بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدَيه ومشائخه والمسلمين.
قال ابنُ خُزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:
بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِبَعْضِ اللَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ غَيْرَ مُرْتَفِعَةٍ، فَدَانَتْ لِلْغُرُوبِ.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَمَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَا: حدثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالٍ وَهُوَ ابْنُ يَسَافٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ مُرْتَفِعَةً».
أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ».
أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال حدثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، قال حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، وَهُوَ ابْنُ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِثْلَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى سَوَاءً. قَالَ سُفْيَانُ: «فَلَا أَدْرِي بِمَكَّةَ يَعْنِي أَمْ غَيْرِهَا».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: وَهْبُ بْنُ الْأَجْدَعِ قَدِ ارْتَفَعَ عَنْهُ اسْمُ الْجَهَالَةِ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيُّ أَيْضًا، وَهِلَالُ بْنُ يَسَافٍ".
القارئ: قال: صحيح، أخرجه ابن حبان من طريق المصنف، وأخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والنسائي وفي الكبرى له، وأبو يعلى وابن حبان والضياء المقدسي في المختارة، من طريق جرير بن عبد الحميد بهذا الإسناد، وسيأتي من طريق سُفيان وشُعبة في حديث متقدم.
الآخر: قال صحيح، «لا تصلُّوا بعد العصر إلا أنْ تُصلوا والشمس مرتفعة».
الشيخ: الأحاديث الصحيحة ليس فيها هذا التقييد، «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس»، في الصحيحين، هذه زيادة فيها إشكال، ولو كانت هذه زيادة صحيحة -لمَا قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمَّا سئل عن الركعتين يصليهما بعد العصر: "أفنقضيهما إذا فاتتا؟"، قال: "لا"، لكانت تُقضى بعد العصر قبل أنْ تكون الشمس مرتفعة، أخشى أنْ تكون هذه الزيادة شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة.
الأحاديث الصحيحة ليس فيها هذا القيد، ولكنها إذا تضيَّفت للغروب صار الوقت مغلَّظ، صار يُنهى فيه عن الصلاة حتى ذوات الأسباب، وعن دفن الموتى، كما في حديث عُقبة بن عامر عند مسلم: «ثلاث ساعات نهانا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنْ نصلي فيهنَّ وأن نقبر فيهن موتانا: حيت تطلُع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تتضيَّف للغروب حتى تتم»، وهذا فيه إباحة الصلاة إذا كانت الشمس بيضاء، [00:06:20] المراجعة.
طالب: بعضهم ذكر زيادة في الأوقات المنهي عنها، قال: بين الأذان الإقامة من صلاة الفجر لا يتنفل غير الراتبة وعند دخول الإمام.0
الشيخ: نعم، هذا صحيح، يعني بعد طلوع الفجر يُسمى صلاة الراتبة والفريضة.
طالب: هذا بين الأذان والإقامة في صلاة الفجر.
الشيخ: أي نعم، ما فيه إلا الراتبة، وقتُ نهي، ما فيه إلا الراتبة والفريضة فقط، ما فيه تنفُّل بعد الفجر، حتى لو كان فيه تنفُّل كان من فاته الوتر يقضي الوتر، يُصلي الوتر، إذا طلع الفجر خلاص انتهت صلاة الوتر، يُقضى، على الصحيح، وهنا فيه خلاف بعض العلماء يرى هذا.
طالب: [00:06:29]
الشيخ: نعم من طلوع الفجر، بعد الصلاة هذه ما في صلاة، لكن بعد طلوع الفجر فيه الراتبة، وتحية المسجد لو كان صلَّى الراتبة في بيته، أو صلى بنية الراتبة، سواء صلَّى بنية تحية المسجد ولم يصلِّ بنية الراتبة يصلي الراتبة بعدها ثم يصلي الفجر، ولا يتنفل زيادة، حتَّى بعد دخول الخطيب؟ بعد دخول الخطيب هذا معلوم، فدخول الدخول ما فيه صلاة.
طالب: القاعد في المسجد، غير الداخل؟
الشيخ: الداخل في حديث سُليك الغطفاني، لمَّا دخل والنبي يخطب جلس، قال النبي: «أصليت ركعتين؟ قال: لا. قال: قم فصلِّ ركعتين وتجوَّز فيهما». هذا الداخل نعم، هذا يدل على أهمية تحية المسجد، حتى والخطيب يخطب، لكن يُخفِّف.
اتصل أمس واحد يسأل يقول: لو كان يطوف في المسجد الحرام، ودخل الخطيب وبقيَ عليه شَوط، أو وهو يسعى، وكان زميلٌ له يقول أكمل والخطيب يخطب، وأنا توقفت.
من الصواب في هذا التوقف، لأنه في خطبة الجمعة يجب عليه أنْ يُنصت، مثل صلاة الفريضة، ينبغي لك أن تتوقف عن الطواف وعن السعي، إذا دخل الخطيب مثل الصلاة، يتوقف ويسمع الخطبة؛ لأنَّ الخطبة واجبٌ سماعها لمن أراد أنْ يصلي.
طالب: لا يقاس عليها الركعتين [00:09:20]؟
الشيخ: لا، ما يقاس عليها، يُقاس على إذا أُقيمت الفريضة، إذا أُقيمت الفريضة يتوقف ثم يُكمل بعدها، فكذلك الخُطبة من جنسها، الخطبة مُنع فيها من الكلام.
طالب: في الحرم يطوفون أثناء الخطبة.
الشيخ: فعل الناس ما هو بحُجَّة، الحُجَّة في كلام الله وكلام رسول الله.
طالب: ولو كان مسافر؟
الشيخ: ولو كان مسافر، إذا أراد الجمعة، ما دام أراد أن يصلي الجمعة، كل مَن أراد أنْ يصلي الجمعة عليه أنْ يُنصت، يجب أنْ يُنصت ويتوقف، يتوقف عن القراءة، يتوقف عن الصلاة، يتوقف عن الطَّواف، يتوقف عن الذكر، عن كل شيء، يستمع للخطبة، يجب، سماع الخطبة واجبة.
طالب: بعد الخطبة، يُكمل أو يستأنف من جديد؟
الشيخ: يُكمل، هذا [00:10:14] مثل الفريضة، يُعتبر هذا فاصل لكنه فاصلٌ قصير لا بد منه، مثل صلاة الجنازة أيضًا هذا فاصل قصير، والخطبة والصلاة هذه لا بدَّ منها، لكن لو كان فاصل غير الخُطبة وغير الصلاة إذا كان يسير يُعفى عنه، مثل الصلاة على الجنازة، وإذا كان فاصلٍ طويل يستأنف، هذا الطواف، وأمَّا السعي [00:10:41].
بَابُ إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قال حدثنا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ، وَحدثنا بُنْدَارٌ، قال حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قال حدثنا الْجُرَيْرِيُّ، وَكَهْمَسٌ، وَحدثنا بُنْدَارٌ، قال حدثنا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ الْعَطَّارُ، قال حدثنا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، وَحدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قال حدثنا سُلَيْمٌ يَعْنِي ابْنَ أَخْضَرَ، قال حدثنا كَهْمَسٌ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ»، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ» هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ، زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ: «فَكَانَ ابْنُ بُرَيْدَةَ يُصَلِّي قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ».
(بَيْنَ كُلِّ أَذَانَينِ صَلَاة) المراد بالأذانَين: الأذان والإقامة.
سُنة الإقامة أذان تغليب، ولأنها إعلامٌ بإقامة الصلاة، مثل: الظهرين، والعصرين، والأبوين، والقمرين، أو لأنَّ الإقامة تسمى أذان لأنها إعلام، الأذان هو الإعلام، فالأذان إعلامٌ بدخول الوقت، والإقامة إعلامٌ بإقامة الصلاة، بين الأذان والإقامة صلاة، هذه سُنَّة.
ثم قال في الثالثة: «لِمَنْ شَاءَ»، فهذا رفع الوجوب إلى الاستحباب، قال: «لِمَنْ شَاءَ»، لو لم يقل: «لِمَنْ شَاءَ» لصار واجبًا.
طيب هذا استدلَّ به المؤلف على أي شيء؟ على الصلاة عند غروب الشمس؟ بابُ ماذا؟
بَابُ إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
في الحديث هذا دليل؟
طالب: قرأنا هذا الباب. "بين كل أذانين صلاة"
الشيخ: ثم قال في الثالثة: «لِمَنْ شَاءَ»، هذا يشمل ماذا؟ بين الأذان والإقامة، وعند غروب الشمس كيف يشمل الحديث؟
القارئ: قال في الحاشية: أي أذان وإقامة، ولا يصحُّ حملُه على ظاهره؛ لأنَّ الصلاة بين الأذانين مفروضة، والخبر ناطقٌ بالتخيير لقوله: «لمن شاء»، وذهب بعض الشراح إلى أن هذا للتغليب كقولهم القمرين للشمس والقمر، ويحتمل أن يكون أطلق على الإقامة أذان لأنها إعلامٌ بحضور فعل الصلاة، كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت.
الشيخ: أعد.
القارئ: قال في الحاشية: أي أذان وإقامة، ولا يصحُّ حملُه على ظاهره؛ لأنَّ الصلاة بين الأذانين مفروضة، والخبر ناطقٌ بالتخيير لقوله: «لمن شاء»، وذهب بعض الشراح إلى...
الشيخ: "بين كل أذانين صلاة" يعني قصده الفريضة، (لايصح حمله على ظاهره): لأنَّ الفريضة واجبة، وهذا التخيير، ولا يصح ماذا؟
القارئ: ولا يصحُّ حملُه على ظاهره؛ لأنَّ الصلاة بين الأذانين مفروضة.
الشيخ: التي هي الفريضة.
القارئ: والخبر ناطقٌ بالتخيير لقوله: «لمن شاء»، وذهب بعض الشُّراح إلى أنَّ هذا للتغليب كقولهم القمرين للشمس والقمر، ويُحتمل أن يكون أطلق على الإقامة أذان؛ لأنَّها إعلامٌ بحضُور فعل الصلاة، كما أنَّ الأذان إعلامٌ بدخول الوقت.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال حدثنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «إِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ يُصَلُّونَ حَتَّى يَخْرُجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُمْ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ شَيْءٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «يُرِيدُ شَيْئًا كَثِيرًا».
يعني بعد الأذان وقبل المغرب، كانُوا يبتدرون السواري، فيجيئ الجائي يظن أنَّهم يصلون الفريضة من كثرة مَن يصلي الركعتين، يعني بعد أذان المغرب وقبل الصلاة يصلي ركعتين، وفي الحديث الآخر: «صلُّوا قبل المغرب، صلُّوا قبل المغرب، صلُّوا قبل المغرب، ثم قال في الثالثة: لمن شاء»، كراهية أن تُتخذ سُنةً لازمة، يعني ما فيها إشكال، النافلة بين الأذانين.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ، قال حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قال حدثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَلَّوْا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ»، ثُمَّ قَالَ: «صَلَّوْا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ»، ثُمَّ قَالَ عِنْدَ الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ» خَشِيَ أَنْ يَحْسَبَهَا النَّاسُ سُنَّةً.
هي سنة لكن ليست لازمة، خشي أنْ يحسبها الناس سنةً لازمة، وهي سنةٌ ليست لازمة.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "هَذَا اللَّفْظُ مِنْ أَمْرِ الْمُبَاحِ إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِ الْمُبَاحِ لَكَانَ أَقَلُ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً إِنْ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا، وَلَكِنَّهُ أَمْرُ إِبَاحَةٍ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ لِأَمْرَ الْإِبَاحَةِ عَلَامَةٌ مَتَى زَجَرَ عَنْ فِعْلٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِفِعْلِ مَا قَدْ زَجَرَ عَنْهُ، كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ أَمْرَ إِبَاحَةٍ.
مثل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾[المائدة:2]، فإنَّ المُحرم نُهيَ عن الصيد، ثمَّ جاء الأمر بعد ذلك، فصار الأمر للإباحة بعد الحظر.
وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ كَانَ زَاجِرًا عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنْتُ، فَلَمَّا أَمَرَ بِالصَّلَاةِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَاةَ تَطَوُّعٍ كَانَ ذَلِكَ أَمْرَ إِبَاحَةٍ، وَأَمْرُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا بِالِاصْطِيَادِ عِنْدَ الْإِحْلَالِ مِنَ الْإِحْرَامِ أَمْرُ إِبَاحَةٍ، إِذْ كَانَ اصْطِيَادُ صَيْدِ الْبَرِّ فِي الْإِحْرَامِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، لِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: 1]، وَبِقَوْلِهِ: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [المائدة: 96]، وَبِقَوْلِهِ: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: 95] فَلَمَّا أَمَرَ بَعْدَ الْإِحْلَالِ بِاصْطِيَادِ صَيْدِ الْبَرِّ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ أَمْرَ إِبَاحَةٍ، قَدْ بَيَّنْتُ هَذَا الْجِنْسَ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ".
جُمَّاعُ أَبْوَابِ فَضَائِلِ الْمَسَاجِدِ وَبِنَائِهَا وَتَعْظِيمِهَا.
بركة، هذا قرأناه، ما زال الإشكال، أنَّه الصلاة قبل غروب الشمس، كل هذه الأدلة الصلاة بين الأذان والإقامة، هذا ما فيه إشكال؛ لأنَّ الأذان والإقامة بعد أذان الظهر، وبعد أذان العصر والمغرب والعشاء، كلها تُصلي ركعتين ما فيه إشكال، الإشكال في الترجمة، الترجمة باب...
بَابُ إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
هذا الإشكال، الأحاديث ما تنطبق على هذا، الأحاديث السابقة ما تنطبق على هذا، هذه كلها بعد الأذان، هنا إباحة الصلاة عند غروب الشمس، وقبل صلاة المغرب.
هذا الإشكال، الأحاديث ما تنطبق على هذا، الأحاديث كلها الصلاة بين الأذانين، أين أذان العصر؟ أذان العصر بعيد عن غروب الشمس، وصُلِّيت الفريضة، فإذا صليت ما صار بين الأذانين.
طالب: قبل الفريضة.
الشيخ: أين الفريضة؟ أي فريضة؟
طالب: فريضة المغرب.
الشيخ: المغرب، لكن فريضة العصر الآن بين الأذانين، ما جاء أذان الآن، قبل المغرب جاء أذان؟
قال: بَابُ إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
إي، هذا لا زال إشكال، والأحاديث فيها الصلاة بين الأذانين، بعد الأذان وقبل الإقامة، هذه الأحاديث التي ساقها كلها فيها...، ما تنطبق، الأحاديث ما تنطبق على الترجمة.
طالب: عند غروب.
الشيخ: يقول بعد الغروب أم قبل؟
طالب: عنده، لكن لو قال بعده.
الشيخ: بعد ما فيه إشكال، بعد غروب الشمس، أو بعد أذان العصر، ما فيه إشكال، الإشكال عند غروب الشمس، يعني ما قبل.
طالب: قبل الصلاة أظن.
الشيخ: نعم، هذا هو وقت النهي المغلَّظ، إلا أن تكون الترجمة فيها، يمكن فيه بعض الطبعات.
أعد الرجمة.
بَابُ إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
لعلَّه بعد غروب الشمس، لو كانت بعد غروب الشمس انتهى الإشكال، زال الإشكال، يمكن بعض الطبعات... تراجع بعض الطبعات أو إذا كانت مخطوطة، هناك مخطوطة لابن خزيمة، ما تكلَّم عليه الشُّراح؟ الأعظمي؟
القارئ: الفحل أحسن الله إليك.
الشيخ: والأعظمي، لا يوجد نسخة في الأعظمي؟ ما في تعليق عليها؟
طالب: ما تكلم.
الشيخ: لعله بعد غروب الشمس، ويحصل كذلك أحيانًا من النُّسَّاخ تبديل بعض الكلمات، ويحصل الإشكال.
طالب: يقصد بعد غروب الشمس.
الشيخ: أي نعم، بركة.
طالب: وقت الشروق وقت نهي مغلَّظ؟
الشيخ: أي نعم، وقت الشروق.
طالب: ذوات الأسباب ما تُفعل؟
الشيخ: ما تُفعل، لا صلاة ولا دفن موتى، عند غروب الشمس وعند طلوعها وعند قيامها، كلها وقتٌ قصير، عشر دقائق، في حدود هذا الوقت.
طالب: هنا ذكر قول شُعبة يا شيخ، وسُئل عن صيام يوم الاثنين والخميس وسكتنا، ذكر الخميس لمَا نراه وهمًا.
الطالب: هذا النووي في شرح مسلم: قوله في هذا الحديث من رواية شُعبة قال: وسُئل عن صوم يوم الاثنين والخميس فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهمًا، ضبطوه "نراهُ" بالفتحِ وبالضم، وهما صحيحان.
الشيخ: (نَراهُ أو نُراه)؛ نَراه بمعنى: نعلمه، ونُراه: بمعنى نظنُّه.
القارئ: قال القاضي عياض رحمه الله: إنَّ ما تركه وسكت عنه لقوله: «فيه وُلدت وفيه بُعثت وأُنزل عليَّ»، وهذا إنما هو في يوم الاثنين، كما جاءت في الروايات الباقيات يوم الاثنين دُون ذكر الخميس، فلمَّا كان في رواية شعبة ذكرُ الخميس تركه مسلم؛ لأنَّه رآه وهمًا.
وقال القاضي: ويُحتمل صحة رواية شعبة، ويرجع بالوصف بالولادة والإنزال إلى الاثنين دون الخميس.
الشيخ: ليس ببعيد هذا.
المهم لا إشكال في صيام الخميس، في أُناس يُشككون في صيام الخميس يقولون: ليس مستحبًّا. بعض الإخوان الآن وبعض المُحدِّثين المتأخرين، لهم تعليقات لفتاوى، قالوا: إنَّ الخميس ما يُستحب صيامه. إنَّما هذا خاصٌّ بالاثنين.
حتى لو سلَّمنا جدلًا، ليس منهي عن الصيام، الخميس ليس منهي عن صيام الخميس، فهو مستحب، مشروع الصيام، سواء الخميس أو غيره، والخميس أولى «مَن صام يومًا باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا».
الطالب: بعض الأحاديث ذكر أنَّها تُرفع فيه الأعمال يوم الخميس، «وأحبُّ أنْ يُرفع عملي صائمًا»، كما في...
الشيخ: هذا الذي ذكر أنَّ الخميس ما ثبت، أظن [00:24:15] الحديث هذا: «تُعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس»، أظن ذكره كون بعض الإخوان والمشايخ ذكروا فتوى في هذا، قالوا إنَّ هذا خاصٌّ بالاثنين، حتى صار بعضهم يصوم الاثنين ولا يصوم الخميس.