بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف –رحمه الله تعالى-:
بَابُ الْأَمْرِ بِزَرِّ الْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ إِذَا صَلَّى الْمُصَلِّي فِي أَحَدِهِمَا لَا ثَوْبَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ:
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَكُونُ فِي الصَّيْدِ فَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَعَلَيَّ قَمِيصٌ، قَالَ: «شُدَّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ».
والحكمة من ذلك ألا تنكشف العورة، إذا كان ما عليه إلا قميص، وليس عليه سروال، والقميص هذا مفتوح ما فيه أزارير، قد يكون واسعًا، فربما ظهرت العورة فيزره بشوكة حتى يلتئم الثوب ولا تظهر، أما إذا كان السروال فيه، لكن ما كان عندهم، ولهذا قال النبي: «أولكلكم ثوبان؟»، فالواحد يجد إما إزار، وإما رداء، أو قميص فقط ما عليه غيره، قميص مفتوح واسع، فربما تبدو العورة، فيزره، من جيبه يزره بالشوكة حتى يلتئم الثوب، وحتى لا تظهر العورة.
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: أَكُونُ فِي الصَّيْدِ وَلَيْسَ عَلَيَّ إِلَّا قَمِيصٌ وَاحِدٌ أَوْ جُبَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَأَزُرُّهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَلَوْ بِشَوْكَةٍ".
قَالَ أَحْمَدُ مَرَّةً: فَقَالَ: "زُرَّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ هَذَا هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ...
(قَالَ أَبُو بَكْرٍ) هذا المؤلف، كُنية المؤلف ابن خزيمة.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ هَذَا هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، هَكَذَا نَسَبَهُ عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَنَا أَظُنُّهُ ابْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. أَبُوهُ إِبْرَاهِيمُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ دَخَلَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ.
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ مَحْلُولَ الْأَزْرَارِ إِذَا كَانَ عَلَى الْمُصَلِّي أَكْثَرُ مِنْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ:
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ الثَّقَفِيُّ، نَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حدثنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي مَحْلُولٌ أَزْرَارُهُ. فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُهُ.
وهذا فيه أنه لا بأس بحل الأزرار إذا كان عليه ثوبٌ آخر، ولا يُؤمن انكشاف العورة، فلا بأس أن يحل الأزرار للحاجة، أن يكون الوقت حار فيحله حتى يدخل الهواء، ولهذا بوَّب الإمام، قال: لا بأس بحل الأزرار إذا كان عليه ثوبٌ غيره، إذا كان عليه ثوبين فلا بأس أن يحل الأعلى، يحل الأزرار، بخلاف ما إذا كان عليه واحد فإنه إذا حل الأزرار فقد تنكشف العورة، وربما وقف عليه واقف، و [00:04:11]عورته، فإذا زره التأم.
س: [00:04:17]؟
الشيخ: هذا لا يتشبه بهم، لكن هذا قد تدعو الحاجة إليه أحيانًا.
س: [00:04:29]؟
الشيخ: نعم، كانت عليه جبة، الجبة الشعبية ضيقة الأكمام في حديث المغيرة، فلما أراد أن يتوضأ أراد أن يُخرج الكمين، فضاقت عليه، فأخرجها من تحت وغسل يديه، جبة مثلما يشبه الآن الجبة، شيءٌ ثقيل يلبسه فوق الثوب للبرد، وله أكمام قد تكون ضيقة، مثل البالطو وما أشبه ذلك.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بِهَذَا مِثْلَهُ: غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: فَسَأَلْتُهُ. وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي مَحْلُولَ الْأَزْرَارِ.
بَابُ التَّغْلِيظِ فِي إِسْبَالِ الْأُزُرِ فِي الصَّلَاةِ:
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، حدثنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى صَلَاةِ رَجُلٍ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَرًا.
وهذا وعيدٌ شديد.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. خَرَّجْتُ هَذَا الْبَابَ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ.
في صحيح مسلم: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ» من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه، هنا: من جر ثوبه بطرًا، هذا وعيدٌ شديد على من جر الثوب من الرجال وجعله ينزل تحت الكعب، في صحيح البخاري: «مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ»، لكن هذا وعيد أشد، إذا جره خُيلاء وبطرًا كان إثمه أشد، وإن كان لغير الخيلاء فهو متوعد كذلك بالنار، «مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ»، هو ممنوع، لكن العقوبتين مختلفتين، لا يمكن أحمل أحدهما على أحد، هذه عقوبة، وهذه عقوبة، هذه عقوبة لمن جر ثوبه متكبرًا، وهذه عقوبة لمن جر ثوبه غير متكبر.
بَابُ الزَّجْرِ عَنْ كَفِّ الثِّيَابِ فِي الصَّلَاةِ:
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثننَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، وَلَا أَكُفَّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا».
فيه أن السجود يكون على سبعة أعضاء، جاء تفسيرها بأنها: اليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، والجبهة، والأنف.
«وَلَا أَكُفَّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» المصلي منهي عن كف الشعر والثوب، بعض الناس إذا أراد أن يسجد كفَّ ثوبه، أو يكفَّه على ذراعه هكذا، لا، بل يسجد بثيابه وشعره، أو يكف شعره إذا كان له شعر، فالمصلي منهي عن ذلك، يسجد بشعره وثيابه، لا يفعل هكذا، ولا يجعل ثوبه هكذا، لا يكف الشعر، ولا يكف الثوب، كذلك الثوب، يسجد بثوبه بحاله، فهذا منهي عنه في الصلاة كف الشعر والثوب، فليسجد بحاله.
س: [00:08:20]؟
الشيخ: هذا يَدعون إنه يكون فيه رائحة، وإنهم ما يتحملون، هذا إذا احتاج فلا بأس، وإلا مكروه، كون الإنسان يسجد على شيءٍ يتحرك بحركته، إلا عند الحاجة هنا تزول الكراهة.
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي ثِيَابِ الْأَطْفَالِ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَةٌ أَصَابَتْهَا، إِذْ فِي حَمْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -بِنْتَ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ثِيَابَهَا لَوْ كَانَتِ الصَّلَاةُ لَا تُجْزِئُ فِيهَا لَمْ يَحْمِلْهَا، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُبْسِ الثَّوْبِ النَّجِسِ، وَبَيْنَ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ:
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا بُنْدَارٌ، حدثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛ وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَحْمِلُ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عُنُقِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا.
عليه الصلاة والسلام، وهذا فيه دليل على أن مثل هذه الأعمال لا تؤثر في الصلاة، لأنها حركات، وليست كثيرة ولا متوالية، كان -صلى الله عليه وسلم- يحمل أمامة بنت زينب وهو يصلي، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها.
ومثل فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- الباب لعائشة، ومثل كونه صلاته على المنبر يُعلم الناس، إذا أراد أن يسجد تأخر القهقرى وسجد في الأرض، فإذًا يجوز أن يتقدم حتى ينظر الناس إليه، ويعلمون كيفية الصلاة، وقال: «إنما فعلت هذا لتقتدوا بي ولتعلموا صلاتي».
قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا بِهِ الدَّوْرَقِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: وَهُوَ يَحْمِلُ بِنْتَ زَيْنَبَ عَلَى عُنُقِهِ، فَيَؤُمُّ النَّاسَ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا.
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَعْلَمُ بِهَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ
الترجمة السابقة فيها أنَّ حمل الأطفال في الصلاة إذا لم يُعلم نجاسته فلا بأس بهذا؛ لأن الأصل الطهارة ما لم يُعلم النجاسة، إذا علم النجاسة فلا يحمل الطفل؛ لأنه قال: (بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي ثِيَابِ الْأَطْفَالِ)، يعني يصلي وعليه أطفال، فالأصل فيه الطهارة.
إذا علم أن الصبي بال على ثيابه، فإنه يغسلها، ولا يحمله في الصلاة.
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَعْلَمُ بِهَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ:
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ- حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ فَقَذَفَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ، أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ -شُعْبَةُ الشَّاكُّ-، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ، غَيْرَ أَنَّ أُمَيَّةَ أَوْ أُبِيَّ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ فَلَمْ يُلْقَ فِي الْبِئْرِ».
وهذا فيه دليل على أن هؤلاء القتلى الذين آذوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عاقبهم الله –تعالى-، وفيه دليل على أن النجاسة إذا كانت في ثوب متصل بنجاسة فلا يضره، ما دام ما كان فيه طاهرًا.
الترجمة باب ماذا؟
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَعْلَمُ بِهَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ:
الشيخ: كيف استنبط هذا من الحديث؟
القارئ: سلى الجزور وُضع على ظهره.
الشيخ: في سلى الجزور الذي وُضع على ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم-، عُقبة بن أبي المعيط هذا هو الذي وضعها، جاءت فاطمة وهي جاريةٌ صغيرة تدب، فأخذته وألقته، ودعت عليه، وسبت المشركين، لكن هذا كان في مكة قبل أن تنزل الفرائض، استدلال المؤلف يعني... في مكة ما فُرضت الصلاة إلا في آخر الأيام، فالاستدلال فيه نظر هذا.
ما الترجمة؟
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَعْلَمُ بِهَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ.
يصلي على ما كان من دين إبراهيم، لأن الوضوء، والطهارة، وكذلك صلاة الجماعة إنما فُرضت في المدينة.
وعلى كل حال إذا كان لا يعلم، فالأصل صحة الصلاة.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ، حدثنَا حَفْصٌ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ، خَلَعُوا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا انْفَتَلَ، قَالَ لَهُمْ: «مَا شَأْنُكُمْ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ نَعْلَيْكَ فَخَلَعْنَا نِعَالَنَا. فَقَالَ: «أَتَانِي آتٍ فَحَدَّثَنِي أَنَّ فِي نَعْلِي أَذًى فَخَلَعْتُهُمَا، فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَنْظُرْ، فَإِذَا رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا فَلْيَمْسَحْهُمَا بِالْأَرْضِ، ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِمَا».
هذا استدل به المؤلف على أن الإنسان إذا صلى ولا يعلم بالنجاسة فصلاته صحيحة؛ لأنه في أول الصلاة عليه الصلاة والسلام صلى بنعليه وفيهما نجاسة، فلما أخبره جبريل خلعها، ولم يعد أول الصلاة، فدلَّ على أنه صلاته صحيحة؛ لأنه لم يعلم، وفيه دليل على أن طهارة النعلين دلكهما في المسجد، ونصلي فيهما، طهارتهما دلكهما إذا كانا فيهم أذى.
جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا، وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي زُجِرَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا.
وفق الله الجميع لطاعته، وثبت الله الجميع، اللهم صلى سلم على سيدنا محمد، سبحانك اللهم بحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.