شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_11

00:00
00:00
تحميل
7

 

بسم الله الرحمن الرحيم

... نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

قارئ المتن: بَابُ صِفَةِ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَالْبَيَانِ أَنَّهُمَا يَاقُوتَتَانِ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ.

حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُوَيْدٍ أَبُو عَمِيرَةَ الْبَلَوِيِّ، مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ الرَّمْلَةِ، قال: حدثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُسَافِعٍ الْحَجَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الرُّكْنُ وَالْمَقَامُ يَاقُوتَتَانِ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ طَمَسَ اللَّهُ نُورَهُمَا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَضَاءَتَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْخَبَرُ لَمْ يُسْنِدْهُ أَحَدٌ أَعْلَمُهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ إِنْ كَانَ حُفِظَ عَنْهُ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ مُسَافِعَ بْنِ شَيْبَةَ مَرْفُوعًا غَيْرُ الزُّهْرِيِّ، رَوَاهُ رَجَاءٌ أَبُو يَحْيَى.

قال: حدثنا الْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ، قال: حدثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قال: حدثنا رَجَاءٌ أَبُو يَحْيَى، قال: حدثنا مُسَافِعُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- أَنْشَدَ بِاللَّهِ ثَلَاثًا وَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إنَّ الْحَجَرَ وَالْمَقَامَ بِمِثْلِهِ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَسْتُ أَعْرِفُ رَجَاء هَذَا بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ ...

الشيخ: أبا رجاء.

مداخلة: مكتوب هنا رجاء، ثم قال: في الأصل أبا رجاء، في نسخة، والصواب رجاء كما جاء في الإسناد.

الشيخ: نعم، في السند رجاء تُشطب أبا.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَسْتُ أَعْرِفُ رَجَاء هَذَا بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ، وَلَسْتُ أَحْتَجُ بِخَبَرِ مِثْلِهِ.

الشيخ: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا الحديث ذكره المؤلف -رحمه الله- حديث عبد الله بن عمرو أنه لم يُسنده أحد غير الزهري، وذكر المحقق أنه أسنده أحمد بن شبيب في سنن البيهقي، وقال المُحشي: إن إسناده حسن لغيره، لأن أيوب سيء الحفظ، لكن تابعه شبيب بن سعيد، ماذا قال عندك في التخريج؟

مداخلة: قال: "إسناده ضعيف، لضعف أيوب بن سويد، والحديث معلول بالوقف، وقد رجح أبو حاتم الرازي في العلل وقفه، وأخرجه الحاكم والبيهقي من طريق الزهري عن مسافع بن شيبة به، وأخرجه عبد الرزاق من طريق ابن شهاب عن مسافع أنه سمع رجلًا يُحدّث عن عبد الله بن عمرو، انتهى".

الشيخ: يعني ضعّفه؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: الشيخ ناصر الألباني قال: "الحديث حسن لغيره؛ لأن أيوب ابن سويد، قال: وإن كان سيء الحفظ، لكن تابعه شبيب بن سعيد عند البيهقي، قال: وهو ثقة عن رواية ابن أحمد، قال: وهذا منه، قال: فإسناده صحيح".

وأخرجه الترمذي في الحج من طريق مسافع، قال الترمذي: "هذا يُروى عن عبد الله بن عمرو موقوفًا، قوله"، يعني من قوله، ليس بالبعيد قول الشيخ الألباني -رحمه الله- أنه حسن لغيره، وسيأتي في الباب الذي بعده بيان أنه نزل من الجنة، أن الحجر الأسود نزل من الجنة، عندكم الزيادة؟

مداخلة: لا.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ سَبَبِهَا اسْوَدَّ الْحَجَرُ، وَصِفَةِ نُزُولِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَالدَّلِيلِ أَنَّهُ إِنَّمَا سَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، إِذْ كَانَ عِنْدَ نُزُولِهِ مِنَ الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ.

حدثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، (ح) وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ قال: حدثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حدثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ».

الشيخ: المحقق، الشيخ ناصر حسّن إسناده، وقال: رواه الترمذي في الحج من طريق جرير، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: إسناده ضعيف، فإن عطاء بن السائب قد اختلط، وجميع من روى عنه هذا الحديث سمعه منه بعد الاختلاط، وقال الترمذي عن هذا الحديث: حسن صحيح، فلعله لشواهده، وأخرجه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن عدي في [الكامل]، والبيهقي في [الشعب].

الشيخ: ومن شواهده الحديث السابق؛ يعني الحديث السابق حديث عبد الله بن عمرو، وحديث ابن عباس هنا يشد بعضهما بعضًا، ليسي ببعيد أنه نزل من الجنة، ويؤيد هذا الحديث أن هناك أنهار من الجنة، أن النيل أصله نزل من الجنة.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَجَرَ إِنَّمَا سَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ الْمُشْرِكِينَ دُونَ خَطَايَا الْمُسْلِمِينَ.         

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ صُدران الْبَصْرِيُّ، قال: حدثنا أَبُو الْجُنَيْدِ، قال: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا سَوَّدَتْهُ خَطَايَا الْمُشْرِكِينَ، يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ، وَقَبَّلَهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا».

مداخلة: قال في الحاشية: إسناده ضعيف لضعف أبي الجنيد.

الشيخ: وهو أبو الحسين، وهو خالد الضرير، ترجمه في [التاريخ]، [والميزان]، و[اللسان]، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقع في المصدرين الآخرين خالد بن الحسين وهو ... انتهى الكلام؟

المداخلة: نعم.

الشيخ: يقول ماذا؟

مداخلة: قال: إسناده ضعيف لضعف أبي الجنيد.

الشيخ: وعلى هذا يكون زيادة المشركين ضعيفة، وأيضًا كذلك من جهة النظر أن المشركين لا يطوفون بالبيت، إنما سودته خطايا بني آدم المسلمين، العصاة منهم، المشركين لا يطوفون بالبيت، وإنما يطوف المسلمون.

فإذًا الترجمة الأولى فيه: أنه سودته خطايا بني آدم بإطلاق، والترجمة التي بعدها: سودته خطايا المشركين فيها ضعف، زيادة: من المشركين، فتبقى على الترجمة الأولى: سودته خطايا بني آدم.

ثم قال: بَابُ ذِكْرِ صِفَةِ الْحَجَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَبَعْثَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ مَعَ إِعْطَائِهِ إِيَّاهُ عَيْنَيْنِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَلِسَانًا يَنْطِقُ بِهِ، يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ، جَلَّ رَبُّنَا وَتَعَالَى الذي هُوَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ.

الشيخ: وهو فعال، كذا عندك؟

مداخلة: هو فعال

الشيخ: وهو.

مداخلة: جَلَّ رَبُّنَا وَتَعَالَى الذي هُوَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ.

الشيخ: كذا عندكم؟

مداخلة: نعم، نسخة الفحل.

قارئ المتن: حدثنا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدَيُّ، قال: حدثنا فُضَيْلٌ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ، وَهُوَ ابْنُ خُثَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ هَذَا الرُّكْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ يَشْهَدُ عَلَى مَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ».

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه ابن حبان من طريق فضيل بن سليمان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به، وأخرجه أحمد، والدارمي، وابن ماجه، والترمذي، والطبراني في [الكبير]، وأبو نُعيم في [الحلية]، والبيهقي من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به.

شرح الشيخ: كذلك الشيخ ناصر صححه، قال: إسناده صحيح لغيره، فإن فضيل بن سليمان وإن كان فيه كلام من جهة حفظه، ما أخرج الشيخين له، قد تابعه جرير بن عبد الحميد عند الترمذي وحسنه.

الحديث لا بأس به، والله على كل شيء قدير، أن الحجر يُبعث يوم القيامة ويكون له عينين ولسانًا ينطق به، ويشهد لمن استلمه بحق.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَرَادَ بِذِكْرِهِ الرُّكْنَ فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَا غَيْرَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «عَلَى مَنِ اسْتَلَمَهُ» أَيْ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ، فِي خَبَرِ فُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ: «لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ»، وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَيْضًا: «لِمَنِ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَهُ».

حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ قال: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ وَهُوَ ابْنُ زيد أَبُو زيد الْأَحْوَلُ.

الشيخ: كذا؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: في هذه النسخة يزيد، تكلم عليه؟

مداخلة: لا، تصحيف مني.

قارئ المتن: وهو ابن يزيد أبو زيد الأحول.

الشيخ: أبو يزيد.

مداخلة: أبو زيد.

الشيخ: الثانية زيد؟ النسخة عندنا يزيد.

مداخلة: نعم، قال: انظر تهذيب الكمال، وهو ابن يزيد أبو زيد الأحول، وقال: صححها من تهذيب الكمال.

الشيخ: قال: في النسخة الثانية: أبو يزيد.

مداخلة: نعم.

الشيخ: يُصحح، وهو ابن زيد.

 

 

قارئ المتن: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ لِهَذَا الْحَجَرِ لِسَانًا وَشَفَتَيْنِ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَقٍّ».

قال: إسناده صحيح، أخرجه أحمد وأبو يعلى، وابن حبان، والحاكم، ومن طريق ثابت بن يزيد أبي زيد الأحول، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به، سبق في الذي قبله.

الشيخ: أخرجه أحمد من طريق الحسن بن موسى، وهذا أيضًا يكون شاهدًا للأحاديث السابقة، وأيضًا كذلك شهد للحديث السابق، أن هذا الحجر، أن الله تعالى سيجعل له لسانًا وشفتين، يشهد لمن استلمه بحق، والله على كل شيء قدير.

ولما نزل قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ﴾[الفرقان:34]، قالوا: يا رسول الله، كيف يُحشر الكافر على وجهه؟ قال: «أليس الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه؟».

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَجَرَ إِنَّمَا يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِالنِّيَّةِ، دُونَ مَنِ اسْتَلَمَهُ غير ناوٍ بِاسْتِلَامِهِ طَاعَةَ اللَّهِ وَتَقَرُّبًا إِلَيْهِ، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ لِلْمَرْءِ مَا نَوَى.

الشيخ: دون من استلمه ناويًا باستلامه طاعة الله، النسخة التي عندنا، عندك دون ماذا؟

مداخلة: (دُونَ مَنِ اسْتَلَمَهُ غير ناوٍ بِاسْتِلَامِهِ طَاعَةَ اللَّهِ وَتَقَرُّبًا إِلَيْهِ، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ لِلْمَرْءِ مَا نَوَى).

علّق الفحل، قال: "ليست في الأصل الزيادة: غير، والسياق يقتضيها، يقول: ما يعتدل السياق إلا بغير".

الشيخ: (بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَجَرَ إِنَّمَا يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِالنِّيَّةِ، دُونَ مَنِ اسْتَلَمَهُ)       ...

مداخلة: (غير)، أضافها الفحل، قال: والسياق يقتضيها.

الشيخ: بدل غير في النسخة الثانية: ناويًا، غير ناوٍ...

مداخلة: (غير ناوٍ بِاسْتِلَامِهِ طَاعَةَ اللَّهِ وَتَقَرُّبًا إِلَيْهِ).

الشيخ: وهو الأقرب.

مداخلة: نسخة الفحل، ونسخة التأصيل مثبتة غير، أما الأعظمي ما فيها.

الشيخ: الأعظمي فيه: ناويًا، هنا: غير ناوٍ.

مداخلة: هنا عدله وقال: ناوٍ باستلامه.     

قارئ المتن: غير ناوٍ بِاسْتِلَامِهِ طَاعَةَ اللَّهِ وَتَقَرُّبًا إِلَيْهِ، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ لِلْمَرْءِ مَا نَوَى.

الشيخ: يعني لو استلمه من دون نية ما يكون عبادة، لعموم: «إنما الأعمال بالنيات».

قارئ المتن: قال: حدثنا الْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ، قال: حدثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلٍ قال: سَمِعْتُ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- أَنَّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَأْتِي الرُّكْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ، لَهُ لِسَانٌ وَشَفَتَانِ يَتَكَلَّمُ عَنْ مَنِ اسْتَلَمَهُ بِالنِّيَّةِ، وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ».

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "إسناده ضعيف، لضعف عبد الله بن المؤمل، وأخرجه أحمد، والحاكم، وابن الجوزي في [العلل المتناهية]".

الشيخ: كذلك ضعفه الشيخ ناصر، إسناده ضعيف، عبد الله بن المؤمل ضعيف، ورواه الحاكم في المستدرك من طريق سعيد، الضعف في الزيادة: «وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ»، جاء أيضًا في أثر آخر: «الحجر الأسود يمين الله، فمن صافحه فكأنما صافح الله»، وتكلم عليه شيخ الإسلام -رحمه الله- في رسالة التدمرية، وقال: إن الحديث الأول لا يصح مرفوعًا، موقوف، ثم أيضًا معناه أنه قال: "فكأنما صافح الله، هذا تشبيه"، مع أنه الحديث فيه ضعف، وموقوف أيضًا، على هذا فالزيادة هذه: «وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ»، ضعيفة.

لكن كونه يشهد لمن استلمه بحق، هذه ثابتة، يشهد لمن استلمه بحق، وقول: «وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ»، لا تصح.

 

 

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ ذِكْرِ اللَّهِ فِي الطَّوَافِ إِذِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ إِنَّمَا جُعِلَ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ، لَا بِحَدِيثِ النَّاسِ وَالِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يُجْرِي عَلَى الطَّائِفِ نَفْعًا فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ التَّكَلُّمُ بِالْخَيْرِ فِي الطَّوَافِ طَلْقًا مُبَاحًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْكَلَامُ ذِكْرَ اللَّهِ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقِدَاحُ، ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْمَسْرُوقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ح وحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ؛ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ لَيْسَ لِغَيْرِهِ».

انْتَهَى حَدِيثُ بُنْدَارٍ وَزَادَ الْآخَرُونَ فِي الْحَدِيثِ: «وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ».

شرح الشيخ: «إِنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ»؛ والسعي بين الصفا والمروة «لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ»، والحديث قال: "إسناده صحيح".

ذكر الله -عز وجل- هذا من أفضل العبادات، والذكر يكون بالقول، بالفعل وبالقلب، تعظيم الله تعالى وإجلاله وخشيته، وذكر الله بالأقوال، الذكر والتسبيح وتلاوة القرآن، ذكر الله بالعمل، بالفعل، بالصلاة والصيام والزكاة والحج، إنما جُعل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله.

المؤلف في الترجمة قال: (لَا بِحَدِيثِ النَّاسِ وَالِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يُجْرِي عَلَى الطَّائِفِ نَفْعًا فِي الْآخِرَةِ)، لا ينبغي للإنسان في هذه العبادة أن يشتغل بشيءٍ مباح، والناس في الطواف يتساهلون في الحديث، يتكلمون بالجوال، يطوف شوط، شوطين، ويتكلم بالجوال، ما وجدت وقت إلا للجوال! أغلق الجوال وقت الطواف، هذا وقت العبادة، والكلام تستطيع أن تتكلم، لكن مُحرٍم ويمسك الجوال ويطوف ويتكلم في الجوال، صحيح يعني خسارة هذا، وإن كان الكلام مباح، لا بأس به، كما سيأتي في الترجمة، لكن مثلما ذكر المؤلف: (الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يُجْرِي عَلَى الطَّائِفِ نَفْعًا فِي الْآخِرَةِ)، وإن كان التكلم بالخير في الطواف طلقًا مباح [00:26:36]، لكن كونك تشتغل بالعبادة ولا تشتغل بالمباح هذا أولى، يعني كونك تشغل هذا الطواف بأمرٍ مباح، أو تشغله بأمرٍ مستحب.

مداخلة: يصور ويرسل للأصحاب جميعاً.

الشيخ: قد يكون يرتكب محرمًا أيضًا، إذا خلاه وراء ظهره ومشى -يعني جزء- ما صح الطواف، لا بد أن يكون الطواف عن يساره، فلو كان جزءٌ يسير فعليه أن يرجع، إذا استدبر الكعبة يرجع حتى يكون البيت عن يساره، فإن لم يرجع لا يصح الطواف، لو كان جزء من الطواف والكعبة خلفه.

مداخلة: المحشي هنا كأنه ضعَّف الحديث؛ يقول: "إسناده ضعيف لضعف عبيد الله بن أبي زياد، وقد تفرد برفع هذا الحديث، فحديثه هذا معلولٌ بالوقف، والوقف هو الصحيح كما رواه الجمع عن القاسم"، وقال: "أخرجه الحاكم والبيهقي من طريق مكي بن إبراهيم عن عبيد الله بن أبي زياد به، وأخرجه إسحاق وأحمد، وفي شُعب الإيمان من طريق سفيانٍ به، وأخرجه الخطيب في التاريخ، والذهبي في السير من طريق سفيان، وأخرجه أحمد والدارمي من طرقٍ عن عبيد الله به، قال الخطيب: وهو حديثٌ غريب، رواه الغضائري هكذا على الخطأ، والصواب هو: عن الثوري عن عبيد الله بن أبي زياد عن القاسم".

قال البيهقي: "رَوَاهُ أَبُو قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ فَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ يَرْفَعُهُ وَلَكِنِّي أَهَابُهُ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، وَأَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ فَرَفَعَاهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ فَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَرَوَاهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ فَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَرَوَاهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ فَلَمْ يَرْفَعْهُ". انتهى.

الشيخ: الشيخ ناصر قال سنده صحيح، الأقرب أنه صحيح، والوقف لا ينافي الرفع؛ لأن هذا مما لا مجال للرأي فيه، له حكم الرفع، فلا يمكن أن تقول عائشة: (جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ) من عندها، هذا له حكم الرفع، الأقرب أن الحديث صحيح، والحديث معلوم، معتمد من أحاديث الحج، (إِنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؛ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ).

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي التَّكَلُّمِ بِالْخَيْرِ فِي الطَّوَافِ، وَالزَّجْرِ عَنِ الْكَلَامِ السَّيِّئِ فِيهِ

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّايِبِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فَمَنْ تَكَلَّمَ، فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِدَ الرَّجُلِ يَسِيرُ قَدْ زَنَقَهُ بِهِ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ وَهُوَ طَائِفٌ بِالْبَيْتِ مِنْ بَابِ الْكَلَامِ الْحَسَنِ فِي الطَّوَافِ قَدْ خَرَّجْتُهُ فِي بَابٍ آخَرَ.

الشيخ: هنا صححه الشيخ ناصر، قال: "إسناده صحيح، وعطاء بن السائب وإن كان اختلط فقد رواه عنه سفيان الثوري عند الحاكم، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط، على أنه قد تابعه ثقتان آخران كما هو مبين في الإرواء فصح الحديث والحمد لله"، ورواه البيهقي من طريق عطاء، ماذا قال عليه عندك؟

مداخلة: قال: "صحيح، وقد رواه عن عطاء غير جرير ممن سمع منه قبل الاختلاط، وكذلك فقد توبع عطاء عليه، أخرجه الدارمي والترمذي وأبو يعلى وابن الجارود والطحاوي في [شرح المشكل]، وابن حبان والحاكم وأبو نعيم في [الحلية]، والبيهقي".

الشيخ: (الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ)، جاء في اللفظ الآخر: (صلاة)، يعني مثل الصلاة، (إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فَمَنْ تَكَلَّمَ، فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ)، يعني الطواف بالبيت مثل الصلاة، تشترط له الطهارة، وستر العورة، والنية، لكن الصلاة لا يتكلم فيها الإنسان، والطواف يتكلم فيه.

وعلى هذا فالترجمة: (الرُّخْصَةِ فِي التَّكَلُّمِ بِالْخَيْرِ فِي الطَّوَافِ، وَالزَّجْرِ عَنِ الْكَلَامِ السَّيِّئِ) صحيح، الإنسان وهو في الطواف له رخصة أن يتكلم، يصافح، يسلم على من لقيه، يسأل كم بقي من الشوط، يتكلم بخير، لكن لا يتكلم بالكلام السيء، من تكلم فلا يتكلم إلا بخير، والأفضل أن يكون كلامه بالذكر والدعاء.

قال أبو بكر المؤلف: استدل على أنه يجوز الكلام في الطواف بالأمر المباح لقصة الرجل الذي رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد وضع خيطًا يعقده بأنفه، قال: خذ بيده، لا تشبهه بالبهائم، هذا كلام مباح، قال: خذ بيده، يجره بأنفه كأنه بهيمة، قال: خذ بيده، هذا كلام مباح، استدل به المؤلف على أنه يجوز الكلام في الطواف بالكلام المباح، لأن هذا الكلام مباح.

قال أبو بكر: (أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِدَ الرَّجُلِ بِسِيرٍ قَدْ زَنَقَهُ بِهِ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ) سير جعله في أنفه، قال: قده بيده، خذ بيده، لا حاجة لجره بالسير، وقال: هذا (مِنْ بَابِ الْكَلَامِ الْحَسَنِ فِي الطَّوَافِ قَدْ خَرَّجْتُهُ فِي بَابٍ آخَرَ).

قارئ المتن: بَابُ الطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ اللَّهُ: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾[الحج:29].

الشيخ: ماذا قال على تخريجه؟ إسناده صحيح، رواه البيهقي في السنن الكبرى.

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه الشافعي".

شرح الشيخ: (الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ اللَّهُ: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾[الحج:29]).

الحجر أخرجته قريش لأنهم لم يجدوا نفقةً من الحلال، أخذوا على أنفسهم لما تصدعت الكعبة، وهدموها، قالوا: نبنيها بمالٍ حلال؛ فلم يجدوا من المال الحلال ما يكفي، فأخرجوا جزءًا منه، وهو الحجْر، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطوف من وراء الحجر، ستة إلى سبعة أذرع من الحجر داخلة في البيت، أخرجته قريش، وهذا على بنائه، ولما تولى عبد الله بن الزبير الخلافة، خلافة الحجاز، هدم الكعبة وأدخل الحجر، طبَّق الحديث، وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لولا أن قومك حديثوا عهدٍ بكفر؛ لنقضت الكعبة، وأدخلت الحجر، وجعلت لها بابا خلفا»، ففعل ذلك عبد الله بن الزبير، لكن نازعه عبد الملك بن مروان، وعهد بالأمر إلى الحجاج بن يوسف أمير العراق، كان يبعث البعوث إلى عبد الله بن لزبير حتى قتله وصلبه، ثم هدم الكعبة وأخرج الحجر، وسد الباب الخلفي، ورفع الباب الشرقي، الله المستعان.

المقصود أن الحجر من الكعبة، وبقي على هذا، ورأى الإمام مالك -رحمه الله- أن تبقى الكعبة على حالها سدًّا للباب، حتى لا يتصرف فيها الملوك، فبقيت على ما كانت عليه على بناء قريش، وأُخرج الحجر، ستة أذرع أو سبعة من البيت، والنبي -صلى الله عليه وسلم- طاف من وراء البيت، قال: (الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ اللَّهُ: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾[الحج: 29]).

وعلى هذا فمن دخل في طواف البيت عن الحجر والكعبة، فلا يصح طوافه؛ لأنه:

الأمر الأول: أنه لم يطف بالبيت، والله -سبحانه وتعالى- قال: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾[الحج: 29].

والأمر الثاني: أنه خالف السنة، وخالف هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- طاف من وراء البيت.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ (الْحَجَرُ مِنَ الْبَيْتِ) مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الِاسْمَ بِاسْمِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ الشَّيْءِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْحِجْرِ، وَقَالَ: «الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ» أَرَادَ بَعْضَ الْحِجْرِ لَا كُلَّهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ جَمِيعَ الْحِجْرِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بَعْضَهُ عَلَى مَا خَبَّرَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَعْضَ الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ لَا جَمِيعَهُ.

شرح الشيخ: لهذا قول المؤلف: (الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ) ليس المراد كله، ستة أذرع ونصف من البيت، والباقي زيادة، أراد المؤلف أن يُنبه على قوله: (الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ) يعني بعض البيت، بعض الحجر وليس كل الحجر؛ لأن الحجر قد يزيد على هذه المسافة.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْبَيَانِ أَنَّ بَعْضَ الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ لَا جَمِيعِهِ

حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بنُ يَعْقُوبَ الْجَزَرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالْوَلِيدَ بْنَ عَطَاءٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ: وَفَدَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلَكِ: مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ -يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ- سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهَا. قَالَ الْحَارِثُ: بَلَى أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْهَا، قَالَ: سَمِعْتَهَا تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ، وَإِنِّي لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ أَعَدْتُ مَا تَرَكُوا مِنْهُ فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمِّي، فَلَأُرِيكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ»، فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ.

هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَزَادَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ فِي الْأَرْضِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا، وَهَلْ تَدْرِينَ لِمَ كَانَ قَوْمُكِ رَفَعُوا بَابَهَا؟» قُلْتُ: لَا. قَالَ: «تَعَزُّزًا أَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ أَرَادُوا، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَرِهُوا أَنْ يَدْخُلَهَا دَعُوهُ يَرْتَقِي حَتَّى إِذَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ دَفَعُوهُ فَسَقَطَ» قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَارِثِ: أَأَنْتَ سَمِعْتَهَا تَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَنَكَتَ سَاعَةً بِعَصَاهُ، ثُمَّ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي تَرَكْتُهُ، وَمَا تَحَمَّلَ.

يعني [00:40:52] عبد الملك بن مروان، عبد الملك بن مروان نازع عبد الله بن الزبير؛ لأنه لما توفي عبد الله بن يزيد بايع أهل الحجاز عبد الله بن الزبير للخلافة، أهل مكة، وأهل الطائف، وأهل المدينة، وكاد يتم له الأمر، لكن مروان بن الحكم في العراق دعاه، ثم توفي وكان ابنه عبد الملك بن مروان جعل يتوسع قليلًا قليلًا، حتى أمَّر الحجاج بن يوسف على العراق، وجعل يرسل الجيوش إلى عبد الله بن الزبير لقتاله، ثم بعد ذلك لما قتل عبد الله بن الزبير بقيادة الحجاج، وهدم الكعبة، وأخرج الحجر.

وفد عليه الحارث، على عبد الملك بن مروان، تم الأمر بعده لابن مروان، كان هو الخليفة، قُتل عبد الله بن الزبير، واستأثر بالخلافة عبد الملك بن مروان، الخلافة الإسلامية في كل مكان، في الحجاز وفي غيرها، وفد الحارث بن عبد الله على عبد الملك بن مروان، دار الحديث بين الحارث وعبد الملك بن مروان، فقال عبد الملك بن مروان للحارث: (مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ ... سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهَا)، أبا خُبيب كُنية عبد الله بن الزبير، لأنه قال إنه سمع من عائشة أنها قالت: «إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ، وَإِنِّي لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ» لأدخلت الحجر، ولجعلت للكعبة بابين، بابًا خلفيًّا، وجعلت الباب الشرقي في الأرض، وأراها المكان.

يقول عبد الملك للحارث: ما أظنه صادق في كلامه، وأنه ما سمع من عائشة. قال: لا يا أمير المؤمنين، أنا سمعتها.

مداخلة: الحارث خال عبد الله بن الزبير.

الشيخ: الحارث؟ هذا يمكن، محتمل، انظر ترجمة ال ... ثم (قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَارِثِ: أَأَنْتَ سَمِعْتَهَا تَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ فَنَكَتَ سَاعَةً بِعَصَاهُ) جزءًا من الزمن، ثم قال عبد الملك: (وَدِدْتُ أَنِّي تَرَكْتُهُ، وَمَا تَحَمَّلَ)، تركت عبد الله بن الزبير على حاله، تأسف، ندِم، قال: ليتني تركته؛ لأنه أمر عظيم، كونه يرسل الجيوش إلى مكة، وكونه يضرب الكعبة بالمنجنيق، كونه يقتل عبد الله بن الزبير ويصلبه على خشبة، كونه يهدم الكعبة ويُخرج الحجر، كونه يسد الباب الغربي ويرفع الباب الشرقي، هذه أمور عظيمة، ندم على هذا وقال: (وَدِدْتُ أَنِّي تَرَكْتُهُ، وَمَا تَحَمَّلَ)، تركت عبد الله بن الزبير وما تحمَّل، لكن الأمر انتهى، وسيجتمعان عند رب العالمين، والله يحكم بينهما -سبحانه وتعالى-.

قارئ المتن: جَمِيعًا لَفْظًا وَاحِدًا غَيْرَ أَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ جَنَابٍ، وَقَالَ: قَالَ الْحَارِثِ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْهَا قَالَ: فَكَانَ الْحَارِثُ مُصَدَّقًا لَا يُكَذَّبُ، قَالَ: سَمِعْتَهَا تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: سَمِعْتُهَا تَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «لَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ» وَقَالَ: «يَدَعُونَهُ يَرْتَقِي».

شرح الشيخ: يعني رفع الباب الشرقي، حتى لا يدخل أحد إلا من يريدون، فإذا ارتقى أحد وهم لا يريدون، أعطوه السلام، وتركوه، ثم يؤخرون السلم حتى يسقط، حتى لا يعود مرةً أخرى.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ إِذِ الطَّائِفُ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ إِذَا خَلَّفَ الْحِجْرَ وَرَاءَهُ عُدَّ طَائِفًا لِجَمِيعِ الْكَعْبَةِ إِذْ بَعْضُ الْحِجْرِ مِنَ الْكَعْبَةِ عَلَى مَا خَبَّرَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَا بِبَعْضِهِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ، فَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ فِي بِنَائِهِ، وَجَعَلَتْ لَهُ خَلْفًا».

الشيخ: للكعبة خلْفًا: أي بابًا من الخلف.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَعْنِي بَابًا آخَرَ فِي خَلْفٍ،

الشيخ: في أم مِن عندك؟

مداخلة: من خلف.

شرح الشيخ: لأن الكعبة جهة الباب هذا وجه الكعبة، ومن هناك من الجهة الخلفية هذا خلف الكعبة، ولهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل من باب بني شيبة والكعبة أمامه، قال العلماء: يستحب الدخول من باب السلام، وهو باب بنو شيبة، حتى تكون الكعبة من أمامنا.

فالمؤلف في هذه الترجمة يقول: (الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ) أنه إذا طاف من وراء الحجر طاف بالكعبة يقينًا، وإن كان بعض الحجر خارجًا من الكعبة، والله تعالى قد أمر بالطواف بالبيت العتيق لا ببعضه، فكون النبي -صلى الله عليه وسلم- طاف من وراء الحجر حتى يتيقن أنه طاف بالكعبة، وإن كان الحجر بعضه من الكعبة وبعضه ليس من الكعبة.

واستدل بحديث عائشة، قال: «فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ فِي بِنَائِهِ»، استقصرت يعني قصُرت، لماذا؟

لأنهم أرادوا أن يبنوه من مالٍ حلال، فلم يجدوا مالًا حلالًا يكفي، «وَجَعَلَتْ لَهُ خَلْفًا»: يعني بابًا من الخلف، عبد الله بن الزبير طبَّق هذا في خلافته.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَعْنِي بَابًا آخَرَ مِن خَلْفٍ، حَدَّثَنَاهُ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا مِثْلَهُ، وَلَمْ يَقُلْ: لِي.

بَابُ ذِكْرِ طَوَافِ الْقَارِنِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عِنْدَ مَقْدِمِهِ مَكَّةَ وَالْبَيَانِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ فِي الِابْتِدَاءِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَلَى الْقَارِنِ فِي الِابْتِدَاءِ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ

شرح الشيخ: هذه الترجمة فيها أن القارن بالحج والعمرة ليس عليه إلا طواف واحد، وسعي واحد؛ لأن القارن عمرته غير منفصلة عن الحج، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان قارنًا وكذلك الصحابة؛ لأنهم طافوا بالبيت طواف القدوم أول ما قدموا، ثم سعوا بين الصفا والمروة، الطواف هذا مستحب، طواف القدوم سنة، والسعي هذا سعي الحج والعمرة، ثم طافوا بالبيت طواف الإفاضة -وهو طواف الحج والعمرة- يوم العيد، فالقارن ليس عليه إلا طواف واحد وسعي واحد، طواف الحج وسعي الحج؛ لأن العمرة داخلة في الحج، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة».

وأما المتمتع فإن عليه طوافين وسعيين، طواف وسعي للعمرة، وطواف وسعي للحج؛ لأن عمرته منفصلة، مستقلة تمامًا، يطوف ويسعى ويغتسل ثم يتحلل؛ ولهذا في حديث عائشة طاف الذين تحلوا في الصفا والمروة بالبيت طوافً آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وهذا هو مذهب جمهور العلماء، أن المتمتع عليه طوافان وسعيان، طواف وسعي للعمرة، وطواف وسعي للحج، وأما القارن فليس عليه إلا طواف واحد وسعي واحد للحج والعمرة، مثل المفرد، المفرد ليس عليه إلا طواف وسعي، لكن الفرق بين المفرد والقارن في شيئين، العمل واحد، المفرد والقارن ما عليهما إلا طوافٌ واحد وسعيٌ واحد، الطواف الأول حين يقدم إلى مكة، طواف القدوم، سواء قارن أو مفرد، والمتمتع هو طواف العمرة، ولكن يكفي عن طواف القدوم، ثم طواف الإفاضة يوم العيد، وطواف الوداع عند السفر، والسعي واحد، إن أحب أن يسعى بعد طواف القدوم، أو بعد طواف الإفاضة، أو بعد طواف الوداع، الأمر واسع، هو سعي واحد في الحج والعمرة بالنسبة للقارن.

الفرق بينهما في شيئين:

الشيء الأول: النية، أن القارن ينوي حجًّا وعمرة، والمفرد لا ينوي إلا الحج.

والشيء الثاني: الهدي، القارن عليه هدي يذبحه؛ لأنه حصل على نسكين، والمفرد ليس عليه هدي.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وجمع ورواية عن الإمام أحمد إلى أن المتمتع أيضًا ليس عليه إلا سعيٌ واحد وطوافٌ واحد، كالقارن والمفرد، لكن جمهور العلماء على هذا.

تكلم شيخ الإسلام عن قول رواية الزهري، بأنه ؟؟؟ وأما الذي حلوا وطافوا بعد أن رجعوا من [00:53:15] لسعيهم، لكن الذي عليه الجمهور وهو الصواب، أن المتمتع عليه طوافان وسعيان.

وذهب أبو حنيفة وجماعة إلى أن القارن عليه طوافين وسعيين، مثل المتمتع، وهو الذي أراد المؤلف الرد عليه، قال: (ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَلَى الْقَارِنِ فِي الِابْتِدَاءِ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ)، وهم الأحناف، يريد أن يرد على أبي حنيفة.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ الْحَجَّ فَقَالَ: اجْعَلْهَا عُمْرَةً فَإِنْ أَنَا صُدِدْتُ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْبَيْدَاءِ قَالَ: مَا أَرَى سَبِيلَهُمَا إِلَّا وَاحِدًا، وَأُشْهِدُكُمْ، إِنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِي حَجَّةً، فَلَمَّا أَتَى قُدَيْدًا اشْتَرَى هَدْيًا وَسَاقَهُ مَعَهُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَعْنِي طَافَ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ.

الشيخ: والحديث صحيح، رواه الشيخان وغيرهما.

فيه أنه كان ابن عمر -رضي الله عنه- كثير العمرة والحج، وفي السنة التي حصل فيها القتال بين الحجاج وعبد الله بن الزبير، أشار بعض ولد عبد الله إلى أن يترك الحج، قال: اترك الحج هذا العام، الناس في قتال. قال: لا، قال: قد تُصد عن البيت. قال: لا، ما أتركه، إن صُدِدت فعلت كما فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

ثم أحرم بالعمرة، ثم بعد ذلك أدخل الحج عليها، واشترى قُديد وقال: ما أمرهما إلا أمرٌ واحد.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِينَ قَرَنُوا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.

شرح الشيخ: وهذا الطواف بين الصفا والمروة، وأما الطواف فطافوا طوافين بالبيت: طواف القدوم، وطواف الإفاضة، والحديث صحيح.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُونُسَ بْنِ وَائِلِ بْنِ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، ثُمَّ يَحِلُّ مِنْهُمَا جَمِيعًا».

الشيخ: الحديث صححه الشيخ ناصر، قال: "صحيح على شرط مسلم، صححه ابن الجارود وابن حبان والترمذي، وهو عند مسلم من طريقٍ أخرى عن عُبيد الله به موقوفًا"، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "إسناده ضعيف"، قال: "عبد العزيز بن محمد ضعيف في روايته عن عبيد الله خاصةً كما نص عليه النسائي وغيره من أهل العلم، وهذا الحديث معلول بالوقف، فقد رواه الجمع من الثقات عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، فوقفوه من قول ابن عمر"، ثم قال: "أخرجه أحمد والدارمي وابن ماجه والترمذي وابن الجارود والطحاوي في [شرح العاني]، وابن حبان والدارقطني والبيهقي".

ثم حشَّى عليه كذلك، قال: "قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، تفرد به الدراوردي على ذلك اللفظ، وقد رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر، ولم يرفعوه، وهو أصح".

وقال الطحاوي: "إن هذا الحديث خطأ، أخطأ فيه الدراوردي فرفعه الى النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما أصله عن بن عمر عن نفسه هكذا، رواه الحفاظ وهم مع هذا فلا يحتجون بالدراوردي عن عبيد الله أصلا فكيف يحتجون به في هذا".

الشيخ: يعني يقول: «مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ»، والأقرب صحته؛ لأن هذا [00:58:48] يعني يقولون: «مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، ثُمَّ يَحِلُّ مِنْهُمَا جَمِيعًا»، الأشبه والأقرب أن هذا ليس من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن المعنى صحيح، من أهل بحج وعمرة عليه طواف واحد، لكن الكلام في صحة لفظ الحديث، المعنى صحيح، ليس له إلا طواف واحد.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْكِلَابِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ لَبَّى بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ.

الشيخ: هذا الحديث تكلم عليه عندك؟

قال: "حديث صحيح، رجاله ثقات غير الكلابي ففيه ضعف، ذكره ابن حبان من طرق أخرى عن نافع به وهو في الصحيحين مطولا"، هكذا؟

وصح عن ابن عمر هذا، أنه لبى بالحج والعمرة، وطاف لهما طواف واحد، وقال: (هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ)، ماذا قال عندك؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه البخاري من طريق موسى بن عقبة عن نافعٍ به".

الشيخ: وعلى هذا فيكون القارن ليس عليه إلا طوافٌ واحد وسعيٌ واحد خلافًا للأحناف.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِ الْمُطَّلِبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَرَادَ بِزَجْرِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ بَعْضَ الصلوات لَا جَمِيعَهَا.

الشيخ: بعض الصلوات أم بعض الصلاة؟

مداخلة: عند الصلوات، وقال: في المطبوع: الصلاة.

شرح الشيخ: (الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ)، هذا مذهب الشافعي، ولذا قال: (وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِ الْمُطَّلِبِيِّ)، المطلبي، هو الإمام الشافعي، لأن نسبه إلى عبد المطلب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، يقول: (بَعْضَ الصلوات لَا جَمِيعَهَا).

قارئ المتن: قال: حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالُوا: حدثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَابَاهُ، يُخْبِرُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا يُمْنَعَنَّ أَحَدٌ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ».

وَلَفْظُ مَتْنِ الْحَدِيثِ لَفْظُ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ، وَقَالَ عَلِيٌّ وَأَحْمَدُ: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهُ.

قال: حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقِدَاحُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُؤَمَّلٍ -يَعْنِي الْمَخْزُومِيَّ- ...

الشيخ: الحديث السابق، الشيخ ناصر قال: إسناده صحيح، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: سبق تخريجه، في مجلد سابق.

الشيخ: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا يُمْنَعَنَّ أَحَدٌ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ»، استدل به الشافعي على أنه يجوز الصلاة في وقت النهي في مكة، لعموم الحديث، «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا يُمْنَعَنَّ أَحَدٌ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ»، والجمهور على أن مكة كغيرها، لا يُصلى بعد العصر لعموم الحديث الذي سيأتي، ولا بعد الفجر.

قارئ المتن: قال: حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقِدَاحُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُؤَمَّلٍ -يَعْنِي الْمَخْزُومِيَّ- عَنْ حُمَيْدٍ مَوْلَى عَفْرَة، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا أَشُكُّ فِي سَمَاعِ مُجَاهِدٍ مِنْ أَبِي ذَرٍّ.

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: إسناده ضعيف، لضعف عبد الله بن المؤمل، وقد صح الحديث دون زيادة: إلا بمكة.

الشيخ: ضعّفه الشيخ ناصر، قال: ضعيف، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "أخرجه أحمد، والطبراني، والدارقطني، والبيهقي"، وقال البيهقي [01:04:27] قال: "طَافَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ -رضي الله عنه- ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سُبُوعًا، ثُمَّ صَلَّى لِكُلِّ سَبْعٍ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! إِنْ وُلِّيتُمْ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ بَعْدِي فَلَا تَمْنَعُوا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ أَيَّ سَاعَةٍ مَا كَانَ مِنَ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ»".

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "صحيح، من حديث جبير بن مطعم، قد تقدم".

الشيخ: الحديث السابق، قال أبو بكر ...

مداخلة: بنو عبد مناف منهم الشبي بنوا شيبة.

الشيخ: [01:05:38]، هم الحَجبة، يقول: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ»، هنا يقول عندك إسناده ضعيف؟

مداخلة: إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن المؤمل.

الشيخ: الحديث صحيح، بدون "إلا بمكة"، لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، هذا ثابت، لكن زيادة: "إلا بمكة، إلا بمكة، إلا بمكة"، هذه فيها ضعف.

قارئ المتن: بابُ الرُّخْصَةِ فِي الشُّرْبِ فِي الطَّوَافِ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ، فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَنَا خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ السَّلَامِ أَوْ مَنْ دُونَهُ وَهِمَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ: فِي الطَّوَافِ.

قال: حدثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قال: حدثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ دِرْهَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَرِبَ مَاءً فِي الطَّوَافِ.

الشيخ: ماذا قال عليه؟ قال: إسناده صحيح من طريق العباس بن محمد وأبو موسى [01:07:07] ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه ابن حبان، والحاكم، والبيهقي".

قارئ المتن: بابُ الزَّجْرِ عَنْ قِيَادَةِ الطَّائِفِ بِزِمَامٍ أَوْ خَيْطٍ شَبِيهًا بِقِيَادَةِ الْبَهَائِمِ.

حدثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قال: حدثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قال: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ طَاُوسًا أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِرَجُلٍ يَقُودُ رَجُلًا بِخِزَامَةٍ فِي أَنْفِهِ، فَقَطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ.

قَالَ: وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِرَجُلٍ قَدْ زَنَقَ بِسَيْرٍ يَدَ رَجُلٍ أَوْ بِخَيْطٍ، أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ -فَقَطَعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالَ: «قُدْهُ بِيَدِكَ».

قالَ: أَخْبَرَنِي هَذَا أَجْمَعَ سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ أَنَّ طَاُووسًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْخَبَرِ دَلَالَةٌ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي.

الشيخ: الترجمة؟ باب...

قارئ المتن: بابُ الزَّجْرِ عَنْ قِيَادَةِ الطَّائِفِ بِزِمَامٍ أَوْ خَيْطٍ شَبِيهًا بِقِيَادَةِ الْبَهَائِمِ.

الشيخ: أعد الترجمة السابقة.

قارئ المتن: بابُ الرُّخْصَةِ فِي الشُّرْبِ فِي الطَّوَافِ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ، فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَنَا خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ السَّلَامِ أَوْ مَنْ دُونَهُ وَهِمَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ: فِي الطَّوَافِ.

الشيخ: قوله: (إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ، فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَنَا خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ السَّلَامِ أَوْ مَنْ دُونَهُ وَهِمَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ)، تكلم عليه؟

مداخلة: الحديث الأخير؟

الشيخ: حديث العباس بن محمد الدوري أنه شرب ماءً في الطواف.

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه ابن حبان، والحاكم، والبيهقي.

لكن هذا الحديث ذكر البيهقي في [السنن الكبر] قال: "قال الشافعي في الإملاء: روي عن ابن عباس أنه شرب وهو يطوف، فجلس على جدار الحِجر، وروي من وجه لا يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شرب وهو يطوف".

مداخلة: [01:10:32]

الشيخ: (بابُ الرُّخْصَةِ فِي الشُّرْبِ فِي الطَّوَافِ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ)، يقول: إذا ثبت فيه رخصة، وإن لم يثبت فلا رخصة.

مداخلة: البيهقي تكلم عليه هنا.

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال البيهقي في [السنن الكبرى]: "باب الشرب في الطواف، قال الشافعي في الإملاء: روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه شرب وهو يطوف، فجلس على جدار الحِجر، وروي من وجه لا يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شرب وهو يطوف".

قال الشيخ: "ولعله أراد ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا مالك بن إسماعيل، قال: أنبأنا عبد السلام بن حرب، عن عاصم، عن الشعبي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شرب ماءً في الطواف.

هذا غريب بهذا اللفظ، والرواية المشهورة عن عاصم الأحول ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة عن عاصم عن الشعبي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بزمزم، فاستسقى فأتيتُه بدلو من ماء زمزم، فشرب وهو قائم، رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن المثنى عن وهب.

ثم قال: وكذلك رواه الثوري، وابن عيينة، ومروان بن معاوية، وأبو عوانة، وغيرهم عن عاصم، وأخرجه البخاري من حديث الثوري ومروان، وقال بعضهم في الحديث: سقيتُ، وليس في رواية واحد منهم ذكر الطواف، والله أعلم".

الشيخ: تكلم على عبد السلام؟

مداخلة: ما تكلم عندي.

في التقريب قال: "عبد السلام بن حرب: ثقة حافظ، له مناكير".

الشيخ: وهذا من مناكيره، (بابُ الرُّخْصَةِ فِي الشُّرْبِ فِي الطَّوَافِ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ، فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ).

مداخلة: كانوا قديمًا السقاة حوالي الطواف قديمًا يسقون.

الشيخ: يسقون الطائفين؟

مداخلة: نعم، والآن أعادوها.

الشيخ: يعني يدورون؟

مداخلة: [01:14:37]

الشيخ: يشربون وهم يطوفون.

مداخلة: هذا دليل على الإباحة [01:14:54]

الشيخ: لكن الحديث الآن أن النبي شرب في الطواف، ماذا قال عليه عندك؟

مداخلة: الفحل قال: "صحيح، أخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي".

الشيخ: وعبد السلام ماذا قال عنه؟

مداخلة: ما ذكر شيء.

الشيخ: ما تكلم، عبد السلام بن حرب، المؤلف يقول: (فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَنَا خَائِفٌ ...)

مداخلة: [01:15:34]

الشيخ: يستلم الحجر بعد الطواف، أما الشرب فالأمر واسع، إن شرب بعد الطواف أو بعد السعي فالأمر واسع، فالأقرب أنه إذا انتهى يشرب من ماء زمزم ويتضلع منه، انظر الكلام على عبد السلام، هل هو من رجال [التقريب]؟

مداخلة: في [التقريب] قال: "ثقة حافظ، له مناكير".

الشيخ: المؤلف يرى أن هذا من مناكيره، وأنه وهم، [01:16:21] في الطواف، والمؤلف يرى أن الرخصة إذا ثبت الخبر، وإن لم يثبت فلا رخصة، الطائف لا يأكل ولا يشرب.

في الحديث السابق، حديث ابن عباس: «الطواف بالبيتِ صلاة إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ، فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ»، هذا كان في الكلام، أما الأكل والشرب، هو في عبادة، يقول: الكلام في ثبوت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شرب ماءً في الطواف، يعني في ثبوتها أو عدم ثبوتها.

كلاهما الشيخ ناصر، والشيخ الفحل صححوا الحديث، قال عندك صحيح؟

مداخلة: نعم، قال صحيح.

قارئ المتن: بابُ الزَّجْرِ عَنْ قِيَادَةِ الطَّائِفِ بِزِمَامٍ أَوْ خَيْطٍ شَبِيهًا بِقِيَادَةِ الْبَهَائِمِ.

قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قال: حدثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قال: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ طَاُوسًا أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِرَجُلٍ يَقُودُ رَجُلًا بِخِزَامَةٍ فِي أَنْفِهِ، فَقَطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ.

قَالَ: وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِرَجُلٍ قَدْ زَنَقَ بِسَيْرٍ يَدَ رَجُلٍ أَوْ بِخَيْطٍ، أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ -فَقَطَعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالَ: «قُدْهُ بِيَدِكَ».

قَالَ: أَخْبَرَنِي هَذَا أَجْمَعَ سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ أَنَّ طَاُووسًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْخَبَرِ دَلَالَةٌ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.

شرح الشيخ: السير هو ما يؤخذ من جلد يقول المؤلف، ويسمى الشراك، قال: الحديث صحيح أخرجه البخاري، والإمام أحمد في مسنده، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه عبد الرزاق، وأحمد، والبخاري، وأبو داود، والنسائي.

الشيخ: لأن الطائف لا ينبغي له أن يقود أحدًا بخيط أو بزمام، بعضهم يجعل خيط، يكون اثنين أو ثلاثة بينهما خيط، هذا ما ينبغي، ولكن يأخذ بيده، لا يجعل خيط ولا زمام، يأخذ بيده، النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى هذا الرجل يقود بخزامة، قال: «قده بيده».

وفيه دلالة على الرخصة في الكلام؛ من قوله: «قده بيده»، هذا كلام، فيه دليل على الرخصة في الكلام بالأمر والنهي، أمره، قال: «قده بيده»، يعني لو تكلم يأمر شخص، يقول له: يا فلان، اتق الله، لا تصور وأنت طائف، هذا كذا، أمر ونهي، فيه رخصة في الكلام في الطواف في الأمر.

وفيه الزجر عن قيادة الطائف بزمام أو خيط، ولا يشبهه بالبهائم، وإنما يأخذه بيده.

مداخلة: [01:20:17]

الشيخ: هذا هو الظاهر، الأصل في الأوامر الوجوب، النهي للتحريم إلا بصارف.

مداخلة: [01:20:41]

الشيخ: نعم، الحاجة إذا احتاج حال الضياع قد يكون، لكن كونه يقوده بحبل أو بزمام هذا لا ينبغي، لا يشبهه بالبهائم، البهائم هي التي تقاد.

قارئ المتن: بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَذِكْرِ كَتْبِهِ حَسَنَةٍ.

بركة، قف على هذا.

وفق الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد