شعار الموقع

كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف 28 الكلام على أحاديث المهدي

00:00
00:00
تحميل
31

بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام عَلَى نبينا محمد ﷺ.

اللَّهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين.

نقرأ كتاب " المنار المنيف في الصحيح والضعيف للإمام اِبْن القيم رحمه الله ".

(المتن)

وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ صِحَاحٌ وَحِسَانٌ وَغَرَائِبُ وَمَوْضُوعَةٌ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي المهدي على أربعة أقوال.

(الشرح)

أحاديث هَذَا الباب يَعْنِي الأحاديث الَّتِي وردت في المهدي بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف وبعضها موضوع، أربعة أنواع، أحاديث للمهدي وضعها النَّاس كالكذابين وضعوا فِيهَا، وفي أحاديث حسنة وفي أحاديث ضعيفة وفي أحاديث صحيحة.

(المتن)

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي المهدي على أربعة أقوال:

أحدها: أنه المسيح ابن مَرْيَمَ وَهُوَ الْمَهْدِيُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ.

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا بِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُنْدِيِّ الْمُتَقَدَّمُ وَقَدْ بَيَّنَّا حَالَهُ وَأَنَّهُ لا يَصِحُّ.

(الشرح)

حديث: لا مهدي إِلَّا المسيح.

(المتن)

 وَقَدْ بَيَّنَّا حَالَهُ وَأَنَّهُ لا يَصِحُّ وَلَوْ صح لم يكن فيه حُجَّةً لأَنَّ عِيسَى أَعْظَمُ مَهْدِيٍّ.

(الشرح)

يَعْنِي لو صح لا مهدي إِلَّا المسيح، يَعْنِي لا مهدي أعظم من المسيح الحقيقي، ولن يكن هُنَاكَ مهدي بعده.

(المتن)

لأَنَّ عِيسَى أَعْظَمُ مَهْدِيٍّ بَيْنَ يَدِيِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَقَدْ دَلَّتِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى نُزُولِهِ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَحُكْمِهِ بِكِتَابِ اللَّهِ وقتله اليهود والنصارى وَوَضْعِهِ الْجِزْيَةِ وَإِهْلاكِ أَهْلِ الْمِلَلِ فِي زَمَانِهِ.

فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لا مَهْدِيَّ فِي الْحَقِيقَةِ سِوَاهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مَهْدِيًّا كَمَا يُقَالُ لا علم إلا ما نَفْعٌ وَلا مَالَ إِلا مَا وَقَى وَجْهَ صَاحِبِهِ وَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا الْمَهْدِيُّ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يَعْنِي الْمَهْدِيَّ الْكَامِلَ الْمَعْصُومَ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي وُلِيَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ وَقَدِ انْتَهَى زَمَانُهُ.

(الشرح)

نعم المهدي خليفة العباس المهدي انتهى.

(المتن)

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حدثنا وكيع عن شريك عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ أَقْبَلَتْ مِنْ خُرَاسَانَ فائتوها ولو حبوا على الثلج فإن فِيهَا خَلِيفَةَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ.

وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَدْ رَوَى لَهُ مسلم متابعة ولكن هُوَ ضعيف وَلَهُ مَنَاكِيرٌ تَفَرَّدَ بِهَا فَلا يُحْتَجُّ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ.

(الشرح)

وقد رواه علي بْنِ زيد علي بْنِ زيد ضعيف معروف.

(المتن)

وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نحوه وَتَابِعِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ خَالِدٍ.

وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم النَّبِيِّ ﷺ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ فَقُلْتُ: مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ قَالَ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَلاءً وَتَشْرِيدًا وَتَطْرِيدًا حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَمَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ يَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلا يُعْطَوْنَهُ فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلا يَقْلُبونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ.

وَفِي إِسْنَادِهِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وهو سيء الْحِفْظِ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَكَانَ يقبل التلقين.

وَهَذَا وَالَّذِي قَبْلُهُ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَهْدِيَّ الَّذِي تَوَلَّى مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ هُوَ الْمَهْدِيُّ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَلْ هُوَ مَهْدِيٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَهْدِيِّينَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله كَانَ مَهْدِيًّا بَلْ هُوَ أَوْلَى بِاسْمِ الْمَهْدِيَّ مِنْهُ.

وَقَدْ قَال َرَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَيِكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الِمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي.

وَقَدْ ذَهَبَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَغَيْرهُ إِلَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْهُمْ وَلا رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ رَاشِدًا مَهْدِيًّا وَلَكِنْ لَيْسَ بِالْمَهْدِيِّ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَالْمَهْدِيُّ فِي جَانِبِ الْخَيْرِ والرشاد كالدجال في جانب الشر والضلال وكما أن بين يدي الدجال الأَكْبَرِ صَاحِبِ الْخَوَارِقِ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ فَكَذَلِكَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَهْدِيِّ الأَكْبَرِ مَهْدِيُّونَ رَاشِدُونَ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَقَدِ امْتَلأتِ الأَرْضُ جَوْرًا وَظُلْمًا فَيَمْلأُهَا قَسْطًا وَعَدْلا وَأَكْثَرُ الأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا تَدُلُّ.

وَفِي كَوْنِهِ مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ سِرٌّ لَطِيفٌ وَهُوَ أن الحسن تَرَكَ الْخِلافَةَ لِلَّهِ فَجَعَلَ اللَّهُ مِنْ وَلَدِهِ مَنْ يَقُومُ بِالْخِلافَةِ الْحَقُّ المتضمن للعدل الَّذِي يَمْلأُ الأَرْضَ وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ أَنَّهُ مَنْ ترك لأجله شَيْئًا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَوْ أَعْطَى ذُرِّيَّتَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَهَذَا بِخِلافِ الْحُسَيْنِ فَإِنَّهُ حَرِصَ عَلَيْهَا وَقَاتَلَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَعْمَلُ بِسُنَّتِي، وَيُنْزِلُ اللَّهُ لَهُ الْبَرَكَةَ مِنَ السَّمَاءِ، وَتُخْرِجُ لَهُ الأَرْضُ بَرَكَتَهَا، وَيَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا، وَيَعْمَلُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ سَبْعَ سِنِينَ، وَيَنْزِلُ ببَيْتَ الْمَقْدِسِ.

وَرَوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَذَكَرَ الدَّجَّالَ وَقَالَ: فَتَنْفِي الْمَدِينَةُ الْخَبَثَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلاصِ فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ: فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، وَجَلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَمَامَهُمُ الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ.

وروى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَنْ تَهْلَكَ أُمَّةٌ أَنَا فِي أَوَّلِهَا، وَعِيسَى والمهدي في وَسَطَهَا.

وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهَا بَعْضُ الضَّعْفِ وَالْغَرَابَةِ فهي مِمَّا يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا وَيَشُدُّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَهَذِهِ أَقْوَالُ أَهْلِ السنة.

(الشرح)

قف عَلَى هَذَا لاشك أن القول الثالث هُوَ المعتبر.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد