بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام عَلَى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين، نقرأ كتاب " المنار المنيف في الصحيح والضعيف للإمام اِبْن القيم رحمه الله ".
(المتن)
(الشرح)
يَعْنِي قبول العمل من الشخص متفاوت، كما سيبين المؤلف، في قبول رضا وثواب ومباهات، وفي قبول رضا وثواب بدون مباهات وفي قبول إجزاء فقط، مثل صلاة الآبق تقبل قبول إجزاء، يسقط العقاب عنه لَكِن ليس له ثواب، السارق وكذلك من صدق الكاهن لا تقبل صلاته أربعين يومًا، يَعْنِي ليس له ثواب لَكِن صلاته صحيحة مجزئه بمعنى أَنَّهُ لا يعيدها، وَهَذَا قبول إجزاء.
والثاني قبول رضا وثواب إذا لَمْ يكن في صلاته نقص ولا خلل فَإِنَّهُ يكون قبول رضا وثواب.
والثالث: قبول رضا وثواب ومباهاة هَذَا أعلاها، يباهي الله بِهِ ملائكته.
(المتن)
(الشرح)
يَعْنِي القبول الأول قبول رضا وثواب ومباهاة وتقريب، يقربه الله ويباهي بِهِ ملائكته ويثيبه هَذَا أعلاها.
والثاني: قبول رضا وثواب بدون مباهاة وتقريب.
(المتن)
(الشرح)
يَعْنِي من تصدق برغيف ليس عنده غيره، أحد السلف طرق عليه الباب فقير فأعطاه عشاؤه وبقي طاويًا، إيثارًا آثره عَلَى نفسه محبةً لله ورسوله، هَذِهِ الصدقة لها موقع عظيم، يَعْنِي ما عنده غير الرغيف هَذَا، أو أعطاه درهم ما عنده غيره، درهم أعده لنفقته فأعطاه إياه، لماذا أعطاه له فضله عَلَى نفسه؟ لما قام في قلبه من حقائق الإيمان ومحبة الله، والرغبة فيما عنده، هَذَا إذا كان مَعَ الإيمان والصدق والمحبة هَذَا فضله عظيم، هَذَا يقبله الله، قبول رضا وثواب ومباهاة وتقريب.
والثاني: تصدق بألف درهم لَكِن عنده آلاف مؤلفة ما يدري عنها ولا تؤثر، ولهذا شبه قَالَ: كمن عنده أشياء وأخذ منها، وَلَكِن تصدق بها يريد الثواب أو يريد أن يتخلص من همها وجمعها، فهل يكون ثواب هَذَا مثل ثواب الأول؟ فِيهِ تفاوت عظيم.
(المتن)
(الشرح)
هَذَا مقبول وَهَذَا مقبول.
(المتن)
(الشرح)
الأولى وإن كانت صغيرة قبلها واعتنى بها وأراها من حوله واحتفى بها، والثانية قبلها وَلَمْ يصنع مثل ما صنع في الهدية الأولى.
(المتن)
(الشرح)
يَعْنِي اِبْن عمر يَقُولُ: لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة واحدة لتمنيت الموت، مراده قبول الرضا والثواب والمباهاة والتقريب، وليس مراده قبول الثواب بل أكثر الأعمال كلها يقبلها الله قبول الثواب والجزاء.
(المتن)
(الشرح)
قبول رضا وثواب ومحبة واعتداد وتقريب وثناء عَلَى العامل في الملأ الأعلى هَذَا أعلاها.
(المتن)
(الشرح)
قبول ثواب وجزاء يثيب الله ويجازيه؛ لَكِن ما يقع الموقع الأول بثناء عليه في الملأ الأعلى وتقريب الله.
(المتن)
(الشرح)
هَذَا قبول إجزاء، قبول إجزاء وسقوطًا للثواب والعقاب.
(المتن)
(الشرح)
يَعْنِي الإنسان يصلي وقد غفل قلبه ما أحضر قلبه من أول الصلاة إِلَى آخرها وسارح، هَلْ تصح صلاته أم لا تصح؟ في بعض العلماء من قَالَ يعيد صلاته؛ لَكِن هَذَا قول مرجوح، والصواب: أَنَّهُ لا يعيدها سقط المطالبة أدى الواجب وأجزأت الصلاة وَلَكِنْ لا ثواب له، وَهَذَا معنى ما جاء في الحديث: إن أحدكم لينصرف من صلاته وَلَمْ يكتب له إِلَّا ثلثها إِلَّا ربعها إِلَّا خمسها إِلَّا سدسها إِلَّا عشرها وقد انصرف من صلاته ولا يكتب له شيء، يَعْنِي خالي من الثواب، وإن كانت الصلاة مجزئة وسقط بها العقاب سقط بها الواجب أدى ما عليه، مثل صلاة العبد الآبق صلاة من أتى الكاهن لَمْ تقبل له صلاة أربعين يومًا؛ لِأَنَّهَا لا تقبل قبول ثواب ولكنها مجزئة سقط بها الواجب وسقط بها العقاب وَلَكِن لا ثواب لها.
الطالب: كلمة اعتداد؟.
الشيخ: يَعْنِي اعتد الله بها اعتداد وعناية.
(المتن)
(الشرح)
سقطت من ذمته وأجزأت وأدى الواجب وسلم من العقاب؛ وَلَكِن لا ثواب له.
(المتن)
وَالأَعْمَالُ تَتَفَاضَلُ بِتَفَاضُلِ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالتَّعْظِيمِ وَالإِجْلالِ وَقَصْدِ وَجْهِ الْمَعْبُودِ وَحْدِهِ دُونَ شَيْءٍ مِنَ الْحُظُوظِ سِوَاهُ حَتَّى لِتَكُونَ صُورَةُ الْعَمَلَيْنِ وَاحِدَةً وَبَيْنَهُمَا فِي الْفَضْلِ مَا لا يحصيه إلا الله تعالى.
وتتفاضل أيضًا بتجريد المتابعة فبين العملين من الفضل بحسب ما لا يتفاضلان به في المتابعة فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلاً لا يَحْصِيهِ إِلا اللَّهُ تَعَالَى.
ويضاف هَذَا إِلَى كَوْنِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ فِي نَفْسِهِ.
(الشرح)
تفاضل في الإخلاص لله تعالى، النَّاس يتفاوتون في الإخلاص، وكذلك الأعمال تتفاضل في المتابعة للنبي ﷺ فأشدهم متابعة للنبي ﷺ وأشدهم إخلاصًا هَذَا أعظم ثوابًا، وكذلك إذا كان العمل يحبه الله أَيْضًا، اجتمع إخلاص ومتابعة وَهَذَا العمل يحبه الله.
(المتن)
ويضاف هَذَا إِلَى كَوْنِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ فِي نَفْسِهِ مِثَالِهِ الْجِهَادُ وَبَذْلُ النَّفْسِ لِلَّهِ تَعَالَى هُوَ مِنْ أَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَقْتَرِنُ بِتَجْرِيدِ الإِخْلاصِ وَالْمُتَابَعَةِ وَكَذَلِكَ الصَّلاةُ وَالْعِلْمُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ إِذَا فَضَّلَ الْعِلْمَ فِي نَفْسِهِ وَفَضَّلَ قَصْدَ صَاحِبِهِ وَإِخْلاصِهِ وَتَجَرَّدَتْ مُتَابَعَتُهُ لَمْ يُمْتَنَعْ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ الْوَاحِدُ أَفْضَلَ من سبعين بل وسبعمائة مِنْ نَوْعِهِ فَتَأَمَّلَ هَذَا فَإِنَّهُ يُزِيلُ عَنْكَ إِشْكَالاتٍ كَثِيرَةً وَيُطْلِعُكَ عَلَى سِرِّ الْعَمَلِ وَالْفَضْلِ وَأَنَّ اللَّهَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ يَضَعُ فَضْلَهُ مَوَاضِعَهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالشَّاكِرِينَ.
وَلا تَلْتَفِتُ إِلَى مَا يَقُولُهُ مَنْ غَلِظَ حِجَابُ قَلْبِهِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْمُتَكَلِّفِينَ إِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلانِ مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ جميع الوجوه لا تفاضل بَيْنَهُمَا، وَيَثِيبُ اللَّهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أضعاف أَضْعَافَ مَا يَثِيبُ عَلَى الآخَرِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَثِيبَ عَلَى أحدهما دون الآخر بل يجوز أن يثيب على هَذَا وَيُعَاقِبَ عَلَى هَذَا مَعَ فَرْضِ الاسْتِوَاءِ بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
وَهَذَا قَوْلُ مَنْ لَيْسَ لَهُ فِقْهٌ فِي أَسْمَاءِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَلا فِقْهٌ فِي شَرْعِهِ وَأَمْرِهِ وَلا فِقْهٌ فِي أَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَحَقَائِقِ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(الشرح)
هَذَا قول باطل قول المتكلمين، المتكلمين يَقُولُونَ: إن العملين متساويين من جميع الوجوه، ومع ذَلِكَ الله تعالى يثيب هَذَا أكثر من هَذَا، بل قالوا: إنه يثيب هَذَا ويعاقب هَذَا؛ لِأَنَّ هؤلاء لا ينظرون إِلَى الحكم ولا ينظرون إِلَى الأسرار، ينظرون إِلَى المشيئة الإلهية، يَقُولُ: بس خلاص المشيئة هِيَ الَّتِي تخبط خبط عشواء، ولذا قالوا: إن الله يدخل الجنة الْمُؤْمِنِينَ بدون عمل، والعمل ليس سبب، ويدخل أهل النار بدون عمل، هَذَا من أبطل الباطل، بل العملين المتساويين يختلفان، باختلاف الإخلاص الَّذِي يقوم بالقلوب، وباختلاف المتابعة للنبي ﷺ، وباختلاف محبة العمل، محبة الله تعالى لهذا العمل.
(المتن)
(الشرح)
يَعْنِي يَقُولُ حديث الَّذِي فِيهِ أن الصلاة بالسواك تعدل سبعين صلاة يُحمل عَلَى هَذَا، يُحمل عَلَى صلاةٍ قَدْ خشع قبل المصلي لله وأخلص عمله لله، وأحضر قلبه بين يديه واتبع النَّبِيِّ ﷺ حرص عَلَى اتباع النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى في السواك الَّذِي يهمله الكثير من النَّاس ولا يبالي بِهِ تسوك من أجل الحرص عَلَى متابعة السنة؛ لا يبعد أن يكون هَذِهِ الصلاة بسبعين صلاة إذا وجدت هَذِهِ الأمور، الإخلاص، والمتابعة، الحرص عَلَى الإخلاص والصدق مَعَ الله، والحرص عَلَى متابعة النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى في السواك.
(المتن)
(الشرح)
قف عَلَى قوله: ومن هَذَا.