شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح ابن خزيمة_77

00:00
00:00
تحميل
7

قارئ المتن:

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولنا ولوالدينا وللمستمعين والمسلمين يا رب العالمين.

قال ابن خُزيمة -رحمه الله تعالى- في كتابه:

"جُمَّاعُ ذِكْرِ أَبْوَابِ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ"

"بَابُ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الْفَارُوقَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ"

الشيخ:

نعم. وهذا خطأ، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الذي قام بالناس في رمضان صلى بهم ثلاث ليالِ، صلى بهم ليلة ثلاثٍ وعشرين، فصلى (00:43) الصلاة بالناس، ثم لم يخرج ليلة الرابع والعشرين، وخرج في الليلة الخامسة والعشرين فصلى بأُناس أكثر من الليلة الأولى، ثم لم يخرج في ليلة السادس والعشرين، وخرج في ليلة السابع والعشرين، وصلى بهم حتى امتلأ المسجد.

 ثم بعد ذلك ترك النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة التراويح؛ خشية أن تُفرض، وهذا من رأفته -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- بأمته. كما أخبر الله: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)﴾ [سورة التوبة: 128] خشي أن تُفرض عليهم صلاة الليل؛ فتركها.

 فصار الناس يصلون أوزاعًا في آخر حياة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصلي واحد لوحده، ويصلي الإثنين والثلاثة، وكذلك في زمان أبي بكر لمدة قصيرة ثلاث أشهر، وكذلك في أول خلافة عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثم جمعهم عمر على إمام واحد، فظن بعض الناس أن من سن صلاة التراويح عمر، وقالوا: "إن التراويح سُنَّة عُمرية" وهذا خطأ، التراويح سُنَّةٌ نبوية صلاها النبي ثم تركها خشية أن تُفرض، ثم أعادها عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

القارئ:

أحسن الله إليك.

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْمَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ عَلَى مِنْبَرِ حِمْصَ يَقُولُ: "قُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُدْرِكَ الْفَلَاحَ، وَكُنَّا نُسَمِّيهِ السَّحُورَ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لَيْلَةُ سَابِعَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَنَحْنُ نَقُولُ: سَابِعَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَنَحْنُ أَصَوْبُ أَمْ أَنْتُمْ؟".

الشيخ:

الْفَلَاحَ: السحور.

هنا بيَّن أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى بالناس ليلة ثلاثٍ وعشرين إلى ثلث الليل، وفي ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، وفي ليلة سبعٍ وعشرين إلى قريب من الفجر قال: "حتى خشينا أن يفوتنا الْفَلَاحَ" يعني السُحور، فصلاة التراويح سُنَّة سَنَّها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وليس عمر، لكن عمر أعادها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

من يقول هذا؟

القارئ:

النعمان بن بشير. أحسن الله إليك.

الشيخ:

ماذا قال عليه؟

القارئ:

تخريجه أحسن الله إليك: قال: "صحيح، أخرجه ابن أبي شَيبة، وأحمد، والنسائي، وفي (الكبرى) له، والحاكم".

الشيخ:

الترجمة؟

القارئ:

أحسن الله إليك.

"بَابُ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الْفَارُوقَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ"

الشيخ:

هذا واضح وفيه دليل على أن النبي هو الذي صلى، وفيه مشروعية صلاة التراويح، والحديث صحيح.

القارئ:

"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا خَصَّ الْقِيَامَ بِالنَّاسِ هَذِهِ اللَّيَالِيَ الثَّلَاثَ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فِيهِنَّ"

الشيخ:

يعني القول بأن النبي خصَّ القيام في ليلة القدر في هذه الليالي الثلاث: إما ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين، أو سبع وعشرين.

القارئ:

أحسن الله إليك.

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا زَيْدٌ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: "قَامَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا أَحْسِبُ مَا تَطْلُبُونَ إِلَّا وَرَاءَكُمْ»، ثُمَّ قَامَ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا أَحْسِبُ مَا تَطْلُبُونَ إِلَّا وَرَاءَكُمْ»، ثُمَّ قُمْنَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ إِلَى الصُّبْحِ".

الشيخ:

وهذا حديث النعمان بن بشير وكذلك أبو ذر كلاهما روى أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى بالناس قيام الليل.

القارئ:

 قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "هَذِهِ اللَّفْظَةُ «إِلَّا وَرَاءَكُمْ»، هُوَ عِنْدِي مِنْ بَابِ الْأَضْدَادِ"، وَيُرِيدُ: أَمَامَكُمْ؛ لِأَنَّ مَا قَدْ مَضَى هُوَ وَرَاءُ الْمَرْءِ، وَمَا يَسْتَقْبِلُهُ هُوَ أَمَامُهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ: «مَا أَحْسِبُ مَا تَطْلُبُونَ».

الشيخ:

«إِلَّا وَرَاءَكُمْ»: يعني إلَّا أمامكم، وهي من الأضداد. تطلع على الخلف، وعلى الأمام، وكذلك يقال: "وراءكم".

﴿ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ [الحديد:13]، هذه من الأضداد تُستعمل في الأمام وفي الخلف.

«مَا أَحْسِبُ مَا تَطْلُبُونَ إِلَّا وَرَاءَكُمْ»: يعني أمامكم.

القارئ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "هَذِهِ اللَّفْظَةُ «إِلَّا وَرَاءَكُمْ»، هُوَ عِنْدِي مِنْ بَابِ الْأَضْدَادِ"، وَيُرِيدُ: أَمَامَكُمْ؛ لِأَنَّ مَا قَدْ مَضَى هُوَ وَرَاءُ الْمَرْءِ، وَمَا يَسْتَقْبِلُهُ هُوَ أَمَامُهُ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَرَادَ: «مَا أَحْسِبُ مَا تَطْلُبُونَ»، أَيْ: لَيْلَةَ الْقَدْرِ، إِلَّا فِيمَا تَسْتَقْبِلُونَ، لَا أَنَّهَا فِيمَا مَضَى مِنَ الشَّهْرِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف: 79]، يُرِيدُ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ".

الشيخ:

﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف: 79]، يُرِيدُ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ.

 قصة المساكين، وفيه دليل على أن المساكين يكون عندهم شيء من المال، هؤلاء المساكين عندهم سفينة، هم ليسوا بمساكين، هم يملكون سفينة؛ لأن المسكين: هو الذي لا يجد كفايته، ما يكفيه لمدة سنة، لكن قد يجد بعض الكفاية، نصف الكفاية، أو ربع الكفاية، فإن كان لا يجد شيئًا فهو فقير، الفقير أشد حاجة من المسكين.

القارئ:

"بَابُ ذِكْرِ قِيَامِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لِلْمُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ حَتَّى يَفْرُغَ"

الشيخ:

حتى يفرغ يُكتب له قيام الليل.

القارئ:

 حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: صُمْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»، ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا فِي الثَّالِثَةِ، وَجَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ فَقَامَ بِنَا، حَتَّى تَخَوَّفْنَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ، قُلْتُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السَّحُورُ".

 الشيخ:

نَفَّلْنَا: يعني استمر في الصلاة إلى الفجر.

والحمد لله هذا من فضل الله تعالى وإحسانه، يصلي ركعات معدودة مع الإمام ثم يكتب له بقية عمله.

تخريجه؟

القارئ:

قال أحسن الله إليكم: "صحيحٌ، أخرجه أحمد، والدارمي، وأبو داوود، وابن ماجه، والترمذي، والنسائي، وفي (الكبرى) له، وابن جارود، والطحاوي في شرح (معاني الآثار)، وابن حبان، والبيهقي، والبغوي من طريق الوليد بن عبد الرحمن بهذا الإسناد".

الشيخ:

الحديث صحيح، حديث أبي ذر وحديث النعمان.

ما بعده؟

القارئ:

أحسن الله عملُك.

"بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا تَرَكَ قِيَامَ لَيَالِي رَمَضَانَ كُلِّهِ خَشْيَةَ أَنْ يُفْتَرَضَ قِيَامُ اللَّيْلِ عَلَى أُمَّتِهِ فَيَعْجَزُوا عَنْهُ".

الشيخ:

بارك الله لك، وفق الله الجميع.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد