قارئ المتن:
أحسن الله إليكم، وغفر لكم، ونفعنا بعلمكم.
قال الإمام/ أبو بكر بن خزيمة رحمه الله تعالى في صحيحه:
"باب: فضل صوم يوم عرفة وتكفير الذنوب بلفظ خبر مجملٍ غير مفسر".
قال أبو بكر: "خبر أبي قتادة: عن النبي صلى الله عليه وسلم: «صوم عرفة يكفر السنة الماضية والسنة المقبلة أمليته في باب صوم عاشوراء»".
باب: ذكر خبر روي عن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- في النهي عن صوم يوم عرفة مجمل غير مفسر
حدثنا جعفر بن محمد الثعلبي حدثنا وكيع عن موسى ابن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب».
الشيخ:
نعم، وهذا مجمل، يوم عرفة ويوم العيد ويوم التشريق، أما يوم الفطر ويوم التشريق فهذه جاء ما يدل على النهي عنها صريحة وأنه لا يجوز صومها، أما يوم عرفة فالخبر مجمل والنبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أفطر في يوم عرفة، ومن لم يستطع الهدي من الحجاج له أن يصوم يوم عرفة واليوم الذي قبله في الحج، والأفضل أن يصومها قبل يوم عرفة.
وهل يجوز صومها أو لا يجوز؟
في كلام لأهل العلم.
أما يوم العيد وأيام التشريق: فهذه يحرم صومها.
الشيخ:
ماذا قال عليه؟ تخريجه؟
القارئ:
أحسن الله إليك قال: "إسناده صحيح، المستدركُ من طريق موسى".
الشيخ:
نعم، موسى بن علي، أم عُليَّ عندك؟
القارئ:
ابن عُليّ، كأنها عُليّ، ما عندي شيء.
الشيخ:
موسى بن عُليّ تصغير.
سؤال:
(03:03)؟
الشيخ:
لأ، للحاج ولا لغير الحاج، الحاج الذي لم يجد الهدي يصوم ثلاثة أيام في الحج قبل العيد، فإن فاتت صام أيام التشريق الثلاثة هذا خاصٌ بالحاج الذي لم يجد الهدي، في حديث عائشة وأم سلمة وأبي هريرة لم يُرخص في أيام التشريق أن يصومها إلَّا لمن لم يجد الهدي خاصة، الحاج الذي لم يجد الهدي يصوم ثلاثة من ذي الحجة (3:33)، فيصومها قبل العيد، فإن فاتت صام أيام التشريق يرمي وهو صائم، أما من في الحضر فلا يجوز له أن يصوم الثلاثة.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
قال رحمه الله تعالى:
حدثنا أبو عمار حدثنا سعيد بن سالم عن موسى بن عُليٍّ اللخمي بمثل حديث وكيع
باب: ذكر خبر مفسر للفظتين المجملتين اللتين ذكرتهما والدليل على أن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- إنما كره صوم يوم عرفة بعرفات لا غيره وفيه ما دل على أن قوله: «صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والسنة المستقبلة بغير عرفات».
الشيخ:
نعم، صيام يوم عرفه فضله عظيم يكفر سنتين لغير الحُجَّاج.
أما الحُجَّاج ففيه كلام، منهي عن صيام يوم عرفة، هل يُحرم أو يكره؟ هذا خلافٌ بين أهل العلم، هذا بالنسبة للحاج.
أما غير الحاج فضله عظيم، قوله أيام العيد، يوم عرفة هذا مُجمل، يوم عرفة ويوم الأضحى ويوم التشريق.
هذا «يوم عرفة يكفر السَنة التي قبله والتي بعده» تخريجه؟
القارئ:
قد سبق أخرجناه. أذكر إسناده؟
أحد الحضور:
أخرجه مسلم.
الشيخ:
هو حديث صحيح عند مسلم، ما أخرجه البخاري.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
حدثنا يحيى بن حكيم حدثنا أبو داوود حدثنا أبو دِحية حوشب بن عقيل الجرمي قال: حدثنا العبدي عن عكرمة عن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- عن صوم يوم عرفة بعرفات".
الشيخ:
التقييد بعرفات.
تخريجه؟
القارئ:
أحسن الله إليك، قال: "إسناده ضعيف؛ لجهالة العبدِ واسمه مهدي بن حرب"، قال ابن معين وأبو حاتم لا أعرفه.
الشيخ:
لكن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أفطر بعرفة وأرسلت إليه أم الفضل بلبنٍ فشربه والناس ينظرون فعلم الناس أنه مُفطر.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
"باب: استحباب الإفطار يوم عرفة بعرفات اقتداءً بالنبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- وتقويًا بالفطر على الدعاء إذ الدعاء يوم عرفة أفضلُ الدعاءِ أو من أفضله"
حدثنا بشر بن معاذ العقدي حدثنا حماد - يعني ابن زيد - قال: حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن أمه أم الفضل: "أن رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أفطر بعرفة أتي بلبن فشرب".
الشيخ:
نعم، وهذا ثابت حديث في الصحيح.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
باب ذكر إفطار النبي صلى الله عليه وسلم في عشر ذي الحجة
حدثنا محمد بن العلاء بن كريب حدثنا أبو خالد عن الأعمش ح وحدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: "أن رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- لم يصم العشر"
وقال أبو بكر في حديثه: قالت: "ما رأيت رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- صائمًا في العشر قط".
الشيخ:
جاء في حديث هُنيدة أنه صام العشر، وهنيدة فيه كلام لأهل العلم، ماذا قال عليه؟
القارئ:
ما تكلم على الحديث.
الشيخ:
ما بعده.
القارئ:
باب: ذكر علة قد كان النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- يترك لها بعض أعمال التطوع، وإن كان يحث عليها وهي خَشية أن يفرض عليهم ذلك الفعل مع استحبابه -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- ما خُفف على الناس من الفرائض
الشيخ:
(08:50) في الحديث المقابل لحديث هُنيدة النبي كان يصوم العشر، وفي النسائي أيضًا موجود فيه الحديث أنه كان يصوم العشر والأيام البيض والإثنين والخميس، على المؤلف أن يأتي بالتراجم الأخرى المقابلة للترجمة التي ذكرها، في حديث عائشة أنه كان يصوم العشر.
القارئ:
باب: ذكر علة قد كان النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- يترك لها بعض أعمال التطوع.
الشيخ:
جاء في حديث هُنيدة لكن به ضعف أن النبي كان يصوم العشر من ذي الحجة.
القارئ:
وإن كان يحث عليها وهي خشية أن يفرض عليهم ذلك الفعل مع استحبابه -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- ما خُفف على الناس من الفرائض
الشيخ:
ومن ذلك أنه -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- ترك القيام في رمضان صلى بالناس ثلاثة ليالي ثم تركه؛ خشية أن يُفرض عليهم، قال للناس: «أيها الناس، إني لم يخف عليّ مكانكم، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ قيام اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا»، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وهو -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- يترك العمل وهو يحبه خشية أن يفرض على الناس؛ لأنه -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- رؤوف رحيم بأمته -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- كما أخبر الله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ يعني يشق عليه ما يشق عليكم.
﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ يعني على هدايتكم وإيصال النفع في الدنيا والآخرة إليكم.
﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:128] هذا وصفه عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام.
القارئ:
قال رحمه الله:
"حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عثمان بن عمر قال: حدثنا يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- قالت: "كان رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- يترك العمل وهو يحب أن يفعله خَشية أن يُسْتَنَنَ به فيفرض عليهم، وكان يحب ما خف على الناس من الفرائض".
الشيخ:
تخريجه؟
القارئ:
ما تكلم عليه.
أحد الحضور:
صحيح أخرجه مالك في الموطأ من رواية الليلي، وأحمد، وعبد الرحمن، وعبده بن حُميد، والدارمي والبخاري ومسلم.
الشيخ:
«كان -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- يترك العمل خَشية أن يُفرض على الناس»، وهذا من حرصه -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- على نفع أمته.
القارئ:
"باب: استحباب صوم يوم وإفطار يوم والإعلام بأنه صوم نبي الله داوود صلى الله عليه وسلم"
حدثنا محمد بن أبَان حدثنا ابن فُضيل حدثنا حُصِّين عن مجاهد عن عبد بن عمرو قال: كنت رجلًا مجتهدًا فزوجني أبي ثم زارني فقال للمرأة: "كيف تجدين بعلك؟"، فقالت: "نعم الرجل من رجل لا ينام ولا يفطر" قال: فوقع بي أبي.
الشيخ:
وقع بي: يعنى لامه، جعل يلومه، زوجتك امرأة حسيبة تتركها وتُضيعها.
القارئ:
فوقع بي أبي، ثم قال: زوجتك امرأة من المسلمين فعضلتها فلم أبال ما قال لي مما أجد من القوة والاجتهاد.
الشيخ:
يعني مستمر على رأيه ما أثر فيه قول أبيه، يجد في نفسه قوة على العبادة، شاب قوي نشيط وله رغبة في الخير، فكان يسرد (13:10) الصوم، يصوم الأيام كلها، ويُصلي الليل، ويختم القرآن في كل يوم، وهو متزوج ترك زوجته، كيف يختم القرآن كل يوم، ويصلي الليل، ويصوم النهار، ويراعي زوجته؟ أهمل زوجته، تركها.
لَامَهُ أبوه ولم يبالي حتى جاءه النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- زاره في بيته، وجعل بينه وبينه وِسَادة، فألقاها النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- كأنه مُغضب، كان يتكأ عليها، قال: أخبرت أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قال: نعم، قال: فلا تفعل.... إلى أخر القصة.
القارئ:
إلى أن بلغ ذلك رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وَسَلَم- فقال: لكني أنام وأصلي وأصوم وأُفطر فَنَمْ وصلِّ وأفطر وصم من كل شهر..................
الشيخ:
فنم وصلِّ: يخاطب عبد الله بن عمرو يعني نام بعض الليل، وصلِّ بعض الليل، لا تُصلي الليل كله، وصم بعض الأيام وأفطر بعض الأيام، لا تُسرد الصوم.
القارئ:
فَنَمْ وصلِّ وأفطر وصم من كل شهر ثلاثة أيام فقلت: يا رسول الله، أنا أقوى من ذلك قال: فصم صوم داوود، صم يومًا وأفطر يوما، واقرأ القرآن في كل شهر....
الشيخ:
كل شهر: كل يوم جزء.
القارئ:
قلت: يا رسول الله، أنا أقوى من ذلك قال: اقرأه في خمس عشرة.....
الشيخ:
خمس عشرة: أي جزئيين.
القارئ:
قلت: يا رسول الله، أنا أقوى من ذلك، قال حُصين فذكر لي منصور عن مجاهد أنه بلغ سبعا.
الشيخ:
يعني أوصلها إلى سبعة، قال: «اقرأ القرآن في سبعة أيام».
القارئ:
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل عمل شِرَّة ولكل شِرَّةٍ فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك» فقال عبد الله: "لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن يكون لي مثل أهلي ومالي وأنا اليوم شيخ قد كبرت وضَعُفْت وأكره أن أترك ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم".
الشيخ:
يعني تقدمت به السن فكبرت سنه، فصار يشق عليه الصيام، فقال: "يا ليتني قبلتُ رخصة رسول الله" يعني خفف على نفسه، صام الثلاثة أيام، أو يصوم يوم ويفطر اليومين، ولكنه لا يريد أن يتركه وهو ما ليس بواجب عليه، لكنه لا يريد أن يترك شيئًا اتفق فيه مع النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- فالشيء الذي اتفق معه لا يريد أن يُغيره، فصار يسرد الصوم ستة أيام وسبعة أيام، ثم يُفطر مثلها يتقوى، يفطر سبعة أيام ويصوم سبعة أيام، أو يصوم ستة أيام ويُفطر ستة أيام؛ يتقوى.
قال: "يا ليتني قبلت رخصة رسول الله، أو وددتُ ولو كان لي مثل أهلي ومالي": يعني من شدة رغبته في القبول، لكن لما كان في وقت الشباب ما فكر، كان قوي ونشيط ما فكر في زمن الشيخوخة.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
باب الإخبار بأن صوم يوم وفطر يوم أفضل الصيام وأحبه إلى الله وأعدله
الشيخ:
وهو صوم نبي الله داوود عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام.
القارئ:
حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد أملى من أصله قال: حدثني أبي حدثنا شعبة عن زياد بن الفياض عن أبي عياض عن عبد الله بن عمرو قال: أتيت رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- فسألته عن الصوم فقال: «صم يوما من كل شهر ولك أجر ما بقي»، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك فقال: «صم يومين من كل شهر ولك أجر ما بقي»، قال: إني أطيق أكثر من ذلك قال: «صم ثلاثة أيام ولك أجر ما بقي»، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك قال: «صم أربعة أيام ولك أجر ما بقي» قال: إني أطيق أكثر من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحب الصيام صوم داوود كان يصوم يومًا ويفطر يوما».
قال أبو بكر: في خبر أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو: "صم صيام داوود فإنه أعدل الصيام عند الله".
الشيخ:
يعني فيه أن النبي أوصلها إلى أن يصوم يوم ويفطر يوم، وفي بعضها أنه قال: «صم يومًا وأفطر يومين»، أو «صم خمسة أيام، أو صم ستة أيام» وهكذا حتى أوصلها قال: «صم يومًا وأفطر يومًا»، قال: "إني أُطيق أفضل من ذلك"، قال: «لا أفضل من ذلك»، وفي لفظٍ: «لا صام من صام الأبد» قال: «أفضل الصيام صيام داوود كان يصوم يومًا ويفطر يوما، وكان لا يفر إذا لاقى عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه؛ يتقوى به على عمل النهار، وكان يصنع الدروع ولا يفر إذا لاقى عليه الصلاة والسلام» اشتهر بالصيام والصلاة والحكم بين الناس بالعدل وصنع الدروع، ملك عظيم، وهو ملك نبي أتاه الملك والنبوة.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
"وفي خبر حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو: «أفضل الصيام صوم داوود» خرَّجْتُ طرق هذه الأخبار في كتاب الكبير".
الشيخ:
علق على قول الكتاب الكبير؟
القارئ:
سيأتي.
الشيخ:
سيأتي؟ يعني هذا مختصر من كتابه الكبير.
القارئ:
هل تكلم على الكتاب الكبير؟
الشيخ:
النسائي نعم، النسائي أخرجه مرة في النسائي، في طرق للحديث، وأن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- قال: «صم يوم وأفطر ولك بقية الشهر»، قال: صم يومين ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة حتى أوصلها قال: صم يوم وأفطر يوم، قال: أريد أفضل من ذلك، قال: ما أفضل من ذلك، أفضل الصيام صيام داوود.
أحد الحضور:
قال: «صم يومين»؟
الشيخ:
مرة في النسائي، الحديث الأول.
«صم يوم ولك أجر ما بقي» قال: صم يومين ثم قال صم ثلاثة أيام، صيام الثلاثة أيام أفضل، إذا تيسر إن لم تستطيع صم يوم أو يومين.
حديث أبي موسى (21:13).
القارئ:
باب ذكر الدليل على أن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- إنما خبَّر أن صيام داوود أعدلُ الصيام وأفضله وأحبه إلى الله إذ صائمٌ يوم مفطرٌ يوم......
الشيخ:
إذ صائمٌ يوم مفطرٌ يوم: يعني يصوم يومًا ويفطر يومًا.
القارئ:
إذ صائمٌ يوم مفطرٌ يوم يكون مؤديًا لحظ نفسه وعينه وأهله أيام فطره ولا يكون مضيعًا لحظ نفسه وعينه وأهله.
حدثنا محمد بن الحسن بن تسنيم أخبرنا محمد - يعني ابن بكر - وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق قالا: أخبرنا ابن جُريج قال: سمعت عطاء يزعم أن أبا العباس الشاعرَ أخبره أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: "بلغ النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أني أسرد وأصلي الليل قال: وإما أرسل إليه وإما لقيه فقال: ألم أُخْبَر أنك....
الشيخ:
ألم أُخْبر أنك: يعني الناس أخبروا عنك.
القارئ:
«تصوم ولا تفطر وتصلي الليل؟ فلا تفعل فإن لعينيك حظا ولنفسك حظا ولأهلك حظا فصم وأفطر وصل ونم وصم كل عشرة أيام يوما ولك أجر تسعة».
الشيخ:
صم عشرة أيام ويفطر يوم، كل عشرة أيام يفطر يوم، في الشهر ثلاثة أيام والحسنة بعشر أمثالها، ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا﴾ [النمل:89] فيكون من صام الإثنين(24:14) من كل شهر كأنه صام الشهر كامل.
سؤال:
من صام الإثنين والخميس؟
الشيخ:
الإثنين والخميس هذا أفضل إذا صام الإثنين والخميس فصام ثمانية أيام من الشهر، لكن إذا لم يصم الإثنين والخميس وصام الإثنين من كل شهر له هذا الأجر، وإذا صام الإثنين والخميس صام ثمانية أيام أكثر وأكثر، وإذا صام معها الأيام البيض كذلك صام عشرة أيام أو احدى عشر يوم أفضل.
القارئ:
قال: فإني أجدني أقوى لذلك يا رسول الله، قال: «فصم صيام داوود قال: وكيف كان داوود يصوم يا رسول الله؟ قال: كان يصوم يومًا ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى، قال: من لي بهذه يا نبي الله؟ قال عطاء: فلا أدري كيف ذكر صيام الأبد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا صام من صام الأبد».
الشيخ:
«لا صام من صام الأبد»، وفي حديث «لا صام ولا أفطر» يعني صوم الدهر، أخذ بعض العلماء من هذا أنه يحرم صوم الدهر يسرد الصوم، وجاء في الحديث وإن كان فيه ضعف «أن من صام الدهر ضيقت عليه جهنم» لكن الحديث ضعيف؛ ولهذا ذهب جمع من أهل العلم أنه يحرم صوم الدهر.
وقال آخرون: "يُكره".
وقال آخرون: "يجوز إذا أفطر الأيام المنهي عنها"، إذا أفطر يوم الفطر، يوم الأضحى، وأيام التشريق جاز له أن يصوم الدهر ذهب إليه النووي والجماعة، وذكر أنه غير مستحب، صوم الدهر إما مكروه وإما حرام، لكن النهاية أفضل صيام هو صيام داوود، هذا أفضل الصيام، صوم يوم ويفطر يوم.
القارئ:
هذا حديث البرساني، وفي حديث عبد الرزاق قال: "إني أصوم أسرد وقال: فإما أرسل إلي وقال: "إني أجدني أقوى من ذلك".
باب: ذكر الدليل على أن داوود كان من أعبد الناس إذ كان صومه ما ذكرنا
الشيخ:
إن كان ولا إذ؟
القارئ:
إذ.
الشيخ:
نعم، ولا شك أنه كان من أعبد الناس، مع أن الله أعطاه النبوة والملك، والملوك عادة يتوسعون، هذا نبي وملك ومع ذلك يصوم، يصوم ليس صومًا قليلًا بل كثير، نصف الدهر، يصوم يوم ويفطر يوم، مع أنه نبي وملك، وعنده زوجات كثيرات، وحاكم يحكم بين الناس: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ [ص:26].
ويصنع الدروع أيضًا، اشتهر بالصيام واشتهر بالصلاة واشتهر بالجهاد، لا يفر إذا لاقى، واشتهر بصنع الدروع، والحكم بين الناس، أعمال عظيمة؛ ولهذا ينام نصف الليل الأول ثم يقوم الثلث، ثم ينام الثلث الأخير ليقوى به على عمل النهار عليه الصلاة والسلام.
كذلك أيضًا اشتهر بالقراءة أعطاه الله صوتًا حسنًا كان إذا قرأ القرآن وهو الزبور تجتمع عليه الطيور والجبال وتجاوبه الجبال: ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾ [سبأ:10] أوبي: تتجاوب معه الجبال والطيور، حُسن الصوت، أعطاه صوتًا حسنا، إذا سمع صوته الحسن تتجاوب الجبال وخشعت الطيور.
في الحديث الصحيح يقول النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- لأبي موسى الأشعري وكان حسن الصوت كان النبي يستمع له، قال: «لو رأيتني وأنا أستمع إلى قراءتك البارحة»، قال: "لو علمت لحبرته لك تحبيرًا".
وفي لفظ آخر أن النبي قال لأبي موسى: «لقد أُوتي مزمار من مزامير آل داوود» يعني صوتًا حسنًا، المزمار يطلق على الصوت الحسن ويطلق على الصوت السيء، يقال الصوت الحسن مزمار، ويقال للصوت السيئ أيضًا، الغناء يسمى مزمار، مزمار الشيطان.
لما دخل أبو بكر يوم عيد وعند عائشة جاريتان صغيرتان تغني يوم عيد، فقال: "أمزمار الشيطان في بيت رسول الله وعند رسول الله؟! فقال النبي له: «دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيدان» جاريتان تنشدان نشيدًا، المزامير الآن في الآلات ما كان موجود، صوت منكر له مزامير، لكن جاريتان تغنيان، تنشدان، ما عندهما آلات ولا شيء، بأفواههما صغيرتان، قال: «دعهما».
فيستدل بعض الناس فعل الجاريتين يقول: "ما في مانع الأغاني والمزامير؛ لأن الجاريتين غنوا"، هل غناءك مثل الجاريتين؟ جاريتين صغيرتين تنشدان بأفواههما الأناشيد في يوم العيد.
فهو أيضًا كذلك هذه من المزايا أعطي صوتًا حسنًا في قراءة الزبور.
كم من المزايا؟
مَزية الصلاة: كان يقوم ثلثي الليل.
مزية الصيام: يفطر يومًا ويصوم يومًا.
الجهاد: لا يفرُ إذا لاقى.
صنع الدروع.
الحكم بين الناس.
قراءة الزبور وحُسن الصوت.
ست مزايا.
القارئ:
حدثنا أبو موسى حدثنا أبو الوليد حدثنا عكرمة بن عمار قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة ابن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أرسل إلي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار فذكر الحديث بطوله وقال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صم صوم داوود فإنه كان أعبد الناس كان يصوم يومًا ويفطر يوما، ثم قال: إنك لا تدري لعله أن يطول بك العمر فَلَوَدِدتُ أني كنت قبلت الرخصة التي أمرني بها رسول الله صلى الله عليه وسلم».
الشيخ:
والشاهد قول داوود: «إنه أعبد الناس» أخبرهم أن داوود أعبد الناس، وفي قوله لعبد الله بن عمرو: «فلعله أن يطول بك العمر» علم من أعلام النبوة أخبر بأنه سيطول عمره؛ فطال عمره، علم من أعلام النبوة أمر غيبي، لكن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- نبي قال هذا بوحي من الله، ولعله يطول بك العمر فيشق عليك الصوم؛ ولهذا قال: «فَلَوَدِدتُ أني كنت قبلت الرخصة التي أمرني بها رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وفي اللفظ السابق: «بأهلي ومالي» يعني مقابل أهلي ومالي يعني قبلت هذه الرُخصة، ففيه تخفيف عليه؛ لأنه شق عليه لما تقدمت به السن.
القارئ:
حدثنا أبو موسى حدثنا أبو الوليد حدثنا عكرمة قال: "سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم".
باب: ذكر تمني النبي صلى الله عليه وسلم استطاعة صوم يوم وإفطار يومين
حدثنا أحمد بن عبدة أنا حماد -يعني ابن زيد - حدثنا غيلان بن جرير حدثنا عبد الله بن معبد الزِّمَّاني عن أبي قتادة قال: قال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «فكيف بمن يصوم يومين ويفطر يوما؟ قال: ويطيق ذلك أحد؟
الشيخ:
ويطيق ذلك على تقدير همزة الاستفهام والتقدير أو يطيق ذلك أحد؟ يعني هل يطيق ذلك أحد؟
القارئ:
قال: "فكيف بمن يصوم يوما ويفطر يوما؟" قال: «ذاك صوم داوود» قال: فكيف بمن يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال: «وددت أني طوقت ذلك».
الشيخ:
طوقت: يعني استطعت، أطيق ذلك.
القارئ:
باب: فضل الصوم في سبيل الله ومباعدة الله المرء يصوم يومًا في سبيل الله عن النار سبعين خريفا بذكر خبر مجمل غير مفسر
الشيخ:
باقي أبواب كثيرة من أبواب الصيام؟
القارئ:
نعم.
الشيخ:
قف على هذا الباب.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
الشيخ:
وَفْقَ الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، وأشهدُ أن محمدًا رسول الله.