شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_112

00:00
00:00
تحميل
6

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال ابن خُزيمة -رَحِمَهُ الله تَعَالَى- في صحيحه:

 بَابٌ في فَضْلِ صَلَاةِ الضُّحَى، وَالْبَيَانِ أَنَّ رَكْعَتَيِ الضُّحَى تُجْزِئُ مِنَ الصَّدَقَةِ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَى سُلَامَى الْمَرْءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ -وَهُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ- عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ أَحَدُكُمْ وَعَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْهُ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ وَتَحْمِيدَةٍ، وَتَكْبِيرَةٍ، وَتَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَتُجْزِئُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى».

بسم الله، والحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه إلى عباده، أن صلاة الضُّحى فيها هذا الفضل العظيم، تُكفِّر عن الصدقات التي على السُلميات، والسُّلميات هي المفاصل، في الحديث الآخر: «رُكِّبَ ابن آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، وعلى كلِّ مفصلٍ صدقة»، ثمَّ ذكر الصدقات فقال: «كلُّ تسبيحةٍ صدقة، وكلُّ تحميدةٍ صدقة، وكلُّ تكبيرةٍ صدقة، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضُّحى»، فإذا صلى ركعتين أدَّى عن السُّلميات -وهي المفاصل-، وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه، وهذا من فضل الله حيث يسَّر للعبد هذا الفضل العظيم وهذه الصدقات، فيخرج وقد زحزح نفسه عن النار إذا أدَّى الفرائض واجتنب الكبائر.

بَابُ ذِكْرِ عَدَدِ السُّلَامَى وَهِيَ الْمَفَاصِلُ الَّتِي عَلَيْهَا الصَّدَقَةُ الَّتِي تُجْزِئُ رَكْعَتَا الضُّحَى مِنَ الصَّدَقَةِ الَّتِي عَلَى تِلْكَ الْمَفَاصِلِ كُلِّهَا:

حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبي بُرَيْدَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ صَدَقَةً»، قَالَ: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «النُّخَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا، أَوِ الشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ».

بَابُ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الضُّحَى:

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ يُصَلُّونَ الضُّحَى فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ حِينَ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ».

وذلك إذا اشتدَّ الضُّحى وارتفعت حرارة الشمس، والفِصَال جمع: فصيل وهو ولد الناقة، (رَمِضَتِ) يعني أصابته الرمضاء من شدة الحر؛ وذلك يكون عند ارتفاع النهار عند الساعة التاسعة والنصف أو الساعة العاشرة هذه صلاة الأوابين، هذا أفضل ما تكون صلاة الضُّحى.

وصلاة الضُّحى وقتها يبدأ من ارتفاع الشمس قدر رمح بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريبًا إلى قُبيل الظهر قبل الأذان بربع ساعة أو بعشر دقائق، كل هذا وقت الضُّحى لكن أفضلها حين ترمض الفصال، وفي هذا الحديث أن النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ- وجد الناس يُصلون الضُّحى حين تشرق الشمس، وهذا يسميه الناس صلاة الشروق، صلاة الإشراق، الإشراق ليس له صلاةٌ خاصة لكن بعض الناس يسمونها صلاة الإشراق؛ لقُرب صلاة الضُّحى من شروق الشمس، وإلا هي صلاة الضُّحى المبكرة.

تبدأ صلاة الضُّحى من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قُبيل الظهر، كل هذا صلاة الضُّحى، لكن الأفضل تأخيرها وإن صلَّى في أول الضُّحى ركعتين وصلَّى في وسط الضُّحى ركعتين أو أكثر فلا بأس، المقصود أن الإشراق ليس له صلاةٌ خاصة، بعض الناس يظن أن الإشراق له صلاةٌ خاصة والضحى صلاةٌ خاصة، هي صلاةٌ واحدة، هي صلاة الضُّحى، لكن تُسمى عند بعض الناس صلاة الإشراق لِقُربها من شروق الشمس.

وقت إشراق شروق الشمس ما يجوز الصلاة، وقت نهي؛ لأن الشمس تطلع بين قرني الشيطان وحينها يسجد لها الكفار، فلا يجوز الصلاة عند الإشراق؛ لأن هذا وقتٌ مغلَّظ، لكن بعد الإشراق بعشر دقائق أو ربع ساعة أو ثلث ساعة، مثل صلاة العيد وصلاة الاستسقاء بعد شروق الشمس بثلث ساعة، وإلا هذه التي يسمونها صلاة الإشراق.

وأمَّا عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند قيامها قُبيل الظهر هذا وقت النهي المُغلَّظ، لا يجوز للإنسان أن يُصلي، وإذا دخلت المسجد في هذا الوقت إمَّا أن تجلس وإمَّا أن تقف؛ لما ثبت في صحيح مسلم من حديث عقبة بن عامر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «ثلاث ساعاتٍ نهانا رسول الله -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ- أن نُصلي فيهنَّ وأن نقبر فيهنَّ موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين تتضيَّف للغروب حتى تتم، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل»، هذه الأوقات المغلَّظة ما فيها صلاة ولا دفن موتى، عشر دقائق أو ربع ساعة عند الطلوع، وعند الغروب، وعند قيامها أو وقوفها قبل الظهر، أمَّا الوقتان الطويلان من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، ومن صلاة العصر إلى قُرب غروب الشمس، هذان وقتان طويلان واسعان تُفعل فيهما... اختلف العلماء في فعل النوافل على قولين:

القول الأول: قول جمهور العلماء وأكثر العلماء على أنه أيضًا ما تفعل شيء في الوقتين الطويلين: (بعد العصر، وبعد الغروب) لا تُصلي؛ لقول النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ-: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس»، قال الجمهور: هذا حدٌّ النهي أصح وأكثر، والجمهور يرون أنك تجلس، إذا دخلت المسجد لا تصلي تحية المسجد، ولا تُصلي سنة الوضوء، ولا تُصلي سجدة التلاوة، ولا تُصلي على الجنازة، ولا تُصلي صلاة الكسوف؛ لأنها أوقات نهي بعد العصر ولا بعد الفجر.

والقول الثاني لأهل العلم: أنها تُفعَل ذوات الأسباب، ما له سبب؛ لقول النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ-: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يُصلي ركعتين»، هذا عامٌ في الأوقات خاصٌ بالصلاة، وحديث: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس» هذا خاصٌ بالصلاة في هذين الوقتين.

والعمل الآن على القول الثاني، وهو اختيار المحقِّقين كشيخ الإسلام: أنها تُفعل ذوات الأسباب، ما له سبب تفعله في الوقتين الطويلين، وما ليس له سبب لا تفعله، والسبب مثل: أن تتوضأ وتُصلي سنة الوضوء، وعند دخول المسجد تصلي تحية المسجد، أو صلاة الكسوف تُصلي صلاة الكسوف؛ لأن له سبب، في صلاة الجنازة إذا لم يُصلى عليها صلِّ عليها أمَّا إذا صلى على الجنازة ما تُصلي عليها مرة ثانية، انتهى، ومثل سجدة التلاوة، ومثل إعادة الجماعة، تُصلي في المسجد بعد العصر وبعد الفجر، ثمَّ تذهب إلى مسجد آخر فتجدهم يصلون فتُصلي معهم.

وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ.

بَابُ اسْتِحْبَابِ مَسْأَلَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صَلَاةِ الضُّحَى رَجَاءَ الْإِجَابَةِ:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو -يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ- عَنْ بُكَيْرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ الْقُرَشِيِّ عَنْ أَنَسٍ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، فَسَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً: سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَقْتُلَ أُمَّتِي بِالسِّنِينَ فَفَعَلَ؛ وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَفَعَلَ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا فَأَبَى عَلَيَّ»، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: "أَنْ لَا يَبْتَلِيَ أُمَّتِي بِالسِّنِين".

الشيخ: تخريجه؟

القارئ: إسناده ضعيف؛ لجهالة الضحَّاك فقد تفرَّد بالرواية عنه بُكير بن عبد الله بن الأشج، أخرجه أحمد والنسائي كما في [تحفة الأشراف]، وأبو نُعيم في [الحلية]، والضياء المقدسي في [المختارة] من طريق ابن وهبٍ بهذا الإسناد، وأخرجه الحاكم، والضياء المقدسي كذلك من طريق بكر بن مضر بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد والطبراني في [الصغير] من طريق أنس به.

الشيخ: والظاهر أن الحديث له شواهد ساقها ابن كثيرٍ في التفسير، أن النَّبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سأل الله ثلاثًا فأُعطي اثنتين ومُنِعَ واحدة، قال: «سألت ربيِّ ألا يُهلك أمتي بسنةٍ عامة»، يعني: بالجدب «فأعطانيها، وسألته ألا يُسلِّط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيجتاحهم فأعطانيها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها» بأسهم بينهم يعني: يتقاتلون فيما بينهم وهذا حاصل واضح كما هو واقع، وظاهر الحديث له شواهد.

طالب: صحيحٌ لغيره.

الشيخ: نعم، صدقت، لكن هذا فيه قصور التخريج، لمن هذا؟

طالب: الفحل.

الشيخ: قَصَّر في التخريج، له شواهد، ماذا يقول عندك؟

طالب: صحيحٍ لغيره في تمام.... [00:12:42]

الشيخ: صدق، صحيح لغيره أو حسن، إمَّا حسن أو صحيح لغيره، صحيح لغيره هذا له شواهد ساقها الحافظ ابن كثير على تفسير سورة الأنعام على قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾[الأنعام:65] والآية دالة على هذا.

الأول كان سنده طويل، سند الحديث السابق كم عدد رجاله؟

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو -يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ- عَنْ بُكَيْرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ الْقُرَشِيِّ عَنْ أَنَسٍ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.

الأول ستة والثاني سبعة.

 بَابُ صَلَاةِ الضُّحَى عِنْدَ الْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ:

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ الْعَطَّارُ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِنْ غَيْبَةٍ.

وفي رواية: «إلا أن يقدم من مغيبة» عن عائشة، والحديث أيضًا من طريق عائشة -رَضِي الله عَنْهَا- أنها قالت: «لم يكن النَّبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصلي الضُّحى إلا أن يقْدِمَ من مغيبة» كما قال ابن عمر، وهذا ثابت أن النَّبي صلَّى الضُّحى هذا قالته عائشة -رَضِي الله عَنْهَا-، وثبت عن عائشة -رَضِي الله عَنْهَا- أنها قالت: «كان النَّبي يُصلي الضُّحى أربعًا ويزيد ما شاء الله»، فلعلَّ هذا كان أولًا أو نسيت، قالت: ما كان يصلي الضُّحى إلا إذا قدم المغيبة.

وفي حديثٍ آخر أنها قالت: «كان يُصلي الضُّحى أربعًا ويزيد ما شاء الله» فإمَّا أن تكون هذا كان أولًا أو أنها نسيت -رَضِي الله عَنْهَا-، فصلاة الضُّحى ثابتة من قول النَّبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن فعله، وأوصى أبا الدرداء، وأوصى أبا هريرة بصلاة الضُّحى، فهي سنة مؤكَّدة وثابتة عنه من قوله وفعله -عَلْيه الصَّلاة والسَّلام-، وليس لها حد محدَّد النووي -رَحِمَهُ الله- يقول: (حدَّها ثمان ركعات) لا يزيد عن ثمان ركعات، لكن الصواب: أنه ليس هناك حد لصلاة الضُّحى، يُصلي ما شاء الله.

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -وَهُوَ ابْنُ شَقِيقٍعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى قَطُّ إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِنْ سَفَرٍ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الْمُخْبِرَ وَالشَّاهِدَ الَّذِي يَجِبُ قَبُولُ خَبَرِهِ وَشَهَادَتِهِ مَنْ يُخْبِرُ بِرُؤْيَةِ الشَّيْءِ وَسَمَاعِهِ وَكَوْنِهِ لَا مَنْ يَنْفِي الشَّيْءَ، وَإِنَّمَا يَقُولُ الْعُلَمَاءُ لَمْ يَفْعَلْ فُلَانٌ كَذَا وَلَمْ يَكُنْ كَذَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ فِي الْكَلَامِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَفْعَلْ كَذَا عِلْمِي، وَإِنَّ كَذَا لَمْ يَكُنْ عِلْمِي.

(عِلْمِي) يعني فيما علمت، لم يفعل كذا فيما علمت، قصدهم: أنا ما علمت أنه يفعل كذا، لكن يكون غيره علم، لم يكن يصلي الضُّحى إلا من مغيبة يعني حسب علمي، لكن قد يكون صلى الضُّحى وهو لم يعلم، هذا مقصود المؤلف، وهذا ما فيه شك هذا معروف أنه قال على حسب علمه، وممكن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أنها حسب علمها، إمَّا أن هذا أولًا، وإمَّا أنها حسب علمها في ذلك الوقت وقد نسيت أنه صلَّى الضُّحى.

وَابْنُ عُمَرَ إِنَّمَا أَرَادَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِنْ غَيْبَةٍ، أَيْ لَمْ أَرَهُ صَلَّى، وَلَمْ يُخْبِرْنِي ثِقَةٌ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِنْ غَيْبَةٍ، وَهَكَذَا خَبَرُ عَائِشَةَ، رَوَاهُ كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ وَالْجُرَيْرِيُّ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ.

حَدَّثَنَاهُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، ح وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسٍ ح وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ ح وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذِهِ اللَّفْظَةُ الَّتِي فِي خَبَرِ كَهْمَسٍ وَالْجُرَيْرِيِّ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ أَنَّهَا تَكَلَّمَتْ بِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا مَا قَالُوا فِي خَبَرِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي.

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى صَلَاةَ الضُّحَى فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَقْدَمُ فِيهِ مِنَ الْغَيْبَةِ، سَأَذْكُرُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ فِي مَوْضِعَهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَالْخَبَرُ الَّذِي يَجِبُ قَبُولُهُ وَيُحْكَمُ بِهِ هُوَ خَبَرُ مَنْ أَعْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى، لَا خَبَرُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ.

يعني المُثبت مُقدَّم على النافي، هذه القاعدة ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، قالت عائشة: "ما يصلي الضحى إلا إذا قَدِم"، وأثبت غيره أنه صلى في غير قُدومه، فهو المعتمد.

بَابُ صَلَاةِ الضُّحَى فِي الْجَمَاعَةِ، وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى الضُّحَى فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَقْدَمُ فِيهِ مِنَ الْغَيْبَةِ.

وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ...

بركة.

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد