بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهُمَّ اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- وأسكنه فسيح جنانه:
بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْخَاطِبِ فِي قَطْعِ الْخُطْبَةِ لِلْحَاجَةِ تَبْدُو لَهُ
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، أخبرنا أَبُو بَكْرٍ، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حدثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، حدثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ، عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ. قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَمَلَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: «صَدَقَ اللَّهُ، ﴿أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾[الأنفال: 28]، إِنِّي رَأَيْتُ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى نَزَلْتُ وَحَمَلْتُهُمَا».
أخبرنا أبو طاهر، أخبرنا أبو بكر، حدثَنَاهُ عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ حُسَيْنٍ؛ وَقَالَ: «فَلَمْ أَصْبِرْ» ثُمَّ أَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ.
في هذا الحديث أنه لا بأس بقطع الخطيب الخطبة عند الحاجة تعرض له، ثُمَّ يكملها بعد ذلك، جاء في حديث أن رجلًا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن دينه، وأنه أُتي بكرسي وجلس عنده حتى علَّمه، سيأتي في الحديث الذي بعده.
هل تكلم على سند الحديث؟
طالب: أحال للإتحاف، قال: "إسناد حسن من أجل حسين بن واقد المروزي".
الشيخ: إذن الحديث حسن، وفيه دلالة على أنه لا بأس بقطع الخطبة عند الحاجة، ثُمَّ يكملها بعد ذلك، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- رأى الحسن والحسين يعثران، في قميص أحمر، عليهما قميصان أحمران.
وفيه الاستشهاد بالآية: «صَدَقَ اللَّهُ، ﴿أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾». أي أن الإنسان يميل أحيانا إلى الأموال والأولاد، يميل بشعبة من قلبه، قد ينشغل بعض الانشغال، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- انشغل عن الخطبة فأخذهما، ثُمَّ أقبل على خطبته فأكملها، فيه الاستشهاد بالآية.
وفيه أن قطع الخطبة لا يؤثر، فيكملها بعد ذلك.
طالب:بالنسبة للبس الثوب.... [00:03:35]
الشيخ: نعم، وكذلك لا بأس بلبس الثوب الأحمر، وهما طفلان غير مكلفين، ولكن الصغير يكون وليه يلبسهما ما يلبس الكبير، فلا بأس، ودليل على أنه لا بأس بالثوب الملون، وهذان طفلان صغيران، ليسا مكلفين.
جاء في حديث النهي عن لبس الأحمر الخالص بالنسبة للرجال، وحمله بعض العلماء على الأحمر الخالص، لكن جاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبس حُلتين، ولبس حُلة حمراء، جمع بينهم ابن القيم وجماعة أن النهي محمول على ما إذا كان الأحمر خالصًا، والجواز إذا كان فيه لون آخر، والحسن والحسين عليهما اللبس الأحمر، لسا مكلفين، ولبس الأحمر مختلف فيه حتى بالنسبة للكبير.
طالب: إسناده صحيح.
الشيخ: نعم، إسناده حسن من أجل حسين بن واقد.
طالب: صححه الأثيوبي، النسائي قال: صحيح.
الشيخ: من طريق أخرى؟ ماذا قال الأعظمي؟
طالب: "عن محمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن حسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: إسناده صحيح".
الشيخ: لكن الطريق التي ذكرها المؤلف فيها الحسين بن واقد فيكون حسنًا، فالمحقق حكم عليه بأنه حسن من أجل السند، فهو بهذا السند حسن، وبسندٍ آخر صحيح.
طالب: لكن هُنا ذكر صالح اللحام أنه صحيح، قال: "صحيح السنن" ثُمَّ ذكر المشكاة، والهداية، وتمام المنة، ثُمَّ ذكر ابن حبان، أورده في الحديثين.
الشيخ: من هذا؟ الألباني؟
طالب: صالح اللحام.
طالب: [00:06:23]
الشيخ: [تمام المنة] لمن؟ لا، للشيخ ناصر الدين الألباني.
طالب: فيه تعليق....[00:06:34]
طالب: وسيذكره المؤلف في (1801).
الشيخ: على كل حال يكون الحديث صحيحًا بطرقه، وحسن بهذا الطريق.
بَابُ إِبَاحَةِ قَطْعِ الْخُطْبَةِ لِيُعَلِّمَ بَعْضَ الرَّعِيَّةَ العلم
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، أخبرنَا أَبُو بَكْرٍ، أخبرنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حدثنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حدثثَنَا سُلَيْمَانُ -يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ- عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي رِفَاعَةَ قَالَ: جِئْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقُلْتُ: رَجُلٌ جاء يسأل عَنْ دِينٍ لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ.
فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيَّ، وَتَرَكَ الْخُطْبَةَ، ثُمَّ أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ خَلَتْ قَوَائِمُهُ مِنْ حَدِيدٍ
(خَلَتْ قَوَائِمُهُ) كرسي قوائمه من حديد، كيف خلت؟ هل هناك تعليق عليها؟
طالب:رجل جاهل.
الشيخ: (رجلٌ جاهل) عندك؟ في رواية ... قال: (رجلٌ جاهل) عندك؟ يسأل عن دينه، فيه جاهل؟
طالب: نعم.
الشيخ: طيب، خلت، نعم.
طالب: في صحيح مسلم: حسبت قوامها. [00:08:47]
الشيخ: حسبت قوامها هنا (خلت) ما يظهر معناها، لعلها تصحَّفت من (حسبت)، قراءة في الصحيح.
ثُمَّ أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ خَلَتْ قَوَائِمُهُ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ قَائِمًا.
هذا فيه دليل على جواز قطع الخطبة للحاجة؛ كتعليم الجاهل، أو لأخذ الطفل إذا كان يُخشى عليه، وما أشبه ذلك، فالمقصود أنه لا بأس بقطع الخطيب خطبته للحاجة، ثُمَّ يعود بعد ذلك ويكملها، الحديث تكلم عليه؟ الحديث رواه مسلم في الصحيح.
القارئ: قال: "إنه صحيح، أخرجه ابن المبارك في الجهاد، وأحمد، ومسلم".
الشيخ: روى الحديث في الصحيح.
طالب: أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
الشيخ: تعليق من هذا؟
طالب: لعبد الرحمن عادل بن سعد.
طالب: يقول: "إسناده صحيح عند أحمد في المسند، من طريق سليمان".
الشيخ: نعم، واضح في صحيح مسلم، لكن فيه زيادة يقول أخرجها البخاري في الأدب المفرد، على كل حال الحديث صحيح والحمد لله.
س: ما الحُكم إذا نزل الخطيب بعد أن توضأ إذا أحدث، هل يقطع الخطبة أم أنه ينتظر حتى ينتهي من الخطبة.
الشيخ: لا بأس، إذا استطاع أن ينتهي من الخطبة هذا أحسن، وإذا لم يستطع فإنه يتوضأ ثُمَّ يُكمل الخطبة، هذه من الحاجة التي تبدو.
س: هل يلزمه الطهارة في أثناء الخطبة؟
الشيخ: لا، يُستحب، لكن لو خطب وهو على غير طهارة صح، مثل الأذان لو أذن على غير طهارة، يخطب ثُمَّ يتوضأ ويأتي، إذا كان هو الإمام سيصلي، تنتظره الجماعة، وإذا كان غيره هذا يؤدي إلى أنه قد يفوته شيء من الصلاة، فالأولى أن يكون على طهارة، أن يكون الخطيب متوضئ، هذا هو الذي ينبغي، ولا سيما إذا كان الذي يتولى الصلاة غيره، يجوز أن يخطب واحد ويصلي آخر، لكن الأولى أن يكون الذي يتولى الخطبة والصلاة واحد.
طالب: في مُسند الإمام أحمد قال: «فأُتى بكُرْسي خُلْبٍ قوائمه حديد». قال في الحاشية: قال ابن الأثير في النهاية: الخُلب: اللِّيف، واحدته خُلبة.
الشيخ: وعندك ماذا؟
القارئ: (خَلَتْ قَوَائِمُهُ مِنْ حَدِيدٍ).
الشيخ: لعله خُلب، هذا أقرب شيء، خُلب التي في المسند، تكلم على قوله (خُلب)؟
طالب: قال ابن الأثير في النهاية: الخُلب الليف.
الشيخ: الليف، كأن الكرسي من ليف، والقوائم من حديد.
بَابُ انْتِظَارِ الْقَوْمِ الْإِمَامَ جُلُوسًا فِي الْعِيدَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْخُطْبَةِ لِيَعِظَ النَّاس وَيُذَكِّرَهُم
بركة.