وأثر ذلك فيه تأثيرا عظيما قد يأتي الرجل شاكي مشرك ثم يعطيه النبي ﷺ ثم يكون سبب في إسلامه وإسلام قومه فقال اعطي النبي ﷺ رجل من الأعراب غنم بين جبلين وادي مملوء غنم فساقها فذهب إلى قومه فقال ياقوم أسلموا أسلموا فإن محمد يعطي عطاء من لا يخش الفقر هذه الأخلاق العظيمة شرح الله له صدره وجعله يتصف بمكارم الأخلاق ولا يقابل السيئة بالسيئة وإنما يعفوا ويقابلها يقابل السيئة الحسنة كما قال ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وهذا من فضل الله وإحسانه على النبي ﷺ وعنايته به.

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ۝ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ غفر الله له ذنبه كما قال في الآية الآخرى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ.

الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أي أثقل ظهرك ورفع الله له لك ذكره فلا يذكر النبي ﷺ لا فلا يذكر الله تعالى إلا يذكر معه النبي ﷺ أعلى الله قدره وجعل وأثني عليه ثناء حسنا وجعل ذكر النبي ﷺ مقرونا بذكر الله في الدخول في الإسلام يقول الداخل في الإسلام أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله فلا يصح الإسلام إلا بهذا لو شهد أن لا إله إلا الله  ولم يشهد أن محمد رسول الله لم يصح إسلامه فهذا من علاء ذكر النبي ﷺ وفي الأذان أشهد أن لا إله إلا الله  وأشهد أن محمد رسول الله في الإقامة أشهد أن لا إله إلا الله  وأشهد أن محمد رسول الله في التشهد أشهد أن لا إله إلا الله  وأشهد أن محمد رسول الله ثم الصلاة على النبي ﷺ وهكذا هذا من رفع ذكره .

ثم بين الله تعالى وعد وعدا كريما قال فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا العسر هو الشدة والضيق واليسر هو الفرج والسعه والعسر إذا عرف فهو واحد وإذا نكر فهو اثنان فالعسر عرف فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ۝ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا عرف في الآية الأولى وعرف في الآية الثانية دل على أنه واحد وفي اليسر منكر فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ۝ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا فدل على أنه اثنان فإذا عرف دل على أنه واحد وإذا نكر دل على أنه اثنان فصار العسر واحد واليسر اثنان ولن يغلب عسر يسرين.

ثم أمر الله نبيه إذا فرغ من إعماله وأشغاله أو من صلاته يتعب في العبادة يجتهد في العبادة والدعاء وأن يرغب إلى الله في إجابة دعاه وفي قبول عبادته هذا الأرشاد له ولأمته الأمة كلها مأمورة بأن كل مسلم مأمور بأن يجتهد في العبادة وأن يرغب إلى الله في قبول عبادته وفي إجابة دعائه نعم. 


(متن)

 قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:

تفسير سورة والتين وهي مكية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ۝ وَطُورِ سِينِينَ ۝ وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ ۝ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ۝ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ۝ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ۝ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ۝ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ.
وَالتِّينِ هو التين المعروف، وكذلك الزَّيْتُونَ أقسم بهاتين الشجرتين، لكثرة منافع شجرهما وثمرهما، ولأن سلطانهما في أرض الشام، محل نبوة عيسى ابن مريم .
وَطُورِ سِينِينَ أي: طور سيناء، محل نبوة موسى ﷺ.
وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ وهي: مكة المكرمة، محل نبوة محمد ﷺ. فأقسم تعالى بهذه المواضع المقدسة، التي اختارها وابتعث منها أفضل النبوات وأشرفها.
والمقسم عليه قوله: لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ أي: تام الخلق، متناسب الأعضاء، منتصب القامة، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرًا أو باطنًا شيئًا، ومع هذه النعم العظيمة، التي ينبغي منه القيام بشكرها، فأكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم، مشتغلون باللهو واللعب، قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمور، وسفساف الأخلاق، فردهم الله في أسفل سافلين، أي: أسفل النار، موضع العصاة المتمردين على ربهم، إلا من من الله عليه بالإيمان والعمل الصالح، والأخلاق الفاضلة العالية.

فَلَهُمْ بذلك المنازل العالية، وأَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أي: غير مقطوع، بل لذات متوافرة، وأفراح متواترة، ونعم متكاثرة، في أبد لا يزول، ونعيم لا يحول، أكلها دائم وظلها.

فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أي: أي شيء يكذبك أيها الإنسان بيوم الجزاء على الأعمال، وقد رأيت من آيات الله الكثيرة ما به يحصل لك اليقين، ومن نعمه ما يوجب عليك أن لا تكفر بشيء مما أخبرك به، أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ فهل تقتضي حكمته أن يترك الخلق سدى لا يؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون؟
أم الذي خلق الإنسان أطوارًا بعد أطوار، وأوصل إليهم من النعم والخير والبر ما لا يحصونه، ورباهم التربية الحسنة، لا بد أن يعيدهم إلى دار هي مستقرهم وغايتهم، التي إليها يقصدون، ونحوها يؤمون.

(شرح)

نعم هذه السورة تسمى سورة التين لأن الله تعالى اقسم في أولها بالتين.

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ۝ وَطُورِ سِينِينَ ۝ وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ اقسم الله بهذه المواضع لأنها المحلات التي بعث الله فيها الأنبياء فالتين والزيتون في الشام يكون كثيرا وهو المحل الذي بعث فيه عيسى نبي الله عيسى وَطُورِ سِينِينَ جبل الطور طور سيناء وهو المحل الذي بعث فيه موسى وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ  مكة التي بعث الله فيها محمد  ﷺ.

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ كما قال المؤلف شجرتان معروفتان خيرهما كثير ونفعهما عظيم وهذه الأماكن المقدسة هي الأماكن التي بعث الله فيها أنبيائه وفي التوراة نظير ذلك في التوراة جاء الله من طور سيناء وظهر من كذا في عبارة في فلسطين واستعلن من جبال فران جاء الله من طور سيناء هذه نبوة موسى وظهر مكان يبعث الله فيه واستعلن يعني: أتضح بالجبال فران ومن جبال مكة النبوات الثلاث هذا وصف في التوراة فمجيء الرسالة والظهور والإستعلاء والإنتشار من جبال فران مكة.

  أقسم الله بهذه الأمور وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ۝ وَطُورِ  جبل الطور ومكه  أربعة أشياء أقسم الله بها.

والمقسم عليه هو لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ  أقسم الله أن الإنسان خلق في أحسن تقويم يعني في إستقامة تامة. تام الخلق متناسق الأعضاء منتصب القامة لم يكن مثل الحيوانات الحيوانات تكون رأسها في الأرض  تأكل من الأرض . الله خلق آدم منتصب رأسه في السماء هذا من إحسان خلق الإنسان ،الحيوانات تجدها تمشي علي أربع ورأسها في الأرض. أما ابن آدم فقد خلقه الله في أحسن تقويم وجعل رأسه في السماء.

ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، من لم يعمل بطاعة الله واستعمل جوارحه (.....) الله وكفر بالله رده الله الي اسفل سافلين في النار هذا هو أكثر الخلق وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ.

 وأستثنى الله (.....) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ وحدوا الله وأخلصوا له العبادة وصدقوا إيمانهم بالعمل فَلَهُمْ أَجْرٌ ثواب، غير منقطع.

ثم قال فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أي شيء يجعلك أيها الإنسان تكذب أي شيء يكذبك يوم الجزاء علي الأعمال وقدرأيت من أيات الله الكثيرة ما يحصل لك بها اليقين.

أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ هل تكن الحكمة أن يترك الخلق سدا لا يؤمرون ولا ينهون في الدنيا ولا يجازون ولا يحاسبون في الأخرة: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى، أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فالذي خلق الإنسان وكرمه وجعله أطوارا ًلابد أن يعيده ويبعثه مره أخري إلي دار الجزاء يجازى إن خير ٌفخير وإن شرٌ فشر. نعم ،نعم.

أحسن الله إليك . 


متن: 

قال الشيخ السعدي رحمنا الله تعالي وأياه:

تفسير سورة اقرأ [وهي] مكية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ۝ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ۝ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ ۝ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۝ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ۝ كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى ۝ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ۝ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ۝ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ۝ عَبْدًا إِذَا صَلَّى ۝ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ۝ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ۝ أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ۝ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ۝ كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ۝ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ۝ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ۝ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ۝ كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ.
هذه السورة أول السور القرآنية نزولا على رسول الله ﷺ.
فإنها نزلت عليه في مبادئ النبوة، إذ كان لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وأمره أن يقرأ، فامتنع، وقال: مَا أَنَا بِقَارِئٍ فلم يزل به حتى قرأ. فأنزل الله عليه: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ عموم الخلق.

ثم خص الإنسان، وذكر ابتداء خلقه مِنْ عَلَقٍ فالذي خلق الإنسان واعتنى بتدبيره، لا بد أن يدبره بالأمر والنهي، وذلك بإرسال الرسول إليهم، وإنزال الكتب عليهم، ولهذا ذكر بعد الأمر بالقراءة، خلقه للإنسان.
ثم قال: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ أي: كثير الصفات واسعها، كثير

شرح:

 أي كثيرُ الصفاتِ واسعُها كثير الكرم والإحسان. 

متن: 

ثم قال: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود، الذي من كرمه أن علم بالعلم و عَلَّمَ بِالْقَلَمِ

شرح:

 علم بالعلم في نسخه في أنواع العلم نسخه تاني في أنواع العلم لعلها قولها أن علم في أنواع العلم ،نعم .علم بالعلم كلمة بالعلم كأنه علم في العلم ،تعدي أوعلم في أنواع العلم. 

متن:

أحسن الله إليك 

و عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۝ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ فإنه تعالى أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، ويسر له أسباب العلم.
فعلمه القرآن، وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم، الذي به تحفظ العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلا للناس تنوب مناب خطابهم، فلله الحمد والمنة، الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور. ثم من عليهم بالغنى وسعة الرزق، ولكن الإنسان -لجهله وظلمه- إذا رأى نفسه غنيًا، طغى وبغى وتجبر عن الهدى، ونسي أن إلى ربه الرجعى، ولم يخف الجزاء، بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه، ويدعو [غيره] إلى تركه، فينهى عن الصلاة التي هي أفضل أعمال الإيمان. يقول الله لهذا المتمرد العاتي: أَرَأَيْتَ أيها الناهي للعبد إذا صلى إِنْ كَانَ العبد المصلي عَلَى الْهُدَى العلم بالحق والعمل به، أَوْ أَمَرَ غيره بِالتَّقْوَى.
فهل يحسن أن ينهى، من هذا وصفه؟ أليس نهيه، من أعظم المحادة لله، والمحاربة للحق؟ فإن النهي، لا يتوجه إلا لمن هو في نفسه على غير الهدى، أو كان يأمر غيره بخلاف التقوى.
أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ الناهي بالحق وَتَوَلَّى عن الأمر، أما يخاف الله ويخشى عقابه؟
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ما يعمل ويفعل؟.
ثم توعده إن استمر على حاله، فقال: كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ عما يقول ويفعل لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ أي: لنأخذن بناصيته، أخذًا عنيفًا، وهي حقيقة بذلك، فإنها نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ أي: كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها.
فَلْيَدْعُ هذا الذي حق عليه العقاب نَادِيَهُ أي: أهل مجلسه وأصحابه ومن حوله، ليعينوه على ما نزل به، سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ أي: خزنة جهنم، لأخذه وعقوبته، فلينظر أي: الفريقين أقوى وأقدر؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة، وأما حالة المنهي، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال: كَلا لا تُطِعْهُ [أي:] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين، وَاسْجُدْ لربك وَاقْتَرِبْ منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.
وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله ﷺ عن الصلاة، وعبث به وآذاه.

شرح:

هنا هذه السورة سورة إقرأ أولها أول سورة نزلت في القرآن الأيات الأولى  اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ۝ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ۝ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ ۝ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۝ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ هذه الآيات أول ما نزل من القرآن وبها نبيء النبي ﷺ صار نبياً ثم (.....) الوحي ثلاث سنين ثم أنزل الله يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ۝ قُمْ فَأَنْذِرْ وبها كان الرسول (.....) لهذا قال الإمام الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله في رسالة الأصول الثلاثه نُبيء بإقرأ وأُرسل بالمدثر نُبيء النبي ﷺ بالأربعين نزل عليه جبريل فرأه علي الصورةِ التي خلق عليها يملأ ما بين السماء والأرض على كرسي جالسا فرعب النبي رعباً شديدا من هذه الصورة العظيمه حتى ذهب إلي أهله خديجة وقلبه يرتجف من رؤية الملك زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، دَثِّرُونِي دَثِّرُونِي صورة مرعبة.

فقال إقرا قال مَا أَنَا بِقَارِئٍ هذا ليس رفضا وامتناعًا وان كان ظاهر الشيخ يقول إمتناعاً ولكنه إخبار بالحال لست بقاريء مَا أَنَا بِقَارِئٍ لست قارئا ثبت في صحيح البخاري عن النبي ﷺ قال إقرأ أخذه فغطه قال أقرا قال مَا أَنَا بِقَارِئٍ هل هو رفض امتناع ليس رفض امتناع لكن يقول أنا أُمي ما أقرأ ولا أكتب ما تعلمت القراءه .كيف اقرأ؟  اقرأ  قال مَا أَنَا بِقَارِئٍ لست قارئاً ولست متعلماً القراءه والكتابه.

فأخذه فغطه حتي بلغ منه الجهد ثم قال اقرأ فقال مَا أَنَا بِقَارِئٍ ماتعلمت فاخذه فغطه الثانيه ثم قال إقرأ قال ما أنا بقاريء لست قارئاً فأخذه فغطه المره الثالثه ثم قال أنزل الله اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ۝ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ.

قال العلماء الحكمة من ذلك حين غطه وجهده توطئة له حتي يتمكن يستعد لحمل الرساله توطئه هذه الشده التي أصابته توطئة وتمهيد لتحمل أعباء الرسالة ومواجهة الناس كما أن رعيه للغنم مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ قال العلماء الحكمة من كل نبي رعى الغنم قال النبي ﷺ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ قالوا وأنت يا رسول الله قال نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ.

قال العلماء الحكمة في ذلك أنه أن النبي ﷺ يسوس الغنم أولاً يسوسها ويرعاها ويداوي الجرحي ويلاحظ ثم ينتقل من سياسة الغنم إلى سياسة الدول ، تمرين.

وهذه السورة كما سمعتم فيها بيان اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ۝ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ۝ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ ۝ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۝ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ  في فضل العلم الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ أنواع العلم العلم وسيله ،القلم وسيله للعلم وقد جاء في كتاب الله ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ.

ثم بين الله قال كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى جنس الإنسان ليطغي أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى هذا في الغالب كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ۝ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى هذه الآيه قفزها الشيخ رحمه  الله كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ۝ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى يعني جنس الإنسان وطبيعة الإنسان يطغى إذا أغناه الله إلا من وفقه الله وهداه واستعمل المال والغنا في طاعة الله.

إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى الرجوع إلي الله بالبعث والجزاء والحساب.

ثم وبخ الله الناهي الكافر قال أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ۝ عَبْدًا إِذَا صَلَّى في الغالب انه ماينهاه إلا لكفره إذ يبقي لكل شيء عارض نهاه ينهي عن الصلاة في وقت النهي أو أشبه ذلك.

أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ۝ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى لكن هنا المراد الكافر الذي ينهي عن الصلاة. كيف تنهاه وهو علي التقوي وعلي الهدي ؟ فلا يحسن هذا.

أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى يعني أرأيت إن كذب الناهي بالحق وتولي عن العرض  هذا في بيان أن الكفر يكون في أمرين ان إما بالتكذيب والتولي عن العرض وأن الإيمان لا يحصل إلا بأمران التصديق والفعل كما في الأيه فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ۝ وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى فلا صدق الخبر ولا صلي ولا امتثل الأمر ولكن كذب الخبر وتولي فالأيمان لابد فيه من تصديق وفعل امتثال الأمر فالتصديق الذي في القلب يتحقق بفعل الأمر كما أن فعل الأفعال والطاعات إنما تصح بالتصديق الذي في القلب لابد من أمرين تصديق يتحقق بالعمل وإلا صار كإيمان إبليس وفرعون عندهم تصديق ولكن ما عندهم عمل تولوا عن العمل والعمل بالصلاة والصيام لابد له من ايمان صحيح وإلا صار كإسلام المنافقين يعملون بدون إيمان أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ۝ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ۝ أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ۝ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى تهديد هدد الله الكافر قال كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ۝ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ۝ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ يعني اهل مجلسه سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ خزنة جهنم لأخذه وعقوبته وهذه نزلت في أبي جهل حينما فعل مع النبي ما فعل.

قال الله كَلَّا لَا تُطِعْهُ في ما أمر وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ اقترب من الله، في هذا دليل علي أن القرب من الله يكون بطاعته والقرب نوعان قرب من دعاء وقرب الله نوعان قرب من السائلين بالإجابه وقرب من الداعٍ بالإثابه وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ هذا قرب من السائلين، وقرب من العابدين كما في هذه الآية كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ فالساجد قريب من الله .نعم 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد