شعار الموقع

شرح كتاب الزكاة من صحيح ابن خزيمة_46

00:00
00:00
تحميل
8

قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى: "جُمَّاعُ أَبْوَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْمُحبَّسَاتِ.

بَابُ ذِكْرِ أَوَّلِ صَدَقَةٍ مُحبَّسَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَاشْترَاطِ الْمُتَصَدِّقِ صَدَقَةَ الْمحرمةِ حَبْسَ أُصُولِ الصَّدَقَةِ، وَالْمَنْع مِنْ بَيْعِ رِقَابِهَا وَهِبَتِهَا وَتَوْرِيثِهَا، وَتَسْبِيلِ مَنَافِعِهَا وَغَلَّاتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْقُرْبَى، وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيفِ.

قال رحمه الله: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- «أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَسْتَأْمِرَ فِيهَا، قَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرٍ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا. قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنْ لَا تُبَاعَ أُصُولُهَا، لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُوَرَّثُ، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْقُرْبَى، وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيفِ. لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمُ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهَا».

قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ مُحَمَّدًا، فَقَالَ: «غَيْرُ مُتَأَمِّلٍ مَالًا». قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَحَدَّثَنِي مَنْ قَرَأَ الْكِتَابَ: «غَيْرُ مُتَأَثِّلٍ مَالًا».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «أَوَّلُ صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا فِي الْإِسْلَامِ صَدَقَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِي مَالًا، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حبِّسْ أَصْلَهُ وَسَبِّلْ ثمْرَهُ. قَالَ: فَكَتَبَ». قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ".

الشيخ:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: "جُمَّاعُ أَبْوَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْمُحبَّسَاتِ.

الْمُحبَّسَاتِ يعني الموقوفات، الْمُحبَّس هو الموقوف، فالصدقات نوعان:

صدقات محبسة.

وصدقات غير محبسة.

فالصدقات المحبسة هي الأوقاف، تحبس أصولها، وغلتها تنفق في المصارف الخيرية، ولذا قال: "جُمَّاعُ"؛ يعني هذه أبواب الصدقات والمحبسات؛ يعني يذكر في هذه الأبواب، تجمع الصدقات والمحبسات.

فالصدقات نوعان:

صدقة محبسة، وهي الأوقاف.

وصدقة غير محبسة، وهي غير الأوقاف.

فهذه الأبواب؛ قال المؤلف: "جُمَّاعُ أَبْوَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْمُحبَّسَاتِ"، ثم قال المؤلف: "بَابُ ذِكْرِ أَوَّلِ صَدَقَةٍ مُحبَّسَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا فِي الْإِسْلَامِ"، وهي صدقة عمر -رضي الله عنه-، هي أول صدقة، صدقة عمر أول صدقة محبسة تُصُدِّق بها في الإسلام.

"وَاشْترَاطِ الْمُتَصَدِّقِ صَدَقَةَ الْمحرمةِ حَبْسَ أُصُولِ الصَّدَقَةِ، وَالْمَنْع مِنْ بَيْعِ رِقَابِهَا وَهِبَتِهَا وَتَوْرِيثِهَا، وَتَسْبِيلِ مَنَافِعِهَا وَغَلَّاتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْقُرْبَى، وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ".

المؤلف -رحمه الله- في هذه الترجمة تفقه، فالترجمة فقه، أخذها من الأحاديث؛ من حديث عمر -رضي الله عنه-، فقال: "بَابُ ذِكْرِ أَوَّلِ صَدَقَةٍ مُحبَّسَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا فِي الْإِسْلَامِ"؛ وهي صدقة عمر.

"وَاشْترَاطِ الْمُتَصَدِّقِ صَدَقَةَ الْمحرمةِ"، الْمحرمة يعني المحبسة، ويقال: المحرمة. ويقال: الموقوفة. ويقابلها الصدقات الأخرى غير الموقوفة سواءً تصدق بأصولها وثمرتها وكل شيء يتصدق به على إنسان، مثلًا: سيارة تصدق بها على إنسان، هذه صدقة غير محبسة، أو غير محرمة، أعطاها شخصًا، تصدق بها عليه.

لكن، الصدقة المحرمة والمحبسة هي التي أصولها تبقى، وغلتها وثمرتها هي التي تنفق في المصارف الخيرية، ولهذا قال: "وَاشْترَاطِ الْمُتَصَدِّقِ صَدَقَةَ الْمحرمةِ حَبْسَ أُصُولِ الصَّدَقَةِ"؛ أصولها، مثلًا: إذا كان بيت؛ هذا البيت أصله لا يباع، ولكن غلته تنفق في المصارف العامة، في الفقراء والمساكين، كذلك: نخيل، تحبس، لا يباع هذا النخل، لكن ثمرات النخل تنفق في المصارف، وهكذا.

ولهذا قال المؤلف: "وَاشْترَاطِ الْمُتَصَدِّقِ صَدَقَةَ الْمحرمةِ حَبْسَ أُصُولِ الصَّدَقَةِ، وَالْمَنْع مِنْ بَيْعِ رِقَابِهَا"؛ رقبة البيت ما تباع، رقبة السيارة ما تباع، رقبة النخيل ما تباع. لكن الذي يباع الثمرة، الثمرات تباع، وتنفق في جهات الوقف.

"وَالْمَنْع مِنْ بَيْعِ رِقَابِهَا وَهِبَتِهَا وَتَوْرِيثِهَا"؛ يعني الرقاب لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، محبسة، "وَتَسْبِيلِ مَنَافِعِهَا وَغَلَّاتِهَا".

مَنَافِعِهَا: بيت يؤجَّر؛ هذه الأجرة. نخيل يثمر؛ ثمرة النخل، وهكذا، فالغلة مسبلة على الجهات الخيرية.

قال: "وَتَسْبِيلِ مَنَافِعِهَا وَغَلَّاتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ"؛ هذه جهة، "وَالْقُرْبَى"؛ جهة، "وَالرِّقَابِ"؛ جهة، "وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ"؛ جهة، "وَابْنِ السَّبِيلِ"؛ جهة، "وَالضَّيفِ"؛ جهة، ستة مصارف، وأخذها من الحديث؛ حديث قصة عمر.

"عَلَى الْفُقَرَاءِ"، وهو الذي لا يجد ما يكفيه، أو يجد أقل من الكفاية لمدة سنة؛ يُعطى ما يكفيه لمدة سنة، نفقة وكسوة وسكنى، يعطى من الزكاة، ويعطى أيضًا من غلة الوقف.

"وَالْقُرْبَى"؛ القريب، إذا قال: المحتاج من قرابته، أو على إخوانه، أو أبناء إخوانه، أو أبناء إخوته، قرابته؛ قراب المسبِّل المتصدِّق، "وَالرِّقَابِ"، وهم العبيد الأرقاء يعتقون من الغلة، وكذلك أيضًا إذا كان مكاتَب، وهو الذي اشترى نفسه من سيده على نجوم يدفعها يعطى، وقد يشترى بها أيضًا العبيد ويعتقون، "وَالرِّقَابِ".

"وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ"؛ الجهاد في سبيل الله، جهاد الكفار.

"وَابْنِ السَّبِيلِ"، وهو المسافر الذي خرج من بلده، وانتهت نفقته، وليس عنده ما يوصله إلى بلده، فيعطى من غلة الوقف ما يوصله إلى بلده، وكذلك من الزكاة. والسبيل هو الطريق، وسمي ابن السبيل؛ لملازمته له، ابن الطريق، ابن السبيل.

"وَالضَّيفِ"؛ أنا مكتوب عندي في النسخة: (وَالضَّعيفِ)، هناك تصحيف في نسخة (وَالضَّعيفِ). "وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيفِ".

"وَالضَّيفِ"؛ الذي يأتي، وينزل على الإنسان، خرج من بلده، ثم نزل، ثم ينزل ضيفًا على ذكر المؤلف -رحمه الله- حديث قصة عمر، وقد أخرجه البخاري رحمه الله تعالى: "حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَسْتَأْمِرَ فِيهَا»"؛ يعني ليأخذ أمره فيها، وتوجيهه وإرشاده.

 "«قَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرٍ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ»"؛ يعني مال نفيس، "«فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟»"؛ فيه أن الإنسان ينبغي أن يخرج النفيس، ولا يخرج الرديء، قال تعالى: ﴿وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ [البقرة:267]، فهو مال نفيس؛ لأن عمر قال: "«لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»".

"«حَبَسْتَ أَصْلَهَا»"؛ يعني يحبس على التصرف، لا يباع، ولا يورث، ولا يوهب، "«وَتَصَدَّقْتَ بِهَا. قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنْ لَا تُبَاعَ أُصُولُهَا، لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُوَرَّثُ»"؛ محبوسة أُصُولُهَا، لَا تُبَاعُ، ولا تورث، وَلَا تُوهَبُ، والغلة تنفق في المصارف.

"«لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُوَرَّثُ، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ»"؛ جمع فقير، وهو المسكين، "«وَالْقُرْبَى»"؛ قرابة عمر، "«وَالرِّقَابِ»"؛ العبيد يُعتقون، "«وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ»"؛ في الجهاد في سبيل الله، "«وَابْنِ السَّبِيلِ»"؛ المسافر الذي انقطع، وانتهت نفقته؛ يعطى ما يوصله إلى بلده، "«وَالضَّيفِ. لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمُ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهَا»".

"«لَا جُنَاحَ»"؛ لا حرج، "«عَلَى مَنْ وَلِيَهَا»"؛ على من يعمل فيها، ويشتغل فيها، العامل يأكل منها بالمعروف، وكذلك له أن يطعم صديقًا، ينزل به صديقًا، ويطعمه، لا بأس من ثمرة النخيل.

"«غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ»" مالًا "«فِيهَا»"؛ يعني لا يأخذ معه؛ يجمع مالًا، لكن يأكل ما يحتاج، ويطعم الصديق، ويطعم الضيف، لكن يأخذ منها مالًا؛ لا، يجمع مالًا منها؛ لا.

"«غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهَا». قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ مُحَمَّدًا، فَقَالَ: «غَيْرُ مُتَأَمِّلٍ مَالًا». قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَحَدَّثَنِي مَنْ قَرَأَ الْكِتَابَ: «غَيْرُ مُتَأَثِّلٍ»".

"«غَيْرُ مُتَأَثِّلٍ»"؛ هو الذي يجمع المال، ويكسب المال. ما يكسب منها المال، وإنما يأكل ما يحتاج، ما يحتاج، يطعم الضيف، يطعم الصديق، لكن ما يجمع مالًا.

"قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «أَوَّلُ صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا فِي الْإِسْلَامِ صَدَقَةُ عُمَرَ»"؛ هذا الذي ذكره المؤلف، قال: "بَابُ ذِكْرِ أَوَّلِ صَدَقَةٍ".

"«أَوَّلُ صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا فِي الْإِسْلَامِ صَدَقَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ»"؛ يعني أول صدقة محبسة، أول وقف، أول وقف في الإسلام هو وقف عمر، "«أَوَّلُ صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا فِي الْإِسْلَامِ صَدَقَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِي مَالًا، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حبِّسْ أَصْلَهُ وَسَبِّلْ ثمْرَهُ»".

"«حبِّسْ أَصْلَهُ»"؛ يعني أصله، والرقاب، الرقبة، الأرض، النخل، هذا هو الأصل يحبس، لا يباع، ولا يروث، ولا يوهب.

"«وَسَبِّلْ ثمْرَهُ»"؛ ثمره ينفق على المصارف: الرقاب، والفقراء، وابن السبيل. والحديث صحيح، وهو في أصح الكتب؛ في صحيح البخاري.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ إِبَاحَةِ الْحَبْسِ عَلَى مَنْ لَا يُحْصَوْنَ لِكَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ إِذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ لَا يُحْصَوْنَ عَدَدًا لِكَثْرَتِهِمْ جَاز أَنْ تُعْطَى مَنَافِعُ تِلْكَ الصَّدَقَةِ بَعْضَ أَهْلِ تِلْكَ الصِّفَةِ".

الشيخ:

جاز أم جائز عندك؟

القارئ:

جاز. أحسن الله عملك.

الشيخ:

جاز؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

في نسخة: جائز؟

القارئ:

أحسن الله عملك.

"وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ إِذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ لَا يُحْصَوْنَ عَدَدًا لِكَثْرَتِهِمْ جَاز أَنْ تُعْطَى مَنَافِعُ تِلْكَ الصَّدَقَةِ بَعْضَ أَهْلِ تِلْكَ الصِّفَةِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إِذَا أَوْصَى بِهَا لِقَوْمٍ لَا يُحْصَوْنَ لِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ غَيْرُ جَائِزَةٍ. عَلَى اتِّفَاقِهِمْ مَعَنَا أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِبَعْضِ ثُلُثِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ وَلَوْ أَعْطَى وَصِيَّه بَعْضَ الْفُقَرَاءِ، أَوْ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ، أَوْ جَمِيعَ الْمَسَاكِينِ وَجَمِيعَ الْفُقَرَاءِ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً".

الشيخ:

هذه الترجمة؛ المؤلف -رحمه الله-، فقه، يقول: "بَابُ إِبَاحَةِ الْحَبْسِ عَلَى مَنْ لَا يُحْصَوْنَ لِكَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ إِذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ لَا يُحْصَوْنَ عَدَدًا لِكَثْرَتِهِمْ جَاز أَنْ تُعْطَى مَنَافِعُ تِلْكَ الصَّدَقَةِ بَعْضَ أَهْلِ تِلْكَ الصِّفَةِ"؛ يعني يجوز أن يقول: أوقفت على الفقراء. هل معنى ذلك: جميع الفقراء إلى يوم القيامة يعطيهم؟ لا، إذا أعطى بعضهم يكفي، يكفي بعضهم، ما يلزم أن يعطيهم كلهم.

"وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ إِذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ لَا يُحْصَوْنَ عَدَدًا لِكَثْرَتِهِمْ جَاز أَنْ تُعْطَى مَنَافِعُ تِلْكَ الصَّدَقَةِ بَعْضَ أَهْلِ تِلْكَ الصِّفَةِ"، والمؤلف يريد أن يرد: "ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إِذَا أَوْصَى بِهَا لِقَوْمٍ لَا يُحْصَوْنَ لِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ غَيْرُ جَائِزَةٍ"؛ يعني المؤلف يريد أن يرد على هؤلاء.

هناك من يقول: إن الوقف إذا كان على قوم لا يحصون عددًا تكون باطلة؛ لأنه ما يمكن أن يعطيهم كلهم؛ لعدم إحصائهم. والصواب أن الوصية صحيحة، وإذا أعطى بعضهم كفى، ليس بلازم أن يحصون، يعممون.

يقول: هذا الذي يقول: إنه إذا كان الحبس على من لا يحصون عددًا؛ فهذه الوصبة باطلة. هو يتفق "مَعَنَا أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِبَعْضِ ثُلُثِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ وَلَوْ أَعْطَى وَصِيَّه بَعْضَ الْفُقَرَاءِ، أَوْ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ، أَوْ جَمِيعَ الْمَسَاكِينِ، وَجَمِيعَ الْفُقَرَاءِ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً".

يعني يقول: إن هذا الذي يمنع متناقض، وجه التناقض أنه يقول: إذا كان الوقف على قوم لا يحصون كثرة فالوصية باطلة. وإذا أوصى بثلثه أو ببعض ثلثه للفقراء والمساكين، وأعطى بعض المساكين، وبعض الفقراء؛ جاز. لماذا تتناقض؟! هذا وهذا سواء، إذا كان هذا جائز، فذاك جائز، وإذا كان هذا باطل، فهذا باطل.

فالمؤلف -رحمه الله- يبين أنه لا بأس أن يكون الوقف على جماعة لا يحصون، ويعطى البعض، ويكتفى به، كما أنه إذا أوصى بثلثه أو ببعض ثلثه لمن لا يحصون كثرة، وأعطى البعض؛ فإن الوصية صحيحة، فكذلك الوقف يكون صحيحًا.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال رحمه الله: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قال:حَدَّثَنَا بِشْرٌ -يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ-، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ؛ قال: وَحَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ؛ ح، وَحَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ أَيْضًا، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ. فَذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ. لَمْ يَذْكُرِ الصَّنْعَانِيُّ: «ابْنَ السَّبِيلِ». وَقَالَ: «غَيْرُ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ». وَقَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدٌ: «غَيْرُ مُتَأَثِّلٍ». لَمْ يَذْكُرْ قِرَاءَةَ ابْنِ عَوْنٍ الْكِتَابَ.

ثم قال رحمه الله".

الشيخ:

مكرر الذي قبله. ذكره البخاري في كتاب الوصايا عن طريق يزيد بن هارون، ماذا قال عندك؟ علَّق عليه؟

مناقشة: مكرر الذي قبله. هذه نسخة الأعظمي.

الشيخ:

الأعظمي. والنسخة الثانية؟

القارئ:

الفحل؟

الشيخ:

نعم.

القارئ:

قال -أحسن الله عملك-. قال: صحيح، أخرجه أبو داود، والنسائي، وفي الكبرى له.

الشيخ:

قال هذا؟

القارئ:

إينعم؟

الشيخ:

قال: صحيح ماذا؟

القارئ:

قال: صحيح، أخرجه أبو داود، والنسائي، وفي (الكبرى) له، وابن حبان والدارقطني من طريق بشر بن المفضل، عن ابن عون به. وأخرجه أبو عبيد في (غريب الحديث)، والدارقطني من طريق معاذ، عن ابن عون به. وأخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق يزيد بن هارون، عن ابن عون به. سبق. كما ذكر سبق عند الحديث الذي قبله.

الشيخ:

المقصود أن فقه الترجمة أنه إذا أوقف على قوم لا يحصون لكثرة العدد؛ أن الوقف صحيح، ولا يلزم أن يعممهم، بل إذا أعطى البعض كفى، كذلك إذا أوصى بثلثه للفقراء أو المساكين لا يلزمه أن يعمم الفقراء والمساكين، بل إذا أعطى بعضهم كفى.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ إِجَازَةِ الْحَبْسِ عَلَى قَوْمٍ مَوْهُومِينَ غَيْرِ مُسَمّينِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي الضَّيْفِ عَنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ حِصَّةِ سَبِيلِ اللَّهِ، وَحِصَّةِ الرِّقَابِ، وَحِصَّةِ الضَّيْفِ مِنْهَا، وَإِبَاحَةِ اشْتِرَاطِ الْمُحبسِ لِلْقَيِّمِ بِهَا الْأَكْلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتِ طَعَامٍ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ، وَاشْتِرَاطِهِ إِطْعَامَ صَدِيقِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ قَدْرِ مَا يُطْعِمُ الصَّدِيقَ مِنْهَا.

قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعجْلِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ، وَقَالَ: «فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنْ لَا يُبَاعَ أَصْلُهَا، لَا تبَاعُ، وَلَا توهَبُ، وَلَا توَرَّثُ، لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَقْرباء، وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالضَّيْفِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، لَا جُنَاحَ»".

الشيخ:

نسخة الأعظمي مكتوب: والأقوياء. تحريف.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "«وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالضَّيْفِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوّلٍ فِيهِ»".

الشيخ:

هذا أخرجه البخاري في الوصايا، وهو حديث صحيح، ذكره في الصحيح من حديث عمر، وفقه الترجمة أنه يجوز الحبس على قوم غير مسمين؛ يعني ما يلزم تسميتهم، قال مثلًا: في الرقاب، في القرباء. غير مسمين، لم يسم القرابة، قال: أقاربي، على أقاربي. ما يلزم أن يسمهم، ولذا قال: "بَابُ إِجَازَةِ الْحَبْسِ عَلَى قَوْمٍ مَوْهُومِينَ غَيْرِ مُسَمّينِ"، كذا عندك موهومين؟ باب ماذا؟

القارئ:

"بَابُ إِجَازَةِ الْحَبْسِ عَلَى قَوْمٍ مَوْهُومِينَ غَيْرِ مُسَمِّينِ".

الشيخ:

"غَيْرِ مُسَمِّينِ" مفسرة لقوله: "مَوْهُومِينَ"؛ يعني كلمته "غَيْرِ مُسَمِّينِ"؛ يعني معروفين بالوصف، يعرفون بالوصف، يوصف هذا بأنه قريب، يوصف بأنه ضيف.

"بَابُ إِجَازَةِ الْحَبْسِ عَلَى قَوْمٍ مَوْهُومِينَ غَيْرِ مُسَمّينِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي الضَّيْفِ عَنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ حِصَّةِ سَبِيلِ اللَّهِ، وَحِصَّةِ الرِّقَابِ، وَحِصَّةِ الضَّيْفِ مِنْهَا"؛ يعني أنه مثلًا: يسبل هذه الأرض على الفقراء، يسبلها في سبيل الله، وفي الرقاب، ولا يعين، يقول مثلًا: نصف هذه الأرض في سبيل الله، أو نصفها للضيف، ثلثها للضيف، ربعها في سبيل الله، ربعها للضيف، ربعها للرقاب، ربعها للقربي. ما يلزم هذا، وإنما يكفي أن يسمي، ولا يخصص جزءًا خاصَّا في سبيل الله، ولا جزءًا خاصًّا للرقاب، ولا جزءًا خاصًّا للضيف. الحصة: الجزء والنصيب، ولهذا قال:

"بَابُ إِجَازَةِ الْحَبْسِ عَلَى قَوْمٍ مَوْهُومِينَ غَيْرِ مُسَمّينِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي الضَّيْفِ عَنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ حِصَّةِ"؛ يعني جزء في "سَبِيلِ اللَّهِ، وَحِصَّةِ الرِّقَابِ، وَحِصَّةِ الضَّيْفِ مِنْهَا"؛ يكفي أن يعدد المصارف، وهذه العروض وقف، موقوفة في سبيل الله، وفي الرقاب، وفي الضيف، ولا يخصِّص لكل واحد منهم جزءًا.

"وَإِبَاحَةِ اشْتِرَاطِ الْمُحبسِ لِلْقَيِّمِ بِهَا الْأَكْلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتِ طَعَامٍ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ"؛ يعني أن الواقف يشترط أن يكون الذي يعمل فيها، ويشتغل فيها أن يأكل منها بالمعروف، ولا يحدِّد ما يأكله؛ ما يقول: يأكل كل يوم مثلًا: خمسة كيلو أو أربعة كيلو، وفي اليوم يكون الغداء كيلو، وكيلو في العشاء. لا، ما يلزم التحديد لا بكيل.

"مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتِ طَعَامٍ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ"، وكذلك يشترط إِطْعَامَ صَدِيقِهِ إِنْ كَانَ لَهُ صديق، ولا يذكر مقدار مَا يُطْعِمُ الصَّدِيقَ؛ ما يقول: يطعم الصديق كل يوم كذا كيلو للأصدقاء. لا، ما يحتاج تحديد، لا يحتاج الاشتراط في هذا؛ لأن الحديث مطلق؛ لأن الحديث قال: «لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمُ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهَا».

قوله: «أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ»؛ ما فيه تحديد، ما يلزم تحديد مقدار ما يأكل، كذلك إطعام الصديق إلا أنه لا يتمول، ما يجمل مال منه، لا يجمع من الوقف مال، لكن يأكل ما يحتاج هو، وما يحتاجه الضيف، لكن ما يجمع مالًا، يأكل، ويجمع مالًا، كل يوم يجمع مالًا حتى يكون له تجارة منه؛ لا، إنما ما يحتاجه من الأكل يأكل، ما يحتاجه لإطعام الصديق والضيف كذا. أما أن يأخذ شيئًا لنفسه؛ دراهم يجمعها، أو شيئًا يجمعه لنفسه فلا، فليس له ذلك، ولذا قال: «غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ»؛ ما يجمع مالًا.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى»؛ إِنَّمَا أَرَادَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا حَبْسًا، وَاجَعْلَ ثَمَرِهَا مُسبَّلَةً عَلَى مَنْ وَصَفَهُمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَالْقُرْبَى".

الشيخ:

واجعل، هكذا عندك؟

القارئ:

لا، "وَجَعْلَ ثَمَرتهَا".

الشيخ:

"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ".

القارئ:

"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى»؛ إِنَّمَا أَرَادَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا حَبْسًا، وَجَعْلَ ثَمَرتهَا مُسبَّلَةً عَلَى مَنْ وَصَفَهُمْ".

الشيخ:

"إِنَّمَا أَرَادَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا حَبْسًا، وَاجَعْلَ ثَمَرهَا مُسبَّلَةً".

القارئ:

أحسن الله عملك.

"وَاجَعْلَ ثَمَرهَا مُسبَّلًا عَلَى مَنْ وَصَفَهُمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَالْقُرْبَى، وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ إِذَا لَمْ يُخْرِجْهُ الْمُحْبِسُ مِنْ يَدِهِ كَانَ صَحِيحًا جَائِزًا؛ إِذْ لَوْ كَانَ الْحَبْسُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِأَنْ يُخْرِجَهُ الْمُحبسُ مِنْ يَدِهِ، لَكَانَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ عُمَرَ لَمَّا أَمَرَ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ فِي خَبَرِ يَزِيدِ بْنِ زُرَيْعٍ أَنْ يُمْسِكَ أَصْلَهَا، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَمْسِكْ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْ بِهَا».

وَلَوْ كَانَ الْحَبْسُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِأَنْ يُخْرِجَهُ الْمُحْبِسُ مِنْ يَدِهِ لَمَا أَمَرَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفَارُوقَ بِإِمْسَاكِ أَصْلِهَا".

الشيخ:

هذه الترجمة فقه، استنبط منها النصوص، قال: "بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى»؛ إِنَّمَا أَرَادَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا حَبْسًا»؛ يعني أصولها هي التي تُحبس؛ الأرض، الشجر، هي التي تُحبس؛ تُمنع من البيع والهبة والتوريث، والثمرة تكون مسبلة على الفقراء والمساكين، والقربى والضيف.

"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى»؛ إِنَّمَا أَرَادَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا حَبْسًا، وَاجَعْلَ ثَمَرهَا مُسبَّلًا عَلَى مَنْ وَصَفَهُمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَالْقُرْبَى، وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ إِذَا لَمْ يُخْرِجْهُ الْمُحْبِسُ مِنْ يَدِهِ كَانَ صَحِيحًا جَائِزًا"؛ يعني أن الإنسان إذا أوقف أرضًا أو بيتًا ما يلزم أن يخرجه من يده، قد يكون في يده في حياته، ويتصرف فيه، وينفق، ما يلزم أن يخرجه من يده، سواءً أخرجه من يده، أو لم يخرجه.

فإذا أخرجه من يده، ووكله إلى الناظر فلا بأس، وإن جعله في يده؛ يتصرف فيه في حياته؛ فلا بأس، ما يلزم أن يخرجه من يده، ولهذا قال: "مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ إِذَا لَمْ يُخْرِجْهُ الْمُحْبِسُ مِنْ يَدِهِ كَانَ صَحِيحًا جَائِزًا"؛ يعني سواءً أخرجه من يده أو لم يخرجه، فإن أخرجه من يده، ووكله إلى الناظر فلا بأس، وإن بقي في يده يتصرف فيه في حياته فلا بأس.

"مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ إِذَا لَمْ يُخْرِجْهُ الْمُحْبِسُ مِنْ يَدِهِ كَانَ صَحِيحًا جَائِزًا؛ إِذْ لَوْ كَانَ الْحَبْسُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِأَنْ يُخْرِجَهُ الْمُحبسُ مِنْ يَدِهِ، لَكَانَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ عُمَرَ لَمَّا أَمَرَ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ"؛ النبي -صلى الله عليه وسلم- ما قال لعمر: أخرجها من يدك. بل بقيت في يده.

قال: "إِذْ لَوْ كَانَ الْحَبْسُ لَا يَصِحُّ"؛ الحبس يعني الوقف، "إِلَّا بِأَنْ يُخْرِجَهُ الْمُحبسُ مِنْ يَدِهِ لَكَانَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ عُمَرَ لَمَّا أَمَرَ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ فِي خَبَرِ يَزِيدِ بْنِ زُرَيْعٍ أَنْ يُمْسِكَ أَصْلَهَا، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَمْسِكْ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْ بِهَا».

وَلَوْ كَانَ الْحَبْسُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِأَنْ يُخْرِجَهُ الْمُحْبِسُ مِنْ يَدِهِ لَمَا أَمَرَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفَارُوقَ بِإِمْسَاكِ أَصْلِهَا"؛ قال: «أمسك أصلها»، استدل بقوله: «أمسك أصلها».

والشاهد في فقه الترجمة أن المحبِّس والموقِف لا يلزمه أن يخرج الوقف من يده في حياته، بل له أن يتصرف فيه في حياته، وله أن يخرجه من يده، ويكله إلى الناظر يتصرف فيها.

مناقشة: أحسن الله إليك، هل له أن يبيعها؟

الشيخ:

لا، ما تباع، هذا الأصل، لا تباع، ولا تورث، ولا توهب، ما فيه بيع، الوقف ما يباع، لكن لو تعطلت منافعه بالمرة؛ هذا فيه كلام لأهل العلم، يباع إذا تعطلت المنافع، لكن الأصل هو هذا، الأصل أنه لا يباع، الوقف لا يباع، ولا يورث، ولا يوهب؛ أصوله، وإنما الثمرة والريع ينفق على المصارف.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ عُمَرَ اسْتَأْمَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَدَقَتِهِ، فَقَالَ: احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَبَسَهَا عُمَرُ عَلَى السَّائِلِ، وَالْمَحْرُومِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفِي الرِّقَابِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَجَعَلَ قيمها: يَأْكُلُ، وَيُؤَكِّلُ، غَيْرَ مُتأثِلِ مَالًا»".

الشيخ:

عندي النسخة هذه: وجعل منها. الصواب: "«وَجَعَلَ قيمها»"، تحريف عندي.

القارئ:

"«وَجَعَلَ قيمها: يَأْكُلُ، وَيُؤَكِّلُ، غَيْرَ مُتأثِلِ مَالًا»".

الشيخ:

هذا الأثر، الحديث إسناده صحيح، قال: من طريق عبد الله نحوه. ماذا قال عندك عليه؟

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: صحيح، أخرجه ابن ماجه والنسائي، وفي (الكبرى) له، وابن حبان، والدارقطني من طريق عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ به. انظر (إتحاف المهرة)، ثم قال: سبق عند الحديث.

الشيخ:

فالحديث دليل على ما ترجم به المؤلف من قوله: «احْبِسْ أَصْلَهَا، وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا»؛ أن الأصول هي التي تبقى، والثمرة تنفق بالمصارف، قال عبد الله: «فَحَبَسَهَا عُمَرُ عَلَى السَّائِلِ»؛ هذه المصارف: «السَّائِلِ، وَالْمَحْرُومِ، وَابْنِ السَّبِيلِ».

«السائل»: الذي يسأل، وسبق معرفة السائل، السائل يعرف أنه محتاج، أو لا تعرف حاله.

«والمحروم»: من حرم ماله، صار لماله جائحة، وما أشبه ذلك.

«وابن السبيل»: المنقطع عن بلده.

«وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ»: بالجهاد.

 «وَفِي الرِّقَابِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَجَعَلَ قيِّمها: يَأْكُلُ، وَيُؤَكِّلُ»؛ قيمها الذي يعمل فيها يأكل هو، ويعطي الصديق، يؤكل الصديق والضيف.

 «غَيْرَ مُتأثِلِ مَالًا»؛ ما يكسب مالًا، ما يجمع مالًا.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ إِبَاحَةِ حَبْسِ آبَارِ الْمِيَاهِ.

قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُصَيْنًا يَذْكُرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ جَاوَانَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي قَتْلِ عُثْمَانَ، وَقَالَ: «فَإِذَا عَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَنَا كَذَلِكَ؛ إِذْ جَاءَ عُثْمَانُ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ يَبْتَاعُ بِئْرَ رُومَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ. فَابْتَعْتُهَا بِكَذَا وَكَذَا، وَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدِ ابْتَعْتُهَا بِكَذَا. قَالَ: اجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَجرْهَا لَكَ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ».

الشيخ:

هذه الترجمة في "إِبَاحَةِ حَبْسِ آبَارِ الْمِيَاهِ"؛ يعني وقف البئر، يحفر بئرًا، ويجعله وقفًا للمسلمين، أو يشتري بئر، ويجعله وقف للمسلمين؛ يعني يشربون منه، يجعلون فيه دلاء، ويكون معهم، يشرب معهم.

ماذا قال عن هذا الحديث؟ قال: إسناده حسن لغيره.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: إسناده حسن لغيره بشواهده.

الشيخ:

هذا الفحل؟

القارئ:

إينعم.

الشيخ:

وهذا الحديث عن "عَبْد اللَّهِ بْن إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُصَيْنًا يَذْكُرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ جَاوَانَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي قَتْلِ عُثْمَانَ، وَقَالَ: «فَإِذَا عَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَنَا كَذَلِكَ؛ إِذْ جَاءَ عُثْمَانُ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ»"؛ هذا لما كان محصورًا، لما حصره الثوار لقتله اطلع عليهم، وقال: "«أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ»"؛ يخاطب الصحابة، "«الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ يَبْتَاعُ بِئْرَ رُومَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ؟»".

«ابتاع»؛ يعني يشتري، اشتراها من يهودي.

"«فَابْتَعْتُهَا بِكَذَا وَكَذَا، وَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدِ ابْتَعْتُهَا بِكَذَا. قَالَ: اجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَجرْهَا لَكَ؟»"؛ هذا هو الشاهد، الشاهد: "«اجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ»"؛ يعني اجعلها وقف للمسلمين، "«وَأَجرْهَا لَكَ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ»".

وعثمان -رضي الله عنه- هنا إنما اطلع، واستشهد الصحابة؛ لأنه مظلوم، يبين لهم أن هؤلاء الثوار ظلموه، يبين لهم بأنهم هؤلاء الثوار الذين حاصروا بيته وقتلوه ادعوا أنه غير، وأنه بدل، وأنه كذا، وأنه كذا، فعل كذا، وفعل كذا، فهو أراد أن يدافع عن نفسه -رضي الله عنه-، فاطلع عليهم، وقال: "«أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ»"، وفي رواية: «ولا أنشد بالله إلا أصحاب رسول الله»، يخاطب هنا عَلِيًّا، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَسَعْدًا، قال: «أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ يَبْتَاعُ بِئْرَ رُومَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ»، واشتريتها أنا، تعلمون هذا؟ «قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ»؛ أقرُّوا له.

بئر رومة يئر ليهودي، اشتراها عثمان، وجعلها وقفًا للمسلمين، «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ يَبْتَاعُ بِئْرَ رُومَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ. فَابْتَعْتُهَا بِكَذَا وَكَذَا، وَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدِ ابْتَعْتُهَا بِكَذَا. قَالَ: اجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ»؛ يعني سبِّلها، «وَأَجرْهَا لَكَ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ»، وأظن في رواية قال: «من يشتري بئر رومة ويكون دلوه كدلو المسلمين»؛ يعني يكون معهم؛ يعني يستقي، كان الناس في الآبار، كل يأتي بدلو فيه حبل، ينزل الدلو، يخرج الماء، يكون معهم، يشرب معهم. فهذا فيه استدلال على إباحة حبس الآبار؛ آبار المياه، إيقاف البئر.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ الْوصايةِ بِالْحَبْسِ مِنَ الضِّيَاعِ وَالْأَرَضِينَ".

الشيخ:

الوصاية أم الوصية؟ عندك الوصاية بالألف؟

القارئ:

لا. الوصية.

الشيخ:

"باب الوصية".

القارئ:

نعم.

"بَابُ الْوصيةِ بِالْحَبْسِ مِنَ الضِّيَاعِ وَالْأَرَاضِينَ.

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ الْأَيْلِيُّ أَنَّ سَلَامَةَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تُقَسِّمُ وَرَثَتِي شَيْئًا مِمَّا تَرَكْتُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ».

وَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ، غَلَبَ عَلَيْهَا عَبَّاسًا، وَطَالَتْ فِيهَا خُصُومَتُهَما، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمَا حَتَّى أَعْرَضَ عَنْهَا عَبَّاسٌ، وغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِيٌّ، ثُمَّ كَانَتْ عَلَى يَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَحَسَنِ بْنِ حَسَنِ".

الشيخ:

ابن حسن أم ابن حسين؟

القارئ:

ابن حسن.

الشيخ:

النسخة عندي الثانية: "وَحَسَنِ بْنِ حسَينِ". عليها تعليق؟

مناقشة غير مسموعة: (00:44:29).

الشيخ:

نعم.

القارئ:

"فَكَانَا يَتَدَاوِلَانِهَا، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، وَهِيَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا".

الشيخ:

هذه "الْوصية بِالْحَبْسِ مِنَ الضِّيَاعِ وَالْأَرَاضِينَ".

يعني حبس الأراضي، وصية عمر هنا أرضًا بخيبر أصابها، فأوقفها على المصارف، وهنا قال: "باب الْوصية بِالْحَبْسِ"؛ بالوقف يعني "مِنَ الضِّيَاعِ وَالْأَرَاضِينَ"؛ يعني العقارات، الضِّياع: العقارات، "وَالْأَرَاضِينَ".

وهذا الحديث؛ قال: أخرجه البخاري في الوصايا من طريق عبد الرحمن نحوه إلى قوله: «مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ»، وقد تكلم في صحة سماعه من سلامة، ماذا قال عندك على الحديث؟

القارئ:

ما ذكر شيئًا عندي.

الشيخ:

ما تكلم عليه؟

القارئ:

قال أحسن الله عملك: صحيح، أخرجه مالك في (الموطأ) برواية الليثي والشافعي في (المسند)، في التحقيق، والحميدي، وسعد، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي في (الشمائل)، وأبو عوانة، وابن حبان، والبيهقي، والبغوي.

الشيخ:

فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ الأنبياء لا يورثون، ما تركون صدقة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقَسِّمُ وَرَثَتِي شَيْئًا مِمَّا تَرَكْتُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ». في الحديث الآخر: «نحن معشر الأنبياء، لا نورث، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ»، الأنبياء لا يورثون، ولهذا لما جاءت فاطمة -رضي الله عنها- إلى أبي بكر تطلب إرثها من النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها الصديق: إن الأنبياء لا يورثون. فغضبت -رضي الله عنها-، وهجرته، وكانت تظن أن لها شيئًا، فبين لها الصديق -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ»، وهذا الحديث رواه عشرة من الصحابة: «نحن معشر الأنبياء، لا نورث، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ».

لو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يورث لكانت ابنته فاطمة لها النصف، وزوجاته لهن الثمن، والباقي لعمه العباس لو كان يورث، هكذا القسمة، لكن لا يورث، «الأنبياء لا يورثون، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ»، ترك أرضًا في خيبر صدقة، ما كان يليه بيده يليه أبو بكر لكل المسلمين، وما تركه من شيء يكون صدقة.

ولهذا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي يستدل به: «لَا تُقَسِّمُ وَرَثَتِي شَيْئًا مِمَّا تَرَكْتُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ».

"وَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ"؛ يعني يتصرف فيها، "بِيَدِ عَلِيٍّ غَلَبَ عَلَيْهَا عَبَّاسًا"، عباس بن عبد المطلب وعلي اختصما فيمن تكون بيده، ويتصرف فيها، والقصة طويلة، تخاصما حتى جاءا عند عمر -رضي الله عنه-، قال لهما عمر رضي الله عنه: تصرفا فيها كما تصرف فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- وإذا عجزتما؛ ادفعاها إليَّ. هذا هو الشاهد: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تُقَسِّمُ وَرَثَتِي شَيْئًا مِمَّا تَرَكْتُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ». هذا الشاهد في "الْوصية بِالْحَبْسِ مِنَ الضِّيَاعِ وَالْأَرَاضِينَ"؛ يعني ما ترك من الأرض يكون صدقة.

قال: "وَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ غَلَبَ عَلَيْهَا عَبَّاسًا، وَطَالَتْ فِيهَا خُصُومَتُهَما، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمَا"؛ هما أرادا أن يقسم عمر بين علي والعباس، عمر قال: ما أقسمها، تصرفا فيها كما تصرف النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن عجزتما فادفعاها إليَّ.

"حَتَّى أَعْرَضَ عَنْهَا عَبَّاسٌ، وغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِيٌّ، ثُمَّ كَانَتْ" بعد ذلك "عَلَى يَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ"؛ كانت بيده يتصرف فيها، "ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ"؛ زين العابدين، "وَحَسَنِ بْنِ حَسَنِ، فَكَانَا يَتَدَاوِلَانِهَا، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، وَهِيَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا"؛ سبيل، مسبل.

القارئ:

أحسن الله إليك.

قال: "حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: «وَاللَّهِ، مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، إِلَّا بَغْلَتَهُ وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً»".

الشيخ:

وهذا رواه البخاري في الوصايا أيضًا من طريق زهير، وفيه جواز الحلف للتأكيد؛ لتأكيد المقال: «وَاللَّهِ، مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، إِلَّا بَغْلَتَهُ وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً».

والشاهد: «وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً»؛ هذا فيه حبس الضِّياع والأراضين، الضِّياع عام، تشمل الأراضين والعقارات، الضياع: العقارات والبيوت والأراضين، لا بأس بحبسها وإيقافها، «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، إِلَّا بَغْلَتَهُ وَسِلَاحَهُ»؛ كل هذه صدقة، لا تورث، «وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً».

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ فَضَائِلِ بِنَاءِ السُّوقِ لِأَبْنَاءِ السَّابِلَةِ، وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ لِلشَّارِبِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي خَبَرِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، وَخَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: أو صَدَقَةً".

الشيخ:

كذا: أو صدقة؟

القارئ:

نعم. قال في الأصل: أن. والمثبت من متن حديث أبي هريرة الذي سيأتي في الباب.

الشيخ:

والمثبت من ماذا؟

القارئ:

والمثبت من متن حديث أبي هريرة الذي سيأتي في الباب.

"وَخَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: أو صَدَقَةً. قَدْ جَرَّتْ تِلْكَ اللَّفْظَةُ بِنَاءَ الْمَسَاجِدِ، وَبِنَاءَ الْبُيُوتِ لِلسَّابِلَةِ، وَحَفْرَ الْأَنْهَارِ لِلشَّارِبَةِ أَنَّ كُلَّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْمَرْءُ قَدْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّدَقَةِ.

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ، قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قال: حَدَّثَنَا مَرْزُوقُ بْنُ أبي الْهُذَيْلِ، قال: أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنُ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلِمَهُ وَنَشَرَهُ، أَوْ وَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهَرًا كَرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَرَاهُ يَعْنِي: حَفَرَهُ".

الشيخ:

"كَرَاهُ يَعْنِي: حَفَرَهُ"؛ تفسير، ماذا قال: عندك في التخريج؟ قال: إسناده حسن لغيره بشواهده، رواه ابن ماجه في (المقدمة) من طريق ابن يحيى، ماذا قال في النسخة الثانية؟

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال: حسن بشواهده، فمَرْزُوقُ بْنُ أبي الْهُذَيْلِ لين الحديث، أخرجه ابن ماجه والبيهقي في (الشعب).

الشيخ:

يعني الحديث حسن صحيح.

"بَابُ فَضَل بِنَاءِ السُّوقِ لِأَبْنَاءِ السَّابِلَةِ"، "السابلة": ابن السبيل.

"بِنَاءِ السُّوقِ"، ما معنى السوق؟ "بَابُ فَضَل بِنَاءِ السُّوقِ"؛ البيوت يعني، بناء البيوت "لِأَبْنَاءِ السَّابِلَةِ"؛ لابن السبيل؛ يعني يبني بيتًا، ويجعله وقفًا على ابن السبيل، من جاء مسافرًا محتاج، وليس له؛ يسكن فيه، وقف، أو يؤجَّر، وتنفق نفقته على المحتاج.

"بَابُ فَضَل بِنَاءِ السُّوقِ لِأَبْنَاءِ السَّابِلَةِ، وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ لِلشَّارِبِ"؛ "وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ"؛ يسبله للشرب، "مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي خَبَرِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، وَخَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: أو صَدَقَةً. قَدْ جَرَّتْ تِلْكَ اللَّفْظَةُ بِنَاءَ الْمَسَاجِدِ، وَبِنَاءَ الْبُيُوتِ لِلسَّابِلَةِ".

"فَضَل بِنَاءِ السُّوقِ"؛ هي البيوت يعني، "قَدْ جَرَّتْ تِلْكَ اللَّفْظَةُ". هكذا عندكم؟ "قَدْ جَرَّتْ تِلْكَ اللَّفْظَةُ". ماذا بعدها عندك؟

القارئ:

"قَدْ جَرَّتْ تِلْكَ اللَّفْظَةُ بِنَاءَ الْمَسَاجِدِ، وَبِنَاءَ الْبُيُوتِ لِلسَّابِلَةِ، وَحَفْرَ الْأَنْهَارِ لِلشَّارِبَةِ أَنَّ كُلَّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْمَرْءُ قَدْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّدَقَةِ".

الشيخ:

كل يسمى صدقة، يبني بيوتًا لأبناء السبيل، يحفر الأنهار لمن يحتاج للشرب، كذلك بناء المساجد للمصلين، "وَبِنَاءَ الْبُيُوتِ لِلسَّابِلَةِ"، وهو ابن السبيل، "وَحَفْرَ الْأَنْهَارِ لِلشَّارِبَةِ أَنَّ كُلَّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْمَرْءُ" يشمل "اسْمُ الصَّدَقَةِ"؛ اسم الوقف.

الصدقة نوعان:

صدقة محبسة، وهي الوقف.

وصدقة غير محبسة، وهي الصدقة العامة.

كل يسمى صدقة، يسمى وقف، يسمى مسبَّل، سبيل، حبس.

وذكر حديث "أَبِي هُرَيْرَةَ: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنُ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلمَهُ وَنَشَرَهُ، أَوْ وَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ»؛ يعني يدعو له، «أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ»؛ ابن السبيل: المسافر الذي انقطعت نفقته، وليس عنده ما يوصله إلى بلده.

«أَوْ نَهَرًا كَرَاهُ»؛ يَعْنِي حَفَرَهُ، «أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ».

وهذه الترجمة فيها فضل بناء البيوت للمحتاجين، وحفر الأنهار للشاربين، وفيها أن كل ما ينتفع به يسمى صدقة.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ حَبْسِ آبَارِ الْمِيَاهِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَابْنِ السَّبِيلِ.

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللُّؤْلُؤِيُّ بِالرَّمْلَةِ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ".

الشيخ:

جاء في الأصل: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللُّؤْلُؤِيُّ، والتصحيح من التقريب، هنا: الملائي بِالرَّمْلَةِ. عندي: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ الملائي، قال: في الأصل: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللُّؤْلُؤِيُّ، والتصحيح من التقريب. ماذا عندك؟

القارئ:

قال: قوله: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. وقع في الأصل والإتحاف، إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. والمثبت من الجرح والتعديل، الأنساب للسمعاني.

الشيخ:

ما هو المثبت؟

القارئ:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ.

الشيخ:

في الأصل: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ الملائي. في الأصل: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ؟

القارئ:

إينعم، هذا في الأصل، وقع في الأصل والإتحاف، إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. والمثبت من الجرح والتعديل.

الشيخ:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللُّؤْلُؤِيُّ، والتصحيح من التقريب، هنا: الملائي. صوبها: الملائي. نسخة الأعظمي: "حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ الملائي"، وعلق عليها، قال: في الأصل: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللُّؤْلُؤِيُّ، والتصحيح من التقريب. ماذا عندك؟

القارئ:

قال: قوله: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. وقع في الأصل والإتحاف: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. والمثبت من الجرح والتعديل، الأنساب للسمعاني.

الشيخ:

ما هو المثبت؟

القارئ:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللُّؤْلُؤِيُّ بِالرَّمْلَةِ.

الشيخ:

عجيب، هنا عكس في نسخة الأعظمي، يصوب في الأصل: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ الملائي. قال: في الأصل: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللُّؤْلُؤِيُّ، والتصحيح من التقريب. يراجع، المثبت من ماذا؟

القارئ:

المثبت من الجرح والتعديل.

الشيخ:

يراجع.

القارئ:

والأنساب للسمعاني.

الشيخ:

يراجع. النسخة هذه عكس في تصويبها.

القارئ:

"قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ -وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو-".

الشيخ:

عبيد الله أم عبد الله؟

القارئ:

"قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ -وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو-، عَنْ زَيْدٍ".

الشيخ:

عندي مكبرة: عبد الله. ماذا عندك؟

مناقشة: عبد الله.

الشيخ:

عبد الله كذلك. عندك عبيد الله؟ يراجع. "-وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو-، عَنْ زَيْدٍ".

القارئ:

 "عَنْ زَيْدٍ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ-، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ -رضي الله عنه- أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِ دَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رُومَةَ".

الشيخ:

بئر تسمى رومة، كانت عند يهودي.

القارئ:

"أَنَّ رُومَةَ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا بِثَمَنٍ، فَابْتَعْتُهَا مِنْ مَالِي فَجَعَلْتُهَا لِلْغَنِيِّ، وَالْفَقِيرِ، وَابْنِ السَّبِيلِ؟ قَالُوا: نَعَمْ".

الشيخ:

الحديث؛ قال: إسناده صحيح لغيره من طريق زيد بن أبي أنيسة، وانظر الوصايا، قال: وفي الإسناد سقط: إسماعيل بن خليفة العبسي، مات مائة وتسع وستين، قبل مولد ابن خزيمة بدهر، التعليق على أي شيء؟

مناقشة: التعليق على قوله: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ الملائي.

الشيخ:

قال: وفي الإسناد سقط: إسماعيل بن خليفة العبسي، مات مائة وتسع وستين، قبل مولد ابن خزيمة بدهر. ما معنى هذا الكلام؟

مناقشة: قد يكون ابن أبي إسرائيل سبق ابن خزيمة بالوفاة، وهذا الذي يروي عنه ابن خزيمة؛ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللؤلؤي؛ هو شيخ ابن خزيمة.

الشيخ:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللؤلؤي نقل هذا، حصل فيه اشتباه، ماذا قال عن الحديث عندك؟ قال: إسناده صحيح لغيره من طريق زيد بن أبي أنيسة، وانظر الوصايا، كذا؟

القارئ:

قال أحسن الله عملك: صحيح، أخرجه أحمد، وفي فضائل الصحابة، والبخاري والترمذي، وابن أبي عاصم في السنة، والبزار والنسائي، وابن حبان، والدارقطني، والبيهقي.

الشيخ:

الحديث صحيح، وفقه الترجمة أنه يجوز حبس الآبار على الغني والفقير وابن السبيل؛ يعني يوقفها حتى على الغني؛ يعني يحفر بئرًا، ويقول: سبيل، يشرب منها الغني والفقير؛ ليس خاصًّا بالفقير الماء، هذا فقه الترجمة: "بَابُ حَبْسِ آبَارِ الْمِيَاهِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَابْنِ السَّبِيلِ"؛ على الغني، والفقير، والمسافر المنقطع. هذا فقه الترجمة.

"لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ -رضي الله عنه- أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِ دَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ"؛ يدافع عن نفسه؛ لأنه مظلوم، "هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رُومَةَ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا بِثَمَنٍ"؛ كانت ليهودي، يبيعها للناس بثمن، فقال النبي: «من يشتريها وله الجنة؟»، فاشتراها عثمان، وأوقفها على المسلمين. والشاهد: قال: "فَابْتَعْتُهَا مِنْ مَالِي، فَجَعَلْتُهَا لِلْغَنِيِّ، وَالْفَقِيرِ، وَابْنِ السَّبِيلِ؟ قَالُوا: نَعَمْ".

"قَالُوا: نَعَمْ"؛ الصحابة الذين أشرف عليهم وافقوا على هذا.

مناقشة: في (الإتحاف) ابن خزيمة صرح بسماعه من إسماعيل بن إسرائيل اللؤلؤي، في (إتحاف المهرة) ذكر حديثًا آخر، ولكن قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا محمد بن مسكين، وإسماعيل بن إسرائيل اللؤلؤي.

الشيخ:

شيخه؟

مناقشة: نعم.

الشيخ:

شيخه؟ جاء في الأصل: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ اللُّؤْلُؤِيُّ، والتصحيح من التقريب، شيخه اللؤلؤي؟

القارئ:

اللؤلؤي.

الشيخ:

هنا لا يكون تصحيف؟

القارئ:

ابن إسرائيل.

مناقشة غير مسموعة: (01:05:08) ابن أبي إسرائيل اللؤلؤي (01:05:18) الملائي.

الشيخ:

إسماعيل بن أبي إسرائيل، صحيح؟ هنا: إسماعيل بن أبي إسرائيل اللؤلؤي. وفي نسخة: الملائي. فصار التصحيف: الملائي. وشيخه اللؤلؤي.

طيب، نقف على هذا؟

وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

لا يوجد صوت من (01:05:55) إلى (01:12:14).

الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

نبه أن الجمعة ما فيه درس كما هو الإعلان، الجمعة والاثنين ما فيه درس، يكون الدرس السبت إن شاء الله والأحد والثلاثاء والأربعاء والخميس، خمسة أيام. قرأت يا سعود؟ تقرأ علينا في الوقف.

الوقف على الذرية هو قول جماهير الفقهاء؛ الحنابلة والمالكية والشافعية أنه يجوز الوقف على الذرية، لكن الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- له رسالة في هذا أنه لا يجوز الوقف على الذرية، شرحناها في رسالة، قرأناها، وشرحناها، (01:13:18).

القارئ:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا وعملًا يا كريم.

اللهم اغفر لشيخنا، ولوالديه ولمشايخه، ولنا ولوالدينا، وللمستمعين والمسلمين يا رب العالمين.

قال أحسن الله إليكم. "حكم الوقف الذري.

إذا أوقف شخص على أولاده".

الشيخ:

هذا قول من؟

القارئ:

جمع أحد الإخوة لأقواله عند (01:14:00) أحسن الله إليك.

الشيخ:

الوقف الذري؟

القارئ:

نعم. أحسن الله إليك.

الشيخ:

جمعها من أي شيء؟ ذكر مراجع؟

القارئ:

نعم.

قال: "إذا أوقف شخص على أولاده، ثم على نسله الذكور دون نسل الإناث؛ فقد اختلف فيه أهل العلم، فقد ألف في إبطالها الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-، ورد عليه الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عدوان الحنظلي، وقد ذكر هذه الرسالة الشيخ محمد بن حميد -رحمه الله- في كتابه: (السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة)، ولا تزال هذه الرسالة مخطوطة.

ذكر عبد الله بن عبد الرحمن بن بسام أنها تقع في ثمان كراسات من القطع الصغير، وتحرير محل النزاع هو: ما إذا أوقف من الثلث، وأما ما زاد عنه فخارج عن محل النزاع.

وتفصيل الأقوال على النحو الآتي:

القول الأول: الجواز، وهو مذهب جمهور الفقهاء.

الشيخ:

الواقف على الذرية دون الإناث؟

القارئ:

الشيخ محمد بن عبد الوهاب يرى الوقف المطلق حتى على الذكور ممنوع. الوقف على الذرية محل نزاع، على الذكور دون الإناث؛ هذا محل نزاع.

الشيخ ما يرى الوقف على الذرية مطلقًا، إذا وقف على الذكور دون الإناث؛ هذا تفضيل الذكور على الإناث؛ هذا ممنوع لا في العطية، ولا في غيرها.

لكن، الوقف على الذرية مطلقًا ذكورًا وإناثًا؛ هذا هو محل النزاع. (01:15:47) أوقف على الذكور دون الإناث. أليس كذلك؟

القارئ:

قال: في تحرير محل النزاع ما إذا أوقف من الثلث، وأما ما زاد عنه فخارج عن محل النزاع.

الشيخ:

نعم، ما زاد على الثلث؛ هذا ما يجوز، ووجهه أن الإنسان له أن يوصي بالثلث فأقل؛ يعني جعله داخلًا في الوصية. إذا أوقف من الثلث.

القارئ:

أحسن الله إليك.

القول الأول: الجواز، وهو مذهب جمهور الفقهاء.

حشى عليه -أحسن الله إليك- المراجع. قال: حاشية ابن عابدين، والإتحاف، وفتح القدير، والشرح الكبير، وحاشية الدسوقي، والمهذب، ومغني المحتاج، وكشاف القناع.

الشيخ:

الجواز؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

جواز الوقف على الذرية.

القارئ:

نعم. وهو مذهب جمهور الفقهاء، وكان عليه العمل في نجد قبل دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-، ومن أمثلة ذلك: نقل الشيخ أحمد البجادي فتوى للشيخ محمد بن إسماعيل في حكم وقف امرأة وقفت على بنتها، ونسلها من الذكور والإناث، جاء فيها قول الشيخ محمد: "ولا يدخل في نسل الإناث من نسل بناتها"، وأيده الشيخ سليمان بن علي بن وهيب، وبه أفتى الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى-.

وذكر الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- أن الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله- صحَّح وقفًا ذُريًّا جريًا على كلام الحنابلة، وذكر أيضًا أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- لا يريد بكلامه إبطال جميع الأوقاف السابقة من هذا النوع، ولا جرى العمل منه، ولا من أولاده وأحفاده، ولا تلاميذه من العلماء بشيء من ذلك.

وورد في فتوى للشيخ.

الشيخ:

وإنما أراد ماذا؟ لا يريد إبطال جميع الأوقاف، وإنما أراد.

القارئ:

تخصيص الذكور.

الشيخ:

ما حرر النزاع، قال فقط: لا يريد إبطال هذا النوع مطلقًا، ولا بيَّن.

القارئ:

وورد في فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم ما نصه: "وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن وقفية والدك عبد الرحمن بن فرحة، كما جرى الاطلاع على صورة وقفيته جميع أملاكه من بلد وبيوت عثري ومسقوي، وعامر ودامر، وحبل وجبر على أولاده المنتسبين إليه ذكورًا وإناثًا، وعلى نسل الذكور دون نسل الإناث إلى آخره. وذكرتَ أنه ليس لوالدك أي ملك غير هذا الوقف، وأن الورثة يطالبون بميراثهم الشرعي.

وبتأمل ما ذكر ظهر لنا والله أعلم أن هذا من وقف الجنف الذي يُراد به حرمان الورثة في التصرف في ميراثهم الذي فرضه الله لهم، فإنهم لم يُجِز الورثةُ الوقفيةَ بطيب نفس منهم، فلا يصح منها إلا بمقدار الثلث، يكون فيما ينفع الميت حسب ما نص عليه الواقف، والثلثان الباقية تقسم بين الورثة على فرائض الله؛ للذكر مثل حظ الأنثيين"

قال الشيخ ابن عثيمين.

الشيخ:

معنى هذا؛ الثلثان تكون ميراث، والثلث هو الذي يكون فيه الوقف، والشيخ محمد بن عبد الوهاب نازع حتى في الثلث.

القارئ:

قال الشيخ ابن عثيمين في (شرح الممتع): "قوله: دون بناته؛ أي دون ولد بناته، فإن أولاد البنات لا يدخلون في الولد، فإذا قال: هذا وقف على أولادي. وله ثلاثة ذكور وبنت، ومات هؤلاء الأربعة؛ الذكور والبنت، وخلفوا أبناءً، فيستحقه أولاد البنين، أما أولاد البنت فليس لهم حق، ودليل ذلك في القرآن الكريم: قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:11]، وأجمع العلماء على أن أولاد البنات لا يدخلون في الأولاد؛ لأن أولاد البنات من ذوي الأرحام، وليسوا من أولاده، فكذلك إذا قال: وقف على أولادي. وكان له أولاد أبناء وأولاد بنات؛ فأولاد البنات لا يستحقون شيئًا؛ لأنهم لا يدخلون في اسم الأولاد، وهو في القرآن ظاهر، وكذلك هو مقتضى العرف واللغة"

ثم قال أحسن الله إليك: القول الثاني: التحريم.

وقد ألف في تحريمه الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-، وتبعه بعض علماء نجد من أبنائه وأحفاده وغيرهم، واستدل الشيخ -رحمه الله تعالى- بما يأتي:

أولًا: أن هذا في حكم الوصية للذرية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث».

ثانيًا: حديث: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم».

ثالثًا: أن مراد الموقف محرم، ولا يجوز أن يُعان عليه، فإذا أراد الإنسان أن يقسم ماله على هواه، وفر من قِسمة الله، وتمرَّد عن دين الله مثل: أن يريد أن امرأته لا ترث من هذا النخل، ولا تأكل منه إلا حياة عينها، أو يريد أن يزيد بعض أولاده على بعض فرارًا من وصية الله بالعدل، أو يريد أن يحرم نسل البنات، أو يريد أن يحرِّم على ورثته بيع هذا العقار؛ لئلا يفتقروا بعده.

رابعًا: أن في ذلك تغيير لشرع الله ودينه، والتحايل على ذلك بالتقرب إليه بحرمان أبناء البنات، والوالدين، والزوج، وهو من أعظم المنكرات، وأكبر الكبائر.

خامسًا: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى بسدِّ الذرائع، وهو من أعظم الأشياء التي (01:21:31) إلى تغيير حدود الله.

سادسًا: أن هذا العمل لم يعمله الصحابة، ولا التابعون، ولا الأئمة الأربعة، وإنما اشتهر في القرون المتأخرة.

الشيخ:

انتهى؟ هذه الأدلة.

قولان:

قول الجمهور بالجواز.

انتهى؟

القارئ:

أطال فيه، ذكر أدلة.

الشيخ:

في أي شيء؟ يوجد أدلة؟

مناقشة غير مسموعة (01:25:25).

الشيخ:

أطال في ذكر أدلة من؟

القارئ:

أدلة الشيخ محمد.

الشيخ:

يوجد زيادة؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

ذكر ستة، يوجد زيادة؟

مناقشة: ثمانية.

الشيخ:

ثمانية؟ اذكر العناوين.

القارئ:

قال: وممن نص على تحريم هذا الوقف أيضًا الشيخ أبو عبد الرحمن بن حسن، والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن -رحمه الله-، فقد أبطل وقفًا ذُريًّا، وقسمه قسمة ميراث.

كذلك الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف -رحمه الله-، والشيخ حسين بن علي، والشيخ عبد الله أبو بطين، والشيخ محمد بن إبراهيم. قال: في بعض فتاويه، وكأن الرأي الأول له. والله أعلم.

الشيخ:

له؟

القارئ:

هذا الرأي الأول: المنع، ثم تحول عن المنع.

الشيخ:

هناك أدلة للشيخ محمد غير هذه؟

القارئ:

لا.

الشيخ:

اعطني صورة منها، صورها لي.

القارئ:

قال: وقد قال الإمام أحمد -رحمه الله- فيمن وقف على ولده: من كان من ورد البنات فليس لهم فيه شيء، من كتاب الوقوف لأبي بكر الخلال، والمغني.

الشيخ:

هذه الرسالة مطبوعة؟

القارئ:

مطبوعة.

الشيخ:

آخذ صورة منها إن شاء الله. أدلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب هي الأَولى، هي الصواب، أصوب من قول الجمهور، يكفي أنها ما فعلها الصحابة ولا التابعون، ولا الأئمة.

كذلك مسألة: هل للواقف أن يغير من شروطه؟ عندك؟

مناقشة غير مسموعة: (01:27:34).

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه: "بَابُ إِبَاحَةِ شُرْبِ الْمُحْبِّسِ مِنْ مَاءِ الْآبَارِ الَّتِي حَبَسَهَا.

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، قال: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ بِتَمَامِهِ، قال: حَدَّثَنِي الْقُشَيْرِيُّ، قَالَ: شَهِدْتُ الدَّارَ يَوْمَ أُصِيبَ عُثْمَانُ، وَأَشْرَفَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَذكركم اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ»".

الشيخ:

النسخة الثانية عندي: "«أنشدكم اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ»"، نسخة الأعظمي: "«أنشدكم اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ»"، يراجع لفظ الحديث هذا.

القارئ:

أشار إليه أحسن الله إليك.

الشيخ:

عليه تعليق؟

القارئ:

أشار إليه، قال في نسخة: "أنشدكم".

"«فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَذكركم اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ بِهَا بِئْرٌ مُسْتَعْذَبٌ إِلَّا رُومَةُ، فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِي رُومَةَ، فَيَجْعَلُ دَلْوَهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ خَالِصِ مَالِي، وَأَنْتُمْ تَمْنَعُونِي أَنْ أُفْطِرَ عَلَيْهَا حَتَّى أُفْطِرَ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ»".

الشيخ:

الثوار، نسأل الله العافية، انظر كيف وصل بهم الحال.

القارئ:

أحسن الله عملك.

"حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، قال: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَشْرَفَ عَلَيْهم -يَعْنِي عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ- فَقَالَ: «أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ عَلِمْتُمْأَنِّي اشْتَرَيْتُ رُومَةَ مِنْ مَالِي يُسْتَعْذَبُ مِنْهَا، وَجَعَلْتُ رِشَائي فِيهَا كَرِشَاء رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَعَلَامَ تَمْنَعُونِي أَشْرَبُ مِنْهَا حَتَّى أُفْطِرَ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ»".

الشيخ:

الحديث الأول: قال: إسناده صحيح، رجاله ثقات، غير يَحْيَى بْن أَبِي الْحَجَّاجِ، وهو لين الحديث، لكن تابعه الْجُرَيْرِيُّ، الْقُشَيْرِيّ. أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد مسلم، وإسناده حسن. قال: فإن هلالًا روى عنه جمع من الثقات، ووافقه ابن حبان، ولذلك صحح الحديث في تخريج الأحاديث المختارة أيضًا، قال: أخرجه الضياء من الوجه الأول. تكلم عليه عندك في تخريجه؟

القارئ:

نعم، أحسن الله إليك. قال: إسناده حسن، يحيى بْن أَبِي الْحَجَّاجِ لين الحديث.

الشيخ:

هنا قال: إسناده صحيح لغيره. هذا من؟

القارئ:

الفحل. قال: لكن تابعه هلال بن حق، وهو صدوق حسن الحديث، فارتقى.

 الشيخ:

طيب، والحديث الثاني.

القارئ:

الثاني: قال: صحيح. أحسن الله إليك.

الشيخ:

الحديث الثاني: حديث يَعْقُوب بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيّ. قال عندك ماذا؟

القارئ:

الثاني: قال: صحيح. أحسن الله إليك. أخرجه ابن أبي شيبة والبزار، وابن حبان.

الشيخ:

طيب، وعلى هذا؛ ففقه الترجمة أن الإنسان إذا حبس بئرًا فله أن يشرب منها، كما أنه إذا أوقف مسجدًا يصلي فيه مع الناس، وإذا أوقف بئرًا يشرب منها مع الناس، وكذلك لو أوقف برادة؛ ثلاجة يشرب منها الناس؛ له أن يشرب منها.

والدليل على هذا: هذا الحديث الصحيح أن عثمان -رضي الله عنه-؛ لما قدم النبي المدينة قال: «مَنْ يَشْتَرِي رُومَةَ، فَيَجْعَلُ دَلْوَهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ؟»؛ كانوا يأتون بدلاء، الدلاء من الجلد، يربط بحبل، يوضع في البئر، ويستخرج منه الماء، كل واحد يستخرج، يأتي بدلوه، سابقًا كان يستخرج الماء، فيكون له دلو كدلاء المسلمين، فالإنسان إذا أوقف ماءً (بئرًا) له أن يشرب منها، وإذا أوقف مسجدًا يصلي مع الناس فيه، وإذا أوقف ثلاجة أو برادة؛ له أن يشرب مع الناس، وإذا أوقف مصاحف؛ فله أن يقرأ فيها مع الناس.

القارئ:

أحسن الله إليك.

قال رحمه الله: "بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ أَجْرَ الصَّدَقَةِ الْمُحْبَسَةِ يُكْتَبُ لِلْمُحْبسِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَا دَامَتِ الصَّدَقَةُ جَارِيَةً.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ-، قال: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عَمَلٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبَّادٍ النَّسَائِيُّ بِبَغْدَادَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرَّهَاوِيَّ-، قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ -يَعْنِي أَبَاهُ-، قال: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «خَيْرُ مَا يَخْلفُ الْمَرْءُ بَعْدَهُ ثَلَاثًا: وَلَدًا صَالِحًا يَدْعُو لَهُ فَيَبْلُغُهُ دُعَاؤُهُ، أَوْ صَدَقَةً تَجْرِي فَيَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، أَوْ عِلْمًا يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَهُ»".

الشيخ:

هنا مكتوبة بالرفع.

الحديث الأول رواه الإمام مسلم في صحيحه، حديث أبي هريرة حديث في الصحيح، رواه مسلم في صحيحه: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عَمَلٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».

والثاني كذلك؛ إسناده حسن لغيره، ماذا عندك عن الثاني؟

القارئ:

صحيح. أحسن الله إليك.

ولم يضر ذكر فليح؛ لأن الإسناد محفوظ دونه.

الشيخ:

هنا قد حسنه لغيره.

القارئ:

لما أتى على فليح حشى عليه. أحسن الله إليك.

الشيخ:

فليح؟

القارئ:

نعم. قال الحافظ في الإتحاف: زاد يزيد بن سنان بين زَيْد بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فليح بن سليمان. والإسناد الأول أصح، وذكر المزي في تحفة الأشراف كلا الإسنادين من رواية ابن ماجه، وقال: ولعله من زيادات أبي الحسن القطاع عن أبي حاتم. والله أعلم.

الشيخ:

فقه الترجمة أن الصدقة الموقوفة والوقف يجري أجر الموقف بعد موته ما دامت الصدقة جارية، ولهذا قال: «انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عَمَلٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».

وكذلك الحديث الثاني؛ حديث "أَبِي قَتَادَةَ: «وَلَدًا صَالِحًا يَدْعُو لَهُ فَيَبْلُغُهُ دُعَاؤُهُ، أَوْ صَدَقَةً تَجْرِي فَيَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، أَوْ عِلْمًا يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَهُ».

المؤلف قال: ما دامت الصدقة جارية. طيب، إذا وقفت الصدقة فلا تجري؛ هل له أجر؟ هل يبقى الأجر؟ ظاهر الحديث، قال: «صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عَمَلٍ يُنْتَفَعُ بِهِ».

طيب، إذا تعطلت هذه الصدقة، توقفت؛ هل يكتب له أجر؟ نعم، وكذلك العلم، العلم قد يتسلسل في الطلبة، والكتب، لكن إذا توقف، وكذلك الولد إذا توفي، قد يكون هناك ولد، والولد يقوم مقامه، لكن هل الأجر يتوقف أم يستمر؟

مناقشة: «الأعمال بالنيات».

الشيخ:

يعني قد يكون توقف ليس بسببه، في بعض الناس مثلًا: أوقف هذه الصدقة، توقف النفع بها، والله -تعالى- يقول: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:181]، جاء إنسان بدل وغير، صدقة جارية أو بئر، وصرفها لغير المسلمين مثلًا، أوقف الماء، أوقف الصدقة، هل أجرها يستمر؟ هنا المؤلف قيد، قال: "بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ أَجْرَ الصَّدَقَةِ الْمُحْبَّسَةِ يُكْتَبُ لِلْمُحْبسِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَا دَامَتِ الصَّدَقَةُ جَارِيَةً".

لكن، إذا أوقفت، أوقفها بعض الناس، تعدى عليه وأوقفها، أو تعدى على بعض الكتب التي ينتفع بها، وغيَّرها، هل يستمر الأجر أو لا يستمر؟ الصدقات الجارية مثل صدقة عمر -رضي الله عنه- في الصدر الأول، الآن؛ هل هي مستمرة أم انقطعت؟ هنا قال: "مَا دَامَتِ الصَّدَقَةُ جَارِيَةً".

الأقرب والله أعلم أنه إذا كان غُيِّرت؛ فالأجر يستمر، والإثم على من غيَّر، والأجر مستمر للمحبس؛ لمن حبسها، وكذلك لمن علم علمًا، أو خلف ولدًا صالحًا.

القارئ:

أحسن الله عملك.

قال رحمه الله: "بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ.

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِسْقَاءُ الْمَاءِ».

حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِسْقَاءُ الْمَاءِ»".

الشيخ:

الحديث الأول أخرجه الإمام أحمد في مسنده، قال: من طريق قتادة، عن الحسن، وقتادة مدلس، والحسن كذلك. الأول: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ سَعْدٍ. فيه الحسن؟

القارئ:

انقطاع. أحسن الله إليك.

الشيخ:

في المسند. في رواية المسند يقول: من طريق قتادة، عن الحسن.

والثاني: حديث وكيع. تكلم عن الحديث الثاني؟ ماذا قال عن الحديث؟

القارئ:

كلاهما قال: فيه انقطاع، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ.

الشيخ:

كلاهما؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

رواية المسند: عن قتادة، عن الحسن. قال: وقتادة مدلس، والحسن كذلك مدلس.

«قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِسْقَاءُ الْمَاءِ».

والحديث الثاني؛ كلاهما يعني، المؤلف قال: "إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ". الخبر لم يصح، وعلى هذا؛ فيكون كلا الحديثين لا يصحن فيه انقطاع، ورواية الإمام أحمد من طريق قتادة، عن الحسن، وقتادة مدلس، والحسن كذلك.

الحسن عن أبي هريرة أم عن سعد؟ في رواية المسند قال: عن الحسن. ما ذكر الصحابي.

فعلى هذا؛ فسقي الماء داخل في عموم الصدقات، في عموم الوقف، داخل في وقف الآبار كما سبق، لكن كونه أفضل، أو أفضل الصدقة جاء في هذا الحديث؛ فيه ضعف.

لكنه، إذا أوقف، حفر الآبار، وأوقف الماء، هذا فيه فضل كما سبق، لكن كونه أفضل الصدقة؛ فقه الترجمة: "فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ"، وأنه قال: «أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِسْقَاءُ الْمَاءِ». قد يكون غيره أفضل منه.

القارئ:

أحسن الله عملك.

"بَابُ الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَتَكْفِيرِ ذُنُوبِ الْمَيِّتِ بِهَا.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ، وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يُوصِ، فَهَلْ يُكَفَّرُ عَنْهُ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ»".

الشيخ:

الحديث؛ يقول: إسناده صحيح على شرط مسلم. ماذا قال عليه عندك؟

القارئ:

أخرجه مسلم. أحسن الله عملك.

الشيخ:

أخرجه مسلم؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

هنا قال: وقد أخرجه في صحيحه. وفيه دليل على مشروعية الصدقة عن الميت ولو لم يوص.

وفيه أنه تكفَّر بها ذنوبه؛ إذا تصدق على الميت ولو لم يوص، وأن الميت ينتفع بها، وتكفَّر بها ذنوبه.

وعلى هذا؛ تشرع الصدقة على الميت، إذا مات الميت؛ يتصدق عنه، أو إذا جمع له شيء، وتصدق به عنه، أو جعل وقف؛ ينفعه، ويكفر الله له به سيئاته. «فَهَلْ يُكَفَّرُ عَنْهُ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ».

القارئ:

أحسن الله عملك.

"بَابُ ذِكْرِ كِتَابَةِ الْأَجْرِ لِلْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ بِالصَّدَقَةِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ؛ ح وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ أَوْصَتْ بِصَدَقَةٍ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ». قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: «وَلَمْ تُوصِ، وَإِنِّي لَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ لَتَصَدَّقَتْ».

الشيخ:

الحديث أخرجه الإمام مسلم عن هشام، وكذا البخاري؛ رواه الشيخان.

ما الفرق بين هذه الترجمة والترجمة السابقة؟ هذا فيه أن الميت يثاب إذا تصدق عنه الحي.

الترجمة الأولى: "الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَتَكْفِيرِ ذُنُوبِ الْمَيِّتِ بِهَا".

والترجمة الثانية: "كِتَابَةِ الْأَجْرِ لِلْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ بِالصَّدَقَةِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ".

الفرق بين الترجمتين.

القارئ:

الأولى تكفير الذنوب، والثانية كتابة الأجر.

مناقشة غير مسموعة: (01:46:26).

الشيخ:

متلازمان، قد يكتب الأجر، ولا تكفَّر، وقد تكفَّر الذنوب ولا يُكتب الأجر.

مناقشة غير مسموعة: (01:46:39).

الشيخ:

"الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَتَكْفِيرِ ذُنُوبِ الْمَيِّتِ بِهَا".

في الحديث الثاني قال: «أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ أَوْصَتْ بِصَدَقَةٍ»؛ كأنه يحدِّث نفسه، قال: «فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ؟».

في الثاني: قال: «فَهَلْ يُكَفَّرُ عَنْهُ؟». في الحديث الأول سأل عن التكفير، والثاني سأل عن الأجر. هذا هو الفرق بينهما، الأول فيه التكفير، والثاني له الأجر، وهما متلازمان. إذا كفرت السيئات بمعنى أنه حصل له الأجر والثواب.

مناقشة غير مسموعة: (01:47:53) هو يتصدق من ماله هو.

الشيخ:

لا، ليس من ماله، "الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّت".

مناقشة: أما الثاني من مال غيره.

الشيخ:

لا، كله من غير ماله، "الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّت"؛ يعني ما فيه وصية أنه يتصدق من ماله لا في الأولى، ولا في الثانية، ليس من مال الميت، لكن الأولى فيها: «فَهَلْ يُكَفَّرُ عَنْهُ إِنْ تَصَدَّقْتُ؟»، والثانية قال: «فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ؟».

إذًا، له أجر، يجمع بينهما؛ يكون له أجر، وتكفر عنه سيئاته، فإذا تصدق عن الميت بعد موته حصل له أجر، وكُفِّرت سيئاته، وهذا فيه حث، والترغيب على الصدقة عن الميت.

القارئ:

 أحسن الله عملك.

قال: "بَابُ الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَانْتِفَاعِ الْمَيِّتِ فِي الْآخِرَةِ بِهَا.

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: «خَرَجَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَحَضَرَتْ أُمَّ سَعْدٍ الْوَفَاةُ، فَقِيلَ لَهَا: أُوصِي. فَقَالَتْ: فِيمَا أُوصِي؟ إِنَّمَا الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ. فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ سَعْدٌ، فَلَمَّا قَدِمَ سَعْدٌ ذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ سَعْدٌ: حَائِطُ كَذَا وَكَذَا صَدَقَةٌ عَنْهَا، لِحَائِطٍ قَدْ سَمَّاهُ».

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قال: أَخْبَرَنِي يَعْلَى -وَهُوَ ابْنُ حَكِيمٍ- أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ -أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ- قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ، فَهَلْ يَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا بِشَيْءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي الَّذِي بِالْمِخْرَافِ صَدَقَةٌ عَنْهَا»".

الشيخ:

في رواية: «أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي ِالْمِخْرَافِ»، الحائط: البستان. المخارف يعني الذي قرب خرافه؛ يعني ثماره. وقت الثمار؛ يعني بستان، وقت الرطب، وقت العنب، مخراف؛ يعني دنا خرافه، وقطاف ثماره، فقال: «أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي ِالْمِخْرَافِ»؛ يعني أتصدق بهذا البستان عن أمه، وهذا البستان في وقت الخراف، وقت نضوج الثمار، مثلًا: في عنب، نضجت نخل فيه تمر.

وهذه الترجمة؛ الحديث الأول؛ كله في الصحيح، في البخاري؛ حديث سعد. في البخاري عندك الحديث؟

القارئ:

في النسائي. أحسن الله إليك. وفي الكبرى له، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي.

الشيخ:

قال هنا: إسناده حسن، وفي الموطأ، يقول الشيخ ناصر: من طريق مالك.

والثاني: إسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات، وفي المسند من طريق أخرى عن ابن جريج. عندك في النسائي يقول؟

القارئ:

نعم. أحسن الله إليك.

مناقشة غير مسموعة: (01:52:28).

الشيخ:

ماذا قال؟

مناقشة: أحال فقط.

الشيخ:

قال: وفي المسند من طريق أخرى عن ابن جريج تبعًا، وخرجه في الوصايا من وجه ناصر.

مناقشة غير مسموعة: (01:52:51).

القارئ:

الثاني في البخاري. أحسن الله إليك.

الشيخ:

«أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي الَّذِي بِالْمِخْرَافِ»؟.

القارئ:

نعم، البخاري. أحسن الله إليك.

الشيخ:

الأعظمي لما ذكره ذكره في البخاري؟

القارئ:

نعم. أحسن الله إليك، الثاني في البخاري.

الشيخ:

الثاني؟

القارئ:

حديث عَبْد اللَّهِ بْن إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيّ.

الشيخ:

في الحاشية في البخاري عندك؟ أظنه في البخاري.

القارئ:

في البخاري.

الشيخ:

في البخاري؟

القارئ:

نعم. أحسن الله إليك.

الشيخ:

ذكره في شرح الطحاوية، وعليه؛ فالصدقة على الميت تنفعه، أيضًا هذه الترجمة مثل الترجمتين السابقتين، تشتبه معهم؛ الترجمة الأولى في أن الصدقة تكفر بها السيئات عن الميت، والثانية: أنه له فيها أجر، والثالثة: إذا توفي فإنه ينتفع، «فَهَلْ يَنْفَعُهَا؟»؛ أنه ينتفع.

فعلى هذا؛ كل التراجم الثلاث؛ كلها في الصدقة عن الميت من غير ماله، لكن فرق بينهم المؤلف في التراجم الثلاث؛ أن الترجمة الأولى؛ أن السائل قال: «فَهَلْ يُكَفَّرُ عَنْهُ؟»؛ ففيها أن الصدقة تكفر عن سيئاته، والثانية: «فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ؟»؛ فيها أجر، والثالثة: «فَهَلْ يَنْفَعُهَا؟»؛ أنه ينتفع.

دل على أن الصدقة على الميت تكفر بها سيئاته، وله فيها أجر، وينتفع. هذا الفرق بين التراجم الثلاث، كلها في دليل على مشروعية أو استحباب الصدقة عن الميت من غير ماله.

مناقشة: هل الصدقة عن الميت فيها أجر للمتصدق؟

الشيخ:

لا شك أن المتصدق مأجور، إذا أحسن إلى أخيه له أجر سواء حي أو ميت، «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل».

مناقشة: يكون شريك معه في الأجر؟

الشيخ:

له أجر آخر، «من دعا لأخيه بظهر الغيب وكَّل الله ملكًا، قال: آمين، ولك بمثله»، فإذا كان هذا في الدعاء فكذلك ولك بمثله، في الدعاء «من دعا لأخيه بظهر الغيب وكَّل الله ملكًا، قال: آمين، ولك بمثله»، فكذلك إذا تصدق عليه وأحسن إليه فله أجر.

مناقشة غير مسموعة: أحسن الله إليك، (01:57:00).

الشيخ:

الذي يصل للميت باتفاق الصدقة كما استمعنا في الحديث، والدعاء يصل إلى الميت من الحي، الأدلة كثيرة، والحج، والعمرة، وتدخل في الصدقة: الأضحية. هذا باتفاق أهل السُّنَّة والجماعة.

كذلك أيضًا إذا كان عليه صوم واجب يقضى عنه، «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» كما في حديث عائشة في البخاري.

بقي الأعمال البدنية، هل ينفع الميت أن يصلي عنه ركعتين، وينوي ثوابها للميت؟ يصوم عنه يومًا، وينوي ثيابه؟ هو ما عليه صيام؛ تطوع؟ يختم القرآن، وينوي ثوابه للميت؟ يسبح وينوي ثوابه للميت؟ يطوف بالبيت سبعة أشواط، وينوي ثوابه للميت؟ قال بهذا جمع من أهل العلم، وكان قول الجمهور، قالوا: يقاس. يقاس على ماذا؟ قاسوه على أي شي؟ على الصدقة، وعلى الحج، وعلى العمرة والدعاء، وكان هذا قول الجمهور.

وعلى هذا الحنابلة؛ قال صاحب الزاد: كل قربة فعلها، وجعل ثوابها لمسلم حي أو ميت نفعه مطلقًا، عام، كل قربة. وهذا مذهب الأحناف والحنابلة.

والقول الثاني لأهل العلم، وهذا مذهب المالكية والشافعية أنه يقتصر على الأمور الأربعة، قالوا: لأن الأصل في العبادة الحظر والمنع، تقف، وقراءة القرآن؛ اقرأ القرآن لنفسك ثم ادع للميت، صل ركعتين لنفسك ثم ادع للميت، صم يومًا ثم ادع للميت، يكفي الدعاء. هذ القول الثاني، وهذا هو ظاهر الأدلة، لكن بعض العلماء قاسوا.

هناك بعض أهل البدع كالمعتزلة وغيرهم قالوا: ما ينفع الميئ شيء أبدًا حى ولو صدقة من غيره، واستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم:39]. لكن هذا مردود، والأدلة معروفة.

القارئ:

أحسن الله إليك.

هناك كلام عن مسألة تغيير الواقف. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تغيير بعض الشروط التي اشترطها الواقف إلى ما هو أفضل كما في الشرح الممتع، قال: وهذه المسالة اختلف فيها العلماء، فمنهم من يقول: إن الواقف إذا شرط شروطًا في الوقف، ورأى الناظر أن غير هذا الشرط أنفع للعباد، وأكثر أجرًا؛ فإنه لا بأس أن يصرفه إلى غيره.

ومنهم من منع ذلك، وقالوا: إن هذا الرجل أخرج هذا الوقف عن ملكه على وجه معين، فلا يجوز أن يتصرف في ملكه إلا حسب ما أخرجه.

وأما الذين قالوا بالجواز فيقولون: إن أصل الوقف للبر والإحسان، فما كان أبر وأحسن فهو أنفع للواقف. واستدل هؤلاء بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتاه رجل عام الفتح، وقال: «يا رسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس. فقال: صل هاهنا. فأعاد عليه، فقال: صل هاهنا. فأعاد عليه، فقال: صل هاهنا. فأعاد عليه، فقال: شأنك إذًا».

الشيخ:

«إذًا»؛ يعني افعل ما تشاء.

القارئ:

أحسن الله إليك، «شأنك إذًا».

والوقف شبيه بالنذر، فإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجاز للناذر أن ينتقل إلى الأفضل؛ فالواقف كذلك، وهذا القول هو الصحيح؛ أنه يحوز أن يغير شرط الواقف إلى ما هو أفضل ما لم يكن الوقف على معين، فإن كان الوقف على معين لم يجز صرفه إلى جهة أفضل؛ لأنه معين، فتعلق الحق بالشخص المعين، فلا يمكن أن يُغيَّر أو يحوَّل. انتهى.

القارئ:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين، ولوالدينا والمسلمين أجمعين.

وبعد:

قال ابن خزيمة -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ، أَفَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟»، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ، وَقَالَ: فَإِنَّ لِي مَخْرَفًا»؛ يَعْنِي: بُسْتَانًا".

الشيخ:

الإسناد صحيح كما سبق.

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ بِسَقْيِ الْمَاءِ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي قَدْ بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ هَذَا مِنْ فَضَائِلِ الْقَوْلِ وَالْأَعْمَالِ، لَا أَنَّهُ جَمِيعُ الْإِيمَانِ؛ إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ الِاسْتِقَاءَ عَلَى بَعِيرِهِ الْمَاءَ، وَسَقْيَهُ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا لَيْسَ بِجَمِيعِ الْإِيمَانِ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ كُدَيْرٍ الضَّبِّيِّ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: تَقُولُ الْعَدْلَ، وَتُعْطِي الْفَضْلَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ؟ قَالَ: فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاعْهَدْ إِلَى بَعِيرٍ مِنْ إِبِلِكَ وَسِقَاءٍ، فَانْظُرْ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ لَا يَشْرَبُونَ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا، فَإِنَّهُ لَا يَعْطَبُ بَعِيرُكَ، وَلَا يَنْخَرِقُ سِقَاؤُكَ حَتَّى تَجِبُ لَكَ الْجَنَّةُ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَسْتُ أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ كُدَيْرٍ".

الشيخ:

قال عنه الأعظمي: قلت: رجاله وإسناده ثقات؛ رجال البخاري على اختلاط أبي إسحاق، وعنعنته، وهو السَّبيعي، لكنه صرح بالتحديث عن شعبة عنه، قال: رواه قبل الاختلاط، وإنما العلة الإرسال؛ لأن كديرًا الضبي لم تثبت صحبته، كما بينه الحافظ في الإصابة، وكذلك بينه (02:04:43) في الترغيب والترهيب، وجزم بوهم من عدَّه في الصحابة، راجعتم الإصابة الزيادة، قال: رواه الطبراني في الكبير، رجاله.

المؤلف قال: "قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَسْتُ أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ كُدَيْرٍ".

القارئ:

أحسن الله إليكم، علق عليه الأعظمي.

الشيخ:

ماذا قال عنه؟

القارئ:

قال: قلت: قد صرَّح شعبة في رواية عنه بالسماع، فقال الطيالسي في مسنده: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق، قال: سمعت كدير الضبي، قال: «أتى رجل»، فذكر الحديث. فزالت شبهة تدليسه واختلاطه أيضًا، فالعلة الإرسال كما سبق بيانه آنفًا.

الشيخ:

"قَالَ: لَسْتُ أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ كُدَيْرٍ"؛ يعني سماعه ما فيه إشكال، بقي الإرسال، ماذا قال عليه الفحل؟

مناقشة: قال: إسناده ضعيف لإرساله، فكدير تابعي ليس له صحبة، قد قاله أبو داود في سؤالاته لأحمد بن حنبل، قلت لأحمد: كدير له صحبة؟ قال: لا.

أحسن الله إليك. تكلم عن كلام ابن خزيمة، "قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَسْتُ أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ كُدَيْرٍ".

الشيخ:

ماذا قال عنه؟

مناقشة:

صرح أبو إسحاق بالسماع من كدير في مسند الطيالسي، و(معرفة الصحابة) لأبي نعيم، فانتفت هذه العلة، وقد نقل الحافظ ابن حجر في (إتحاف المهرة) قول ابن خزيمة، ثم عقبه بقوله: "قلت: قد صرح شعبة عن أبي إسحاق بأنه سمع من كدير"، وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة، لكن توقف الجمهور في صحة صحبة كدير.

الشيخ:

يعني العلة الإرسال؛ مرسل.

"بَابُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ بِسَقْيِ الْمَاءِ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا"؛ الغب يعني يومًا بعد يوم، "لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا"؛ يعني لا يجده كل يوم.

"بَابُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ بِسَقْيِ الْمَاءِ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي قَدْ بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ هَذَا مِنْ فَضَائِلِ الْقَوْلِ وَالْأَعْمَالِ".

الشق الثاني في الترجمة؛ ما ذكر الأحاديث في سقي الماء، أليس كذلك؟ الترجمة الأولى مكونة من شقين:

الشق الأول: "إِيجَابِ الْجَنَّةِ بِسَقْيِ الْمَاءِ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا"، وهذا ذكر فيه الحديث، والحديث مرسل، والمرسل ضعيف؛ "إِيجَابِ الْجَنَّةِ بِسَقْيِ الْمَاءِ"، إذا قلنا: إن سقي الماء داخل في الوقف؛ بإيقاف الوقف، والوقف يسمى الصدقة الجارية، والصدقة الجارية لها أجر عام، تقييده بــــ "مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا" جاء في هذا الحديث، وهذا الحديث مرسل.

والشق الثاني: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»"؛ هذا ما ذكر له حديثًا.

"قَوْلَهُ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»"، يقول المؤلف: "مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي قَدْ بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ هَذَا مِنْ فَضَائِلِ الْقَوْلِ وَالْأَعْمَالِ، لَا أَنَّهُ جَمِيعُ الْإِيمَانِ".

«مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»؛ يعني من قال: لا إله إلا الله فهو مؤمن.

مناقشة غير مسموعة: (02:09:36) «تقول العدل».

الشيخ:

"«دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: تَقُولُ الْعَدْلَ»"؛ يعني هذا يدل على الشهادة؟

مناقشة: كأنه قاس حديث «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» على هذا الحديث.

الشيخ:

على ماذا؟

مناقشة: على من سقى الماء غبًّا وجبت له الجنة.

الشيخ:

أين القياس؟

مناقشة: كما أن سقي الماء ليس كل الإيمان، فكذلك قول: (لا إله إلا الله) ليس كل الإيمان؛ كما قال: "لَا أَنَّهُ جَمِيعُ الْإِيمَانِ".

الشيخ:

أنت قست على أن سقي الماء ليس ماذا؟ "إِيجَابِ الْجَنَّةِ بِسَقْيِ الْمَاءِ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا".

مناقشة: سقي الماء ليس جميع الإيمان، فكذلك قول: (لا إله إلا الله) ليس بجميع الإيمان.

الشيخ:

"إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ الِاسْتِقَاءَ عَلَى بَعِيرِهِ الْمَاءَ، وَسَقْيَهُ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا لَيْسَ بِجَمِيعِ الْإِيمَانِ".

"إِيجَابِ الْجَنَّةِ بِسَقْيِ الْمَاءِ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا"، وهذا الحديث مرسل، وجبت له الجنة، "وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي قَدْ بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ هَذَا مِنْ فَضَائِلِ الْقَوْلِ وَالْأَعْمَالِ، لَا أَنَّهُ جَمِيعُ الْإِيمَانِ؛ إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ الِاسْتِقَاءَ عَلَى بَعِيرِهِ الْمَاءَ، وَسَقْيَهُ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا لَيْسَ بِجَمِيعِ الْإِيمَانِ".

يعني قاس عليه نعم، يعني من قال: (لا إله إلا الله) فهو مؤمن ليس جميع الإيمان، كذلك أيضًا إذا سقى الماء على بعيره مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا لَيْسَ بِجَمِيعِ الْإِيمَانِ كما أن هذا ليس جميع الأعمال، وإن هذا من فضائل القول، ومن فضائل الأعمال، هذا من فضائل الأعمال، وهذا من فضائل القول، هذا من فضائل أقوال الإيمان، وهذا من فضائل أعمال الإيمان.

لا شك أن الإيمان أقوال وأعمال، قول لا إله إلا الله كلمة التوحيد، وكذلك جميع الأقوال كلها من الإيمان، الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والذِّكر، والدعوة إلى الخير، وتعليم العلم؛ كلها داخلة في الأقوال، كلها من الإيمان، فقول: لا إله إلا الله بعض الإيمان.

وكذلك أيضًا: سَقْي الْمَاءِ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا؛ هذا بعض أعمال الإيمان، وأعمال الإيمان كثيرة، الأعمال، منها: الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والصدقة، ومنها سقي الماء.

القارئ:

أحسن الله إليكم.

قال ابن خزيمة رحمه الله: "كتاب المناسك".

الشيخ:

عندك حديث؟

مناقشة:

قال: "الأحاديث المنسوبة في (إتحاف المهرة) إلى كتاب الزكاة: «يخرج قوم فيكم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم» الحديث.

قال: حدثنا حمدان بن علي، وأبو المثنى، قالا: حدثنا".

الشيخ:

عندك ترجمة؟

القارئ:

قال: "الأحاديث المنسوبة في (إتحاف المهرة) إلى كتاب الزكاة: «يخرج قوم فيكم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم» الحديث.

قال: حدثنا حمدان بن علي، وأبو المثنى، قالا: حدثنا القعنبي، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد.

وعن عمر بن شبة قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد، فذكره.

وعن الربيع بن سليمان، عن يعقوب بن أبي عبَّاد القلزمي، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد نحوه، فسألاه".

طبعًا، في الحاشية ذكر أنه أخرجه البخاري ومسلم من طريق يحيى بن سعيد، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد الخدري، فسألاه عن الحرورية؛ أسمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ما أدري؟ سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يخرج في هذه الأمة. ولم يقل: منها. قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، يقرأون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه، فيتمارى في الفوقة؛ هل علق بها من الدم شيء؟»".

الشيخ:

هنا يقول: هذه من الأحاديث الملحقة بماذا؟

القارئ:

"الأحاديث المنسوبة في (إتحاف المهرة) إلى كتاب الزكاة".

الشيخ:

ما الشاهد هنا من الحديث؟

القارئ:

كأنهم استدركوا الفقرة.

الشيخ:

«تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم»، فيه ذكر الصدقة، والزكاة؟ فيه الصلاة والصيام.

القارئ:

كأنهم استدركوا الفقرة.

الشيخ:

«تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم»، فيه ذكر الصدقة، والزكاة؟ فيه الصلاة والصيام. لا يوجد: تحقرون صدقتكم إلى صدقتهم. لا الصدقة، ولا الزكاة. أي نسخة هذه؟

مناقشة غير مسموعة: (02:17:02).

الشيخ:

الأحاديث الملحقة؛ ماذا يقول؟

القارئ:

قال: "الأحاديث المنسوبة في (إتحاف المهرة) إلى كتاب الزكاة".

الشيخ:

فقط؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

أي نسخة هذه في حديث الخوارج؟ ما يصلح دخولها الآن في الزكاة، «تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم»، فيه ذكر الزكاة؟

مناقشة غير مسموعة: (02:17:35).

الشيخ:

منع الزكاة؟ الخوارج يمنعون الزكاة؟ ما فيه ذكر الزكاة، ولا الصدقة، فيه ذكر الزكاة والصدقة؟ ما فيه.

على كل حال؛ "كتاب المناسك".

إعادة:

القارئ:

أحسن الله إليكم.

"الأحاديث المنسوبة في (إتحاف المهرة) إلى كتاب الزكاة".

الشيخ:

فقط؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

حديث الخوارج، ما يظهر الآن وجه دخولها في الزكاة، «تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم»، فيه ذكر الزكاة والمال؟

مناقشة غير مسموعة: (02:18:26).

الشيخ:

منع الزكاة؟ الخوارج يمنعون الزكاة؟ ما فيه ذكر الزكاة ولا الصدقة، فيه ذكر الزكاة والصدقة؟ ما فيه.

على كل حال؛ "كتاب المناسك".

القارئ:

أحسن الله إليكم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد