شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_12

00:00
00:00
تحميل
7

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمدٍ عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشايخه وذريته، وللحاضرين ووالديهم والمستمعين وعموم المسلمين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:

قارئ المتن: بابُ فَضْلِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَذِكْرِ كَتْبِهِ حَسَنَةٍ، وَرَفْعِ دَرَجَةٍ، وَحَطِّ خَطِيئَةٍ، عَنِ الطَّائِفِ بِكُلِّ قَدَمٍ يَرْفَعُهَا أَوْ يَضَعُهَا فِي طَوَافِهِ، وَإِعْطَاءِ الطَّائِفِ بِإِحْصَاءِ سُبوُع مِنَ الطَّوَافِ أَجْرَ مُعْتِقٍ رَقَبَةً، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ مُحْصِيَ السُّبُوع

الشيخ: الأسبوع أو السُّبُوع

قارئ المتن: إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ مُحْصِيَ الْوَاحِدِ مِنَ الطَّوَافِ كمعتق رَقَبَةٍ.

الشيخ: النسخة الثانية: كعتق رقبة.

قارئ المتن: قال: حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ ابْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ (ح) وَحدثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، قال: حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، قال: حدثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ:

إِنَّكَ لَتُزَاحِمُ عَلَى هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ. قَالَ: إِنْ أَفْعَلْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَسْحُهُمَا يَحُطُّ الْخَطَايَا».

 وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمًا وَلَمْ يَضَعْ، إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ خَطِيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ دَرَجَةً».

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ أَحْصَى سْبُوعًا كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ».

قَالَ يُوسُفُ فِي حَدِيثِهِ: «وَرُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ».

الشيخ: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.

الترجمة في فضل الطواف بالبيت، وأن الطائف يُكتب له بكل خطوة حسنة، ويُرفع له درجة ويُحط عنه خطيئة، وأن من طاف أسبوعًا كان كعتق رقبة، واستدل عليه بهذا الحديث، وهذا في سنده عطاء بن السائب، وسبق الكلام ابن جريج [00:03:14] عن عطاء بن السائب عن ابن عبيد، سبق الحديث.

وأخرجه الترمذي في الحج من طريق جرير بمثله، ماذا قال عليه عندك؟ سبق في (2727).

مداخلة: نعم، قال: سبق تخريجه.

قال عنه في المشار إليه: "حديث صحيح، أخرجه الترمذي وأبو يعلى، وابن حبان والحاكم من طريق جرير عن عطاء بن السائب به، وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة من طريق عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب به، سبق عند الحديث، وسيأتي عند الحديث ..." ثم أشار إليه.

الشيخ: عند (2753)

قال: "إسناده ضعيف في [السنن الكبرى] للبيهقي"، هذا غيره، الرقم [00:05:26]، عندك يقول: إسناده صحيح؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: رواه عنه جرير، وهو عن عبيد بن عمير، على كل حال، هنا قال: سبعة وعشرين، وفي ثلاثين، قال: انظر ... أعد التخريج.

مداخلة: قال: حديث صحيح، أخرجه الترمذي وأبو يعلى، وابن حبان، والحاكم من طريق جرير عن عطاء بن السائب به، وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة من طريق عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب به، سبق عند الحديث ... وسيأتي عند الحديث ... سبق عند الحديث الذي قبله.

الشيخ: تكلم على عطاء بن السائب، ماذا قال في الحديث الذي قبله؟

مداخلة: في الحديث الذي قبله، قال: "حديث صحيح، فإن هُشيمًا وإن كان سماعه عن عطاء بعد الاختلاط، لكنه متابَع، وقد تابعه عليه عن عطاء حماد بن زيد، وسماعه عن عطاء قبل الاختلاط، ثم ذكر من أخرجه".

الشيخ: هنا رواية ابن جرير عن عطاء عن ابن عبيد بن عمير، يقول ماذا عندك؟ برواية هُشيم؟

مداخلة: "حديث صحيح، فإن هُشيمًا وإن كان سماعه عن عطاء بعد الاختلاط، لكنه متابَع، وقد تابعه عليه عن عطاء حماد بن زيد، وسماعه عن عطاء قبل الاختلاط"، ثم ذكر من أخرجه.

الشيخ: عندنا الحديث هنا من رواية جرير عن عطاء عن ابن عبيد بن عمير، ثم السند الثاني: الفضيل عن عطاء عن عبد الله بن عمير، هذا السند يقول سبق أيضًا، سبق عندك؟

مداخلة: لما قرأنا الحديث، رجعت إلى الحديث الذي قبله، ثم قال: "سبق عن الذي قبله".

الشيخ: فقط؟ [00:09:11]

على كل حال الحديث يحتاج إلى مراجعة السند، رواية جرير عن عطاء بن السائب؛ لأن هذا فيه فضل الطواف، وأن الطائف يُكتب له بكل خطوة حسنة، وتُحط عنه خطيئة، وإذا طاف سبعة أشواط فله أجر عتق رقبة، هذا فضل عظيم.

الشيخ ناصر صحح الحديث، نحتاج إلى مراجعة الحديث، نرجع إلى رواية جرير عن عطاء، ورواية ابن فضيل، هنا صرّح بالسماع من ابن فضيل، قال: حدثنا عطاء، يراجع السند، يتأكد من السند؛ لأن هذا فضل عظيم، [00:10:28] مهمة، تخريج الحديث مهم لأن فيه فضل الطواف.

مداخلة: [00:10:47]

الشيخ: لا، أسبوع يعني سبعة أشواط، يقال: أسبوع ويقال سُبُوع، الطواف سبعة أشواط، يقال: طاف أسبوعًا أو طاف سبوعًا، إذا طاف سبعة أشواط فله عتق رقبة، هذا إن صح، هذا محمول على أنه، أو يُضم إلى النصوص الأخرى، وهو أنه إذا اجتنب الكبائر، وأدى الفرائض.

أما إذا كان يفعل الكبائر فهو متوعَّد بالوعيد، النصوص يُضم بعضها إلى بعض، فإن اجتنب الكبائر وأدّى الفرائض، فله هذا الأجر.

مداخلة: [00:11:33]

الشيخ: أعد الحديث.

مداخلة: قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا محمد بن الفضيل، عن العلاء بن المسيب، عن عطاء، عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من طاف بالبيت وصلى ركعتين، كان كعتق رقبة»، في سنن ابن ماجه.

الشيخ: ماذا قال على تخريجه؟

مداخلة: يقول: "حكم الحديث صحيح".

الشيخ: يكون شاهد له، وهنا فيه زيادة درجات، بكل خطوة رفع درجة وحط خطيئة عن الطائف، بكل قدم يرفعها أو يضعها في طوافه.

مداخلة: [00:12:48]

الشيخ: طواف التطوع، طواف العمرة والإفاضة هذا له أجر خاص، الحج يكفر السيئات، «من حجّ فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما»، هذا له فضل خاص، هذا الطواف المستقل، غير العمرة، العمرة مستقلة لها فضلها، ولها أجرها.

مداخلة: تخريج الحديث في مسند الإمام أحمد.

الشيخ: نفس الحديث؟

مداخلة: نفس الحديث نعم.

الشيخ: ماذا قال؟

مداخلة: قال: حديث حسن، هُشيم وهو ابن بشير، وإن سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط متابَع، بقية رجاله ثقات، ورجال الشيخين، غير عبد الله بن عبيد بن عمير فمن رجال مسلم، وقد صرّح في هذا السند بسماعه من أبيه، وأثبت البخاري سماعه من أبيه في التاريخ الكبير.

الشيخ: اقرأ السند والمتن.

مداخلة: قال الإمام أحمد في مسنده: "حدثنا هُشيم، قال: أخبرنا عطاء بن السائب عن عبد الله بن عبيد بن عمير، أنه سمع أباه يقول لابن عمر -رضي الله عنهما-: مالي لا أراك تستلم إلا هذين الركنين؛ الحجر الأسود والركن اليماني، فقال ابن عمر: إن أفعل، فقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن استلامهما يحط الخطايا، قال: وسمعته يقول: «من طاف أسبوعًا يحصيه، وصلى ركعتين، كان له كعدل رقبة»، قال: وسمعته يقول: «ما رفع رجلٌ قدمًا ولا وضعها إلا كُتبت له عشر حسنات، وحُط عنه عشر سيئات، ورُفع له عشر درجات»".

الشيخ: هذا من رواية هُشيم عن عطاء هنا، السند الثاني من رواية جرير عن عطاء، ماذا قال على تخريجه؟

مداخلة: قال: "حديث حسن، هشيم وهو ابن بشير وإن سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط متابع، وبقية رجاله ثقات، رجال الشيخين، غير عبد الله بن عبيد بن عمير فمن رجال مسلم، وقد صرح في هذا السند بسماعه من أبيه، وأثبت البخاري سماعه من أبيه في [التاريخ الكبير].

وأخرجه بتمامه أبو يعلى، والبيهقي، والبغوي، من طريق هشيم بن بشير بهذا الإسناد، وقال البغوي: هذا حديث حسن.

وأخرجه الترمذي، وأبو يعلى، وابن خزيمة، والحاكم، من طريق جرير بن عبد الحميد، وابن خزيمة أيضًا من طريق محمد بن فضيل، كلاهما عن عطاء به".

الشيخ: هو هذا السند الذي عندنا، من رواية جرير عن عطاء، ومن رواية الفضيل عن عطاء.

مداخلة: وقال الترمذي: "حديث حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على ما بيّنته من حال عطاء بن السائب، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

قلنا: سماع جرير وابن فضيل من عطاء، إنما هو بعد الاختلاط".

الشيخ: وهو الموجود عندنا، من رواية جرير -السند الأول- عن عطاء، والثاني من رواية فضيل عن عطاء.

مداخلة: وأورده الهيثمي في المجمع، وقال: "روى ابن ماجه بعضه، ورواه أحمد، وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة، ولكنه اختلط.

قلنا: هذا ليس من شرطه، فقد رواه الترمذي.

وقوله: «إن استلامهما يحط الخطايا»، إلى قوله: «كان له كعدل رقبة»، أخرجه النسائي في [الكبرى]، وفي [المجتبى]، والطبراني من طريق حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، أن رجلًا قال: يا أبا عبد الرحمن، وهذا إسناد حسن، حماد بن زيد سمع من عطاء بن السائب قبل الاختلاط.

وقوله: إن استلامهما يحط الخطايا، أخرجه ابن خزيمة من طريق هُشيم به، وأخرجه ا النسائي في [الكبرى] من طريق حماد بن زيد، وهو ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط، وابن خزيمة من طريق جرير ومحمد بن الفضيل، والفاكهي في [أخبار مكة] من طريق الفضيل بن عياض.

وابن خزيمة أيضًا، والفاكهي أيضًا في [أخبار مكة] من طريق عبيدة بن حميد، والبيهقي في السنن من طريق شجاع بن الوليد، ستتهم عن عطاء بن السائب به، وقد غيّر مراجع صحيح ابن خزيمة اسم عبيدة بن حميد الوارد في الأصل عنده، وهو صواب، إلى عبيد الله بن عبيد بن عمير، وهو خطأ، وسقط من الإسناد في المطبوع: عطاء بن السائب، ولم ينبه عليه.

قال: وسيأتي من طريق الثوري عن عطاء بن السائب، وقد سمع منه قبل الاختلاط".

الشيخ: على كل حال، هذه الأسانيد كلها تدل على أن الحديث صحيح أو حسن، وأن الطواف من أسباب حط الخطايا، وله عتق رقبة إذا طاف على الإخلاص واحتساب الأجر والثواب، وكان مستقيمًا على طاعة الله، مجتنبًا للكبائر، يؤتى هذا الفضل.

مداخلة: من ولد إسماعيل، عتق رقبة؟

الشيخ: ما فيه تقيد من ولد إسماعيل، قال: عتق ر قبة، مطلق.

قارئ المتن: بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّوَافِ عِنْدَ الْمَقَامِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ يَأْمُرُ بِالْأَمْرِ أَمْرَ نَدْبٍ وَإِرْشَادٍ وَفَضِيلَةٍ، لَا أَنَّ كُلَّ أَمْرِهِ أَمْرُ فَرْضٍ وَإِيجَابٍ؛ إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَمَرَ بِاتِّخَاذِ [مَقَامِ] إِبْرَاهِيمَ مصَلًّى، وَتَلَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ الْآيَةَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الطَّوَافِ لَمَّا عَمَدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ.

وَلَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى الطَّائِفِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُصَلِّينَ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْمَقَامِ، إِذِ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّوَافِ جَائِزَةٌ خَلْفَ الْمَقَامِ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الحرام مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ.

الشيخ: وفي غيره من المسجد الحرام كذا؟

مداخلة: نعم، ثم أشار إليه، حشّى عليه.

الشيخ: في النسخة عندنا في غيره من المسجد بدون ...

مداخلة: قال: سقطت من نسخة.

قارئ المتن: قال: مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ وَأَحْسِبُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ: ﴿مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾[البقرة:125] مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي كُنْتُ أَعْلَمْتُ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُدْخِلُ "مِنْ" فِي بَعْضِ كَلَامِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ مَعْنَاهَا مَعْنَى حَذْفِ "مِنْ" كَقَوْلِهِ -تَعَالَى- فِي سُورَةِ نُوحٍ: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾[نوح:4]، وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ نُوحًا لَمْ يَدْعُ قَوْمَهُ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ لِيَغْفِرَ لَهُمْ بَعْضَ ذُنُوبِهِمُ الَّتِي ارْتَكَبُوهَا فِي الْكُفْرِ دُونَ أَنْ يُكَفِّرَ جَمِيعَ ذُنُوبِهِمْ.

قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلّ- لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾[الأنفال:38] فَأَعْلَمَ رَبُّنَا أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا آمَنَ غَفَرَ ذُنُوبَهُ السَّالِفَةَ كُلَّهَا لَا بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ.

قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حدثَنَا جَعْفَرٌ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:

أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ: إِذَا فَرَغَ -يُرِيدُ مِنَ الطَّوَافِ- عَمَدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، وَقَرَأَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾[البقرة:125]

الشيخ: في نسختنا: وتلا، والمعنى واحد.

قارئ المتن: قَالَ: أَيْ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِالتَّوْحِيدِ، وَ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾[الكافرون:1]

الشيخ: وهذا الذي أخرجه مسلم بطوله من حديث جابر، في الترجمة أن الصلاة خلف المقام سنة وليس بواجب، ولو صلاها في أي مكان لا بأس، لكن الأفضل خلف المقام، والأمر في قوله: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾[البقرة:125] أمر استحباب، وليس أمر إيجاب.

وقوله: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾[البقرة:125]، المعنى، اتخذوا مقام إبراهيم، اتخذوه مصلى، يعني اجعلوه بينكم وبين القبلة، والمؤلف يقول إن الله -تعالى- يأمر بالأمر، أمر ندب وإرشاد وفضيلة، وليس كل الأوامر أمر إيجاب، بل بعضها امر ندب، مثل أمره -صلى الله عليه وسلم- بالسواك عند كل صلاة، هذا أمر ندب، وليس أمر إيجاب.

والأمر: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾[البقرة:125] أمر استحباب، ويجوز، يقول المؤلف أن يصليها في أي مكان من المسجد، بل حتى جاء عن عمر أنه صلاها خارج المسجد، وقوله: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾[البقرة:125]، معناها: واتخذوا مقام إبراهيم مصلى، ومِن للتأكيد، مثل قوله: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾[نوح:4]، يعني يغفر لكم ذنوبكم، وليست للتبعيض.

وهذا معلوم، ولا شك أن صلاة الركعتين خلف المقام أفضل، وإن صلاها في أي مكان فلا بأس.

باقي حكم الركعتين، هل هما واجبتان أو غير واجبتين؟ هذا يسأل كثير من الحجاج، ومن الطائفين، يقول: نسي الركعتين، فما حكمهما، تعرض لها عندكم الآن؟ فيها خلاف، والأقرب أنهما ليستا واجبتين، وجدتم الكلام على الركعتين خلف المقام؟ الحكم من ناحية الوجوب أو الاستحباب، أما كونهما خلف المقام، هذا مستحب، في أي مكان يصليهما.

ما تعرض عندكم إلى حكم الركعتين في الحاشية؟

مداخلة: لا، ما ذكره.

قارئ المتن: باب ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ حِينَ عَمَدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ خَلْفَ الْمَقَامِ، جَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ، لَا أَنَّهُ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَقَامِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ.

قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قال: حدثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالَ: ثُمَّ رَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة:125] وَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَتَى الْبَيْتَ وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.

الشيخ: والحديث أخرجه مسلم مطوّلًا، والمؤلف في الترجمة يقول إن النبي صلى ركعتين خلف المقام، (جَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ، لَا أَنَّهُ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَقَامِ)، يعني أمامه، لم يقف أمامه، ولا عن يمينه ولا عن شماله.

وكأن المقام هناك قريب من الباب في الأول، لكن أُبعد في التوسعة، كان قريب من الباب سابقًا، المعلمي له رسالة في المقام هذا، الشيخ محمد بن العثيمين كان له كلام في المقام وإبعاده عن مكانه، عن الطائفين، المقام كان قريب من الباب، فصلى خلف المقام، وجعل المقام بينه وبين الباب، (لَا أَنَّهُ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَقَامِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ)، ولا أمامه، وإنما وقف خلفه، بين يديه يعني أمامه، لم يجعل المقام بينه وبين الباب، يعني لم يصلي أمام المقام، ولم يصلي عن يمينه ولا عن شماله، وإنما صلى خلفه، فإذا صلى خلفه صار المقام بينه وبين الباب؛ لأن المقام كان قريب من الباب، الآن أُبعد عنه توسعة للطائفين.

قارئ المتن: بَابُ الرُّجُوعِ إِلَى الْحَجَرِ، وَاسْتِلَامِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ.

قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَادَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ.

شرح الشيخ: والحديث أخرجه مسلم في صحيحه، معروف، هذا حديث جابر الطويل، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدما صلى ركعتين استلم الحجر قبل السعي، ثم ذهب إلى الصفا، هذه سنة لمن طاف في حج أو في عمرة، وأراد أن يسعى، فإنه يستلم ا لحجر قبل أن يسعى، وليس بواجب، مستحب.

إذا طاف استلم الحجر، مسحه أو استلمه، أو قبله بعد الركعتين، وقبل الطواف، هذه سنة قد تخفى على بعض الناس، وعلى بعض طلبة العلم، هذا مقيد بما إذا طاف وأراد السعي.

أما من طاف تطوع وانتهى، ما يُشرع له أن يأتيه، وكذلك أيضًا إذا أراد أن يستلم بدون طواف، بعض العامة بمجرد ما يُسلّم الإمام، حتى قبل التسليمة الثانية يركضون على الحجر يستلمونه، هذا ليس بمشروع، ثم ينصرف، ما يريد الطواف، أما إذا أراد الطواف فلا بأس، يستلم الحجر وينصرف هذا ليس بمشروع، ليس بمشروع إلا بعد الطواف وقبل السعي، أو في الطواف.

أما استلام مجرد، ليس قبله طواف، وليس في الطواف، هذا ليس بمشروع.

مداخلة: في النافلة؟

الشيخ: لا، طواف مستحب، طواف يعقبه سعي، قبل السعي يستلمه، أما طواف التطوع الذي ما يعقبه سعي، وكذلك طواف الوداع، ما يعقبه سعي، ما يُشرع.

مداخلة: [00:30:22]

الشيخ: لا، يستلمه ثم يذهب إلى الصفا.

قارئ المتن: بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّفَا بَعْدَ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ، وَصُعُودِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرَى الصَّاعِدُ الْبَيْتَ...

قارئ المتن: انظر الترجمة، (بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّفَا بَعْدَ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ)، يستلم ثم يذهب إلى الصفا، لا يذهب لينام، يستلمه ثم يذهب للصفا.

 قارئ المتن: بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّفَا بَعْدَ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ، وَصُعُودِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرَى الصَّاعِدُ الْبَيْتَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالْبَدْءِ بِالصَّفَا قَبْلَ الْمَرْوَةِ، إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بَدَأَ بِذِكْرِ الصَّفَا قَبْلَ ذِكْرِ الْمَرْوَةِ.

شرح الشيخ: قال: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ﴾[البقرة:158]

قارئ المتن: وَأَمَرَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم- بِالْبَدْءِ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فِي الذِّكْرِ.

شرح الشيخ: النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أبدأ بما بدأ الله به»، وفي لفظ: «ابدأوا بما بدأ الله به، ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾[البقرة:158]»، ثم قرأ الآية، لما أراد الصعود للصفا قال: «أبدأ بما بدأ الله به، ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾[البقرة:158]».

قارئ المتن: قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حدثَنَا جَعْفَرٌ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:

أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ، قَالَ: ثُمَّ عَادَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ وَخَرَجَ إِلَى الصَّفَا، وَقَالَ: «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، وَقَرَأَ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158]» فَرَقِيَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ كَبَّرَ ثَلَاثًا يَعْنِي وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصْرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ».

شرح الشيخ: في رواية: لا إله إلا الله وحده، وفي رواية: وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.

قارئ المتن: قال: ثُمَّ أَعَادَ هَذَا الْكَلَامَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي سَعَى، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَرَقِيَ عَلَيْهَا، حَتَّى إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ قَالَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ عَلَى الصَّفَا.

الشيخ: والحديث أخرجه مسلم مطوّلًا، وفيه: أنه يبدأ بالصفا ويقرأ الآية.

مداخلة: المقصود نظر إلى البيت، يستقبل القبلة؟

شرح الشيخ: يستقبل القبلة، يستقبل البيت، (فَرَقِيَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ كَبَّرَ ثَلَاثًا)، يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، في لفظ آخر: ثم يدعو، ثم يكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات، (ثُمَّ نَزَلَ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي سَعَى).

مداخلة: [00:34:09]

الشيخ: نعم، فوق الصفا والمروة، يكبر ثلاثًا، يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كما في صحيح مسلم، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، وهو رافع يديه ثم يدعو، ثم يكرر التكبير والتهليل والدعاء ثلاثًا، في كل شوط على الصفا وعلى المرة، سنة وليس بواجب.

مداخلة: [00:34:44]

الشيخ: لا، حتى لو تركه عمدًا ما عليه شيء، مستحب.

مداخلة: [00:34:49]

 الشيخ: على الخلاف السابق، مثل التكبير في الشوط الأخير في الطواف، من العلماء من قال إنه يُكبِّر كما سبق، وابن خزيمة يرى هذا، ومنهم من يرى أن التكبير انتهى، وكذلك الشوط الأخير على المروة، من العلماء من قال: انتهى الشوط، ومنهم من قال: يُشرع، فيرفع يديه ويدعو.

مداخلة: [00:35:33]

الشيخ: الدعاء على الصفا وعلى المروة، يقول: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، بعدما يُكبر ثلاثًا، يقول: لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.

قارئ المتن: قال: بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ عَلَى الصَّفَا

قال: حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قال: حدثَنَا بَهْزُ -يَعْنِي ابْنَ أَسَدٍ-، قال: حدثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ قَالَ: وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَا فِيهِمْ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَذَاكَ فِي رَمَضَانَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ، وَقَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلَا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، فَذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ، قَالَ: وأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ مَكَّةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

وَقَالَ: فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، وَطَافَ بِالْبَيْتِ، وفِي يَدِهِ قَوْسٌ آخذ بِسِيَةِ الْقَوْسِ، فَأَتَى فِي طَوَافِهِ صَنَمًا فِي جَنَبَةِ الْبَيْتِ يَعْبُدُونَهُ فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِهَا فِي عَيْنهِ، وَيَقُولُ: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾[الإسراء:81]، قال: ثُمَّ أَتَى الصَّفَا فَعَلَاهُ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ اللَّهَ بِمَا شَاءَ أَنْ يَذْكُرَهُ وَيَدْعُوهُ وَالْأَنْصَارُ تَحْتَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.

حدثَنَاهُ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حدثَنَا أَسَدٌ، قال: حدثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ: بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيَدْعُوهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ.

شرح الشيخ: ماذا قال على الحديث؟ هذا حديث جابر معروف، وهو حديث طويل معروف، حديث جابر رواه مسلم مطولًا.

فيه مشروعية رفع اليدين عند الدعاء على الصفا وعلى المروة، في الترجمة: مشروعية رفع اليدين عند الدعاء على الصفا وعلى المروة.

يُشرع رفع اليدين في الحج في ستة مواضع، في الدعاء:

  1. الموضع الأول: على الصفا.
  2. الموضع الثاني: على المروة كما ذكر المؤلف.
  3. الموضع الثالث: في الدعاء يوم عرفة.
  4. الموضع الرابع: في الدعاء في مزدلفة، بعد الفجر، في المشعر الحرام.
  5. الموضع الخامس: بعد الجمرة الأولى في الرمي أيام التشريق.
  6. الموضع السادس: بعد الجمرة الثانية.

كل هذه المواضع تُرفع اليدين، ثابت في الحديث الصحيح، في ستة مواضع.

 

 

 

قارئ المتن: قال: بَابُ الْمَشْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ خَلَا السَّعْيَ فِي بَطْنِ الْوَادِي فَقَطْ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي خَبَرِ جَابِرٍ: حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى.

شرح الشيخ: معنى السعي: الإسراع في المشي، والمشي: مشي معتاد، فالسعي بين الصفا والمروة يكون مشي معتاد، إلا إذا صبت قدماه في بطن الوادي، والآن جُعل عليه العلم الأخضر، اللمبة الخضراء، من الأخضر للأخضر، فهذا هو بطن الوادي، كان بطن الوادي منخفض، يُسرع، فإذا صعد مشى، فكان الوادي فيه منخفض وفيه مرتفع، فالمنخفض يسرع فيه، وغير المنخفض يمشي.

الآن ما فيه منخفض ولا فيه مرتفع، كله الآن مُبلط، لكن جُعل علامة على بطن الوادي، الأخضر، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسعى حتى إن إزاره تدور به، يسرع في المشي، يخط ويسرع، فإذا تجاوز بطن الوادي سعى السعي المعتاد، قال: (الْمَشْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ خَلَا السَّعْيَ فِي بَطْنِ الْوَادِي)، يعني فإنه يسرع ويخط، حتى إنه في الحديث، تدور به إزاره -عليه الصلاة والسلام-.

مداخلة: [00:41:30]

الشيخ: يقول ما شاء من الأدعية.

مداخلة: [00:41:39]

الشيخ: ما أدري، يحتاج إلى دليل، إذا ثبت لا بأس.

قارئ المتن: قال: بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ، أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَخْطِرَ بِبَالِ بَعْضِ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْخَبَر الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعَى بَيْنَهُمَا مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ، وَمِنَ الْمَرْوَةِ إِلَى الصَّفَا

قال: حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو -وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ- قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ؛ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، وقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة.

شرح الشيخ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا)، ماذا قال على الحديث؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه الحميدي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وابن ماجة، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وأبو يعلى، وابن حبان، والطبراني في [الكبير]، والبيهقي".

الشيخ: أما حديث عبد الجبار عن ابن عمر، هذا أخرجه البخاري في الحج، عندك أي حديث؟ الحديث الأول؟ هل هذا الحديث حديث ابن عمر؟

مداخلة: نعم، هذا آخر حديث قرأت.

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: صحيح.

الشيخ: أخرجه البخاري.

مداخلة: نعم، أخرجه البخاري ومسلم.

الشيخ: المؤلف يقول: (بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ)، أين مراده؟ مقصوده بهذا؟ هو قوله: (قَدِمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا)، هذا يقول: عام، هذا خبر لفظه عام، مراده خاص.

السعي ما هو؟ السعي هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى، الحديث السابق قال: سعى حتى إذا صعد مشى، فالمسعى فيه سعي وفيه مشي، فالسعي هو الإسراع في بطن الوادي، والمشي فيما عداه.

كما في الحديث السابق: (حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى)، سعى يعني أسرع، إذا انصبت قدماه في بطن الوادي أسرع حتى تدور به إزاره، حتى إذا صعد، انتهى المنخفض، مشى.

فهذا الحديث يدل على أي شيء؟ يدل على أن السعي بين الصفا والمروة فيه سعي وفيه مشي، فيه سعي يعني إسراع في بطن الوادي، ومشي فيما عداه.

هذا الحديث الذي معنا، حديث البخاري، ما فيه سعي ومشي، كله سعي، قال: (وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا)، فالمؤلف يقول: (أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَخْطِرَ بِبَالِ بَعْضِ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْخَبَر الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعَى بَيْنَهُمَا مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ)، يعني قوله في الحديث: (وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)، يقول المؤلف: أنا خائف أن بعض الناس الذي لا يفهم يظن أن السعي من أوله إلى آخره كله إسراع، لقوله: (وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَة).

وهذا ليس بصحيح، وإنما مراده أن النبي سعى بين الصفا والمروة يعني في المنخفض، لا في المرتفع، وسيأتي في الترجمة الثانية التي بعدها يوضحها، المؤلف دقيق في هذا، الحديث يفسر بعضه بعضًا، في بعض الأحاديث يقول: سعى بين الصفا والمروة، ما معنى سعى؟

يقول بعض من لا يميز يظن أن سعى بمعنى أسرع، لأنه في بعضه: سعى ومشى، مشى يعني المشي المعتاد، وسعى يعني أسرع، فهذا الحديث ما فيه تفصيل، قال: (وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)، فالمؤلف كأنه خائف أن بعض الناس الذي لا يفرق بين المجمل والمفسر يفهم من الحديث أن السعي من أوله إلى آخره ركض، كله ركض، وهذا قوله: وسعى بينهما عام مخصوص، المراد: وسعى في المنخفض، أما ماعدا المنخفض فليس فيه سعي وإنما فيه مشي، بدليل الحديث الذي فسره، الأحاديث يفسر بعضها بعضًا، وسيأتي في الترجمة التي بعدها، واضح الآن فقه الترجمة؟

اقرأ الترجمة مرة ثانية.

قارئ المتن: قال: بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ.

شرح الشيخ: بلفظ عام: قوله: وسعى، مراده خاص: يعني السعي في المنخفض ليس في الجميع.

قارئ المتن: أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَخْطِرَ بِبَالِ بَعْضِ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْخَبَر الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعَى بَيْنَهُمَا مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ، وَمِنَ الْمَرْوَةِ إِلَى الصَّفَا.

شرح الشيخ: سعى بينهما يعني أسرع.

قارئ المتن: قال: بابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّ لَفْظَهَا لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهَا خَاصٌّ، وَالدَّلِيلُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا سَعَى مِمَّا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بَطْنَ الْمَسِيلِ فَقَطْ دُونَ سَائِرِ مَا بَيْنَهُمَا، لَا أَنَّهُ سَعَى جَمِيعَ مَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

شرح الشيخ: هذه الترجمة تفسر الترجمة السابقة، أعد.

قارئ المتن: قال: بابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّ لَفْظَهَا لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهَا خَاصٌّ.

اللفظة المجملة في الحديث السابق: وسعى بين الصفا والمروة سبعًا، قال: سعى، ولم يقل: سعى ومشى، جعله كله سعي، وهذا مجمل يفسره الحديث الذي قبله، بيّن أنه سعى ومشى، فالسعي هو الإسراع، والمشي هو المشي المعتاد.

قارئ المتن: قال: وَالدَّلِيلُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا سَعَى مِمَّا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بَطْنَ الْمَسِيلِ فَقَطْ دُونَ سَائِرِ مَا بَيْنَهُمَا، لَا أَنَّهُ سَعَى جَمِيعَ مَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْتُهُ قَبْلُ: حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى.

وَحدثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قال: حدثَنَا أَيُّوبُ -يَعْنِي ابْنَ وَاقِدٍ-، قال: حدثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

شرح الشيخ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)، يسعى يعني يسرع في المشي، ببطن المسيل يعني بطن الوادي؛ لأنه وادي.

مداخلة: [00:51:22]

شرح الشيخ: إسراع ليس ركضًا شديدًا وليس مشيًا وإنما هو بينهما، كان النبي يسعى بينهما حتى إنه تدور به إزاره.

مداخلة: في موضع العلمين ليس في السعي كله.

الشيخ: نعم، موضع العلمين هو بطن الوادي، الآن جُعل علم واحد، اللمبة الخضراء مستمرة من أوله إلى آخره، أول كان لمبة أخضر في الأول، ثم مسافة حتى تأتي، الآن المسافة كلها لمبة مستمرة، من أوله إلى آخره، هذا هو بطن الوادي.

مداخلة: [00:52:17]

شرح الشيخ: العلماء قالوا: هذا خاص بالرجال، وصعود الصفا والمروة خاص بالرجال، المرأة ما يُشرع لها أن تبرز، ولا يُشرع لها السعي (الركض)؛ لأنها عورة، وكذلك يقال الحامل، من يحمل معه شيئًا خفف عنه، لا يُسرع.

مداخلة: [00:52:42]

شرح الشيخ: سنة، ليس بواجب، إذًا الترجمة هذه يقول: (بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُ)، اللفظة المجملة قوله: وسعى، (وأَنَّ لَفْظَهَا لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهَا خَاصٌّ)، مراده خاص يعني في بطن الوادي، (وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا سَعَى مِمَّا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ببَطْنِ الْمَسِيلِ)، سعى يعني أسرع، بطن المسيل هو بطن الوادي، (دُونَ سَائِرِ مَا بَيْنَهُمَا)، يعني دون بقية السعي، (لَا أَنَّهُ سَعَى جَمِيعَ مَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)، لا أنه أسرع في الجميع.

(قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ جَابِرٍ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى).

قارئ المتن: قال: وَحدثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قال: حدثَنَا أَيُّوبُ -يَعْنِي ابْنَ وَاقِدٍ-، قال: حدثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

شرح الشيخ: يسعى يعني يسرع في المشي، في بطن المسيل هو المنخفض.

قارئ المتن: قال: قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيِّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ مُجَمِّعٍ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي حَجَّة أَوْ عُمرة أَهَلَّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: ثُمَّ أَتَى الصَّفَا فَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، فَإِذَا مَرَّ بِالْمَسْعَى سَعَى.

مداخلة: [00:54:20]

الشيخ: بطن الوادي عليه العلامات الخضراء التي تراها، ما يحتاج، عليه العلامة الخضراء، اللمبات الخضر.

مداخلة: [00:54:37]

الشيخ: ما أفهم كلامك، اللمبات الخضراء تسرع فيها، والباقي لا تسرع، فقط، هذا هو الجواب.

هنا ماذا عندك؟ أعد، قرأت على أحمد بن أبي سريج.

قارئ المتن: قال: قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيِّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ مُجَمِّعٍ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي حَجَّة أَوْ عُمرة أَهَلَّ.

شرح الشيخ: أهلّ يعني رفع صوته بالإهلال، أهلّ: قال: لبيك عمرة، لبيك حجًّا.

قارئ المتن: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: ثُمَّ أَتَى الصَّفَا فَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، فَإِذَا مَرَّ بِالْمَسْعَى سَعَى.

شرح الشيخ: يعني فسعى بين الصفا والمرة مثل ما سبق، (فَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، فَإِذَا مَرَّ بِالْمَسْعَى سَعَى)، يعني إذا مرّ ببطن المسيل أسرع، وهذا يستدل به المؤلف -رحمه الله- على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما يسرع في المنخفض دون غيره، فإنه يمشي مشيًا، وهذا كله مستحب وليس بواجب، الأمر في هذا واسع، لو تركه لا حرج عليه، يقول: (ثُمَّ أَتَى الصَّفَا فَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا)، هنا مراده عام، (فَإِذَا مَرَّ بِالْمَسْعَى سَعَى).

هذا كله مجمل، يفسره الحديث الآخر، أن السعي إنما يكون في بطن الوادي، والمشي فيما عداه.

قارئ المتن: قال: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاجِبٌ، لَا أَنَّهُ مُبَاحٌ غَيْرُ وَاجِبٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة:158]، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ لَيْسَ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾ [النساء:101].

قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَطَاءِ بْنِ مَقَدَّمٍ الْمُقَدَّمِيُّ، قال: حدثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نُبَيْهٍ عَنْ جَدَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ جَدَّتِهَا بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ: كَانَتْ لَنَا حلقة فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَتِ: اطَّلَعْتُ مِنْ كَوَّةٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَشْرَفْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-...

الشيخ: كانت لنا خلفة؟

مداخلة: قال: (عَنْ جَدَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ جَدَّتِهَا بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ: كَانَتْ لَنَا حلقة).

الشيخ: لا، ليست حلقة.

مداخلة: هو أشار إليها، قال: في نسخة: خلفة، وما أثبتته أقرب للصواب، وهي حلقة للنساء كن يجتمعن في دار آل ...

الشيخ: حلقة يعني دائرة يجتمعن فيها، قال ماذا؟

مداخلة: قال: في نسخة: خلفة، وما أثبته أقرب للصواب، وهي حلقة للنساء كن يجتمعن في دار آل أبي حسين، كما جاء في باقي الروايات.

الشيخ: محتمل، أو قال: خلفة، تُسمى بهذا قديم، خلفة يعني مكان، ثم كأن المحشي اجتهد، قال: حلقة، قالت: كانت لنا ماذا؟

قارئ المتن: قالت: كانَتْ لَنَا حلقة فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَتِ: اطَّلَعْتُ مِنْ كَوَّةٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَشْرَفْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَإِذَا هُوَ يَسْعَى، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «اسْعَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ»، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ يَدُورُ الْإِزَارُ حَوْلَ بَطْنِهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَفَخِذَيْهِ.

شرح الشيخ: (وَإِذَا هُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «اسْعَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ»)، هنا الشاهد، قال: «فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ»، كتب يعني فرض، هذا هو الشاهد، المؤلف في الترجمة يقول: (بابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاجِبٌ، لَا أَنَّهُ مُبَاحٌ)، يعني لا أنه واجب أو مندوب، بل هو واجب، وهو ركن في الحج، وركن في العمرة، وذهب بعض العلماء إلى أنه واجب يُجبر بدم، وأنه ليس بركن.

(اطَّلَعْتُ مِنْ كَوَّةٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَشْرَفْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَإِذَا هُوَ يَسْعَى، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «اسْعَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ»، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ يَدُورُ الْإِزَارُ حَوْلَ بَطْنِهِ)، كذا، من شدة الإسراع في المشي.

والشاهد هو قوله: («فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ»، قال: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاجِبٌ، لَا أَنَّهُ مُبَاحٌ، وقال: ﴿فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة:158]، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ لَيْسَ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾ [النساء:101]).

ليس المراد رفع الواجب، وإنما المراد، سبب نزولها أنه في الجاهلية وُضع صنم على الصفا، ووضع صنم على الصفوة، فكانوا يسعون بينهما، فلما جاء الإسلام تحرجوا، فرفع الله التحرج، وقال: ﴿فَلا جُنَاحَ﴾، ما فيه حرج، وليس المراد أن الصفا والمروة مباح وليس بواجب، وقد فهم هذا عروة، فهم عروة بن الزبير قوله تعالى: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ أنه ليس بواجب، فبينت له خالته عائشة -رضي الله عنها- أن هذا فهم خاطئ، قالت: لو كانت كما فهمتها لكانت: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما، بينما هي: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾.

لو كانت كما فهمت، هذا ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أن عروة قال لها: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، فإني لا أرى على أحد جناح أن يترك الطواف، قالت: بئس ما قلت، لو كانت كما فهمت أو كما قلت، لقال الله: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما، وإنما الآية: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾.

وإنما كان ذلك أن الصفا والمروة كل واحد منهما عليه صنم، فلما جاء الإسلام تحرجوا في الطواف بينهما، أُزيلت الأصنام، فالله تعالى رفع الحرج، قال: ليس عليكم جناح في الطواف، أُزيلت الأصنام والسعي باقي، وليس المراد فلا جناح أن السعي ليس بواجب، كما فهم عروة، الحديث صحيح، معروف، في صحيح مسلم وغيره، عروة عن عائشة.

قارئ المتن: قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، أَنَّ امْرَأَةً، أَخْبَرَتْهَا: أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَقُولُ: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيُ، فَاسْعَوْا».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي لَمْ تُسَمَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ: حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي تَجْرَاةَ.

شرح الشيخ: يقول: (عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، أَنَّ امْرَأَةً، أَخْبَرَتْهَا)، هذه المرأة هي حبيبة بنت أبي تجراة، (أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَقُولُ: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيُ، فَاسْعَوْا»)، قوله: كُتب، هذا الشاهد، كُتب يعني فُرض، هذه الترجمة أن السعي فرض، وليس مباح، والحديث، تكلم عليه؟

قال: "حديث صحيح، رجاله ثقات، غير موسى بن عبيد، أورده البخاري في التاريخ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا"، ماذا قال عليه عندك؟

مداخلة: قال عندي: "صحيح، أخرجه الدارقطني من طريق موسى بن عبيد عن صفية بنت شيبة، ليس فيه حبيبة بنت أبي تجراة، سبق في الذي قبله".

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّمَا أَعْلَمَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمْ فِي الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِأَنَّهُمْ تَحَرَّجُوا مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، إِذْ كَانَ الطَّوَافُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَمَاشَاهُ بَعْضُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ كَانَ يُهِلُّ مِنْهُمْ لِبَعْضِ أَوْثَانِهِمْ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، فَأَعْلَمَ اللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُمَّتَهُ أَنْ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمْ فِي الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا تَوَهَّمَه بَعْضُهُمْ.

قال: حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ:

قَرَأْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158] الْآيَةَ. قُلْتُ: مَا أَرَى عَلَى مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. قَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي! إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ يَطُوفُونَ بَيْنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَتْ: فَنَزَلَتْ ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158] الْآيَةَ، قَالَتْ: فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَتْ سُنَّةً. وَقَالَ غَيْرُهَا، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة:158]، فَتَطَوَّعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَطَافَ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا العِلْم.

وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: سَأَلَ النَّاسُ الَّذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158] فَأَرَاهَا نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ وَفِي هَؤُلَاءِ.

حدثناه الْمَخْزُومِيُّ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بِنَحْوِهِ، دُونَ قِصَّةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

حدثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حدثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَخْبَرَتْهُ:

أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا هُمْ وَغَسَّانُ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، فَتَحَرَّجُوا أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي أَيَّامِهِمْ، مَنْ أَحْرَمَ لِمَنَاةَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَنَّهُمْ حِينَ أَسْلَمُوا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة:158]. قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: هِيَ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ مَنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، لَا أَنَّهُمُ كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَهُمَا، كَخَبَرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ يُونُسَ، وَمُتَابَعَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِيَّاهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، سَأُخَرِّجُ خَبَرَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَابَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَخَبَرُ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- دَال أَيْضًا أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا هُمُ الَّذِينَ يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ.

حدثَنَا بِخَبَرِ عَاصِم، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَتِ الْأَنْصَارُ يَكْرَهُونَ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158]، زَادَ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ: فَطَافُوا.

الشيخ: التراجم كلها هذه في بيان هذا، أعد الترجمة.

قارئ المتن: بابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّمَا أَعْلَمَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمْ فِي الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِأَنَّهُمْ تَحَرَّجُوا مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، إِذْ كَانَ الطَّوَافُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَمَاشَاهُ بَعْضُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ كَانَ يُهِلُّ مِنْهُمْ لِبَعْضِ أَوْثَانِهِمْ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، فَأَعْلَمَ اللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُمَّتَهُ أَنْ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمْ فِي الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا تَوَهَّمَه بَعْضُهُمْ.

شرح الشيخ: يعني أنهم كانوا في الجاهلية يُهلون لمناة، مناة صنم في المشلل لأهل المدينة، كما أن العزى شجرة لأهل مكة صنم، واللات صنم لأهل الطائف، هذه من الأصنام الكبيرة في الجاهلية، التي ذكرها الله في القرآن الكريم: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20)﴾ [النجم:19-20]، وهناك صنم كبير اسمه هُبل أيضًا لأهل مكة، وكثرت الأصنام قبيل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى صار لكل قبيلة صنم، بل كان لأهل كل بيت، بل لكل شخص صنم، فكانوا لا يسافرون ولا يذهبون إلا ومعهم أصنامهم، وفي أسفارهم إذا أرادوا أن يصنعوا طعامًا، يأتون بالقدر ويضعون ثلاثة أحجار ينصبون عليها القدر، ما استحسنوه منها جعلوه إله لهم.

حتى بعث الله نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فأنقذ الله به الناس من الشرك، وهداهم إلى التوحيد والإيمان، فكانوا في الجاهلية يُهلّون لمناة إذا أرادوا الحج، ثم يطوفون بين الصفا والمروة، فلما أسلموا تحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فأنزل الله هذه الآية رفعًا للحرج، ما فيه صنم الآن، الأصنام انتهت، ومناة انتهى، والسعي بين الصفا والمروة لا حرج فيه، ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة:158]، أعد، باب ذكر الدليل.

قارئ المتن: بابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّمَا أَعْلَمَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمْ فِي الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِأَنَّهُمْ تَحَرَّجُوا مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، إِذْ كَانَ الطَّوَافُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَمَاشَاهُ بَعْضُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ كَانَ يُهِلُّ مِنْهُمْ لِبَعْضِ أَوْثَانِهِمْ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، فَأَعْلَمَ اللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُمَّتَهُ أَنْ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمْ فِي الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا تَوَهَّمَه بَعْضُهُمْ.

قال: حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَرَأْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ...

الشيخ: وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، ماذا قال عليه عندك؟

مداخلة: قال: "أخرجه البخاري ومسلم".

الشيخ: الحديث في الصحيحين.

قال: قَرَأْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158] الْآيَةَ. قُلْتُ: مَا أَرَى عَلَى مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.

الشيخ: رأيت الفهم الآن، ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة:158]، فهم من الآية ماذا؟ أن من ترك السعي ليس عليه حرج، لقوله: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة:158]، صححت هذا الفهم عائشة، وهي خالته؛ لأن عروة أمه أسماء، خالته عائشة، صححت الفهم لعروة، عروة فهم ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة:158]، يقول: من ترك السعي ليس عليه حرج، قالت له لا، بئس ما قلت، لو كانت كما فهمت لكان: فلا جناح عليه ألا يطوّف بهما.

ولكن السبب في قوله: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة:158]، أنهم كانوا في الجاهلية... تحرجوا، فرفع الله الحرج لما أسلموا، قال: ما فيه حرج، طوفوا، وليس المراد ترك السعي.

 قارئ المتن: قَرَأْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158] الْآيَةَ، قُلْتُ: مَا أَرَى عَلَى مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. قَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي! إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ يَطُوفُونَ بَيْنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ.

شرح الشيخ: كان على الصفا إساف، وعلى المروة نائلة، صنمان، قيل إنهما رجل وامرأة فجر بها فمُسخا فصارا صنمين فعُبدا، حجر اسمه إساف والثانية نائلة، واحد على الصفا والثاني على المروة، وكانوا يطوفون بين الحجرين، فتحرجوا.

قارئ المتن: إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَتْ: فَنَزَلَتْ ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158] الْآيَةَ. قَالَتْ: فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَتْ سُنَّةً. وَقَالَ غَيْرُهَا، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة:158]، فَتَطَوَّعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَطَافَ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا العِلْم.

شرح الشيخ: هذا علم، نعم، صح، علم، خفي على عروة، وبيّنته عائشة -رضي الله عنها- أفقه من عروة، فهو علم، يخفى على بعض الناس، خفي على عروة، قال: إن هذا لعلم.

قارئ المتن: وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: سَأَلَ النَّاسُ الَّذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَطَّوَّف بِالْبَيْتِ وَلَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158] فَأَرَاهَا نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ وَفِي هَؤُلَاءِ.

شرح الشيخ: في هؤلاء وفي هؤلاء، الذين يقولون ليس علينا حرج في الطواف، وفي الذين قالوا: لم نؤمر بالطواف بالبيت، ولم نؤمر بالطواف بين الصفا والمروة.

قارئ المتن: حدثناه الْمَخْزُومِيُّ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بِنَحْوِهِ، دُونَ قِصَّةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

حدثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حدثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَخْبَرَتْهُ...

وهذا أيضًا كذلك أخرجه مسلم، ذكر البخاري أيضًا؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه مسلم.

قارئ المتن: أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا هُمْ وَغَسَّانُ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ.

شرح الشيخ: مناة صنم لأهل المدينة، يُهلون له، ثم يأتون يسعون بين الصفا والمروة.

قارئ المتن: فَتَحَرَّجُوا أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي أَيَّامِهِمْ، مَنْ أَحْرَمَ لِمَنَاةَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

شرح الشيخ: يعني في الجاهلية، في الجاهلية من أحرم لمناة الصنم ما يطوف بين الصفا والمروة.

قارئ المتن: وَأَنَّهُمْ حِينَ أَسْلَمُوا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:158]. قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: هِيَ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

الشيخ: تعليق أبو بكر المؤلف على الحديث.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ مَنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، لَا أَنَّهُمُ كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَهُمَا، كَخَبَرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ يُونُسَ، وَمُتَابَعَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ...

الشيخ: عندك بالواو، متابعة؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: نسختنا بغير واو، الظاهر نعم، الواو لابد منها، دليل على صحة رواية يونس ومتابعة.

مداخلة: في طبعة التأصيل كذلك ما فيها واو.

الشيخ: المؤلف قال: والدليل على صحة رواية يونس ومتابعة، على هذا المعنى سأخرجه، المؤلف يريد أن يستدل على صحة رواية يونس، رواية يونس عن الزهري هل هي عندنا الآن.

مداخلة: الحديث السابق.

الشيخ: الحديث السابق سفيان عن الزهري، ما فيه يونس، فيه يونس؟

مداخلة: نعم، قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم، قال: حدثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.

الشيخ: (وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ يُونُسَ، وَمُتَابَعَةِ هِشَامِ)، أين متابعة هشام بن عروة؟

مداخلة: قال: سأخرج خبر هشام بن عروة في الباب الذي يلي هذا.

الشيخ: (وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ يُونُسَ)، لعلها إذًا تكون بدون واو، (مُتَابَعَة هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ) وسأخرجها في الباب الذي يليه.

قارئ المتن: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ يُونُسَ، َمُتَابَعَة هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِيَّاهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، سَأُخَرِّجُ خَبَرَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَابَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَخَبَرُ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ دَال أَيْضًا أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا هُمُ الَّذِينَ يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ.

حدثَنَا بِخَبَرِ عَاصِم، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَتِ الْأَنْصَارُ يَكْرَهُونَ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:158]، زَادَ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ: فَطَافُوا.

الشيخ: غدًا -إن شاء الله- [01:21:34] الباب هذا ؟؟؟ وفق الله الجميع لطاعته، وصلى الله على محمد.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد