شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_140

00:00
00:00
تحميل
6

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام الحافظ ابن خزيمة -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح الجنان- في صحيحه:

جمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ

بَابُ التَّوَاضُعِ، وَالتَّبَذُّلِ، وَالتَّخَشُّعِ، وَالتَّضَرُّعِ، عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ

حدثنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَمِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَسْأَلُهُ عَنِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَسْأَلَنِي؟. خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَاضِعًا، مُتَبَذِّلًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَضَرِّعًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ، وَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ.

القارئ: قال: "إسناده حسن من أجل هشام ابن إسحاق".

الشيخ: قوله: (وَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ) تكلم عليها؟

القارئ: لم يتكلم عليها، إنما تكلم عن السند، قال: "إسناده حسن من أجل هشام ابن إسحاق".

الشيخ: أعد السند.

حدثنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَمِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَسْأَلُهُ عَنِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَسْأَلَنِي؟. خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَاضِعًا، مُتَبَذِّلًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَضَرِّعًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ، وَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ.

هذه سنة للاستسقاء، أن يواعد الإمام للناس يومًا يخرجون فيه، والسُنة أن تصلى الاستسقاء في الصحراء، قريب من البلد، لا في المساجد؛ كصلاة العيد، ولكن لما اتسع البلد الآن، وأصبح واسع الأطراف، يصعب أن يصلي الناس كلهم في مكان قريب من البلد، لا يستطيعون، لأنه ممتد امتداد واسع، ولو كان مضطرًا يصلي في عدة مصليات؛ كمصليات العيد، إذا كانت صلاته في وسط البلد؛ لأجل الحاجة [00:03:45]، تصلى صلاة العيد وصلاة الاستسقاء في الجوامع للحاجة وكثرة الناس واتساع البلد، وإلا فالسُنة أن صلاة الاستسقاء في صحراء قريبة من البلد، وكذلك صلاة العيد، ولا تُصلى في الجوامع كما تصلى فيها الجمعة.

أما الاستسقاء والعيد تكون في صحراء قريبة من البلد، والسُنة أن يواعد الإمام الناس يومًا يخرجون فيه، وأن يخرج على هذه الصفة، متواضعًا، خاشعًا، متبذلًا، ليس كصلاة العيد يخرج بثياب الزينة والجمال ومتطيب، وإنما متواضعًا، خاشعًا، متذللًا بثيابه العادية، والسُنة أن يصلي ركعتين كصلاة العيد، يأتي بالتكبيرات الزوائد، ثُمَّ يحضر الخطبة، وجاء ما يدل على أنه له أن يخطب خطبة قبل الصلاة، وله أن يصلي، جاء ما يدل على هذا وهذا، فهو مخير؛ إن شاء خطب قبل الصلاة، وإن شاء صلى قبل الخطبة، والأحاديث في هذا صحيحة، ولكن الناس جرت العادة على أنهم جعلوها كصلاة العيد؛ يصلون أولًا ثُمَّ يحضرون الخطبة، وإن قال الخطبة قبل ذلك فلا حرج لحديث [00:05:25].

(وَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ) كأنهم كانوا يطيلون الخطبة، أو يتكلمون فيها بشيء غير مناسب، يتكلمون فيها على بعض الناس، أو قد يكون في بعضها [00:05:46] وقد يكون فيها سب للعلوين، وما أشبه ذلك.

بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى لِلِاسْتِسْقَاءِ

(الْمُصَلَّى) أي القريب من البلد، صحراء قريبة من البلد، مصلى مكان يُصلى فيه، أرض يصلى فيها قريبة من البلد، ولهذا قال: (الْخُرُوجِ) تحتاج إلى مشي وذهاب، لو كانت في البلد ما يحتاج خروج، لكنها إذا كانت خارج البلد حتى يخرجوا إليها.

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثنَا سُفْيَانُ، قال: حدثنَا الْمَسْعُودِيُّ وَيَحْيَى -هُوَ الْأَنْصَارِيُّ- عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى وَالْمَسْعُودِيُّ، عَنْ أَبِيكَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَا مِنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، يُحَدِّثُ أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

الشيخ: هذه فيه المسعودي، قد اخترم، تكلم عليه؟

القارئ: قال: "صحيحٌ من طريق يحيى بن سعيد، والمسعودي بهذا الإسناد"، لم يتكلم عنه، لكن غالب الرواة أخرجه من طريق سعيد وابن مسعود؛ منهم النسائي، ومنهم الدارقُطني، وابن ماجه، والبيهقي.

الشيخ: [00:08:02]

القارئ: قال: "صحيح في البخاري ومسلم، من طريق عبد الله بن أبي بكر بن محمد به".

الشيخ: لكن هذا السند فيه المسعودي، فيه مشروعية قلب الرداء، أعد المتن.

أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

وفيه أنه صلى ركعتين، فالحديث صحيح، لكن من هذا الطريق إلا المسعودي، لكن الحديث ثابت، وفيه مشروعية صلاة الاستسقاء في الصحراء القريبة من البلد؛ لقوله: (خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى)، وفيه أنها ركعتان، وفيه مشروعية قلب الرداء؛ وذلك بأن يجعل ما أعلى الكتف الأيمن على الكتف الأيسر، وما كان على كتفه الأيسر يجعله على كتفه الأيمن مثل المشلح، ومثل الرداء إذا كان لابسًا إزارًا ورداءً كالمحرم؛ لأن عادة العرب يلبسون أُزُر ورداء، وأحيانًا يلبسون الْقُمُص طوال حياتهم، يلبس إزار ورداء مثل المحرم.

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبس هذا ويلبس هذا، فأحيانًا يلبسون قُمُص أو اثنين، وأحيانًا يلبسون الإزار والرداء، ولما كسفت الشمس قام النبي -صلى الله عليه وسلم- مسرعًا يجر رداءه، عليه إزار ورداء، وضعه على كتفه يخشى أن تكون الساعة، فإذا كان عليه رداء وإزار فإنه يقلب الرداء ويكون ما على الكتف الأيمن على الكتف الأيسر، وما على الكتف الأيسر يجعله على الكتف الأيمن، وكذلك إذا كان عليه مشلح، وإذا لم يكن عليه شيء -عليه قميص- يقلب الغترة، والشماغ.

والحكمة من هذا التفاؤل، التفاؤل بتغيير الحال من الجدب والقحط إلى الخصب والسعة، التفاؤل بتغيير الحال.

بَابُ الْخُطْبَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ مِنْ أَصْلِهِ، قال: حدثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَخَطَبَ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَدَعَا وَاسْتَسْقَى، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى بِهِمْ.

(وَصَلَّى بِهِمْ) هنا لا يوجد (ثم) [00:11:36] صريحًا بأنه قدم الخطبة، قال في الحديث الآخر: ثُمَّ صلى. فاستدل به المؤلف على تقديم الخطبة. ولا بأس بتقديم الخطبة، هل تكلم عليه؟

القارئ: قال في صحته: "سبق تخريجه في حديث (1406) وسيأتي عند الحديث ..، وانظر إتحاف المهرة"، أي الحديث الذي قبله؛ وإسناده صحيح.

الشيخ: أعد المتن.

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَخَطَبَ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَدَعَا وَاسْتَسْقَى، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى بِهِمْ.

هذا فيه مشروعية الخطبة في الصلاة، وتحويل الرداء وأن يكون صحراء قريبة من البلد، والاستسقاء هو طلب السُّقيا، وهو نزول المطر.

طالب: المحقق يقول: "إسناده صحيح، انظر الفتح الرباني وما بين الحاصلتين، [00:13:08]

الشيخ: ماذا بين الحاصلتين؟

طالب: لا أدري.

الشيخ: ما وضعها بين قوسين؟

طالب: لا، ذكر: (فَخَطَبَ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ)، وجاء واستسقى.

الشيخ: ما فيه بين معكوفتين؟

طالب: ما ذكر.

طالب: الذي بعده بين معكوفتين.

بَابُ تَرْكِ الْكَلَامِ عِنْدَ الدُّعَاءِ فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ: أَرْسَلَنِي فُلَانٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الِاسْتِسْقَاءِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَبَذِّلًا، مُتَضَرِّعًا، مُتَوَاضِعًا، فَلَمْ يَخْطُبْ نَحْوَ خُطْبَتِكُمْ هَذِهِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

الشيخ: هذا الحديث الأول ماذا قال عليه، نفس الحديث الذي ساقه في الأول؟

القارئ: قال: "إسناده حسن؛ من أجل هشام بن إسحاق، من طريق عبد الرحمن عن سفيان، بهذا الإسناد".

الشيخ: [00:15:17]

قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَبَذِّلًا، مُتَضَرِّعًا، مُتَوَاضِعًا، فَلَمْ يَخْطُبْ نَحْوَ خُطْبَتِكُمْ هَذِهِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

كما سبق فيه مشروعية صلاة الاستسقاء أنها بسبب تأخر نزول المطر، تكون في صحراء قريبة من البلد، ومشروعية الخطبة، والاستسقاء جاء على أحوال كما ذكر [00:15:51] وغيره.

الحالة الأولى: أن يواعد الناس يومًا يخرجون فيه ويصلي ركعتين ويخطب الخطبة وتكون في صحراء قريبة من البلد.

الحالة الثانية: أن يستسقي في خطبة الجمعة بالدعاء، يستسقي في آخر خطبة الجمعة، وهذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث جاء رجل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلكت الأنعام، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا. فاستسقى ودعا.

والحالة الثالثة: أنه دعا في مكان عند أحجار دعا والناس يؤمنون، استسقاء بدون صلاة، بدون خطبة الجمعة، هذه ثلاث حالات كلها ثبتت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الاستسقاء.

بَابُ تَرْكِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

بركة.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد