** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-
{ وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم * لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيم}
[النهي عن اليمين بترك الأعمال الصالحة]
يقول تعالى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها، كقوله تعالى: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم} [النور: 22]، فالاستمرار على اليمين آثَمُ لصاحبها من الخروج منها بالتكفير.
كما روى البخاري: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لأن يلجَّ أحدكم بيمينه في أهله آثمُ له عند الله من أن يُعطي كفارته التي افترض الله عليه»([1]). وهكذا رواه مسلم، وأحمد.
(التفسير)
يلجَّ في يمينه، يستمر في يمينه، فبعض الناس يحلف، ويستمر في يمينه، يكون حلف مثلًا أن لا يزور بيت قريبه، أو لا يأكل طعامه، أو لا يزوره ثم يستمر فنقول: يا فلان زر قريبك، أو عده مناسبة، يقول: قد حلفت ألا أدخل بيته، فهذا يلجَّ في يمينه، فلا تلجَّ في يمينك، وكونك تكفر عن يمينك هذا أفضل، وكونك تلجَّ في يمينك آثم لك عند الله من أن تعطي الكفارة، كفر عن يمينك، ولا تستمر، وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير، وتحللتها"([2]) سواء قدمت الكفارة، أو أخرتها، المهم إذا حلفت أنك لا تزور بيت فلان، فالأفضل أن تزوره، وتكفر عن يمينك، وإذا حلفت ألا تأكل طعامه، فكل طعامه، وكفر عن يمينك، وكونك تلجَّ في يمينك هذا سبب لقطيعة الرحم، وسبب للشحناء، والبغضاء، وكونك تكفر عن يمينك أفضل، كونك تلجَّ في يمينك آثم لك عند الله من أن تعطي الكفارة.
*****
** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: { وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ } قال: لا تجعلن عرضة ليمينك ألا تصنع الخير، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير.
وهكذا قال مسروق، والشعبي، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، وطاوس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وعكرمة، ومكحول، والزهري، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس، والضحاك، وعطاء الخراساني، والسدي رحمهم الله تعالى.
ويؤيد ما قاله هؤلاء الجمهور ما ثبت في الصحيحين، عن أبي موسى الأشعري ط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني والله -إن شاء الله -لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها»([3]).
وروى مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير»([4]).
[لغو اليمين]
وقوله: { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ } أي: لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية، وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا تأكيد، كما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله» فهذا قاله لقوم حديثي عهد بجاهلية، قد أسلموا وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللات من غير قصد، فأمروا أن يتلفظوا بكلمة الإخلاص، كما تلفظوا بتلك الكلمة من غير قصد، لتكون هذه بهذه؛ ولهذا قال تعالى: { وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيم } كما قال في الآية الأخرى في المائدة: { وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ } [المائدة:89].
قال أبو داود: باب لغو اليمين: ثم روى عن عطاء: في اللغو في اليمين، قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « اللغو في اليمين هو كلام الرجل في بيته: كلا والله وبلى والله»([5]).
وروى ابن أبي حاتم: عن ابن عباس قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان.
وروي أيضًا عن ابن عباس قال: لغو اليمين أن تحرم ما أحل الله لك، فذلك ما ليس عليك فيه كفارة، وكذا روي عن سعيد بن جبير.
وقال أبو داود : «باب اليمين في الغضب»: ثم روي عن سعيد بن المسيب: أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال: إن عدت تسألني عن القسمة، فكل مالي في رتاج الكعبة. فقال له عمر: إن الكعبة غنية عن مالك، كفر عن يمينك وكلم أخاك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يمين عليك، ولا نذر في معصية الرب عز وجل، ولا في قطيعة الرحم، ولا فيما لا تملك»([6]).
وقوله: { وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: هو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب. قال مجاهد وغيره: وهي كقوله: { وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ } الآية [المائدة:89] { وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيم} أي: غفور لعباده، حليم عليهم.
(التفسير)
هذه الآية الكريمة فيها من الأحكام أنه لا يجوز للإنسان أن يجعل يمينه مانعة له من فعل الخير، بل عليه أن يُكفر عن يمينه، ويفعل الخير، وهذا قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:224] لا تجعلوا أيمانكم مانعة لكم من فعل الخير، ومانعة من فعل البر والتقوى كأن يحلف أنه لا يزور صديقه، ولا يزور جاره، أو قريبه، أو لا يسلم عليه فإنه يكفر عن يمينه، ويفعل الخير، وفيه دليل على أنه لا يجب للإنسان أن يجعل اليمين مانعة من فعل الخير والبر والتقوى والإصلاح بين الناس {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
وفيه إثبات اسمين من أسماء الله وهما السميع العليم وإثبات صفة السمع والعلم.
{لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة:225] فيه دليل على أن لغو اليمين لا يؤاخذ بها الإنسان، ولغو اليمين هو الذي يجري على اللسان بغير قصد، كما قالت عائشة: "قول الرجل: لا والله، وبلى والله" والله ما فعلت كذا، والله فعلت كذا، تجري على اللسان بغير قصد هذه لا يؤاخذ بها، وفيه دليل على أن الذي يؤاخذ به الإنسان اليمين التي كسبها بقلبه، واليمين التي عقدها كما في الآية: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة:89] اليمين الذي عقدها وكسبها قلبه.
وفي هاتين الآيتين الكريمين من الأحكام أن اليمين لا تمنع من فعل الخير، والبر، والتقوى.
والحكم الثاني: أن المسلم لا يؤاخذ بلغو اليمين، وهو الذي يجري على لسانه بغير قصد، والحكم الثالث: أن الذي يؤاخذ به الإنسان هي اليمين التي يكسبها قلبه، ويعقد عليها قلبه، وهي اليمين التي يقصدها.
وفيه إثبات أربع أسماء من أسماء الله: السميع، والعليم، والغفور، والحليم، وأربع صفات: صفة السمع، والعلم، والمغفرة، والحلم؛ لأن أسماء الله مشتقة، كل اسم مشتمل على صفة.
*****
** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-
{ لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم * وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيم }.
[الإيلاء وحكمه]
الإيلاء: الحلف، فإذا حلف الرجل ألا يجامع زوجته مدة، فلا يخلو: إما أن يكون أقل من أربعة أشهر، أو أكثر منها، فإن كانت أقل، فله أن ينتظر انقضاء المدة ثم يجامع امرأته، وعليها أن تصبر، وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدة، وهذا كما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرًا، فنزل لتسع وعشرين، وقال: «إن الشهر تسع وعشرون»([7]) ولهما عن عمر بن الخطاب نحوه. فأما إن زادت المدة على أربعة أشهر، فللزوجة مطالبة الزوج عند انقضاء أربعة أشهر: إما أن يفيء -أي: يجامع -وإما أن يطلق، فيجبره الحاكم على هذا وهذا لئلا يضر بها. ولهذا قال تعالى: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ} أي: يحلفون على ترك الجماع من نسائهم، فيه دلالة على أن الإيلاء يختص بالزوجات دون الإماء كما هو مذهب الجمهور.
{ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } أي: ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف، ثم يوقف ويطالب بالفيئة أو الطلاق.
ولهذا قال: { فَإِنْ فَآؤُوا } أي: رجعوا إلى ما كانوا عليه، وهو كناية عن الجماع، قاله ابن عباس، ومسروق والشعبي، وسعيد بن جبير، وغير واحد، ومنهم ابن جرير رحمه الله { فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم } أي: لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين.
وقوله: { وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ } فيه دلالة على أنه لا يقع الطلاق بمجرد مضي الأربعة أشهر.
كما روى مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر أنه قال: إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر، حتى يوقف، فإما أن يطلق، وإما أن يفيء. وأخرجه البخاري.
وروى ابن جرير: عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه قال: سألت اثني عشر رجلًا من الصحابة عن الرجل يولي من امرأته، فكلهم يقول: ليس عليه شيء حتى تمضي أربعة أشهر فيوقف، فإن فاء وإلا طلق.
ورواه الدارقطني من طريق سهيل.
قلت: وهو مروي عن عمر، وعثمان، وعلي، وأبي الدرداء، وعائشة أم المؤمنين، وابن عمر، وابن عباس. وبه يقول سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، ومجاهد، وطاوس، ومحمد بن كعب، والقاسم.
(التفسير)
هاتان الآيتان الكريمتان في الإيلاء، والإيلاء هو الحلف، هو أن يحلف الرجل ألا يجامع امرأته فوق أربعة أشهر، فإنه يوقف حتى تمضي المدة، فإذا مضت المدة، فإن صبرت المرأة فهو حقها، وإن طالبت فإن الحاكم يوقفه، ويلزمه إما أن يفيء بأن يجامع، وإما أن يطلق، دفعًا للإضرار عنها، أما إذا كانت المدة أقل من أربعة أشهر فله ذلك، ينتظر هذه المدة، وإذا مضت من امرأته شهر أو شهران أو ثلاثة أو أربعة فأقل فإن له أن يجلس هذه المدة، وليس لها أن تطالبه هذه المدة، أما إذا زادت عن أربعة أشهر فإن الحق لها إن صبرت على خمسة أشهر صبرت فالحق لها، وإن لم تصبر، ورفعت أمرها للحاكم فإن الحاكم الشرعي وهو القاضي يلزمه بأحد أمرين: إما أن يفيء فيجامع، وإما أن يطلق، وهذا هو معنى قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة:226] يعني يحلفون، يحلفون على عدم الجماع {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} يعني انتظار أربعة أشهر، للذين يحلفون على أزواجهم ألا يجامعوهم أربعة أشهر، يعني يوقفون أربعة أشهر {فَإِنْ فَاءُوا} يعني رجعوا إلى زوجاتهم كناية عن الجماع فالحمد لله، {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:227] قد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما أكثر أزواجه عليه في النفقة، آلى من نسائه شهرًا، حلف عليهنّ شهرًا، واعتزل في غرفة مرتفعة، اعتزلهن شهرًا، ثم بعد 29 يوما نزل، وبدأ بعائشة، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله إنك حلفت شهرًا، وأنت نزلت في تسعٍ وعشرين، أعدهنّ عدًا بأصابعي، فقال: إن الشهر تسعٌ وعشرون، فالشهر تسعٌ وعشرون، وثلاثون، ووافق ذلك الشهر تسعا وعشرين، كأنه بدأ من أول الشهر على حسب الرؤية، أما إذا كان أثناء الشهر يُكمل الشهر ثلاثين، لكن إذا بدأ من أول الشهر على حسب الشهر، حسب الرؤية إن كانت الرؤية تسعا وعشرين، فتسع وعشرون، وإن كان ثلاثين، فثلاثون، أما إذا كان في أثناء الشهر لابد أن يكمل ثلاثين، مثل المرأة المعتدة إذا اعتدت من أول الشهر فالعبرة بالأشهر، سواء كان تامًا، أو ناقصًا، وإن كان في أثناء الشهر فلابد من إكمال الشهر.
وفي هذه الآية الكريمة: دليل على أن مَن آلى من نسائه أقل من أربعة أشهر فإن له ذلك، وليس لزوجته أن تطالبه، أما إذا كان أكثر من أربعة أشهر فإن للزوجة أن تطالبه، وإن قصر في حقها فلها ذلك، وإن طالبته فإن الحاكم الشرعي وهو القاضي يوقفه، ويخيره بين أمرين: إما أن يفيء وإما أن يطلق، وهذا هو معنى قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} هذه المدة التي هجر فيها الزوج زوجته من أجل الحلف، {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} عزموا الطلاق فالله سميع بأقوالكم وعليم بأفعالكم، وفيه إثبات اسمين من أسماء الله السميع والعليم إثبات صفة السمع والعلم.
كفارة يمين هذا إذا لم يفعل ما حلف عليه، إذا حلف شهرًا فلا يكفر، فإن حلف شهر، ثم نزل قبل الشهر يكفر، إذا خالف ما فعله لم يقضي ما فعل على تركه، أو على فعله فإنه يكفر، وإذا أقضى يمينه فلا يكفر، حلف شخص لا يأكل طعام فلان إذا لم يأكل ما عليه شيء، وإن أكل يكفر، حلف لا يدخل بيته إن لم يدخل بيته فليس عليه شيء، مضى في يمينه، وإن دخل بيته فعليه كفارة يمين.
*****
** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-
قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيم }
[بيان عدة المطلقة]
هذا أمر من الله سبحانه وتعالى للمطلقات المدخول بهن من ذوات الأقراء، بأن يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، أي: بأن تمكث إحداهن بعد طلاق زوجها لها ثلاثة قروء؛ ثم تتزوج إن شاءت.
[معنى القرء]
روى الثوري عن علقمة قال: كنا عند عمر بن الخطاب ط فجاءته امرأة فقالت: إن زوجي فارقني بواحدة أو اثنتين فجاءني وقد وضعت مائي وقد نزعت ثيابي وأغلقت بابي. فقال عمر لعبد الله - يعني ابن مسعود - ما ترى؟ قال: أراها امرأته، ما دون أن تحل لها الصلاة. قال عمر: وأنا أرى ذلك.
وهكذا روي عن أبي بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأنس بن مالك، وابن مسعود، ومعاذ، وأبي بن كعب، وأبي موسى الأشعري، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، وإبراهيم، ومجاهد، وعطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومحمد بن سيرين، والحسن، وقتادة، والشعبي، والربيع، ومقاتل بن حيان، والسدي، ومكحول، والضحاك، وعطاء الخراساني، أنهم قالوا: الأقراء: الحيض.
(التفسير)
هذا يدل على أن المرأة إذا طلقها زوجها، ولم تمض ثلاث حيضات، وهي في الحيضة الثلاثة أرادت أن تغتسل، وجاءت بالماء، ووضعت الماء عندها، ودق زوجها عليها الباب ليراجعها، قال عمر لابن مسعود : احكم فيها، ما ترى فيها؟ قال: أراها زوجته ما دام أنها لا يحل لها الصلاة، ما دام لا يحل لها الصلاة فهي زوجته حتى تغتسل، ما دام أنها لم تغتسل فهي زوجته، فإن اغتسلت فليست زوجته، ودق عليها الباب في الحيضة الثالثة، وهي وضعت ثيابها تريد أن تغتسل؛ لكنها ما اغتسلت. قال عمر : أنا أراها كذلك، قال: هي زوجته ما لم تحل لها الصلاة.
*****
** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-
ويؤيد هذا ما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي من طريق المنذر بن المغيرة، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حُبَيش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: «دعي الصلاة أيام أقرائك»([8]) .
فهذا لو صح لكان صريحًا في أن القرء هو الحيض، ولكن المنذر أحد رواته. قال فيه أبو حاتم: مجهول ليس بمشهور. وذكره ابن حبان في الثقات.
(التفسير)
يعني اختلف العلماء في الأقراء هل هي الحيض أو الأطهار، فجماعة يرون أن الأقراء هي الحيض، وعلى هذا تعتد المرأة في الحيض إذا طلقها، والقول الثاني: المراد بها الأطهار، وهو قول الشافعية، وعلى هذا إذا طهرت ثلاث مرات تكون خرجت من العدة، والقرء يطلق على هذا، وعلى هذا، والخلاف شديد في هذا، والأغلب والأرجح أن المراد بالأقراء هي الحيض.
*****
** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-
[يقبل كلام النساء في الحيض والطهر]
وقوله: { وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } أي: من حَبَل أو حيض.
قاله ابن عباس، وابن عُمَر، ومجاهد، والشعبي، والحكم بن عيينة والربيع بن أنس، والضحاك، وغير واحد .
وقوله: { إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } تهديد لهن على قول خلاف الحق. ودل هذا على أن المرجع في هذا إليهن؛ لأنه أمر لا يعلم إلا من جهتهن.
(التفسير)
المرأة قد تكتم ما في بطنها من الحمل حتى لا يعلم أنها حامل، فيعلم أن المدة طويلة من الباقي؛ لأن عدتها بالحمل، وكذلك إذا كتمت الحيض، والمرجع إليها، والله تعالى حرم عليها الكتمان، فليس لها أن تكتم للزوج حتى ما يعلم أنها حامل، أو ما يعلم أنها حائض حتى ما يدري المدة متى تنتهي.
*****
** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-
ودل هذا على أن المرجع في هذا إليهن؛ لأنه أمر لا يعلم إلا من جهتهن. وتتعذر إقامة البينة غالبًا على ذلك، فردّ الأمر إليهن، وتُوُعِّدْنَ فيه، لئلا يخبرن بغير الحق إما استعجالًا منها لانقضاء العدة، أو رغبة منها في تطويلها، لما لها في ذلك من المقاصد[9].
فأمرت أن تخبر بالحق في ذلك من غير زيادة ولا نقصان.
[الزوج أحق بالرجعة]
وقوله: { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا } أي: وزوجها الذي طلقها أحق بردها ما دامت في عدتها، إذا كان مراده بردتها الإصلاح والخير. وهذا في الرجعيات. فأما المطلقات البوائن فلم يكنْ حالَ نزول هذه الآية مطلقة بائن، وإنما صار ذلك لما حُصروا في الطلقات الثلاث.
(التفسير)
يعني في أول الإسلام كان الرجل يطلق ما شاء ما في تحديد، ثم حصرهم الله في الطلقات الثلاثة، وكان قبل نزول هذه الآية ما حصروا في هذه الآية، نزول هذه الآية ما حدد لهم ثم بعد ذلك حدد الله قال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة:229]
*****
** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-
فأما حال نزول هذه الآية فكان الرجل أحقّ برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة، فلما قصروا في الآية التي بعدها على ثلاث تطليقات صار للناس مطلقة بائن وغير بائن.
[حقوق الزوجين]
وقوله: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } أي: ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فلْيؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف، كما ثبت في صحيح مسلم، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته، في حجة الوداع: «فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهُنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبَرِّح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف»([10]). وفي حديث بهز بن حكيم، عن معاوية بن حَيْدَة القُشَيري، عن أبيه، عن جده، أنه قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمْتَ، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تُقَبِّح، ولا تهجر إلا في البيت»([11]) وقال وَكِيع عن بشير بن سليمان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إني لأحب أن أتزيَّن للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة؛ لأن الله يقول: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
[فضل الرجال على النساء]
وقوله: { وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} أيٍ: في الفضيلة في الخُلُق والخلق، والمنزلة، وطاعة الأمر، والإنفاق، والقيام بالمصالح، والفضل في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ } [النساء:34].
وقوله: { وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم } أي: عزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، حكيم في أمره وشرعه وقدره.
(التفسير)
هذه الآية الكريمة للمطلقات قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة:228] المطلقات الرجعيات، المطلقة الرجعية هي التي طلقها زوجها الطلقة الأولى، والطلقة الثانية، لما نزلت هذه الآية لم يكن هناك مطلقات بوائن، كانوا في أول الإسلام، وفي الجاهلية يطلق الرجل امرأته ما شاء، وكانوا في الجاهلية يظاهرونهنّ كان الرجل إذا كان لا يريد الزوجة طلقها فإذا قربت من انتهاء العدة راجعها، ثم طلقها فإذا قربت من نهاية العدة راجعها، وهكذا، فالله تعالى قصرهم على ثلاث، قال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة:229].
في هذه الآية الكريمة: قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} فيه دليل على أن المطلقة تربص ثلاثة قروء، أي: ثلاثة حيضات إذا كانت تحيض، فإن كانت لا تحيض فإنها تعتد ثلاثة أشهر، وإن كانت حاملا يكون بوضع الحمل، حتى ولو بعد الطلاق بلحظة لعموم قول الله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق:4] هذا عام لكل مطلقة إذا كانت حاملا بوضع الحمل، ولو كان بعد الطلاق أو بعد الوفاة بلحظة فإنها تخلص من العدة بوضع الحمل.
أما إذا لم تكن حاملا وهي مطلقة فإن كانت تحيض تعتد بالحيض، وإن كانت لا تحيض بأن كانت صغيرة أو انقطع عنها الدم ولم يعد عليها فإنها تعتد بالأشهر، بهذا قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}.
وقوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}[البقرة:228] فيه دليل على تحريم كتمان المرأة ما في بطنها من حمل، أو الحيض؛ لأنها قد تكتم الحمل، أو الحيض إما استعجالًا للمدة إذا كانت لا تريد الزوج أن يراجعها، أو تطويل لها إذا كانت تريد أن يراجعها، فتخبر بغير الواقع، فالله تعالى حرم عليها ذلك قال: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} تهديد ووعيد مَن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا يحل لها أن تكتم ما في بطنها من الحَبَل أي: الحمل، أو الحيض، بل تخبر بالواقع.
وقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة:228] دليل على أن الزوج له أن يراجع زوجته في العدة إذا كان يريد الإصلاح، أما إذا كان يريد المضارة فهذا حرام عليه.
{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229] لكن إن كان يريد الإصلاح، وكان له رغبة فيها فله أن يراجعها في العدة فإن خرجت من العدة، ولم يراجعها، وقد طلقها طلقة أو طلقتين، فإنه يكون خاطبًا من الخطّاب إذا يخطبها من أهلها فإن رغبت ورغب وليها فإنه يتزوجها بعقد ومهر جديدين كغيره، وإن كانوا لا يريدون تزوجت غيره، {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا.
وقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:228] دليل على أن كلًا من الزوجين له حق على الآخر، فالزوج له حق على زوجته، له أن تطيعه، وأن تأتمر بأمره، وتنتهي عن نهيه، إذا كان بغير معصية الله، وأن لا تأذن في بيته لمَن لا يريد، وهو يجب عليه أن ينفق عليها، وأن يكسوها بالمعروف، وكل من الزوجين عليه أن يعاشر بالمعروف، كل منهما يعامل بالخلق الحسن، والكلام الطيب، وعدم الكلام السيئ، والإيذاء، فكل هذا محرم، ولهذا قال سبحانه وتعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} .
فيه: دليل على أن الله فضل الرجال على النساء بالخلق، والخُلق، والقوة، والتحمل، وكون الرجل هو الذي يكسب، وهو الذي ينفق بالمال، وهو القيّم، وهو الذي يربي فأعطاه الله من القوة، والتحمل ما لم يعطه للمرأة، والمرأة لها وظيفتها، ولها أعمالها في البيت التي لا يقوم بها الرجل، {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .
وفيه: إثبات اسم الله العزيز، واسم الله الحكيم، وهما اسمان من أسماء الله، وصفة العزة، وصفة الحكمة، فهو سبحانه وتعالى عزيز عز فحكم سبحانه وتعالى، هو قويٌ لا يُغالب، لا يغلبه أحد، حكيم فيما يشرعه لعباده؛ لأنه سبحانه وتعالى عليم بمصالح عباده.
([1]) صحيح البخاري برقم (6624) وصحيح مسلم برقم (855).
([2]) صحيح البخاري (3133، 4385، 5518) وصحيح مسلم (1649).
([3]) صحيح البخاري (3133، 4385، 5518) وصحيح مسلم (1649).
([4]) صحيح مسلم (1650).
([5]) رواه أبو داود (3254).
([6]) رواه أبو داود (3272).
([7]) صحيح البخاري (378 و1910 و2469 و5201) وصحيح مسلم (1085).
([8]) صحيح البخاري (325).
[9] قال الشارح حفظه الله: فإن كانت لا تريده فهي تكتم حتى تستعجل، وتقول: انتهت المدة؛ لأنها لا تريده، وإن كانت تريده فهي تحاول تطيل المدة، تخبر أنه ما انتهت العدة؛ لأنها تريده.
([10]) صحيح مسلم (1218).
([11]) سنن أبي داود برقم (2143) والمسند (4/447).