شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_21

00:00
00:00
تحميل
7

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشايخه وذريته، وللحاضرين ووالديهم والمستمعين، وعموم المسلمين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ وَالضُّعَفَاءِ الَّذِينَ رُخِّصَ لَهُمْ فِي الْإِفَاضَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ

شرح الشيخ: هذا باب عقده للرخصة للنساء والضعفاء، رخصة لهم في الإفاضة من جمع، جمع هي مزدلفة، سميت جمع لأنها يجتمع الناس فيها، وتسمى مزدلفة لأن الناس يزدلفون فيها، وتسمى المشعر الحرام؛ لها أسماء.

وقوله: (بَابُ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ وَالضُّعَفَاءِ الَّذِينَ رُخِّصَ لَهُمْ فِي الْإِفَاضَةِ مِنْ جَمْعٍ) دليل على أن غيرهم لا يرخص لهم، لأن الرخصة لا تكون إلا لشيء ممنوع منه غيرهم، فإذا رُخص للنساء والضعفاء في الإفاضة من جمع بليل، فلا يرخص للأقوياء، بل الأقوى يكون مع الإمام، يدفعون متى؟ بعد الإسفار جدًّا وقبل طلوع الشمس.

رخص لهم في الإفاضة آخر الليل، ورخص لهم في الرمي قبل طلوع الشمس، قبل زحمة الناس، لأن هذا هو الحكمة من الترخيص لهم في الإفاضة في آخر الليل حتى يرموا قبل طلوع الشمس قبل زحمة الناس، رخص لهم في الإفاضة، ورخص لهم في الرمي قبل طلوع الشمس، قبل حطمة الناس.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لابن العباس كما سيأتي، لضعفة أهله، رخص لسودة، فلا يرخص لغيرهم، هذا هو ما دل عليه الحديث، واختاره جمعٌ من أهل العلم.

وذهب كثير من الفقهاء إلى أنه يرخص للجميع بعد نصف الليل للدفع من مزدلفة ورمي الجمار، قالوا: إذا دفع في آخر الليل فإنه يرمي، البيتوتة إنما تتحقق بنصف الليل بعد غيبوبة القمر، وهذا يتحقق في النصف الأول، إنما ظاهر السنة كما دلت عليه الأحاديث أنه إنما رخص للضعفاء ولم يرخص لغيرهم.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَعِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، فَمِنْهُمْ مِمَّنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوَا الْجَمْرَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

شرح الشيخ: والحديث أخرجه الإمام مسلم من طريق ابن وهب؛ ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه البخاري ومسلم من طريق يونس عن الزهري به".

الشيخ: وهذا ظاهر في أن ابن عمر كان يقول: (أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يعني للضعفاء، ابن عمر يرخص لضعفة أهله، منهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، لكنهم يرمون قبل طلوع الشمس قبل زحمة الناس.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ أَخْبَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كِتَابِي الْكَبِيرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»، وَلَسْتُ أَحْفَظُ فِي تِلْكَ الْأَخْبَارِ إِسْنَادًا ثَابِتًا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، فَإِنْ ثَبَتَ إِسْنَادٌ وَاحِدٌ مِنْهَا، فَمَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ الْمَذْكُورَ.

الشيخ: عندكم (الْمَذْكُورَ

مداخلة: الذكور.

الشيخ: هو الصواب؛ لأنه سيأتي في الترجمة التي بعدها المؤلف يقول: "رخص للذكور"، أذن للنساء قبل طلوع الشمس دون الذكور، إذن معناه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- زجر الذكور، يعني يرخص للإناث دون الذكور، يكون الزجر للذكور، (أُبَيْنِيَّ) هذا ذكور، جمع ابن، (لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ)، زجر من؟ الذكور أم الإناث؟

الذكور، (أُبَيْنِيَّ) جمع ابن، (أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ).

مداخلة: عندي (أَبَنِيَّ).

الشيخ: عندي في النسخة (أُبَيْنِيَّ)، ضبطها عندك؟

مداخلة: قال: "صائب عون المعبود: بضم الهمزة، وفتح الباء الموحدة، وسكون الياء، ياء التصغير، وبعدها نون مكسورة".

الشيخ: (أُبَيْنِيَّ)، جمع، فيكون الزجر لمن؟ للذكور، هذا اختيار المؤلف الآن، ولست أحفظ ماذا؟

قارئ المتن: وَلَسْتُ أَحْفَظُ فِي تِلْكَ الْأَخْبَارِ إِسْنَادًا ثَابِتًا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، فَإِنْ ثَبَتَ إِسْنَادٌ وَاحِدٌ مِنْهَا، فَمَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ الْذُّكُورَ مِمَّنْ قَدَّمَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَنْ رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، لَا النِّسَاءُ مَعَ الْذُّكُورَ.

شرح الشيخ: عندك (النِّسَاءُ مَعَ الْذُّكُورَ)؟ عندي نسخة الأعظمي: (لَا السَّامِعَ الْمَذْكُورَ)، هذه بينت أن المراد الذكور؛ إذن تصحح إلى (لَا النِّسَاءُ مَعَ الْذُّكُورَ) هذا الصواب، يقول (السَّامِعَ) ما له وجه، هنا السامع كأن الهمزة صارت ميم، (لَا النِّسَاءُ مَعَ الْذُّكُورَ)، تكون الميم هذه زائدة، (لَا النِّسَاءُ مَعَ الْذُّكُورَ؛ لِأَنَّ) ...

قارئ المتن: لِأَنَّ خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَذِنَ لِضَعْفَةِ النِّسَاءِ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَلَا يَكُونُ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ خِلَافَ خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ ثَبَتَ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ عَلَى أَنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ لِضَعْفَةِ النِّسَاءِ بِاللَّيْلِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَيْضًا عِنْدِي جَائِزٌ لِلْخَبَرِ الَّذِي أَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

شرح الشيخ: المؤلف -رحمه الله- يقول: إن حديث ابن عباس فيه قال: (أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ)، يقول: هذا لا أحفظ له إسنادًا، إذا ثبت من جهة النقل فيُجمع بينه وبين حديث ابن عمر بهذا الجمع، يكون حديث ابن عباس (أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) خاصٌّ بالذكور، وحديث ابن عمر خاصٌّ بالإناث، ابن عمر كان يقدم ضعفة أهله، ومنهم من [00:08:55]، فإذا رموا، يرمون الجمرة قبل طلوع الشمس، يكون هذا خاصٌّ بالإناث، وحديث ابن عباس خاصٌّ بالذكور، هذا هو الجمع بينهما، وهذا الذي ذهب إليه المؤلف، كما سيأتي أيضًا في الباب الذي بعد هذا، ذكر حديث أسماء، وأنها قالت إنه رُخص للظُعن من النساء، تسمى (ظعينة) وهي المرأة التي تكون على البعير، تسمى ظعينة، رخص للظعن، رخص للنساء، مفهومه أنه لا يُرخَّص للذكور.

هنا حديث ابن عباس ذكر في الحاشية أنه رواه البيهقي في [السنن الكبرى] من طريق الحسن العرني عن ابن عباس، وهو يكون منقطع؛ لأن الحسن العرني لم يرَ العباس، والمنقطع ضعيف، وعلى هذا ما فيه إشكال، (لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) نفول: لا يصح، منقطع، وعلى هذا فيكون الذكور والإناث من الضعفاء، كلهم يرمون قبل طلوع الشمس، ولأنه إذا كان ضعيفًا فلا فرق بين الرجل والمرأة، إذا كان ضعيفًا ولا يستطيع، فإنه يرمي قبل طلوع الشمس قبل حطمة الناس، وهذا هو الحكمة من الرخصة في أن يدفع في آخر الليل، الرخصة للضعيف أن يدفع حتى يرمي قبل حطمة الناس، سواء كان ذكرًا أو أنثى.

أما حديث ابن عباس: (لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ)، هذا حديثٌ ضعيف، منقطع، لكن قال الشيخ ناصر: له طرٌ أخرى، بعضها صحيح كما بينت في [إرواء الغليل]، له طرقٌ أخرى يصح بها، فإذا صح فيكون المؤلف -رحمه الله- جمع بينهما، فإن حديث ابن عباس محمولٌ على الذكور، وحديث ابن عمر محمولٌ على الإناث مع حديث أسماء، فيكون الضعفاء قسمان، ذكور وإناث، فالذكور لا يرمون قبل طلوع الشمس، والإناث يرمون قبل طلوع الشمس، هذا الجمع الذي ذكره المؤلف كما سيأتي هنا.

لكن هناك جمعٌ آخر أولى منه، وهو أن يقال إن -هذا لو صح الحديث- يُقال: إن النهي محمول على التنزيه، حديث ابن عمر محمول على الجواز للذكور وللإناث، وحديث ابن عباس يكون نهي استحباب، يعني ترك الأولى ألا يرمي الذكر قبل طلوع الشمس، فإن رمى فلا بأس، يكون النهي ليس للتحريم، وإنما للتنزيه، والذي صرفه عن ذلك حديث ابن عباس، وهذا اختيار سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله-.

يُراجع القولين في المسألة، إذا كان فيه كلام للحافظ ابن حجر في هذا، كون الحديث إذا صحت الآثار أو الطرق الأخرى التي ذكرها الشيخ ناصر، هل يتقوى بها حديث ابن عباس فيكون صحيحًا؟

هذا إذا صح يكون على جمعين:

الجمع الأول اختيار ابن خزيمة، وهو أن النهي محمول على الذكور، والجواز على الإناث، كلهم يدفعون آخر الليل، لكن الذكور لا يرمون إلا بعد طلوع الشمس، والإناث يرمون، هذا إذا صح.

والاختيار الثاني أن الجميه لهم أن يرموا كلهم، وهذا له حكمة، لكن النهي يكون للتنزيه، الأولى للذكور ألا يرمون، فإذا رموا لا بأس.

وعندي إشكال في صحة حديث الحسن العرني، إذا لم يصح حديث ابن عباس زال الإشكال، لأن الحكمة من الرخصة إنما هي حتى يرموا قبل حطمة الناس، فكيف نقول لهم: لا ترموا إلا بعد طلوع الشمس! بعد طلوع الشمس سيأتي الأقوياء ويزاحمونهم، كيف نقول إن هذا خلاف الأولى والأفضل! الأولى أن يأخذوا بالرخصة، عندي إشكال في كون الحديث يصح كما قال الشيخ ناصر، الباب الذي في هذا سيبين المؤلف -رحمه الله- أيضًا اختياره في هذا وأنه يختار أن الرخصة للإناث والذكور.

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ اللَّوَاتِي رُخِّصَ لَهُنَّ فِي الْإِفَاضَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ الْفَجْرِ.

شرح الشيخ: الرخصة للنساء فقط، والذكور لا يُرخص لهم، لماذا؟ لحديث ابن عباس: «لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»، «أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»، هذا اختيار المؤلف، صرح المؤلف يبين اختياره، أن الرخصة خاصة بالنساء، (بَابُ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ اللَّوَاتِي رُخِّصَ لَهُنَّ فِي الْإِفَاضَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ الْفَجْرِ)، أما الذكور فلا يرخص لهم لحديث ابن عباس: «لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ».

الجمع الثاني أن نقول: رخص للجميع، ويكون حديث: «أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» النهي محمول على التنزيه، بدليل حديث ابن عمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرخص للجميع.

[00:15:37] لضعفة أهله ذكورًا وإناثًا، فمنهم من يقدم لمنى صلاة الفجر، ومنهم [00:15:43] ذلك، وكانعمر يقول: (أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يعني رخص للجميع في الرمي.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ أَنَّ أَسْمَاءَ، نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ دَارَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ قُمِ انْظُرْ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ، ثُمَّ قَالَتُ: يَا بُنَيَّ انْظُرْ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَتِ: ارْتَحِلْ. فَارْتَحَلْنَا فَرَمَيْنَا الْجَمْرَةَ، ثُمَّ صَلَّتِ الْغَدَاةَ فِي مَنْزِلِهَا

الشيخ: يعني أسماء.

قارئ المتن: قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنَتَاهُ لَقَدْ رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ بِلَيْلٍ! قَالَتْ: كُنَّا نَصْنَعُ هَذَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا حَدِيثُ بُنْدَارٍ.

الشيخ: ماذا قال عليه؟ أخرجه مسلم.

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم".

شرح الشيخ: هذا الحديث فيه أن أسماء لم تدفع من مزدلفة حتى غاب القمر، ثم بعد ذلك رمت الجمرة قبل طلوع الفجر، وصلت الغداة -يعني الفجر- في منزلها في منى، ولما سألها مولاها عبد الله، (يَا هَنَتَاهُ) هذه كلمة عامة، سألها: (لَقَدْ رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ بِلَيْلٍ! قَالَتْ: كُنَّا نَصْنَعُ هَذَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، أن الضعفاء يرمون قبل طلوع الفجر.

قارئ المتن: قَالَ ابْنُ مَعْمَرٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: أَيْ بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَارْتَحِلُوا، قَالَ: ثُمَّ مَضَيْنَا بِهَا حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنَتَاهُ لَقَدْ غَلَّسْنَا؟ قَالَتْ: كَلَّا يَا بُنَيَّ، إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ.

شرح الشيخ: يعني يقول هذا فيه دليل على الدفع إنما يكون بعد غيبوبة القمر، القمر يغيب ليلة العاشر في الساعة الثانية بعد نصف الليل، فارتحلوا، ثم رمت الجمرة أسماء -رضي الله عنها- قبل طلوع الفجر، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها في منى، فقال: (يَا هَنَتَاهُ لَقَدْ غَلَّسْنَا؟)، يعني بكرنا، التغليس يعني رمينا بليل، قالت: (كَلَّا يَا بُنَيَّ، إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ)، جمع ظعينة، والظعينة هي المرأة تكون على البعير، يقال لها "ظعينة"، (أَذِنَ لِلظُّعُنِ) يعني النساء.

المؤلف استدل بالقول هذا (أَذِنَ لِلظُّعُنِ) أن هذه الرخصة في الرمي خاصة بالنساء دون الذكور، وحديث ابن عباس: «أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» هذا النهي للذكور خاصة.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذَا الْخَبَرُ دَالٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَذِنَ فِي الرَّمْيِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلنِّسَاءِ دُونَ الذُّكُورِ، وَعَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ هَذَا قَدْ رَوَى عَنْهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَيْضًا قَدِ ارْتَفَعَ عَنْهُ اسْمُ الْجَهَالَةِ.

شرح الشيخ: المؤلف يقول: هذا الخبر دال على أنه إنما أذن في الرمي قبل طلوع الشمس للنساء دون الذكور، ظهر اختيار المؤلف في هذا، لكن الاختيار هذا فيه إشكال، يعني ما يرفع الحرج عن الذكور، قد يكون ذكر صغير دون التمييز، أو من الضعفاء، أو بعد التمييز لكن من الضعفاء، لا يستطيع أن يزاحم الناس، كيف نقول: لا ترمي إلا بعد طلوع الشمس؟

إذا طلعت الشمس جاء الأقوياء فزاحموا، فالرخصة إنما هي للضعفاء حتى يرموا قبل زحمة الناس، هذا الجمع من المؤلف فيه إشكال.

الجمع الثاني هو أن يقال: إن النهي حمول على التنزيه، وليس التحريم، «لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»، بدليل حديث ابن عمر، قال: (أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، أرخص للجميع، (فَمِنْهُمْ مِمَّنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوَا الْجَمْرَةَ)، فالذي يقدم لصلاة الفجر أو قبل ذلك أو بعد ذلك، كلهم يرمون، ويقول ابن عمر إن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص للجميع، للذكور والإناث، يُراجع الآن في هذا الجمع بينهما، هذا لو صح حديث ابن عباس.

الحديث ضعيف، لكن لو صح، الشيخ ناصر يقول يصح، له طرق، وبينها في [إرواء الغليل]، هذا يُراجع، نرى كلام الحافظ ابن حجر أولًا في صحة حديث ابن عباس، ثم في الجمع بينهما، الجمع الثاني يختار شيخنا -رحمه الله- أنه هذا أولى، أنه يرخص للجميع في الرمي، والنهي في حديث ابن عباس محمول على التنزيه، هذا إذا صح الحديث، وإذا لم يصح الحديث زال الإشكال، يكون الجميع الذكور والإناث كلهم يرمون قبل طلوع الشمس، وليس فيه إشكال من ذلك، كراهة.

سؤال: [00:22:14]

الشيخ: يقول تذهب معه وهو لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس، يذهب مرةً أخرى.

سؤال: [00:22:20]

الشيخ: إي نعم، ترمي، وهو يرمي بعد ذلك.

سؤال: لا يوجد توكيل لرمي الجمرات؟ يعني شخص أقوى منك إذا أنت ضعيف؟

الشيخ: العاجز يوكل، الذي لا يستطيع له أن يوكل.

قارئ المتن: بَابُ قَطْعِ التَّلْبِيَةِ إِذَا رَمَى الْحَاجُّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُرَيْبٌ، فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَنَّ الْفَضْلَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ.

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال في تخريجه: "صحيح، أخرجه الشافعي في مسنده، والحميدي والبخاري ومسلم".

الشيخ: الحديث صحيح، النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، يعني التلبية مستمرة للحاج حتى يرمي، فإذا رمى قطع التلبية، وبعد ذلك يبدأ التكبير؛ ولهذا يقول العلماء: التكبير مقيد بالنسبة للحاج، يبدأ من ظهر يوم العيد، يوم النحر، وأما الفجر فإنه لا زال يلبي، وأما غير الحاج فإنه يبدأ التكبير في حقه من فجر يوم عرفة، خمسة أيام: يوم عرفة، ويوم العيد، وثلاثة أيام التشريق، يكبر بعد الفجر، أما الحاج فإنه يوم عرفة يلبي، وفجر العيد -فجر النحر- يلبي، فإذا رمى الجمرة بعد طلوع الشمس قطع التلبية وبدأ يكبر، شارك.

فيكون التكبير مقيد خمسة أيام بعد الصلوات لغير الحاج، يوم عرفة، ويوم العيد، وأيام التشريق، وأما الحاج فإنه يبدأ التكبير من ظهر يوم العيد، (النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ)، جمرة العقبة.

الترجمة قال: (بَابُ قَطْعِ التَّلْبِيَةِ إِذَا رَمَى الْحَاجُّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ)، يقطع التلبية ويبدأ بالتكبير، والحديث واضح في هذا.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَّجْتُ طُرُقَ أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ فِي كِتَابِي الْكَبِيرِ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي رَمْيَ الْجَمْرَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ إِذْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ «حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ وَحَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» ظَاهِرُهَا حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِتَمَامِهَا إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ مِنْ جِنْسِ الْعَرَبِيَّةِ إِذَا رَمَى الرَّامِي حَصَاةً وَاحِدَةً أَنْ يُقَالَ: رَمَى الْجَمْرَةَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ رَمَى الْجَمْرَةَ إِذَا رَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ.

شرح الشيخ: يعني مقصود المؤلف -رحمه الله- بقوله: (لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ) حتى رمى السبع جمار، السبع حصيات، وليس المراد بعضها، إذا رمى حصاة أو حصاتين ما يقال رمى الجمرة، رمى بعض الجمرة، هذا معناه، هذه اللفظة دالة على [00:25:50]، قال: (ظَاهِرُهَا حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِتَمَامِهَا إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ مِنْ جِنْسِ الْعَرَبِيَّةِ إِذَا رَمَى الرَّامِي حَصَاةً وَاحِدَةً أَنْ يُقَالَ: رَمَى الْجَمْرَةَ)، أو اثنتين يقال: رمى، (وَإِنَّمَا يُقَالُ رَمَى الْجَمْرَةَ إِذَا رَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ)، هذا تنبيه المؤلف، (حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) يقول: حتى رمى السبع، أما إذا رمى بعضها فلا يقال إنه رمى.

قارئ المتن: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ. حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَمَقْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: "حديثٌ صحيح، شريك سيئ الحفظ، لكن الحديث صح من غير طريقه، أخرجه البيهقي من طريق المصنف، وأخرجه أحمد والطحاوي في شرح المعاني".

الشيخ: هنا الشيخ ناصر قال: "بعضهم قال إسناده صحيح لغيره، رواه النسائي، وفي [السنن الكبرى] للبيهقي، من طريق ابن خزيمة".

وعلى هذا يكون هذا يعارض كلام المؤلف، قال: (رَمَقْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ).

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّهُ يَخْطِرُ بِبَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ فِيَ هَذَا الْخَبَرِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ يَرْمِيهَا مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَهَذَا عِنْدِي مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ يَكُونُ إِلَى وَقْتٍ مُؤَقَّتٍ فِي الْخَبَرِ، وَالزَّجْرُ يَكُونُ إِلَى وَقْتٍ مُؤَقَّتٍ فِي الْخَبَرِ، وَلَا يَكُونُ فِي ذِكْرِ الْوَقْتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ سَاقِطٌ، وَلَا أَنَّ الزَّجْرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ سَاقِطٌ، كَزَجْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ، فَالصَّلَاةُ جَائِزَةٌ عِنْدَ طُلُوعِهَا إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ زَجَرَ أَنْ يُتَحَرَّى بِالصَّلَاةِ طُلُوعُ الشَّمْسِ وَغُرُوبُهَا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَزَجَرَ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَالَ: «وَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَفَارَقَهَا»،

شرح الشيخ: (فَفَارَقَهَا) يعني الشيطان، تطلع بين قرنيه، فإذا طلعت فارقها.

قارئ المتن: فَدَلَّهُمْ بِهَذِهِ الْمُخَاطَبَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ طُلُوعِهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَقَدْ أَمْلَيْتُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسَائِلَ كَثِيرَةً فِي الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ الْحَدِيثُ الْمُصَرِّحُ الَّذِي حَدَّثْنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ الشَّيْبَانِيُّ، قال ...

شرح الشيخ: المؤلف يقول: إن حديث ابن مسعود: (رَمَقْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ)، يقول: قد يخطر ببال بعض العلماء أن هذا الحديث يدل على أنه يقطع التلبية عند أول حصاة، يقول: وهذا غير صحيح؛ لأن الزجر إنما يكون إلى وقت مؤقتٍ في الخبر، قوله: (حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ) ليس معناه أنه بعد ذلك يقطع التلبية، وإنما معناه أنه بأول حصاة يعني بدأ الآن في التحلل، ولكن لا بد أن يكمل السبع.

هذا معنى قوله: (وَلَعَلَّهُ يَخْطِرُ بِبَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ فِيَ هَذَا الْخَبَرِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ يَرْمِيهَا)، يقول: لا، لا يدل على هذا، قال: (وَهَذَا عِنْدِي مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ يَكُونُ إِلَى وَقْتٍ مُؤَقَّتٍ فِي الْخَبَرِ، وَالزَّجْرُ يَكُونُ إِلَى وَقْتٍ مُؤَقَّتٍ فِي الْخَبَرِ، وَلَا يَكُونُ فِي ذِكْرِ الْوَقْتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ سَاقِطٌ)، لا يدل على أنه يجوز التلبية قبل الحصاة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، لا يدل على هذا.

لكن هذا توقيت مؤقت، قال: "حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة" يعني بدأ الآن في التحلل، لكن لا بد من إكمال السبع، فلا تنقطع التلبية، ولا يبدأ التكبير حتى يكمل السبع.

ومثله يقول: (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ زَجَرَ أَنْ يُتَحَرَّى بِالصَّلَاةِ طُلُوعُ الشَّمْسِ)، ليس معنى ذلك أنه إذا طلعت الشمس قام يصلي، لا، فليصبر حتى ترتفع الشمس قدر رمح، قال: (وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ الْحَدِيثُ) ...

قارئ المتن: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ الْحَدِيثُ الْمُصَرِّحُ الَّذِي حَدَّثْنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ الشَّيْبَانِيُّ، قال:

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ قَالَ: «أَفَضْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَرَفَاتٍ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ».

شرح الشيخ: الدليل يقول هذا الحديث، حديث الفضل بن عباس: (أَفَضْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَرَفَاتٍ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ)، فقوله في حديث ابن عباس: (حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ) لا يدل على أنه يقطعها قبل أن يكمل السبع، بدليل حديث الفضل، قال: (حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ).

إذن ما معنى قوله: (حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ

يعني أنه شرع في التحلل، لكن لا بد أن يكمل السبع، قال: لأن الأمر إذا كانت مؤقت في الخبر، والزجر إذا كان مؤقت في الخبر، فإنه لا يدل على أن الأمر يسقط بعد ذلك الوقت، ولا أن الزجر يسقط، إذا نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة قبل طلوع الشمس ليس معناه أنه يجوز الصلاة بعد طلوع الشمس، بل لا بد من الانتظار حتى ترتفع الشمس.

علق المؤلف، قال أبو بكر ...

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذَا الْخَبَرُ يُصَرِّحُ أَنَّهُ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ لَا مَعَ أَوَّلِهَا،

شرح الشيخ: واضح هذا؟

ثم (قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ)، قال أبو بكر: (فَهَذَا الْخَبَرُ يُصَرِّحُ أَنَّهُ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ لَا مَعَ أَوَّلِهَا)، فإذا أشكل هذا على بعض طلبة العلم؟ أكمل.

قارئ المتن: فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بَعْضُ طَلِبَةِ الْعِلْمِ هَذَا الْجِنْسَ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْوَقْتِ، فَأَكْثَرُ مَا فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ أَمْرَاسٌ لَوْ قَالَ:

مداخلة: قال في نسخة: (هَذَيْنِ الْخَبَرُ مِنْ أَسَاسٍ)؛ هو أثبت هنا أمراس.

مداخلة: في طبعة التأصيل قال: "(فَأَكْثَرُ مَا فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَوْ قَالَ لَمْ يُلَبِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ رَمَاهَا)، قال: مسعود ليس في الأصل، والمثبت لا بد منه لاستقامة السياق، ويدل عليه الحديث السابق".

الشيخ: (فَأَكْثَرُ مَا فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ)، عندي (فَأَكْثَرُ مَا هَذَيْنِ الْخَبَرُ مِنْ أَسَاسٍ) لا تستقيم.

مداخلة: عندنا أساس بدون من.

الشيخ: (فَأَكْثَرُ مَا هَذَيْنِ الْخَبَرُ مِنْ أَسَاسٍ لَوْ قَالَ)، كذلك لا تستقيم، (فَأَكْثَرُ مَا فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ)، لا يستقيم إلا بهذا، من أساس، أمراس، لا تستقيم، لا معنى لها.

قارئ المتن: فَأَكْثَرُ مَا فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَوْ قَالَ لَمْ يُلَبِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ رَمَاهَا، وَقَالَ الْفَضْلُ: لَبَّى بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى رَمَى الْحَصَاةَ السَّابِعَةَ، فَكُلُّ مَنْ يَفْهَمُ الْعِلْمَ، وَيُحْسِنُ الْفِقْهَ، وَلَا يُكَابِرُ عَقَلَهُ، وَلَا يُعَانِدُ عَلِمَ أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ مَنْ يُخْبِرُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ أَوْ بِسَمَاعِهِ لَا مِمَّنْ يَدْفَعُ الشَّيْءَ، وَيُنْكِرُهُ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِنَا.

شرح الشيخ: يقول المؤلف: (فَأَكْثَرُ مَا فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَوْ قَالَ: لَمْ يُلَبِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ رَمَاهَا، وَقَالَ الْفَضْلُ: لَبَّى بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى رَمَى الْحَصَاةَ السَّابِعَةَ)، كذا عندك؟ وقال الفضل بن العباس: لبى؟

مداخلة: قال: (وَقَالَ الْفَضْلُ: لَبَّى بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى رَمَى الْحَصَاةَ السَّابِعَةَ).

الشيخ: عندك كذا في نسخة التأصيل؟ (الْفَضْلُ: لَبَّى بَعْدَ ذَلِكَ) لعلها حين بدل حتى: "حين رمى الحصاة السابعة"، هذا تصحيف.

مداخلة: لعله يقصد أنه لم يقطع التلبية بعد رمي الحصاة.

الشيخ: إي نعم، لعله أنه قال حين يرمي بدل من حتى، لعلها: (الْفَضْلُ: لَبَّى بَعْدَ ذَلِكَ حِينَ رَمَى الْحَصَاةَ السَّابِعَةَ)، يعني بعد ما رمى الحصاة بدأ.

قارئ المتن: وَقَالَ الْفَضْلُ: لَبَّى بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى رَمَى الْحَصَاةَ السَّابِعَةَ

هنا لا يوجد أي إشكال، لبى مع التكبير، (وَقَالَ الْفَضْلُ: لَبَّى بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى رَمَى الْحَصَاةَ السَّابِعَةَ) يعني لبى حتى بعد رمي الجمرة الأولى، فقال ابن مسعود: "لم يلبي بعد أول حصاة رماها"، وقال الفضل: "لبى حتى رمى السابعة"، دل على أن المراد أن التلبية تستمر حتى ينتهي من الجمرات السبع، بعد ذلك يبدأ التكبير.

قارئ المتن: فَكُلُّ مَنْ يَفْهَمُ الْعِلْمَ، وَيُحْسِنُ الْفِقْهَ، وَلَا يُكَابِرُ عَقَلَهُ، وَلَا يُعَانِدُ عَلِمَ أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ مَنْ يُخْبِرُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ أَوْ بِسَمَاعِهِ لَا مِمَّنْ يَدْفَعُ الشَّيْءَ، وَيُنْكِرُهُ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِنَا.

شرح الشيخ: هكذا عندكم؟ (وَلَا يُعَانِدُ عَلِمَ أَنَّ الْخَبَرَ) ...

مداخلة: عندي فقط بدل (هو من يخبر) هو ممن يخبر، قال: "في الأصل من، والمثبت هو الذي يقتضيه".

الشيخ: (فَكُلُّ مَنْ يَفْهَمُ الْعِلْمَ، وَيُحْسِنُ الْفِقْهَ، وَلَا يُكَابِرُ عَقَلَهُ، وَلَا يُعَانِدُ عَلِمَ أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ مِمَنْ يُخْبِرُ

مداخلة: (هُوَ مَنْ يُخْبِرُ) مباشرة.

الشيخ: لا، النسخة الثانية (ممن)، (وَلَا يُكَابِرُ عَقَلَهُ، وَلَا يُعَانِدُ عَلِمَ أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ مِمَنْ يُخْبِرُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ أَوْ بِسَمَاعِهِ لَا مِمَّنْ يَدْفَعُ الشَّيْءَ، وَيُنْكِرُهُ)، على كل حال، المسألة واضحة، قصد المؤلف أنه إذا بدأ في رمي جمرة العقبة لا يقطع التلبية حتى ينتهي من السبع، والكلام كله يدور على هذا، وقال: في حديث ابن مسعود من رمى بأول حصاة لا يدل على أنه يبدأ التكبير حتى يكون السبع، بدليل الحديث الثاني، حديث الفضل، والأمر في هذا سهل، المؤلف -رحمه الله- صار يبدأ ويعيد في هذا، والمعنى أنه إذا رمى جمرة العقبة بدأ التكبير وقطع التلبية، ولكن لا بد أن يكمل السبع، هذا هو.

س: كلام ابن خزيمة هذا هل محصله أن المثبت مقدم على النفي؟

الشيخ: لا، يبين، رمى جمرة العقبة بأول حصاة، وفي حديث الفضل قطع التلبية مع آخر حصاة، وضَّح الإبهام في قوله: (حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ)، المراد بالأول يعني وما يتبعها من الحصيات السبع، حتى يصدق عليه أنه رمى الجمرة.

س: هل يتسع وقت التلبية أثناء الرمي؟

الشيخ: يمكن، بين الحصاتين، لكن هل يُشرع؟ المشروع التكبير بعد الرمي، يعني قصده أنه لا بد أن تنتهي حتى يبدأ التكبير، هو لا يزال يكبر، لكن التكبير لا يزال يكبر في أثناء الرمي، يكبر مع كل حصاة، لكن يكبر: (الله أكبر، الله أكبر)، أما التكبير المقيد: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد) هذا يكون بعد أن ينتهي، والأمر في هذا سهل، المؤلف -رحمه الله- أطال في هذا، كتب صفحة في هذا والمسألة سهلة.

س: [00:43:04]

الشيخ: لا، ما فيه أصل، الآن لما رمى الجمرة شرع في التحلل، ولكن ما يصدق عليه أنه تحلل حتى يكمل السبع، فلا يبدأ التكبير المقيد في حقه حتى ينتهي من آخر حصاة، هو لا يزال قبل أن ينتهي في حكم الملبي، حتى ولو لم يلبِّ، يصير في حكم الملبي، والأمر في هذا واسع، والمؤلف أطال في هذا -رحمه الله-.

يُراجع الجمع بين الحديثين، حديث الحسن العرني هذا في صحته، وكذلك الجمع بينها، الجمع الذي ذكره ابن خزيمة، أو ذكره الحافظ أو غيره.

عندك الآن؟ ماذا بعده؟

قارئ المتن: بَابُ تَرْكِ الْوُقُوفِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ...

بركة، قف على هذا.

مداخلة: قال الحافظ بن حجر في الفتح في شرح حديث أسماء: "واستدل بهذا الحديث على جواز الرمي قبل طلوع الشمس عند من خص التعجيل بالضعفة، وعند من لم يخصص"

الشيخ: عند من لم يخصص التعجيل بالضعفة، يعني من يقول إنه يخصص الضعفة، وعند من لم يخصص (الجمهور)، الجمهور يقولون: التعجيل ما فيه مانع إذا غاب القمر كل الحجاج يتعجلون، ما فيه تخصيص، ومن خصص قال: الرخصة إنما جاءت للضعفة، أعد.

مداخلة: "واستدل بهذا الحديث على جواز الرمي قبل طلوع الشمس عند من خص التعجيل بالضعفة، وعند من لم يخصص".

الشيخ: كلهم يجوز لهم يرمون قبل طلوع الشمس.

مداخلة: "وخالف في ذلك الحنفية فقالوا لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، فإن رمى قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر جاز، وإن رماها قبل الفجر أعادها، وبهذا قال أحمد وإسحاق والجمهور، وزاد إسحاق: ولا يرميها قبل طلوع الشمس؛ وبه قال النخعي ومجاهد والثوري وأبو ثور، ورأى جواز ذلك قبل طلوع الفجر عطاء وطاوس والشعبي والشافعي، واحتج الجمهور بحديث بن عمر الماضي قبل هذا".

الشيخ: حديث ابن عمر أنه قدم ضعفاء أهله، فيقدمون، منهم من يقدم قبل الفجر، ومنهم بعد الفجر، وقال: "أرخص في أولئك".

مداخلة: "واحتج الجمهور بحديث بن عمر الماضي قبل هذا، واحتج إسحاق بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لغلمان بني عبد المطلب: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس»، وهو حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وابن حبان من طريق الحسن العرني، وهو بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون عن ابن عباس، وأخرجه الترمذي والطحاوي من طرق عن الحكم عن مقسم عنه، وأخرجه أبو داود من طريق حبيب عن عطاء، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضا، ومن ثم صححه الترمذي وبن حبان، وإذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس، فمن لم يرخص له أولى".

الشيخ: إذا كان الضعفاء رخص له أن يدفع من مزدلفة، ولم يرخص له في الرمي، فالذي لم يرخص له من باب أولى لا يرمي قبل طلوع الشمس.

مداخلة: "واحتج الشافعي بحديث أسماء هذا، ويجمع بينه وبين حديث بن عباس بحمل الأمر في حديث بن عباس على الندب".

الشيخ: (على الندب)، وهذا هو اختيار الشيخ -رحمه الله-، وهو الأولى، يعني: لا ترموا قبل طلوع الشمس على الاستحباب، الأفضل، لكن إذا رميتم فلا بأس، وهذا أولى من الجمع الذي ذكره ابن خزيمة -رحمه الله-، الذي ذكره ابن خزيمة هذا مشكل، فيه إشكال، يعني يقول: "الإناث ترمي، والذكور لا يرمون"، كلهم ضعفاء، إذا كان طفلة لها سبع سنوات ترمي، وإذا كان طفل له سبع سنوات لا يرمي، الأولى أن النفي هذا يكون على الاستحباب، هذا لو صح، والحافظ يقول: "صحَّ"، الشيخ ناصر كذلك يقول: "صحَّ، منقطع، لكن له طرق أخرى، فيحمل على الاستحباب"، يحمل على الندب، الأفضل ألا يرمي، فإن رمى فلا بأس، هذا أولى من  الجمع الذي جمعه ابن خزيمة بين الذكور، النفي يحمل على الذكور، والجواز يحمل على الإناث؛ نقول: لا، النهي للجميع، لكن للاستحباب، الأفضل يكون للاستحباب، أو يكون للذكور، بالنسبة للذكور يكون للاستحباب فقط.

مداخلة: "ويجمع بينه وبين حديث بن عباس بحمل الأمر في حديث بن عباس على الندب، ويؤيده ما أخرجه الطحاوي من طريق شعبة مولى بن عباس عنه قال: ...".

الشيخ: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» هذا على الاستحباب، وليس للمنع؛ ويؤيده ماذا؟

مداخلة: "ويؤيده ما أخرجه الطحاوي من طريق شعبة مولى بن عباس عنه قال: بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أهله وأمرني أن أرمي مع الفجر؛ وقال ابن المنذر: السنة ألا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر لأن فاعله مخالف للسنة، ومن رمى حينئذٍ فلا إعادة عليه، إذ لا أعلم أحدا قال لا يجزئه"، انتهى.

الشيخ: الحنفية يقولون: إذا رمى قبل طلوع الشمس لا يجئ، إما أن يعيد، وإن لم يُعِد فعليه دم.

والصواب الجواز، الجمهور يجيزون هذا.

وعلى هذا يكون الجمع الذي ذهب إليه ابن خزيمة -رحمه الله- ليس بوجيه، إنما الوجيه أن يقال: النهي محمول على الاستحباب مثلما ذكر [00:51:12] -رحمه الله-، كما ذكر الحافظ، لأن هنا منع الذكور ولو كانوا صغارًا حتى طلوع الشمس، معناه يشاركون الأقوى ويزاحمونهم، وهذا فيه مشقة عليهم.

سؤال: [00:51:27]

الشيخ: كالسبت الماضي إن شاء الله.

وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد