شعار الموقع

شرح كتاب الزكاة من صحيح ابن خزيمة_31

00:00
00:00
تحميل
7

قال الإمام/ ابن خزيمة -رحمه الله- في (صحيحه):

"بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ عُمَالَةً مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا"

الشيخ:

 عُمَالَةً في وجوه أخرى عُمَالَةً أو عِمَالة: يعني أُجرة، قد يكون فيها وجهان.

القارئ:

"بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ عُمَالَةً مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا"

الشيخ:

 يعني يُعطى من أجل عُمالته بخلاف الفقير والمسكين فلا يُعطى من أجل فقره أو مسكنته، وهذا الصنف الثالث من أصناف هذه الزكاة، الزكاة ثلاث أصناف، الله تعالى قسم الصدقات يعني الزكاة بنفسه لم يكلها إلى غيره، قال: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:60].

أَمْرُهُ بالصدقات هنا الصدقات الواجبة وهي الزكاة سبق في الصنف الأول: الفقراء والمساكين يعطون لفقرهم، وإن كان غنيًا عنده ما يكفيه لا يُعطى.

 والفقير: أشد حاجة من المسكين وهو الذي لا يجد شيئًا أو يجد أقل من نصف الكفاية.

والمسكين: هو الذي يجد نصف الكفاية إلَّا أنه لا يجد الكفاية ما يكفيه لمدة سنة؛ لأن الزكاة من الحول إلى الحَول، فيُعطى ما يكفيه لمدة سنة: نفقة، كِسوة، سُكنة.

والصنف الثالث: العاملين عليها: فيعطى من أجل عِمالته ولو كان غنيًا؛ ولهذا منع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بني هاشم أن يكونوا عمالًا في الصدقة فلا يعطون (02:01) أوساخ الناس بني هاشم وبني عبد المطلب.

أعد باب.

القارئ:

 "بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ عُمَالَةً مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا"

الشيخ:

 وكذلك سيأتي الغارمون، يعطى الغارم في إصلاح ذات البَيٍّن ولو كان غنيًا، لأنه يُصلح بين الناس ويتحمل في ذمته ديون من أجل الإصلاح بين الناس؛ يُعطى من الزكاة ما يسدد هذه الديون، تشجيعًا له على عمله النبيل.

القارئ:

 قال: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عِمْرَانَ هُوَ الْبَارِقِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ، مَعَ بَرَاءَتِي مِنْ عُهْدَتِهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ: الْعَامِلِ عَلَيْهَا، أَوْ غَارِمٍ، أَوْ مُشْتَرِيهَا، أَوْ عَامِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَارٍ فَقِيرٍ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، أَوْ أَهْدَى لَهُ»".

الشيخ:

 مَعَ بَرَاءَتِي مِنْ عُهْدَتِهِ: يعني لا أعلم عنه شيء. عطية بن سعيد العوفي فيه ضعف.

الفقير والمسكين معروف. إلى فقير أو مسكين أو عاملٍ عليها أو مشتريها، إذا اشتراها يعني اشترى من الفقير زكاة اشتراها من ماله، لا تحل إلَّا لخمسة: (فقير، مسكين، عامل عليها، ومشتريها، والخامس: العامل في سبيل الله) يعني الغزاة يعطون من الزكاة إلَّا إذا كان لهم مرتب من بيت المال فلا يعطون من الزكاة.

القارئ:

 أحسن الله إليك، في فتح الباري قال: "قوله: العُمالة بضم المهملة وتخفيف الميم أي أجرة العمل، وأما العَمالة بفتح العين فهي نفس العمل.

الشيخ:

المراد العُمالة: هي الأجرة.

والعَمالة: العمل، نفس العمل يسمى عمل والأجرة تُسمى عُمالة.

في أي شيء ذكره.

القارئ:

 في فتح الباري.

الشيخ:

 نعم.

القارئ:

 قال أبو بكر: "في القلبِ من عطية بن سعد العوفي إلَّا أن هذا الخبر قد رواه زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قد خَرَّجْتُه في موضعٍ آخر".

الشيخ:

 فقظ؟

القارئ:

 نعم.

الشيخ:

 ماذا قال عن تخريجه؟

الطالب:

 قال أحسن الله عملُك: قال الحافظ: "وقال الحاكم أرسله مالِك..........

الشيخ:

 هذا لمن؟

الطالب: هذا اللحام أحسن الله إليك.

الشيخ:

 الفحل؟

القارئ:

 قال: "صحيح من غير هذا الطريق؛ لأنه سيأتي بعد سبعة أحاديث".

الشيخ:

 ماذا قال عليه اللحام؟

الطالب:

قال -أحسن الله إليك- "وقال الحافظ: قال الحاكم: أرسله مالِك وقد يرسل الحديث ويصله راوٍ غيره ثقة، والقول فيه قول الثقة الذي يصله وبسنده انتهى".

 قال الحافظ: "رواه البزَّار في مسنده عن سلمة بن شبيب وأحمد بن منصور والزهير بن محمد كلهم عن عبد الرزاق عن مَعمر زاد زهير والثوري: كلاهما عن زيد بن أسلم به، قال البزَّار: قد رواه غيرُ واحدٍ عن زيد عن عطاء بن يسار مرسلًا، وأسنده عبد الرزاق عن الثوري ومَعمر وإذا حدَّث بالحديث ثقةٌ فأسنده كان هو الصواب".

الشيخ:

 يعني كأنه يرى أن من أسند مقدم على من قطع، كذلك من رفع تقدم على من وقف، فهذه قد يراها الفقهاء، والأصوليين هكذا يُقدمون من رفع على من وقف، يقدمون من وصل على من أرسل؛ لأن معجزة العلم خَفيت على (06:44).

وأما المتقدمون وكذلك (06:46) الإجماع فهم يقدمون قول الأحفظ أو الأعلم أو الأكثر، يقدمون قول الأكثر لكن قول الأكثر والأرسل يقدم أو كان هو الأحفظ والأعلم يُقدم قوله.

القارئ:

 أحسن الله إليك في التعليق في مُسند الإمام أحمد قال شُعيب: "حديث صحيح رجاله ثقات، رجال الشيخين، لكن اختلف في وصله وإرساله، وصحح الموصول ابن خزيمة والحاكم والبيهقي وابن عبد البر والذهبي.....

الشيخ:

 الحديث هذا؟

القارئ:

 الحديث الذي أشار إليه قال: "إلَّا أن هذا الخبر قد رواه زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد".

الشيخ:

تقول أخرجه أحمد؟

القارئ:

 أخرجه أحمد وأبو داود قال: حديث صحيح رجاله ثقات، رجال الشيخين، لكن اختلف في وصله وإرساله، وصحح الموصول ابن خزيمة والحاكم والبيهقي وابن عبد البر والذهبي وعلى فرض إرساله يتقوى بعمل الأئمة ويعتضد، ورجَّح المُرسل الدارقطني وابن أبي حاتم".

الشيخ:

 نعم.

القارئ:

"بَابُ فَرْضِ الْإِمَامِ لِلْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ رِزْقًا مَعْلُومًا"

الشيخ:

سبق أنه رَزْقًا معلومًا، الرَزق: هو الأجرة يعني.

أما الرِزق: فهو المآل الذي يرزقه الله للعبد.

القارئ:

 "بَابُ فَرْضِ الْإِمَامِ لِلْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ رَزْقًا مَعْلُومًا"

الشيخ:

 يعني أجرة معلومة، العمال في الصدقة يجمعونها وحُفَّاظُهَا وكُتَّابُها وحُسَّابُها كل هؤلاء عمَّال، يوظفوا عامل للصدقة يأتي بها من الناس، يرسل الإمام موظف يأخذها من الناس، يأخذها من التجار، ومن أهل المواشي في البوادي وغيرها من المزارعين، هؤلاء عمال الصدقة، يجمعونها ويحفظونها ويكتبونها ويعطوا أجرة منها، إلَّا إذا كان بني هاشم وبني المطلب فلا يكون عاملًا فيها، هؤلاء هم العمال من قبل ولي الأمر.

أما بعض الناس يغلط يوَكَّل واحد يقول: "أعطيها لفلان، أو وزعها على محتاجين، ثم يظن أنه يأخذ منها، يُعطى منها، ما يعطى منها هذه وكالة شخص لشخص. صار عندك زكاة وَكَّلتُ واحد يوزع عنك أو يعطيها لفلان ما يُعطى من الزكاة، يظن أنه من العاملين عليها، لأ العاملين عليها هم العمال الذين يوظفهم ولي الأمر يجمعون الزكاة من الناس، أما الشخص إذا وَكَّل شخصًا فلا يعطيه من الزكاة، بعض الناس كذلك وكثير ما يرد السؤال عنها، بعض الناس يعطي شخص مال يوزعه ثم يأخذ منه بدون علمه ويقول: "أنا محتاج" هذا خطأ، هذا ما يجوز إذا كنت محتاج قل له: "أنا محتاج الزكاة" حتى يعطيك.

 أما أن يعطيك توزعه ما قال وزعه على نفسك، وزعه على غيرك، ما قال لك ولنفسك، توزعه على غيرك، يقول: "أستحي أن يقول أنا محتاج" هذه خيانة، ما يصلح، ولا يجوز لك أن تأخذ يعطيك مال لتوزعه ثم يأخذ لنفسه شيء منه؟! لا تأخذه، لكن محتاج قل له: "أنا محتاج" قل له "أنا أول المحتاجين"، أما يعطيك لتوزعه على الناس ثم تأخذ منه! هذا ما يصحُّ.

القارئ:

 حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنَ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رَزْقًا، فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ».

الشيخ:

 يعني لا يجوز أنه يأخذ غُلول، وفيه قصة ابن اللُتبية الذي جعله النبي عاملًا وأعطي هدايا ثم جاء وقال: "هذه زكاة وهذه هدايا أعطيتها، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطب الناس قال: «مَن استعملناه على عملٍ فليأتنا بقليله وكثيره»، وقال: «إن ما أخذه غلول»، «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة ترعى، أو رقاع تخفق، يعني عذب بها يوم القيامة».

 هذا غلول كونه يأخذ لنفسه، موظف أو عامل ثم يُعطى هدايا ويأخذها من أجل عمله، أنت تعمل، لكن مؤتمن الآن فلا يجوز أن تأخذ هذه رِشوة، إما ألا تأخذ، وإذا أخذت شيئًا فترده إلى بيت المال، ليس لك؛ لأنه ما أعطاك إلَّا من أجل العمل؛ ولهذا قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أفلا جلس في بيت أبيه وأمه، فينظر هل تأتيه هديته إن كان صادقًا؟» لأنه لو جلس في بيته ولو لم يكن عامل ما حد يعطيه هدايا، ما أعطوه من أجل سواد عيونه، إنما أعطوه من أجل العمل، قد يكون في هذا رشوة لأجل أن يخفف عنهم، أو يؤخرهم، ما أعطوه إلَّا لغرض، أو إذا كان موظف يعطيه رشوة من أجل أن يوظف من لا يستحق، من لا يكون أهلًا لذلك.

وكذلك رشوة القضاة وغيرهم كلها داخلة في ذلك. قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:188].

تخريجه؟

القارئ:

أحسن الله إليك، قال: "صحيحٌ أخرجه أبو داوود والحاكم".

الشيخ:

 وله شواهد أيضًا كثيرة كما سبق في الأحاديث.

القارئ:

"بَابُ إِذْنِ الْإِمَامِ لِلْعَامِلِ بِالتَّزْوِيجِ وَاتِّخَاذِ الْخَادِمِ وَالْمَسْكَنِ مِنَ الصَّدَقَةِ"

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَخْلَدِ بْنِ الْمُفْتِي، حَدَّثَنَا مُعَافَى هُوَ ابْنُ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنَا حَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلًا، فَلْيَكْتَسِبْ زَوْجَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ، فَلْيَكْتَسِبْ خَادِمًا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ، فَلْيَكْتَسِبْ مَسْكَنًا». قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "يَعْنِي الْمُعَافَى أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «مَنِ اتَّخَذَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ»".

الشيخ:

 تخريجه؟

القارئ:

 قال: "صحيح، أخرجه أبو عبيد في (الأموال)، وأحمد، وأبو داوود، والطبراني في (الكبير)، والحاكم، والبيهقي".

الشيخ:

 علق عليه؟

الطالب:

تكلم عن ابن المفتي.

الشيخ:

 ماذا قال عليه؟

الطالب:

أحسن الله إليك. هنا عندي حدثنا يحيى بن مخلد بن المفتي، ولكن علق عليه أن الصحيح المفتي وهو البغدادي، أما المعافى -أحسن الله عملُك- قال: "هو محمد بن وهب بن عمر بن أبي كريمة أبو المعافى الحرَّاني من العاشرة، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، توفي سنة مائتين وثلاث وأربعين، صدوق عند ابن الحجر، وعند الذهبي صدوق كذلك".

الشيخ:

 تكلم عليه أهل الحديث؟

الطالب:

أحسن الله إليك. لا لم يتكلم عليه.

القارئ:

يا شيخ تعليق على سنن أبي داود: قال شعيب: "حديثٌ صحيح، وهذا إسنادٌ حسن من أجلِ موسى بن مروان الرقي، وهو مُتَابَع، المعافى هو ابن عمران الموصلي، وأخرجه ابن خزيمة عن يحيى بن مخلد المِقسَمي، والحاكم من طريق محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي كلاهما عن المعافى بن عمران بهذا الإسناد".

 قال الخطابي: "هذا يُتأول على وجهين:

 أحدهما: أنه إنما أباح له اكتساب الخادم والمسكن من عُمالته التي هي أجر مثله. وليس له أن يرتفق بشيء سواها.

والوجه الآخر: أن للعامل السُكنى والخدمة فإن لم يكن له مسكنٌ وخادم اِستُؤجر له من يخدمه، فيكفيه مهنة مثله، ويكتري له مسكن يسكنه مدة مقامه في عمله".

وقال القاري في شرح المشكاة: "معنى من كان لنا عامل فليكتسب مسكنًا: أي يحل له أن يأخذ مما في تصرفه من مال بيت المال قدر مهر زوجة ونفقتها وكسوتها وكذلك ما لا بد له من غير إسرافٍ وتنعم، فإن أخذ أكثر مما يحتاج إليه ضرورةً فهو حرامٌ عليه".

الشيخ:

 هذا مر علينا في أبي داود، قال: الخطابي؟

القارئ:

قال الخطابي: "هذا يُتأول على وجهين:

 أحدهما: أنه إنما أباح له اكتساب الخادم والمسكن من عُمالته التي هي أجر مثله. وليس له أن يرتفق بشيء سواها.

والوجه الآخر: أن للعامل السُكنى والخدمة فإن لم يكن له مسكنٌ وخادم اِستُؤجر له من يخدمه، فيكفيه مهنة مثله، ويُكتري له مسكن يسكنه مدة مقامه في عمله".

الشيخ:

يعني هذا القول الأول إنه يكتسب المسكن والزوجة (18:29) من عمله من مرتبه.

والقول الثاني: أنه يُشترى له مسكنًا ويكون مدة عمله مادام موظف، فإذا انتهى من الوظيفة معناه يؤخذ منه المسكن، وظاهر هذا أنه لا يتصرف هو وإنما يطلب من بيت المال أنه ليس له مسكن؛ فيُعطى مسكن.

وقال القاري.....

القارئ:

وقال القاري في شرح المشكاة: "معنى من كان لنا عامل فليكتسب مسكنًا: أي يحل له أن يأخذ مما في تصرفه من مال بيت المال قدر مهر زوجة ونفقتها وكسوتها وكذلك ما لا بد له من غير إسرافٍ وتنعم، فإن أخذ أكثر مما يحتاج إليه ضرورةً فهو حرامٌ عليه".

الشيخ:

 لكن كيف يأخذ بنفسه؟!

الأقرب: مثل ما سبق أنه يطلب من بيت المال يطلب أنه بحاجة إلى مسكن وخدمة وهذا يكون للموظف، إذا كان موظف في الصدقات، موظفًا له شأن وله تأثير ولا يُستغنى عنه ويجلس مدة طويلة، والعمل يتطلب وجوده، هذا يُشترى له مسكن يسكن فيه مدة عمله، وإذا لم يكن له زوجة يُعطى مهر الزوجة، وإذا لم يكن له خادم كذلك، هذا هو الأقرب -والله أعلم- أن يطلب أو يكون هناك في بيت المال يوفر له من هو محتاج لمثل هذا، ولا يأخذها بنفسه؛ لئلا يتهم بالغلول.

 لأن النصوص الأخرى دلت على أن الأخذ من بيت المال من الغلول، فلا يوقع نفسه في مواقع في التُهم، وإنما يطلب ويُبين حاله أنه محتاج وأن العمل يتطلب، وأنه يعمل في هذا مدة، وأنه يحتاج إلى مسكن حتى يستطيع أن يؤدي العمل، وإذا لم يكن متزوج يحتاج إلى مهر الزوجة، وكذلك إذا احتاج إلى خادم يطلب ويعطى ولا يأخذه بنفسه، جمعًا بين الأدلة؛ لأن كونه يأخذ بنفسه هذا مظنة التهمة، وقد لا يُصَدَّق في أنه محتاج، فإذا تقدم بالطلب وبَيَّن حاله، ووجدت الأدلة على أنه محتاج؛ يُعطى. أعد.

القارئ:

"بَابُ إِذْنِ الْإِمَامِ لِلْعَامِلِ بِالتَّزْوِيجِ وَاتِّخَاذِ الْخَادِمِ وَالْمَسْكَنِ مِنَ الصَّدَقَةِ"

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَخْلَدِ بْنِ الْمُفْتِي، حَدَّثَنَا مُعَافَى هُوَ ابْنُ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنَا حَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلًا، فَلْيَكْتَسِبْ زَوْجَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ، فَلْيَكْتَسِبْ خَادِمًا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ، فَلْيَكْتَسِبْ مَسْكَنًا». قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "يَعْنِي الْمُعَافَى أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «مَنِ اتَّخَذَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ»".

الشيخ:

 نعم. وكما سبق يكون هذا عن طريق أن يطلب ويُبين الحالة؛ لئلا يُتهم بأنه غالٌ سارق، ولهذا من أخذ ما زاد على هذه الأمور الثلاثة هذا لا شك أنه غالٌ سارق، لكن هذه الثلاثة عليه أن يبتعد عن مواطن التُهم، لا يختلس ولا يأخذ من بيت المال وإنما يُبين حاله حتى يُعطى، كما عليه الأدلة.

مناقشة: -أحسن الله عملُك- في السابق كان يطيل الذهاب لأخذ الصدقة (22:56).........

الشيخ:

 هو ظاهر أنه سيجلس مُدة، أما الذي سيعمل شيء عارض مدة يسيرة............

مناقشة:

الآن يذهبون شهر واحد -أحسن الله عملك- (23:17؟ )

الشيخ:

 لأ الزكاة ما هي بشهر واحد، تختلف زكاة الناس، في شهر في موضع من المواضع، والمواضع الأخرى لا تزال الزكاة طول العام، الناس تختلف أحوالهم، الحول عند فلان غير الحُول عند فلان، الحول عند المزرعة الفلانية غير الحول عند المزرعة الفلانية، والحول عند المواشي في البادية في الشمال غير المواشي في الجنوب والشرق والغرب، لا يزال العامل متنقل إذا كان العامل له شأن، ويجلس مُدة طويلة، محتاج إلى من يوفر له مسكن أو خادم أو محتاج إلى الزواج نعم يطلب.

أما إذا كان يعني موظف وقت يسير هذا قد لا يحتاج، شيء مؤقت شهر أو شهرين، لكن الموظف المستمر مدة طويلة هذا هو الذي ظاهره يحتاج إلى هذا، معروف أحوال الناس تختلف أنا حولي عندي مثلًا غنم غير حولك، أنا ملكتها قبل ستة أشهر، وهذا ما ملكها إلَّا بعد شهر، وهذا ما ملكها إلَّا بعد شهرين، وهكذا، زكاة المال حتى يحول عليه الحول.

القارئ:

"بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ لِيَسْلَمُوا لِلْعَطِيَةِ"

الشيخ:

 بارك الله فيك. وفق الله الجميع لطاعته، رزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، أستغفرك وأتوب إليك.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد