شعار الموقع

شرح كتاب الزكاة من صحيح ابن خزيمة_32

00:00
00:00
تحميل
4

يقول الإمام/ ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

"جُمَّاعُ أَبْوَابِ قَسْمِ الْمُصَّدِّقَاتِ، وَذِكْرِ أَهْلِ سُهْمَانِهَا"

"بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ لِيَسْلَمُوا لِلْعَطِيَةِ"

الشيخ:

 هذا الصنف الرابع من أصناف أهل الزكاة.

الصنف الأول: الفقراء.

الصنف الثاني: المساكين.

والصنف الثالث: العاملون عليها.

والصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم.

ثمانية أصناف تولى الله قسمتها بنفسه، لم يكن لذلك أحدًا غيره -سبحانه وتعالى- فلا تتعدى إلى غيرهم ما تصلح، الصدقة الواجبة هي الزكاة، الصدقة المستحبة وهي صدقة التطوع، والمراد هنا الصدقة الواجبة.

القارئ:

 أحسن الله إليك.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو مُوسَى قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُسْأَلْ شَيْئًا عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا أَعْطَاهُ قَالَ: «فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِشِيَاءٍ كَثِيرَةٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ مِنْ شِيَاءِ الصَّدَقَةِ قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ».

الشيخ:

 تخريجه؟

القارئ:

 قال: "أخرجه أحمد ومسلم وأبو عوانة والبيهقي".

الشيخ:

 والحديث صحيح كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكرم الناس، وكان يعطي عطاءً يعجز عنه الملوك ويعيش في نفسه وأهله عيشة الفقراء -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- كان لا يجد من الدقل والتمر ما يملئُ به بطنه، وما شبع ثلاثة أيام متوالية من خبز الشعير -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- وجائه رجلٌ فقال: "أعطني يا محمد –كان من رؤساء القبائل- فأعطاه شياه غنم بين جبلين وادٍ ملأن شياه قال: خذها لك، وساقها فرجع إلى أهله، وقال: يا قومِ أسلموا فإن محمد الذي أعطاه من لا يخشَ الفقر، من يستطيع هذا؟ يعجز عنه الملوك وهو يعيش عيشة الفقراء.

في يوم حُنين أعطى رؤساء القبائل مائة من الإبل، وأعطى رئيس مائة من الإبل، وآخر مائة من الإبل، ليتألفوا مع الإسلام لأنهم دخلوا مع الإسلام حديثًا، وإيمانهم ضعيف، فإذا أعطاهم تقوى إيمانهم، أما المهاجرين والأنصار ما يعطيهم شيء؛ لأنه إيمانهم قوي، تمكن الإيمان من قلوبهم، ولهذا لما حصل بعض شباب الأنصار الصغار ورأوا النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حنين أعطى رؤساء القبائل ولم يعطهم شيئًا تكلموا، جمعهم النبي في قبة وبيَّن لهم فضلهم ومزيتهم وقال: "إني أتألفهم على الإسلام، وكَّلتكم إلى إيمانكم يا معشر الأنصار، أما ترضون أني أذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم، فوالله الذي نفسي بيده لما تنقلبون بخير ما أنقلب منه حتى رضوا وقالوا: في كل كلام يقوله يقول: المنُّ لله ولرسوله له الفضل والمِنَّة علينا حتى بكوا وأخضلوا(03:59) لحاهم بالبكاء فقال: هذا يا رسُول الله شباب صغار هم الذين قالوا هذا، قال هذا بعض الشباب الصغار، أما الكبار فلم يقولوا شيئًا، فهو فعل هذا ليتألفوا على الإٍسلام.

ولهذا أصل الخوارج لما رأى أنه يعطي قال: اعدل يا محمد فإن هذه عطية ما أريد بها وجه الله، غضب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال عمر: دعني اضرب عنقه، قال: دعه فإن يخرج من ضِئضئ هذا -يعني من مثل هذا- في المستقبل قومٌ تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» رأس الخوارج اعترض على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال منهم منافق، ومنهم من اشتد عليه الأمر أضاع فيه ماله، نسأل الله السلامة والعافية، فيعطيهم حتى يتألفهم على الإسلام.

المؤلفة قلوبهم صنفان:

  • صنف ضعفاء الإيمان: يعطون؛ ليتقوى إيمانهم مثل رؤساء القبائل الذين دخلوا في الإسلام حديثًا.
  • أو يعطى الرؤساء ليطّوعوا أتباعهم.
  • أو يعطى ليسلم نظيره من القبائل الأخرى الذين لم يسلموا.
  • أو يعطى وقد يعطى منه الكافر اتقاءً لشره.

كل هذه الأصناف داخلة في المؤلفة قلوبهم.

ولا يعطى الكافر الزكاة إلَّا في هذه الحالة؛ لاتقاء شره.

يعطى ضعيف الإيمان ليتقوى إيمانه، ويعطى رئيس القبيلة ليطوع أفراد قبيلته، ويعطى رئيس القبيلة ليسلم نظيره من رؤساء القبائل، ويعطى الكافر الذي يخشى شره دفعًا لشره عن المسلمين، كل هؤلاء داخلون في المؤلفة قلوبهم.

نعم.

القارئ:

 أحسن الله إليك.

حَدَّثَنَا الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدًا قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَجُلًا أَتَى نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ لَهُ بِشِيَاءٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: «أَسْلِمُوا؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ رَجُلٍ لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ».

الشيخ:

 يقال ب بِشِيَاءٍ ويقال بالشياه جمع شاه، جمعها شياء أو شياه.

بين جبلين: وادي مملوء غنم أعطاه واحد، من يستطيع هذا إلَّا نبي؟!

ذهب إلى قومه فقال لبعضهم: "أشهد ما طابت به هذا إلَّا نفس نبي".

والمقصود بعطائه أن يتقوى هو إيمانه ويسلم أيضًا تبعًا له، دلهم على الإسلام.

القارئ:

 أحسن الله إليك.

"بَابُ إِعْطَاءِ رُؤَسَاءِ النَّاسِ وَقَادَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ تَأَلُّفًا بِالْعَطِيَّةِ"

حدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ يَعْنِي ابْنَ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ...

الشيخ:

نُعْمٍ أم نُعيم؟

القارئ:

 نُعمٍ عندي.

الشيخ:

 علق على نُعيم؟

القارئ:

 علق عليها مقالة:

قال: "انظر التهذيب" فقط (تهذيب الكمال).

القارئ:

 نُعْمٍ

مناقشة:

أحسن الله إليك، عندي قال: قوله ابن أبي نُعم وقع في الأصل في موضعين ابن أبي نُعيم بزيادة ياء بعد العين والمثبت من الإتحاف في مسند أحمد من طريق ابن فضيل به".

الشيخ:

 من الإتحاف؟

الطالب:

نعم.

الشيخ:

 إتحاف المهرة؟

الطالب:

نعم.

الشيخ:

 ابن أبي نُعْم.

نعم.

القارئ:

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَهَبٍ

الشيخ:

 بِذَهَبٍ أم بذُهَيبة؟

القارئ:

 بذهيبة لَمْ تخْلَصْ مِنْ تُرَابِهَا فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ: الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ الْمُرَادِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْجَعْفَرِيِّ، أَوْ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ - هُوَ شَكٌّ -، وَزِيدٍ الطَّائِيِّ، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: «أَلَا تَأْتَمِنُونِي، وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ مَنْ فِي السَّمَاءِ صَبَاحَ مَسَاءَ».

الشيخ:

هُوَ شَكٌّ؟

القارئ:

 هو زائد هنا، هذا الخامس.

الشيخ:

عمار بن زيد (09:50) ذهب إلى اليمن فأتى بذُهيبة لم تستخرج بها، استخرجت من التراب يعني قطعة ذهب عليها ترابها، فأعطاها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقسَّمها بين أربعة من رؤساء القبائل يتألفهم على الإسلام، جعلها أقسام وكل رئيس أعطاه قسم منها، شيء ذهب، وشيء يعني ثمين يتألفهم على الإسلام، فغضب بعض الناس، وبعضهم صار يتكلم وقال هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «أَلَا تَأْتَمِنُونِي، وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ مَنْ فِي السَّمَاءِ صَبَاحَ مَسَاءَ»: يعني ما فعلت هذا إلَّا بأمر الله، قال: ليتألفهم على الإسلام، ويتقوى إيمانهم.

 ولما نقص بعض رؤساء قبائل في غزوة حنين عن مائة تكلم وقال: يا رسُول الله نقصتني وكأنه يقول: ما أنا بأقل منهم، ومن تخفضه اليوم يرفع، فأكمل له المائة، مثل غيره. عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام.

 قال فيه أبيات يستعطف النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:

أنا مثل هؤلاء إذا خفضتني ما أرتفع بعد اليوم، فكمل له المائة -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- كل واحد عطاه مائة بعير لرؤساء القبائل، لأن المسلمون غنموا غنائم كثيرة ما يقرب من ألفي شاة وإبل كثيرة.

نعم.

القارئ:

 أحسن الله إليكم.

"بَابُ إِعْطَاءِ الْغَارِمِينَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ"

الشيخ:

 أعد الباب السابق.

القارئ:

 "بَابُ إِعْطَاءِ رُؤَسَاءِ النَّاسِ وَقَادَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ تَأَلُّفًا بِالْعَطِيَّةِ"

الشيخ:

 نعم. رؤساء القبائل كما سبق؛ ليتقوى إيمانهم، ويطوعوا أفراد قبائلهم، وليسلم من نظرائهم.

القارئ:

 حدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ يَعْنِي ابْنَ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَهَبةٍ....

الشيخ:

 بذُهيبة لم تخلص بترابها.

القارئ:

 لَمْ تخْلَصْ مِنْ تُرَابِهَا فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ:

الشيخ:

 لأنها مستخلصة من الأرض، قطعة من الذهب كبيرة.

القارئ:

 الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ الْمُرَادِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عثالة الْجَعْفَرِيِّ، أَوْ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ - هُوَ شَكٌّ -، وَزِيدٍ الطَّائِيِّ، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: «أَلَا تَأْتَمِنُونِي، وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ مَنْ فِي السَّمَاءِ صَبَاحَ مَسَاءَ».

الشيخ:

 عُلَاثَةَ. تقديم اللام على الثاء.

تكلم على أبي نعم. تخريجه؟

القارئ:

 نعم. في الصحيحين أصله: قال: "صحيح أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأبو نُعيم في (الحلية) والبيهقي في الأسماء والصفات".

الشيخ:

 نعم. وهو حديث معروف، في قصة إتيان علي بالذُهيبة في الصحيحين.

القارئ:

 أحسن الله إليك.

"بَابُ إِعْطَاءِ الْغَارِمِينَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ"

الشيخ:

 قف على هذا.

هذا الصنف الخامس: "الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم". الصنف السادس.

 بارك الله فيك. وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، أستغفرك وأتوب إليك.

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد