شعار الموقع

شرح كتاب الزكاة من صحيح ابن خزيمة_45

00:00
00:00
تحميل
8

يقول الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:

"كتاب الزكاة"

"بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَمَالِيكِ إِذَا كَانُوا عِنْدَ مَلِيكِ السُّوءِ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ"

قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ، قال: حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَدَقَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَى مَمْلُوكٍ عِنْدَ مَلِيكِ سَوْءٍ».

"بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الْمَرْءِ الْمَالَ نَاوِيًا الصَّدَقَةَ، وَإلْقَائه ذَلِكَ الْمَالَ مَوْضِعَ الصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ صَدَقَةٌ".

الشيخ:

هذا الباب: "بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَمَالِيكِ إِذَا كَانُوا عِنْدَ مَلِيكِ السُّوءِ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ".

الخبر فيه فضْل أن الصدقة على المماليك إِذَا كَانُوا عِنْدَ مَلِيكِ السُّوءِ؛ يعني عند سيدهم الذي يملكهم سيئًا، والمؤلف قال: "إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ". والخبر لا يثبت كما ذكر الشيخ ناصر: قال: "إسناده ضعيف جدًّا". بسند بشير بن ميمون، وهو الخراساني الواسطي، أجمعوا على ضعفه، بل قال الإمام البخاري: متَّهم بالوضع، وأخرج الحديث هذا في الضعفاء.

 النسخة الثانية تخريج الشيخ الفحل عندكم، الشيخ تكلم عليه؟ تعليق الشيخ الفحل.

القارئ:

الفحل عندك يا شيخ.

الشيخ:

عندي تعليق الشيخ ناصر.

القارئ:

قال غفر الله لك: "إسناده ضعيف جدًّا؛ لشدة ضعف بشير بن ميمون، أخرجه الطبراني في (الأوسط)، وانظر (مَجمع الزوائد)، وانظر (إتحاف المهرة)".

الشيخ:

وعلى هذا؛ فالحديث هذا المؤلف قيَّده، قال: "إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ". والخبر لا يصح؛ فعلى هذا: ما فيه دليل يدل على فَضْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَمَالِيكِ إذا كان سيدهم سيئًا، يعني كون سيدهم سيء ما يمنع من كونه يُطعمهم، قد يكون السوء جاء من جهة الأخلاق، من جهة المعاملة، وقد يكون من جهة قلة النفقة، وقد يكون جاء السوء من كونه يُحمِّلهم ما لا يطيقون.

وعلى كل حال؛ فالخبر لا يصحُّ، فلا تثبت الصدقة على المماليك إذا كان سيدهم سيئًا؛ ليس في ذلك فضل.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الْمَرْءِ الْمَالَ نَاوِيًا للصَّدَقَةَ، وَإلْقَائه ذَلِكَ الْمَالَ مَوْضِعَ الصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ صَدَقَةٌ".

الشيخ:

هذا الباب ذكره المؤلف، ولم يذكر فيه حديث، قال: "بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الْمَرْءِ الْمَالَ نَاوِيًا الصَّدَقَةَ، وَإلْقَائه ذَلِكَ الْمَالَ مَوْضِعَ الصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ صَدَقَةٌ".

يعني إذا دفع شخصًا مالًا إلى شخصٍ ناويًا الصدقة، ولم يتكلم، ولم يقل بأنه صدقة.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، إذا أعطى المال ونوى الصدقة فله صدقة، العبرة بالنية، لا يُشترط النطق، قد يحتاج إلى النطق مثلًا، كأن يكون مثلًا: يشكّ في الفقير هل هو مستحق للزكاة، فيقول: هذه صدقة، وليست زكاة، هذه صدقة تطوع، فإن كنتَ من أهلها فخذها، وإلا فلا. هذا إذا شك.

المقصود أن هذه الترجمة فيها أن العبرة بالنية كما يؤيدها عموم الحديث، العبرة بالنية، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، فإذا أعطى المال ناويًا الصدقة فهو صدقة، وإن أعطاه ناويًا أنه زكاة فهو زكاة إن كان المُعطَى محلًّا لها.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا فَضَّلَ صَدَقَةَ الْمُقِلِّ إِذَا كَانَ فَضْلًا عَمَّنْ يَعُولُ، لَا إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى الْأَبَاعِدِ، وَتَرَكَ مَنْ يَعُولُ جِيَاعًا".

الشيخ:

"ولَا إِذَا تَصَدَّقَ". عندك (لا) بدون واو؟

القارئ:

عندي: "لَا إِذَا تَصَدَّقَ".

الشيخ:

النسخة الثانية: "ولَا إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى الْأَبَاعِدِ، وَتَرَكَ مَنْ يَعُولُ".

القارئ:

قال: "حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ؛ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْوليدِ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ».

الشيخ:

عندي السند طويل: أخبرنا الأستاذ الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن فضل بن محمد بن إسحاق. هذه نسخة الأعظمي. نسخة الأعظمي هكذا عندكم؟ قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة؛ يعني كم ذكر قبل ابن إسحاق بن خزيمة؟ اثنان، ماذا عندك؟ حدثنا من؟ حدثنا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ.

القارئ:

عندي: "عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ".

الشيخ:

هذه نسخة الفحل؟

القارئ:

دار التأصيل.

الشيخ:

دار التأصيل. عليها تعليق؟ تعليق من؟

القارئ:

تحقيق ودراسة مركز البحوث، وتقنية المعلومات. دار التأصيل.

الشيخ:

غير نسخة الفحل؟

القارئ:

غيرها، هذا الفحل يا شيخ.

الشيخ:

هنا نسخة الأعظمي ذكر قبل محمد بن إسحاق اثنان من تلامذته: أبو عثمان بن عامر الصابوني، ثم محمد بن فضل، ثم أبو بكر بن إسحاق بن خزيمة.

القارئ:

قال: "حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ؛ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْوليدِ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جَهْدُ الْمُقِلِّ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»".

الشيخ:

يقول: الحديث هذا تابع لما قبله، انظر ما قبله؛ يعني تكلم عليه عندك؟ يقول: إنه مكرر، مكرر مع حديث 2444.

مناقشة غير مسموعة: (00:09:53).

الشيخ:

الحديث صحيح، قال: "«جَهْدُ الْمُقِلِّ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»"؛ يعني إذا تصدق الإنسان وهو مُقل أفضل من المكثر؛ لأن المقل يؤثر على ماله، وهو مثل الحديث السابق: «سبق درهم ألف درهم. قالوا: كيف؟ قال: رجلٌ له درهمان، تصدق بأحدهما -هذا نصف ماله-، ورجل له مال كثير، أخذ من عرض هذا المال مالًا تصدق به»؛ كثير، فالدرهم سبق، لماذا؟ لأنه جهد المقل.

 فهذا في فضل الصدقة بجهد المقل، قال: «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»: يعني ينبغي للإنسان أن يبدأ بمن يعول؛ بمن تجب عليه النفقة عليهم من أولاده وعياله، ومن تحت يده من زوجة وولد وخدم، يبدأ بهم، ثم يتصدق بعد ذلك، فتكون الصدقة تتفاضل، الصدقة على القريب أفضل من البعيد، والصدقة بجُهد المُقل أفضل من المكثر، وهكذا، تتفاوت، قال: «جَهْدُ الْمُقِلِّ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»، فينبغي للإنسان أن يبدأ بالنفقة على من يعول، وهي مقدَّمة، وأجرها أفضل، ثم بعد ذلك يتصدق على من سواهم بقدْر استطاعته.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قال: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ ذِي رَحِمِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَهَاهُنَا، وَهَاهُنَا»".

الشيخ:

انظر ما قبله من الحديث، ماذا قال عليه عندك؟ تكلم عليه؟ هنا أحال على.

مناقشة غير مسموعة: (00:12:50).

الشيخ:

يعني سبق في 2445 حديث "أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قال: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ ذِي رَحِمِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَهَاهُنَا، وَهَاهُنَا»". قال هناك: "إسناده صحيح لولا عنعنة أبي الزبير، لكن قد رواه الليث عنه عند مسلم، وإلا أنه لم يسبق لفظه.

المقصود: أن الحديث صحيح، وفيه أن الإنسان يبدأ بنفسه أولًا، ينفق على نفسه، ولا يجوز له أن يضر بنفسه، أو يتصدق على غيره ويترك نفسه، فإن زاد «فَعَلَى عِيَالِهِ»، فإن زاد «فَعَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ ذِي رَحِمِهِ»، فإن زاد «فَهَاهُنَا، وَهَاهُنَا»؛ يعني من المحتاجين. هكذا يكون الترتيب، أولًا: يبدأ بنفسه، ثم بعياله، ثم بقرابته، وذي رحمه، ثم يبدأ بالأباعد. بعض الناس يتصدق على البعيد، ويترك القريب، ويترك أهله، وهذا خطأ.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ الزَّجْرِ عَنْ عَيْبِ الْمُتَصَدِّقِ الْمُقِلِّ بِالْقَلِيلِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَلَمْزِهِ، وَالزَّجْرِ عَنْ رَمْيِ الْمُتَصَدِّقِ بِالْكَثِيرِ مِنَ الصَّدَقَةِ بِالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ؛ إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هُوَ الْعَالِمُ بِإِرَادَةِ الْمُرء، وَلَا إِرَادَةَ مِمَّا تُجِنُّ الْقُلُوبُ".

الشيخ:

تُكِنُّه الْقُلُوبُ.

القارئ:

عندي يا شيخ: تُجِنُّ، وفي نسخة تُكِنُّهُ.

الشيخ:

تُكِنُّ أو تُكِنُّهُ. أكَنَّ يُكِنُّ.

القارئ:

عندي المثبت تُجِنُّ الْقُلُوبُ.

الشيخ:

تُكِنُّهُ؛ يعني تخفيه القلوب، من أكَنَّ يُكِنُّ.

القارئ:

"وَلَمْ يُطْلِعِ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَى مَا فِي ضَمَائِرِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْإِرَادَةِ".

الشيخ:

يعني هذه الترجمة فيها الزجر عن أفعال المنافقين، المنافقون كانوا ما يَسْلَم منهم أحد، إذا تصدق أحد منهم بكثير قالوا: مرائي. وإذا تصدق بقليل قالوا: إن الله غني عن صدقة هذا. ما يسلم منهم أحد، ونزل قول الله: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة:79].

فالمتصدق بالقليل يلمزونه ويعيبونه، ويقولون: الله غني عن صدقة هذا. والكثير؛ يقولون: هذا مرائي. ما يسلم منهم أحد، هذه الترجمة هي معنى الآية، "بَابُ الزَّجْرِ عَنْ عَيْبِ الْمُتَصَدِّقِ الْمُقِلِّ بِالْقَلِيلِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَلَمْزِهِ"؛ يعني عيبه، "وَالزَّجْرِ عَنْ رَمْيِ الْمُتَصَدِّقِ بِالْكَثِيرِ مِنَ الصَّدَقَةِ بِالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ؛ إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هُوَ الْعَالِمُ بِإِرَادَةِ الْمُراد".

كيف يتكلمون في شيء لا يعلمه إلا الله؟!

 الإرادة هي من أعمال القلوب، وأعمال القلوب لا يعلمها إلا الله، وقال: "إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هُوَ الْعَالِمُ بِإِرَادَةِ الْمُراد، وَلَا إِرَادَةَ مِمَّا تُكِنُّهُ الْقُلُوبُ، وَلَمْ يُطْلِعِ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَى مَا فِي ضَمَائِرِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْإِرَادَةِ".

مناقشة غير مسموعة: (00:17:03).

الشيخ:

"هُوَ الْعَالِمُ بِإِرَادَةِ الْمُراد"، ماذا عندك؟ "هُوَ الْعَالِمُ بِإِرَادَةِ" ماذا؟

القارئ:

"إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هُوَ الْعَالِمُ بِإِرَادَةِ الْمرء"، وفي نسخة: المراد.

الشيخ:

أحسن "بِإِرَادَةِ الْمرء"، "هُوَ الْعَالِمُ بِإِرَادَةِ الْمُرء"؛ يعني بإرادة الشخص والإنسان، هذا أوضح.

القارئ:

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «كُنَّا نَتَحَامَلُ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالصَّدَقَةِ الْعَظِيمَةِ، فَيُقَالُ: مُرَائِي. وَيَجِيءُ الرَّجُلُ بِنِصْفِ صَاعٍ، فَيُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ هَذَا. فَنَزَلَتْ: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ [التوبه:79]»".

الشيخ:

تكملة الآية: ﴿فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة:79]، والحديث أخرجه البخاري في الزكاة كما قال من طريق شعبة، وهو حديث صحيح، وفيه فضل الصحابة رضي الله عنهم، قال: «نَتَحَامَلُ»؛ يعني نحمِّل، الصحابة لما حثهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصدقة؛ ما عندهم مال، صاروا يشتغلوا حمالين، يحمل على الناس، ويكسب، فإذا كسب شيئًا تصدق به، يحمِّل، فما يكسب يأكل منه وولده، ويتصدق بالباقي، فإن كان قليلًا؛ المنافقون قالوا: الله غني عن هذا، يتصدق بدرهم أو درهمين. وإن كان كثير؛ قالوا: هذا مرائي. فَنَزَلَتْ الآية: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة:79].

فيه التحريم، والزجر كما قال المؤلف؛ من أفعال المنافقين، وأعمال القلوب، وإرادة القلوب لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، فلا يتدخل الإنسان في النيات والمراد، الله تعالى هو الذي يتولى السرائر.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ الْخَائِفِ مِنَ الْفَقْرِ، الْمُؤَمِّلِ طُولَ الْعُمُرِ عَلَى صَدَقَةِ الْمَرِيضِ الْخَائِفِ نُزُولَ الْمَنِيَّةِ بِهِ.

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ -وَهُوَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ-، عَنْ أَبِي زُرَعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ، وَلَا تَمْهَلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا. أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»".

الشيخ:

النسخة عندي: «إلَّا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»، لكن الصواب مثل ما عندك: «أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»، وهذا الحديث رواه البخاري في الزكاة كما ذكر الشيخ ناصر من طريق عمارة، فهو حديث صحيح، فيه أن صدقة الصحيح الشحيح مقدَّمة على صدقة المريض؛ لأن المريض ترخص عنده الدنيا، يكون المال رخيصًا، إذا مرض الإنسان ولا سيما في مرض الموت صار المال رخيصًا، يريد أن يتصدق بماله كله.

لكن، إذا كان صحيحًا وشحيحًا؛ هذا يكون المال غاليًّا، فإذا تصدق وهو شحيح، وكبح جماح نفسه، وتصدق بشيء؛ هذا هو الأفضل.

ولهذا، في هذا الحديث الصحيح لما سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصدقة قال: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ»؛ يعني تشح بالمال، وتمنع المال، وتُمسك المال، «تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ»، وفي الرواية الأخرى: «وَتَأْمُلُ الْغنى، وَلَا تَمْهَلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا. وقد كَانَ لِفُلَانٍ»، في الرواية الأخرى: «وقد كَانَ لِفُلَانٍ»، وهنا: "«أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»"، علق عليها المؤلف: "«أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»".

القارئ:

"قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ «أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ» مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ الْوَقْتَ إِذَا قَرُبَ فَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ: قَدْ كَانَ الْوَقْتُ، وَدَخَلَ الْوَقْتُ إِذَا قَرُبَ، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «ألَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»؛ أَيْ قَدْ قَرُبَ نُزُولُ الْمَنِيَّةِ بِالْمَرْءِ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومُ، فَيَصِيرُ الْمَالُ لِغَيْرِهِ، لَا أَنَّ الْمَالَ يَصِيرُ لِغَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِ النَّفْسِ، وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ قَوْلُ الصِّدِّيقِ: "وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ هُوَ وَارِثٌ".

الشيخ:

يعني «حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا. ألا وقد كَانَ لِفُلَانٍ»؛ يعني سيكون له بعد موته؛ لأنه قرب موتُه، يعطى الشيء حكم ما قرب منه، مثل: من قارب البلوغ يعطى حكم البلوغ، من قارب البلوغ (المراهق) يعطى حكم البالغ، وهكذا. كذلك قلنا: «ألا وقد كَانَ لِفُلَانٍ»؛ يعني سيكون له بعد موته قريبًا.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الْمَرْءِ بِأَحَبِّ مَالِهِ لِلَّهِ؛ إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- نَفَى إِدْرَاكَ الْبِرِّ عَمَّنْ لَا يُنْفِقُ مِمَّا يُحِبُّ.

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران:92]".

الشيخ:

هنا: "بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الْمَرْءِ بِأَحَبِّ مَالِهِ لِلَّهِ": يعني كلما كان المال أحب للنفس فأنفقه فهو أفضل، بخلاف ما إذا كان الإنسان يتصدق بغير المحبوب، ولهذا الله -سبحانه وتعالى- نهى عن إخراج الرديء، قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [البقرة:267]، ولهذا أنزل الله هذه الآية في أبي طلحة لما تصدق ببيرحاء، ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران:92].

القارئ:

أحسن الله إليك.

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، قال: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حدثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92] أَتَى أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي أَرْضٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَرْضِي بَيْرَحَاء. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: بَيْرَحَاء خَيْرٌ رَايِج، أَوْ خَيْرُ رَابِحٌ»، يَشُكٌّ الشَّيْخُ".

الشيخ:

يقال: بيرَحاء، وبيرُحاء.

القارئ:

"يَشُكٌّ الشَّيْخ، «فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: وَإِنِّي أَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ»".

الشيخ:

خير رايح، أو خير رابح، خير رابح؛ من الربح، وخير رايح؛ يعني ثوابه عند الله، خير رايح، أو خير رابح.

القارئ:

وهنا: خير رائج بالجيم.

الشيخ:

رائج؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

عندك هكذا؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

ضبطها أم بالشكل؟

القارئ:

بالشكل.

الشيخ:

الشكل ما عليه خطأ، الشكل ما يعوَّل عليه، يمكن النقطة هذه للياء.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"«فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: وَإِنِّي أَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ. فَقَالَ: اجْعَلْهَا فِي قَرَابَتِكَ. فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ حَدَائِقَ»".

الشيخ:

فيه فضل أن يتصدق المرء بأحب ماله، وفيه فضل الصدقة على الأقارب، وأن الصدقة على الأقارب مقدَّمة، ولهذا قسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه، "«فَقَالَ: اجْعَلْهَا فِي قَرَابَتِكَ. فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ حَدَائِقَ»".

القارئ:

أحسن الله إليك.

مناقشة غير مسموعة. (00:27:20)

الشيخ:

بيرحاء، يمكن مقصورة، ألف مقصورة بيرحى.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"خَبَرٌ ثَابِتٌ وَحُمَيْدُ بْنُ أَنَسٍ. خَرَّجْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ".

الشيخ:

يعني في الباب.

القارئ:

نفس الباب يا شيخ، "بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الْمَرْءِ بِأَحَبِّ مَالِهِ لِلَّهِ".

الشيخ:

متابع له.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ ذِكْرِ حُبِّ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- الْمُخْفِي بِالصَّدَقَةِ؛ إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ فَضَّلَهَا عَلَى صَدَقَةِ الْعَلَانِيَةِ.

قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقره:271]".

الشيخ:

هذه الترجمة في فضل الصدقة الخفية على صدقة العلانية، الصدقة إذا كانت خفية فإنها أفضل؛ لأنها أقرب إلى الإخلاص إلا إذا ترتب على الإعلان مصلحة كالاقتداء به؛ كأن يقتدى به فلا بأس، ومثله الأعمال الأخرى كذلك، مثلها القراءة، جاء في الحديث: «المسرُّ في القراءة كالمسرِّ بالصدقة، والجاهر بالقراءة كالمعلن بالصدقة»؛ يعني تكون القراءة سرًّا أفضل إلا إذا ترتبت عليها مصلحة؛ كأن يكون حولك من يستمع، أو يجهر لطرد النعاس، أو ما أشبه ذلك، وكذلك الصدقة؛ صدقة السر أفضل إلا إذا ترتب على هذا مصلحة، ولهذا قال الله: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقره:271]، فضَّل صدقة الخفية.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قَالَ: «ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ، وَثَلَاثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ؛ أَمَّا الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ: فَرَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَأَلَهُمْ بِاللَّهِ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ، فَأَعْطَاهُ سِرًّا، لَا يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إِلَّا اللَّهُ وَالَّذِي أَعْطَاهُ. وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِمَّا يَعْدِلُ بِهِ نَزَلُوا، فَوَضَعُوا رُؤُوسَهُمْ، فَقَامَ يَتَمَلَّقُنِي، وَيَتْلُو آيَاتِي. وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ، فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَهُزِمُوا، فَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لَهُ. وَالثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ: الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ، وَالْغَنِيُّ الظَّلُومُ»".

الشيخ:

الحديث إسناده ضعيف كما ذكر الشيخ ناصر، فيه زيد بن ظبيان، ما روى عن سوى ربعي بن حراش كما قال الذهبي، وفيه يشير إلى أنه مجهول، ما روى عن سوى ربعي بن حراش. ولكن الآية كافية في الدلالة على أن صدقة السر مقدَّمة، أفضل من صدقة العلانية، الآية كافية، والحديث فيه ضعف، الحديث ضعيف.

لكن الحكم أو الترجمة التي ذكرها المؤلف ثابتة، فالآية كافية، ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقره:271].

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ ذِكْرِ مَثَلٍ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- لِلْمُتَصَدِّقِ، وَمَنْعَ الشَّيَاطِينُ إِيَّاهُ مِنْهَا بِتَخْوِيفِ الْفَقِيرِ".

القارئ:

بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشايخه وذريته وللحاضرين ووالديهم وعموم المسلمين.

قال رحمه الله: "بَابُ ذِكْرِ مَثَلٍ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- لِلْمُتَصَدِّقِ، وَمَنْعَ الشَّيَاطِينُ إِيَّاهُ مِنْهَا بِتَخْوِيفِ الْفَقِيرِ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، فَإِنِّي لَا أَقِفُ هَلْ سَمِعَ الْأَعْمَشُ مِنِ ابْنَ بُرَيْدَةَ أَمْ لَا.

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾ [البقرة:268].

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمخَرّمِيُّ، قال: أخبرنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «مَا يُخْرِجُ رَجُلٌ شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَفُكَّ عَنْهَا لَحْيَيْ سَبْعِينَ شَيْطَانًا»".

الشيخ:

هذه الترجمة فيها مثل "ضَرَبَهُ النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- لِلْمُتَصَدِّقِ، وَمَنْعَ الشَّيَاطِينُ إِيَّاهُ مِنْهَا بِتَخْوِيفِ الْفَقِيرِ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ"، والخبر لا يصح، الخبر ضعيف، إسناده ضعيف، الأعمش كما قال ابن حجر: مدلس. قال أبو معاوية في هذا الحديث: ولا أراه سمع منه. المؤلف يقول: "فَإِنِّي لَا أَقِفُ هَلْ سَمِعَ الْأَعْمَشُ مِنِ ابْنَ بُرَيْدَةَ أَمْ لَا". قالوا: والصواب أنه لم يسمع منه.

 وعلى هذا فالحديث ضعيف، «مَا يُخْرِجُ رَجُلٌ شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَفُكَّ عَنْهَا لَحْيَيْ سَبْعِينَ شَيْطَانًا»"، لكن الآية كافية التي استدل بها المؤلف: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾ [البقرة:268]؛ الشيطان يثبِّط الإنسان عن فعل الخير، ويعده الفقر، يقول: لا تتصدق، ينتهي مالك، ماذا تترك لأولادك؟ وهكذا.

أما هذا الحديث: "«مَا يُخْرِجُ رَجُلٌ شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَفُكَّ عَنْهَا لَحْيَيْ سَبْعِينَ شَيْطَانًا»" فضعيف، هذا ضعيف، لا يثبت، والآية كافية واضحة، الشيطان يعد بالفقر، ويأمر بالفحشاء، قال تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:268].

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ الْأَمْرِ بِإِتْيَانِ الْقَرَابَةِ بِمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمَوالَي لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ".

الشيخ:

عندك الموالي أم المولى؟

القارئ:

الموالي.

الشيخ:

ماذا بعده؟

القارئ:

"لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ".

الشيخ:

عندي النسخة: المولى. وهذا أصح: "بِمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمَرء لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-".

القارئ:

قال: "بَابُ الْأَمْرِ بِإِتْيَانِ الْقَرَابَةِ بِمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمَرء لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَء إِذَا قَالَ: مَالِي وَنِصْفُهُ هُوَ لِلَّهِ؛ كَانَتْ صَدَقَةً، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ أَوِ الدَّارَ أَوِ الْحَائِطَ أَوِ الْبُسْتَانَ أَوِ الْخَانَ أَوِ الْحَانُوتَ إِذَا جَعَلَهُ الْمَرْءُ لِلَّهِ كَانَتْ صَدَقَةً وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حُدُودَهَا، لَا كَمَا تَوَهَّمَهُ الْعَامَّةُ أَنَّ مَا لَمْ تُذْكَرِ الْحُدُودُ مِمَّا عُدَّ لَمْ يَثْبُتْ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ حَتَّى تُذْكَرَ حُدُودُهُ.

قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حدثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ -رضي الله عنه-: «أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، قَالَ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا [البقرة:245]. قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَائِطِي الَّذِي فِي كَذَا وَكَذَا هُوَ لِلَّهِ، وَلَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُسِرَّهُ لَمْ أُعْلِنْهُ. فَقَالَ: اجْعَلْهُ فِي فُقَرَاءِ أَهْلِكَ، أو في أَهْلِ بَيْتِكَ»".

الشيخ:

عندك هكذا: "«أو في أَهْلِ بَيْتِكَ»"؟ النسخة الثانية عندي: أدنى. فيها أخطاء كثيرة هذه النسخة؛ نسخة الأعظمي.

في هذه الترجمة فيها أن التقرب لله -تعالى- بالصدقة على القرابة أفضل من الأباعد، وهذا ذكره المؤلف في عدد من التراجم، هذه الترجمة فيها أن الصدقة على الأقارب مقدمة على الصدقة على الأباعد؛ يعني صدقة التطوع، وكذلك الفريضة، كونه يعطي الأقارب، ولهذا قال العلماء: الأولى للإنسان إذا كان عنده زكاة يبدأ بمحاويج قرابته، فيبدأ بالقرابة سواء صدقة الفريضة أو التطوع، قال: "بَابُ الْأَمْرِ بِإِتْيَانِ الْقَرَابَةِ بِمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمَرء"، هنا مكتوب المولى، النسخة هذه فيها تصحيف، "بَابُ الْأَمْرِ بِإِتْيَانِ الْقَرَابَةِ بِمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمَرء لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ"؛ يعني صدقة التطوع على القرابة مُقدَّمة على صدقة التطوع على الأباعد، وكذلك الفريضة، صدقة الفريضة على الأقارب مُقدَّمة على صدقة الفريضة على الأباعد؛ لأن الأقارب مقدمة النفقة فيهم سواءً صدقة فريضة، أو صدقة تطوع.

ثم ذكر المؤلف، قال: "وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَء إِذَا قَالَ: مَالِي وَنِصْفُهُ هُوَ لِلَّهِ؛ كَانَتْ صَدَقَةً، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ أَوِ الدَّارَ أَوِ الْحَائِطَ أَوِ الْبُسْتَانَ أَوِ الْخَانَ أَوِ الْحَانُوتَ إِذَا جَعَلَهُ الْمَرْءُ لِلَّهِ كَانَتْ صَدَقَةً وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حُدُودَهَا، لَا كَمَا تَوَهَّمَهُ الْعَامَّةُ أَنَّ مَا لَمْ تُذْكَرِ الْحُدُودُ مِمَّا عُدَّ لَمْ يَثْبُتْ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ حَتَّى تُذْكَرَ حُدُودُهُ".

إذا تصدق بأرض، قال: نصفها كذا، أو أتصدق بهذه الأرض. ولو لم تعلم حدودها تنفذ الصدقة، والعامة يتوهمون أن مَا لَمْ تُذْكَرِ الْحُدُودُ لا تنفذ، والصواب أنه ينفذ البيع والهبة والصدقة. ما دامت هذه الأرض معلومة؛ لأن هذا سيُعلم في المستقبل؛ حدودها معلومة، أرض معلومة، مملوكة لفلان، لكن في وقت بيعه أو صدقته ما عرف السامع الحدود؛ هل يمنع هذا؛ أن يقول: هذه الأرض ما تنفذ حتى يعلم؟ أو تنفذ؟ ينفذ البيع، وتنفذ الصدقة، وإن كان لا يعلم يعلم في المستقبل؛ لأنها معلومة عند غيره، هذا البائع أو المتصدق أو غيره لم يعلم، لكن غيره علم، وهذه فائدة من المؤلف، أوردها، قال: "وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَء إِذَا قَالَ: مَالِي وَنِصْفُهُ هُوَ لِلَّهِ؛ كَانَتْ صَدَقَةً، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ أَوِ الدَّارَ أَوِ الْحَائِطَ أَوِ الْبُسْتَانَ أَوِ الْخَانَ أَوِ الْحَانُوتَ إِذَا جَعَلَهُ الْمَرْءُ لِلَّهِ كَانَتْ صَدَقَةً وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حُدُودَهَا، لَا كَمَا تَوَهَّمَهُ الْعَامَّةُ أَنَّ مَا لَمْ تُذْكَرِ الْحُدُودُ مِمَّا عُدَّ لَمْ يَثْبُتْ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ حَتَّى تُذْكَرَ حُدُودُهُ".

ثم ذكر حديث أبي طلحة قال: «حَائِطِي الَّذِي فِي كَذَا وَكَذَا هُوَ لِلَّهِ»؛ يعني حائطه معلوم، وقد يكون بعض الناس ما عرف حدوده، فكونه لا يعرف أو بعض الناس لا يعرف حدوده؛ لا يمنع نفوذ البيع، أو الهبة، أو الصدقة.

مناقشة غير مسموعة: (00:42:10).

الشيخ:

يعني لم يعلم، لكنه سيئول إلى العلم، لم يعلم، لكنها معلومة، إذا أراد علمها عرف، يعفى عنه، مثل: ما يكون الإنسان يبيع البيت مثلًا، ولا تعرف أساسيات البناء، الأساس ما يعلم، وهذا متسامَح فيه، وإلا كنا نقول: لا بد أن يطَّلع الإنسان على أساس البيت، يحفر، ويرى أساسيات البيت. هذا مما يعفى عنه ولو لم يعلم الحدود مثل: إذا باع ثمرًا أو بصلًا، ما يعلم حدوده في الأرض، لكنه يعفى عنه، وإلا كنا نقول: احفر حتى تصل إلى ماذا؟ إلى الحد؛ إلى حد الثمرة، أو إلى حد منبت البصل، أو ما أشبه ذلك، كذلك هنا؛ ما يعلم حدوده، لكنه معلومة حدوده، أرض معروفة ومشهورة.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "وَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ»، فَذَكَرَ نَحْوَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-.

ثم قال: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ احْتِمَالَ الشَّهَادَةِ بِصَدَقَةِ الْعَقَارِ جَائِزٌ لِلشُّهُودِ إِذَا عَلِمُوا الْعَقَارَ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ؛ إِذِ الْعَقَارُ مَشْهُور بِالْمُتَصَدِّقِ، مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، مُسْتَغْنٍ بِشُهْرَتِهِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهِ عَنْ ذِكْرِ تَحْدِيدِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى إِبَاحَةِ الْحَاكِمِ احْتِمَالَ الشَّهَادَةِ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهَا.

 قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، قال: حَدَّثَنَا بَهْزٌ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92] قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَرَى رَبَّنَا يَسْأَلُنَا أَمْوَالَنَا، فَأُشْهِدُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ أَرْضِي بَيْرَحَاء لِلَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: اجْعَلْهَا فِي قَرَابَتِكَ. قَالَ: فَجَعَلَهَا فِي حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ»".

الشيخ:

والحديث صحيح، أخرجه مسلم، ورجاله ثقات، أصله في مسلم متابعة كما ذكر الشيخ ناصر، وهو حديث صحيح، فيه فضل الصدقة من المال الذي يحبه، وفيه فضل الصدقة على الأقارب، وفيه أن بني العم من الأقارب، تكون فيهم الصدقة.

في الترجمة يقول: "بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ احْتِمَالَ الشَّهَادَةِ بِصَدَقَةِ الْعَقَارِ جَائِزٌ لِلشُّهُودِ إِذَا عَلِمُوا الْعَقَارَ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ؛ إِذِ الْعَقَارُ مَشْهُور بِالْمُتَصَدِّقِ، مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، مُسْتَغْنٍ بِشُهْرَتِهِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهِ عَنْ ذِكْرِ تَحْدِيدِهِ"؛ يعني يجوز للإنسان أن يشهد أن هذا البيت لفلان ولو لم يعلم حدوده، ولو خفي عليه أساسيات البيت، لماذا؟ قال: لأن العقار مشهور.

 

إنسان له جار سنين طويلة، يعرف أن هذا بيته، هل يشهد أن البيت له أم لا يشهد؟ يعرف هذا سنين طويلة، فقال شخص: لا، كيف تشهد وأنت لا تعرف أساسيات البيت، ولا تعرف كيف قوة البيت؟! ما يلزم، نقول: المشهور أن هذا البيت لفلان، والشهرة تكفي؛ كونه مستغنى بشهرته، وأنه منسوب إلى فلان كافيًا، كل أهل البلدة يعرفون أن هذا البيت لفلان، فالشهرة كافية، ولا يلزم أن تعرف الحدود، ولهذا قال:

"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ احْتِمَالَ الشَّهَادَةِ بِصَدَقَةِ الْعَقَارِ جَائِزٌ لِلشُّهُودِ إِذَا عَلِمُوا الْعَقَارَ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ؛ إِذِ الْعَقَارُ مَشْهُور بِالْمُتَصَدِّقِ"؛ الشخص الذي تصدق به، "مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، مُسْتَغْنٍ بِشُهْرَتِهِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهِ عَنْ ذِكْرِ تَحْدِيدِهِ".

قال بعد هذا، زاد المؤلف: "وَالدَّلِيلُ عَلَى إِبَاحَةِ الْحَاكِمِ احْتِمَالَ الشَّهَادَةِ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهَا".

الحاكم: الحاكم الشرعي؛ القاضي يحتمل الشهادة إذا شُهد عليها؛ يعني الشهادة على الشهادة، يحتمل الشهادة إذا شُهد عليها، شخص شهد أن هذه الأرض لفلان، ثم جاء شخص، فشهد على شهادته، قال: أنا أشهد على فلان يشهد أن هذا العقار لفلان. هذه شهادة على شهادة.

والمؤلف استدل بحديث أبي طلحة أنه تصدق ببيرحاء، وهي معروفة، ولم يطلب منه أن يذكر الحدود.

مناقشة غير مسموعة: (00:49:44).

الشيخ:

هذا يعني ذكرها تبع، من باب التبع، يعني فيه وجه شبه، كما أن الإنسان مثلًا يشهد على هذه الأرض منسوبة لفلان، والشهرة منسوبة، فكذلك يشهد على شهادته؛ يعني الشخص معروف وثقة، فشهد شخص على شهادته، قال: أشهد على شهادة فلان. هذا من فقه المصنف.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ اسْتِحْبَابِ إِتْيَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا وَوَلَدَهَا بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَبَاعِدِ؛ إِذْ هُمْ أَحَقُّ بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَبَاعِدِ.

قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ يَوْمًا فَأَتَى النِّسَاءَ فِي الْمَسْجِدِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِنَّ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَوَاقِصِ عُقُولٍ قَطُّ وَدِينٍ أَذْهَبُ بِقُلُوبِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْكُنَّ، وَإِنِّي قَدْ أُرِيتُ»".

الشيخ:

أُريتُ؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

النسخة الثانية: رأيتُ.

القارئ:

أحسن الله عملك.

"«وَإِنِّي قَدْ أُريتُ أَنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَتَقَرَّبْنَ إِلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْتُنَّ. وَكَانَ فِي النِّسَاءِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَانْقَلَبَتْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا سَمِعَتْ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-. وَأَخَذَتْ حُلِيًّا لَهَا، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَيْنَ تَذْهَبِينَ بِهَذَا الْحُلِيِّ؟ قَالَتْ: أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: وَيْحَكَ!، هَلُمِّي تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي، فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ. فَقَالَتْ: لَا، حَتَّى أَذْهَبَ به إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-»".

الشيخ:

عندك: به؟

القارئ:

نعم.

أحسن الله عملك.

"«قَالَ: فَذَهَبَتْ تَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ زَيْنَبُ تَسْتَأْذِنُ. قَالَ: أَيُّ الزَّيَانِبِ هِيَ؟ قَالَ: امْرَأَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ. قَالَ: ايذَنُوا لَهَا. فَدَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ مَقَالَةً فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَحَدَّثْتُهُ وَأَخَذْتُ حُلِيًّا لِي أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ؛ رَجَاءً أَنْ لَا يَجْعَلَنِي اللَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالَ لِي ابْنُ مَسْعُودٍ: تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى بَنِيَّ»".

الشيخ:

وَعَلَى بَنِيَّ؟

القارئ:

نعم. أحسن الله عملك.

الشيخ:

النسخة الثانية: وعلى بَنِيِّ.

القارئ:

أحسن الله عملك.

"«وَعَلَى بَنِيَّ، فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ. فَقُلْتُ: حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى بَنِيهِ، فَإِنَّهُمْ لَهُ مَوْضِعٌ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: فَقَالَ النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: «صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ».

فَهَذَا الْخَبَرُ دَالٌ عَلَى أَنَّ بَنِيَّ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِين قَالَ النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «وَعَلَى بَنِيهِ» كَانُوا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ زَيْنَبَ.

قال: حَدَّثَنَا بِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ -وَهُوَ ابْنُ أَسْلَمَ-، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ".

الشيخ:

هذا الحديث كما ذكر الشيخ ناصر: إسناده صحيح، رواه الإمام أحمد في (المسند) من طريق ابن إسماعيل، وعمرو بن أبي عمرو، والترجمة فيها أن صدقة المرأة على زوجها وولدها أولى من الأباعد، وأنهم أحق بالصدقة من الأباعد، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى بَنِيهِ، فَإِنَّهُمْ لَهُ مَوْضِعٌ».

والخبر الثاني فيه ذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ»، الحديث صحيح، والترجمة صحيحة في أن صدقة المرأة على بنيها وعلى زوجها أفضل من الأباعد، لكن هل هذه زكاة أم صدقة تطوع؟ العلماء قالوا: إنها زكاة. والمشهور عند العلماء أن المرأة لا تعطي زكاتها لزوجها؛ لأنه ينفق عليها منها، فتعود زكاتها عليها، وأن هذا في صدقة التطوع، (00:57:01) قال: في صدقة الفريضة لا بأس. والشاهد أن صدقة المرأة على زوجها وأولادها مقدَّمة على صدقتها على الأباعد.

مناقشة غير مسموعة (00:57:17)

الشيخ:

استجابة، امتثال أمر رسول الله.

مناقشة غير مسموعة (00:57:27)

الشيخ:

ماذا قالت؟

مناقشة غير مسموعة (00:57:35).

الشيخ:

العلماء فسروه بهذا؛ يعني امتثال أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، كتب بعضهم على هذا ماذا؟ إن هذه اللفظة منكرة؟

مناقشة غير مسموعة (00:58:11)

الشيخ:

إن صح يُحمَل على هذا، وما ذكرها في غيره في حديث آخر؟

مناقشة غير مسموعة (00:58:44)

الشيخ:

لكن ليس فيها: إلى رسول الله. لكن يقول: ذكرت في هذا الحديث وفي غيره، لكن هناك أحاديث أخرى، «أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ». محل نظر، تحتاج المسألة إلى تأمل، والنظر في الألفاظ الواردة في الباب، «أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ». محل نظر، يحتاج إلى تأمل، صحيح التقرب لله -تعالى-، ولكن يعني إذا فسِّر بالاستجابة له زال المحظور.

مناقشة غير مسموعة (00:59:56)

القارئ:

"قال: حَدَّثَنَا بِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانٍ".

الشيخ:

"حَدَّثَنَا بِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ".

القارئ:

"مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانٍ".

الشيخ:

عليه تعليق؟

القارئ:

"قال: حَدَّثَنَا بِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ مُحَمَّدُ".

الشيخ:

علق عليه في الحاشية؟

القارئ:

ما علق عليه يا شيخ، أحسن الله عملك.

الشيخ:

يحتاج إلى تأمل.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ ذِكْرِ تَضْعِيفِ صَدَقَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَعَلَى مَا فِي حِجْرِهَا عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ.

قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَفيقٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بِالصَّدَقَةِ، وَقَالَ: تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ. قَالَتْ: وَكُنْتُ أَعُولُ عَبْدَ اللَّهِ وَبَنَاتِي فِي حِجْرِي، فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ: ايتِ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فَسَلْهُ هَلْ يجْزِئُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ أُوجِبَهُ عَنْكُمْ مَعَ الصَّدَقَةِ. قَالَ: لَا، بَلِ ائْتِيه فَسَلِيهِ.

قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، وَكَانَتْ قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ الْمَهَابَةُ، فَوَجَدتُّ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي، فَخَرَجَ عَلَيْنَا بِلَالٌ، فَقُلْنَا: سَلْهُ، وَلَا تُحَدِّثْ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- مَنْ نَحْنُ. فَقَالَ: امْرَأَتَانِ تَعُولَانِ أَزْوَاجَهُمَا وَيَتَامَى فِي حُجُورِهِمَا، أَيجْزِئُ ذَلِكَ عَنْهُمَا مِنَ الصَّدَقَةِ؟ فَقَالَ لَهُ: مَنْ هُمَا؟ قَالَ: زَيْنَبُ وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالَ: أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالَ: نَعَمْ، لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ».

قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَتْ: «أَتَانَا النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ»، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ مَعْنًى وَاحِدًا".

الشيخ:

الفرق بين هذه الترجمة والترجمة السابقة أن الترجمة السابقة فيها استحباب صدقة المرأة على زوجها وولدها، وهذه الترجمة في تضعيف الصدقة، وأنها مضافعة، الترجمة الثانية فيها أن صدقة المرأة على زوجها وولدها مستحبة، وهذه الترجمة فيها أن صدقة المرأة على زوجها وعلى ولدها مضاعفة، تضاعَف، قال: «أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ»؛ يعني مضاعفة مرتين.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ صَدَقَةِ الْمَرْءِ عَلَى وَلَدِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ إِذَا رَجَعَتْ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهَا إِرْثًا عَنِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ تموُّلها. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَمْلِكُهُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِرْثًا وَبَيْنَ مَا يَمْلِكُهُ بِابْتِيَاعٍ أَوِ اسْتِيهَابٍ؛ إِذِ الْإِرْثُ يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ أَحَبَّ ذَلِكَ أَمْ كَرِهَ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَرْءُ مِلْكًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مِلْكٌ بِمَعْنَى مِنَ الْمَعَانِي سِوَى الْمِيرَاثِ.

قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ حُسَيْنٍ -وَهُوَ الْمُعَلِّمُ-، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِأَرْضٍ فَرَدَّهَا إِلَيْهِ الْمِيرَاثُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-، فَقَالَ لَهُ: وَجَبَ أَجْرُكَ، وَرَجَعَ إِلَيْكَ مِلكك».

الشيخ:

هذا فيه أنه لا بأس بصدقة المرء على ولده، والولد يشمل الذكر والأنثى، وأنه إذا تصدق على ولده، ثم توفي وورثه رجع إليه بالميراث.

وذكر المؤلف الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَمْلِكُهُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِرْثًا وَبَيْنَ مَا يَمْلِكُهُ بغيره، ما يملكه من الإرث ملك قهري، ولا اختيار له فيه، يدخل في ملكه بدون اختيار، إذا توفي الإنسان انتقلت أمواله إلى الورثة، وكان كل واحد يملك نصيبه، إذا كانت أم لها السدس أو الثلث، إذا كنت بنت لها النصف، بنتين لهما الثلثان، هذا مِلك قهري، ما لك اختيار، دخل في ملكك بلا اختيار، بخلاف ما يملكه ببيع أو شراء، هذا لا بد من نية المبايعة، لا بد من عقد، ما تملكه إلا بالعقد.

أما الإرث فهذا ملك قهري، يدخل في ملكك ولو لم تكن مختارًا. ولهذا يسأل بعض الناس، يقول: فلان توفي، وأنا حقي أعطيه لفلان. نقول: لا، هذا ملك قهري دخل ملكك، خذه الآن، ثم بعد ذلك تهبه لمن تريد، لكن الآن ما يصير يذهب لغيرك الآن. يقول: أنا لا أريده. نقول: الآن صار ملكًا لك، فما ينتقل عنك إلا بماذا؟ إلا بهبة أو صدقة، لا بد، أو تكتب، أو تُشهد بأنك تنازلت، أو أعطيت حقك لفلان؛ لأنه دخل ملكك قهرًا، والآن انتقل إليك بدون اختيارك، قهري، ملك قهري.

 قال المؤلف: "وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَمْلِكُهُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِرْثًا وَبَيْنَ مَا يَمْلِكُهُ بِابْتِيَاعٍ أَوِ اسْتِيهَابٍ؛ إِذِ الْإِرْثُ يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ أَحَبَّ ذَلِكَ أَمْ كَرِهَ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَرْءُ مِلْكًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مِلْكٌ بِمَعْنَى مِنَ الْمَعَانِي سِوَى الْمِيرَاثِ".

والحديث هذا يقول الشيخ ناصر: إسناده حسن، «أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِأَرْضٍ فَرَدَّهَا إِلَيْهِ الْمِيرَاثُ»؛ يعني توفي، «فَقَالَ لَهُ: وَجَبَ أَجْرُكَ، وَرَجَعَ إِلَيْكَ مِلكك». وفي قصة المرأة: «وَجَبَ أَجْرُكِ، وردَّها عليكِ الميراث».

فإذا تصدق الإنسان لأحد أقاربه بمال، ثم توفي وورثه عنه ثبت له أجر الصدق، ورجع إليه بالميراث.

القارئ:

أحسن الله عملك.

بقي دقيقة على الأذان.

الشيخ:

طيب، نقف على هذا، وبعد الصلاة. وفق الله الجميع لطاعته.

سمِّ.

القارئ:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزدنا علمًا وعملًا يا كريم.

اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ومشايخه، ولنا ولوالدينا وللمسلمين يا رب العالمين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في (صحيحه):

"بَابُ الْأَمْرِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الثِّمَارِ قَبْلَ الْجِذَاذِ مِنْ كُلِّ حَائِطٍ بِقنْوٍ يُوضَعُ فِي الْمَسْجِدِ"

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أَمَرَ مِنْ كُلِّ حَائِطٍ بِقنْوٍ لِلْمَسْجِدِ»".

الشيخ:

القنو هو العذق الذي هو فيه رطب وتمر. يقال له: قنو. وهذا الحديث حسنه الشيخ ناصر، قال: "إسناده صحيح على شرط مسلم". وعلى هذا؛ فالأمر هذا للاستحباب، يكون الأمر للاستحباب، وليس للوجوب؛ لأن الأدلة دلت على أن الإنسان لا يجب عليه أن يخرج أكثر من الزكاة، الواجب عليه هو الزكاة، وما زاد على الزكاة فهو مستحب، فيكون الأمر للاستحباب، «مِنْ كُلِّ حَائِطٍ»؛ بستان يعني، من كل بستان، أهل بستان يضع قنو؛ عذق في المسجد ليأكل منه الفقراء.

 

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال -رحمه الله-: "بَابُ كَرَاهِيَةِ الصَّدَقَةِ بِالْحَشَفِ مِنَ الثِّمَارِ وَإِنْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ تَطَوُّعًا؛ إِذِ الصَّدَقَةُ بِخَيْرِ الثِّمَارِ وَأَوْسَطِهَا أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِشِرَارِهَا.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ".

الشيخ:

عندي: ابن أبي غريب، تكلم عليه عندك؟

القارئ:

ما تكلم.

 "عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأَقْنَاءٌ مُعَلَّقَةٌ، وَقنْوٌ مِنْهَا حَشَفٌ، وَمَعَهُ عَصًا، فَطَعَنَ بِالْعَصَا في الْقنْو، قَالَ: لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْهَا، إِنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُلُ الْحَشَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»".

الشيخ:

وهذا الحديث إسناده ضعيف، المؤلف يقول: إسناده حسن لغيره. قال: حديث صالح بن أبي عريب إسناده حسن لغيره. يعني هذا الحديث ضعيف، لكن له سند آخر، هذا الحديث من طريق يحيى، عن صالح بن أبي عريب إسناده ضعيف، لكن الحديث له شواهد. أما "كَرَاهِيَةِ الصَّدَقَةِ بِالْحَشَفِ مِنَ الثِّمَارِ وَإِنْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ تَطَوُّعًا"؛ فهذا دليله الآية: قوله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ [البقرة:267]، الخبيث: الرديء. هذا مكروه؛ صح كما ذكر، لكن الحديث يقول: حسن لغيره. لكن في تصحيحه نظر؛ لأن المتن فيه غرابة: «إِنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُلُ الْحَشَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، هذا فيه نكارة؛ لأنه لا يجب عليه الصدقة، ولأن المؤمن في الجنة ما يأكل الحشف، إذا دخل الجنة ما يأكل الحشف، الجنة فيها ﴿مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ﴾ [الزخرف:71]، ما فيها شيء رديء، فيكون هذا الحديث في متنه نكارة؛ كونه يقول: «إِنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُلُ الْحَشَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، لكن الكراهية نعم، الترجمة صحيحة، "كَرَاهِيَةِ الصَّدَقَةِ بِالْحَشَفِ مِنَ الثِّمَارِ"، هذا مكروه، دليله الآية، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ [البقرة:267]، فإذا أخرج الرديء يكون مكروهًا في حقه، لكن إذا قيل: لا ثواب له، أو ثوابه قليل ما يأكل الحشف. فالترجمة صحيحة، أما الحديث في صحته نظر وإن كان حسَّنه هذا الشيخ، ماذا قال عندك؟

القارئ:

الفحل قال: صحيح. وذكر من أخرجه -أحسن الله إليك-.

الشيخ:

ماذا قال؟

القارئ:

قال: أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والبزَّار، والنسائي، وفي الكبرى له، وفي الطحاوي في شرح المعاني، وابن حبان، والطبراني في الكبير، والحاكم، وابن عبد البر في (التمهيد)، وانظر (إتحاف المهرة).

الشيخ:

هذا من جهة السند، لكن من جهة المتن فيه نكارة، فيه ضعف من جهة النكارة؛ كونه يأكل الحشف يوم القيامة، والحديث يشترط في صحته أن يكون رواته عدول ثقات، وأن يكون الحديث متصلًا، وألا يكون شاذًّا، ولا معلَّلًا. هذا فيه شذوذ، يعني نقص من شروط الصحيح كونه به شذوذ، فالأقرب -والله أعلم- أن الحديث ضعيف، وهذا السند ضعيف، لكنه حسنه، يقول: حسن لغيره؛ لشواهده.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ إِعْطَاءِ السَّائِلِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ زِيُّهُ زِيَّ الْأَغْنِيَاءِ فِي الْمَرْكَبِ وَالْمَلْبَسِ.

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرّمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: «لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ»".

الشيخ:

الحديث ضعيف، فيه يَعْلَى بْنِ أَبِي يَحْيَى، وهو مجهول. والله -تعالى- قال: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج:24، 25]. للسائل حق، لكن زيادة: "«وَإِنْ كان عَلَى فَرَسٍ»" فيها نكارة، منكرة، "«وَإِنْ كان عَلَى فَرَسٍ»"، "«وَإِنْ كان عَلَى فَرَسٍ»"؛ معناه إنه غني، يسأل، مثله مثل الآن الذين يسألون ومعهم سيارات، معه سيارة فارهة، يوقف، ويقول: أعطني حق البنزين. ألم تروا هذا يومًا من الأيام؟ يوقف ومعه سيارة فارهة، كم ثمنها؟ يمكن ثمنها مائة ألف أو أكثر، يقول: أنا مسكين، ما عندي حق البنزين. نقول: للسائل حق ولو كان على سيارة فارهة؛ سيارة مرتفع ثمنها؟ لا، ليس محتاجًا الآن، بع السيارة الآن إذا كنت محتاجًا، واقض دينك، وكل واشرب منها، والسيارة ما هي بلازمة، ما هي بضرورة السيارة، استأجر أم نعطيه على هذا الحديث: «لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ»"؟ هذا في زمن، لكن في زمننا نقول: لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى سيارة فارهة. ليس بصحيح، الحديث ضعيف، والصواب: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج:24، 25].

والسائل له ثلاثة أحوال:

الحالة الأولى: أن تعلم أنه مستحق، تعلم حاله، هذا تعطيه.

الحالة الثانية: أن تعلم أنه غير مستحق، تعلم حاله، متسول معروف، هذا لا تعطيه، وتزجره، أو ترفع بأمره إلى ولاة الأمور.

الثالثة: أن تجهل حاله، ما تدري هل هو مستحق أم غير مستحق؛ هذا تعطيه ما تيسر.

لكن إذا جاء على فرس، أو جاء على سيارة فارهة؛ هناك علامة تدل على أنه ماذا؟ غير مستحق، تدل على أنه من الصنف الثاني. إذًا، الحديث ضعيف، "بَابُ إِعْطَاءِ السَّائِلِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ زِيُّهُ زِيَّ الْأَغْنِيَاءِ فِي الْمَرْكَبِ وَالْمَلْبَسِ"، الترجمة هذه؛ المؤلف بناها على الحديث، والحديث لا يصح، وعلى هذا؛ إذا أعطاه لا بأس، لكن هل يكون فيه فضل، أو يؤمر بإعطائه وَإِنْ كَانَ زِيُّهُ زِيَّ الْأَغْنِيَاءِ؟!

الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه رجلان جلدان، يعني قويان، قال: «إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب»؛ لا حظ في الزكاة لغني، ولا لقوي مكتسب، من حالهم، فإذا كان زِيُّهُ زِيَّ الْأَغْنِيَاءِ؛ كيف يُعطَى؟! ما يُعطى أبدًا، يعطى من باب الهدية، ومن باب التحبب وما أشبه ذلك من غير الصدقة، ومن غير الزكاة.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ ذِكْرِ مَبْلَغِ الثِّمَارِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ وَضْعُ قِنْوٍ مِنْهُ لِلْمَسَاكِينِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا بَلَغَ جذَاذُ الرَّجُلِ مِنَ الثِّمَارِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سَهلُ بْنُ بَكَّارٍ".

الشيخ:

سَهْل أم سُهَيل؟

القارئ:

سَهْل. وحشَّى عليه.

الشيخ:

ماذا قال؟

القارئ:

قال: في نسخة: سُهَيْل. وهو تصحيف، وانظر (تهذيب الكمال).

الشيخ:

النسخة التي عندنا كثيرة الأغلاط، فيها سُهَيل.

القارئ:

أحسن الله عملك.

"حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سَهلُ بْنُ بَكَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبَّانَ، عَنْ وَاسِعِ بْنِ حبَّانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا الْوَسْقَ وَالْوَسْقَيْنِ، وَالثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ، وَقَالَ: فِي جَادِّ كُلِّ عَشَرَةٍ أَوْسُقٍ قنو، فَيُوضَعُ لِلْمَسَاكِينِ فِي الْمَسْجِدِ»، فَسَمِعْتُ الدَّارِمِيَّ يَقُولُ: قنْعٌ وَقِنْوٌ وَاحِدٌ".

مناقشة غير مسموعة: (01:23:05).

الشيخ:

يَحْيَى بْنِ حبَّانَ، عَنْ وَاسِعِ بْنِ حبَّانَ. هذه الترجمة قي "ذِكْرِ مَبْلَغِ الثِّمَارِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ وَضْعُ قِنْوٍ مِنْهُ لِلْمَسَاكِينِ فِي الْمَسْجِدِ"، ذكر «فِي جَادِّ كُلِّ عَشَرَةٍ أَوْسُقٍ قنو»؛ تحديد، والوسق ستون صاعًا، فيكون عشرة كم؟ عشرة في ستين: ستمائة، في كل ستمائة قنو، والحديث إسناده حسن، أخرجه الإمام أحمد في تصحيح ابن إسحاق. ابن إسحاق عنعن، لكن في طرق أخرى صرح بالسماع، ماذا قال الفحل عليه؟ ماذا قال في تخريجه؟

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق، حسن الحديث. أخرجه أحمد، وأبو داود، وأبو يعلى، والطحاوي في (شرح المعاني)، وابن حبان، والبيهقي.

الشيخ:

محمد بن إسحاق ماذا؟

القارئ:

محمد بن إسحاق صدوق، حسن الحديث.

الشيخ:

إذا صرَّح بالسماع. هنا ما صرح بالسماع، لكن ذكر أنه صرح بالسماع، هنا ذكر أن الحديث رواه الإمام أحمد من طريق ابن إسحاق، وفيه تصريح بالسماع.

العرايا: هي شراء الرطب على رؤوس النخل بالتمر، رخص النبي في العرايا. مستثناة أن يخرص التمر الذي في رؤوس النخل؛ كم يساوي إذا جف من التمر اليابس؟ وهذا خاص بالفقير الذي ليس عنده نقود يشتري بها تمرًا رطبًا، ويريد أن يتفكَّه مع الناس، وهو فقير، وعنده ثمر قديم، رخص له في أن يشتري بالتمر القديم تمرًا جديدًا بما يقابله ولو بالخرص، ولو لم يوزن، فيقدِّر النخل، يقول: النخلة هذه؛ التمر قدرها كم تساوي؟ تساوي مثلًا: خمسين كيلو أو سبعين كيلو إذا يبس. يعطيه قدر خمسين كيلو تمر يابس، ويعطيه النخلة يخرفها يوميًّا مع الناس، هذا خاص بالفقراء، رخصة، خاص بالفقراء فيما دون خمسة أوسق، ستون صاعًا، ما يزيد عليه.

طيب، وضع القنو؛ قلنا: مستحب، يضع قنو للمساكين، «فِي جَادِّ كُلِّ عَشَرَةٍ أَوْسُقٍ»، يوضع للمساكين، فيه بيان مبلغ الثمر، إذا كان عنده عشرة أوسق؛ يضع قنو، والحديث يقول: إسناده حسن.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال -رحمه الله-: "بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بِوَضْعِ الْقِنْوِ -الَّذِي ذَكَرْنَا- فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَسَاكِينِ أَمَرُ نَدْبٍ وَإِرْشَادٍ، لَا أَمْرُ فَرِيضَةٍ وَإِيجَابٍ، خَبَرُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ".

الشيخ:

المؤلف صرَّح؛ يعني الأمر للندب، وليس للوجوب؛ كونه يضع قنو؛ هذا مستحب؛ لأن الواجب الزكاة، وما زاد عن الزكاة فهو مستحب.

القارئ:

أحسن الله عملك.

"قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قَالَ: «إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ أَذَهَبْتَ عَنْكَ شَرَّهُ»".

الشيخ:

ماذا قال تخريجه عندك؟ ما قبله، حديث رقم، ماذا قال عن هذا الحديث؟

القارئ:

قال: سبق. أحسن الله عملك.

الشيخ:

سبق؟ عندي كذلك 258.

مناقشة غير مسموعة: إسناده ضعيف، ابن جريج، وابن الزبير هما مدلسان.

الشيخ:

إسناده ضعيف؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

إسناده ضعيف ماذا؟

القارئ:

أحسن الله إليك. هذا الأعظمي -أحسن الله إليك- قال الألباني: إسناده ضعيف، ابن جريج، وابن الزبير؛ هما مدلسان، قد عنعنا، وهو مخرج عندي في الضعيفة، أخرجه الحاكم من طريق ابن وهب، قال: صحيح على شرط مسلم. تكلم عليه الفحل -أحسن الله إليك-، الفحل حشَّى عليه.

الشيخ:

ماذا قال؟

القارئ:

قال: إسناده ضعيف، فإن ابن جريج، وابن الزبير مدلسان، وقد عنعنا، وهذا الحديث معلول بالوقف، وقد رجح الوقف أبو زرعة الرازي كما في (فتح الباري)، والبيهقي في سننه الكبرى، والذهبي.

الشيخ:

والذي بعده أيضًا ضعيف، الحديث الذي بعده. اقرأ الحديث الذي بعده.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قَالَ: «إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ، وَمَنْ جَمَعَ مَالًا حَرَامًا، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ، وَكَانَ أَجْرُهُ عَلَيْهِ»".

عند الإخوان: إصْره.

الشيخ:

وكان أجره ماذا؟

القارئ:

عندنا: "«وَكَانَ أَجْرُهُ عَلَيْهِ»". في النسخة الأخرى: "«وَكَانَ إصره عَلَيْهِ»".

الشيخ:

يعني إثمه، وهو الأقرب.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عن عَمْرو بْن الْحَارِثِ، قال: حَدَّثَنِي دَرَّاجٌ أَبُو السَّمْحِ، وَقَالَ: «إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ»".

الشيخ:

إسناده ضعيف، دراج بن السمح ضعيف، له مناكير، على كل حال؛ الحديث وإن لم يصح، لكن النصوص دلت على أنه لا يجب غير الزكاة، وقد يجب غير الزكاة مثل: حلب الإبل على الماء للمساكين كما دلت النصوص الأخرى، لكن الترجمة صحيحة، وضع القنو في المسجد؛ الأمر للندب، وليس للوجوب، من الأدلة الأخرى وإن لم يصح الحديث، الحديث لا يصح، لكن الأدلة الأخرى دلت على هذا.

القارئ:

أحسن الله إليك.

قال -رحمه الله-: "بَابُ الْأَمْرِ بِإِعْطَاءِ السَّائِلِ وَإِنْ قَلَّتِ الْعَطِيَّةُ، وَصَغُرَتْ قِيمَتُهَا، وَكَرَاهِيَةِ رَدِّ السَّائِلِ مِنْ غَيْرِ إِعْطَاءٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْؤُولِ مَا يُجْزِلُ الْعَطِيَّةَ.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَر، قال: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ حَيَّانَ؛ ح وَحَدَّثَنَاهُ هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ ابن أبي بجَاد».

الشيخ:

عن أبي بُجيد. وأبو خالد الأحمسي أم الأحمر؟

القارئ:

حشَّى عليها، قال: اختلف الرواة في اسمه.

الشيخ:

أيهما؟ الأول؟

القارئ:

بِجاد.

الشيخ:

هنا بُجَيْد. وأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَر تكلَّم عليه؟

القارئ:

تكلم.

الشيخ:

في هذه النسخة: الأحمسي.

القارئ:

قال: وفي نسخة: الأحمسي، تصويب الإتحاف.

"عَنِ ابْنِ بجَاد، عَنْ جَدَّتِهِ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّائِلُ يَأْتِينِي وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيهِ. قَالَ: «لَا تَرُدِّي سَائِلَكِ وَلَوْ بِظِلْفٍ». لَمْ يَقُلِ الْأَشَجُّ: مَا أُعْطِيهِ. قَالَ أَبُو بَكْرِ: ابْنُ بُجاد هَذَا هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدِ بْنِ قِبْطِيٍّ".

الشيخ:

قَالَ أَبُو بَكْرِ: ابْنُ بُجيد هذا هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدِ.

القارئ:

"ابْنُ بُجاد هَذَا هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدِ بْنِ قِبْطِيٍّ".

الشيخ:

في النسخة عندي فيها ابن بُجَيد.

مناقشة غير مسموعة: (01:34:27)

الشيخ:

صوبها؟

مناقشة غير مسموعة: (01:34:38)

الشيخ:

من صوبها؟

مناقشة غير مسموعة: (01:34:47).

الشيخ:

عندي ليست مصوبة.

مناقشة غير مسموعة: (01:34:58).

الشيخ:

"«قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّائِلُ يَأْتِينِي وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيهِ. قَالَ: «لَا تَرُدِّي سَائِلَكِ وَلَوْ بِظِلْفٍ». لَمْ يَقُلِ الْأَشَجُّ: مَا أُعْطِيهِ". ماذا قال عليه؟

القارئ:

قال -أحسن الله إليكم-: صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري في (التاريخ الكبير)، وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني)، والطبراني في (الكبير) من طريق منصور بن حيان به.

الشيخ:

قال: السند صحيح، رواه الإمام أحمد من طريق منصور، فيه ما ترجم له المؤلف أن السائل يُعطى ولو قليلًا، جاء في الحديث الآخر: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة»، «ولو بشق تمرة»؛ ولو بنصف تمرة، وإذا لم يجد؛ تكون الكلمة الطيبة تقوم مقامها، إن شاء الله تأتينا، إن شاء الله يأتي الله بالخير، تأتينا في وقت كذا. فالكلام الطيب يقوم مقام الصدقة، بنصف تمرة.

عائشة -رضي الله عنها- جاءتها امرأة، ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد إلا تمرة واحدة، أعطتها، بيت النبوة ما فيه إلا تمرة واحدة، فأعطتها، فشقتها نصفين، وأعطت كل ابنة نصفها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله أوجب بها الجنة»، وفي رواية أخرى أنها وجدت ثلاث تمرات، فأعطتها عائشة هذه المرأة ومعها ابنتيها، فأعطت كل ابنة تمرة، فكل بنت أكلت تمرة، وبقيت تمرة الثالثة، تريد أن ترفعها إلى فمها، فنظرت إلى ابنتيها ينظران إليها، يريدان التمرة الثالثة، فعدلت عن أكلها، وشقتها نصفين، وأعطت كل واحدة نصفًا، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال لها: «إن الله أوجب بها لها الجنة»، الله أكبر، الرحمة، فهذا دليل هذه الترجمة أن الصدقة ولو بالقليل، ولو قلت، ولو بنصف تمرة.

وفي الحديث يقول: «ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، إنما الفقير الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يقوم فيسأل الناس، ولا يفطن له فيُتصدَّق عليه»؛ يعني هذا الفقير الشديد. الذي يمد يده ويسأل؛ يعطيه، هذا يعطيه ريالًا، وهذا يعطيه خمسة، وهذا يعطيه تمرة، يحصِّل، لكن الذي لا يسأل الناس، يستحي، وليس عليه علامات تدل على فقره، والناس لا يفطنون له، ليست عليه علامات الفقر، هذا الذي يموت في بيته ولا يدرى عنه، هذا الذي ينبغي البحث عنه، هذا الأشد حاجة، فالنبي نفى الوصف عن هذا الشخص؛ ليُثبت لمن هو أشد منه، «ليس المسكين الذي تردّه اللقمة واللقمتان، والأُكلة والأُكلتان»؛ يعني ليس الفقير الشديد، بل هناك من هو أشد منه، الذي هو أشد منه: «الفقير الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يقوم فيسأل الناس، ولا يفطن له فيُتصدَّق عليه»؛ هذا أشد، فالشاهد: الترجمة صحيحة؛ أنه ينبغي عدم رد السائل ولو قلت العطية، ولو بنصف تمرة، ولو بكلمة طيبة إذا لم يجد، هذا حديث صحيح، الأحاديث دلت على هذا.

القارئ:

أحسن الله عملك.

"حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ بْنِ أبي سعيد، عن عبد الرحمن بن بجاد أخي ابن حارثة؛ أن جدته حدثته -وهي أم بجيد، وكانت ممن بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «والله إن المسكين ليقوم على بابي، فما أجد شيئًا أعطيه إياه. فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فإن لم تجدي شيئًا تعطيه إياه إلا ظلفًا محرقًا فادفعيه إليه في يده»".

الشيخ:

هنا قال: إسناده صحيح من طريق الليث.

مناقشة: أحسن الله إليك شيخنا، نسخة الأعظمي: عَنْ سَعِيدٍ، عن ابْنِ سعيد.

الشيخ:

عَنْ سَعِيدٍ، عن ابْنِ سعيد. نعم، عندي في النسخة هذه. تكلم عليه؟

القارئ:

لا. أحسن الله عملك.

 قال -رحمه الله-: "باب التغليظ في الرجوع عن صدقة التطوع، وتمثيله بالكلب يقيء ثم يعود في قيئه.

حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني الأوزاعي؛ ح وحدثنا محمد بن مسكين اليمامي، قال: حدثنا بشر بن بكر، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي أنه سمع من سعيد بن المسيب يخبر أنه سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مثل الذي يتصدق بالصدقة، ثم يرجع في صدقه مثل الكلب يقيء، ثم يأكل قيئه»".

الشيخ:

نسأل الله العافية، وهذا الحديث حديث صحيح، قال: صحيح على شرط مسلم، أخرجه في صحيحه عن أبي معاوية، الحديث في صحيح مسلم في الزكاة، حديث صحيح، فيه التغليظ في الرجوع في الصدقة، الإنسان ما ينبغي له أن يرجع في صدقته، "وتمثيله بالكلب يقيء ثم يعود في قيئه".

هذا صحيح، يعني الشيء الإنسان الذي تركه لله؛ لا يعود فيه، تصدق به، وفي الباب: قصة عمر -رضي الله عنه- أنه حمل رجلًا على فرس ليجاهد في سبيل الله، يعني حمله حمل تمليك؛ ملَّكه، أعطاه فرسًا يجاهد في سبيل الله، فأضاعه الذي أعطاه إياه، فأراد أن يبيعه، فأراد عمر أن يشتريه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم، ولا تعد في صدقتك، فإن العائد في هبته كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه»، هذا نهي عن الرجوع ولو بالشراء؛ لأنه قد يتنازل؛ يعني أعطيته أنت السلعة، ثم أراد أن يبيعها، ثم وجدتها تباع، تبيعها عليه، يتنازل لك عن بعض الشيء؛ لأنك أنت أعطيتها إياه في الأول، فيتنازل بعض الشيء، هذا التنازل هذا رجوع في الصدقة، فلا ينبغي للإنسان أن يرجع في شيء تركه لله ولو بالشراء.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"حدثنا محمد بن العلاء بن كريب، قال: حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعي قال: سمعت محمد بن علي بن الحسين يذكر عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثله.

"بَابُ اسْتِحْبَابِ الْإِعْلَانِ بِالصَّدَقَةِ نَاوِيًا لِاسْتِنَانِ النَّاسِ بِالْمُتَصَدِّقِ فَيُكْتَبُ لِمُبْتَدِئِ الصَّدَقَةِ مِثْلُ أَجْرِ الْمُتَصَدِّقِ اسْتِنَانًا بِهِ"

حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ -وَهُوَ ابْنُ صُبَيْحٍ-، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلَالٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فَحَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَبْطَأَ أُنَاسٌ حَتَّى رُؤيَ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ، ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ، فَأَعْطَاهَا، فَتَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رُؤيَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- السُّرُورُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَإِنَّ لَهُ أَجْرَهَا، وَأَجْرَ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَمِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ»".

الشيخ:

وهذا الحديث صحيح، أخرجه الإمام مسلم في الزكاة، وهو حديث صحيح، وفيه استحباب الإعلان بالصدقة إذا كان يُقتدى به، فيكون الإعلان أفضل، وإلا فإن الصدقة سرًّا أفضل، الصدقة في السر أفضل، لكن إذا أعلنها ليُقتدى به فيكون أفضل من هذه الجهة، كما سبق قول الله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقره:271]، فالإسرار بالصدقة أفضل إلا إذا ترتب عليه مصلحة.

ولذا قال المؤلف: "بَابُ اسْتِحْبَابِ الْإِعْلَانِ بِالصَّدَقَةِ نَاوِيًا لِاسْتِنَانِ النَّاسِ بِالْمُتَصَدِّقِ"، ذكر فيه قصة الرجل الذي جاء بالصرة، وكانت يده أن تعجز عنها، فتتابع الناس، فقال: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَإِنَّ لَهُ أَجْرَهَا، وَأَجْرَ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلى يوم القيامة».

فإذًا، الإعلان بالصدقة مستحب إذا ترتب عليه الاقتداء به، فإن لم يترتب عليه؛ فالسر بالصدقة أفضل.

القارئ:

أحسن الله إليك.

قال: "بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْخُيَلَاءِ عِنْدَ الصَّدَقَةِ".

الشيخ:

بلال.

القارئ:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين، ووالدينا والمسلمين أجمعين.

وبعد:

قال ابن خزيمة -رحمه الله-: "بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْخُيَلَاءِ عِنْدَ الصَّدَقَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ ابْنِ عَتِيكٍ خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْأَزْرَقِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: «غَيْرَتَانِ إِحْدَاهُمَا يُحِبُّهَا اللَّهُ، وَالْأُخْرَى يَبْغَضُهَا اللَّهُ، الْغَيْرَةُ فِي الرَّمْيَةِ يُحِبُّهَا اللَّهُ، وَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رَمْيَةٍ يَبْغَضُهَا اللَّهُ، وَالْمَخِيلَةُ إِذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ يُحِبُّهَا اللَّهُ، وَالْمَخِيلَةُ فِي الْكِبرِ يَبْغَضُهَا اللَّهُ»، وَقَالَ: «ثَلَاثَ تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُمُ: الْوَالِدُ، وَالْمُسَافِرُ، وَالْمَظْلُومُ»، وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً: صَانِعَهُ، وَالْمُمِدَّ بِهِ، وَالرَّامِيَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».

الشيخ:

ماذا قال؟ الحديث ضعيف عندك؟ هنا يقول: إسناده ضعيف، رواه الإمام أحمد من طريق عَبْد الرَّزَّاقِ. ماذا قال عن تخريج الحديث؟ ما تكلم؟

القارئ:

قال أحسن الله عملك: "إسناده ضعيف؛ لجهالة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ الْأَزْرَقِ، فقد تفرَّد بالرواية عنه أبو سلام الأسود، وقد وهم معمر بن واسد، فقال: زيد بن سلام. والصواب أبو سلام"

الشيخ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ ابْنِ عَتِيكٍ خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ. ما تكلم عن خبر ابن عتيك؟

القارئ:

لا. ما تكلم أحسن الله إليك.

الشيخ:

في كتاب الجهاد؛ يراجع خبر ابن عتيك، عندكم كتاب الجهاد؟ كتاب الجهاد من مسند ابن خزيمة، خبر ابن عتيك.

مناقشة غير مسموعة. (01:50:45)

الشيخ:

صحيح، ما وجد إلا العبادات.

هنا في مسند الإمام قال: «وَالْمَخِيلَةُ فِي الْكِبرِ يَبْغَضُهَا اللَّهُ، وَالْمَخِيلَةُ إِذَا تَصَدَّقَ يُحِبُّهَا اللَّهُ».

مناقشة غير مسموعة. (01:51:11)

الشيخ:

الترجمة فيها إشكال على الحديث، والحديث لا يصح، أصلًا، الخيلاء ممنوعة. الخيلاء في الجهاد؛ هذه وردت في باب الجهاد، إذا اختال أمام العدو؛ ليظهر قوته، لكن في الصدقة على الفقير؛ كيف تكون الخيلاء عند الصدقة؟! فيه إشكال، الترجمة مبنية على الحديث، والحديث لا يصح.

مناقشة غير مسموعة. (01:51:51).

الشيخ:

التحضيض؟ كيف التحضيض؟ الخيلاء فيها تحضيض؟!

مناقشة غير مسموعة. (01:52:01).

الشيخ:

هذا إعلان، ما هو بخيلاء، الإعلان غير الخيلاء، الكلام عن الخيلاء، الكلام في الخيلاء غير الإعلان، الإعلان سبق، إذا تصدق في مصلحة واقتدى؛ لا بأس، لكن الخيلاء، «غَيْرَتَانِ إِحْدَاهُمَا يُحِبُّهَا اللَّهُ، وَالْأُخْرَى يَبْغَضُهَا اللَّهُ، الْغَيْرَةُ فِي الرَّمْيَةِ يُحِبُّهَا اللَّهُ». عندكم «فِي الرَّمْيَةِ» هكذا؟

مناقشة: في الريبة.

الشيخ:

في الريبة؟ نعم، «فِي الرّيبة يُحِبُّهَا اللَّهُ»؛ يعني إذا كان شك عليه دليل، «وَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ ريبة يَبْغَضُهَا اللَّهُ»؛ هذا دلت عليه النصوص، «وَالْمَخِيلَةُ إِذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ يُحِبُّهَا اللَّهُ، وَالْمَخِيلَةُ فِي الْكِبرِ يَبْغَضُهَا اللَّهُ».

«ثَلَاثَ تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُمُ: الْوَالِدُ، وَالْمُسَافِرُ، وَالْمَظْلُومُ»؛ هذا له شواهد.

«إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً: صَانِعَهُ، وَالْمُمِدَّ بِهِ، وَالرَّامِيَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». كذلك.

بقيت الخيلاء في الصدقة، الخيلاء في الصدقة تحتاج إلى دليل صحيح، ولا أعلم حديثًا صحيحًا في هذا، وعلى هذا؛ تبقى الترجمة فيها إشكال.

مناقشة غير مسموعة. (01:53:37).

الشيخ:

الفرح لا بأس، الإنسان يفرح بفضل الله، وبتوفيق الله له إذا وفقه الله للصدقة؛ لا بأس، لكن الخيلاء؛ كيف يختال أمام الفقراء؟! قد تنكسر قلوبهم، قلب الفقير قد ينكسر إذا رأى الغني يختال. على كل حال؛ الترجمة فيها إشكال، "الرُّخْصَةِ فِي الْخُيَلَاءِ"، قال: "الرُّخْصَةِ"؛ يعني ما هو مستحب. رخصة، لكن الرخصة تحتاج إلى دليل صحيح. قال المؤلف: "خَبَرُ ابْنِ عَتِيكٍ خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ"، في الجهاد نعم، جاء ما يدل عليه.

القارئ:

أحسن الله إليكم.

"بَابُ كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الصَّدَقَةِ؛ إِذْ مَانِعُهَا مَانِعُ اسْتِقْرَاضِ رَبِّهِ، إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- سَمَّى الصَّدَقَةَ قَرْضًا، اسْتَقْرَضَ اللَّهُ عِبَادَهُ، وَوَعَدَ عَلَى ذَلِكَ بِتَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة:245]".

الشيخ:

"بَابُ كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الصَّدَقَةِ؛ إِذْ مَانِعُهَا مَانِعُ اسْتِقْرَاضِ رَبِّهِ، إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- سَمَّى الصَّدَقَةَ قَرْضًا"؛ منعها لمن؟ لمستحقها، ولمن هو في حاجة، إذا منعها الفقير، ومنعها المستحق؛ هذا مكروه، لكن هل الكراهة كراهة تحريم أم كراهة تنزيه؟ كراهة تنزيه، ليست كراهة تحريم؛ لأننا لو قلنا: كراهة تحريم؛ يجب عليه أن يتصدق. ولا يجب عليه، إذا أدى زكاة ماله لا يجب.

"بَابُ كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الصَّدَقَةِ؛ إِذْ مَانِعُهَا مَانِعُ اسْتِقْرَاضِ رَبِّهِ، إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- سَمَّى الصَّدَقَةَ قَرْضًا، اسْتَقْرَضَ اللَّهُ عِبَادَهُ، وَوَعَدَ عَلَى ذَلِكَ بِتَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة:245]".

القارئ:

أحسن الله إليكم.

"حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: اسْتَقْرَضْتُ عَبْدِي فَلَمْ يُقْرِضْنِي، وَشَتَمَنِي عَبْدِي وَهُوَ لَا يَدْرِي، يَقُولُ: وَادَهْرَاهُ وَادَهْرَاهُ. وَأَنَا الدَّهْرُ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ".

الشيخ:

هنا الحديث إسناده ضعيف، تكلم عن الحديث عندك؟

القارئ:

إسناده ضعيف.

مناقشة: حسن.

الشيخ:

حسن، حسَّنه؟ ماذا قال؟

القارئ:

قال: فمحمد بن إسحاق وإن عنعن فقد توبع. أخرجه أحمد، والبخاري في (خلق أفعال العباد)، وابن أبي عاصم في (السُّنَّة)، وأبو يعلى، والطبري في تفسيره، والحاكم.

الشيخ:

يعني هذا الحديث دليل لماذا؟ دليل للكراهة؛ لكراهة التنزيه، "بَابُ كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الصَّدَقَةِ؛ إِذْ مَانِعُهَا"؛ يعني مكروه إذا طلبها، أو من هو بحاجة إليها، ثم منعها؛ مكروه، لكن ليس بمحرَّم. وهذا الحديث حديث قدسي، «يَقُولُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: اسْتَقْرَضْتُ عَبْدِي فَلَمْ يُقْرِضْنِي، وَشَتَمَنِي عَبْدِي وَهُوَ لَا يَدْرِي، يَقُولُ: وَادَهْرَاهُ وَادَهْرَاهُ. وَأَنَا الدَّهْرُ».

«وَأَنَا الدَّهْرُ»؛ يعني خالق الدهر، ومدبِّر الدهر، وفي الحديث الآخر: «وَأَنَا الدَّهْرُ، أقلِّب ليله ونهاره»، «وَأَنَا الدَّهْرُ»؛ تقدير، يعني خالق الدهر، ومدبر الدهر.

وقد غلط ابن حزم -رحمه الله-، فقال: "الدهر من أسماء الله"، أخذها من حديث: «وَأَنَا الدَّهْرُ»، وهذا معدود في أغلاطه -رحمه الله-. ليس من أسماء الله الدهر، إنما «وَأَنَا الدَّهْرُ»؛ يعني خالق الدهر، أو مدبر الدهر. الروايات تفسر بعضها بعضًا، «أقلِّب ليله ونهاره». والمؤلف تكلم عن قوله: «وَأَنَا الدَّهْرُ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ.

القارئ:

"قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ: «وَأَنَا الدَّهْرُ»؛ أَيْ وَأَنَا آتِي بِالدَّهْرِ «أُقَلِّبُ لَيْلَهُ، وَنَهَارَهُ»، أَيْ بِالرَّخَاءِ وَالشِّدَّةِ كَيْفَ شِئْتُ، إِذْ بَعْضُ أَهْلِ الْكُفْرِ زَعَمَ أَنَّ الدَّهْرَ يُهْلِكُهُمْ. قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- حِكَايَةً عَنْهُمْ: ﴿وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ [الجاثية:24]، فَأَعْلَمَ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَأَنَّ مَقَالَتَهُمْ تِلْكَ ظَنٌّ مِنْهُمْ. قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجاثية:24].

وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أنَّ شَاتِمَ مَنْ يُهْلِكُهُمْ هُوَ شَاتِمٌ رَبَّهُ -جَلَّ وَعَزَّ-؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ الدَّهْرَ يُهْلِكُهُمْ، فَيَشْتُمُونَ مُهْلِكَهُمْ، وَاللَّهُ يُهْلِكُهُمْ، لَا الدَّهْرُ، فَكُلُّ كَافِرٍ يَشْتمُ مُهْلِكَهُ، فَإِنَّمَا تَقَعُ الشَّتِيمَةُ مِنْهُمْ عَلَى خَالِقِهِمُ الَّذِي يُهْلِكُهُمْ، لَا عَلَى الدَّهْرِ الَّذِي لَا فِعْلَ لَهُ؛ إِذِ اللَّهُ خَالِقُ الدَّهْرِ".

الشيخ:

يكره أن يمنع الصدقة من المحتاج لها.

القارئ:

"بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُخَصُّونَ بِدُخُولِهَا مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَتْهُ خَدَمَةُ الْجَنَّةِ، وَلِلْجَنَّةِ أَبْوَابٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ مِنْ أَيِّهَا دُعِيَ، فَهَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».

الشيخ:

وهذا الحديث في الصحيح. ذكر تخريجه عندك في الصحيحين؟

القارئ:

البخاري.

الشيخ:

ما ذكره في مسلم؟

القارئ:

في الصحيحين.

الشيخ:

في الصحيحين، وهذا الحديث فيه دليل على أن الجنة لها أبواب، ذكر أربعة أبواب، ذكر أربعة أبواب: باب للصلاة، وباب للصدقة، وباب للجهاد، وباب الصيام (الريان).

وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»؛ يعني صنفين من المال؛ يعني فاكهة مثلًا وطعام، ثياب ولحم مثلًا، وهكذا نوعين، «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ»؛ نوعين، «دَعَتْهُ خَدَمَةُ الْجَنَّةِ، وَلِلْجَنَّةِ أَبْوَابٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ»؛ قد لا يكون من أهل الصلاة كالذي أسلم، ثم مات قبل أن يأتي وقت الصلاة؛ هذا ما يدعى من باب الصلاة، قد يكون أسلم وجاهد وقُتل؛ يدعى من باب الجهاد، «وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ مِنْ أَيِّهَا دُعِيَ، فَهَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».

أبو بكر سباق إلى الخيرات -رضي الله عنه-، يدعى من جميع الأبواب، يدعى من باب الصلاة، ومن باب الصيام، ومن باب الصدقة، ومن باب الجهاد، -رضي الله عنه-.

ففيه أن أهل الصدقة لهم باب من أبواب الجنة يخصون به، كما أن أهل الصيام لهم باب، فالذي أسلم، ثم مات قبل أن يأتي شهر رمضان ما يدعى من باب الصيام؛ لأنه ما أدرك الصيام، يدعى من باب آخر.

القارئ:

أحسن الله إليكم.

"بَابُ التَّغْلِيظِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَنِيِّ الصَّدَقَةَ.

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه- ذَكَرَ: «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يَخْطُبُ -فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ-، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- النَّاسَ أَنْ يَتَصَدَّقُوا، وَأَلْقَوْا ثِيَابًا، فَأَمَرَ لَهُ بِثَوْبَيْنِ، وَأَمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يَخْطُبُ»، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ. خَرَّجْتُهُ فِي (كِتَابِ الْجُمُعَةِ)".

الشيخ:

سبق هذا، فيه أظن أنه جاء الجمعة التي بعدها، والنبي حث على الصدقة، فتصدق بثوبيه، فزجره النبي -صلى الله عليه وسلم-، سبق أظن قريبًا، وأنه حدفه بشيء، هذا في زجر عن الصدقة بمال الرجل كله.

أن رجلًا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببيضة من ذهب أصابها من بعض، قال: خذ هذه الصدقة، فوالله ما أصبحت أملك غيرها. فأعرض عنه.

على كل حال؛ الحديث ماذا قال عليه عندك؟ أحاله على ما سبق؟ ماذا قال؟ قريب الحديث؟

القارئ:

قال: سبق تخريجه.

الشيخ:

عندك لفظ الحديث؟ تكملة الحديث؟ ماذا قال؟ اقرأ الحديث.

القارئ:

أحسن الله إليكم.

قال: "أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ دخل يوم الجمعة؛ ومروان بن الحكم يخطب، فقام يصلي، فجاء الأحراس ليجلسوه، فَأَبَى حَتَّى صَلَّى، فَلَمَّا انصرف مروان أَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا لَهُ: يرحمك الله، إن كَادُوا ليَفْعَلُونَ بِكَ. قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَتْرُكَهُمَا بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ ذَكَرَ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ -فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ-، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الناس أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَألَقَوْا ثِيَابًا، فَأَمَرَ لَهُ بِثَوْبَيْنِ، وَأَمَرَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، ثُمَّ جَاءَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَأَلْقَى رَجُلٌ»".

الشيخ:

فَأَلْقَى الرَّجُل.

القارئ:

«فَأَلْقَى رَجُلٌ» كذا.

الشيخ:

أو الرجل نفسه.

القارئ:

لعلها: الرَّجُل.

أحسن الله إليك.

"«فَأَلْقَى رَجُلٌ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ، فَصَاحَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَوْ زَجَرَهُ، وَقَالَ: خُذْ ثَوْبَكَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ هَذَا دَخَلَ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ، فَأَمَرْتُ النَّاسَ أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَألَقَوْا ثِيَابًا، فَأَمَرْتُ لَهُ بِثَوْبَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ الْيَوْمَ، فَأَمَرْتُ الناس أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَأَلْقَى هَذَا أَحَدَ ثَوْبَيْهِ. ثُمَّ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»".

الشيخ:

في الترجمة: "باب التَّغْلِيظِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَنِيِّ الصَّدَقَةَ"؛ يعني الترجمة مجملة، "فِي مَسْأَلَةِ الْغَنِيِّ الصَّدَقَةَ"؛ يعني أنه ينبغي أن يتصدق، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، هذا محتاج إلى أحد الثوبين، قد يكون أحدهما إزار، والثاني رداء، كل واحد يسمى ثوب، إزار ورداء، لو تصدق بالإزار، وأبقى الرداء؛ يبقى مكشوف النصف الأعلى، محتاج، هذا فيه التغليظ على من تصدق بصدقة يضر بها نفسه، فيه التغليظ، وأنه يغلَّظ عليه، وأنه لا ينبغي أن يتصدق بشيء محتاج إليه؛ ثوب يلبسه، أو طعام يأكله، لا يجد غيره، ففيه التغليظ في مسألة الصدقة، وأنه لا يصَّدَّق إلا بشيء زائد عن حاجته

القارئ:

أحسن الله إليكم.

مناقشة غير مسموعة: (02:10:18)

الشيخ:

منها، يجب على الإنسان أن يكفي نفسه، «ابدأ بنفسك» كما جاء في الحديث.

القارئ:

أحسن الله إليكم.

"بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الصَّدَقَةِ مُرَاءَاةً وَسُمْعَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَائِيَ بِالصَّدَقَةِ مِنْ أَوَائِلِ مَنْ تَسْتَعِرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. بِاللَّهِ نَعُوذُ مِنَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَاللَّهَ نَسْأَلُ أَنْ يُعِيذَنَا مِنَ النَّارِ بِعَفْوِهِ".

الشيخ:

آمين.

القارئ:

"قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا [الإسراء:18]".

الشيخ:

نسأل الله العافية.

المرائي؛ في الحديث يقول الله -تعالى-: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه». هذا يغلَّظ عليه؛ المرائي في الصدقة، أو بالصلاة، أو بالعمل، يغلظ عليه، وسيذكر المؤلف الحديث الذي فيه أن أول من تُسعَّر بهم النار ثلاثة: عالم، أو قارئ، وأنه يؤتَى به بين يدي الله، ويُسأل، ويقول: قرأ القرآن وتعلم لله، فيقول الله: كذبت. وتقول الملائكة: كذبت. ثم يؤمر به، فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار.

والثاني: مجاهد، قتل رياءً، مراءاة، يوقف بين يدس الله، فيسأل، فيقول: فعلت ذلك فيك. فيقول الله: كذبت. وتقول الملائكة: كذبت، وإنما فعلت ذلك ليقال: فلان شجاع.

وكذلك المتصدق الذي أنفق أمواله، يؤتى به بين يدي الله، ويسأل، ويقول: تصدقت لك يا رب. فيقول الله: كذبت، وإنما فعلت ليقال: فلان جواد وكريم.

فيغلظ على هؤلاء، "بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الصَّدَقَةِ مُرَاءَاةً وَسُمْعَةً"؛ يغلَّظ عليهم، وأنه أول من تُسعَّر بهم النار يوم القيامة. نعوذ بالله.

الواجب على الإنسان مجاهدة نفسه على الإخلاص لله -عز وجل- في أعماله كلها، في صلاته، وفي صيامه، وفي صدقته.

واستشهد المؤلف بالآية: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا [الإسراء:18]، ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ [الإسراء:18]؛ الدنيا، ﴿عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ [الإسراء:18]؛ يعني إذا كان يريد الدنيا يُعطَى من أراده الله، وليس كل أحد، قيد: ﴿لِمَنْ نُرِيدُ [الإسراء:18]، هذه تقيد الآية مثل: آية هود: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾ [هود:15]؛ يعني لمن أراد الله. قد يريد العاجلة، ولا يُهطى من العاجلة أيضًا.

ومن أراد السمعة والرياء؛ كذلك أيضًا أراد العاجلة، أراد الدنيا، ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا [الإسراء:18]؛ وعيد شديد، ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ [الإسراء:18]؛ يعمل العبادة لأجل الدنيا، أو لأجل الرياء والسمعة؛ متوعَّد، ﴿ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا [الإسراء:18]؛ متوعَّد بالنار.

ثم ذكر المؤلف هذا الحديث؛ حديث أبي هريرة الطويل هذا، وهو حديث صحيح، رجاله كلهم ثقات.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قال: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قال: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ أَبُو عُثْمَانَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ شُفَيًّا حَدَّثَهُ: أَنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: أَبُو هُرَيْرَةَ. فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى قَعَدتُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَلَمَّا سَكَتَ وَخَلَا قُلْتُ: أَنْشُدُكَ بِحَقٍّ وَحَقٍّ لَما حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عَقَلْتَهُ وَعَلِمْتَهُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَفْعَلُ. لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وَعَلِمْتُهُ. ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- نَشْغَةً، فَمَكَثَ قَلِيلًا، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- نَشْغَةً أُخْرَى، فَمَكَثَ بِذَلِكَ، ثُمَّ أَفَاقَ وَمَسَحَ وَجْهَهُ، قَالَ: أَفْعَلُ. لَأُحَدِّثَنَّكَ بِحَدِيثٍ حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ. ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- نَشْغَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ، أَسْنَدتُّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَزَلَ إِلَى الْعِبَادِ؛ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ، فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ، وَرَجُلٌ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ، فَيَقُولُ لِلْقَارِئِ: أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَقُومُ بِهِ أَثْنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَيَقُولُ اللَّهُ -جل وعلا- لَهُ: كَذَبْتَ. وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ. وَيَقُولُ اللَّهُ: بَلْ أَرَدتَّ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ. وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ -جل وعلا-: أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ، وَأَتَصَدَّقُ. فَيَقُولُ اللَّهُ: كَذَبْتَ. وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ. فَيَقُولُ اللَّهُ: بَلْ أَرَدتَّ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتِي بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ قُتِلْتَ؟ فَيَقُولُ: أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ. فَيَقُولُ اللَّهُ: كَذَبْتَ. وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ. وَيَقُولُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ: بَلْ أَرَدتَّ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَرِيءٌ. فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ. ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عَلَى رُكْبَتَيَّ، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»".

الشيخ:

نسأل الله العافية.

القارئ:

"قَالَ الْوَلِيدُ: فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ أَنَّ شُفَيًّا هُوَ الَّذِي دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا. قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: وَحَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ كَانَ سَيَّافًا لِمُعَاوِيَةَ، وَأَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، فَحَدَّثَهُ بِهَذَا. قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا﴾ [هود:15] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [هود:16].

الشيخ:

ماذا قال عن هذا الحديث؟

القارئ:

أحسن الله إليكم، قال: "إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقول الحافظ في الوليد أبي عثمان: ليِّن الحديث؛ مردود. فإنه اعتمد في ذلك على ما ترجم له في (التهذيب)، ولم يذكر فيه توثيقًا سوى أن ابن حبَّان ذكره في الثقات، وقال: ربما خالف. وفاته أن أبا زُرعة سئل عنه، فقال: ثقة. كما رواه ابن أبي حاتم عنه، كما أن الترمذي لما أخرج الحديث قوَّاه بقوله: حديث حسن غريب. وكذلك الحاكم بقوله: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي".

الشيخ:

الحديث صحيح، نصُّه في مسلم، وفيه أن هؤلاء الثلاثة انقلبت أعمالهم بالنية السيئة إلى وبال عليهم، هذا العالِم أو القارئ لو كان مخلصًا لله لكان من الصدِّيقين، وهذا المجاهد لو كان مخلصًا لله لكان شهيدًا، وهذا المتصدق لو كان مخلصًا لله لكان صالحًا، لكن النية السيئة جعلت أعمالهم وبالًا عليهم. نسأل الله السلامة والعافية.

فيه ما جاء في الترجمة: "بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الصَّدَقَةِ مُرَاءَاةً وَسُمْعَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَائِيَ بِالصَّدَقَةِ مِنْ أَوَائِلِ مَنْ تَسْتَعِرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". نسأل الله السلامة والعافية.

الترجمة واضحة في هذا.

القارئ:

أحسن الله إليكم.

الشيخ:

ماذا بعده؟

القارئ:

أحسن الله إليكم.

"جماع أبواب الصدقات".

الشيخ:

بارك الله فيك. قف على هذا.

القارئ:

أحسن الله إليكم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد