شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_144

00:00
00:00
تحميل
5

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام الحافظ ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

بَابُ تَرْكِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ أَنْ لَا أَذَانَ، وَلَا إِقَامَةَ إِلَّا لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ، وَإِنْ صُلِّيَتْ غَيْرُ الْفَرِيضَةِ جَمَاعَةً

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

هذا معلوم، أن الأذان والإقامة لصلاة الفريضة فقط، أما العيدان فليس لهما أذان، ولا إقامة، ولا نداء، وأما صلاة الكسوف فلها نداء وليس لها أذان ولا إقامة، ولكن يُنادى لها (الصلاة جامعة، الصلاة جامعة) وتُكرر على حسب الحاجة، وصلاة الكسوف لها نداء وليس لها أذان ولا إقامة، وصلاة العيد ليس لها أذان، ولا إقامة، ولا نداء، ولا يُقال: (صلاة العيد أثابكم الله) ولا يُقال شيء من هذا، وصلاة التراويح وصلاة القيام في رمضان كذلك ليس لها أذان، ولا إقامة، ولا نداء، إنما الأذان والإقامة خاص بالفرائض، وكذلك صلاة الاستسقاء ليس لها أذان، ولا إقامة، ولا نداء.

 أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا إسماعيل بن مُوسَى الْفَزَارِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُؤَذِّنْ وَلَمْ يُقِمْ.

بَابُ إِخْرَاجِ الْعَنَزَةِ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الْمُصَلَّى، لَيَسْتَتِرَ بِهَا الْإِمَامُ فِي الْمُصَلَّى إِذَا صَلَّى

أي يجعلها له سترة، و (الْعَنَزَةِ) هي عصا في طرفها حديدة، تُركز في الأرض فتكون سُترة للإمام، و (الْمُصَلَّى) هو المكان الذي تصلى فيه صلاة العيد، صحراء قريبة من البلد، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي العيدين ما يصليهما في مسجده، وإنما يصليها في صحراء قريبة، ويكون هناك عنَزة يركزها تكون له سترة، يكون في طرفها حديدة، الحديدة تكون جهة الأرض، يضعها أمامه لتكون سترة له.

بَابُ إِخْرَاجِ الْعَنَزَةِ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الْمُصَلَّى، لَيَسْتَتِرَ بِهَا الْإِمَامُ فِي الْمُصَلَّى إِذَا صَلَّى بِذِكْرِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ لَمْ يُبَيَّنْ فِيهِ الْعِلَّةُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُخْرِجُ الْعَنَزَةَ مِنْ أَجْلِهَا

إذا قُرأتها (يُبيِّن) تنصب (العِلة)، وإذا قرأتها (يُبيَّن) تضم (العِلة)، يُبيَّن العلةُ، أو يُبيِّن العلةَ، يُبيِّن أي النبي -صلى الله عليه وسلم-، يُبيَّن: مبني للمجهول، والعلة: نائب فاعل.

بِذِكْرِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ لَمْ يُبَيَّنْ فِيهِ الْعِلَّةُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُخْرِجُ الْعَنَزَةَ مِنْ أَجْلِهَا

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قال: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْكُزُ الْحَرْبَةَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ يُصَلِّي إِلَيْهَا، وَكَانَ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ.

العَنَزَة معروفة، وهي من السترة، وليس خاصًا هذا بصلاة العيدين، كذلك في حجة الوداع لما صلى بالأبطح كانت تكون له سترة يمر من ورائها الناس، فالسُنة السُترة للمصلي، يجعلها في كل صلاة، تكون له سُترة، الإمام والمنفرد، أما المأموم فسترة الإمام سترة له، لا يحتاج المأموم أن يضع شيء، لكن الإمام والمنفرد هو الذي يكون له سترة، معروفة العلة، في حجة الوداع لما قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة في يوم الرابع من ذي الحجة وكان يصلي في الأبطح إلى سترة يمر من ورائها الناس؛ لأنه نزل في الأبطح، والأبطح صحراء ما بين مكة ومنى، نزل فيه، وكان الحجاج ينزلون فيه ويخيمون إلى عهدٍ قريب قبل أن تتوسع مكة ويأتي البنيان عليها.

س: لكن بالنسبة للسترة هل واجبة أم سُنة؟

الشيخ: فيه خلاف؛ جمهور العلماء على أنها مستحبة، سُنة مؤكدة، والظاهرية يرون الوجوب.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: حدثنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ -وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى بِالْحَرْبَةِ، يَغْرِزُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ حِينَ يَقُومُ يُصَلِّي.

بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرُ لِلْعِلَّةِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُخْرِجُ الْعَنَزَةَ إِلَى الْمُصَلَّى، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ خَرَّجَهَا إِذْ لَا بِنَاءَ بِالْمُصَلَّى يَوْمَئِذٍ يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ

يعني العلة أن تكون سترة له، ولو كان هناك بناء أمامه؛ جدار أو عمود لكفى، فلما لم يكن هناك شيء في الصحراء ركز العَنَزَة لتكون سترة له، فالعَنَزَة شيء قائم يستر المصلي، أقل شيء ثلثي ذراع، كما في الحديث: «يقطع صلاة المرء إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: المرأة والحمار والكلب الأسود». مؤخرة الرحل، مؤخرة الشاة تقارب ثلثي ذراع، تكون شيئًا قائمًا، ولا تكون طرف السجادة سترة مثلما يظن بعض الناس، أو العصا، هذا ليس سترة، أو الخط، الخط جاء في حديث فيه كلام لأهل العلم «إذا لم يجد شيئًا سترة خط خطًا هلاليًا» إذا كانت الأرض ترابًا يخط خطًا هلاليًا مثل الهلال، والحديث فيه كلام لأهل العلم، وهو من أحاديث [البلوغ]، ولا بأس عند عدم وجود سترة، وإلا فالأصل أن تكون السترة شيئًا قائمًا أمامه؛ جدار، دولاب، عمود، عصا يركزها.

س: بعض المساجد فيه جدار، الإمام مغطي مايشوف عن اليمين وعن اليسار يصح الصلاة كذا؟

الشيخ: لا مانع، هم يرونه، وهو يراهم، يكونون خلفه، يعني يسوي الصفوف قبل الصلاة عن يمينه وعن شماله، ثم يتقدم.

س: [00:10:13]

الشيخ: من الذي يعتمد؟ لا بأس عليه، إن كان مستقيمًا، لا بأس فيه.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ الْأَيْلِيُّ، أَنَّ سَلَامَةَ حَدَّثَنِي، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ، خَرَجَ بِالْعَنَزَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى تُرْكَزَ فِي الْمُصَلَّى فَيُصَلِّيَ إِلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مَبْنِيٌّ يَسْتَتِرُ بِهِ.

صحراء، فضاء، لا يوجد شيء، لا جدار، ولا شيء، لو كان أمامه شجرة أو جدار كفى، يصلي إليها، لكنها صحراء، وهذا دليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي العيدين والاستسقاء في صحراء قريبة من البلد، ولا يصليهما في المسجد، هذا هو السُنة إذا أمكن، لكن إذا كان البلد متسع واسع، مثل الرياض الآن، يشق على الناس أن يكونوا في مكانٍ واحد، ولو جعل في مصلى لجعلت مصليات في جهات متعددة.

طالب: يقول: إسناد الحديث ضعيف.

الشيخ: أي حديث؟

طالب: حديث المعزة.

 الشيخ: هل تكلم عليه؟

القارئ: نعم، قال: إسناده ضعيف، محمد بن عزيز قال فيه الحافظ في [التقريب]: فيه ضعف، وقد تكلموا في صحة سماعه من ابن عمه سلامة. وسلامة بن روح فيه ضعف أيضًا، فقد ترك الرواية عنه أحمد بن صالح المصري، وقال فيه ابن قانع: ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، محله عندي محل الغفلة، وقال أبو زرعة: ضعيف منكر الحديث، يُكتب حديثه على الاعتبار.

لكن حسّن الرأي فيه ابن حبان، إذ ذكره في الثقات، وقال: مستقيم الحديث. وقال مسلمة بن قاسم: لا بأس به، وقد لخص ابن حجر أقوال النقاد فيه، فقال: صدوق له أوهام. وهناك علة ثالثة وهي عدم سماعه من عمه، فقد قال الحافظ: "وقيل: لم يسمع من عمه، وإنما يحدث من كتبه".

لم نقف عليه من طريق عقيل، عن نافع، وقد أخرجه: ابن ماجه، والبيهقي من طريق الأوزاعي، عن نافع بنحوه.

الشيخ: أعد سند الحديث.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ الْأَيْلِيُّ،

الشيخ: عُزَيْزٍ  أو عَزِيز، مُحتمل، بالزاي عندك؟ راجع التقريب، الراء والزاي متقاربان.

القارئ: قال في التقريب: "بمهملتين، وزايين مصغر، [التقريب]".

الشيخ: نعم، هذا الضبط، عُزيز.

أَنَّ سَلَامَةَ حَدَّثَنِي، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ، خَرَجَ بِالْعَنَزَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى تُرْكَزَ فِي الْمُصَلَّى فَيُصَلِّيَ إِلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مَبْنِيٌّ يَسْتَتِرُ بِهِ.

بَابُ تَرْكِ الصَّلَاةِ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ الْعِيدَيْنِ وَبَعْدَهَا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ وَاسْتِنَانًا بِهِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ-، قال: حدثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى -وَأَكْبَرُ عِلْمِي أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْفِطْرِ- فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي خِرْصَهَا وَصِخَابَهَا.

هذا فيه عدم مشروعية الصلاة قبل صلاة العيد أو بعدها، وإذا كان صلى في صحراء قريبة من البلد إذا جاء يجلس؛ لأنه ليس بمسجد ليصلي تحية المسجد، يجلس، ثُمَّ إذا صلى العيد ينصرف، ولا يصلي الضحى في المكان، بعض الإخوان تجده يصلي في نفس المكان، يصلي العيد ثُمَّ يصلي الضحى، لا، الأولى ينصرف، وصلاة الضحى وقتها واسع، في أي وقت، في البيت، لكن صلاة العيد ليس لها صلاة لا قبلها ولا بعدها، هذه هي السنة، لكن إذا كانت في المسجد وصلى تحية المسجد حسن.

س: إذا كان جالسًا وقام ليصلي، هل أنكر عليه؟

الشيخ: نعم، نقول له: إن هذا غير مشروع، إذا كان جالسًا ولما ارتفعت الشمس قام وصلى الضحى قبل صلاة العيد، هذا غير مشروع، صلِّ العيد، وصلاة الضحى وقتها واسع، صلها في البيت، صلاتها في البيت أفضل.

بَابُ الْبَدْءِ بِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قال: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ -يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ- عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ.

الشيخ: هل تكلم عنه؟

القارئ: قال: "صحيح، أخرجه الشافعي في المسند، وابن أبي شيبة، وأحمد، والدرامي، والبخاري، ومسلم، وأبو داوود، وابن ماجه، والنسائي، وفي الكبرى له، وابن حبان".

الشيخ: بدأ بالصلاة قبل الخطبة؟

القارئ: (صَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ).

الشيخ: ولذلك أُنكر على مَنْ قدَّم الخطبة على صلاة العيد من بعض أمراء بني أُمية، أنكر عليهم أبو سعيد الخدري، مروان بن الحكم كان بالمدينة وجاء يوم العيد وخطب، فجاء أبو سعيد وجره بردائه، قال: الصلاة قبل الخُطبة! قال: لا، إن الناس لا يجلسون لنا يا أبا سعيد. أي: الناس لا يجلسون لسماع الخُطبة، والخطبة يكون فيها ما لا يناسب، إذا صلى وخطب راح الناس وتركوه، فهو قدَّم الخطبة حتى يسمعهم ما لا يحبون؛ لأنه كان هناك علويين، فأنكر عليه أبو سعيد، قيل له: أما هذا فقد أدى ما عليه.

بَابُ عَدَدِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فِي الْقِيَامِ قَبْلَ الرُّكُوعِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَبَّرَ فِي الْأَضْحَى سَبْعًا وَخَمْسًا، وَفِي الْفِطْرِ مِثْلَ ذَلِكَ.

(سَبْعًا) في الأولى بعد تكبيرة الإحرام، (وَخَمْسًا) في الثانية بعد تكبيرة الانتقال، هذا هو المعتمد، وإلا المسألة فيها خلاف كثير، فيها أقوال، وفيها آثار كثيرة متعددة، لكن هذا هو الأرجح، والذي اختاره جمع من أهل العلم، وهو المذهب عند الحنابلة؛ أن التكبيرات الزوائد في الأولى سبعًا بعد تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسًا بعد تكبيرة الانتقال، والصلاة أولًا ثُمَّ الخُطبة ثانيًا، عكس الجمعة، الجمعة الخطبة أولًا ثُمَّ الصلاة، وأما صلاة الاستسقاء فجاء ما يدل على تقديم الخطبة على الصلاة وتأخيرها، ولكن العلماء قاسوا الاستسقاء على العيدين، فقدموا الصلاة، وإلا فقد جاء ما يدل على هذا وهذا.

طالب: إسناده ضعيف.

الشيخ: أعد الحديث.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: قَالَ: ...

كثير بن عبد الله المزني ضعيف، ماذا قال عليه؟

القارئ: قال: "إسناده ضعيفٌ جدًّا لشدة ضعف كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني".

طالب: لكن له شواهد.

الشيخ: نعم، الآثار في التكبيرات كثيرة، بعضها خمس، وبعضها ست.

طالب: [00:22:51]

الشيخ: ماثبت شيء بعض العلماء يستدلون بالحمد لله كثرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، لكن هذا يحتاج إلى دليل، في آثار في هذا، لكن في ثبوتها نظر.

طالب: الشواهد في المتن أم في السند التي تقوي الحديث؟

الشيخ: الشواهد تكون في المتن، والسند يكون متابعة.

طالب: يقول: "سأله عنه البخاري فقال: ليس في الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول".

الشيخ: اقرأ ماذا قال عليه.

القارئ: قال: "إسناده ضعيفٌ جدًّا لشدة ضعف كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، قال فيه النسائي والدارقطني: متروك، وقال أبو داوود والشافعي: أحد الكذابين، وقال أحمد: منکر الحديث، وقال ابن حبان: روي عن أبيه، عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتاب ولا الرواية عنه إلا على وجه التعجب. ومن عجب أن الترمذي قال عن هذا الحديث في جامعه: حديث حسن. وذكره في علله الكبير، وسأل عنه البخاري فقال: ليس في الباب شيء أصح من هذا وبه أقول".

الشيخ: الذي يقول: ليست العمدة على هذا، العمدة على الشواهد، يقول بهذا، يقول التكبيرات سبع وخمس، ليست العمدة على الحديث هذا، العمدة على غيره.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

(يُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ) أي: بدون تكبيرات الزوائد، يوالي بين القراءتين في الركعة الأولى والركعة الثانية وليس بينهما تكبيرة زوائد، باب ذكر ...

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

يعني الدليل على أنه لا يوالي بينهما، بل يفصل بينهما بالتكبيرات الزوائد، وهو نفس الحديث السابق، الحديث الضعيف، كثير بن عبد المزني ضعيف، لكن العُمدة على الشواهد.

بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الصُّورِيُّ بِالْفُسْطَاطِ، قال: حدثنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ،

القارئ: قال: (سُرَيْجُ) بالسين المهملة، وآخره جيمٌ مصغر، وضبطه في [التهذيب] كذلك.

قال: حدثنَا فُلَيْحٌ -وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ-، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: سَأَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِمَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلَاةِ الْخُرُوجِ فِي الْعِيدَيْنِ؟ فَقُلْتُ: قَرَأَ ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾[القمر: 1]، وَ ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾[ق: 1].

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يُسْنِدْ هَذَا الْخَبَرَ أَحَدٌ أَعْلَمُهُ غَيْرُ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ. رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَا: إِنَّ عُمَرَ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ.

الشيخ: ماذا قال عنه في الحاشية؟

القارئ: قال: "صحيح، أخرجه مالك في الموطأ برواية الليثي، والشافعي في المُسند، وعبد الرزاق، والحميدي، وأحمد، ومسلم، وأبو داوود، وابن ماجه، والترمذي، والنسائي، وفي الكُبرى له، وأبو يعلى".

الشيخ: المؤلف يقول: ما أسنده غير فليح.

القارئ: "قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يُسْنِدْ هَذَا الْخَبَرَ أَحَدٌ أَعْلَمُهُ غَيْرُ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ. رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ".

الشيخ: على هذا يكون ليس مرفوعًا، ما أسنده إلا فليح، فيكون موقوفًا، أعد الترجمة.

بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الصُّورِيُّ بِالْفُسْطَاطِ، قال: حدثنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قال: حدثنَا فُلَيْحٌ -وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ-، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: سَأَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِمَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلَاةِ الْخُرُوجِ فِي الْعِيدَيْنِ؟ فَقُلْتُ: قَرَأَ ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾[القمر: 1]، وَ ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾[ق: 1].

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يُسْنِدْ هَذَا الْخَبَرَ أَحَدٌ أَعْلَمُهُ غَيْرُ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ. رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَا: إِنَّ عُمَرَ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ. قَالَ: حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْأَزْهَرِ مِنْ أَصْلِهِ، قَالَ: حدثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ فُلَيْحٍ.

وَفِي خَبَرِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾[الأعلى: 1]. وَ ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾[الغاشية: 1]. وَهَذَا مِنِ اخْتِلَافِ الْمُبَاحِ.

يعني أنه مرةً قرأ بهذا، ومرة قرأ بهذا، صلاة العيد مرة قرأ بـ (ق) و(اقتربت)، (ق) تكون في الركعة الأولى؛ لأنها قبلها، و(اقتربت الساعة) تكون في الركعة الثانية، ومرةً في العيد الآخر قرأ بـ (سبح)، والركعة الثانية (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ).

طالب: الحديث الأول فيه كلام للأثيوبي، أنه قرأ بـ (ق) و (اقتربت الساعة)، قال: "قلت: كيف يصح وفيه انقطاع؛ لأن عبيد الله لم يدرك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؟

قلت: الانقطاع إنما هو في هذا الطريق فقط، فقد أخرجه مسلم بعد أن أخرجه من هذا الوجه من طريق فليح عن ضمرة بن سعيد، عن عبيد الله، عن أبي واقد الليثي -رضي الله عنه- قال: سألني عُمر بن الخطاب فذكره. قال النووي -رَحِمَهُ الله- بعد أن ذكر أن الرواية الأولى مرسلة لأن عبيد الله لم يدرك عمر ما نصه: ولكن الحديث صحيحٌ بلا شك، متصل من الرواية الثانية، فإنه أدرك أبا واقدٍ بلا شك، وسمعه بلا خلاف، فلا عتب على مسلمٍ حينئذٍ في روايته، فإنه صحيحٌ متصل، والله أعلم. انتهى".

وقال الحافظ بن عبد البر -رَحِمَهُ الله-: (وقد زعم بعض أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث منقطع؛ لأن عبيد الله لم يلقَ عُمر، فقال غيره: هو متصل مسند، ولقاء عبيد الله لأبي واقد الليثي غير مدفوع، فقد سمع عبيد الله من جماعة من الصحابة، ولم يذكر أبو داوود في [باب ما يُقرأ به في العيدين] إلا هذا الحديث، وهذا يدل على أنه عنده متصلٌ صحيح. انتهى كلام عبد البر.

قال الجامع -عفا الله عنه-: الحاصل أن الحديث متصل صحيح من طريق فليح كما أخرجه مسلم -رحمه الله- في صحيحه.

الشيخ: أي أن السنة أن تقرأ في العيدين: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾[القمر: 1]، اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقرأ أحيانًا بـ(سبح)، و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ).

بَابُ اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ النَّاسَ لِلْخُطْبَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ، قَامَ فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَّجْتُهُ بِتَمَامِهِ بَعْدُ.

(بَابُ اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ النَّاسَ) أي أنه يستقبل الناس، ويكون أمامهم، ويوجه الخطاب والكلام إليهم، يُوَاجِهُهُمْ بالكلام، هذا معنى الاستقبال، باب ماذا؟

بَابُ اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ النَّاسَ لِلْخُطْبَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ

أي لا يخطب وهو متجه إلى القبلة، وإنما يخطب وهو متجه للناس؛ يولي ظهره القبلة، ويواجه الناس، لأن الخطاب موجه إليهم.

أعد الحديث السابق.

بَابُ اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ النَّاسَ لِلْخُطْبَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ، قَامَ فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَّجْتُهُ بِتَمَامِهِ بَعْدُ.

بَابُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قال: حدثنَا عُبَيْدُ اللَّهِ؛ وَحدثَنَا أَبُو مُوسَى، قال: حدثنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ -يَعْنِي الثَّقَفِيَّ-، قال: حدثنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ.

وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ مَسْعَدَةَ: يَعْنِي فِي الْعِيدِ.

في العيد الخُطبة تكون بعد الصلاة، والجمعة تكون الصلاة قبل الخطبة، والاستسقاء مُخيَّر.

بَابُ الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْعِيدَيْنِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ [وَبِلَالٌ] بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِينَ النِّسَاءُ صَدَقَةً.

قُلْتُ لِعَطَاءٍ: زَكَاةُ الْفِطْرِ؟ قَالَ: لَا. وَلَكِنَّهُ صَدَقَةٌ يَتَصَدَّقْنَ بِهَا حِينَئِذٍ، تُلْقِي الْمَرْأَةُ فَتْخَهَا، وَيُلْقِينَ وَيُلْقِينَ.

هذه صدقة عامة غير الزكاة، زكاة الفطر تكون قبل الصلاة، ليلة العيد، أو يوم العيد قبل الصلاة، وهذه صدقة عامة.

بَابُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُصَلَّى مِنْبَرٌ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثنَا وَكِيعٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ الْفَرَّاءِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ يَوْمَ عِيدٍ عَلَى رَاحِلَتِهِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ. أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَطَبَ قَائِمًا لَا جَالِسًا، وَالثَّانِي أَنَّهُ خَطَبَ عَلَى الْأَرْضِ. كَإِنْكَارِ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى مَرْوَانَ لَمَّا أَخْرَجَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يُخْرِجُ الْمِنْبَرَ.

المهم أن يخطب قائمًا، إن كان يوجد منبر مرتفع فهو أفضل، وإلا فليخطب على الأرض.

طالب: إنكار أبي سعيد لأنه لم يقتدي بالنبي.

الشيخ: نعم، هذا صحيح، إنكار أبي سعيد لأنه قدم الخطبة، وإنكار أبي سعيد كأنه إنكار على مَنْ أتى بمنبر ليقوم عليه، كأنه أُتي له بشيء يقوم عليه فلم يقم عليه وخطب على الأرض، إنكارًا لهذا الذي أتى بشيء، لكن هل أتي بشيء ولم يخطب عليه؟

طالب: في الحديث:كان النبي يخطب على راحلته.

الشيخ: أعد الحديث.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ يَوْمَ عِيدٍ عَلَى رَاحِلَتِهِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ. أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَطَبَ قَائِمًا لَا جَالِسًا، وَالثَّانِي أَنَّهُ خَطَبَ عَلَى الْأَرْضِ. كَإِنْكَارِ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى مَرْوَانَ لَمَّا أَخْرَجَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يُخْرِجُ الْمِنْبَرَ.

فيه نظر الثاني، كونه قائمًا، هذا أيضًا يكون قائمًا على الراحلة أيضًا فيه إشكال، قد لا يستطيع القيام على الراحلة؛ لأن الراحلة تتحرك، وكونه على الراحلة أيضًا أبلغ من القائم؛ لأنه مرتفع.

طالب: عند النسائي الخطبة على البعير. قال كان قائما فحبشي آخذ بخطام ناقته.

الشيخ: حتى لا تتحرك يعني، لا شك أن السنة هي القيام.

بَابُ عَدَدِ الْخُطَبِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَالْفَصْلِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِجُلُوسٍ

أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قال: حدثنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قال: حدثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ الْخُطْبَتَيْنِ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَانَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوس.

هذه السُنة، أن يكون قائمًا في الخُطبة، ويفصل بين الخطبتين بجلوس.

بَابُ السُّكُوتِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَتَرْكِ الْكَلَامِ فِيهِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قال: حدثنَا حَفْصٌ -يَعْنِي ابْنَ جَمِيعٍ الْعِجْلِيَّ-، قال: حدثنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيِّ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ قَعْدَةً لَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ خُطْبَةً أُخْرَى، فَمَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ قَاعِدًا فَقَدْ كَذَبَ.

نعم، وإنما يخطب قائمًا، السنة هو القيام، وفيه سنة السكوت بين الخطبتين، وعدم الكلام.

بَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ، وَالِاقْتِصَادِ فِي الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ جَمِيعًا

بركة.

طالب: وكان يفصل بينهما بجلوس، المؤلف يذكر أنها في خطبة العيد.[00:42:59]

الشيخ: نعم، في خطبة العيد، الخطبة الثانية يفصل بينهما بجلوس، قياسًا على خطبة الجمعة.

طالب: الألباني علق ي شيخ قال: قلت وهذا الحديث في خطبتي الجمعة بدليل رواية خالد بن الحارث حدثنا عبيدالله به ولفظه: (كان رسول الله يخطب يوم الجمعة قائما) الحديث أخرجه مسلم.  فقوله .... اللام فيه للعهد وليس ..... [00:43:16]

الشيخ: ذكر الخطبتين، قال كان ماذا في الحديث؟ قال يخطب ماذا؟

قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ قَعْدَةً لَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ خُطْبَةً أُخْرَى

هذا في الجمعة، وهناك صلاة العيدين المؤلف، كأن المؤلف أخذها قياسًا عليه، من باب القياس، وإلا لا يخفى على المؤلف.

طالب: الإمام.....باب في خطبة العيدين والفصل بين الخطبتين بجلوس. [00:44:11]

الشيخ: الفصل بينهما بجلوس.

القارئ: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب الخطبتين وهو قائم، وكان يفصل بينهما بجلوس.

الشيخ: هذا الذي عليه التعليق؟

طالب: ابن خزيمة .....فقال: باب عدم...في العيدين والفصل بين الخطبتين بجلوس، وذكر حديث قال: عن عبدالله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  كان يخطب الخطبتين وهو قائم، وكان يفصل بينهما بجلوس.........[00:44:34]

الشيخ: ما ذكر الجمعة، هذا الحديث عام، يمكن أن يكون مقصد ابن خزيمة قياس خطبة العيدين على الجمعة، وإلا فلا يخفى على ابن خزيمة، والعلماء قاسوا على هذا، هذا مذهبه، ابن خزيمة على مذهب الإمام الشافعي، والآن العلماء قاسوا العيدين على الجمعة، خُطبتان يُفصل بينهما بجلوس من باب القياس.

بركة، وفق الله الجميع لطاعته.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد