بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ابن خزيمة في صحيحه –رحمه الله-:
بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى كَرَاهَةِ تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ فِي الصَّلاَةِ، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا زَجَرَ عَنْ تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَفِي الْمَسْجِدِ، وَأَعْلَمَ أَنَّ الْخَارِجَ إِلَى الصَّلاَةِ فِي صَلاَةٍ، كَانَ الْمُصَلِّي أَوْلَى أَنْ لا يُشَبِّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ مِمَّنْ قَدْ خَرَجَ إِلَيْهَا، أَوْ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُهَا.
جاء في الحديث: «إذا خرج أحدكم إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه، فإنه في صلاة»، في حكم المصلي، فإذا خرج إلى المسجد فلا يشبك بين الأصابع، وكذلك إذا كان ينتظر الصلاة لا يشبك، ومن باب أولى في الصلاة، لا يشبك بين أصابعه، أما إذا قُضيت الصلاة فلا بأس، كما سيأتي في حديث أبي هريرة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- سلّم من ركعتين ناسيًا، ثم ذهب إلى خشبة معترضة في المسجد، فاتكأ عليها وشبك بين أصابعه كأنه غضبان.
شبك بين أصابعه يعتقد أنه انتهى من الصلاة، دل على أن التشبيك بعد الصلاة لا بأس به، إنما منهي عنه قبل الصلاة، من حين الخروج إلى المسجد أو انتظار الصلاة أو في الصلاة لا يشبك بين أصابعه، والمنتظر للصلاة في حكم المصلي، فيُعطى حكمها.
قَالَ: أَبُو بَكْرٍ: قَدْ أَمْلَيْتُ هَذِهِ الأَخْبَارَ.
بَابُ الزَّجْرِ عَنْ تَحْرِيكِ الْحَصَا بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ –رضي الله عنه- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ح)، وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ (ح)، وحَدَّثَنَا الْمَخْزُومِيُّ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالاَ فِي كُلِّهَا: عَنْ عَنْ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ، فَلاَ يَمْسَحِ الْحَصَى» زَادَ عَبْدُ الْجَبَّارِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: مَنْ أَبُو الأَحْوَصِ؟ قَالَ: رَأَيْتَ الشَّيْخَ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا.
هذا فيه دليل على أنه لا ينبغي للإنسان مسح الحصى، جاء في حديث آخر: «إن كان لابد فواحدةً أو دع»، فلا ينبغي، يصلي على مكانه إلا إذا كان فيه شيء يؤذيه، حجارة تؤذيه أو شوك، أو ما أشبه ذلك، وإلا فلا ينبغي له أن يمسح مكان السجود، وفيه العلة: «فإن الرحمة تواجهه».
قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ قال: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ، فَلاَ تُحَرِّكُوا الْحَصَى».
الشيخ: تكلم عليه في الحاشية؟
القارئ: قال أخرجه ابن المبارك وعبد الرزاق من طريق معمر به.
الشيخ: والذي قبله نفس الكلام؟ على الجميع ذا؟
القارئ: الذي قبله قال: هذا الحديث تفرد به أبو الأحوص، وهو مولى بني ليث أو بني غفار، وقد تفرد بالرواية عن الزهري، قال عنه ابن حجر في [التقريب]: مقبول من الثالثة، لم يرو عنه غير الزهري، وقال عنه النسائي: لا نعرفه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم.
وقال ابن القطان الفاسي: لا نعرف له حالًا، ومع كل هذا فقد حسنه البغوي، وقال عنه ابن حجر في [بلوغ المرام]: رواه الخمسة بإسنادٍ صحيح.
قال: بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَ مَسْحَ الْحَصَا فِي الصَّلاَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ أَمْلَيْتُ فِيمَا قَبْلُ خَبَرَ مُعَيْقِيبٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنْ كُنْتَ فَاعِلاً فَوَاحِدَةً».
قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ وَرَّاقُ الْفِرْيَابِيِّ بِالرَّمْلَةِ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي ذَرٍّ –رضي الله عنه- قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى سَأَلْتُهُ عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «وَاحِدَةٌ أَوْ دَعْ».
ثم قال: بَابُ فَضْلِ تَرْكِ مَسْحِ الْحَصَا فِي الصَّلاَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ أَمْلَيْتُ حَدِيثَ جَابِرٍ قَبْلُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثم قال: بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَغْطِيَةِ الْفَمِ فِي الصَّلاَةِ بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ.
قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلاَةِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ.
نعم، منهي عنه، نهى ماذا؟ عن السدل...
قال: نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلاَةِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ.
يعني نهى عن هذين الأمرين، السدل هو أن يجعل يديه هكذا، السنة أن يضعها على صدره، يضع اليمنى على اليسرى على صدره، فلا يسدل، وهذا من باب الاستحباب، وأن لا يغطي فاه، ولا يغطي وجهه، بل يسجد هكذا مكشوف الوجه، وكذلك أن لا يغمض عينيه كما في حديث آخر، وجاء أن هذا من فعل اليهود، إغماض العينين في الصلاة.
قال: بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسَّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ زَجْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ تَغْطِيَةِ الْفَمِ فِي الصَّلاَةِ فِي غَيْرِ التَّثَاؤُبِ، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ بِتَغْطِيَةِ الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ.
قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ، عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسُدَّ بِيَدِهِ فَاهُ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ».
طالب: بيده يعني السنة، أم لو غطى بثوبه أو بشماغه؟
الشيخ: الأمر واسع.
قال: بَابُ كَرَاهَةِ التَّثَاؤُبِ فِي الصَّلاَةِ إِذْ هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَالأَمْرِ بِكَظْمِهِ مَا اسْتَطَاعَ الْمُصَلِّي.
قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجر قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ قال: حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «التَّثَاؤُبُ فِي الصَّلاَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ».
في الحديث الآخر: «إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب»، العطاس يدل على النشاط، والتثاؤب يدل على الكسل، ولهذا ينبغي للإنسان أن يكظم التثاؤب، أن يضع يده على فيه، وفي الحديث الآخر: «فإن أحدكم إذا قال: هاه، ضحك منه الشيطان».
قال: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمُتَثَائِبِ فِي الصَّلاَةِ هَاهْ وَمَا أَشْبَهَهُ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ فِي جَوْفِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: هَاهْ.
قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ كُرَيْبٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْعُطَاسُ مِنَ اللهِ، وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَقُلْ: هَاهْ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ فِي جَوْفِهِ».
نسأل الله العافية، ولا ينبغي للإنسان أن يقرأ وهو يتثاءب، بعض الناس يقرأ فيكون صوته صوتٌ منكر، صوت مرتفع، وقد يشوش ولا يخرج الحروف مخارجها، ينتظر، لا يقرأ وهو يتثاءب.
قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا الصَّنْعَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قال: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَقُلْ: آهْ آهْ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: يَلْعَبُ بِهِ».
كل هذا فيه نهي عن قول هاه، وعن فتح فاه.
ثم قال: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ بَصْقِ الْمُصَلِّي أَمَامَهُ.
بركة، قف عليه، نأخذ هذا بعد الإجازة إن شاء الله.
س: هل ورد إذا تثائب يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟
الشيخ: ما ورد هذا، الاستعاذة من الشيطان في كل وقت، كونه يخصصه في هذا المكان يحتاج إلى دليل، الأحاديث ما فيها أنه يتعوذ.
وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.