شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_6

00:00
00:00
تحميل
8

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

اللهم اغفر لشيخنا ولنا وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

يقول الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي حِجَامَةِ الْمُحْرِمِ عَلَى الرَّأْسِ وَإِنْ كَانَ الْمَحْجُومِ ذَا جُمَّةٍ أَوْ وَفْرَةٍ، بِذِكْرِ خَبَرٍ مُخْتَصَرٍ غَيْرِ مُتَقَصٍّ.

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، قال: حدثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قال: حدثنا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حدثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ ابْنِ بُحَيْنَةَ مِنْ هَذَا الْبَابِ.

شرح الشيخ: قول المؤلف -رحمه الله تعالى-: (بَابُ الرُّخْصَةِ فِي حِجَامَةِ الْمُحْرِمِ عَلَى الرَّأْسِ وَإِنْ كَانَ الْمَحْجُومِ ذَا جُمَّةٍ)، جُمة: شعر الرأس يصل إلى الكتف، والذي يصل إلى الأذن يسمى وفرة، الشعر له أسماء، للأذن وفرة، وإلى الكتف يُسمى جُمة، يعني ولو كان المحجوم له شعر فلا بأس بالرخصة في حجامة المُحرِم، ذكر حديث ابن عباس.

وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو مُحرِم على رأسه، وذكر أيضًا حديث ابن بُحينة، ماذا قال على تخريج الحديث عندك؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد، والحاكم من طريق زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار، عن طاووس به، وليس فيه عطاء".

الشيخ: وخبر بُحينة، سيذكره، سيأتي، تكلم على خبر بحينة؟ خبر بحينة سيأتي، المؤلف سيذكره، سيأتي بالتفصيل.

فالحديث فيه الرخصة، دليل الترجمة، وهو الرخصة في حجامة المُحرِم على الرأس، وسيأتي موضع المكان، وأنه في مكان ليس فيه شعر، ولو احتاج إلى أخذ الشعرات القليلة فلا يضر، فالترجمة جواز احتجام المُحرِم على رأسه، وإن كان مُحرِمًا لحاجة، والحجامة إنما تكون علاج، هي نوع من أنواع العلاج، ولهذا يذكرها العلماء في كتاب الطب، هو نوع من العلاج، فالمُحرِم يتعالج بالأدوية، بالعقاقير الطبية، ويتعالج بفصد الدم، بالحجامة، وإن احتاج لحلق الرأس كما سيأتي أنه يأتي، إذا احتاج إلى حلق الرأس فإنه يفدي.

كما ثبت في صلح الحديبية في قصة المحتجم، أنه خيره النبي -صلى الله عليه وسلم- بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، هذا يسمى عند أهل العلم فدية الأذى، وإذا كانت الحجامة في الرأس، إن كان يحتاج إلى إزالة شعر كثير، فلابد من الفدية، وأما الشعرات اليسيرة فيُعفى عنها.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا احْتَجَمَ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ وَجَعٍ وَجَدَهُ بِرَأْسِهِ.

قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قال: حدثنا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدًا قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنِ الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ، فَقَالَ: مَا كُنَّا نَرَى إِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ إِلَّا لِجَهْدِهِ، وَلَمْ يُسْنِدْهُ، وَقَالَ: قَدِ احْتَجَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ مُحْرِمٌ وَمِنْ وَجَعٍ وَجَدَهُ فِي رَأْسِهِ.

الشيخ: ماذا قال عندك؟ تخريجه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد من طريق حميد به".

شرح الشيخ: والأعظمي كذلك ذكر أنه صحيح، الحديث صحيح، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما احتجم من أجل وجع، يعني علاج، فالمُحرِم لا بأس أن يتعالج، لكن إذا احتاج إلى حلق الرأس، فإنه يحلق رأسه ويفدي، لكن العلاجات الأخرى، العقاقير والقطرات، وما أشبهها ما تحتاج إلى فدية.

وفيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما احتجم من وجع، علاج، يتعالج، وسئل أنس عن الصائم يحتجم، الحجامة في الصيام فيها كلام، فيها خلاف قوي، مر في كتاب الصيام أن جمهور العلماء يرون أنها لا تفطر، والقول الثاني أنها تفطر، وهو المختار، والذي نصره عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وهو اختيار العلماء المتأخرين، واختيار شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-، والذي نفتي به، أن الحجامة تفطر الصائم.

أما تحليل الدم اليسير الذي يؤخذ من رأس الإصبع هذا لا يضر.

(سُئِلَ أَنَسٌ عَنِ الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ، فَقَالَ: مَا كُنَّا نَرَى إِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ إِلَّا لِجَهْدِهِ)، لما يحصل له من المشقة، لكنه لم يُسند هذا، كان هذا اختيار أنس -رضي الله عنه-.

مداخلة: [00:07:11]

الشيخ: نعم، الحديث هذا، [00:07:31] شرح البخاري، كتابنا.

مداخلة: ذكرتم -حفظكم الله- في شرحكم على البخاري، في باب الحجامة للمُحرِم: "وقد احتجم -صلى الله عليه وسلم- في وسط رأسه في اليافوخ، ومعلوم أنه إذا احتجم ووضع المِحجم فلابد أن يأخذ شعرات، فهل فدى النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

يقول الفقهاء: إذا أخذ المُحرِم من شعره فعليه دم، ولما حلق كعب بن عجرة رأسه -رضي الله عنه- أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يذبح شاة، أو يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام، فيُحتمل أنه -صلى الله عليه وسلم- فدى، لكن الظاهر أنه لم يفدي؛ لأنها شعرات قليلة.

والشعرات القليلة يُعفى عنها من أجل وضع المِحجم، ولا يؤثر كونه يُظهر الدم، فإن كثيرًا من العامة إذا صار في أعضائه دم استعظمه، وهذا من الجهل وقلة البصيرة في الدين.

وأما قول بعض الفقهاء: إذا أخذ شعرة واحدة فعليه فدية طعام مسكين، وإذا أخذ شعرتين فعليه فدية طعام مسكينين، وإذا أخذ ثلاث شعرات فعليه فدية طعام ثلاثة مساكين، فهذا فيه مبالغة.

وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه لا يفدي إلا إذا أخذ ربع شعر الرأس، فما كان أقل من الربع فلا يؤثر، فالمقصود أن الشعرات القليلة التي يأخذها لا تضر بالمحتجم، وهذا هو الظاهر، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يُنقل عنه أنه فدى، وإن فدى من باب الاحتياط، أو صام ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو ذبح شاةً فهو حسن".

وقلتم -حفظكم الله- في باب الحجامة على الرأس من كتاب الطب: "قوله: وهو مُحرم في وسط رأسه؛ أي إذا احتجم فإنه يحتاج إلى أن يحلق شعيرات، مكان الحجامة، والمُحرِم إذا حلق شيئًا من شعره فلابد أن يفدي، ولم يُذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فدى وهو مُحرم، وقد احتجم في وسط رأسه، ولابد أن تُزال شعرات مكان الحجامة.

وذكر ابن القيم -رحمه الله- أن هذا فيه جواز احتجام المُحرم، وإن آل إلى قطع شيء من الشعر، فإن ذلك جائز، وفي وجوب الفدية عليه نظر، ولا يقوى الوجوب، فالظاهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفدي عن هذه الشعرات؛ لأنها شعرات قليلة، أُخذت للحاجة فيُعفى عنها.

وقال بعضهم: إنما لم تُذكر لأنه معروف أن حلق الشعر للمُحرم فيه فدية، فيُحتمل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فدى.

وعلى كل حال، فكونه يفدي أحوط، وسيأتي في الحديث الذي بعده أن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- فدى لما حلق رأسه، فإن فدى فهو أحوط، وقد يقال: إنها شعرات قليلة فلا تلزمه الفدية".

وقلتم في شرحكم على [صحيح مسلم] في كتاب الحج، باب جواز الحجامة للمُحرِم: "في هذه الأحاديث: جواز الحجامة للمُحرِم في الرس وغيره، إذا كان له عذر، وفيها أنما يؤخذ من الشعر لمكان الحجامة شيء يسير لا شيء فيه، وإن كفّر عنه بإطعام فهو أفضل.

وما يذكره الفقهاء من وجوب الفدية على من أخذ ثلاث شعرات فهو اجتهاد لا دليل عليه؛ لأنه لم يأتِ في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما احتجم فدى، فدلّ على أنه معفوٌّ عنه".

وقلتم في شرحكم على [بلوغ المرام]: "في الحديث جواز الاحتجام للمُحرِم في أي موضع من الجسد أو الرأس، وإذا احتاج إلى حلق شعرات من الرأس فإنه يُعفى عنه؛ لأنه شيء يسير، ولم يُنقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فدى، وإن فدى احتياطًا وخروجًا من خلاف العلماء فحسن".

وقلتم في شرحكم على كتاب الحج من [جامع الترمذي]، باب ما جاء في الحجامة للمُحرِم في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو مُحرِم، قلتم -حفظكم الله-: "ولم يُنقل عنه أنه فدى، وقد جاء فيه أنه احتجم في رأسه، وهذا يلزم منه أخذ بعض الشعر، ولم يُنقل عنه أنه فدى".

وقلتم -حفظكم الله-: "وإذا لم يكن فيها قطع شعر، فلا بأس بها عند الجمهور، وعند مالك، فهي مكروهة، فإن كان فيها قطع شعر فإنه يفدي بشاة، فهو أحوط له".

وقلتم -حفظكم الله- في شرحكم على [منسك شيخ الإسلام ابن تيمية]: "ولم يُنقل عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه فدى، فدلّ على أنه لا بأس بذلك"، انتهى.

الشيخ: الأصل في هذا حديث كعب بن عجرة في غزوة الحديبية، لما كانوا مُحرِمين، أتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتساقط على وجهه، فقال النبي: أيؤذيك هوام رأسك؟ قال: نعم، قال: «احلق رأسك، وانسك شاة، أو أطعم ستة مساكين، أو صم ثلاثة أيام»، هذه تسمى فدية الأذى، هذا هو الأصل، قاس العلماء عليها بقية المحظورات، إذا تطيب متعمدًا، أو لبس المخيط، أو غطى رأسه، أو أخذ شيئًا من أظفاره، كله مقيس على فدية الأذى التي جاءت في حديث كعب بن عجرة -رضي الله عنه-.

مداخلة: [00:13:51]

الشيخ: لا، إي، الشعر أو غيره، الأصل شعر الرأس، لكن العلماء ألحقوا بقية شعور البدن بشعر الرأس، الظاهرية يرون أنه خاص بشعر الرأس.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ، وَالدَّلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِ احْتَجَمَ مُحْرِمًا غَيْرَ مَرَّةٍ، مَرَّةً عَلَى الرَّأْسِ، وَمَرَّةً عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ.

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قال: حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ.

الشيخ: الحديث السابق صحيح، رواه أبو داود، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وأبو يعلى، والحاكم، والبيهقي، والبغوي، عن قتادة به".

شرح الشيخ: وفيه: أن المُحرِم يحتجم في أي مكان، من رأسه أو من جسده، على ظاهر القدم، هذا ما فيه إشكال، ما فيه شرط، فدلّ على أن الحجامة جائزة للمُحرِم، وكذلك للصائم للعلاج إذا احتاج.

لكن الحجامة للصائم فيها خلاف في كونها تفطر الصائم أو لا.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْوَجَعَ الَّذِي وَجَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي إِحْرَامِهِ فَاحْتَجَمَ بِسَبَبِهِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ، وَجَدَهُ بِظَهْرِهِ أَوْ بِوَرِكِهِ لَا بِقَدَمِهِ.

قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قال: حدثنا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، (ح) وَحدثنا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى، (ح) وَحدثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قال: حدثنا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ قَالُوا: حدثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَثْءٍ كَانَ بِظَهْرِهِ أَوْ بِوَرِكِهِ.

لَمْ يَقُلْ لَنَا بُنْدَارٌ: أَوْ بِوَرِكِهِ، قِيلَ لَنَا: إِنَّهُ كَانَ فِي كِتَابِهِ، وَلَمْ يُكلِّم بِهِ.

الشيخ: في نسختنا: ولم يتكلم به.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- وَابْنِ بُحَيْنَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَجَمَ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ وَجَعٍ وَجَدَهُ فِي رَأْسِهِ، فَدَلَّ خَبَرُ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ احْتَجَمَ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ وَإِنَّمَا كَانَتْ لِلْوَثْءِ الَّذِي كَانَ بِظَهْرِهِ أَوْ بِوَرِكِهِ؛ لِأَنَّ فِي خَبَرِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّ إِحْدَى الْحِجَامَتَيْنِ كَانَ مِنْ وَجَعٍ وَجَدَهُ فِي رَأْسِهِ.

وَفِي خَبَرِ جَابِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ إِحْدَاهُمَا كَانَ مِنْ وَثْءٍ كَانَ بِظَهْرِهِ أَوْ بِوَرِكِهِ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَجَمَ مِنْ رَهْصَةٍ أَصَابَتْهُ، قال: حَدَّثَنَاهُ الزِّيَادِيُّ، قال: حدثنا الفضيل بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ.

الشيخ: حدثنا الفضل.

مداخلة: نعم، في نسخة: الفضل، والمثبت من [الإتحاف]، والطب لأبي نعيم.

الشيخ: الفضيل، صح.

قارئ المتن: قال: حَدَّثَنَاهُ الزِّيَادِيُّ، قال: حدثنا الفضيل بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذِهِ الرُّخْصَةُ تُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْوَثْءُ الَّذِي ذُكِرَ فِي خَبَرِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ.

الشيخ: ماذا قال عندك؟ الحديث السابق، قال: إسناده صحيح من طريق أبي الزبير، من وثء كان به، والوثء هو وهن في الرجل، دون الخلع والكسر، يعني ضعف في الرجل دون الكسر والخلع.

كما قال المؤلف -رحمه الله-: هذه الرخصة تكون من أجل الوثء، والأولى من أجل وجع في رأسه، فدلّ على أن المُحرِم له أن يحتجم في رأسه وفي غيره عند الحاجة، وأنها رخصة.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ رُكُوبِ الْمُحْرِمِ الْبُدْنَ إِذَا سَاقَهُ بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ.

حدثنا بُنْدَارٌ، قال: حدثنا أَبُو دَاوُدَ، قال: حدثنا شُعْبَةُ، (ح) وَحدثنا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ شُعْبَةَ، (ح) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قال: حدثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ وسعيد، (ح)، وحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-

الشيخ: عن شعبة وسعيد.

مداخلة: عن سعيد عن قتادة.

الشيخ: أول، عن شعبة وسعيد.

مداخلة: قبلها: عن شعبة وسعيد.

الشيخ: ساقطة في النسخة هذه (وسعيد).

قارئ المتن: وحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى عَلَى رَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ: «ارْكَبْهَا»، قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: «ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ أَوْ وَيْحَكَ»، هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ.

شرح الشيخ: الحديث إسناده صحيح كما ذكر في [منحة المعبود] ماذا قال عندك؟ أخرجه البخاري أيضًا ومسلم، الشيخان، فهو حديث صحيح.

وفيه أنه يجوز للإنسان أن يركب البدنة، وهي البعير الذي أهداه، إذا ساق الإنسان بدن من بلده، إبل، لتُذبح في مكة لله تعالى، واحتاج إلى ركوبها، لا بأس، يركبها، إذا احتاج إلى الركوب فلا بأس أن يركب في الطريق.

بعض الناس يتورع، ولذلك النبي أتى على رجل يسوق بدنة، وتعب من المشي فقال له: «اركبها»، قال: بدنة مهداة، كيف أركبها، قال له: «اركبها»، ثم قال في الثانية: «ويلك، أو ويحك»، تحضيض له على الركوب، فلا بأس، إنما الممنوع أن يشق على البدنة، أو يركب عليها من لا تطيقهم، أما إذا ركب عليها وحده وهو محتاج، عند الحاجة فلا بأس، ولو كانت هذه البدنة مهداة.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِبَعْضِ اللَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، وَالدَّلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَبَاحَ رُكُوبَ الْبُدْنِ إِذَا كَانَ رَاكِبُهَا لَا يَجِدُ ظَهْرًا يَرْكَبُهُ، لَا إِذَا وَجَدَ ظَهْرًا، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا رَكِبَ الْبَدَنَةَ عِنْدَ الْإِعْوَازِ مِنْ وُجُودِ الظُّهْرِ ثُمَّ وَجَدَ ظَهْرًا يَرْكَبُهُ، لَمْ يُجَزْ لَهُ الثُّبُوتُ عَلَى الْبَدَنَةِ، وَكَانَ عَلَيْهِ النُّزُولُ عَنْهَا.

شرح الشيخ: هذه الترجمة فيها أنه إنما يركب البدنة إذا كان محتاج، ليس عنده مركوب آخر، فإن كان عنده مركوب آخر، فلا، يركب المركوب، والبدنة لا يركبها، وكذلك أيضًا إذا كان ليس معه إلا البدنة التي يسوقها وركبها، ثم جاء مركوب له، فإنه ينزل منها، ويركب المركوب الذي جاء، هذه الترجمة.

قارئ المتن: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَحَدَّثَنَاهُ مَرَّةً قال: حدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قال: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسْأَلُ عَنْ رُكُوبِ الْبَدَنَةِ قَالَ: «ارْكَبْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا».

الشيخ: إسناد الحديث صحيح، سبق، ماذا قال عليه عندك؟

مداخلة: صحيح، أخرجه أحمد، ومسلم، وأبو داود والنسائي.

الشيخ: وفيه التقييد بأنه إذا لم يجد ظهرًا، يعني إذا لم يجد مركوبًا آخر، قال: «ارْكَبْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا»، فإذا وجد مركوبًا آخر نزل عنها.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَبَاحَ رُكُوبَ الْبُدْنِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى رُكُوبِهَا عِنْدَ الْإِعْوَازِ مِنْ وُجُودِ الظُّهْرِ، رُكُوبًا بِالْمَعْرُوفِ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَشُقَّ الرُّكُوبُ عَلَى الْبَدَنَةِ.

شرح الشيخ: يعني بهذه الشروط، يركبها إذا لم يجد غيرها، ليس عنده مركوب آخر، وأيضًا يركبها بالمعروف، من غير مشقة، ما يركب أربعة أو خمسة أو ستة عليها، يثقلون عليها، الركوب بالمعروف، من غير إيذاء، من غير إثقال، فإذا وجد مركوبًا آخر تركها

قارئ المتن: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ، قال: حدثنا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ.

الشيخ: محمد يعني...

مداخلة: يعني ابن بكر.

الشيخ: ابن أبي بكر.

مداخلة: في الأصل: ابن أبي بكر، والمثبت من [الإتحاف]، ومسند أحمد، وهو محمد بن بكر بن عثمان البرساني.

الشيخ: تُشطب أبي، يعني ابن بكر.

قارئ المتن: قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ، قال: حدثنا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ قال: حدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «ارْكَبْ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا».

الشيخ: الحديث رواه الإمام مسلم، المؤلف ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه أحمد من طريق محمد بن أبي بكر، سبق في الذي قبله.

شرح الشيخ: الترجمة فيها ركوب البدنة بشرطين:

الشرط الأول: إذا لم يجد غيرها.

الشرط الثاني: أن يكون ركوبًا بالمعروف، من غير أن يشق على البدنة، ركوب بالمعروف إذا لم يجد غيرها.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّوَابِّ الَّتِي أُبِيحَ لِلْمُحْرِمِ قَتَلْهَا فِي الْإِحْرَامِ، بِذِكْرِ لَفْظَةٍ مُجْمَلَةٍ فِي ذِكْرِ بَعْضِهِنَّ بِلَفْظٍ عَامٍّ، مُرَادُهُ خَاصٌّ عَلَى أَصْلِنَا.

قال: حدثنا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَتْ حَفْصَةُ -رضي الله عنها-: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ، الْعَقْرَبُ، والغراب، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ».

الشيخ: الغراب، عندكم هكذا؟ ساقطة في النسخة الثانية.

مداخلة: أشار إليها: سقطت في نسخة أخرى.

شرح الشيخ: العقرب والغراب، والحدأة والفأرة، وهي خمس، إذا حذفت الغراب صارت أربع، والحديث صحيح، ماذا قال عليه؟ رواه الشيخان أو مسلم؟ هنا رواه مسلم، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم.

الشيخ: رواه الشيخان، والحديث صحيح، وذلك أن هذه الدواب خرجت عن طبيعة غيرها بالإيذاء، تُسمى فواسق، في الحديث سماها خمس فواسق، والفسق هو الخروج عن الشيء، يقال: فسقت التمرة إذا خرجت، يسمى الفاسق فاسق إذا خرج عن الطاعة إلى المعصية، وهذه الدواب خرجت عن طبيعة غيرها بالإيذاء، مؤذية.

فالعقرب معروف، تلدغ، والغراب يأكل سنبل الزرع، وكذلك أيضًا ينقض الجرح على ظهر البعير إذا برئ، والفأرة كذلك مؤذية معروف، والكلب العقور، فهي خرجت عن طبيعة غيرها بالإيذاء فجاز قتلها في الحِل وفي الحرم، للمُحرِم وغير المُحرِم.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَلَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمِصْرِيُّ، قال: حدثنا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ، وَهُوَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَمَالِكٍ يَعْنِي عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ، الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ»، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: “الْحَيَّةُ وَالذِّئْبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ”.

الشيخ: الحديث كذلك أخرجه مسلم وغيره، ماذا قال عليه؟ وهو عند أبي داود من طريق ابن عجلان.

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الطحاوي في شرح المعاني من طريق يحيى بن أيوب به.

الشيخ: وفيه هنا ذكر الحدأة، والحدأة طائر يخطف اللحم، ومنه قصة الأَمة في حديث عائشة التي اتهموها بأنها أخذت الوشاح، وهو ثوب أحمر جميل، اتهموها بأنها أخذته، وكانت الحدأة هي التي اختطفته، فاتهموا هذه الأمة، فتّشوها، حتى فتشوا قُبُلها، فبينما هم جالسون جاءت الحدأة وألقته عليهم، فقالت: هذا الذي تتهموني، وكانت تتمثل بهذا: (ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا)، فالحدأة تختطف أشياء فصارت من الفواسق.

كذلك هنا فيه زيادة الحية والذئب، كلها مؤذية هذه.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حدثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ بِهَذَا، وَقَالَ: إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: «وَالْحَيَّةُ وَالذِّئْبُ وَالنَّمِرُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ»، قَالَ ابْنُ يَحْيَى: كَأَنَّهُ يُفَسِّرُ الْكَلْبَ الْعَقُورَ يَقُولُ: مِنَ الْكَلْبِ الْعَقُورِ الْحَيَّةُ وَالذِّئْبُ وَالنَّمِرُ.

شرح الشيخ: كلها داخلة في الكلب العقور، مؤذية، لكن الحية هي مستقلة، غير الكلب العقور، لكن الذئب والنمر نعم، داخلة في الكلب العقور.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنا ابْنُ بَحْرٍ قال: حدثنا حَاتِمٌ قال: حدثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “خَمْسٌ قَتْلُهُنَّ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ”.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ الَّتِي قَالَهَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَذِكْرِ الْحَيَّةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَبَقَهُ لِسَانُهُ إِلَى هَذَا.

شرح الشيخ: صدق في هذا؛ لأن الحية ما تدخل، صدق أبو بكر، سبق لسان، الحية مستقلة، ليست من فصيلة الكلاب.

قارئ المتن: لَيْسَتِ الْحَيَّةُ مِنَ الْكَلْبِ فِي شَيْءٍ، وَلَا يَقَعُ اسْمُ الْكَلْبِ عَلَى الْحَيَّةِ، فَأَمَّا النَّمِرُ وَالذِّئْبُ فَاسْمُ الْكَلْبِ وَاقِعٌ عَلَيْهِمَا، فِي خَبَرِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بَيَانٌ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَيَّةِ وَبَيْنَ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْخَبَرِ: الْكَلْبَ الْعَقُورَ يُرِيدُ الْحَيَّةَ، إِنَّهَا يقَعُ اسْمُ الْكَلْبِ عَلَيْهَا.

الشيخ: صحيح، الحديث ماذا قال عليه عندك؟ إسناده حسن.

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه أبو داود من طريق حاتم بن إسماعيل به.

شرح الشيخ: قول يحيى إن الحية من الكلب العقور، كما قال المصنف ابن خزيمة ليس بصحيح، لا يقع اسم الكلب على الحية، لكن يقع اسم الكلب على النمر والذئب، في خبر حاتم بين إسماعيل فرّق بين الحية وبين الكلب، جعل الحية مستقلة، غير الكلب، والكلب مستقل، فرّق بينهما، فكيف يكون معنى قوله "الكلب العقور"، يريد الحية، المؤلف بيَّن أن قول ابن يحيى، تفسيره للكلب العقور بإدخال الحية أنه ليس بظاهر.

 

 

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ قَتْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيَّةَ وَإِنْ كَانَ قَاتِلُهَا فِي الْحَرَمِ لَا فِي الْحِلِّ.

قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، بخبرٍ غريبٍ غريب، قال: حدثنا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ فِي الْحَرَمِ.

الشيخ: بخبرٍ غريب غريب عندك؟

مداخلة: نعم، أحسن الله إليك.

الشيخ: ساقطة من النسخة هذه، أعد.      

قارئ المتن: قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، بخبرٍ غريبٍ غريب.

مداخلة: قال: في الحاشية، حشي عليه، قال: ما بين المعقوفتين لم يرِد في الأصل ولا في النسخة، وأثبته من [الإتحاف].

قارئ المتن: قال: حدثنا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ فِي الْحَرَمِ.

شرح الشيخ: هذا فيه دليل الترجمة، إِبَاحَةِ قَتْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيَّةَ، مُحرِم، وفي الحرم، وذلك لأنها مؤذية، فتُقتل لدفع أذاها، والحديث حديث صحيح، ماذا قال عليه عندك؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم.

قارئ المتن: قال: بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي بَعْضِ مَا أُبِيحَ قَتْلُهُ لِلْمُحْرِمِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ بَعْضِ الْغِرْبَانِ لِأَكْلِهَا، وَإِنَّهُ إِنَّمَا أَبَاحَ قَتْلَ الْأَبْقَعِ مِنْهَا دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْغِرْبَانِ.

قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حدثنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَأَةُ».

شرح الشيخ: قيّد الغراب بالأبقع، وهذا الخبر اللفظ مفسر للفظ المجمل، الأول: الغراب، وهنا قيّده بالأبقع، الحديث أخرجه الإمام مسلم من رواية محمد بن بشار، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الطيالسي، وعبد الرزاق، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم.

قارئ المتن: قال: بَابُ ذِكْرِ تطيب الْمُحْرِمِ وَلُبْسِهِ فِي الْإِحْرَامِ مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ جَاهِلًا...

الشيخ: تطيب أم طيب؟

مداخلة: قال: بَابُ ذِكْرِ تطيب الْمُحْرِمِ.

الشيخ: هكذا عندكم؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: أحسن تطيب، (تطيب الْمُحْرِمِ وَلُبْسِهِ فِي الْإِحْرَامِ مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ جَاهِلًا).

قارئ المتن: قال: مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ جَاهِلًا بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ فِي الْإِحْرَامِ وَإِسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ عَنْ فَاعِلِهِ ضِدَّ مَذْهَبِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّ التَّطَيُّبَ وَلُبْسَ مَا لُبِسَ مِنَ الثِّيَابِ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ بِذِكْرِ خَبَرِ لَفْظَةٍ فِي الطِّيبِ، غَلِطَ فِي الِاحْتِجَاحِ بِهَا بَعْضُ مَنْ كَرِهَ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَبْلَ يُحرِم الْمَرْءُ، مِمَّنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْمُقَدَّمِ وَبَيْنَ الْمُؤَخَّرِ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُجْمَلِ مِنَ الْأَخْبَارِ وَبَيْنَ الْمُفَسَّرِ مِنْهَا.

الشيخ: هذه الترجمة فيها أن المُحرِم إذا تطيب أو لبس ناسيًا فلا شيء عليه، محظورات الإحرام تسعة بالاستقراء، خمسة حكمها واحد:

  • لبس المخيط.
  • وتغطية الرأس.
  • وأخذ الشعر.
  • وأخذ الظفر.
  • والطيب.

هذه الخمسة إذا فعل واحدة منها ناسيًا أو جاهلًا أو مُكرهًا فلا شيء عليه على الصحيح، وإذا فعل واحدة منها ذاكرًا عالمًا مختارًا لزمته فدية.

ماذا بقي من محظورات الإحرام؟

  • الصيد: عليه جزاؤه.
  • عقد النكاح: لا يجوز، وليس فيه فدية، يفسد العقد، يعيده.
  • الجماع: هذا يفسد الحج إذا كان قبل التحلل الأول.
  • والمباشرة.

هذه محظورات الإحرام.

وإذا تطيب جاهلًا أو ناسيًا، كما ذكر المؤلف، أو مكرهًا فلا شيء عليه، قال بعض العلماء: إنه لا يُعذر الجاهل إذا كان في إتلاف، الأخذ من الشعر والظفر، هذا فيه إتلاف، لا يُعذر، ويُعذر في غير الإتلاف.

وقال آخرون كذلك: لا يُعذر الجاهل.

والصواب: التفصيل هذا، أن الجاهل والناسي معفو عنه.

قارئ المتن: قال: بَابُ ذِكْرِ طِيبِ الْمُحْرِمِ وَلُبْسِهِ فِي الْإِحْرَامِ مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ جَاهِلًا، بِأَنَّ ذاك غَيْرَ جَائِزٍ فِي الْإِحْرَامِ.

الشيخ: ذاك عندك؟

مداخلة: نعم، قال: بأن ذاك.

الشيخ: زيادة اللام للبعد.

قارئ المتن: قال: وَإِسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ عَنْ فَاعِلِهِ ضِدَّ مَذْهَبِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّ التَّطَيُّبَ وَلُبْسَ مَا لُبِسَ مِنَ الثِّيَابِ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ بِذِكْرِ خَبَرِ لَفْظَةٍ فِي الطِّيبِ، غَلِطَ فِي الِاحْتِجَاحِ بِهَا بَعْضُ مَنْ كَرِهَ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَبْلَ يُحرِم الْمَرْءُ، مِمَّنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْمُقَدَّمِ وَبَيْنَ الْمُؤَخَّرِ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُجْمَلِ مِنَ الْأَخْبَارِ وَبَيْنَ الْمُفَسَّرِ مِنْهَا.

شرح الشيخ: الترجمة فيها أن الجاهل إذا تطيب فإنه معفو عنه حتى يعمل، وكذلك إذا لبس من الثياب جاهل، فإنه معفو عنه، ويرد المؤلف على من كره الطيب عند الإحرام قبل أن يُحرِم، ولم يميز بين المقدم والمؤخر من سنن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يفرق بين المجمل وبين المفسر منها.

قارئ المتن: قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قال: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ قَالَ لِعُمَرَ: لَيْتَ أَنِّي أَرَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ

شرح الشيخ: حين يتنزل عليه الوحي يعني يقول ليتني أرى النبي إذا نزل عليه الوحي.

قارئ المتن: فَلَمَّا كَانَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ مَعَهُ فِيهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ قَدْ تَضَمَّخَ بِطِيبٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى أَنْ تَعَالَ، فَجَاءَهُ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذَا مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفًا؟ فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزَعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ.

الشيخ: الحديث معروف، رواه البخاري، قال: رواه مسلم، عندك؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الشافعي في المسند، والحميدي، والبخاري، ومسلم.

شرح الشيخ: وهو حديث صحيح من قصة يعلى بن أمية أنه تمنى أن يرى النبي -صلى الله عليه وسلم- حين ينزل عليه الوحي، فأراه عمر.

وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه الرجل الذي تضمخ بالطيب سكت، ما أجابه حتى جاءه الوحي، الإنسان لا يتكلم إلا بعلم، عنده علم يجيب.

وفيه: أن الجاهل معفو عنه، ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عليك الفدية، هذا رجل تضمخ بالطيب جاهل، ثم قال: (أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)، ولم يأمره بالفدية، والجبة فانزعها، يعني فعل محظورين من محظورات الإحرام، تضمخ بالطيب ولبس جبة، وهو مُحرم، قال: الجبة فانزعها، وأما الطيب فاغسله ثلاث مرات، ولم يأمره بفدية لأنه جاهل، الجاهل معفو عنه.

هذا استدل به المؤلف في الترجمة على أن من تطيب جاهلًا، أو لبس المخيط جاهلًا، فإنه معفو عنه، وليس عليه كفارة.

هنا قال: (بَابُ ذِكْرِ تطيب الْمُحْرِمِ وَلُبْسِهِ فِي الْإِحْرَامِ مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ جَاهِلًا، بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ فِي الْإِحْرَامِ وَإِسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ عَنْ فَاعِلِهِ ضِدَّ مَذْهَبِ مَنْ زَعَمَ)، يعني يرد على من زعم أن الكفارة واجبة عليه ولو كان جاهلًا، هذا قول لبعض الفقهاء، أن الكفارة تلزم حتى الجاهل.

وبعضهم قال: الكفارة فيما فيه إتلاف، وما ليس فيه إتلاف فلا، إذا لبس المخيط هذا ما فيه إتلاف، ما فيه فدية، إذا أخذ الشعر أو الظفر هذا فيه فدية، فه إتلاف.

قارئ المتن: قال: بَابُ ذِكْرِ اللَّفْظَةِ الْمُفَسِّرَةِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي الطِّيبِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَمَرَ الْمُحْرِمَ فِي الْجُبَّةِ بَعْدَ النَّضْخِ بِالطِّيبِ يَغْسِلُ ذَلِكَ الطِّيبَ إِذَا كَانَ مَا تَطَّيَبُ بِهِ مِنْ طِيبِ النِّسَاءِ خَلُوقًا، لَا ذَاكَ الطِّيبِ الذي هو مِنْ طِيبِ الرِّجَالِ الذي قَدْ تَطَيَّبَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الْإِحْرَامِ.

شرح الشيخ: (بَابُ ذِكْرِ اللَّفْظَةِ الْمُفَسِّرَةِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي الطِّيبِ)، ويستدل (عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَمَرَ الْمُحْرِمَ فِي الْجُبَّةِ بَعْدَ النَّضْخِ بِالطِّيبِ يَغْسِلُ ذَلِكَ الطِّيبَ)، يعني يغسل الطيب، (إِذَا كَانَ مَا تَطَّيَبُ بِهِ مِنْ طِيبِ النِّسَاءِ خَلُوقًا)، الخلوق نوع من أنواع الطيب، (لَا ذَاكَ الطِّيبِ الذي هو مِنْ طِيبِ الرِّجَالِ الذي قَدْ تَطَيَّبَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الْإِحْرَامِ).

يعني الخلوق نوع آخر، أما الطيب الذي تطيب به النبي -صلى الله عليه وسلم-: المسك، (أَمَرَ الْمُحْرِمَ فِي الْجُبَّةِ بَعْدَ النَّضْخِ بِالطِّيبِ يَغْسِلُ ذَلِكَ الطِّيبَ)؛ لأنه خَلوق، وليس من طيب الرجال.

مداخلة: طيب مركب، يُتخذ من الزعفران وغيره، تغلب عليه الحمرة والصفرة.

قارئ المتن: قال: حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كُنَّا بِالْجِعْرَانَةِ أَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ مُتَضَمِّخٌ بِخَلُوقٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَهْلَلْتُ بِالْعُمْرَةِ، وَعَلَيَّ هَذَا فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَيْفَ كُنْتَ تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ؟» قَالَ: أَنْزِعُ هَذِهِ الثِّيَابَ وَأَغْسِلُهُ قَالَ: «فَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ».

قَالَ: وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ فَسُجِّيَ بِثَوْبٍ فَدَعَانِي عُمَرُ: فَكَشَفَ لِي عَنِ الثَّوْبِ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَغِطُّ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ، هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ: قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجِعْرَانَةِ، وَقَدْ قُلْتُ لِعُمَرَ: وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالَ: وَأغْسِلْ عَنِّي هَذَا الْخَلُوقَ.

شرح الشيخ: الخلوق نوع من الطيب، وفيه أ ن يعلى تمنى أن يرى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ينزل عليه الوحي، فلما نزل عليه الوحي وهو بالجعرانة، (أَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ)، ثياب يعني، (مُتَضَمِّخٌ بِخَلُوقٍ)، نوع من الطيب.

فسأل النبي فَقَالَ: (إِنِّي أَهْلَلْتُ بِالْعُمْرَةِ، وَعَلَيَّ هَذَا فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَيْفَ كُنْتَ تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ؟»)، يعني الحج والعمرة سواء في الإحرام، قَالَ: (أَنْزِعُ هَذِهِ الثِّيَابَ وَأَغْسِلُهُ قَالَ: «فَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ»)، يعني انزع هذا، الإحرام واحد.

استدل بعض الفقهاء بقوله: «فَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ»، استدل به على وجوب طواف الوداع في العمرة، الشيخ محمد بن عثيمين يرى هذا، ومن أدلته: «فَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ»، ولكن ليس بظاهر، «فَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ»، يعني الطواف والسعي.

ماذا قال على الحديث عندك؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الشافعي في المسند، والحميدي، وأحمد، ومسلم، والترمذي، والنسائي.

الشيخ: وفيه ما دلت عليه الترجمة من أن المُحرِم ممنوع من الطيب، واستدل بغسل الطيب يقول: إذا كان ما تطيب به من طيب النساء (خلوق)، (لَا ذَاكَ الطِّيبِ الَّتِي هِيَ مِنْ طِيبِ الرِّجَالِ الَّتِي قَدْ تَطَيَّبَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الْإِحْرَامِ).

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ هَذَا الْمُحْرِمَ - الَّذِي ذَكَرْنَاهُ - بِغَسْلِ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ خَلُوقٌ فِيهِ زَعْفَرَانٌ وَالتَّزَعْفُرُ غَيْرُ جَائِزٍ للحِلّ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْمُحْرِمُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، لَا كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ بِغَسْلِ ذَلِكَ الطِّيبِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ بِهِ أَثَرُ الطِّيبِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ تَطَيَّبَ بِهِ وَهُوَ حَلَالٌ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ مُتَضَمِّخٌ بِخَلُوقٍ، وَالْخَلُوقُ لَا يَكُونُ -عِلْمِي-

الشيخ: (لَا يَكُونُ -عِلْمِي-)، على حسب ما أعلم يعني.

قارئ المتن: قال: لَا يَكُونُ -عِلْمِي- إِلَّا فِيهِ زَعْفَرَانٌ وَفِي خَبَرِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنِ أَبِي لِيَلِيَ، وَالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ عَلَيْهَا رِدْع مِنْ زَعْفَرَانٍ، إِلَّا أَنَّهُمْ أَسْقَطُوا صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى مِنَ الْإِسْنَادِ.

الشيخ: هذا الحديث، حديث صفوان، قال: رواه الإمام مسلم عندك؟

مداخلة: قال: أخرجه الشافعي في المسند، والحميدي، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وابن الجارود، والطبراني، والبيهقي، والبغوي من طريق عمرو بن دينار به، ثم قال: سبق في الحديث.

شرح الشيخ: المؤلف قال في الترجمة، يستدل  (عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَمَرَ الْمُحْرِمَ فِي الْجُبَّةِ بَعْدَ النَّضْخِ بِالطِّيبِ يَغْسِلُ ذَلِكَ الطِّيبَ، قال: إِذَا كَانَ مَا تَطَّيَبُ بِهِ مِنْ طِيبِ النِّسَاءِ خَلُوقًا، لَا ذَاكَ الطِّيبِ الذي هو مِنْ طِيبِ الرِّجَالِ الذي قَدْ تَطَيَّبَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الْإِحْرَامِ).

في الحديث قال: (أَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ مُتَضَمِّخٌ بِخَلُوقٍ)، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ»، استدل به بعضهم على وجوب طواف الوداع، الشيخ محمد بن عثيمين استدل به على وجوب طواف الوداع، «فَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ»، قال: فيه دليل على وجوب طواف الوداع للعمرة لأنه في حجه يطوف للوداع، وكذلك في عمرته.

لكن ليس بظاهر، جمهور العلماء على أن وجوب طواف الوداع خاص بالحج دون العمرة، ولم يُنقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طاف للوداع في عُمَره.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَمَرَ هَذَا الْمُحْرِمَ - الَّذِي ذَكَرْنَاهُ - بِغَسْلِ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ خَلُوقٌ فِيهِ زَعْفَرَانٌ وَالتَّزَعْفُرُ غَيْرُ جَائِزٍ ... أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْمُحْرِمُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، لَا كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ بِغَسْلِ ذَلِكَ الطِّيبِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ بِهِ أَثَرُ الطِّيبِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ تَطَيَّبَ بِهِ وَهُوَ حَلَالٌ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ.

شرح الشيخ: يعني المؤلف يرد على العراقيين، الأحناف، الذين يرون أن المُحرِم لا ينبغي أن يكون عليه أثر الطيب، ولو كان تطيب قبل الإحرام، إذا تطيب وأحرم ثم وجد أثر الطيب في رأسه لابد أن يغسله، والصواب أنه لا يُغسل، يبقى، لكن لا ينقله من مكان إلى مكان؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث عائشة وهو مُحرِم، يُرى وبيص المسك في لحيته ومفارق رأسه، وبيص يعني لمعان المسك، ولم يغسله.

فيه دليل على أنه لا بأس أن يستديم المُحرم الطيب، يستديمه، المُحرِم لا يستعمل الطيب، لكن إذا تطيب قبل الإحرام وبقي في بدنه لا يضره، وفي رأسه، لا يلزمه غسله، لكن لا ينقل من مكان إلى مكان، إذا الطيب في رأسه ينقله إلى مكان من جسمه، أعد.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَمَرَ هَذَا الْمُحْرِمَ -الَّذِي ذَكَرْنَاهُ- بِغَسْلِ الطِّيبِ، إذ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ خَلُوقٌ فِيهِ زَعْفَرَانٌ وَالتَّزَعْفُرُ غَيْرُ جَائِزٍ ...

مداخلة: في نسخة الفحل: غير جائز للحِلّ.

الشيخ: للمُحلّ، هنا قال: في الصورة مطموسة، ولعلها للحلال، يعني نهى عن التزعفر، قيل: لأن الزعفران من طيب النساء، خاص بالنساء، نهى النبي عن التزعفر، التزعفر غير جائز أيضًا للحلال، وللمُحرِم.

قارئ المتن: وَإِنْ كَانَ الْمُحْرِمُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، لَا كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ بِغَسْلِ ذَلِكَ الطِّيبِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ بِهِ أَثَرُ الطِّيبِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ تَطَيَّبَ بِهِ وَهُوَ حَلَالٌ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ.

شرح الشيخ: العراقيين، وأبو حنيفة فهموا فهم آخر، فهموا أن المُحرِم إذا أحرم وعليه أثر الطيب يزيله، وهذا ليس بصحيح، النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أمره أن يغسل الطيب الذي كان عليه خلوق، هذا خاص بطيب النساء، ولذلك النبي نهى الرجال عن التزعفر، ولو كان غير مُحرِم؛ لأن التزعفر خاص بالنساء، الزعفران نوع، والطيب الخاص بالنساء هو الذي يُغسل، والذي يغسله حتى الحلال.

أما المُحرِم فهذا ممنوع من الطيب معروف، لكن الحلال متى يُمنع؟ يُمنع إذا كان خاص بالنساء، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى الرجال عن التزعفر.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ مُتَضَمِّخٌ بِخَلُوقٍ، وَالْخَلُوقُ لَا يَكُونُ -عِلْمِي- إِلَّا فِيهِ زَعْفَرَانٌ.

شرح الشيخ: والزعفران ممنوع منه الرجال، نهى النبي عن التزعفر، فهو خاص بالنساء.

قارئ المتن: وَفِي خَبَرِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنِ أَبِي لِيَلِيَ، وَالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ عَلَيْهَا رِدْغٍ مِنْ زَعْفَرَانٍ، إِلَّا أَنَّهُمْ أَسْقَطُوا صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى مِنَ الْإِسْنَادِ.

حدثناهُ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ حدثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ الْمَلَكِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَجَّاجُ، كُلُّهُمْ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ عَلَيْهَا رِدْغٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ.

الشيخ: رِدغ أو رَدغ، يحتاج إلى ضبط.

قارئ المتن: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَحْرَمْتُ فَمَا تَرَى، وَالنَّاسُ يَسْخَرُونَ مِنِّي قَالَ: فَأَطْرَقَ عَنْهُ هُنَيْهَةً قَالَ: ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: «اخْلَعْ عَنْكَ هَذِهِ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْكَ هَذَا الزَّعْفَرَانَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ فِي حَجّكَ» غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَالَ حَجَّاجٌ: حدثنا عَطَاءٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ (ح) وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حدثنا هُشَيْمٌ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ يَخْرِقُ جُبَّتَهُ، فَلَمَّا بَلَغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ أَخَذْنَا بِهِ.

شرح الشيخ: هذا الحديث فيه أنه إذا كان عليه ثياب يخلعها، جبة يخلعها، ولا يحتاج إلى خرقها أو قطعها، يفسد ما لديه، لا، لكن يخلع الثياب من غير أن يشقها.

وهذا الرجل الذي جاء إلى النبي وهو مُحرِم، عليه زعفران، وعليه جُبة، فعل محظورين، قال الناس يسخرون منه، فقال النبي: اخلع الجبة، واغسل عنك أثر الطيب؛ لأن المُحرم لا يلبس الجبة، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك، في آخر الحديث (قَالَ حَجَّاجٌ: حدثنا عَطَاءٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ، أيضًا تحويل الإسناد عن عطاء، قال: كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ يَخْرِقُ جُبَّتَهُ، فَلَمَّا بَلَغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ أَخَذْنَا بِه)، لا يخرق، وإنما يغسل، الحمد لله، يغسل الجبة، لا يفسدها.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ زَجْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ تَزَعْفُرِ الْمُحِلِّ وَالْمُحْرِمِ جَمِيعًا، وَالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلَتُ خَبَرَ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَمَرَ الْمُحْرِمَ الَّذِي ذَكَرْنَا صِفَتَهُ بِغَسْلِ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ مُتَضَمِّخًا بِهِ، إِذْ كَانَ طِيبُهُ خَلُوقًا فِيهِ زَعْفَرَانٌ.

حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قال: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرِّجَالَ عَنِ التَّزَعْفُرِ، قَالَ حَمَّادٌ: يَعْنِي الْخَلُوقَ.

الشيخ: ماذا قال عليه؟ رواه الإمام مسلم؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الطحاوي في [شرح المعاني]، وأخرجه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

الشيخ: الحديث الذي بعده؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الشافعي، والنسائي، وأبو داود، وأبو يعلى، وأبو عوانة، والطحاوي، وابن حبان، والبيهقي.

الشيخ: الذي هو حديث ماذا؟ حديث أنس؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: اقرأ حديث أنس، قرأته؟

قارئ المتن: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَا: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، قال: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، (ح) وَحدثنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قال: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ.

شرح الشيخ: الحديث فيه النهي عن تزعفر الرجل ولو لم يكن مُحرِمًا؛ لأن هذا طيب خاص بالنساء، نهى الرجال عن التزعفر، وهنا نهى أن يت زعفر الرجل.

قال حماد: يعني الخلوق، والخلوق طيب خاص بالنساء، فهذا ممنوع منه حتى غير المُحرِم، كي لا يتشبه بالنساء، نهى عن التزعفر، التزعفر يعني يستعمل الزعفران، الزعفران لا يجوز للمُحرِم أن يتناوله، حتى في مأكله ومشربه، القهوة التي فيها زعفران يجتنبها المُحرِم، الزعفران نوع من الطيب، وهو ممنوع من الطيب في أكله أو شربه أو لباسه.

مداخلة: السند، قال: (ح)، وحدثنا عمران بن مسلم، قال: حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا عبد العزيز عن أنس.

مداخلة: عندنا عبد الوهاب.

قارئ المتن: الإسناد: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَا: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، قال: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، (ح) وَحدثنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قال: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ...

مداخلة: عندنا عبد الوارث.

مداخلة: حشّى عليه قال: "هو في الأصل، وفي نسخة: عبد الوهاب، ولم نجده في شيوخ عمران ولا في تلاميذ عبد العزيز، والصواب أثبتته كما في [الإتحاف]، انظر تهذيب الكمال".

الشيخ: حدثنا ماذا؟

مداخلة: عبد الوارث

الشيخ: بدل عبد الوهاب عبد الوارث، الصواب: عبد الوارث.

قارئ المتن: بَابِ ذِكْرِ دَلِيلٍ ثَانٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلَتُ أَمْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَبَرِ يَعْلَى بِغَسْلِ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمُحْرِمِ، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ الْمُحِلَّ أَيْضًا بِغَسْلِ الْخَلُوقِ الَّذِي كَانَ قَدْ تُخَلَّقَ بِهِ، فَسَوَّى فِي الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ بَيْنَ الْمُحْرِمِ وَالْمُحِلِّ.

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ، قال: حدثنا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: شَحَيْتُ يَوْمًا...

مداخلة: في نسخة: شحوت.

الشيخ: ماذا قال عليها؟ تكلم عليها (شحيت)؟

مداخلة: لا، ما تكلم.

الشيخ: ما تكلم عن (شحيت).

مداخلة: قال: "شحبت، قال: والشاحب: المتغير اللون والجسم لعارض من سفر أو مرض ونحوهما، فهي بالباء، شحبت".

الشيخ: شحبت، يعني أصابه تغير اللون.

قارئ المتن: شحبت يومًا، فَقَالَ لِي صَاحِبٌ لِي: اذْهَبْ بِنَا إِلَى الْمَنْزِلِ، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ، وَتَخَلَّقْتُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَمْسَحُ وُجُوهَنَا، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي جَعَلَ يُجَافِي يَدَهُ عَنِ الْخَلُوقِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لِي: «يَا يَعْلَى مَا حَمَلَكَ عَلَى الْخَلُوقِ، أَتَزَوَّجْتَ؟» قُلْتُ: لَا فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَاذْهَبْ فَاغْسِلْهُ» قَالَ: فَمَرَرْتُ عَلَى رَكِيَّةٍ فَجَعَلْتُ أَقَعُ فِيهَا، ثُمَّ جَعَلْتُ أَتَدَلَّكُ بِالتُّرَابِ حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ جِئْتُ فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَعَادَ بِخَيْرِ دِينِهِ، الْعُلَا تَابَ وَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ أَمَرَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ كَمَا أَمَرَ الْمُحْرِمَ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ.

شرح الشيخ: الشيخ: يعني الخلوق من طيب النساء، إذا فعله الرجل يؤمر بغسله ولو لم يكن مُحرِمًا، ممنوع على المُحرِم والمُحل، خاص بالنساء، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يتزعفر الرجل، ماذا قال على الحديث عندك؟

مداخلة: قال: "إسناده ضعيف، لجهالة حال عمرو بن عثمان بن يعلى، ولانقطاعه فيما بين عمرو وجده".

أخرجه أحمد، والطبراني.

الشيخ: عمرو بن عثمان عندك؟

مداخلة: نعم، قال: عمرو بن عثمان بن يعلى.

مداخلة: في السند عمر بن عبد العزيز.

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: إسناده ضعيف لجهالة حال عمرو بن عثمان بن يعلى، ولانقطاعه فيما بين عمرو وجده.

نقف على هذا إن شاء الله، وفق الله الجميع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد