شعار الموقع

شرح كتاب الجمعة من صحيح ابن خزيمة_1

00:00
00:00
تحميل
8

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه- في صحيحه:

كِتَابُ الْجُمُعَةِ الْمُخْتَصَرِ مِنَ الْمُخْتَصَرِ مِنَ الْمُسْنَدِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ

بَابُ ذِكْرِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ وَالْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَهَا عَلَى مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأُمَمِ وَاخْتَلَفُوا فِيهَا فَهَدَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

جاء الحديث أن اليهود كان لهم السبت، والنصارى لهم الأحد، وهذا هو الجمعة.

فَهَدَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، لَهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾[الجمعة:9]

هذا أمر، ﴿فَاسْعَوْا﴾، وليس المراد بالسعي هنا المشي الشديد، المراد المشي المعتاد، فاسعوا يعني فامضوا وائتوا إلى الجمعة، وهذا إذا سمع النداء.

والمراد بالنداء الأذان الذي يؤذَّن به بين يدي الخطيب، الأذان الثاني، هنا يجب على الإنسان أن يمشي، وليس له أن يسافر، يحرم عليه السفر، قال العلماء: وتحرم السلعة كلها بعد الأذان الثاني حتى تؤدى الجمعة، وأما قبل ذلك فله أن يسافر يوم الجمعة، لكنه مكروه عند أهل العلم السفر في يوم الجمعة قبل الزوال، وأما بعد أذان المؤذن هذا يحرُم.

والآن يتحرج بعض الإخوان، يسألون، يقولون: أحيانًا يكون موعد الطائرة بعد دخول الخطيب أو مع دخول الخطيب، في هذه الحالة إذا أذَّن المؤذن حرُم السفر، وحرُمت الصناعات كلها، وحرم البيع والشراء، بخلاف غير الجمعة، لقوله: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾[الجمعة:9].

وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُوجِبُ الفرض بشريطة، وقَدْ يَجِبُ ذَلِكَ الْفَرْضُ بِغَيْرِ تِلْكَ الشَّرِيطَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَمَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَقَدْ لَا يَقْدِرُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمَشْيِ عَلَى الْقَدَمِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الرُّكُوبِ، وَإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ رَاكِبًا، وَهُوَ مَالِكٌ لِمَا يَرْكَبُ مِنَ الدَّوَابِّ،

فيجب عليه السعي، سواء راكبًا أو ماشيًا، إن استطاع المشي يمشي، وإن لم يستطع وجب عليه الركوب إذا كان مالكًا للمركوب، أو واجدًا لثمنه.

وَالْفَرْضُ لَا يُزَولُ عَنْهُ إِذَا قَدَرَ عَلَى إِتْيَانِ الْجُمُعَةِ رَاكِبًا، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ إِتْيَانِهَا مَاشِيًا.

يعني لا يلزم أن يكون ماشيًا، فاسعوا: امضوا، يعني ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ يعني امشوا، هذا الأصل، وإذا عجز عن المشي، وعنده قدرة على الركوب، يركب.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح، وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح، وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى خَبَّرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَحْنُ الْآخِرُونَ، وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ» ...

نحن الآخرون زمانًا، السابقون مكانًا يوم القيامة.

«ثُمَّ هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ -يَعْنِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ- النَّاسُ لَنَا تَبَعٌ فِيهِ، الْيَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ». هَذَا حَدِيثُ الْمَخْزُومِيُّ.

 اليهود غدًا (السبت)، والنصارى بعد غد (الأحد).

وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: «وَإِنَّ هَذَا الْيَوْمَ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ». وَقَالَ مَرَّةً: «ثُمَّ هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ». وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ: «هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ». خَبَرُ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ هَذَا الْبَابِ.

بَابُ الدَّلِيلِ أَنَّ فَرَضَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْبَالِغِينَ دُونَ الْأَطْفَالِ، وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ: إِنَّهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمُعَلَّلَةِ الَّذِي يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ، قَدْ بَيَّنْتُهُ فِي عَقِبِ الْخَبَرِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ، ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ وَهُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ، وَعَلَى مَنْ رَاحَ الْجُمُعَةَ الْغُسْلُ».

«عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ»، المراد بالمحتلم: البالغ، «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ»، الذهاب للجمعة، «وَعَلَى مَنْ رَاحَ الْجُمُعَةَ الْغُسْلُ».

فقوله: «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» استدل به المؤلف على أن الجمعة واجبة على البالغين، وليس على الصبيان، المحتلم يعني الذي بلغ الحُلم، وليس المراد بالمحتلم أي الذي عليه جنابة، المراد المحتلم البالغ، الذي بلغ وقت الاحتلام، بلغ الحلم وقت البلوغ، وهو بإحدى العلامات.

علامات البلوغ في الرجال:

أولا نبات الشعر الخشن حول الفرج، فإذا نبت الشعر الخشن حول الفرج يعتبر بالغ، ولو كان ابن عشر سنين، كتب عليه القلم، تكلَّف، ولهذا القرظي في بني قريظة حكم فيهم سعد بن معاذ أن تقتل المقاتلة، وتسبى النساء والذرية، فكان كعب القرظي كان منهم، فشكُّوا فيه، هل هو بالغ أم لا، فكشفوا عن مؤتزره، فوجده [00:10:47]، فتركوه مع الصبيان، فأسلم وهداه الله، وصار من الصحابة، فهذه علامة، إذا نبت الشعر الخشن حول الفرج هذا دليل على البلوغ، ولو كان ابن عشر سنين أو اثني عشرة سنة، كتب عليه القلم.

العلامة الثانية الاحتلام في الليل، إذا احتلم، إذا خرج منه المني، سواء في اليقظة أو في النوم، هذه علامة، ولو ابن عشر سنين.

العلامة الثالثة: إذا لم يجد لا هذا ولا هذا، وبلغ خمسة عشرة سنة، فإنه يُعتبر بالغ، لقول ابن عمر -رضي الله عنه-: "عُرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أُحد وأنا ابن عشر سنوات، فلم يجزني ولم يرني بلغت، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشر سنة فأجازني"، يعني للجهاد، وكذلك بعض الصبيان عُرضوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد، فمن لم يبلغ الخامسة عشر جعله من الصبيان، لم يقبله للجهاد، ومن بلغ خمسة عشر سنة جعله مع الرجال، مع الجهاد.

ابن عمر يوم أُحد ابن أربعة عشر سنة، ما أجازه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويوم الخندق بعدها بسنة بلغ خمسة عشر سنة، فجعله مع الرجال يجاهدون، ولما بلغ هذا الخبر عمر بن عبد العزيز وهو خليفة قال: "إن هذا لحدٌّ بين الصغير والكبير، عند خمسة عشر سنة.

هذه العلامات التي إذا بلغها كتب عليه القلم ويكون مكلفًا، ويكون له جنة ونار إذا مات:

نبات الشعر الخشن حول الفرج.

الثاني: خروج المني باحتلام وبغيره.

الثالث: إذا لم يوجد هذا ولا ذاك، بلوغ خمسة عشر سنة.

والأنثى تزيد علامة رابعة، وهي الحيض، إذا حاضت الأنثى ولو بنت تسع سنين، تُعتبر بالغًا، كتب عليها القلم، والعلامات الثلاث هذه معتبرة فيها، نبات الشعر الخشن، خروج المني، بلوغها خمس عشر سنة، معتبر، لكن هي تزيد علامة رابعة، وهي الحيض، فإذا حاضت فهي بالغ.

قالت عائشة -رضي الله عنها-: "إذا بلغت [00:13:06] تسع سنين فهي امرأة"، قد تحيض لتسع سنين، تختلف النساء، وقد تتأخر، الحيض لا يأتيها إلا بعد خمسة عشرة سنة.

المفروض هذه العلامات، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ»، يعني على كل بالغ، رواح يعني ذهاب إلى الجمعة، يجب عليه أن يذهب إلى الجمعة، وهنا المحتلم يعني بلغ الحُلم بإحدى العلامات الثلاث.

«وَعَلَى مَنْ رَاحَ الْجُمُعَةَ الْغُسْلُ»: يعني يجب الغسل على من راح، والغسل يوجد خلاف في وجوبه، الجمهور على أنه مستحب، مؤكد استحبابه، وذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنه واجب على كل حال، وأنه يأثم إذا لم يغتسل للحديث: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم"، أخذ جمعٌ من أهل العلم بهذا الوجوب، وقالوا: إنه واجب، وإذا لم يغتسل يأثم، وذهب الجمهور إلى أنه مستحب، وقالوا: صرفه عن الوجوب حديث: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل»، قالوا: هذا صرفه عن الوجوب، وبعضهم تكلم في هذا الحديث.

وفي المسألة قولٌ ثالث، هو أنه يجب الغسل على أهل المهن والعمال الذين تظهر منهم روائح، وما عداهم يستحب في حقهم، لحديث عائشة: «كان الناس يعملون في مهنهم، وكانت تخرج منهم الريح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لو اغتسلتم!».

في كل حال ينبغي للإنسان ألا يُخل بالغسل، الغسل مهم يوم الجمعة، فهو إما واجب وإما مستحب، ومؤكدٌ استحبابه.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ: «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ»

يعني ذهاب للجمعة، و (على) تفيد الوجوب.

مِنَ اللَّفْظِ الَّذِي نَقُولُ: إِنَّ الْأَمْرَ إِذَا كَانَ لِعِلَّةٍ فَالتَّمْثِيلُ وَالتَّشْبِيهُ بِهِ جَائِزٌ مَتَى كَانَتِ الْعِلَّةُ قَائِمَةً فَالْأَمْرُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا عَلَّمَ أَنَّ عَلَى الْمُحْتَلِمِ رَوَاحَ الْجُمُعَةِ؛

(عَلَّمَ)؟

طالب: إنما أعلَمَ.

الشيخ: طيب، إنما أعلَم.

طالب: هذه النسخة (علِم).

الشيخ: (أعلَمَ) أحسن، وإذا كان قال: (عَلَّمَ) [00:16:24] لكن (أَعْلَمَ) أحسن.

إِنَّمَا أَعْلَمَ أَنَّ عَلَى الْمُحْتَلِمِ رَوَاحَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ بُلُوغٌ، فَمَتَى كَانَ الْبُلُوغُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ احْتِلَامٌ وَكَانَ الْبُلُوغُ بِغَيْرِ احْتِلَامٍ، فَفَرْضُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ وَإِنْ كَانَ بُلُوغُهُ بِغَيْرِ احْتِلَامٍ،

يعني لو كان بلوغه بنبات الشعر الخشن، أو بلوغ خمسة عشر سنة، أو بالاحتلام.

وَلَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ أَصْلِنَا وَكَانَ عَلَى أَصْلِ مَنْ خَالَفَنَا فِي التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ،

طالب: (عَلَى أَصْلِ مَنْ خَالَفَنَا) كلام الشافعية؟ هو شافعي -رحمه الله-؟

الشيخ: نعم، شافعي.

وَزَعَمَ أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَكُونُ لِعِلَّةٍ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا تَعَبُّدًا، لَكَانَ مَنْ بَلَغَ عِشْرِينَ سَنَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَهُوَ حَرٌّ عَاقِلٌ، فَسَمِعَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ أَوْ هُوَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ إِنْ لَمْ يَكُنِ احْتَلَمَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَنَّ رَوَاحَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُحْتَلِمِ،

كأنه يريد أن يرد على من قال بعدم التعليل، أو شيء علل الرواح بالاحتلام، جعله علة، جعله سبب، كأنه يرد على من ينكر، يقول: معنى هذا من لا يجعل الاحتلام سبب، معناه إذا بلغ عشرين سنة وهو على باب المسجد لا [00:18:20] الجمعة، أعد (عَلَى أَصْلِ مَنْ خَالَفَنَا).

وَلَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ أَصْلِنَا وَكَانَ عَلَى أَصْلِ مَنْ خَالَفَنَا فِي التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ ، وَزَعَمَ أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَكُونُ لِعِلَّةٍ ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا تَعَبُّدًا ، لَكَانَ مَنْ بَلَغَ عِشْرِينَ سَنَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَهُوَ حَرٌّ عَاقِلٌ ، فَسَمِعَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ أَوْ هُوَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ إِنْ لَمْ يَكُنِ احْتَلَمَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَنَّ رَوَاحَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُحْتَلِمِ، وَقَدْ يَعِيشُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ فَلَا يَحْتَلِمُ أَبَدًا ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾[النور:59]، فَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالِاسْتِئْذَانِ مَنْ قَدْ بَلَغَ الْحُلُمَ، إِذِ الْحُلُمُ بُلُوغٌ،

يعني إن كان هناك من يرى أن ... يكون محتلم يعني الاحتلام، يعني محتلم في [00:19:42] في النوم وخرج منه المني، هذا [00:19:47] من لا يحتلم لا يجب عليه، وبعض الناس لا يحتلم، قد يبلغ عشرين أو ثلاثين وهو لا يحتلم، فعلى هذا لا تجب عليه الجمعة!

فَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالِاسْتِئْذَانِ مَنْ قَدْ بَلَغَ الْحُلُمَ، إِذِ الْحُلُمُ بُلُوغٌ،

﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾[النور:59]، يعني بلغ سن الاحتلام، وليس المراد بالاحتلام أنه يحتلم في الليل.

 إِذِ الْحُلُمُ بُلُوغٌ، وَلَوْ لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِالتَّشْبِيهِ وَالنَّظِيرِ كَانَ مَنْ بَلَغَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَحْتَلِمْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الِاسْتِئْذَانُ، وَهَذَا كَخَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ»، قَالَ فِي الْخَبَرِ: «وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ»، وَمَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَبَلَغَ مِنَ السِّنِّ مَا يَكُونُ إِدْرَاكًا مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ فَالْقَلَمُ عَنْهُ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «حَتَّى يَحْتَلِمَ»: أَنَّ الِاحْتِلَامَ بُلُوغٌ، فَمَتَى كَانَ الْبُلُوغُ -وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ احْتِلَامٍ- فَالْحُكْمُ عَلَيْهِ، وَالْقَلَمُ جَارٍ عَلَيْهِ، كَمَا يَكُونُ بَعْدَ الِاحْتِلَامِ.

المؤلف أطال في هذا، والمسألة واضحة، ما فيها إبهام، يستطيع أن يقول بجملة واحدة أو جملتين، يبين هذا دون الإطالة، يعني يقول من قال الاحتلام في الليل معناه إنما تجب الجمعة عليه، إذا لم يحتلم ولو بلغ سنين.

س: العبرة تكون بالوقت أم بسماع الأذان؟

الشيخ: إذا سمع الأذان، ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ﴾[الجمعة:9]، قيده بالنداء، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾[الجمعة:9]، إذا نودي، ودخل الخطيب، فاستقبلهم بالسلام، ثم أذَّن المؤذن، هنا حرُم، يجب عليه الذهاب، وحرمت الصناعات كلها، وحرم السفر حتى يصلي، إذا نودي وسمع النداء، النداء الثاني يوم الجمعة.

س: الميكروفون يُعتبر نداء، يكون أكثر من مكان ...

الشيخ: إي، بلَّغ، الميكروفون هذا آلة توصل، بها يبلِّغ، يسمع صوت المؤذن.

بَابُ ذِكْرِ إِسْقَاطِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَنِ النِّسَاءِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَاطَبَ بِالْأَمْرِ بِالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ عِنْدَ النِّدَاءِ بِهَا فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾[الجمعة:9] الْآيَةَ، الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ إِنْ ثَبَتَ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَاتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِسْقَاطِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَنِ النِّسَاءِ كَافٍ مِنْ غير نَقْلِ خَبَرِ الْخَاصِّ فِيهِ.

يعني يقول إن الخطاب للرجال: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ هذا موجه الخطاب للرجال، النساء لا تجب عليهن الجمعة، وسيذكر [00:23:30] الحديث، ولكنه متردد في صحته، يقولون: إن صح الخبر فهو جيد، وإن لم يصح يكفي الإجماع، إجماع العلماء على أن النساء لا تجب عليهن الجمعة.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، نا وَكِيعٌ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عُثْمَانَ الْكِلَابِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَمَعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ، فَأَتَانَا عُمَرُ فَقَامَ عَلَى الْبَابِ فَسَلَّمَ، فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ السَّلَامَ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُنَّ ، فَقُلْنَا: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، قَالَ: أَتُبَايِعْنَ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقْنَ، وَلَا تَزْنِينَ؟ قَالَتْ: قُلْنَا: نَعَمْ، فَمَدَدْنَا أَيْدِيَنَا مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ، وَمَدَّ يَدَهُ مِنْ خَارِجٍ، قَالَتْ: وَأُمِرْنا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ وَالْعَوَاتِقَ فِي الْعِيدَيْنِ، وَنُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَا جُمُعَةَ عَلَيْنَا. قَالَ: قُلْتُ لَهَا: مَا الْمَعْرُوفُ الَّذِي نُهِيتُنَّ عَنْهُ؟ قَالَتِ: النِّيَاحَةُ.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عُثْمَانَ بِنَحْوِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: «لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا».

ماذا قال على هذا الحديث؟

طالب: قال: "إسناده عيف، لجهالة إسماعيل بن عبد الرحمن، فقد تفرد بالرواية عنه إسحاق بن عثمان، أخرجه أبو داود والضياء المقدسي في [المختارة] من طريق وكيع عن إسحاق بابن عثمان بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد والبزار في [البحر الزخار]، وابن حبان والطبراني والبيهقي، ومن طرقٍ عن إسماعيل بن عبد الرحمن به، وأخرجه الدارمي والبخاري ومسلم وابن ماجه وأبو داود والترمذي والطحاوي ...".

الشيخ: على كل حال الحديث ضعيف هذا ما خافه المؤلف، قال: (إن صح الخبر)، وعلى كل حال هذا الإجماع، يوجد إجماع أن [00:26:29] النساء لا تجب عليهن جمعة، لكن لو حضرت وصلت مع الناس فصح لها ذلك، وكذلك المسافر لا تجب عليه جمعة، وإذا حضر الجمعة أجزأته، وكذلك العبد لا تجب عليه الجمعة، وإذا حضرها أجزأته.

بَابُ ذِكْرِ أَوَّلِ جُمُعَةٍ جُمِعَتْ بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...

بركة.

س: [00:26:59] من لم تجب عليهم الجمعة [00:27:05] مثلا البيع والشراء؟

الشيخ: لا، تبيع مع نساء، ما فيه مانع، لكن لا تبيع مع الرجال، الرجل يذهب للجمعة، وإذا مع النساء ما فيه مانع، ما تجب عليها، الخطاب موجه للرجال، ليس موجه للنساء، تشتغل في بيتها، جالسة، الرجل لا يجوز أن يجلس في البيت ويجب عليه، وهي جالسة في البيت، لها أن تبيع وتشتري مع النساء، ولها أن تعمل وتخيط وتطبخ وكل شيء، تبيع مع زميلاتها، وتشتري.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد