شعار الموقع

شرح كتاب الإمامة في الصلاة من صحيح ابن خزيمة_65

00:00
00:00
تحميل
5

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

بَابُ الإِذْنِ لِلنِّسَاءِ فِي إِتْيَانِ الْمَسَاجِدَ.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ (ح)، وقال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قال:- أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ (ح)، وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: «إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلاَ يَمْنَعْهَا».

قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ سُفْيَانُ: نَرَى أَنَّهُ بِاللَّيْلِ.

نُرى يعني نظن.

قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ سُفْيَانُ: نُرَى أَنَّهُ بِاللَّيْلِ، وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي بِاللَّيْلِ، وَقَالَ سَعِيدٌ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ نَافِعٌ: بِاللَّيْلِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ: قَالَ سُفْيَانُ: رَجُلٌ - فَحَدَّثْنَاهُ، عَنْ نَافِعٍ: إِنَّمَا هُوَ بِاللَّيْلِ.

يعني تستأذن في الليل، تصلي في الليل العشاء أو الفجر، فلا يمنعها، أعد الترجمة.

بَابُ الإِذْنِ لِلنِّسَاءِ فِي إِتْيَانِ الْمَسَاجِدَ.

الحديث قال: في الصحيحين؟

طالب: نعم، في الصحيحين.

الشيخ: الحديث في الصحيحين فيه دليل على أن المرأة لا تُمنع من المسجد، في الحديث الآخر: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خيرٌ لهن»، فلا تُمنع إذا استأذنت، ولكن أيضًا هذا مقيد بالنصوص الأخرى، وهو أنه إذا خاف عليها، إذا كان يُخشى أن يكون الطريق غير آمن، فهذا تُمنع، لا لأنها لا تذهب إلى المسجد، بل للخوف عليها من الخطر، إذا كان هناك خطر أو خوف، فالنصوص دلت على أنه يمنعها محافظةً عليها، أما إذا لم يكن هناك مانع، فلا ينبغي له أن يمنعها.

جاء عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه حدّث بهذا الحديث قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله»، فقام أحد أبنائه، أظن بلال، وقال: "والله لنمنعهن"، فغضب عليه عبد الله، وسبّه سبًّا قبيحًا، وقال: أقول: قال رسول الله: «لا تمنعوا»، وأنت تقول: "لنمنعهن"! يعني تعارض النص، قال: فما رأيت سبًّا أشد منه، يعني غضب عليه؛ لأنه عارض السنة.

كيف يقول رسول الله: «لا تمنعوا»، وأنت تقول: "لنمنعهن"؟ فلا يجوز مخالفة السنة.

المقصود: الأصل ألا تُمنع، وإن منعها يكون خالف السنة، ليس له أن يمنعها إلا إذا كان هناك مانع، أو يُخشى عليها، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- دلّ على أن صلاتها في بيتها أفضل، ولكن قد تكون فيه مصلحة في الصلاة، قد يكون هناك سماع موعظة، أو سماع ندوة، أو محاضرة، وسماع خير، أو صلاة على الجنائز، كذلك سلام على بعض القريبات، وما أشبه ذلك من المصالح.

فلهذا ينبغي أن يُجاب طلبها ما لم يكن هناك مانع ومحذور شرعي.

طالب: بعض النساء يأتين من مكان بعيد إلى هذا المسجد، ومعها سائق والسائق معه زوجته، تأتي من أحياء ...

الشيخ: معه زوجة، واحدة معه غيرها؟

طالب: لا، هو معه زوجته، زوجة السائق.

الشيخ: لا بأس، إذا كان معهم ثالث، هذا ما هو سفر، تزول الخلوة، المهم الممنوع في البلد الخلوة، «لا يخلون رجل بامرأة، إلا كان الشيطان ثالثهما»، فإذا كان معه زوجة، أو رجل ثالث بدون ريبة، فلا بأس، زالت الخلوة، الخلوة أن يخلو بها وحده فقط، هذا ممنوع، الخلوة سواء في البيت، أو في الغرفة، أو في الشارع، أو في المصعد الكهربائي، أو في السيارة وحدها، هذه خلوة.

أما السفر هذا هو الممنوع، كونها تسافر، لا تسافر إلا مع ذي محرم، لكن في البلد لا يُشترط أن يكون محرم، لكن يُشترط عدم الخلوة، ألا يكون خلوة، سواء محرم أو غير محرم، يكون معهم ثالث تزول به الخلوة.

س: سواء رجل أو امرأة؟

الشيخ: سواء رجل أو امرأة، بشرط ألا يكون ريبة (شك)، وإن كان تواطؤ، قد يكونون عشرة، إذا كانوا متواطئين وفيه ريبة، ما ينفع، شرط ألا يكون هناك ريبة ولا شك.

طالب: لكن إن حدث هذا دائما؟

طالب: طفل سبع سنوات.

الشيخ: لا، تصير به خلوة سبع سنوات، ما يصلح، لابد يكون إنسان يفهم، سبع سنوات يتكلم معها وهو لا يفهم شيء.

طالب: في السيارة مافي ريبة مفتوح القزاز، الناس كلهم يرونهم؟

الشيخ: ولو، الحديث الذي يدور بينهم، يسمع ولا يفهم هذا أبو سبع سنوات، لابد يكون بالغ، يكون إنسان فاهم الثالث، سواء رجل أو امرأة، يفهم الكلام ونحوه، الكلام اللي يعطيه، لا يكون ابن سبع سنوات.

س: الدور النسائية الآن عندهم فتوى بأنه في السيارة ما تعتبر خلوة والطفل لو أولى ابتدائي...

الشيخ: من مفتيهم؟ من المفتي هذا؟

س: فتوى من المفتي.

الشيخ: هذا ما هو بصحيح، هم يفتون لأنفسهم.

س: [00:06:42] هل له أن يمنعها ...

الشيخ: والله هو يشير عليها.

س: يا شيخ، أحسن الله إليك، خروجهن من أحياء بعيدة بقصد المسجد يوميًّا؟

الشيخ: إذا كان فيه مصلحة، قد يكون في سبيل مصلحة، سواء كان سماع محاضرة، فيه فائدة، حضور درس علمي، إذا كان فائدة لا بأس.

طالب: قد يكون الصغير هذا مميز.

الشيخ: ولو مميز، لابد يكون يفهم، ما يكفي التمييز، يكون يفهم الكلام [00:07:28]

بَابُ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قال: أَخْبَرَنِي أَبِي قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لاَ تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ بِاللَّيْلِ».

وهذا مقيد بالنصوص الأخرى، ما لم يكن هناك ... ما لم يُخشى عليها، تخريجه؟

طالب: صحيحٌ أخرجه أحمد من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به، وأخرجه أحمد من طريق محمد عن أيوب، وأخرجه أبو داوود وأبو عوانة من طريق حماد بن زيد، وأخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وابن حبان، وأبو نعيم في [الحلية] وفي [تاريخ أصبهان] له، والبيهقي، والخطيب في تاريخ بغداد من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع به.

بَابُ الأَمْرِ بِخُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ تَفِلاَتٍ.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو (ح)، وحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلْيَخْرُجْنَ إِذَا خَرَجْنَ تَفِلاَتٍ».

يعني غير متبرجة، وغير لابسة ثياب الزينة، وهذا فيه دليل على أنها إذا كانت تخرج متبرجة تُمنع؛ لأنها خالفت، إذا كانت تخرج متبرجة أو مظهرةً جمالها يُخشى عليها من الفتنة، يمنعها وليها؛ لأنها هي التي أخلت بالشروط، قال: «وليخرجن تفلات»، بثياب عادية، ولا يكون فيه ثياب مزركشة، ولا عباءات مزركشة، وما أشبه ذلك مما فيه فتنة للرجال.

س: تخرج المرأة وتتجمل في المكان الذي تذهب إليه، ثم تخرج ترجع لبيتها، هل يقع عليها الحديث؟

الشيخ: المهم الطريق، إذا كانت في الطريق غير متجملة فلا بأس.

س: وهي راجعة إلى بيتها.

الشيخ: متجملة؟

س: متجملة [00:10:03]

الشيخ: إذا علم وليها، له أن يمنعها في المستقبل، إذا علم أنها ترجع متبرجة.

س: [00:10:11]

الشيخ: نعم، ينبغي أن يكون النساء يخرجن أولًا، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتأخر إذا صلى، قال: نُرى أنه حتى يخرج النساء، ينبغي أن يتأخر الرجال قليلًا حتى يخرج النساء، أو يكون لهم باب خاص، ما ينبغي الازدحام.

س: [00:10:44]

الشيخ: إذا خشي عليها الاختلاط، نعم، إذا كان فيه اختلاط هذا عذر له.

بابُ الزَّجْرِ عَنْ شُهُودِ الْمَرْأَةِ الْمَسْجِدَ مُتَعَطِّرَةً.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلاَ تَمَسَّ طِيبًا».

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ وَقَالَ: إِنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-.

باب ماذا؟

بابُ الزَّجْرِ عَنْ شُهُودِ الْمَرْأَةِ الْمَسْجِدَ مُتَعَطِّرَةً.

نعم، وكذلك إذا كانت متبرجة، ليس لها أن تخرج للمسجد متعطرة؛ لأن العطر يشم رائحته الرجال، فيكون سبب ومدعاة لتحرك الشهوة والفتنة.

بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَعَطُّرِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِيُوجَدَ رِيحُهَا وَتَسْمِيَةِ فَاعِلِهَا زَانِيَةً.

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اسْمَ الزَّانِي قَدْ يَقَعُ عَلَى مَنْ يَفْعَلْ فِعْلاً لاَ يُوجِبُ ذَلِكَ الْفِعْلُ جَلْدًا وَلاَ رَجْمًا، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ الَّذِي يُوجِبُ ذَلِكَ الْفِعْلَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا اشْتَبَهَتِ الْعِلَّتَانِ لاَ لاِجْتِمَاعِ الاِسْمِ، إِذِ الْمُتَعَطِّرَةُ الَّتِي تَخْرُجُ لِيُوجَدَ رِيحُهَا قَدْ سَمَّاهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- زَانِيَةً، وَهَذَا الْفِعْلُ لاَ يُوجِبُ جَلْدًا وَلاَ رَجْمًا.

وَلَوْ كَانَ التَّشْبِيهُ بِكَوْنِ الاِسْمِ عَلَى الاِسْمِ، لَكَانَتِ الزَّانِيَةُ بِالتَّعَطُّرِ يَجِبُ عَلَيْهَا مَا يَجِبُ عَلَى الزَّانِيَةِ بِالْفَرْجِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتِ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ فِي الزِّنَا الْوَطْءَ بِالْفَرْجِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْكَمَ لِمَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ زَانٍ، وَزَانِيَةٍ بِغَيْرِ جِمَاعٍ بِالْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ بِجَلْدٍ وَلاَ رَجْمٍ.

مثل هذا يدل عليه الحديث: «كُتب على ابن آدم حظه من الزنا، فهو مدرك ذلك لا محالة، العين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها الاستماع، واللسان يزني وزناه الكلام، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها المشي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه».

فسمى هذا زنى، وهو لا يوجب إقامة الحد، كم حديث ذكر فيه؟

طالب: حديث واحد.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ الْحَنَفِيِّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ، وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ».

تخريجه؟

طالب: إسناده حسن من أجل ثابت بن عمارة، فحديثه لا ينزل عن نسبة الحسن، وأخرجه ابن حبان من طريق المصنف، وأخرجه أحمد، وعبد بن حميد، وأبو داوود، والترمذي، والبزار، وكما في [كشف الأستار]، والنسائي في [المجتبى] وفي [الكبرى] له، والطحاوي في [شرح مشكل الآثار]، والحاكم في [المستدرك]، والبيهقي، والمزي في [تهذيب الكمال] من طرق عن ثابت بن عمارة به.

وأخرجه الدارمي من طريق أبي عاصم عن ثابت بن عمارة عن غُنيم بن قيس عن أبي موسى موقوفًا.

الشيخ: ماذا بعده؟

بَابُ إِيجَابِ الْغُسْلِ عَلَى الْمُتَطَيِّبَةِ لِلْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَنَفْيِ قَبُولِ صَلاَتِهَا إِنْ صَلَّتْ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ.

بركة، أعد سند الأول.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ الْحَنَفِيِّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ، وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ».

هذا فيه تحريم تعطر المرأة والتطيب إذا خرجت لجامع الرجال، وسماها زانية لأن هذا وسيلة إلى الزنا، فيُعطى حكمه في المنع، الوسائل لها حكم الغايات، فكما أن الزنا ممنوع، فكذلك كل وسيلة توصل إليه ممنوعة.

فيه تحريم خروج المرأة متعطرة إلى المسجد، وغير المسجد من باب أولى، إذا ذهبت للمستشفى أو أي مكان، فليس لها أن تخرج متعطرة، ما الترجمة؟

بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَعَطُّرِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِيُوجَدَ رِيحُهَا.

التغليظ كونه سماها زانية، هذا تغليظ، يعني لأنه وسيلة للزنا، وليست زانية مثل الزانية التي يجب عليها الحد

وَتَسْمِيَةِ فَاعِلِهَا زَانِيَةً.

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اسْمَ الزَّانِي قَدْ يَقَعُ عَلَى مَنْ يَفْعَلْ فِعْلاً لاَ يُوجِبُ ذَلِكَ الْفِعْلُ جَلْدًا وَلاَ رَجْمًا.

لأنه وسيلة، لا يوجب جلدًا ولا رجمًا، لكنه وسيلة، وبقي حكمها في المنع.

مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ الَّذِي يُوجِبُ ذَلِكَ الْفِعْلَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا اشْتَبَهَتِ الْعِلَّتَانِ لاَ لاِجْتِمَاعِ الاِسْمِ.

الشيخ: العلتان، وسيلة.

س: العلتان: التعطر والذهاب؟

الشيخ: علة الزنا، اشتبهت العلتان، العلة: التعطر، وهناك العلة: فعل الفاحشة.

إِذِ الْمُتَعَطِّرَةُ الَّتِي تَخْرُجُ لِيُوجَدَ رِيحُهَا قَدْ سَمَّاهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- زَانِيَةً، وَهَذَا الْفِعْلُ لاَ يُوجِبُ جَلْدًا وَلاَ رَجْمًا.

وَلَوْ كَانَ التَّشْبِيهُ بِكَوْنِ الاِسْمِ عَلَى الاِسْمِ، لَكَانَتِ الزَّانِيَةُ بِالتَّعَطُّرِ يَجِبُ عَلَيْهَا مَا يَجِبُ عَلَى الزَّانِيَةِ بِالْفَرْجِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتِ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ فِي الزِّنَا الْوَطْءَ بِالْفَرْجِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْكَمَ لِمَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ زَانٍ، وَزَانِيَةٍ بِغَيْرِ جِمَاعٍ بِالْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ بِجَلْدٍ وَلاَ رَجْمٍ.

أطال -رحمه الله-، قال: لأنه وسيلة، فمُنع؛ لأن الوسائل لها حكم الغايات، وانتهى الأمر، ما يحتاج للإطالة هذه.

طالب: لكن بعض الناس يقول: إن المرأة الفلانية مثلًا تعطرت، يقول: إنها زانية.

الشيخ: يقولها، الرسول قالها، أنها وسيلة، والعين زانية، قال الرسول: «كتب على ابن آدم حظه من الزنا، فهو مدرك ذلك لا محالة»، الحديث صحيح، «فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها الاستماع، واللسان يزني وزناه الكلام، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها المشي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»، هذا تسمية لأنه وسيلة.

س: لكن السؤال هو أن يقع هذا اللفظ على الأعيان؟

الشيخ: على كل حال، نقول مثلما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد