شعار الموقع

شرح كتاب البيع من التسهيل في الفقه للبعلي 20 باب الغصب

00:00
00:00
تحميل
20

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فغفر الله لك وللسامعين.

المتن:

يقول الإمام أبو عبد الله محمد بن علي البعلي الحنبلي رحمه الله في كتابه التسهيل في كتاب البيع.

كتاب الغصب:

وهو الاستيلاء على مال غيره ظلمًا، فيلزمه رده بزيادته وأجرة مثله وعرش نقصه.

الشيخ:

بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال المؤلف رحمه الله: باب الغصب: هو الاستيلاء على مال الغير ظلمًا قهرًا، هذا تعريف الغصب أن يستولى على مال الغير بالقوة، ظلم القهر.

وأما النهب: فهو أن يخطف الشاب سلعة أمامه ثم يذهب بها.

وأما السرقة فإن أخذ المال عن خفية، فالسرقة أخذ عن خفية، والغصب: أخذ المال ظلما وقهرا، والخطف: أن يخطفه بسرعة ثم يهرب أمامه.

وكلها محرمة: السرقة والغصب والنهب، والنهب والخطف، ينهب السلعة ويأخذها بسرعة ثم يهرب، ومنه قول النبي ﷺ في الحديث: وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ.

وهذا أضعف الإيمان، وهذا الغصب والسرقة والنهب كلها معاصي، وتضعف الإيمان وتنقص الإيمان، والواجب على من ابتلي بذلك أن يتوب إلى الله وأن يرد المظالم إلى أهلها، يرد المال إلى أهله، حتى تصح توبته، وهو أخذ المال، وهو أخذ المال ظلما وقهرا، هذا هو الغصب.

(المتن)

فيلزمه رده بزيادته.

(الشرح)

فيلزمه رده بزيادته، يعني إذا غصب شيئا ثم زاد، يعني مثلا دابة ثم ولدت، أو سمنت يردهم بزيادته، فالزيادة تبع للأصل، وهو ظالم ليس له حق في الزيادة.

(المتن)

وأجرة مثله.

(الشرح)

وأجرة مثله إذا تأخر، جلس مدة وله أجرة، هذه يرد أجرة مثلها إذا تاب، إذا تاب يرده بزيادته ويرد أجرة المثل، إذا بقي عنده سنة تقدر هذه الأجرة، يردها ويرد مع السلعة التي أخذها أجرة سنة، وعرش النقص، النقص يعني هو ما بين القيمة التي تكون بين الضعف والقوة، فمثلًا لو غصب دابة قوية قيمتها مائة، ثم جلست سنة وهزلت صارت لا تساوي إلا سبعين ، هذه يردها ويرد الثلاثين العرش التي تكمل المائة، هذا النقص مقابل النقص الذي حصل.

(المتن)

وعليه إرش ما جنى.

(الشرح)

يعني إذا جنى عليها وتعدى عليها فإنه يدفع مقابل هذه الجناية، تقدر هذه الجناية ويدفعها.

(المتن)

فلو خاط به جرح محترم أو محرم فالقيمة.

(الشرح)

فلو خاط يعني إذا غصب خيطًا وهذا الخيط خاط به جرح محترم كإنسان أو دابة وأراد أن يتوب كيف يرد هذا الخيط، الخيط خاط به جرح، ما نقول له استخرج الخيط واجرح وإنما عليه القيمة، قيمة هذا الخيط.

يقدر هذا الخيط الذي جرح، الذي خاط به شيئا محترما من دابة أو إنسان، والخيط يبقى على الجرح، وأنه تقدر القيمة عليه.

(المتن)

ولو رقع به سفينة حتى ترسى.

(الشرح)

لو رقع به سفينة، يعني فيها خرق، خشبة لها قيمة ورقع بها خرقا في سفينة، ينتظر ثم أراد أن يردها وهي في لجة البحر ما نقول خذها الآن، لأنه إذا أخذها دخل الماء، وأثر في السفينة، وإنما ينتظر حتى ترسي السفينة في الساحل، ثم يأخذ هذه الرقعة ويؤديها إلى صاحبها.

(المتن)

ولو تعذر أو تلف فمثله في المثل وإلا قيمته.

(الشرح)

إذا تعذر رد المغصوب، إذا تعذر فلا يستطيع رده فإن كان له مثل يشتري مثله ويعطيه مثله، وإن لم يكن له مثل، فإنه تقدر القيمة ويعطيه القيمة، مثلا هذا المغصوب هذه السلعة لها أمثال موجودة في الشارع في السوق، فعليه أن يشتري مثلها ويؤدها إلى صاحبها.

أما إذا لم يكن لها مثل، فإنها تقدر القيمة، ويدفعه إلى صاحبها لأن التوبة لابد فيها من رد المظالم إلى أهلها، حقوق الناس لابد من أدائها.

(المتن)

ثم إن قدر عليه بعد رده وأخذ القيمة.

(الشرح)

يعني إن قدر على هذا المغصوب، هذا المغصوب مثلًا طار في الهواء، أو غاص في البحار، كالسمك أو الطير، وقال أنا غصبت منك هذا الطائر أو هذا السمك، لكن الآن ما أقدر أسلمك، فقدر قيمته وأعطاه خمسين، ثم بعد ذلك جاء قدر عليه، يرده على صاحبه ويسترجع القيمة الخمسين.

يرد السلعة على صاحبها، الدابة أو الطير على صاحبه لأنه قدر عليه، ثم يرد القيمة، ويسترجع القيمة التي أعطاه إياها.

(المتن)

ولو زاد بسمن أو صنعة ثم نقص لا بسعر ضمنها.

(الشرح)

لو زاد لو كانت الدابة ، غصب دابة ثم سمنت وكانت قيمتها حين الغصب مائة ولما سمنت صارت قيمتها مائة وعشرين ثم نقصت رجعت ضعفت وصارت قيمتها مائة عليه أن يرد العشرين، إلا إذا كان النقص بسبب السعر، أما إذا لم يكن بسبب السعر فإنه يرد هذه الزيادة التي نقصت، سمنت الدابة فزادت قيمتها عشرين، ثم ضعفت يرد العشرين.

وكذلك الصنعة كالعبد، قصد عبدا ثم تعلم صنعة، وكانت قيمة العشرة ثلاث لما تعلم الصنعة صار يساوي اثنا عشر ألفا، ثم بعد ذلك نسي الصنعة، أو كان سببا في نسيانها، فإنه يضمن.

(المتن)

ولو زاد بسمن أو صنعة ثم نقص، لا بسعر ضمنها.

(الشرح)

نقص مثلًا نسي هذه الصنعة نسيها فنقصت قيمته، فإنه يرد مقابل.

(المتن)

ولو طحنه أو نسجه، أو زرعه أو سار فرخًا أو اتجر فيه، فهو ونماؤه لربه.

(الشرح)

ففي هذه الأحوال كلها، لو طحن إذا كان المغصوب حبوبا، ثم طحنه فإنه يرده، يرده بمثله، وكذلك إذا كان صوفا ثم نسجه، إذا طحنه أو نسجه أو زرعه، يعني حبوبا زرعها.

(المتن)

أو زرعه، أو صار فرخًا.

(الشرح)

صار بيضة، غصبها ثم صارت فرخا هذه البيضة، صار لها قيمة أكثر، لما كانت مثلًا بيضة ما تساوي إلا ريالا، هذا لما صارت فرخا صارت تساوي خمسة، يردها قيمة عليها.

(المتن)  

أو اتجر فيه

الشيخ:

كذا إذا اتجر فيه وزاد وزادت القيمة، اتجر فيها يعني باعها واشترى بدلها غيرها حتى كثرت قيمتها.

(المتن)

فهو ونماؤه لربه.

(الشرح)

وهو ونماؤه لربه، يعني البيضة إذا صارت فرخا، نمت لربها، وكذلك أيضًا الحبوب إذا زرعها لربها، وهذا قد إذا كان في أرضه، أما إذا كان في أرض أخرى فإنه يخرجها أو يقدر، يقدر القيمة إذا كانت في أرض غيره، أما إذا كانت في أرضه هو ونماؤها له، حبوب وأرض غصبها وزرع الحبوب في الأرض، ثم أراد أن يتوب يرد هذه الحبوب ونماؤه له لأنها في أرضه.

إذا كان حبوبا ثم زرعها أو طحنها أو كان صفة ثم نسجه أو كان بيضة وصار فرخًا ، فهو ونماؤه لرب المال، يردها لأصل هو والنماء لرب المال.

(المتن)

ولو خلطه بما لا يتميز من جنسه فعليه مثله منه.

(الشرح)

إذا خلطه بشيء لا يتميز به من جنسه، خلط بشيء لا يمكن أن يميز وأراد أن يتوب، فعليه القيمة، أما إذا كان يتميز فإنه يدفع إلى صاحبه، يميزه بما اختلط به ويرده إلى مالكه.

(المتن)

ولو خلطه بما لا يتميز من جنسه فعليه مثله منه وبمتميز لزمه تخليصه. 

(الشرح)

المتميز يخلصه، وغير المتميز عليه القيمة.

المتن:

 وبغير جنسه، فمثله من حيث شاء.

(الشرح)

إذا خلطه بغير جنسه فإنه يعطيه المثل إذا كان له مثل يشتري من السوق مثله ويرده إليه، وأما الأول، اختلط بغير جنسه ما يمكن رده.

(المتن)

ولو غرس الأرض أو بناها، قلع وطم الحفر.

(الشرح)

يعني لو غصب الأرض ثم غرس فيها أشجارًا أو بنى فيها بناء يقلع الغرس ويهدم البناء ويطم ويرد الأرض على صاحبها، ولو قلع،

المتن:

 ولو غرس الأرض أو بناها قلع وطم الحفر.

الشيخ:

 يطم بحفرة يسوى ويرد الأرض على صاحبها.

(المتن) 

وإن زرع خير مالكها بين أخذه بعوضه أو تركه بالأجر.

(الشرح)

يعني إذا زرع في أرضه، فخير صاحبه بين أخذه بالقيمة أو يعطيه أجرة الزرع، إذا زرعها في أرضه هو مخيار إن شاء أعطاه الأجرة، وإن شاء دفع إيش؟

(المتن)

ولو غرس الأرض أو بناها، قلع وطم الحفر، وإن زرع خير مالكها بين أخذه بعوضه أو تركه بالأجر.

(الشرح)

يعني أخذه بقيمته، إما يأخذه بقيمته أو يتركه ويعطيه الغصب أجرة، أجرة العمل.

(المتن)

وإن وطء حد، ولزمه المهر وولده رقيق.

(الشرح)

يعني إذا غصب جارية ثم وطئها يقام عليه الحد وعليه المهر، والولد يكون رقيقا، تبعًا لأمه، لأن الولد يتبع أمه في الحرية والرق.

إذا غصب شخص جارية تباع وتشترى ثم وطئها، ظالم في هذا يقام عليه الحد، هذا الغاصب إذا كان بكرا يجلد ثم وعليه المهر يلزم بالمهر لأنه وطئها واستحل فرجها، عليه المهر ويرد الجارية على صاحبها، عليه المهر ويقام عليه الحد.

(المتن)

وإن وطء حد ولزمه المهر وولده رقيق.

(الشرح)

الولد رقيق لأنه تبعًا لأمه في الحرية والرق، يكون رقيقا لسيده.

(المتن)

وإن وطء حد ولزمه المهر وولده رقيق وكذا مشتر علم.

(الشرح)

المشتري إذا علم حكمه، يعني إذا باع هذه العبدة الأئمة باعها لشخص فمشتريها يقوم مقامه.

(المتن)

وغير العالم عليه المهر وقيمة ولده والأجر ويرجع بذلك على الغاصب.

(الشرح)

يعني إذا كان غاصبا باعها، وهو لم  يعلم مشتريه أنه معصوب فعليه الغاصب قيمة الولد، يدفع قيمة الولد، وعليه المهر، ويرجع بهذا على الغاصب الذي غره.

(المتن)

باب الشفعة.

(الشرح)

الغاصب: يدفع قيمة هذا الخيط الذي خاط به، قد يكون له قيمة، قد يكون مثلًا هذا الخيط عند الأطباء له قيمة، يخاط به جرح أو عملية.

ما نقول: أراد أن يتوب عليك أن تأتي بالجرح، وتخرج هذا الخيط، لا، عليه ضرر ، إنما على القيمة، (....) حبوب ومال، فيه مال الآن.

(مداخلة)

لأن المالك قد لا يمليها، وهذا زرع، الزرع طالع من المال صار سنبلا وكذا، مال، صار مالا الآن، والأرض تبقى الأرض سليمة.

لكن هذا المال هذا الزرع الذي بقي لابد أن له قيمة، ماذا نعمل به، أما الغرس قد لا يريد الغرس يغرس أشجارا مدة طويلة وقد لا يريد البناء، قد يريد الأرض فرضا، وأما هذا الزرع هي فضاء الآن، انتهى الزرع يحصده ويدفع له القيمة أو يعطيه الأجرة وانتهى.

لكن وش يسوي بالأشجار، يقول أنا لا أريد الأشجار ولا أريد البناء، وإنما أريد أن تكون فضاء، نقول للغاصب اقلع أشجارك واهدم بناءك وسوي الأرض، وادفع إلى صاحبها.

لكن إذا زرع وطلع سنبلاً وحبوباً ماذا نقول؟ نقول ارمِ الحبوب، لا، لها قيمة الحبوب، إن أحببت تأخذ القيمة، أو تعطيها الأجرة.

المالك: نقول للمالك: إما أن تدفع القيمة تعوضه عنها أو تعطيه الأجرة، تسلم أرضك وتسلم الحبوب.

(مداخلة)

لأنها ولو تكون باقية الزرع ما يبقى مثل الأشجار والبناء، زرعه انتهى.

(الشارح)

قال: على قوله: ولو تعذر أو تلف فمثله في المثلي، قال: هذا هو المذهب، قال: وإن تعذر رد المغصوب كعبد أبق وفرس شرد أو تلف في يد غاصبه ضمنه بمثله إن كان مثلي وهو المكيل كحب وثمر والموزون كحديد ونحاس لأنه لما تعذر رد العين لزمه رد ما يقوم مقامها.

(الشرح)

يعني غصب عبدا فهرب، أو جملا فشرد، أو طيرًا فطار، ولا يقدر على رده فعليه المثل، فإن رجع رده على صاحبه واسترجع القيمة.

(الشارح)

وهذا هو المذهب أعني أن المثلي هو كل مكيل أو موزون لا صناعة فيه مباحة يصح السلم فيه، فإن كانت الصناعة فيه محرمة كحلي الرجال، لم يجز ضمانه بأكثر من وزنه وجهًا واحدًا، لأن الصناعة لا قيمة لها شرعًا، أما ما فيه صناعة كمعمول الحديد أو منسوج القطن، ونحوها ففيه القيمة لأن الصناعة تؤثر في قيمة وهي مختلفة.

والقول الثاني: أن المثلي ما له نظير أو مقارب من معدود أو مكيل أو موزون أو مصنوع أو غير ذلك، وهو قول شيخ الإسلام واختاره الشيخ عبد الرحمن السعدي، بدليل حديث أنس.

(الشرح)

كل ما له مثل مثلي، والقول الأول: أنه خاص بالمكيل والموزون، المثلي الخاص بالمثل.

القول الثاني: كل ما له مثل سواء مكيلا أو غير مكيل، أو موزونا أو غير موزون.

(الشارح)

استدل بحديث أنس، أن النبي ﷺ كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام وقال: كلوا ودفع القصعة الصحيحة للرسول وحبس المكسورة.

قال: على قول أيضًا.

(الشرح)

وفيها بعض الألفاظ فقال: طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ يعني إناء بدل إناء، عوضه وأخذ القصعة المكسورة، وأعطاها بدلها قصعة سليمة، وهذا وجه الشاهد.

(الشارح)

قال: ولو زاد بسمن أو صنعة ثم نقص لا بسعر، ضمنها هذا هو الصحيح من المذهب.

والقول الثاني: أنه لا يضمن وهو رواية عن أحمد لأنه رد العين كما أخذها وفيه وجاهة.

(الشرح)

الأقرب أنه يضمن، لأنه متعدٍ.

(الشارح)

قال: ولو خلطه بما لا يتميز من جنسه فعليه مثله منه وبمتميز لزمه تخليصه، قال: على قوله وبغير جنسه فمثله من حيث شاء، أي وإن خلطه بغير جنسه كدقيق حنطة بدقيق شعير، وزيت ذرة بزيت زيتون وجب على الغاصب أن يدفع المثل من حيث شاء، لأنه صار بالخلق مستهلكا، وقد تعذر عليه الوصول إلى عين ماله فكان له الانتقال إلى بدله كما لو كان تالفا.

والقول الثاني: وهو ظاهر كلام أحمد أنهما شريكان بقدر ملكيهما كاختلاطهما من غير غصب فيباع ويعطى كل واحد قدر حصته.

قال على قوله: قال: وكذا مشتر علم أي وإن باع الغاصب الجارية المغصوبة لعالم بالغصب فالبيع فاسد لأنه باع مال غيره بغير إذنه.

والقول الثاني: يصح، ويقف على إجازة المالك، فإن أجازه نفذ ولزم البيع وإلا لم يجزه بطل، والحكم في وطء المشتري العالم كالحكم في وطء الغاصب في كل ما تقدم.

(الشرح)

الأقرب أنها لا تصح إذا كان عالما، لكن إذا كان جاهلا، ثم علم بعد ذلك فإنه يسلم المهر ويضمن ويرجع  على من غره .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد