شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_71

00:00
00:00
تحميل
7

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال ابن خزيمة –رحمه الله-:

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ فِي الْمَطَرِ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا، قُلْتُ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ، قَالَ: وَهُوَ مُقِيمٌ مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ، وَلاَ خَوْفٍ.

نعم، وهذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، والنبي –صلى الله عليه وسلم- صلى ثمانيًا، وسبعًا، ثمانيًا: الظهر والعصر، الظهر أربع والعصر أربع (ثمان)، جمع بينهما، بين الظهر والعصر، وسبعًا: المغرب والعشاء، المغرب ثلاث والعشاء أربع، سبع ركعات، من غير سفر ولا خوف، سئل عن ذلك قال: أراد أن لا يحرج أمته.

هذا فعله مرة في المدينة، مرة واحدة فعله، وهذا محتمل لأمور، كما قال بعض العلماء أنه محتمل لأن يكون هناك وباء عام، ولأسباب، لسبب حصل، لوباء عام أو شيء شق عليهم.

ولكن ثبت في سنن النسائي بيان هذا، وأن النبي –صلى الله عليه وسلم- إنما فعل هذا، جمع جمعًا صوريًّا؛ وهو أنه أخر صلاة الظهر إلى آخر وقتها، حتى بقي على خروج الوقت أربع ركعات، فصلاها، فلما صلى دخل وقت العصر، فصلاها في أول وقتها أربعًا، فصارت الظهر في آخر وقتها، والعصر في أول وقتها.

فهو جمع صوري، في الصورة جمع، وفي الواقع كل صلاة في وقتها، وأخر صلاة المغرب إلى قبيل مغيب الشفق، قبل أن يغيب الشفق بمقدار ثلاث ركعات، فلما صلى المغرب خرج وقت المغرب وغاب الشفق، فصلى العشاء أربع ركعات، فصارت المغرب في آخر وقتها قبل مغيب الشفق، والعشاء في أول وقتها.

هذا يسمى جمع صوري، هذا جاء في سنن النسائي، وهو حديث صحيح ثابت، ولما بلغ هذا شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- اعتمد هذا، قال: هذا هو المعتمد، وأما ما كان من علماء السابق هذا مبني على مَن لم يبلغه هذا الحديث.

ويكون هذا لأسباب، فعل هذا لأسباب، هناك أسباب دعت إلى أنه يؤخر صلاة الظهر، انشغال حصل، فلذلك أخر صلاة الظهر إلى آخر وقتها، وقدم العصر في أول وقتها، وأخر صلاة المغرب إلى آخر وقتها، وقدم العشاء في أول وقتها.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ: قال: حَدَّثَنَا الْمَخْزُومِيُّ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِمِثْلِهِ . وَقَالَ: فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ.

لا خوف ولا سفر، هو في البلد، لكن هناك أسباب.

وَقَالَ سَعِيدٌ: فَقُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرَجَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ.

يعني أنه احتاج، كأن الصلاة في أول وقتها كان فيه حرج، فيه مشقة، فأراد أن لا يحرج أمته، وهذا فعله مرة واحدة، لكن الصلوات محددة في أوقات، ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾[النساء:103]، هذا هو الأصل، وهذا لا شك شيء عارض فعله مرة –عليه الصلاة والسلام-.

وثبت أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أَمّه جبريل في يومين متوالين، في اليوم الأول في أول الوقت من كل صلاة، وفي اليوم الثاني في آخر كل وقت من كل صلاة، ثم قال: الوقت ما بين هذين، أو الصلاة ما بين هذين.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ، قَالَ مَالِكٌ: أَرَى ذَلِكَ كَانَ فِي مَطَرٍ.

الإمام مالك يقول أرى أن ذلك في مطر، هذا الأقرب -والله أعلم- ليس هناك مطر، المطر عذر واضح ما فيه إشكال، لو كان مطر كان يقدمون صلاة الظهر، في أول صلاة الظهر أو في أول صلاة المغرب، يقدم العشاء مع المغرب، تكون في صلاة المغرب في وقت النور، وعدم مجيء الظلام، لكن هذا كان اجتهاده، أظن جاء في بعض الروايات: ولا مطر.

لكن مالك هنا قال أرى ماذا؟

قال: أَرَى ذَلِكَ كَانَ فِي مَطَرٍ.

لعلها أُرى يعني أظن، ظن من مالك، لكن هذا بعيد، الصواب أنه أمر حصل فيه مشقة، فالنبي أراد أن لا يحرج أمته، ليس في خوف ولا سفر ولا مطر على الصحيح، ما فيه مطر، المطر هذا عذر واضح ما فيه شك، المطر يجمع بين الصلاتين.

س: يجمع في الظهر؟

يجمع في أولها، الظهر فيه خلاف، كلام لأهل العلم، الحنابلة وجماعة لا يرون الجمع إلا بين المغرب والعشاء؛ لأن اجتمع مطر وظلمة، بخلاف الظهر والعصر، وقال: هذا خاص بالسفر وبالمرض فقط دون المطر، والمسألة فيها خلاف، هناك من يرى أنه لا بأس، لكن إذا فعل طالب العلم لا بأس.

لكن فيه الآن بعض الأئمة صغار السن، سمعت أنهم في الرياض الآن يجمعون الظهر والعصر في المطر، وهم ليسوا بطلبة علم، ليسوا بأهل علم، وهذا من التسرع، وعدم الرجوع إلى أهل العلم، طالب العلم الصغير يجمع الظهر والعصر، مع أن المفتَى به عدم الجمع في المطر بين الظهر والعصر، لو كان طالب علم لا بأس، لكن كونه صغير السن، وليس عنده أهلية النظر في الأدلة ثم يجمع الظهر والعصر، بدون أن يرجع إلى أهل العلم وبدون أن يسأل.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ فِي غَيْرِ الْمَطَرِ غَيْرُ جَائِزٍ، فَعَلِمْنَا وَاسْتَيْقَنَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ لاَ يُجْمِعُونَ عَلَى خِلاَفِ خَبَرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، لاَ مُعَارِضَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

نعم، لأنه في الصحيحين، الحديث هذا في الصحيحين، البخاري ومسلم.

وَلَمْ يَخْتَلِفْ عُلَمَاءُ الْحِجَازِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فِي الْمَطَرِ جَائِزٌ، فَتَأَوَّلْنَا جَمْعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَضَرِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي لَمْ يَتَّفِقِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى خِلاَفِهِ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَتَّفِقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى خِلاَفِ خَبَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْوُوا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَبَرًا خِلاَفَهُ، فَأَمَّا مَا رَوَى الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ، فَهُوَ غَلَطٌ وَسَهْوٌ، وَخِلاَفُ قَوْلِ أَهْلِ الصَّلاَةِ جَمِيعًا.

وَلَوْ ثَبَتَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ جَمَعَ فِي الْحَضَرِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ لَمْ يَحِلَّ لِمُسْلِمٍ عَلِمَ صِحَّةَ هَذَا الْخَبَرِ أَنْ يَحْظُرَ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ، فَمَنْ يَنْقِلُ فِي رَفْعِ هَذَا الْخَبَرِ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ وَلاَ مَطَرٍ، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ عَلَى مَا جَمَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ، فَهَذَا جَهْلٌ وَإِغْفَالٌ غَيْرُ جَائِزٍ لِعَالِمٍ أَنْ يَقُولَهُ.

كأن ابن خزيمة –رحمه الله- يقول: لابد يكون هذا واحد من الأعذار، إما مطر وإما مرض، وهَّم العراقيين، حينما قالوا: لا خوف ولا مطر، وهذا اجتهاد من المؤلف –رحمه الله- ولو كان فيه مطر لنُص عليه، لو كان فيه مطر ما حصل إشكال، الإشكال أنه جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر، ورواية معه: ولا مطر، توهيمها أيضًا ليس بجيد.

طالب: [00:11:44]

الشيخ: ماذا قال؟

طالب: "قلت: بل الغلط من المؤلف نفسه -رحمه الله تعالى- كيف لا، وهذا الذي ظنه غلطًا قد جاء من طرق أربعة في حديث ابن عباس وغيره، بعضها في الصحيح من وقف عليها علم يقينا أن رواية: "ولا مطر" رواية صحيحة، قد قالها ابن عباس -رضي الله عنهما- كما رويت عن غيره وإليك البيان:

1- أخرج مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما، وأبو داوود وغيرهم عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

2- الطريق الثاني: عن جابر بن زيد عن ابن عباس به، أخرجه أحمد بسند صحيح غاية.

3- الثالث: عن صالح مولى التوأمة عنه، أخرجه ابن أبي شيبة والطحاوي وأحمد والطبراني وسنده حسن في المتابعات.

4- الرابع: عن أبن الزبير عن جابر مرفوعًا به نحو حديث ابن عباس، أخرجه ابن عساكر في [تاريخ دمشق]، وقد خُرجت هذه الطرق في ...علي[00:12:57].

قلت: فهذه أربعة طرق بعضها صحيح قطعًا، وبعضها مما يستشهد به دون ريب، وكلها قد أجمعت على أن جمعه -صلى الله عليه وآله وسلم- في المدينة لم يكن من أجل المطر، فقول مالك المخالف لها...

الشيخ: مالك يقول: أُرى، ظن من مالك.

 طالب: فقول مالك المخالف لها مردود بداهةً، وكذلك قول المصنف المؤيد له.

والظن بهما أنهما لم يطلعا على هذه الطرق، بل ولا على بعضها، وليس ذلك غريبا بالنسبة إليهما؛ لأن الحديث لم يكن قد استقصي جمع طرق ألفاظه في زمانهما، وإنما الغريب أن يقلدهما بعض من جاء من بعدهما بقرون من فقهاء الشافعية، وقد اطلع على كتاب [صحيح مسلم] ولربما على [صحيح أبي عوانة] أيضا!

فقال الحافظ في [التلخيص الحبير]: "تنبيه" ادعى إمام الحرمين في [النهاية] أن ذكر نفي المطر لم يرد في متن الحديث، وهو دال على عدم مراجعته لكتب الحديث المشهورة فضلا عن غيرها.

الشيخ: هذا كلام من؟

طالب: هذا كلام الأعظمي.

الشيخ: كلام جيد، والصواب أن ابن خزيمة –رحمه الله- تأويله ليس بجيد، يقول: لأجل المطر، لو كان مطر ما حصل إشكال، المطر الأحاديث كثيرة فيه، من غير خوف، ثابتة، من غير خوف ولا سفر ولا مطر، هذا لأسباب.

ثم أيضًا جمع صوري، رواية النسائي تزيل الإشكال، كل صلاة في وقتها، جمع جمعًا صوريًّا، لماذا جمع جمعًا صوريًّا؟ لأسباب، انشغال، والله أعلم ما هو هذا الانشغال الذي حصل، فالنبي –صلى الله عليه وسلم- جمع جمعًا صوريًّا، كلام ابن خزيمة –رحمه الله- ليس بجيد هنا.

وكذلك أيضًا قول مالك: "أُرى"، الظاهر أنها أُرى بضم الهمزة، أُرى أنه... هذا ظن من الإمام مالك، لكنه ليس بصحيح.

س: [00:15:25]

الشيخ: نعم، إذا احتاج صح، إذا احتاج إلى هذا، لكن هذا قد يُشكل على الإنسان ضبط الوقت، قد يؤخر مثلًا الظهر، قد يخرج الوقت وهو لا يشعر مثلًا، أو قد يصلي العصر قبل دخول وقتها، يحتاج إلى ضبط حتى يوقع الصلاة الأولى في آخر وقتها، ويوقع الصلاة الثانية في أول وقتها.

س: [00:16:04]

الشيخ: نعم، هو الحاجة، إذا دعته حاجة، والأصل أن الصلاة تكون في أول وقتها، ولا يخاطر الإنسان بالصلاة، لكن إذا حصل حاجة ملحة فقد يستعمل هذا، الحديث لا بأس به في سنن النسائي، أن النبي جمع جمعًا صوريًّا، وفعل هذا لحاجة.

بركة، وفق الله الجميع لطاعته.

س: [00:16:35]

الشيخ: إذا أراد إنشاء سفر، إذا كان صلى في السفر انتهى، وإذا كان ما صلى في السفر...

س: [00:16:50]

الشيخ: محل نظر هذا، محل نظر هل النوم هذا هل يستطيع أو لا يستطيع أن يصلي، محل نظر.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد