شعار الموقع

شرح كتاب الحدود من التسهيل في الفقه للبعلي 4 بابُ المُحَارَبَةِ

00:00
00:00
تحميل
19

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد.

قال الإمام البعلي رحمه الله:

(المتن)

(بابُ المُحَارَبَةِ، مَنْ أَخَافَ السّبيلَ فَقَطْ شُرِّدَ، فإنْ أَخَذَ نِصَابًا قُطِعَتْ كَفُّهُ اليُمنَى وقَدَمُهُ اليُسْرَى، بِمَقَامٍ واحِدٍ، وَمَنْ قَتَلَ انْحَتَمَ القَوَدُ، وَمَنْ أَخَذَ وَقَتَلَ قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ).

الشيخ:

بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب المحاربة.

المحاربة مصدر (حارب - يحارب - حرابة - ومحاربة)، وبعض العلماء يسميها قطع الطريق، والله تعالى سماها كذلك، سماها حرابة، قال تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المائدة:33]، فسماها محاربة، وهم قطاع الطريق، مصدر (حارب - يحارب - محاربة وحرابة)، واسم الفاعل المحارب، هو نقيض المسالم.

وهي أن يقف شخص أو جماعة في مكان يتعرضون للناس، إما في الصحاري، أو في البحار، أو في مكان خال، ولو في البلد، يتعرضون للناس، يأخذون أموالهم، ويهددونهم بالسلاح، فهؤلاء يسمون محاربون لله ورسوله، يسمون قطاع طريق، سماهم الله تعالى المحاربين، هؤلاء لهم أحكام، سواء كانوا واحدا أو جماعة، فمن أخاف السبيل، يخيف الناس، ولم يأخذ مالًا، ولم يقتل، فإنه يشرد، يعني يلاحق، لا يترك يأوي في بلد، ولكن في هذا الزمان قد يقال أنه يجد من يأويه، وإذا لم يندفع إلا بهذا، فإنه يسجن.

الثاني، الحالة الثانية أن يأخذ المال، ولكنه لم يقتل، فهذا إذا أخذ تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى.

الثالث أن يقتل، وفي هذه الحالة يجب قتله.

الرابع أن يقتل ويأخذ المال، وفي هذه الحالة يقتل ويصلب.

هكذا قال جمع من أهل العلم على الترتيب.

والدليل على هذا قول الله تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ [المائدة:33]، قال بعض العلماء: هذه الآية فيها تقدير، إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا يعني إن قتلوا، أَوْ يُصَلَّبُوا، يعني إن قتلوا وأخذوا المال، أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ،إن أخذوا المال ولم يقتلوا، أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ إن لم يأخذوا مالًا، ولم يقتلوا.

وقال آخرون من أهل العلم: إن الإمام يخير بين هذه الأمور الثلاثة، نعم، حسب ما يراه مصلحة، نعم، من هذه الأمور الأربعة، ولا يتحتم ما ذكر، نعم، أعد، من أخاف؟

(المتن)

(مَنْ أَخَافَ السّبيلَ فَقَطْ شُرِّدَ، فإنْ أَخَذَ نِصَابًا قُطِعَتْ كَفُّهُ اليُمنَى وقَدَمُهُ اليُسْرَى، بِمَقَامٍ واحِدٍ).

الشيخ:

يعني في وقت واحد، إذا أخذ مالًا، أي نصاب، يبلغ النصاب، تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى في وقت واحد، والمعنى أنه تقطع يده اليمنى، ولا ينتظر حتى تبرأ يده اليمنى، بل في وقت واحد، تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، نعم.

(المتن)

(وَمَنْ قَتَلَ انْحَتَمَ القَوَدُ).

الشيخ:

يعني يجب قتله إذا قتل، نعم.

(المتن)

(وَمَنْ أَخَذَ وَقَتَلَ قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ، فَإن تَابَ قَبلَ الظَّفَرِ، سَقَطَ الحَدُّ، لا حَقُّ آدَمِيٍ).

الشيخ:

إن تاب المحارب لله ورسوله، وجاء وسلم نفسه تائبًا، فإنه يسقط حق الله، وأما حق الآدمي، فإنه باق، لقول الله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:34]، فإذا كان محاربا و تعرض للناس في الطرقات، ثم جاء تائبًا، وسلم نفسه قبل أن يقبض، فإنه يسقط حق الله، وأما حق الآدمي يجب، إذا كان أخذ مال، يجب رد المال، وإذا كان قتل يكون الأمر إلى أولياء القتيل، إن شاءوا اقتصوا منه، وإن شاءوا عفوا عنه إلى الدية، أو عفوا عنه مجانًا، حق الآدمي لا يسقط، وأما حق الله فإنه يسقط، يقول الله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ[المائدة:34]، وأما إذا أخذ ثم ادعى التوبة، فلا يسقط، بل يحد، إذا أخذ ثم ادعى التوبة، لكن إذا سلم نفسه قبل أن يقبض عليه، سقط حق الله، وبقي حق الآدمي، نعم.

طالب:

أحسن الله إليك، في قطع القدم واليد إذا تركنا العقب يصير فيه كسر للقدم.

الشيخ:

تقطع من مفصل الساق، اليد من مفصل الكف، والرجل من مفصل الساق.

طالب:

مع العقب؟

الشيخ:

نعم، هذا قطع الرجل إذا أريد من مفصل الساق.

طالب:

هناك من قال يترك العقب لحين.

الشيخ:

لا، الرجل معناه، العقب داخل في مسمى الرجل، نعم.

(المتن)

(فَإن تَابَ قَبلَ الظَّفَرِ، سَقَطَ الحَدُّ، لا حَقُّ آدَمِيٍ،وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ على نفسٍ، أو مَالٍ، أو حَرِيْمٍ بالأَسْهَلِ).

الشيخ:

الصائل هو الذي يصول على الإنسان يريد نفسه، أو ماله، أو عرضه، يقال له الصائل، وقد يكون الصائل من بني آدم، وقد يكون من الحيوان، من بهيمة، فالصائل من بني آدم، يدفع بالأسهل فالأسهل، إذا كان يندفع بالتهديد والوعيد، فإنه يهدده ويتوعده، ويكتفي بهذا، وإن كان لا يندفع إلا بالضرب، فإنه يضربه بالعصا، ولا يضربه بالحديد، ولا بالسلاح، وإذا كان لا يندفع إلا بالسلاح، فله دفعه بالسلاح، وإذا قتل فدمه هدر، وإن قتل المدافع عن نفسه فهو شهيد، لقول النبي ﷺ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.

وأما الصائل إذا قتل فدمه هدر، لا دية له، لأنه معتدٍ، الصائل هو الذي يصول على الإنسان يريد نفسه أو ماله أو عرضه، نعم.

(المتن)

(وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ على نفسٍ، أو مَالٍ، أو حَرِيْمٍ بالأَسْهَلِ، ثُمَّ إِنْ قُتِلَ فَهَدَرٌ).

الشيخ:

نعم، يدفع بالأسهل فالأسهل، يعني اندفع بالوعيد لا يضرب، وإن لم يندفع إلا بالضرب ضرب بالعصا، ولا يقتل، وإن لم يندفع إلا بالقتل، أو بادره بالسلاح، فله قتله، نعم.

 (المتن)

(مَا أَتْلَفَتْهُ البَهَائِمُ لَيلًا ضُمِنَ، لا نَهارًا إنْ لَمْ يَكنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا، وإِنْ كانَ مَعَها فَيَضْمَنُ ما أتْلَفَتْهُ بفَمِهَا، أو يَدِهَا، أو رِجْلِهَا، دُونَ نَفْحِهَا ابْتِدَاءً).

الشيخ:

نعم، إذا أتلفت البهائم شيئًا في الليل، فإنه لا يجب على أهلها شيئًا، لأنه يجب على أهل الحائط أن يصونوه، ويمنعوه ليلًا، وأما إذا أتلفت نهارًا، فإنه على صاحبها.

طالب:

نهارًا، ما أتلفته البهائم ضمن؟

الشيخ:

نعم، ما أتلفته البهائم بالليل فإنه يضمن، وأما نهارًا فلا، لأنه على أهل الحوائط، النبي ﷺ  أوجب على أهل الحوائط أن يحموا حوائطهم ليلًا، وأما في النهار فإن صاحب الدابة عليه أن يصونها، فإذا أتلفته نهارًا ضمن، وأما إذا أتلفت شيئًا بالليل لا يضمن، أهل الحوائط، لأن النبي ﷺ جعل على أهل الحوائط أن يحموا حوائطهم.. نعم؟

طالب:

بالعكس يا شيخ، أهل الحوائط يحفظونها نهارًا، وأهل الليل يحفظون بهائمهم؟

الشيخ:

نعم، أهل الحوائط يحفظون حوائطهم ليلًا، وأهل البهائم يحفظون دوابهم نهارًا، فإذا أتلفت ليلًا فلا يضمن، وإذا أتلفت نهارًا فإنه يضمن، هذا إذا لم يكن معها سائق، معها أحد الدابة، فإن كان معها أحد فإنه يضمن، سواء كان هذا الذي معها راكبًا، أو قائدًا يقودها، أو سائقًا يسوقها، فإن أتلفت شيئًا بفمها، أو بيدها ورجلها، فإنه مضمون، لأنه يتصرف، أما إذا كان في النهار، فلا، هدر.

أما إذا ضربت برجلها ابتداءً بدون سبب، فإنه لا يضمن، ولو كان معها، لأنه ليس له اختيار في ذلك، إلا إذا كان متسبب، كأن يأتي إنسان ينخسها فتنفحه برجلها، في هذه الحال هو المتسبب، لكن إذا نفحته برجلها بدون سبب، فلا، لكن إذا كان معها فإنه يضمن، سواء كان الذي أتلفته بفمها، أو بيدها، أو برجلها، نعم.

طالب:

أحسن الله إليك.

باب حد المسكر.

الشيخ:

بركة

الشارح:

بارك الله فيك، يقولون يا شيخنا الحائط ليلًا صاحب البهائم هو الذي يضمن، لأن صاحب البهائم هو الذي الواجب عليه أن يمنع بهائمه في الليل، أما في النهار فهي ترعى، فإن تعدت على حائط أحد، وليس معها من يحرسها فلا شيء عليه، هذا ما يقول المتن يا شيخ.

طالب:

الشيخ أحسن الله إليه ذكر في الشرح هنا..

الشيخ:

في الليل نعم.

طالب:

في الليل يا شيخنا صاحب البهائم..

الشيخ:

يضمن، لأن عليه أن يحفظ بهائمه ليلًا، نعم، وأهل الحوائط عليهم أن يحفظوا نهارًا، نعم.

طالب:

علق عليها

الشيخ:

نعم، وإيش قال؟

الشارح:

قال أحسن الله إليك: (وما أتلفته البهائم ليلًا ضمن) هذه المسألة يذكرها فقهاء الحنابلة في آخر باب الغصب، وذكرها المصنف هنا لمناسبة الصائل، أي وما أتلفت البهائم من الزرع والشجر وغيرهما ليلًا ضمنه صاحبها، لما ورد عن حرام بن محيصة الأنصاري، أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدته، فقضى رسول الله ﷺ على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل، وفي لفظ آخر: (وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل، وقوله: (لا نهارًا، إن لم يكن صاحبها معها) أي لا يضمن صاحبها ما أتلفته نهارًا للحديث السابق، إلا إن كان صاحبها معها، فإنه يضمن، لأنها لم تفسد إلا بتعديه.

الشيخ:

نعم، لأن في الليل على أهل الحوائط عليهم أن يحفظوا حوائطهم، أو هذا على أهل المواشي أن يحفظوا مواشيهم، وأما في النهار، فإن الدواب تنتشر، وتخرج، وترعى، نعم.

الشارح:

وقوله أحسن الله إليك: (وإن كان معها فيضمن ما أتلفته بفمها أو يدها أو رجلها).

الشيخ:

يعني في النهار ما يضمن لأنها تنتشر إلا إذا كان معها صاحبها، لكن في الليل يضمن، لأن عليه أن يحفظها في الليل، يحفظ دوابه ليلًا، نعم، الليل سكن، يحفظ الإنسان بهائمه، وأولاده، إذا تركها تتعدى، ضمن، وأما في النهار فهي ترعى، فلا يضمن إلا إذا كان معها صاحبها، سواء كان راكبًا، أو سائقًا، أو قائدًا، نعم.

الشارح:

أحسن الله إليك، وقوله: (وإن كان معها فيضمن ما أتلفته بفمها، أو يدها، أو رجلها) أي وإن كان صاحبها معها من راكب، أو قائد، أو سائق، ضمن ما أتلفته بفمها، أو يدها، أو وطئته رجلها، لأنه يمكنه أن يحفظها، ويمنعها من وطء ما لا يريد، وكونه يضمن ما وطئت برجلها هذا هو المذهب.

والقول الثاني: أنه لا يضمن ما وطئت برجلها، والأول أظهر، لأنه يقدر على حبسها.

الشيخ:

صحيح، يقدر على منعها، ما دام معها يقدر يمنعها، ما يخليها تمر، تطأ برجلها في شيء، نعم.

الشارح:

فإن لم يكن صاحبها معها لم يضمن ما أتلفته لقوله ﷺ: العَجْمَاءُ جُبَارٌ أي هدر.

الشيخ:

نعم، يعني جرحها وإصابتها جُبار، ولأن النبي ﷺ أمر أهل الحوائط أن يحفظوا حوائطهم بالليل، وأهل الدواب أن يحفظوا دوابهم بالنهار، نعم.

الشارح:

قوله ﷺ: العَجْمَاءُ جُبَارٌ أي هدر، والعجماء هي البهيمة، سميت به لأنها لا تتكلم، والمعنى جناية البهيمة هدر غير مضمون.

الشيخ:

العَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ يعني ما سقط في البئر هدر، وكذلك العجماء ما أصابت في النهار فهو هدر، يعني لا يضمن، نعم.

الشارح:

آخر لفظة - أحسن الله إليك - قوله: (دون نفحها ابتداءً) يقال نفحت الدابة برجلها، أي ضربت بحافرها، فإذا نفحت الدابة برجلها ابتداء فلا ضمان على صاحبها، لأنه لا يمكنه منعها من ذلك، وقوله ابتداءً.

 الشيخ:

إلا إذا كان تسبب، إذا كان تسبب، جاء شخص ونخسها، ثم نفحته برجلها هذا صار متسبب، لأن ما نفحته إلا بسبب النخسة، نعم.

الشارح:

وقوله ابتداءَ يخرج ما إذا نفحت بسبب، كنخسها، فإن المتسبب هو الذي يضمن، والله أعلم.

الشيخ:

نعم، نعم.........

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد