شعار الموقع

شرح كتاب الجمعة من صحيح ابن خزيمة_16

00:00
00:00
تحميل
5

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام الحافظ ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

جِماعُ أبوابِ الأذَانِ والخُطبةِ في الجُمُعةِ:

بَابُ اسْتِحْبَابِ تَقْصِيرِ الْخُطْبَةِ وَتَرْكِ تَطْوِيلِهَا.

أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْهَمْدَانِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ الأَرْحَبِيُّ، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ أَبْجَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ: خَطَبَنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ -رضي الله عنه- فَأَبْلَغَ وَأَوْجَزَ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، لَقَدْ أَبَلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فَلَوْ كُنْتُ نَفَّسْتَ، قَالَ: إِنِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ».

مئنَّة يعني علامة على فقهه.

 «فَأَطِيلُوا الصَّلاَةَ وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ، فَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا».

الشيخ: تخريجه.

طالب: قال: إسناده صحيح، أحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو يعلى، وابن حبان، والحاكم من طريق عبد الرحمن بن عبد الملك عن أبيه.

طالب: أخرجه مسلم وأحمد.

الشيخ: نعم، أخرجه مسلم في الجزء الأول، «إِنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ»، هذا الذي أخرجه مسلم أظن، «فَأَطِيلُوا الصَّلاَةَ وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ» عندك؟

الشيخ: التخريج الثاني، ماذا قال عندك؟

طالب: [00:03:01]

الشيخ: فيه «فَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا»؟

طالب: نعم، قال: فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة، وإن من البيان سحرًا».

الشيخ: هكذا في مسلم؟

طالب: نعم.

الشيخ: وهذا فيه دليل على مشروعية تقصير الخطبة والطمأنينة في الصلاة، وذلك أن الخطيب الذي يحسن الخطبة، يجمع المعاني الغزيرة الكثيرة في ألفاظ قليلة، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، كانت خطبته قصيرة لكن تجمع معاني غزيرة، كلمات معدودة، لكنها معانيها غزيرة، بخلاف الخطيب الذي لا يحسن الخطبة، تجده يُكثر، يطيل الكلام، ويردد الكلام، فالألفاظ كثيرة والمعاني قليلة، بالعكس.

فيطيل الخطبة، والكلام يُنسي بعضه بعضًا، ويخرج الناس بدون فائدة، بخلاف الخطيب الذي يحسن الخطبة، فإنه يجمع المعاني الغزيرة في ألفاظ قليلة، ولهذا كانت خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- قصيرة، لو عدها العادّ عدها، وكان بعض الصحابة يحفظ، قال بعض الصحابة: ما أخذت ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ [ق:1] إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرؤها كل جمعة على المنبر.

والآن فيه بعض الخطباء يجلس وقت طويل، حتى كان بعض الخطباء أظن يجلس ساعة أو ساعة ونصف، كبعض الخطباء السابقين، كشك وغيره، له خطب ساعة أو ساعة ونصف، طويلة، ويوجد الآن بعض الخطباء، هذا لا شك فيه إطالة مخالفة للسنة.

وعند الصلاة تجده يخففها، ولا يقرأ بالسنة، دائمًا يقرأ من قصار السور، مع أن السنة أن يقرأ بـ ﴿سَبِّحِ﴾ [الأعلى:1]، ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية:1]، تجده يقرأ ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ [قريش:1]، ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ [الكوثر:1]، لا بأس، لكن يكرر هذا كل جمعة، فيترك السنة، والخطبة يطيلها، فإذا جاءت الصلاة خففها، هذا خلاف السنة.

«إِنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ»، يعني الطمأنينة فيها وعدم العجلة، «وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ» يعني علامة على فقهه، أما إذا كان يطيل الخطبة، هذا دليل على عدم فقهه، ما هو فقيه، ولا عنده قدرة على جمع المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة.

 «فَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا»، الفصاحة، قيل: الحديث فيه ذم للبيان، وقيل: فيه مدح، «فَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا»، يعني الخطيب الذي يؤثر في الناس، يؤثر فيهم حتى يقتنعوا بما يقرره، كما يؤثر السحر في المسحور، «فَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا».

ومن قال إنه ذم، قال: إن في البيان تجد المتكلم والخطيب يقلب الحقائق، يقلب الحق في صورة باطل، والباطل في صورة الحق، حتى يؤثر في السامعين، ولهذا قال النبي: «فَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا»، قالوا: هذا الحديث فيه ذم للبيان.

ومن قال إنه فيه مدح، قال: هذا فيه مدح وبيان أن الخطيب يؤثر في السامعين، ويجعلهم يقبلون الحق.

طالب: طول الصلاة [00:07:31]

الشيخ: نعم، طول الصلاة، الطمأنينة فيها وعدم العجلة، والإتيان بالأذكار المستحبة، وتمكين المأموم من الإتيان بالأذكار المستحبة.

طالب: الجماعة يصلون خارج المسجد في الشمس وكذا، يقصر الواحد؟

الشيخ: يقصر الواحد تقصير لا يُخل، هذا التقصير له حد، الإطالة يجلس مثلًا في الركوع خمس دقائق، والسجود خمس دقائق، هذا نعم، وهم في الشمس، هذا لا، لكن ليس معنى ذلك أنه يُخل، ينقرها نقر الغراب، ولا يمكن المأمومين من المتابعة بحجة أنهم في الشمس، لا هذا ولا هذا.

طالب: [00:08:29]

الشيخ: نعم، هذا إذا دعت الحاجة، قد تدعو الحاجة فلا بأس في البسط بعض الأحيان، والنبي -صلى الله عليه وسلم- خطب كما في صحيح مسلم لما دعت الحاجة، صعد المنبر لما صلى الفجر، وجعل يخطب حتى جاءت صلاة الظهر، ثم نزل فصلى، ثم صعد وخطب الناس حتى جاءت صلاة العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد حتى جاءت صلاة المغرب، قال: ذكر ما هو كائن إلى يوم القيامة، فأحفظنا أعلمنا، هذا شيء خاص، شيء عارض.

أما خطبه في الجمعة وفي غيرها فهي كما في هذا الحديث، خطبه قصيرة، يعدها العاد، كذلك خطب الأئمة، خطب الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- مدونة الآن، الخطبة صفحة، ما تزيد عن صفحة، قليلة، ما تستغرق دقائق، وكذلك غيره من أهل العلم.

أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا بِهِ رَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُذْرِيُّ أَبُو الْحَسَنِ، قال: حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ عُصَيْمٍ الْجُعْفِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: فَلَوْ كُنْتَ نَفَّسْتَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: كَانَتْ خُطْبَةُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَصْدًا.

الشيخ: قصدًا يعني متوسط، القصد التوسط، قال وفيه لو تنفست؟

قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: فَلَوْ كُنْتَ نَفَّسْتَ.

فلو كنت نفست هذه جاءت في ماذا؟ في الحديث؟ في المتن؟

لَقَدْ أَبَلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فَلَوْ كُنْتُ نَفَّسْتَ، قَالَ: إِنَّنِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ...

 أعد المتن.

قَالَ أَبُو وَائِلٍ: خَطَبَنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ -رضي الله عنه- فَأَبْلَغَ وَأَوْجَزَ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، لَقَدْ أَبَلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فَلَوْ كُنْتُ نَفَّسْتَ، فقَالَ: إِنَّنِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلاَةَ وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ، فَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا».

الشيخ: قوله: لو كنت نفست، أعد الكلام عليها، التعليق عليها.

قال أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا بِهِ رَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُذْرِيُّ أَبُو الْحَسَنِ، قال: حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ عُصَيْمٍ الْجُعْفِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: فَلَوْ كُنْتَ نَفَّسْتَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: كَانَتْ خُطْبَةُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَصْدًا.

وَفِي خَبَرِ الْحَكَمِ بْنِ حَزَنٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ طَيِّبَاتٍ خَفِيفَاتٍ مُبَارَكَاتٍ.

بَابُ صِفَةِ خُطْبَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

طالب: [00:12:48]

الشيخ: يعني لو خففت كأنه، التنفيس التخفيف، ما هو بالإطالة.

طالب: كأنها إطالة، السياق ...

طالب: قال: (لَقَدْ أَبَلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فَلَوْ كُنْتُ نَفَّسْتَ)، يعني أطلت قليلًا؟

الشيخ: التنفس التوسع.

طالب: نعم، توسعت قليلًا.

الشيخ: تنفست يعني توسعت.

س: قال في شرح النووي: أطلت قليلًا، وقوله: «مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ»، قال: الميم زائدة، هل تكون زائدة؟

الشيخ: إِنَّةٌ؟ الميم زائدة؟

طالب: يقول: الميم زائدة، قال الأزهري والأكثرون: الميم فيها زائدة، وهي مُفعَّلة، قال الهروي: قال الأزهري: غلط أبو عبيد في جعل الميم أصلية، وقال القاضي عياض: قال شيخنا ابن سراج: هي أصلية.

الشيخ: الكلام على أصل الكلمة، وليس معناه أنك تحذفها، وتقول: أئنة، تقول: مئنة، لكن هل الميم أصلية أو ليست أصلية؟ هذا البحث، لكن في الكتابة تُكتب وتُنطق، سواء هي أصلية أو فرعية.

التنفس يعني التوسع هنا، يقال: قلان تنفس كذا، تنفس: توسع، حسب السياق، فلو أطلت، لقد أبلغت وأوجزت، فلو تنفست، فلو بسطت يعني، فإنا نحب ذلك.

بَابُ صِفَةِ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَدْئِهِ فِيهَا بِحَمْدِ اللهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.

أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ح)، وَحَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قال: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما- قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ، يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَعَلاَ صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ: صَبَّحَتْكُمُ السَّاعَةُ وَمَسَّتْكُمْ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ، أَوْ عَلَيَّ، وَأَنَا وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ . هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ.

وَلَفْظُ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ مُخَالِفٌ لِهَذَا اللَّفْظِ.

طالب: قال في تخريجه: صحيح، أخرجه أحمد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي وفي [الكبرى] له.

الشيخ: معروف، ماذا بعده؟

بَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

أعد المتن.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ، يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ.

الشيخ: هذا مشروع في الخطبة، لذلك قال العلماء: يُشرع للخطيب أن يبدأها بالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، الخطبة شرط هذا في صحتها، البدء بحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبته: أما بعد، فإن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، البدعة هي الحادثة في الدين، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، زاد النسائي: وكل ضلالة في النار.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ألقى الخطبة يلقيها بشجاعة، لا بتماوت، خطبة حماس، بعض الخطباء يلقي الخطبة كأنه يقرأ قرآن، والخطبة تحتاج إلى... فيها تعليم، وأحيانًا يكون فيها تخويف وإنذار، فكان النبي إذا خطب احمر وجهه وعلا صوته، كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، يلقيها بقوة، هكذا السنة.

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ.

نعم، وكل هذه [00:19:05] (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ)، الهداية بيد الله، والإضلال بيد الله، ومن هداه الله فلا أحد يضله، ومن أضله فلا أحد يستطيع هدايته.

إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ.

نعم، كل هذه تقال في الخطبة، أصدق، وفي رواية أحسن الحديث كتاب الله، لا شك، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ [النساء:87]، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ [النساء:122].

وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ.

نعم، هذا كله حق، يقال في الخطبة، أحسن الهدي هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا أحد أحسن هديًا منه -عليه الصلاة والسلام-، معلم البشرية، وهادي البشرية هداية الدلالة والإرشاد، والله تعالى هادي البشرية هداية التوفيق والسداد.

وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا.

نعم، كل هذه كلمات حق، شر الأمور محدثاتها، كل محدث في الدين فهو شر.

وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.

البدعة هي الحدث في الدين، قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: «مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، كل محدثة بدعة، وكل بدعة فيها ضلال، وهذا فيه رد على من قال: إن هناك بدعة مستحسنة، ليس هناك بدعة حسنة، كل بدعة ضلالة، وأما ما يظنه بعض العلماء من أن هناك بدع مستحسنة، هذه ليست بدعة، وإنما هي من المصالح المرسلة، جعلها من البدعة، وقال: إنها حسنة، مثل جمع أبي بكر للقرآن، وجمع عثمان -رضي الله عنه-، وما أشبه ذلك، هذه سموها ...

مثل تحسين المسجد لعثمان، سموها بدع، وهذه ليست من البدع، وإنما هي من المصالح المرسلة.

وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-...

طالب: [00:21:02]

الشيخ: هذه من المصالح المرسلة، معروفة عند أهل العلم، المصالح المرسلة يعني مطلقة ليس فيها نهي، وإنما فيها مصالح عامة، ومثل المحاريب في المساجد، وما أشبه ذلك، بعض الناس يقول: إنها بدعة، هذه من المصالح المرسلة، ومثل المنارة علامة على المسجد فهي مصالح للناس، وليست من البدع، بعض الناس يسميها بدعة، يقول: هذه بدعة.

جمع القرآن كذلك يقول: هذا من البدع، ما جُمع على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا من المصالح المرسلة، اصطلح العلماء على أنه من المصالح المرسلة، فيه مصلحة عامة للمسلمين وليس من البدع، مرسلة: مطلقة يعني، وإن لم يدل عليه دليل من الكتاب.

طالب: [00:21:52]

الشيخ: قال: هذا المراد البدعة من جهة اللغة؛ لأنه أعادهم بعد أن كانوا متفرقين.

ثُمَّ يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ.

نعم، لأنه نبي الساعة -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان بينه وبين الساعة مدة طويلة، لكن هو نبي الساعة -عليه الصلاة والسلام-، ليس بعده نبي، لأن الساعة تقوم في آخر أمته، فهو نبي الساعة، فبعثته من علامات الساعة -عليه الصلاة والسلام-.

وَكَانَ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَعَلاَ صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ: صَبَّحَتْكُمُ السَّاعَةُ وَمَسَّتْكُمْ.

الشيخ: وفي الحديث الآخر أنه إذا خطب، ولو لم يذكر الساعة، إذا خطب احمر وجهه وعلا صوته، يعني أنه يلقيها بقوة وشجاعة حتى يؤثر في السامعين، أما إذا كان يلقي الخطبة بتماوت ما يؤثر على السامعين، ما يؤثر إلا إذا كان بحماس وقوة، وتوجيه الكلام إليهم بقوة، هذا يؤثر فيهم.

طالب: [00:23:12]

الشيخ: صبحتكم عندك؟

طالب: نعم، يقول: (كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ: صَبَّحَتْكُمُ السَّاعَةُ وَمَسَّتْكُمْ)، هناك بالهمز: ومسَّأتكم.

الشيخ: بالهمزة، يعني كأنه ينذرهم يقول: الساعة تأتيكم صباحًا أو تأتيكم مساءً.

ثُمَّ يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ، أَوْ عَلَيَّ، وَأَنَا وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ».

نعم، من ترك مالًا فلأهله، يعني تركته، التركة تُقسم على الورثة، ومن ترك دينًا فعليّ، يقضي الدين -عليه الصلاة والسلام-، وهذا في آخر الأمر، في أول الأمر كان لا يصلي على من عليه دين، كما في قصة أبي قتادة، لما عليه ديناران، ثم لما وسع الله عليه كان يقضي الديون.

من ترك دينًا فعليّ، يقضيه، ومن ترك ضَياعًا، يعني أولادًا ليس لهم أحد أو عائلة، فعليّ عولهم والقيام بهم، ومن ترك مالًا لا يؤخذ لبيت المال، وإنما يُقسم تركة على الورثة.

من ترك مالًا فلأهله، لورثته، ومن ترك دينًا فعليّ قضاؤه، ومَن ترك ضياعًا، ويُطلق الضياع على الأطفال أو النساء الذين ليس لهم عائل، فعليّ القيام بنفقتهم وعولهم.

ثُمَّ يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ، أَوْ عَلَيَّ، وَأَنَا وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ.

نعم، -عليه الصلاة والسلام-، هو ولي المؤمنين، وهو أبو المؤمنين، ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب:6]، -عليه الصلاة والسلام-.

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ.

وَلَفْظُ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ مُخَالِفٌ لِهَذَا اللَّفْظِ.

بَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

بركة.

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد