شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح ابن خزيمة_5

00:00
00:00
تحميل
4

قال الإمامُ/ الحافظُ ابنُ خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

"جُمَّاعُ أَبْوَابِ فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَصِيَامِهِ"

"بَابُ اسْتِحْبَابِ الِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ فِي رَمَضَانَ «لَعَلَّ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ بِرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، يَغْفِرُ لِلْمُجْتَهِدِ قَبْلَ أَنْ يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ وَلَا يَرْغَمُ بِأَنْفِ الْعَبْدِ بَمُضِّي رَمَضَانَ قَبْلَ الْغُفْرَانِ»"

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَقِيَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ» ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا فَقَالَ: «قَالَ لِي جِبْرِيلُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَ عَبْدٍ - أَوْ بَعُدَ - دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ - أَوْ بَعُدَ - أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ - أَوْ بَعُدَ - ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ».

الحديث أحسن الله إليك: "إسناده حسن من أجل كثير بن زيد، وأخرجه أحمد، والبخاري في الأدب، والترمذي، وابن حِبان، والحاكم، والبيهقي، وأخرجه مسلم مختصرًا". انتهى أحسن الله إليك.

الشيخ:

نعم. الحديث لا بأس به.

ماذا قال عليه؟

الطالب:

إسناده جَيد.

الشيخ:

أخرجه مسلم، والحديث صحيح لا بأس به، فيه أن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أمَّن على المسائل الثلاثة: ووضح أنه أتاه جبريل قال:

  • رَغِمَ أَنْفُ مَن أدركَ شهر رَمَضَان فلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، قل: "آمين، فَقُلْتُ: آمِينَ".
  • ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ مَن أَدْرَكَ أبويه أَوْ أَحَدَهُمَا في الكبر فلمْ يُدْخِلاه الْجَنَّةَ، قل: "آمين، فَقُلْتُ: آمِينَ".
  • ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ الله أَنْفُ مَن ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، قل: "آمين، فَقُلْتُ: آمِينَ".

هذه الثلاث آمَّن عليها النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- دعائه، وهي تدل على أن من حصلت عليه واحدة من هذه الثلاثة أنه يُخشى عليه من الحِرمان.

 دخل شهر رمضان وأسباب المغفرة متعددة وكثيرة ولم يغفر له، يعني ما تعرض لرحمة الله، وما تعرض لأسباب الرحمة وفوت على نفسه الفرصة، والوقت الثمين، فلم يستغله في طاعة الله عز وجل.

والثاني كذلك: ترك أبويه مدة من عمره أو أحدهما ولم يقم بما أوجب الله عليهما من برهما وإحسانهما، بل إما ترك البر والإحسان، أو وقع في الإساءة، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله.

والثالث: من ذكر عنده النبي صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم، يُصلي عليه؛ لأن هذا لا يكلفه شيئًا.

أحد الحضور:

(05:04). في مسلم أحسن الله إليك ذكر فقط الوالدين.

الشيخ:

ما ذكر الثلاثة؟

الطالب:

لأ، ما ذكر الثلاثة.

 قَالَ: «من أَدْرَكَ أحد أبويه عند الكبر أَوْ أَحَدَهُمَا فلَمْ يُدْخِلْ الْجَنَّة».....(05:12).

الشيخ:

ومَن ذكرت عنده؟

الطالب:

لأ، لم يذكره. في حديث مسلم فقط: «مَن أدرك أحد أبويه».

القارئ:

وهنا أخرجه مسلم مختصرًا.

الشيخ:

وهو حديث صحيح.

القارئ:

"بَابُ اسْتِحْبَابِ الْجُودِ بِالْخَيْرِ وَالْعَطَايَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى انْسِلَاخِهِ اسْتِنَانًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"

الشيخ:

استنانًا: اقتداءً.

القارئ:

ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ، قال: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ».

قال أحسن الله إليك: "صحيحٌ، أخرجه أحمد، والبخاري، وفي (الأدب المفرد له)، ومسلم، والترمذي في الشمائل، وأبو عوانة كما في (إتحاف المهرة)، وابن حبان، والبيهقي من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري به، وأخرجه معمر بن راشد في (جامعه)، وابن أبي شَيبة، وأحمد، وعبدُ بن حميد، والبخاري، ومسلم، والنسائي وفي (الكبرى له)، وأبو يعلى، وأبو عوانة كما في (إتحاف المهرة)، وابن حبان، والبيهقي في (الدلائل الكبرى)، والبغوي من طُرقٍ عن الزهري به". متفقٌ على صحته.

الشيخ:

الحديث صحيح، وفيه أن جبريل كان يتدارس القرآن مع النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- ويعرضه عليه في رمضان، ويدرس القرآن، يمر عليه القرآن من أوله إلى آخره في شهر رمضان، في كل ليلة يعرض جزء، وفي السَّنَة الأخيرة عرضه عليه مرتين، دارسه مرتين، وفيه جُهد النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- إذا وافقَ جبريل ودارسه القرآن، وأن جُهد -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- يزيد، «كان الرسول -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أجود بالخير من الريح المرسلة» عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام.

الطالب:

من الأئمة أنه (08:35)؟

الشيخ:

طيب، هذا مستحب أن يمر بالقرآن كله، الأئمة يسمعون القرآن كله في رمضان، فهذا طيب.

الطالب:

أحسن الله عملك، في زيادة هنا قال الحافظ: "رواه أبو بكر الهُدني (09:01) عن الزهري وزاد فيه: «أطلق كل أسير».

الشيخ:

يعني هذا من الجود، ومن الكرم أن الأُسراء يَمُنَّ عليهم ويُطلقهم، لكن هذه الزيادة هل لها متابعة؟

الطالب:

قال: "أخرجه ابن عساكر في مقدمة التاريخ، ورواه حمَّاد بن زيد عن نعمان بن راشد، وأبو أيوب، ومَعمر عن الزهري عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها".

الشيخ:

عن الزهري عن عائشة. انقطع؟

الطالب:

قال: "والمحفوظ حديث يونس ومَن تابعه".

الشيخ:

الحديث الأول يعني؟

الطالب:

نعم. أحسن الله إليك.

الشيخ:

والزهري ما أدرك عائشة، منقطع.

 من رواية الزهري عن عائشة؟

الطالب:

عن الزهري عن عروة عن عائشة.

الشيخ:

إذًا متصل.

 لكن هل لها متابعة أو شاذة؟ (09:55) إن كان له متابعة فلا بأس به، وإلا تكون شاذة ......

ويطلق الأثير فيه تفصيل:

  • إذا كان عند المسلمين، كان إطلاقه فيه مصلحة يَمن عليه.
  • وإذا كان في بقائه في الأسر إذا كان يُغشى من شره فيبقى في الأسر.

الطالب:

(10:34) مناقشة غير مفهومة. عن طريق الدين أو ....؟

الشيخ:

نعم، إذا كان فيه مصلحة يطلق الأسير في (10:37).

القارئ:

"بَابُ الِاجْتِنَانِ بِالصَّوْمِ مِنَ النَّارِ «إِذِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الصَّوْمَ جُنَّةً مِنَ النَّارِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ»"

الشيخ:

الِاجْتِنَانِ: الاستتار، يجتن: يستتر، يعني يستتر من النار بالصوم، فالصوم جُنة وسِتر، اتقِ النار.

القارئ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ».

الشيخ:

جُنة: يعني سِتر يستتروا بها، كما يستتر الفارس بالدَركة عن وقع النِبال، جُنة يعني ستر يستتر بها وتقيه.

تخريجه؟

القارئ:

متفقٌ عليه.

الشيخ:

وهذا لا إشكال فيه أن الصوم جُنَّة، فضل الصوم، وأنه سِتر من النار، يستتر من النار.

القارئ:

أحسن الله إليك.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، فَدَعَا بِلَبَنٍ لِقحَةٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ، كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ».

قَالَ: «وَصِيَامٌ حَسَنٌ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ».

الشيخ:

تخريجه؟

القارئ:

قال: "إسناده حَسن، محمد بن إسحاق صدوق حَسن الحديث، وقد صرَّح بالسماع، وأخرجه ابن أبي شَيبة وأحمد والنسائي وفي الكبرى له والطبراني في الكبير من طريق محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي هند، وأخرجه أحمد وابن حبان والطبراني في الكبير من طُرق عن سعيد به، وأخرجه أحمد من طريق مطرِّف، وأخرجه النسائي وفي الكبرى له من طريق سعيد بن أبي هند عن عثمان بن أبي العاص مرسلًا، وسيأتي عند الحديث".

الشيخ:

صرَّح بالحديث، صرَّح بالسماع.

يعني حكم عليه بالحُسن من أجل محمد بن إسحاق أنه صدوق، وهو ثقة.

ماذا قال عندك؟

الطالب:

إسناده حسن (14:09).

الشيخ:

أعد ترجمة الحديث.

القارئ:

"بَابُ الِاجْتِنَانِ بِالصَّوْمِ مِنَ النَّارِ «إِذِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الصَّوْمَ جُنَّةً مِنَ النَّارِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ»"

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، فَدَعَا بِلَبَنٍ لِقحَةٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ، كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ».

الشيخ:

كما أن الجُنَّة من القتال تمنع أو تقي الفارس وقع النِبال، فكذلك الصوم يقي الصائم من النار، «الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ، كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ».

القارئ:

قَالَ: «وَصِيَامٌ حَسَنٌ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ».

الشيخ:

نعم، وهذا أيضًا جاء صيام ثلاثة أيام من كل شهر جاء في الحديث الصحيح أن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أوصى أبا الدرداء وأبا هريرة صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأوصاه بسُنة الضحى، وأوصاه أن يوتر قبل أن ينام.

جاء في حديث أبي ذر: «إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر»، صيام ثلاثة أيام من كل شهر هذا في الحديث الصحيح مطلق عام، وفي حديث أبي هريرة جعلها في الأيام البيض هذا الأفضل إن تيسر، وحديث أبي هريرة حديث حسن.

صيام ثلاثة أيام من كل شهر صحيح، متفق عليه.

القارئ:

بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا يَكُونُ جُنَّةٌ بَاجْتِنَابِ مَا نُهِيَ الصَّائِمُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِمَّا لَا يُفْطِرُهُ، وَلَكِنْ يَنْقُصُ صَوْمُهُ عَنِ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ "

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلَانِيُّ، نا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ غُطَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهُ».

الشيخ:

قال بعضهم: "بما يَخرقه؟"، قال: "بغيبةٍ أو نميمة".

والمؤلف يقول إنه إذا اجتنب ما نُهي عنه صار جُنَّة، وإن لم يفطر بما نهي عنه، يعني لا تنقض الصوم إنما يفطر بما يفعله مما نُهي عنه في الصوم خاصة كالأكل والشرب، وإن كان بعض السلف قال: "بعض الكبائر تُفَطر، وورد على بعض السلف أن الغِيبة تُفطر"، لكن القول ضعيف مرجوح، صومه صحيح لكنه ينقص ثوابه وأجره.

القارئ:

قال: "إسناده ضعيف، فإن بَشار بن أبي سيف مقبولٌ حيث يُتابع، ولم يُتابع هنا".

الطالب:

لكن صوابه أحسن الله إليك بشَّار، قال هنا كذا وصوابه بشَّار.

الشيخ:

مَن يقول هذا؟

الطالب:

(18:42)

وقال صحيحٌ موقوف على أبي عبيدة.

الشيخ:

يُراجع. ماذا قال عندك؟

القارئ:

إسناده ضعيف له شاهد، لكنه ضعيف جدًّا كما في الضعيفة.

الشيخ:

إذا كان الشاهد ضعيف جدًّا ما ينفع، يعني في متهم بالكذب.

القارئ:

قال في شأن بشَّار بن أبي سيف: "تحريفٌ في الأصل، وفي سنن الدارمي إلى سيف بن أبي سيف وهو خطأ، والصواب ما أثبته وهو الموافق لإتحاف المهرة، وكتب الرجال".

الشيخ:

يَحْيَى بْنُ نَصْرِ ما عندك؟

القارئ:

بحر بن نصر تحريفٌ كذلك في الأصل (يحيى) والتصويب من إتحاف المهرة، والنُقط لما وقع في أسانيد صحيح بن خزيمة من التصحيف والسقط.

قال: "حدثنا بحر" وكلمة بحر صوبها المحقق من إتحاف المهرة.

الشيخ:

تحريف النقط؟

القارئ:

نعم. بحر ويحيى.

الشيخ:

يعني الراء تشبه الياء.

أعد السند.

القارئ:

حَدَّثَنَا بَحر بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلَانِيُّ، نا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ غُطَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهُ».

الشيخ:

الصواب أنه موقوف على أبي عُبيدة؟

القارئ:

نعم.

قال: "إسناده ضعيف، فإن بَشار بن أبي سيف مقبولٌ -يعني إذ تُوبع- وهنا لم يُتابع".

الشيخ:

لكن قال الصواب أنه موقوف على أبي عبيدة عندك؟

القارئ:

لأ.

الطالب:

صححه (21:30 الصوت مختفي).

الشيخ:

الشيخ صالح اللحام ينقل عن الشيخ الألباني؟

الطالب:

نعم.

الشيخ:

وأبو عبيدة مثل هذا لا يقال من جهة الرأي، وله حكم الرفع.

( الصوت يختفي 21:52).

«الصَّوْمُ جُنَّةٌ ....»؟

القارئ:

نعم.

«الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهُ».

الشيخ:

والمعنى يقتضي هذا، والحديث السابق «الصَّوْمُ جُنَّةٌ»، والأحاديث الأخرى قد يقال: "تشهد له"؛ لأنه لم يكون جُنَّة إلَّا إذا لم يكن هناك خروق، إذا كان هناك خروق ما منعت دخول السهام.

القارئ:

"بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ وَأَنَّهُ لَا عَدْلَ لَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ"

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، نا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الْهِلَالِيَّ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ».

الشيخ:

تخريجه؟

القارئ:

تخريجه أحسن الله إليك، قال: "حديثٌ صحيح".

نكمل كلام المؤلف.

 قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ هَذَا هُوَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ شُعْبَةُ: هُوَ سَيِّدُ بَنِي تَمِيمٍ".

ثم قال المحقق أحسن الله إليك: "حديثٌ صحيح، أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شَيبة وأحمد والنسائي وفي الكبرى له وابن حبان والطبراني في الكبير والحاكم وأخرجه الإمام أحمد عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن أبي نصر عن أبي أُمامة ليس فيه رجاء بن حيوة". في مسند الإمام أحمد.

الشيخ:

ماذا قال عندك؟

الطالب:

يقول: "إسناده ضعيف؛ أبو نصر الهلالي مجهول من طريق شُعبة، قلت: قد أسقط جماعة من الثقات أبا نصر من السند وصرَّح ابن أبي يعقوب بالسماع من رجاء في رواية للنسائي، وله شاهد ذكرته في الصحيحة".

الشيخ:

ماذا قال عندك؟

القارئ:

"حديثٌ صحيح، أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شَيبة وأحمد والنسائي وفي الكبرى له".

الشيخ:

الهلالي مجهول؟

الطالب:

أبو نصر الهلالي مجهول.

الشيخ:

أبو نصر الهلالي في التقريب؟

تكلم عليه الشيخ صالح.

القارئ:

ممكن يكون في التقريب.

الشيخ:

أعد الترجمة.

القارئ:

"بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ وَأَنَّهُ لَا عَدْلَ لَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ"

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، نا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الْهِلَالِيَّ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ هَذَا هُوَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ شُعْبَةُ: هُوَ سَيِّدُ بَنِي تَمِيمٍ".

الشيخ:

«لَا عِدْلَ لَهُ»: لا مِثل له، وفيه إشكال أن فضل الصلاة أعظم من الصيام، يقال: "إن الصيام لا عدل له" مع إن الصلاة أعظم. (26:21) الصوت يختفي.

لا مثل له من الأعمال، لا عدل له من الأعمال، والصلاة أفضل جاء في الصلاة ما لم يأتِ في الصوم، قُيد لا عِدل له من الأعمال يعني بعد الصلاة أو الأعمال المماثلة، أو لا عِدل له في بابه، لكن الإطناب هذا فيه إشكال لا عِدل له من الأعمال عام، مطلق، يعني لا مثل له من الأعمال، والصلاة أفضل، وأعظم، أخذها من حديث «لَا عِدْلَ لَهُ» لكن لا بد من التقييد.

تكلم على هذا؟

الطالب:

لم يذكره في التقريب أحسن الله عملك.

(27:18 الكلام غير واضح) أبو نصر الهلالي مجهول من السادسة، أبو نصر الهلالي أخذوا قوله صُحبة، وإلا مجهول من شيوخ قتادة من الثاني.

من الإثنين أبو نصر الهلالي.

الشيخ:

واحد مجهول، واحد صحابي؟

الطالب:

يقال له صحبة، وليس بمجهول من شيوخ قتادة.

الشيخ:

عندك في السند.

القارئ:

نعم. أحسن الله إليك.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، نا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الْهِلَالِيَّ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أي من أتباع التابعين.

الشيخ:

من شيوخ إيش؟

الطالب: (28:14) الصوت ينقطع.

من شيوخ قتادة؟

الطالب:

الشيخ:

قتادة يحتاج إلى (28:29) شيوخه وتلاميذه فيه.

قال في التقريب؟

الطالب:

نعم.

الشيخ:

ماذا قال عليه؟

الطالب:

(28:48).

الشيخ:

مختصر، تهذيب الكمال، شيوخه وتلاميذه.

مجهول فيه جهالة.

عن رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ؟

القارئ:

نعم. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الْهِلَالِيَّ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ.

الشيخ:

يقول ضعيف؟

الطالب:

يقول: "إسناده ضعيف؛ أبو نصر الهلالي مجهول من طريق شُعبة، وقد أسقط جماعة من الثقات أبا نصر من السند، وصرَّح ابن أبي يعقوب بالسماع من رجاء في رواية للنسائي، وله شاهد ذكرته في الصحيحة".

الشيخ:

وهنا قال صحيح؟

القارئ:

نعم.

قال: "صحيح".

الشيخ:

كيف صحيح وفيه مجهول الآن؟!

لا يزال فيه إشكال: قوله «لَا عِدْلَ لَهُ»، الصلاة أفضل، يكون الحديث ضعيف.

القارئ:

لكن إذا كان من أتباع التابعين يعتبر من الطبقة الثالثة، كتصنيف ابن حجر؟

الشيخ:

نص عليه في (29:55) أنه من شيوخ رجاء.

يبقى مجهول، ضعيف والمتن فيه إشكال.

القارئ:

"بَابُ ذِكْرِ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ السَّالِفَةِ بِصَوْمِ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا"

 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

الشيخ:

هذا رواه الشيخان البخاري ومسلم حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وفي الحديث الآخر: «ومَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه» ثلاثة:

  • «مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».
  • «ومَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».
  • «ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».

رواه الشيخان ومَن معهم؟

القارئ:

أطال في تخريجه، لكن قال أخرجه البخاري ومسلم...

الشيخ:

اقرأه.

القارئ:

"أخرجه الحميدي وأحمد والبخاري وأبو داوود والنسائي وفي الكبرى له وابن الجارود والبيهقي من طريق سفيان بن عُيينة عن الزهري عن أبي سَلمة به وأخرجه أحمد ومسلم وأبو داوود والترمذي وفي الكبرى له من طرق عن الزهري عن أبي سلمة وأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وابن ماجه والترمذي والنسائي وفي الكبرى له وابن حبان من طرق عن أبي سلمة به، وأخرجه النسائي وفي الكبرى له من طريق أبي سلمة وحميد بن عبد الرحمن مقرونين عن أبي هريرة به، وأخرجه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وفي الكبرى له من طرق عن أبي هريرة به وسيأتي عند الحديث". انتهى أحسن الله إليك.

الشيخ:

ماذا قال؟

الطالب:

البخاري من طريق أبي سلمة، وفي الأصل سفيان بن عُبيدة.

الشيخ:

فقط البخاري. ذكر مسلم؟

الطالب:

ما ذكر مسلم (33:11).

الشيخ:

وهو حديث عظيم فيه فضل عظيم، فضل الله تعالى وإحسانه إلى عباده وأن الصيام من أسباب المغفرة، ومحو الذنوب (33:24)، وكذلك قيام رمضان، وكذلك قيام ليلة القدر، لكن بهذا القيد: أن يكون عن إيمان واحتساب.

 أما من صام عن رياء وعن تقليد أو عن متابعة للناس؛ فلا يحصل له هذا الثواب، لا بد عن إيمان واحتساب.

وكذلك قيدٌ آخر: لا بد أن يكون الصائم مؤمن، اليهود يصومون، والنصارى يصومون، والمشركون يصومون، وهم غير مؤمنين، لا بد من الإيمان.

 ولا بد من قيد آخر أيضًا: وهو اجتناب الكبائر، كما في حديث أبي هريرة عند مسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر».

النصوص يضم بعضها إلى بعض:

  • لا بد أن يكون الصائم مؤمن.
  • وأن يصوم عن إيمان واحتساب.
  • وأن يجتنب الكبائر.

أما إذا لم يجتنب الكبائر هنا تبقى على الكبائر والصغائر، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله.

سؤال:

وليس للمؤمن ما يكون له أجر إيمانًا واحتسابًا إذا كان يغتاب الناس؟ يكون صائم لكن يغتاب الناس؟

الإجابة:

ما تحقق الشرط، ما اجتنب الكبائر، لا بد أن يجتنب الكبائر؛ لحديث أبي هريرة: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر» [رواه مسلم في صحيحه].

لا بد من أن يجتنب الكبائر، هذا قيد، النصوص يُضم بعضها إلى بعض.

سؤال:

كلام مختفي (34:51) وسماع الأغاني، و.....، من الكبائر؟

الشيخ:

نعم. هذه وسيلة للكبائر، وسيلة للفواحش، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله.

القارئ:

ثم قال رحمه الله:

"بَابُ ذِكْرِ تَمْثِيلِ الصَّائِمِ فِي طِيبِ رِيحِهِ بِطِيبِ رِيحِ الْمِسْكِ إِذْ هُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ"

 ثنا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا أَبَانُ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ الْعَطَّارَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي سَلَامٍ، عَنْ أَبِي سَلَامٍ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ بِهِنَّ، فَأَتَاهُ عِيسَى فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ، وَيَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تُخْبِرَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ أُخْبِرَهُمْ.

الشيخ:

يعني إما أن تخبرهم أنت، وإما أن أخبرهم أنا.

القارئ:

 فَقَالَ: يَا أَخِي، لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْبِقْنِيَ بِهِنَّ أَنْ يُخْسَفَ بِي، أَوْ أُعَذَّب،َ قَالَ: فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدَ، وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرُفَاتِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ: أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا؛ فَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ، بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، ثُمَّ أَسْكَنَهُ دَارًا، فَقَالَ: اعْمَلْ وَارْفَعْ إِلَيَّ، فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيَرْفَعُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟ فَإِنَّ اللَّهَ خَلْقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا تَلْتَفِتُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُقْبَلُ بِوَجْهِهِ إِلَى وَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ.

 وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةُ مَسْكٍ، كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ رِيحَهَا، وَإِنَّ الصِّيَامَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَرَّبُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِيَ مِنْكُمْ؟ وَجَعَلَ يُعْطِي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ حَتَّى فَدَى نَفْسَهُ، وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا، وَمَثَلُ ذِكْرِ اللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، حَتَّى أَتَى حِصْنًا حَصِينًا، فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَنْجُو مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ».

 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ: الْجَمَاعَةُ، وَالسَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ، وَالْهِجْرَةُ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِهِ، إِلَّا أَنْ يُرَاجِعَ، وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ».

الشيخ:

جُثَى بالألف أو جُثي؟

الطالب:

جُثي.

القارئ:

هنا بالألف المقصورة.

 قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى، تَدَاعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْلِمِينَ عِبَادَ اللَّهِ».

قال أحسن الله إليك في تخريجه:

"حديثٌ صحيح أخرجه ابن سعد وأحمد والترمذي وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والأجُورْي في الشريعة، وابن مندة في (الإيمان والحاكم)، وابن الأثير في (أُسد الغابة). انتهى أحسن الله إليك.

الشيخ:

ماذا قال عندك؟

الطالب:

إسناده صحيح.

الشيخ:

عندك الحديث؟

الطالب:

عندي أحسن الله إليك: قال: "سبق في .........(الصوت يختفي 40:42).

الشيخ:

وحديث الأشعري (40:48) حديث عظيم، وفيه أن يحيى وعيسى متعاصران في زمان واحد وهما أبناء الخالة، والنبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- رآهما لما عُرج به، رآهم في السماء الثانية، رأى عيسى ويحيى أبناء الخالة وهما متعاصران في زمانٍ واحد؛ لأن عيسى قال ليحيى: "أبطأت، اللَّهَ تعالى أَمَرَكَ أن تخبر بَنِي إِسْرَائِيلَ بهذه الخَمْسِ إِمَّا أَنْ تأمُرهم، وَإِمَّا أَنْ أمرهم".

فقال يحيى: "إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُخْسَفَ بِي، إن لم أبادَر -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- وجمعهم في المسجد، ثم بلَّغ".

أعد. بابُ.

القارئ:

"بَابُ ذِكْرِ تَمْثِيلِ الصَّائِمِ فِي طِيبِ رِيحِهِ بِطِيبِ رِيحِ الْمِسْكِ إِذْ هُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ"

الشيخ:

لأنه ناشئ عن طاعة الله ومرضاته.

القارئ:

 ثنا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا أَبَانُ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ الْعَطَّارَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي سَلَامٍ، عَنْ أَبِي سَلَامٍ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ........

الشيخ:

يعني فيه يحيى بن أبي كثير، ويحيى بن أبي كثير فيه كلام في التدليس، لكن لعله ذكر لأن تدليسه قليل، أو لأن له شواهد، ما تكلم عن يحيى بن أبي كثير في التقريب؟ والمُخرجين لم يتكلموا عنه؟

القارئ:

لم يتكلموا عنه أحسن الله إليك، بل قال: "هو صحيح".

الشيخ:

زيادة، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي سَلَامٍ؟

القارئ:

نعم.

الشيخ:

عن يحيى بن كثير. نعم.

القارئ:

عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي سَلَامٍ، عَنْ أَبِي سَلَامٍ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ بِهِنَّ، فَأَتَاهُ عِيسَى -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ، وَيَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تُخْبِرَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ أُخْبِرَهُمْ".

فَقَالَ: يَا أَخِي، لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْبِقْنِيَ بِهِنَّ أَنْ يُخْسَفَ بِي، أَوْ أُعَذَّب،َ قَالَ: فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدَ، وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرُفَاتِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ: أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا؛ فَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ، بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، ثُمَّ أَسْكَنَهُ دَارًا، فَقَالَ: اعْمَلْ وَارْفَعْ إِلَيَّ، فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيَرْفَعُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟ فَإِنَّ اللَّهَ خَلْقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.

الشيخ:

وَرِقٍ: فِضة.

وهذه المسألة الأولى: خمس كلمات: ألا تشركوا بالله شيئًا، الشرك أعظم الذنوب وهو ينافي للتوحيد، وهو غاية المعاندة لرب العالمين والاستكبار عن طاعته، الله تعالى خلق الخلق؛ لعبادته، وتوحيده، وطاعته.

 والله تعالى ضرب للمشرك أمثال في القرآن:

  • ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر:29].
  •  ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج:31].
  •  والنبي -صَلَىَ اللهُ عَليهِ وسلم- ضرب له مثلًا: «رجلٌ اشترى عبدًا من حُر ماله، من الذهب أو الفضة، ثم اشترى دارًا وأسكنه فيها، وأحسن إليه». اشتغل وعمل وجعل العبد هذا - عبد السوء - يشتغل ويعطي غيره، الأجرة يعطيها لغير سيده، سيده اشتراه من حر ماله وأحسن إليه وأسكنه دارًا، جعل يشتغل ويعطي الأجرة، وما تحصَّل لغيره، ولا يعطي لسيده منها، وسيده أحسن إليه.

أيكم يحب أن يكون عبده هكذا؟!

 الله تعالى خلقكم ورزقكم وأنعم عليكم، فكيف تشركون به غيره، وتعبدون غيره؟!

هذه مسألة واضحة.

القارئ:

«إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا تَلْتَفِتُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُقْبَلُ بِوَجْهِهِ إِلَى وَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ"».

الشيخ:

نعم، هذا المسألة الثانية:

الصلاة: «وَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا تَلْتَفِتُوا»: أي فلا تلفتوا بقلوبكم عن الله، فَإِنَّ اللَّهَ تعالى يُقْبَلُ على عبده ما دام مُقبل عليه، فإذا التفت العبد أعرض عنه.

أما الالتفات بالرأس: هذا اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، فيجوز للحاجة، الالتفات بالعُنق، بالرأس، أما إذا التفت بجسمه، انحرف عن القبلة؛ هذا يُبطل الصلاة، لكن التفت بالعنق وهو جسمه ثابت متجه للقبلة، فهذا مكروه ويجوز عند الحاجة.

 كما فعل الصديق -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لما جاء النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- وأكثروا من التصفيق التفت، فرأى النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- (47:48) التفت ينظر إليها، ولكن المهم الالتفات بالقلب.

القارئ:

«وَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا تَلْتَفِتُوا».

الشيخ:

يعني لا تلتفتوا بقلوبكم عن الله بل أقبلوا على الله، صلوا بحضور القلب.

القارئ:

«فَإِنَّ اللَّهَ يُقْبَلُ بِوَجْهِهِ إِلَى وَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ».

الشيخ:

يعني ما لم يلتفت بقلبه، هذا المراد، فإذا التفت بقلبه أعرض الله عنه.

أحد الحضور:

والحضور القلب هو سبب الخشوع.

الشيخ:

نعم. وحضور القلب هو سبب الخشوع.

القارئ:

«وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةُ مَسْكٍ، كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ رِيحَهَا، وَإِنَّ الصِّيَامَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْك».

الشيخ:

وهذا هو شاهد الترجمة «وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، فضرب له مثل: كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةُ مَسْكٍ، كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ رِيحَهَا»، فالصيام أطيب عند الله من ريح المسك، هذه الثالثة وآمُرُكم بالصيام.

القارئ:

«وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةُ مَسْكٍ، كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ رِيحَهَا، وَإِنَّ الصِّيَامَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَرَّبُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِيَ مِنْكُمْ؟ وَجَعَلَ يُعْطِي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ حَتَّى فَدَى نَفْسَهُ».

الشيخ:

عصابة: جماعة.

وهذه الرابعة. الصدقة، الصدقة تُخلص الإنسان من النار. فضرب النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- لها مثلًا كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ يعني ربطوا يديه إلى عُنقه ما له حيلة، ليضربوا عنقه، يعني أخذوه وربطوا يديه إلى عنقه، مُهيأ للقتل.

فقال لهم: "هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِيَ مِنْكُمْ، وأعطيكم كل ما عندي؟" فقالوا له: ما عندك؟ قال: "عندي كذا وكذا وكذا ما يعرفونه ولا يدرونه، قال أعطيكم كذا وأعطيكم كذا وأعطيكم كذا، ذكر المال الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، جعل يفدي، قال: أعطيكم كذا مال كثير، قال أعطيكم كذا مال قليل، فرضوا وأطلقوه وأعطاهم المال ففدى نفسه، خلَّص نفسه.

فكذلك الصدقة، يفدي بها الإنسان نفسه ويقي بها نفسه من النار.

نعم.

القارئ:

«وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا، وَمَثَلُ ذِكْرِ اللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، حَتَّى أَتَى حِصْنًا حَصِينًا، فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَنْجُو مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ».

الشيخ:

وهذه الخامسة، «وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا» وضرب لهم مثلًا كمثل رجلٍ هرب من العدو وهم خلفه، سِراعًا، ثم أتى حصنًا حصينًا ودخل، تَحصَّن، فكذلك ذكر الله يكون للعبد حصن من الشيطان، الشيطان هو العدو والذي يتبع الشيطان، ويُحصن نفسه بذكر الله.

أعد.

القارئ:

«وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا، وَمَثَلُ ذِكْرِ اللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، حَتَّى أَتَى حِصْنًا حَصِينًا، فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ.....».

الشيخ:

نعم. ما استطاعوا أن يأتوا به، حصنًا حصين: مانع، فرجعوا وتركوه، وكذلك ذكر الله حصن للعبد من الشيطان.

القارئ:

«وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَنْجُو مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ».

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ: الْجَمَاعَةُ، وَالسَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ، وَالْهِجْرَةُ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِهِ....».

الشيخ:

وهذه الخمس، النبي قال: «آمُرُكُمْ بخمس: الْجَمَاعَةُ، وَالسَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ، وَالْهِجْرَةُ، وَالْجِهَادُ».

الجماعة: لزوم جماعة المسلمين، وعدم الخروج عليهم، يلزم جماعة المسلمين في عقيدتهم، وفي بلدانهم، وفي معتقداتهم، وفي بُلدانهم وأوطانهم، لا يشذ عنهم ولا يخرج عنهم؛ فيكون مع المسلمين، لا يخالفهم في العقيدة، وكذلك لا يشذ عنهم، ولا يخرج على ولي الأمر، يكون معه، هذه الجماعة.

قال: «ومَن فارق الجماعة شبرًا، فمات؛ فميتة الجاهلية» في اللفظ الأول، هنا قال: «فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ مِنْ عُنقه» هذا وعيدٌ شديد؛ لأن من خرج عن الجماعة فهو مرتكب للكبيرة وإن كان ظاهره الكفر، ولكن المراد أنه مرتكب للكبيرة من كبائر الذنوب.

وفي الحديث الآخر: «ومَن فارق الجماعة شبرًا، فمات؛ فميتة الجاهلية»: ميتة الجاهلية على الكفر، هذا وعيدٌ شديد، الأمر بلزوم الجماعة، وهذه من الأمور الخمس التي قال النبي: «آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ: الْجَمَاعَةُ: لزوم جماعة المسلمين، تكون مع المسلمين في معتقداتهم، وفي بلدانهم وأوطانهم.

«وَالسَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ»: لولي الأمر في طاعة الله عز وجل، فلا تعصيه، ولكن جاء تقييده في الحديث الآخر: «السمع والطاعة في طاعة الله عز وجل»، وجاء في الحديث: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، وفي الحديث الآخر: «إنما الطاعة في المعروف»، هذه تُقيد الحديث هذا، يُطاع في طاعة الله، لكن إذا أمر بمعصية فلا يُطاع.

إذا أمر بشُرب الخمر فلا يُطيعه، ولكن لا يخرج عليه، لكن لا يطيعه في خصوص المعصية.

وكذلك الوالد: إذا أمر ابنه بالمعصية لا يطيعه، ولا يعتبر هذا من العقوق، لكن لا يتمرد عليه، ويعصيه.

 كذلك ولي الأمر: إن أمر بمعصية لا يطيعه بالمعصية، لكن لا يتمرد عليه، ويخرج عليه، إنما لا يطيعه في خصوص المعصية.

وكذلك الزوجة: إذا أمرها زوجها بالمعصية لا تطيعه، لكن لا تتمرد عليه، تطيعه في الأمور الأخرى، مثل الأمور المباحة.

وكذلك العبد: إذا أمره سيده بالمعصية لا يطيعه في خصوص المعصية، لكن لا يتمرد عليه، لا يعصيه، إذا قال له: "أحضر لي دُخان، أو اشتري دخان أو خمر" لا يُطيعه، «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، ما أحد يُطاع في المعاصي، لكن ليس معنى الكلام الخروج عليه!

القول السمع والطاعة هنا مُقيد بطاعة الله عز وجل:

أول شيء لزوم الجماعة: يعني لزوم جماعة المسلمين.

الثاني: السمع والطاعة لولي الأمر في طاعة الله.

والهجرة: من بلد الكفار إلى بلد الإسلام، لا يبقى بين الكفار ولا يستطيع إظهار دينه.

والجهاد في سبيل الله كذلك بشروطه إذا دعا داعي الجهاد، وإذا استنفر ولي الأمر الجهاد، ومعروف أن الجاد يجب في أحوال ثلاثة:

  • إذا داهم العدو البلد، أو بلد من بلاد المسلمين.
  • أو وقف في الصف.
  • أو استنفر الإمام واحدًا أو جماعة، كان فرض عين.

ومع ذلك يكون مستحب، وفيه فضل عظيم، وذروة سنام الإسلام.

 لكن يكون واجب في هذه الأحوال الثلاثة:

  • إذا داهم العدو البلد: كل واحد في هذه الحالة يجب عليه الجهاد، الصغير والكبير، الرجل والمرأة، كل يدافع، دفاع.

قبل أن يقف في الصف ما يكون واجب، يكون مستحب.

  • لكن إذا وقف في الصف، فليس له أن ينحرف ويترك ويُخذل إخوانه، ويُفرط في هذا، جاء في الحديث: «التولي يوم الزحف من كبائر الذنوب».
  • وإذا استنفر الإمام أحدًا.

هذه الهجرة والجهاد والجماعة والسمع والطاعة.

في الحديث قال: «وأنا آمركم بخمس»؟

القارئ:

نعم.

«وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ: الْجَمَاعَةُ، وَالسَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ، وَالْهِجْرَةُ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِهِ، إِلَّا أَنْ يُرَاجِعَ....

الشيخ:

نعم. «وَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ والإيمان مِنْ عُنقه، إِلَّا أَنْ يُرَاجِعَ»: يعني إلَّا أن يرجع إلى الجماعة ويكون معهم، من الوعيد الشديد، وأن هذا من كبائر الذنوب، وفي لفظٍ آخر: «مَن فارق الجماعة فقد مات ميتةً جاهلية».

يعني الخمسة الآن: الجماعة، والسمع، والطاعة، والهجرة، والجهاد. الجهاد والسمع والطاعة ثلثان، الجماعة: لزوم جماعة المسلمين. والسمع: لولي الأمر. والطاعة: يسمع ويطيع، وهذا مُقيد بالمعروف. والهجرة. والجهاد.

سؤال:

(59:56) الهجرة تعتبر ..........

الشيخ:

لأ. الهجرة .... هذا ما يمكن (1:00:10) أي نعم هذا خروج من بلاد الإسلام، الهجرة من بلاد الكفار إلى بلاد الإسلام، أما أن يخرج من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفار؛ هذا ارتداد، أسأل الله العافية.

سؤال:

بلاد المسلمين (1:00:29)؟

الإجابة:

بلاد المسلمين، خرج من بينهم، هو ما موجود بينهم، ما الذي أخرجه؟

السائل:

ما وجد (1:00:37).

الشيخ:

وهو بينهم الآن؟

ويعيش بينهم، وخرج؟

ما الذي أخرجه؟

أُخرج، أو خرج من نفسه؟

السائل:

خرج بنفسه.

الشيخ:

كيف لا يجد الأمان؟ ما يجد الأمان بين المسلمين يذهب يطلب الأمان من الكفار؟!

القارئ:

وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى، تَدَاعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْلِمِينَ عِبَادَ اللَّهِ».

الشيخ:

يعني من دعا بدعوى الجاهلية، فهو من جثى جهنم، هذا وعيد شديد ولعله من الكبائر، يدَّعي بدعوى الجاهلية، يعتزي، ولهذا في بعض الغزوات لما كسع المهاجرين والأنصار من بعض الشباب غضب وشق عليه ذلك فقال: "يا للأنصار"، ثم الثاني قال: "يا للمهاجرين"، وتداعوا، فقال النبي صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم: «أبدعوة الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ دعوها فإنها مُنتِنة» مع أنها أسماء إسلامية، لكن صار في تحزب، قال هذا هلال الأنصار وهذا للمهاجرين، ولذلك يقول: "يا للمسلمين" حتى يشمل المهاجرين والأنصار.

ما يقول: "يا للأنصار"، وهذا يقول: "يا للمهاجرين" سمَّاها بدعوى الجاهلية، فكيف الذي يدعوا إلى القومية العربية، ويدعوا لكذا، أو إلى حزب من الأحزاب؟ هذه دعوى الجاهلية، يدعوا إلى الحزب أو إلى القومية.

قال: «تداعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين» تداعوا بالإسلام فقد سماكم المسلمين.

«مَن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جُثى جهنم».

أعد الجملة.

القارئ:

نعم.

«وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى، تَدَاعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْلِمِينَ عِبَادَ اللَّهِ».

الشيخ:

فإذا كانوا يتداعوا إلى القومية أو إلى العصبية أو إلى حزب من الأحزاب أو إلى الدم أو إلى عرق أو إلى قبيلة أو إلى الأرض، هذه كلها بدعوى الجاهلية، «تَدَاعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ» تداعوا بالإسلام، أما أن يدعوا على العروبة أو إلى العرب، أو إلى الحزب الفلاني أو إلى القبيلة أو يدعوا إلى أو الدم إلى الأرض أو إلى العرق، كل هذا من دعاوى الجاهلية.

ما بعده؟

القارئ:

انتهى أحسن الله إليك.

"بَابُ ذِكْرِ طِيبِ خِلْفَةِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"

الشيخ:

بارك الله لك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد