شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_69

00:00
00:00
تحميل
7

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال ابن خزيمة –رحمه الله تعالى-:

جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ.

بَابُ فَرْضِ الصَّلاَةِ فِي السَّفَرِ مِنْ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بِذِكْرِ خَبَرٍ لَفْظُهُ لَفْظٌ عَامٌّ ومُرَادُهُ خَاصٌّ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً.

هذا فيه دليل على صلاة السفر، جاء في الحديث الآخر: أول ما فرضت الصلاة ركعتين، وأُقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر، أعد الحديث.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً.

نعم، يعني في الصلاة الرباعية، في الحضر أربع ركعات، وفي السفر ركعتين، الظهر والعصر والعشاء، أما المغرب فهي ثلاث ركعات باقية في السفر وفي الحضر، وكذلك الفجر.

وفي الخوف ركعة [00:01:45] ثابت عن ابن عباس.

قال: بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ بِأَنَّ اللَّفْظَةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ، أَرَادَ أَنَّ فَرْضَ الصَّلاَةِ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ خَلاَ الْمَغْرِبِ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ، قَالَ أَحْمَدُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ قال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ: فُرضت صَلاَةِ السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا أَقَامَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ زِيدَ فِي صَلاَةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَتُرِكَتْ صَلاَةُ الْفَجْرِ لطُولِ الْقِرَاءَةِ، وَصَلاَةُ الْمَغْرِبِ لأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ.

معنى فُرضت الصلاة ركعتان يعني الرباعية، الظهر والعصر والعشاء، ولا يشمل المغرب والفجر.

قال: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ يُبِيحُ الشَّيْءَ فِي كِتَابِهِ بِشَرْطٍ وَقَدْ يُبِيحُ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ الَّذِي أَبَاحَهُ فِي الْكِتَابِ، إِذِ اللَّهُ -عَزَّ ذِكْرُهُ- إِنَّمَا أَبَاحَ فِي كِتَابِهِ قَصْرَ الصَّلاَةِ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنَ الْكُفَّارِ أَنْ يَفْتِنُوا الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقَصْرَ وَإِنْ لَمْ يَخَافُوا أَنْ يَفْتِنَهُمُ الْكُفَّارُ، مَعَ الدَّلِيلِ أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ إِبَاحَةٌ لاَ حَتْمٌ أَنْ يَقْصُرُوا الصَّلاَةَ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ (ح)، وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، يَعْنِي ابْنَ إِدْرِيسَ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ (ح).

وحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ (ح)، وَقَرَأْتُهُ عَلَى بُنْدَارٌ، أَنَّ يَحْيَى، حَدَّثَهُمْ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِي اللَّهُ عَنْهُ-: عَجِبْتُ لِلنَّاسِ وَقَصْرِهِمْ لِلصَّلاَةِ، وَقَدْ، قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾[النساء:101]، وَقَدْ ذَهَبَ هَذَا، فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «هُوَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ».

هَذَا حَدِيثُ بُنْدَارٍ.

والمعنى أن الله تعالى اشترط لقصر الصلاة في السفر الخوف من الكفار، قال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾[النساء:101]، الله تعالى اشترط لقصر الصلاة في السفر أن يخاف من الكفار، فإذا لم يخف فلا يقصر، ولكن جاءت السنة بإسقاط هذا الشرط، فالنبي –صلى الله عليه وسلم- سافر وقصر الصلاة، والصحابة، وهم في غاية من الأمن، في أسفارهم بعد فتح مكة.

ولما سأله عمر –رضي الله عنه- قال: «صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته»، يعني تصدق عليكم بإسقاط الشرط، الله تعالى اشترط هذا الشرط في القرآن، فالقرآن جاء بهذا الشرط، والسنة جاءت بإسقاطه، فدل على أن الاشتراط هذا كان أولًا، ثم جاء التخفيف في السُّنة.

قال: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- وَلَّى نَبِيَّهُ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِبْيَانَ عَدَدِ الصَّلاَةِ فِي السَّفَرِ لاَ أَنَّهُ -عَزَّ ذِكْرُهُ- بَيَّنَ عَدَدَهَا فِي الْكِتَابِ بِوَحْيٍ مِثْلِهِ مَسْطُورٍ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَجْمَلَ اللَّهُ فَرْضَهُ فِي الْكِتَابِ وَوَلَّى نَبِيَّهُ تِبْيَانَهُ عَنِ اللهِ بِقَوْلٍ وَفِعْلٍ، قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾[النحل:44].

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، يَعْنِي ابْنَ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّا نَجِدُ صَلاَةَ الْحَضَرِ وَصَلاَةَ الْخَوْفِ فِي الْقُرْآنِ، وَلاَ نَجِدُ صَلاَةَ السَّفَرِ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ نَعْلَمُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَا مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْوَرَّاقُ قال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَكَانُوا يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، لاَ يُصَلُّونَ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا.

وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: لَوْ كُنْتُ مُصَلِّيًا قَبْلَهَا، أَوْ بَعْدَهَا لأَتْمَمْتُهَا.

قَالَ: أَبُو بَكْرٍ: وَفِي خَبَرِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ دَالٌ عَلَى أَنَّ لِلآمِنِ غَيْرِ الْخَائِفِ مِنْ أَنْ يَفْتِنَهُ الْكُفَّارُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلاَةَ.

وَكَذَلِكَ خَبَرُ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَتَيْنِ أَكْثَرَ مَا كُنَّا وَآمَنُهُ، وَخَبَرُ أَبِي حَنْظَلَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قُلْتُ: إِنَّا آمِنُونَ، قَالَ: كَذَلِكَ سَنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِغَيْرِ الْخَائِفِ قَصْرَ الصَّلاَةِ فِي السَّفَرِ.

نعم، وهذا كما قال عبد الله بن أمية لابن عمر: لماذا نقصر الصلاة ونحن آمنون؟ قال: يا ابن أخي نحن نفعل ما يفعله النبي –صلى الله عليه وسلم-، نقتدي به، والنبي صلى بنا وقصر الصلاة وهو آمِن.

وفي قوله في الحديث: قال: صلى بالمدينة، هذا في حجة الوداع، لما سافر يوم السبت في اليوم الخامس والعشرين أو السادس والعشرين من ذي القعدة، صلى الظهر بالمدينة أربعًا، وخطب الناس وتجهز للسفر، ثم ارتحل العصر إلى ذي الحليفة وصلى فيه ركعتين.

فدل هذا على أن صلاة الحضر أربع، وصلاة السفر ركعتان، وأنه صلاها وهو آمن، ليس خائفًا، فدل على أن الشرط الذي اشترطه الله في الكتاب جاء التخفيف فيه والرخصة فيه.

وفيه دليل على أن المسافر لا يترخص برخص السفر حتى يفارق بيوت البلد؛ لأنه كان عازمًا على السفر وخطب الناس، وصلى الظهر أربع ركعات، ولما انتقل إلى ذي الحليفة وهو قريب من البلد، تجاوز البنيان، صلى ركعتين.

وأما ما يُروى عن بعض السلف أو بعض الصحابة أنه إذا عزم على السفر أفطر وهو في البلد، فهذا اجتهاد منهم، والصواب أنه لا يجوز الترخص برخص السفر حتى يفارق بيوت البلد.

س: [00:10:57]

الشيخ: إذا كان داخل البنيان لا، إذا وصل البنيان فلا.

قال: بَابُ اسْتِحْبَابِ قَصْرِ الصَّلاَةِ فِي السَّفَرِ لِقَبُولِ الرُّخْصَةِ الَّتِي رَخَّصَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّ إِتْيَانَ رُخَصِهِ الَّتِي رَخَّصَهَا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ.

نعم، وسبق أن المؤلف ذكر أن قصر الصلاة ليس بواجب، وهذه فائدة مهمة، وأن قصر المسافر ليس بواجب، يجوز للمسافر أن يُتم الصلاة، لو صلى المسافر الظهر أربعًا أو العصر أو العشاء فلا بأس، لكن هذا خلاف السنة.

وذهب بعض العلماء والظاهرية أنه يجب على المسافر أن يقصر الصلاة، ولا يجوز له أن يُتم، والصواب أنه لا يجب، وأنه جائز، وإن كان خلاف الأفضل، يجوز أن يصلي كما قال المؤلف –رحمه الله- في الترجمة.

ويدل على ذلك أن الصحابة صلوا في منى خلف عثمان –رضي الله عنه- أربعًا، لما أتم الصلاة، ولو كان هذا غير جائز لما أقروه على ذلك، الصحابة مجمعون على هذا.

ابن مسعود –رضي الله عنه- تأثر لما صلى عثمان أربع ركعات، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون (استرجع) صليت في هذا المكان خلف النبي –صلى الله عليه وسلم- ركعتان، وصليت خلف أبي بكر ركعتان، وصليت خلف عمر ركعتان، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان.

فقيل له: طيب أنت تسترجع وتحوقل وتصلي خلفه، لماذا تصلي أربع خلف عثمان؟

قال: الخلاف شر، لا يريد أن يخالف، وهذا من فقه الصحابة –رضي الله عنهم-، هذا فيه جمع للكلمة، ولا يجوز الشذوذ وتفريق الصف، هذا أمر مقصود من الشارع، فالإنسان المأموم يترك رأيه لرأي الإمام، وإن كان يرى أنه خلاف الصواب، مثل دعاء الختمة، إذا كان المأموم لا يرى دعاء الختمة، والإمام يراه، يترك رأيه لرأيه، لأن فيه قول لبعض أهل العلم، ولا تخالف.

بعض الشباب الصغار في المتوسط وغيرهم بعض السفهاء، تجدهم يجلسون في الحرم وفي غيره، ولا يصلون صلاة التراويح ولا يصلون الختمة، يقولون: هذا خلاف السنة، الرسول ما صلى أحد عشر ركعة، يشربون القهوة والشاي ويضحكون والناس يصلون، فهذا من الجهل، فيحرمون أنفسهم من الصلاة، يقول: أنا ما أصلي إلا عشر ركعات، والباقي ما أصلي، والناس يصلون.

أو يقول: أنا ما أصلي خلف الإمام، خلف الإمام بدعة، ولا يصلي خلفه، الصحابة أفقه منك، والخلاف شر، لا تخالف، فهذا أمر مقصود في  الشارع، جمع الكلمة، وعدم الشذوذ والتفرق، مادام في حدود الأمر الذي هو خلاف الأولى، أما المُحرمات فلا يجوز أن يفعل المحرم، أو الواجبات، يترك الواجبات.

هذا دليل على جواز إتمام الصلاة في السفر، ولو كان مُحرَّم وغير جائز لما أجمع الصحابة على الصلاة خلف عثمان، أمير المؤمنين عثمان –رضي الله عنه- تأوّل؛ لأنه في أول خلافته كان يقصر الصلاة، فتأوّل –رضي الله عنه-، قيل إنه تأوَّل لأنه تأهَّل وأنه صار له أهل في مكة وأنه مقيم، وقيل: تأوَّل لأنه يريد أن يبين للناس والأعراب الذين لا يعرفون السنة، ويظنون أن الصلاة ركعتان في الموسم، وهناك أقوال لأهل العلم في توجيه فعل عثمان –رضي الله عنه-.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمُ قال: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أيوب قال: حَدَّثَنا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، عَنْ حَرْبِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُه، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ».

الترجمة ماذا؟

قال: بَابُ اسْتِحْبَابِ قَصْرِ الصَّلاَةِ فِي السَّفَرِ لِقَبُولِ الرُّخْصَةِ الَّتِي رَخَّصَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّ إِتْيَانَ رُخَصِهِ الَّتِي رَخَّصَهَا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ.

نعم، هذا فيه استحباب قصر الصلاة في السفر؛ لأن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته، هذه رخصة، ينبغي للإنسان أن يقبل الرخصة، وهذا فيه دليل على أن القصر ليس بواجب، وإنما هو مستحب، خلافًا لمن قال بوجوب القصر.

قال: بَابُ إِبَاحَةِ قَصْرِ الْمُسَافِرِ الصَّلاَةَ فِي الْمُدُنِ إِذَا قَدِمَهَا، مَا لَمْ يَنْوِ مَقَامًا يُوجِبُ إِتْمَامَ الصَّلاَةِ.

بركة، وفق الله الجميع لطاعته.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد