شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_109

00:00
00:00
تحميل
6

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.

يقول الإمام أبو بكر بن خُزيمة في صحيحه:

بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمَنْصُوصَةِ وَالدَّالَّةِ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَطَوُّعَ النَّهَارِ أَرْبَعًا لَا مَثْنَى:

فِي خَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ»، وَفِي أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ»

هو قول الجمهور، الجمهور يجيزون التطوع بأربع في النهار؛ لأنهم يطعنون في الحديث «صلاة الليل والنهار»، يطعنون في كلمة «والنهار»، «صلاة الليل والنهار مثنى»، قالوا: " (والنهار) ما صحَّت إنما خاصٌ بالليل صلَّى ركعتين، وأمَّا النهار فلا بأس"، ولكن الأفضل أن الإنسان يكون له ركعتين في النهار وفي الليل، وكان ابن خزيمة -رحمه الله- يرى هذا.

 بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمَنْصُوصَةِ وَالدَّالَّةِ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَطَوُّعَ النَّهَارِ أَرْبَعًا لَا مَثْنَى:

فِي خَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ»، وَفِي أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ».

وَفِي خَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلَّا نَهَارًا ضُحًى فَيَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.

وَفِي قَوْلِهِ لِجَابِرٍ لَمَّا أَتَاهُ بِالْبَعِيرِ لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِ: «أَصَلَّيْتَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».

وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ وَلَهُ عَبْدٌ أَوْ فَرَسٌ.

وَبِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ نَهَارًا لَا لَيْلًا.

وَفِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ: حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ.

والغداة هي صلاة الفجر.

وَفِي خَبَرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى أَثَرِ كُلِّ صَلَاةٍ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْفَجْرَ، وَالْعَصْرَ.

وَفِي خَبَرِ بِلَالٍ: مَا أَذْنَبْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ.

وَفِي خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنٍ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ.

وَفِي خَبَرِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ.

وَفِي خَبَرِ عَائِشَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.

وَفِي خَبَرِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ.

وَفِي خَبَرِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي بَيْتِهِ سَجْدَةِ الضُّحَى رَكْعَتَيْنٍ.

وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ، وَفِيهِ: رَكْعَتَيِ الضُّحَى.

وَفِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى قَطُّ إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِنْ سَفَرٍ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.

وَفِي خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ: يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ بَنِي آدَمَ صَدَقَةٌ، وَقَالَ فِي الْخَبَرِ: وَيُجْزِي مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى.

وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَنْ حَافَظَ عَلَى شُفْعَتَيِ الضُّحَى

(شُفْعَتَيِ الضُّحَى) يعني: ركعتي الضحى.

وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَنْ حَافَظَ عَلَى شُفْعَتَيِ الضُّحَى غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ.

وَفِي خَبَرِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ دَعَوْتَ، فَأَمَرَ بِنَاحِيَةِ بَيْتِهِمْ فَنُضِحَ وَفِيهِ بِسَاطٌ فَقَامَ فَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي كُلِّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى لَا أَرْبَعًا.

كأنه يرد على الجمهور، جمهور العلماء يرى الجواز؛ ولهذا الأخبار التي ذكرها كلها في أنه صلى ركعتين، لا شك أنه هو الأفضل.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي كُلِّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى لَا أَرْبَعًا كَمَا زَعَمَ مَنْ لَمْ يَتَدَبَّرْ هَذِهِ الْأَخْبَارَ.

مثل التَّطوع في الليل.

كَمَا زَعَمَ مَنْ لَمْ يَتَدَبَّرْ هَذِهِ الْأَخْبَارَ وَلَمْ يَطْلُبْهَا فَيَسْمَعْهَا مِمَّنْ يَفْهَمُهَا، فَأَمَّا خَبَرُ عَائِشَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا فَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ صَلَّاهُنَّ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَة، وَابْنُ عُمَرَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ.

على كل حال المؤلف -رَحِمَهُ الله- استدلَّ بهذه الأخبار الكثيرة على أن الصلاة في النهار تكون مثنى مثنى مثل الليل.

س: هو يوافق قول الجمهور؟

الشيخ: لا، الجمهور يرون الجواز، الجواز أربعًا، يطعنون في صلاة الليل والنهار كلمة (والنهار)؛ ولهذا لما أخرج النسائي قال: "وهذا خطأ"، وشيخ الإسلام قال: "أن آخر الحديث يدل على بطلان هذه اللفظة"، قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة»، قالوا: «فإذا خشي أحدكم الصبح» هذا في صلاة الليل والنهار ما فيه وتر، فهذا دليل على أنها خطأ كلمة (والنهار)؛ فلهذا الجمهور أجازوا، لما طعنوا في هذا اللفظة أجازوا الصلاة أربع ركعات؛ لكن الأفضل أن يُصلي ركعتين، ابن خزيمة الآن كأنه يردُّ على الجمهور؛ يعني: يرى أن الصلاة ركعتين، ولا شك أنه هو الأفضل ركعتين هو الأفضل.

س: في العراق يصلون أربع ركعات بتسليمه.

الشيخ: هم الأحناف الآن، الإخوان الباكستانيين الآن يُصلون قبل الظهر أربع ركعات مثل صلاة الظهر، يصلونها بالتشهُّد، الأحناف.

س: كأنه يرد على من يجيز الصلاة أربع ركعات.

الشيخ: يرد على من يُجيز الصلاة أربعًا، وهم الجمهور.

فَأَمَّا خَبَرُ عَائِشَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا فَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ صَلَّاهُنَّ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَة، وَابْنُ عُمَرَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ صَلَاةُ النَّهَارِ أَرْبَعًا لَا رَكْعَتَيْنِ لَمَا جَازَ لِلْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لِتَتِمَّ أَرْبَعًا، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ لَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ.

وَلَمْ نَسْمَعْ خَبَرًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتًا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ صَلَاةَ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ خُيِّلَ إِلَى بَعْضِ مَنْ لَمْ يُمْعِنَ الرَّوِايَّةَ أَنَّ خَبَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، إِذْ ذَكَرَتْ أَرْبَعًا فِي الْخَبَرِ، قِيلَ لَهُ: فَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذِكْرِهَا صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ، فَقَالَتَ: "كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا" فَهَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كَاللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ عَنْهَا فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ، أَفَيَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ مُتَأَوِّلٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْأَرْبَعَاتِ بِاللَّيْلِ كُلَّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ.

في حديث عائشة أن النبي كان يُصلي أربعًا، قالت: «فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثمَّ يُصلي أربعًا فلا تسأل عن طولهنَّ وحسنهنَّ، ثمَّ يُصلي ثلاث»، يقول: وقد يُخيَّل لبعض الناس أنه يُصليها أربعًا بتسليمة، أفيتخيل المتخيل؟

القارئ: (أَفَيَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ مُتَأَوِّلٌ).

الشيخ: وما قبلها، أفيجوز لمتخيل؟

القارئ: (فَإِنْ خُيِّلَ).

الشيخ: اقرأ: (فَإِنْ خُيِّلَ).

فَإِنْ خُيِّلَ إِلَى بَعْضِ مَنْ لَمْ يُمْعِنَ الرَّوِايَّةَ أَنَّ خَبَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، إِذْ ذَكَرَتْ أَرْبَعًا فِي الْخَبَرِ، قِيلَ لَهُ: فَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذِكْرِهَا صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ، فَقَالَتَ: "كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا" فَهَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كَاللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ عَنْهَا فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ.

إذًا هذا مثل هذا، إذا قلنا: يصلي أربعًا بسلامين، هنا يصلي أربعًا بسلامين.

أَفَيَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ مُتَأَوِّلٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْأَرْبَعَاتِ بِاللَّيْلِ كُلَّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُمْ لَا يُخَالِفُونَا أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى خَلَا الْوِتْرِ، فَمَعْنَى خَبَرِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَهُمْ كَخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْهَا عِنْدَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْأَرْبَعَ بَتَسْلِيمَتَيْنِ لَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَفِي خَبَرِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَاهُنَا كَهَيْئَتِهَا عِنْدَ الْعَصْرِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ مِنْ هَاهُنَا كَهَيْئَتِهَا مِنْ هَاهُنَا عِنْدَ الظُّهْرِ صَلَّى أَرْبَعًا، وَيُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا، وَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ ضَمْرَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي هَذَا الْخَبَرِ خَبَرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَدْ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ رَكْعَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، فَأَمَّا ذِكْرُ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ فَهَذِهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الْمُفَسِّرَةُ، فَدَلَّ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى»، أَنَّ كُلَّ مَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهَارِ مِنَ التَّطَوُّعِ فَإِنَّمَا صَلَّاهُنَّ مَثْنَى مَثْنَى عَلَى مَا خَبَّرَ أَنَّهَا صَلَاةُ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ جَمِيعًا، وَلَوْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمٍ كَانَ هَذَا عِنْدَنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ، فَكَانَ الْمَرْءُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ بِالنَّهَارِ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ.

يقول أن الأصح أنه كان مخير بين هذا وهذا، ماذا قال؟

وَلَوْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمٍ كَانَ هَذَا عِنْدَنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ، فَكَانَ الْمَرْءُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ بِالنَّهَارِ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ.

طالب: يوافق قول الجمهور.

الشيخ: يقول: لو ثبت كان مُخيَّرًا، ما ثبت أن النَّبي صلَّى أربع ركعات بسلامٍ واحد، لو ثبت لكان مُخيَّر، والجمهور يقولون: مُخيَّر الآن، لكن كونه يُسلِّم من كل ركعتين أفضل.

طالب: والأحناف يقولون بالأفضلية، أفضلية الأربع.

الشيخ: ما هو دليلهم على الأفضلية؟

طالب: حديث عليِّ وحديث ابن عمر [00:19:48]

الشيخ: صحيح مجمل، ولا شك أن الأحناف هم المقدمة في هذا؛ لهذا قول الجمهور، يقول: ولو ثبت.

طالب: عند النسائي قول النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ-: «رحِمَ الله امرئٍ صلَّى قبل العصر أربعًا» [00:20:12]

الشيخ: يمكن يأخذون بهذا.

ولو ثبت...

وَلَوْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمٍ كَانَ هَذَا عِنْدَنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ، فَكَانَ الْمَرْءُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ بِالنَّهَارِ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ.

وَقَوْلُهُ فِي خَبَرِ عَلِيٍّ: "وَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" فَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِتَشَهُّدٍ إِذْ فِي التَّشَهُّدِ التَّسْلِيمُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَعْنًى يَبْعُدُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ الَّذِي هُوَ فَصْلٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُمَا مِنَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ فِي الْمُخَاطَبَةِ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ لَا يُطْلِقُونَ اسْمَ الْفَصْلِ بِالتَّشَهُّدِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ يَفْصِلُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُمَا، وَمُحَالٌ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ أَنْ يُقَالَ: يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ، أَوِ الْعَصْرَ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ، أَوِ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ، أَوِ الْعِشَاءَ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ، وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَرْبَعَةً مَوْصُولَةً لَا مَفْصُولَةً، وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبَ يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ ثَلَاثًا مَوْصُولَةً لَا مَفْصُولَةً.

وَيَجِبُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَصْلِ وَبَيْنَ الْفَصْلِ، وَالْعُلَمَاءُ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ لَا يَعْمِلَونَ الْفَصْلَ بِالتَّشَهُّدِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ يَكُونُ [بِهِ] خَارِجًا مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يبتدئ فِيمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ كَانَ التَّشَهُّدُ يَكُونُ فَصْلًا بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ مَا بَعْدُ لَجَازَ لِمُصَلٍّ إِذَا تَشَهَّدَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يَجُوزُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهَا أَنْ يَقُومَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فيبتدأ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى الْعَمْدِ، وَكَذَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ مِنَ اللَّيْلِ بِعَشْرِ رَكَعَاتٍ وَأَكْثَرَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، يَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ التَّشَهُّدُ فَصْلًا بَيْنَ مَا مَضَى وَبَيْنَ مَا بَعْدُ مِنَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ مُخَالِفِينَا مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ.

وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ...

الشيخ: طويل البحث؟

طالب: هذا ما وقفنا إليه في الدرس الماضي (وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ).

الشيخ: كم بقي في الصفحة؟

طالب: باقي طويل.

الشيخ: ما قبله (وَلَوْ ثَبَتَ)، نقف على (وَلَوْ ثَبَتَ)، رحمه الله، أطال في هذه المسألة، فالأمر سهل في هذا، يصلي أربع ركعات بسلام واحد، الأفضل يصلي ركعتين، لكن أطال -رحمه الله-.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد