شعار الموقع

شرح كتاب الزكاة من صحيح ابن خزيمة_33

00:00
00:00
تحميل
7

 قال ابن خزيمة -رحمه الله تعالى - في (صحيحه):

"بَابُ إِعْطَاءِ الْغَارِمِينَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ"

الشيخ:

حدُّ الزكاة -كما سبق- ثمانية: الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبُهم وفي الرِقاب الغارمين.

فالغارمون: الذين عليهم ديون. والغارمون صِنفان:

الصنف الأول: غارمٌ لنفسه: وهو الذي يستدين من أجلِ توفير الطعام واللباس والمسكن والآجار الذي يخصُّ نفسه، هذا يُعطى من الزكاة ما يسد به دينه الذي استدان من أجل أكله وشربه ومسكنه.

والنوع الثاني: غارمون للإصلاح بين الناس: يتحمل في ذمته ديون؛ ليصلح بين الناس، بين المتنازعين، بين أخوين، أو بين شخصين، أو بين قبيلتين، يتحمل في ذمته ديون حتى يُصلح بين الناس؛ فهذا يُعطى ما يُسدد ديونه ولو كان غنيًا تشجيعًا له على هذا العمل النبيل، قال الله تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء:114].

فالغارمون صِنف من أصناف الذين تُدفع لهم الزكاة، وهم على هذين النوعين.

باب ماذا؟

القارئ:

 أحسن الله إليك.

"بَابُ إِعْطَاءِ الْغَارِمِينَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ"

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ سَهْلُ بْنُ عَسْكَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ يَعْنِي إِلَّا لِخَمْسَةٍ: الْعَامِلِ عَلَيْهَا، وَرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ غَارِمٍ، أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَى مِنْهَا لَغَنِيٍّ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "لَمْ أَجِدْ فِي كِتَابِي عَنِ ابْنِ عَسْكَرٍ: أَوْ غَارِمٍ".

الشيخ:

 سبق الحديث هذا في الباب السابع قبله.

سبق الكلام عليه؟

القارئ:

 نعم أحسن الله إليك.

في "بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ عُمَالَةً مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا"

الشيخ:

 تخريجه هناك؟

القارئ:

 تخريجه -أحسن الله إليكم- في الحديث السابق: "صحيح من غير هذا الطريق، أخرجه الطيالسي وأحمد وعبد بن حميد وأبو داوود وأبو يَعلى والطحاوي في (شرح المعاني) والبيهقي".

الشيخ:

 أعد الحديث: «لا تحل الصدقة إلَّا...»؟

القارئ:

 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ يَعْنِي إِلَّا لِخَمْسَةٍ: الْعَامِلِ عَلَيْهَا، وَرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ غَارِمٍ، أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَى مِنْهَا لَغَنِيٍّ».

الشيخ:

 هؤلاء يُعْطون من الزكاة تحل لهم، والشاهد: الغارم هنا ولو كان غنيًا، إذا كان تحمل دين ليُصلح بين الناس، وكذلك العامل عليها، العُمال وهم جُبَاتُها وحُفاظُّها، إلَّا إذا كان لهم شيء من بيت المال مُرتب فلا يُعطون، وكذلك الغُزاة يُعطوا من الزكاة إلَّا إذا كانوا لهم مرتب من بيت المال.

 وكذلك المسكين، الفقير إذا أعطيته شيئًا من الزكاة ثم تملك الزكاة ودعا غَنيًا؛ فله أن يأكل منه، كما كانت بَرِيرَة الجارية التي أعتقتها عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- تُصدق بلحم عليها وهي فقيرة، فلما طُبخت اللحم في بيت عائشة قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، ومِنْهَا لَنا هَدِيَّةٌ»، فإذا دعا الغني فقير أعطاه زكاة ثم دعا غني صنع طعام ودعا غنيًا؛ فله أن يأكل من هذا تغيرت حاله، كان في الأول زكاة لا تحل إلا له، فلما تملكه الفقير جاز للغني أن يأكل منه.

نعم. لا تحل الصدقة....

القارئ:

 «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ يَعْنِي إِلَّا لِخَمْسَةٍ: الْعَامِلِ عَلَيْهَا...

الشيخ:

 سبق العامل عليها: وهم جُبَاتُها وحُفاظُّها وكُتابُها، لكن إذا كان لهم مُرتب من بيت المال يكفيه مرتبه.

القارئ:

 وَرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ.....

الشيخ:

 إذا اشتراها بماله ثم تملكها جاز لغيره أن يأكله منها.

القارئ:

 أَوْ غَارِمٍ.

الشيخ:

 كذلك الغارم.

القارئ:

 أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

الشيخ:

والغازي كذلك يُعطى من الزكاة إلَّا إذا كان له مرتب من بيت المال، فيُكتفى به.

القارئ:

 أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَى مِنْهَا لَغَنِيٍّ.

الشيخ:

 كما سبق. نعم.

أعد الترجمة.

القارئ:

"بَابُ إِعْطَاءِ الْغَارِمِينَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ"

الشيخ:

 يعني الحديث مُجمل. قالك «أَوْ غَارِمٍ». مجمل لأن الغارم نوعان: غارم لنفسه وغارمٌ لغيره.

فالغارم لنفسه هذا الذي يستدين من أجل تأمين حوائجه الضرورية، يُسد دينه.

 والغارم لغيره هو الذي يصلح بين الناس ويتحمل ديون للإصلاح بين الناس، وهو مُجمل.

القارئ:

"بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْغَارِمَ الَّذِي يَجُوزُ إِعْطَاؤُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا هُوَ الْغَارِمُ فِي الْحِمَالَةِ «وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ يُعْطَى قَدْرَ مَا يُؤَدِّي الْحِمَالَةُ، لَا أَكْثَرَ»"

الشيخ:

الحَمَالَة: يعني يتحمل في ذمته ديون.

يُعطى مقدار ما تحمله، تحمل مائة يعطى مائة، تحمل خمسين يعطى خمسين، تحمل ديون للإصلاح بين الناس، تحمل سبعين يعطى سبعين ولا يُزاد.

بابُ...

القارئ:

بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْغَارِمَ الَّذِي يَجُوزُ إِعْطَاؤُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا هُوَ الْغَارِمُ فِي الْحِمَالَةِ «وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ يُعْطَى قَدْرَ مَا يُؤَدِّي الْحِمَالَةُ، لَا أَكْثَرَ».

حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ كِنَانَةَ بنِ نُعَيْمٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: «نُؤَدِّيهَا عَنْكَ وَنُخْرِجُهَا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ» ، ثُمَّ قَالَ: «يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ حَرُمَتْ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ. وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكُ. وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، وَفَاقَةٌ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَوْ يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ أَنَّهُ قَدْ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يُصِيبَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكُ فَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ سُحْتٌ». قَالَ الْبِسْطَامِيُّ: «وَنُخْرِجُهَا مِنَ الصَّدَقَةِ».

الشيخ:

سِدَادًا: يعني ما يقيم أوَدَه، أو يسد حاجته.

والحديث أصله في مسلم، وفيه قوله «نُؤَدِّيهَا عَنْكَ من إِبِلِ الصَّدَقَةِ» يعني من الزكاة، فهذا هو الشاهد، إن من تحمل حمالة ليصلح بين الناس فإن تؤدى عليه من الزكاة ولو كان غنيًا.

وفيه أن المسألة لا تحل إلَّا لهؤلاء الثلاثة: من أصابته جائحة، من تحمل حمالة، من أصابه فقر شديد.

من تحمل حمالة يعني تحمل ديونًا ليصلح بين الناس يعطى حتى يسدد.

 من أصابته جائحة اجتاحت ماله كذلك يسأل حتى يصيب قِوامًا من العيش أو سدادًا من العيش.

ومن أصابته فاقة -فقرٌ شديد- حتى يقول ثلاثة من ذوات الحجا من أصحاب العقول من قبيلته: "قد أصابت فلان فاقة" وما سوى ذلك فهو سُحت يأكله صاحبه سحتًا، فهؤلاء الثلاثة ثم الذين يسألون وغيرهم لا يجوز لهم أن يسألوا.

تكلم عليه؟

القارئ:

قال في تخريجه "صحيح أخرجه الشافعي في المُسند والحميدي وأحمد وابن الجارود والطحاوي في شرح المعاني والطبراني في الكبير والدارقطني والبيهقي من طريق سفيان عن هارون بن رئابٍ به". فقط أحسن الله إليك.

الشيخ:

 وأخرجه مسلم بطريق أخرى.

ماذا قال في النسخة الأخرى؟

الحديث في مسلم.

الألباني تكلم عليه؟

الطالب:

ما تكلم أحسن الله إليك.

الشيخ:

 معروف. الحديث معروف في مسلم.

مناقشة:

 نعم. الفقير والمسكين ما يسأل لكن يُعطى من الزكاة ما يكفيه لمدة سنة، لكنه لا يسأل إلَّا إذا اشتد به الأمر، لكن الغني يجب أن يبحث ويعطي الزكاة للفقير المحتاج.

القارئ:

"بَابُ الرُّخْصَةِ فِي إِعْطَاءِ مَنْ يَحُجُّ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ، إِذِ الْحَجُّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ"

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ الْأَحْمَسِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ أَسَدِ خُزَيْمَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ مَعْقِلٍ قَالَتْ: تَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَجِّ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَجَهَّزُوا مَعَهُ قَالَتْ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ جِئْتُهُ، فَقَالَ: «مَا مَنَعَكِ أَنْ تَخْرُجِي مَعَنَا فِي وَجْهِنَا هَذَا يَا أُمِّ مَعْقِلٍ؟» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ تَجَهَّزْتُ فَأَصَابَتْنَا هَذِهِ الْقُرْحَةُ، فَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ، وَأَصَابَنِي مِنْهَا سَقَمٌ، وَكَانَ لَنَا حِمْلٌ نُرِيدُ أَنْ نَخْرُجَ عَلَيْهِ، فَأَوْصَى بِهِ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: «فَهَلَّا خَرَجْتِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».

الشيخ:

هذا نوع آخر من أنواع الذين تحل لهم صدقة الفطر.

قف على هذا. وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، أستغفرك وأتوب إليك.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد