شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_72

00:00
00:00
تحميل
7

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ.

قال ابن خزيمة –رحمه الله تعالى-:

بابُ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ لِلصَّلاَتَيْنِ إِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي السَّفَرِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الأَوَّلَ مِنْهُمَا يُصَلِّي بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالأَخِيرَةَ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ.

أخبرنا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المسلَّم السلمي بدمشق قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا الأستاذ الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو طاهرٍ محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا أبو بكرٍ محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَفَضْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عَرَفَاتٍ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى جَمْعٍ أَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى أَقَامَ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ.

في رواية أخرى أن كل إنسان أنزل متاعه من بعيره، ثم أقيمت صلاة العشاء.

وفيه دليل على الأذان والإقامة للصلاتين المجموعتين، وأن الأولى تكون بأذان وإقامة، والثانية بإقامة، كما فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- في عرفة، أذّن المؤذن، ثم أقام لصلاة الظهر، ثم أقام لصلاة العصر بدون أذان، وكذلك في المزدلفة، فدل على أن الصلاتين المجموعتين يؤذن لهما أذان واحد ويُقام لكل صلاة.

قال: بَابُ إِبَاحَةِ تَرْكِ الأَذَانِ لِلصَّلاَةِ إِذَا فَاتَ وَقْتُهَا وَإِنْ صُلِّيَتْ جَمَاعَةً.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قال: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلاَةِ، حَتَّى كَانَ هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ، قَدْ خَرَّجْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَمَرَ بِلاَلاً فَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ للْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ للْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ للْعِشَاءَ.

نعم، فيه دليل على أن يوم الخندق تأخر النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الصلوات، في هذا أنه تأخر عن أربع صلوات جمعها، في الصحيحين أنه أخّر صلاة العصر حتى المغرب، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «شغلونا»، وأن عمر جعل يسب المشركين، وصلى العصر قبل أن تغرب الشمس، وقال للنبي –صلى الله عليه وسلم-: ما كدت أصليها حتى غربت الشمس، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: ما إن صليتها، يعني لم أُصلّها الآن، ثم توضأ وأقام لصلاة العصر ثم صلاة المغرب، صلى العصر بعد المغرب ثم صلى المغرب.

وجاء في الحديث الذي ذكره الآن، وفي سنن النسائي أن النبي –صلى الله عليه وسلم- فاته أربع صلوات يوم الخندق: الظهر، والعصر والمغرب والعشاء، أربع صلوات بسبب انشغاله بقتال المشركين، قال بعض العلماء: إن هذا قبل أن تُشرع صلاة الخوف، لما شُرعت صلاة الخوف صار يصلي كل صلاة في وقتها، وهذا محتمل.

وقد يشتد الخوف فلا يتمكن الإنسان من الصلاة، فلا مانع من تأخيرها كما فعل الصحابة بعد وفاة النبي –صلى الله عليه وسلم-، يوم موقعة تُستر، وكان الناس وقت صلاة الفجر كانوا على الأبواب وعلى الأسوار، ولا يتمكنون من الصلاة، يتمكن العدو، فأخروا الصلاة حتى فتحوا الأبواب، ونزل الناس بين الأسوار وفُتحت الأبواب، وتم الفتح، وصلوها ضحىً (الفجر)، فقال أنس: ما أحب أن لي بها الدنيا؛ لأنهم تركوها لله وفي سبيل الله، أخروها لله وفي سبيل الله.

فدل هذا على أنه لا بأس أن تُؤخر إذا اشتدت الحاجة وكانوا في الجهاد، وإن أمكن أن يصلوا صلاة الخوف، صلوا صلاة الخوف، في هذا أنه صلى أربع صلوات، فيه أنه ما ذكر أنه أذّن، إذا فات الوقت تُقام الصلاة فقط بدون أذان، وأما إذا كان الوقت باقي فلا بأس، إذا صلى الصلاة في وقتها، فالأذان مشروع، إن أذّن فلا بأس، وإذا كان في البلد واكتفى بأذان البلد كفاه.

لأن الواجب في البلد أن يؤذَّن، فإذا أذّن بعض المساجد في البلد حصل أداء الفرض، أما إذا فاتت الصلاة وخرج وقتها، ثم قضاها، فلا يحتاج إلى أذان، أعد الحديث.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلاَةِ، حَتَّى كَانَ هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ، قَدْ خَرَّجْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَمَرَ بِلاَلاً فَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ للْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ للْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ للْعِشَاءَ.

وليس فيه أنه أذّن، لأن الصلاة بعد خروج وقتها، فالفائتة يقام لها ولا يؤذّن.

س: [00:07:18]

الشيخ: نعم، صحيح، هذا ورد أنه اقتادوا رواحلهم، قال: «هذا واد حضر فيه الشيطان»، ثم أمر... هذا والله أعلم لأن الصلاة هي هي، لا زالت باقية، وكأنه في حكم الوقت، بخلاف فوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذه صلاة واحدة، والوقت، فات الوقت، صحيح فات الوقت، لكن هم ناموا عن الصلاة، ولما استيقظوا صار وقتها في حقهم من حين استيقاظهم، كما جاء في الحديث: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك».

لكن لو كانت صلاة فاتت ومضت عليها مدة وصلوات، فلا يؤذن لها.

س: [00:08:18]

الشيخ: متى؟ الفائتة أو غير الفائت؟

س: [00:08:29]

الشيخ: لا، الفائتة ما يؤذن لها، سواء في المدينة أو في البلد، ما يؤذن لها، لا في البر ولافي غيره إذا كانت فائتة، أما إذا كانت نفس الصلاة فهذا سنة، الصلاة هي هي يصير سنة في الحضر وفي السفر، لكن في الحضر إذا كان يحصل تشويش، يكفي أذان المسجد، وأما في السفر يؤذن لها، لحديث: «إذا كنت في بادية فارفع صوتك بالأذان، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن شجر ولا بشر ولا حجر، ولا جن، ولا إنس، إلا شهد له يوم القيامة»، هذه في الصلوات الحاضرة.

وفي الصلاة التي ينام عنها ثم يستيقظ في الحال، أما الصلوات الفائتة ما فيه أذان لا في الحضر ولا في السفر، إقامة فقط.

قال: بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلاَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ الاِرْتِحَالِ مِنَ الْمَنْزِلِ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَمْزَةَ الضَّبِّيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ –رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلاً لَمْ يَرْتَحِلْ حَتَّى يُصَلِّيَ الظُّهْرَ، قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ.

الظاهر –والله أعلم- أن هذا في السفر، إذا كان في مكان فإنه لا يرتحل حتى يصلي، وجاء في الحديث الآخر أنه يجمع إليها صلاة أخرى، فإذا نزل في مكان الظهر، ويريد أن يرتحل بعد الظهر، فإنه يصلي الظهر، لا يرتحل حتى يصليها ويجمع معها العصر، ثم يرتحل، لأنه جاء وقت العصر وهو في السفر، أما إذا جاء وقت الظهر وهو مرتحل، وهو ماشٍ جاد في السير، فهذا يؤخرها حتى ينزل العصر فيجمعها مع العصر.

وكذلك المغرب، إذا جاء وقت المغرب وهو مقيم فإنه يصلي المغرب ويقدم معها العشاء، وإذا جاء وقت المغرب وهو سائر فإنه يؤخر المغرب مع العشاء، يفعل ما هو الأرفق به.

قال: بَابُ نُزُولِ الرَّاكِبِ لِصَلاَةِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ، فَرْقًا بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالتَّطَوُّعِ فِي غَيْرِ المُسَايَفَة وَالْتِحَامِ الْقِتَالِ وَمُطَارَدَةِ الْعَدُوِّ.

يعني يقول الإنسان إذا كان راكب ومسافر فإنه يصلي النافلة وهو على راحلته، على دابته أو على السيارة لا بأس، يصلي السنة، أما الفريضة فإنه يقف وينزل يصليها في الأرض، ليس له أن يصليها وهو راكب، لا في السيارة ولا في غيرها، والطائرة كذلك ينظر إن كانت صلاة الأولى ينزل إلى المطار ويؤخرها حتى ينزل، كذلك إذا كان أيضًا قبل أن يركب الطائرة، حل ودخل الوقت، فإنه يقدم، يصلي الصلاة قبل أن يركب، أما إذا كان يستمر السير، فإنه يصليها ولو في الطائرة، ويدور مع القبلة حيث دارت.

لكن إذا كان على دابته أو على سيارته، فله أن يصلي النوافل، وكذلك على الطائرة، ولو كان جالس، كما فعل النبي –صلى الله عليه وسلم-، وإذا لم يستطع السجود يومئ، أما الفريضة فلابد أن يقف، يقف عن الدابة أو السيارة ويصليها في الأرض.

إلا المسايفة والتحام القتال وشدة القتال، هذا ما فيه حيلة، المسايفة: القتل بالسيوف والتحام القتال، ما فيه... يناوله السيف، هذا يقطع رقبته وهذا يقطع رقبته، هذا ما فيه حيلة، يصلي ولو على فرسه، ولو على دابته، يصلي كما في حديث ابن عباس: صلاة السفر ركعتان، وصلاة الخوف ركعة، يكفي ركعة.

جاء في بعضه أنه وقت المسايفة يكبر تكبيرة، المؤلف استثنى، قال: وقت المسايفة والتحام القتال هذا ما ينزل في الفريضة، إنما ينزل للفريضة في وقت الراحة، وفي وقت الأمن، لا يصلي الفريضة على الراحلة، لكن وقت المسايفة والتحام القتال والقتال بالسيوف، ما فيه وقت للنزول الآن، يصليها وهو على حاله، أعد الترجمة حتى تتضح.

قال: بَابُ نُزُولِ الرَّاكِبِ لِصَلاَةِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ.

هذا في وقت الأمن.

فَرْقًا بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالتَّطَوُّعِ.

التطوع لا ينزل، يصلي وهو على الراحلة؛ لأنه يتسامح فيما لا يتسامح في الفريضة.

 فِي غَيْرِ المُسَايَفَة وَالْتِحَامِ الْقِتَالِ وَمُطَارَدَةِ الْعَدُوِّ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ مَيْمُونٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةَ قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْبَانَ، حَدَّثَنِي جَابِرٌ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةٍ، فَكَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُسْتَقْبِلَ الشَّرْقِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، نَسَبُهُ إِلَى جَدِّهِ.

نعم، هذا فيه دليل على أن النافلة يصليها على الدابة أو على المركوب، أو على السيارة لا بأس، ولو لم يستقبل القبلة، قبلته جهة سيره، كان يصلي إلى جهة الشرق فالشرق، أو الغرب فالغرب، أما الفريضة فلابد من النزول واستقبال القبلة.

س: بالنسبة للفريضة في الطائرة؟

الشيخ: يدور معها حيث دارت.

س: هل يلزمه... [00:15:04]

الشيخ: لا، ما يلزمه، إذا ما استطاع، لكن يدور معها حيث دارت، إذا كان عنده بوصلة للقبلة يدور معها، كذلك الذي في السفينة، في الباخرة.

قال: جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ عِنْدَ الْعِلَّةِ تَحْدُثُ.

بركة، وفق الله الجميع لطاعته، ثبت الله الجميع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد