شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_22

00:00
00:00
تحميل
5

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:

قارئ المتن: بَابُ تَرْكِ الْوُقُوفِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَعْدَ رَمْيِهَا يَوْمَ النَّحْرِ

قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي سُرَيْجٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ مُجَمِّعٍ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ أَهَلَّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ: فَيَأْتِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَلَا يَقِفُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: "سبق تخريجه"، وهناك قال: "صحيح، أخرجه الشافعي وأبو نعيم والبيهقي".

شرح الشيخ: هنا الشيخ ناصر يقول: "إسناده ضعيف، لكن أصله في صحيح البخاري من طريق ابن الزهري عن سالم، يعني معنى الحديث صحيح، لكن بهذا اللفظ، والشاهد من قوله: (فَيَأْتِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَلَا يَقِفُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ).

قوله: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ) هو ميقات أهل المدينة، قوله المسجد يعني المكان الذي صلى فيه وسجد، وليس هناك مسجد مبني في ذلك الوقت، وإنما المراد مكان السجود، كل مكان يصلى فيه يسمى مسجد، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «جُعلت الأرض لي مسجدًا وطهورًا»، ما بني المسجد إلا متأخر، وإلا كانت المواقيت ما فيها مساجد.

والشاهد قوله: (فَيَأْتِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَلَا يَقِفُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ)، في يوم العيد ليس هناك وقوف عند جمرة العقبة ولا دعاء، لكن في أيام التشريق يكون وقوف عند الجمرة الأولى والجمرة الثانية ودعاء، دون جمرة العقبة أيضًا ليس عندها وقوف ولا دعاء حتى في أيام التشريق.

 

 

قارئ المتن: بَابُ الرُّجُوعِ مِنَ الْجَمْرَةِ إِلَى مِنًى بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ لِلنَّحْرِ وَالذَّبْحِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي الرَّبِيعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ،

الشيخ: عن عبد الله أم عبيد الله؟

مداخلة: عندي (عبيد الله).

الشيخ: تكلم عليه؟ نسخة الأعظمي (عبد الله).

مداخلة: ما تكلم عليه، طبعة الفحل وطبعة التأصيل كلاهما (عبيد الله).

قارئ المتن: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي مداخلة قَالَ: ثُمَّ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى الْمَنْحَرَ، فَقَالَ: «هَذَا الْمَنْحَرُ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرُ».

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: "سبق تخريجه".

شرح الشيخ: الشيخ ناصر قال: "قلت: إسناده حسن".

والشاهد قوله: (ثُمَّ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى الْمَنْحَرَ، فَقَالَ: «هَذَا الْمَنْحَرُ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرُ»)، يعني أنه نحر مكان قريب من مسجد الخير، مكان النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قريب، والمنحر نحر هناك، وقال: «نحرت هاهنا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرُ»، في الحديث الآخر: «وفجاج مكة كلها طريق ومنحر»، يعني أنه ليس ناك مكان مخصص، داخل حدود الحرم كله منحر، الأفضل يكون في منى، وإذا نحر في مكة أو في مزدلفة فلا بأس، كلها مكان للمنحر.

لكن الآن خُصص أمكنة للنحر، لما كثر الناس خُصص أمكنة -مجازر- للنحر محددة، أما النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه نحر قريبًا من مكانه الذي هو نازلٌ فيه، وهو قريب من مسجد الخيف، قريب من مكان مسجد الخيف الآن، ونحر، وأعلن للناس -صلى الله عليه وسلم-، قال: «نحرت هاهنا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرُ»، وفي الرواية الأخرى: «وفجاج مكة كلها طريق ومنحر»، حتى لا يشق على الناس، ويقصدون المكان الذي نحر فيه -عليه الصلاة والسلام-.

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي النَّحْرِ وَالذَّبْحِ أَيْنَ شَاءَ الْمَرْءُ مِنْ مِنًى

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى قَالَ: «وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ».

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: "سبق تخريجه".

شرح الشيخ: قال: "رواه الإمام مسلم في الحج مطولًا من طريق جعفر".

والشاهد قوله: «وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ»، هذا هو الشاهد، بل اللفظ الآخر أعم، في الآخر: «وفجاج مكة كلها طريق ومنحر»، فجاج مكة تشمل الحرم كله، سواء نحر في منى أو مزدلفة أو في مكة، المهم يكون داخل حدود الحرم، لا بأس، أو في مجزرة في مكة أيضًا كذلك، الأمر واسع، الحمد لله.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ «وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالنَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَبَاحَ الذَّبْحَ أَيْضًا أَيْنَ شَاءَ الذَّابِحُ مِنْ مِنًى،

شرح الشيخ: (أَيْنَ شَاءَ الذَّابِحُ مِنْ مِنًى) يعني يذبح الذابح أين شاء من منى.

قارئ المتن: وَلَوْ كَانَ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِنَا فِي الْحُكْمِ بِالنَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ، وَكَانَ عَلَى مَا زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ خَالَفَ الْمُطَّلِبِيَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَزَعَمَ أَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ أَنَّهُ إِذَا خَصَّ فِي إِبَاحَةِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَانَ الدَّلِيلُ الَّذِي لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ مَحْظُورٌ، كَانَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّهَا لَيْسَ بِمَذْبَحٍ، وَاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ مِنًى مَذْبَحٌ كَمَا خَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مَنْحَرٌ دَالٌ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِنَا، وَبُطْلَانِ مَذْهَبِ مُخَالِفِينَا إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَتَّفِقَ الْجَمِيعُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِ دَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ.

شرح الشيخ: (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) المؤلف يعني، يقول: (هَذِهِ اللَّفْظَةُ «وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ»)، هذا فيه دليل على أن الحكم بالنظير والشبيه واجب، يعني المكان الذي ذبح فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- جزء من منى، وبقية منى شبيه به، شبيه بالمكان الذي ذبح فيه؛ لأن جزء الشيء يشبه الشيء، هذا معنى قوله: (أَنَّ الْحُكْمَ بِالنَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ وَاجِبٌ)، عندنا في النسخة هذه: (بالنظر)، تُعدل: (بالنظير).

هذا مقصود المؤلف -رحمه الله-، والأمر واضح، المؤلف -رحمه الله- أحيانًا يتكلف ويطيل في الشيء الواضح، ما فيه إشكال، يقول: (هَذِهِ اللَّفْظَةُ «وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالنَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ وَاجِبٌ)، يعني يقول: إذا ذبح النبي -صلى الله عليه وسلم- في جزء من منى، فبقية الأجزاء تشبه الجزء الذي ذبح فيه، و(الْحُكْمَ بِالنَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ وَاجِبٌ).

يقول: (لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَبَاحَ الذَّبْحَ أَيْضًا أَيْنَ شَاءَ الذَّابِحُ مِنْ مِنًى)، أما من يقول لا يُحكم بالنظير والشبيه يقول إنه يخالف في هذا، هو يقول: لا يجوز الذبح إلا في المكان الذي ذبح فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول: هذا مخالف لقول عامة العلماء، ولهذا قال: (وَلَوْ كَانَ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِنَا فِي الْحُكْمِ بِالنَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ، وَكَانَ عَلَى مَا زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ خَالَفَ الْمُطَّلِبِيَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ)، المطلبي هو العالم الشافعي، الشافعي مطلب، والمؤلف شافعي، ابن خزيمة شافعي على مذهب الإمام الشافعي.

قال: (وَلَوْ كَانَ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِنَا فِي الْحُكْمِ بِالنَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ، وَكَانَ عَلَى مَا زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ خَالَفَ الْمُطَّلِبِيَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ)، يعني كأن بعض أصحاب الشافعي، بعض الشافعية خالف في هذا، وقال: إنه لا يُحكم بالنظير والشبيه.

فلو كان على خلاف من خالف يقول: (وَزَعَمَ أَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ أَنَّهُ إِذَا خَصَّ فِي إِبَاحَةِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَانَ الدَّلِيلُ الَّذِي لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ مَحْظُورٌ) يعني من خالف يلزمه أنه لا يجوز ذبح في غير المكان الذي ذبح فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال: (كَانَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّهَا لَيْسَ بِمَذْبَحٍ، وَاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ مِنًى مَذْبَحٌ كَمَا خَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مَنْحَرٌ دَالٌ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِنَا، وَبُطْلَانِ مَذْهَبِ مُخَالِفِينَا إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَتَّفِقَ الْجَمِيعُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِ دَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ).

الأمر في هذا واضح، كأن المؤلف يريد الرد على من خالف في هذه القاعدة، وهو الحكم بالنظير والشبيه، قال إنه خالف في هذا بعض الشافعية.

قارئ المتن: بَابُ النَّهْيِ عَنِ احْتِظَارِ الْمَنَازِلِ بِمِنًى إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ، فَإِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مُسَيْكَةَ بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ، وَلَسْتُ أَحْفَظُ لَهَا رَاوِيًا إِلَّا ابْنَهَا

الشيخ: ابنتها؟

مداخلة: عندي (ابنها).

الشيخ: من الراوي عنها؟ هو ابنها، يوسف ابن ماهك، كان ابنها، (راوي) ابن، النسخة عندي ابنتها.

مداخلة: عند الأعظمي الطبعة الثالثة معدلة (ابنها).

الشيخ: (إِلَّا ابْنَهَا) يوسف يعني، يوسف بن ماهك.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ أُمِّهِ مُسَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ -تَعْنِي رَجُلًا-: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلَا نَبْنِي بِمِنًى بِنَاءً فَيُظِلُّكَ؟ قَالَ: «لَا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ».

الشيخ: ماذا قال عليه في التخريج؟

مداخلة: قال: "إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن المهاجر، ولجهالة مسيكة المكية، أخرجه أحمد والدارمي وأبو داود ابن ماجه".

الشيخ: الشيخ يقول: "إسناده ضعيف، مسيكة مجهولة"، فيه أيضًا إبراهيم المهاجر، هو ضعيف.

ومعنى (احْتِظَارِ الْمَنَازِلِ) يعني احتجاز، احتجاز الأمكنة، كل إنسان يحتجز أمكنة في منى، (أَلَا نَبْنِي بِمِنًى بِنَاءً فَيُظِلُّكَ؟ قَالَ: «لَا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ»).

الحديث ضعيف لجهالة مسيكة، وضعف إبراهيم بن المهاجر، لكن المعنى صحيح، أن منى تكون لمن سبق، والآن الحكومة نظمتها، لما كثر الحجاج نظمت تنظيم دقيق ومرتب حتى يسع جميع الحجاج، وكانت الأول هناك في منى مباني، فأزالتها الحكومة على عهد الملك سعود شُكلت لجنة وأزالت البنايات، ذكر هذا الشيخ عبد الرحمن بن جاسر في منسكه، وكان هو من اللجنة، وأحد القضاة، وله منسك معروف، أحد القضاة وهذه اللجنة التي شكلت في ومن الملك سعود لإزالة المباني، لأن منى مشعر ومنسك، كان في الأول يوجد مباني ومدارس وعمائر، كلها أزيلت.

وقوله: (مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ) يعني هذا معناه صحيح، ليس الإنسان يأخذ شيئًا وهو لا يحتاجه، إنما الإنسان ... مناسك الحجاج المحتاجين، ولهذا الحكومة نظمت ورتبت المخيمات.

قوله: (احْتِظَارِ الْمَنَازِلِ) يعني احتجاز النازل في منى.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ ذَبْحِ الْإِنْسَانِ وَنَحْرِ نَسِيكِهِ بِيَدِهِ، مَعَ إِبَاحَةِ دَفْعِ نَسِيكِهِ إِلَى غَيْرِهِ لِيَذْبَحَهَا أَوْ يَنْحَرَهَا

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي مداخلة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِيَدِهِ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ يَعْنِي بَدَنَةَ، فَأَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَنَحَرَ عَلِيٌّ مَا بَقِيَ.

الشيخ: تخريجه: رواه الإمام مسلم في حديث جابر الطويل المعروف.

وفيه استحباب ذبح الإنسان هديه بيده إن تيسر، إن تيسر فهو الأفضل، يباشره بيده، وكذلك الأضحية، وإن وكَّل غيره فلا بأس، إذا تيسر له أن يذبح بنفسه يكون أفضل، أو يوكل ويحضر ويشهدها، يكون حاضرًا، فله أن يذبح بنفسه، وله أن يوكل ويحضر، وله أن يوكل ولو لم يكن حاضرًا.

ولهذا بوب له، قال: (بَابُ اسْتِحْبَابِ ذَبْحِ الْإِنْسَانِ وَنَحْرِ نَسِيكِهِ بِيَدِهِ)، نسيكه: الهدي؛ ومثله الأضحية، بيده.

ذكر حديث جابر، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحر بيده ثلاثة وستين بدنة، لأنه ساق معه من المدينة مع البُدن التي جاء بها علي من اليمن مائة بعير، مائة ناقة، فلما رمى جمرة العقبة -عليه الصلاة والسلام- نحر بيده الشريفة ثلاثًا وستين، كلها في يوم العيد، وكلها قائمة معقولة يدها اليسرى، قائمة على ثلاث، فيطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر حتى تسقط، ثم يجهز عليها، والثاني والثالثة والرابعة، حتى عد ثلاثًا وستين، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطي قوة، من يستطيع؟ الواحد منا إذا ذبح خروفًا تعب، لكن ثلاثة وستين بعير على عدد سني عمره، ثلاثة وستين وعمره ثلاثة وستين.

(فَأَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ)، يعني: ما بقي، وهي سبعة وثلاثين بقية المائة، نحرها علي -رضي الله عنه-، ثم أمر -عليه الصلاة والسلام- بأن يؤخذ له من كل بدنة بقطعة من الحم، وجُعلت في قدرٍ وطُبخت، ثم شرب من مرقها، وأكل شيئًا من لحمها -عليه الصلاة والسلام-، فكأنه أكل منها جميعها، وأمر بجلالها وجلودها ولحومها فوزعت على الفقراء والمساكين ولم يبقَ شيء، -عليه الصلاة والسلام-.

قارئ المتن: بَابُ نَحْرِ الْبُدْنِ قِيَامًا مَعْقُولَةً ضِدَّ قَوْلِ مَذْهَبِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَجَهِلَ السُّنَّةَ وَسَمَّى السُّنَّةَ بِدْعَةً بِجَهْلِهِ بِالسُّنَّةِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا يُونُسُ، ح وحَدَّثَنَا الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، ح وحَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، ح وحَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنِي زِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ بِمِنًى لِيَنْحَرَهَا، فَقَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

هَذَا حَدِيثُ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي، وأخرجه البخاري ومسلم".

الشيخ: والحديث صحيح.

وفيه أن ابن عمر رأى رجلًا قد أناخ بدنة لينحرها، يعني برَّكها لينحرها، فأنكر عليه ابن عمر، قال: (ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، السنة أنك تنحرها وهي قائمة، ليست باركة، الغنم والبقر نعم، تُنحر باركة على جنبها الأيسر، أما الإبل فإنها تُنحر وهي قائمة معقولة اليسرى، لما رآه أناخها لينحرها وهي على الأرض، قال: لا، (ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، هذا هو السنة.

سؤال: [00:20:45]

الشيخ: العين، عين من؟

سؤال: [00:20:53]

الشيخ: لا، لكن ذكر العلماء أنها مثلًا في الأضاحي أنه لا ينحرها أمام أختها، تكون في مكان، أما تغطية العين لا، لكن جاء في بعض الأحاديث أنها تتابعت، أنها رأت [00:21:11] تتابع، تسرع، تريد أن ينحرها، تتسارع.

سؤال: [00:21:22]

الشيخ: لا، الرأس الأفضل ما يقطع الرأس إلا بعد ذلك، يقطع الرأس ولا يستعجل عليها.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بَدَنَاتٍ قِيَامًا.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: البخاري.

الشيخ: وهذا الحديث ينص أنه ذبح بيده سبع بدناتٍ قيامًا وهي قائمة، وهذا الشاهد، كذلك الحديث الأول فيه أن ابنعمر أنكر على من رآه أناخ بدنة لينحرها، ولهذا ترجم قال: (بَابُ نَحْرِ الْبُدْنِ قِيَامًا مَعْقُولَةً) يعني يدها اليسرى، (ضِدَّ قَوْلِ مَذْهَبِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَجَهِلَ السُّنَّةَ)، المؤلف يريد أن يرد على من قال: إنه يُكره أن تُذبح أو تُنحر البدنة وهي قائمة، قال: تُنحر وهي باركة؛ قال: هذا جهِل السنة، سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها أنه نحرها قيامًا، فمن جهل هذا الشخص بالسنة أنكر، كرِه، قال: تُكره أن يذبحها وهي قائمة، بل يذبحها وهي باركة، لأنه جهِل السنة، ولو علم السنة لما أنكر ولا ما كره ذلك.

 

 

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ أَنَسٍ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا فِي ذِكْرِ الْعَدَدِ الَّذِي لَا يَكُونُ نَفْيًا عَمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الْعَدَدِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِ أَنَسٍ: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بَدَنَاتٍ أَنَّهُ لَمْ يَنْحَرْ بِيَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِ بَدَنَاتٍ؛ لِأَنَّ جَابِرًا قَدْ أَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ نَحَرَ بِيَدِهِ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ مِنْ بُدْنِهِ.

شرح الشيخ: يعني يقول: قول أنس: (وَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بَدَنَاتٍ قِيَامًا) لا ينفي الزيادة، ما قال: ولم ينحر غيرها، قال: نحر سبعًا؛ وسكت، لو أراد عدم الزيادة لقال: نحر سبعًا ولم ينحر غيرها، لكن لما قال: نحر سبعًا يعني ذكر سبعًا شاهدها، وذكر جابر أنه نحر ثلاثًا وستين، فلا منافاة بين القولين، فأنس أخبر أنه رأى سبعًا، ولم ينفِ ما زاد، وأخبر جابر بالزيادة، وأنها وصلت إلى ثلاث وستين.

والمؤلف ما ذكر هنا من جهل ... ما فيه تعليق على من جهِل السنة قال إنه يُكره أن ينحرها وهي قائمة؟

مداخلة: ما فيه تعليق، لكن في شرح النووي على صحيح مسلم، قال: "وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ اسْتِحْبَابِ نَحْرِهَا قِيَامًا مَعْقُولَةً هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ: يَسْتَوِي نَحْرُهَا قَائِمَةً وَبَارِكَةً فِي الْفَضِيلَةِ. وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ طَاوُسٍ: أَنَّ نحرها باركة أفضل وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

الشيخ: كأنه يرد على طاوس، قول أبو حنيفة أنها متساوية، ما قال إنها مكروهة، كأن قوله شاذ، قد يكون أحد خالفه، طاوس قال: نحرها باركة أفضل، هذا [00:25:36] السنة، قد يكون شارك غيره أيضًا، فالمؤلف كان يرد على طاوس وغيره، ممن قال إنه يستحب أن ينحرها باركة، ومفهومه أنه يُكره نحرها قائمة، ويُستحب نحرها باركة، وهذا محمول على أنه لم تبلغه السنة.

قارئ المتن: بَابُ التَّسْمِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ عِنْدَ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُذْبَحُ بِيَدِهِ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهَا.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: "أخرجه البخاري ومسلم".

شرح الشيخ: هذا الحديث لأنس أنه (كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ)، وهذا الشاهد، الشاهد التسمية والتكبير في الأضاحي وفي الهدي، يقول: بسم الله والله أكبر، التسمية واجبة، والتكبير مستحب.

كذلك يستحب للكبش أن يكون أملح، وأن يكون أقرن، يعني فيه بياض، في فروه بياض أملح، وأقرن، وإذا ضحى بغيره فلا بأس، ولكن هذا هو الأفضل، وكذلك أيضًا ما كان أكثر لحمًا وأنفع للفقير فهو أفضل.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِمِثْلِهِ.

الشيخ: كذلك رواه البخاري في الحج، قال: رواه أيوب عن أبي قلابة عن أنس.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الْهَدْيِ مِنَ الذُّكْرَانِ وَالْإِنَاثِ جَمِيعًا

حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَزَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَمَلِ أَبِي جَهْلٍ فِي هَدْيِهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَفِي رَأْسِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ كَانَ أَبُو جَهْلٍ أُسْلِبَهُ يَوْمَ بَدْرٍ.

مداخلة: قال في المطبوع: (أَسْلَمَهُ)، وأثبت (أُسْلِبَهُ).

شرح الشيخ: يعني أُخذ منه في بدر لما قُتل، (أُسْلِبَهُ)، الميم ما لها وجه، (أُسْلِبَهُ يَوْمَ بَدْرٍ).

قوله: (أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَمَلِ أَبِي جَهْلٍ فِي هَدْيِهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ)، بدر قبل الحديبية، فيوم بدر سُلب الجمل من أبي جهل في السنة الثانية من الهجرة، وفي السنة السابعة من الهجرة أهدى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بهذا الجمل الذي أُصيب من أبي جهل.

(وَفِي رَأْسِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ) يعني كأنه مقدار بُرة من فضة.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ "جَمَلُ أَبِي جَهْلٍ" مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي كُنْتُ أَعْلَمْتُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي أَبْوَابِ الإِفْلَاسِ

الإفلاس؟ باللام؟

مداخلة: الإفلاس.

الشيخ: النسخة الأفراس، لا يوجد باب الأفراس، تكلم عليه؟

مداخلة: ما تكلم عليه.

الشيخ: ما قال في نسخة الأفراس؟

مداخلة: طبعة الأعظمي الثالثة (الإفلاس).

الشيخ: الإفلاس، نعم، وكذلك الحديث سيأتي في رجلٍ قد أفلس، هذه الطباعة التي عندنا طباعة قديمة فيها أخطاء كثيرة.

(الإِفْلَاسِ) يعني يكون الإنسان ديونه أكثر من موجوده، هذا يسمى مفلس، المفلس هو الذي ديونه أكثر مما عنده من المال، عنده عشرة آلاف، وعليه ديون مائة ألف، هذا مفلس، عشرة آلاف ما تقارن بمائة ألف، المفلس هو الذي من زادت ديونه على ما عنده من المال.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ "جَمَلُ أَبِي جَهْلٍ" مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي كُنْتُ أَعْلَمْتُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي أَبْوَابِ الإِفْلَاسِ أَنَّ الْمَالَ قَدْ يُضَافُ إِلَى الْمَالِكِ الَّذِي قَدْ مَلَكَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ﴾[يوسف:62] فَأَضَافَ الْبِضَاعَةَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِمْ بِهَا طَعَامًا، وَإِنَّمَا كُنْتُ احْتَجَجْتُ بِهَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ مُخَالِفِينَا زَعَمَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ»، فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ مَالُ الْوَدِيعَةِ، وَالْغَصْبِ وَمَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُ صَاحِبِهِ عَنْهُ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا شَافِيًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.

شرح الشيخ: يقول المؤلف: إن قوله: (جَمَلُ أَبِي جَهْلٍ) أُضيف إلى أبي جهل لأنه ملكه في بعض الأوقات، وإلا ما هو ملكه، انتقل الآن وصار للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، فقوله: (جَمَلُ أَبِي جَهْلٍ) للتعريف، الجمل الذي كان لأبي جهلٍ قبل أن يُسلب منه، (أَنَّ الْمَالَ قَدْ يُضَافُ إِلَى الْمَالِكِ الَّذِي قَدْ مَلَكَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ)، أُضيف إليه بعد زوال ملكه عنه، في الحديبية في السنة السابعة، هو زال ملكه عنه في بدر في السنة الثانية، وأضيف إليه من باب التعريف.

(أَنَّ الْمَالَ قَدْ يُضَافُ إِلَى الْمَالِكِ الَّذِي قَدْ مَلَكَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ﴾[يوسف:62]) في قصة يوسف -عليه السلام-، الذين يأتون إلى يوسف -عليه السلام- يأتون ببضاعة ويأخذون بدلها،  فجاء إخوة يوسف بالبضاعة، قال يوسف: ﴿اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ﴾، ردوا البضاعة إليهم، فأضاف البضاعة إليهم مع أنهم اشتروا بها طعام، أعطوها ليوسف ليشتروا بها طعامًا وزال ملكهم عنها، ومع ذلك أضافها إليهم، ﴿اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ﴾ فأضاف البضاعة إليهم بعد اشترائهم بها طعامًا.

قال: (وَإِنَّمَا كُنْتُ احْتَجَجْتُ بِهَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ مُخَالِفِينَا زَعَمَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ»، فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ مَالُ الْوَدِيعَةِ، وَالْغَصْبِ وَمَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُ صَاحِبِهِ عَنْهُ)، ومعنى هذا أن الإنسان إذا كانت عليه ديون يحجر الحاكم عليه، القاضي، فلا يتصرف في أمواله، فإذا أفلس وزادت ديونه على موجوده، فإن القاضي يحجر عليه ثم يقسم ماله على الغرماء بالنسبة.

لكن لو كان شخصٌ وجد متاعه بعينه ما تغير، يقاسم الغرماء أم يأخذه؟

يأخذه، شخص باع على شخص سيارة، بقيت السيارة على حالها، ثم أفلس، فحجر عليه القاضي، قال: لا يبيع ولا يشتري، ثم يحصر أمواله ويوزعها؛ فجاء شخص وقال: أنا سيارتي بعينها ما تغيرت، هي موجودة. يأخذها، أحق بها، ما دام ما تغيرت، بحالها، خذها، فأخذها [00:34:55]، هذا معنى الحديث: «إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ»، جاء الرجل الذي داينه، «مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ».

(فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ مَالُ الْوَدِيعَةِ، وَالْغَصْبِ وَمَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُ صَاحِبِهِ عَنْهُ)، يعني كأن هناك من خالف وقال إنه إذا وجد الرجل متاعه وأخذها، هذا يعتبر مال وديعة وغصب، ولا يزول ملك صاحبه عنه، صاحبه المفلس، هذه [00:35:38] مسألة فقهية، تحتاج مراجعة.

عندك كلام فيها؟

مداخلة: ما فيها تعليق.

الشيخ: تكون غدًا إن شاء الله، نحضر الكلم في مسألة المفلس، إذا وجد متاعه بعينه ثم أخذه الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول هو أحق به، بعض العلماء خالف وقال: لا، ليس أحق به، السيارة لا يأخذها، وإذا أخذها فإنه يعتبر غاصب، [00:36:09] وأن هذه الوديعة عند صاحبه، ولا يزول ملك صاحبه عنه، الذي هو المدين المفلس، تُراجع إن شاء الله.

بعده؟

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ إِهْدَاءِ مَا قَدْ غُنِمَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْأَوْثَانِ أَهْلَ الْحَرْبِ مِنْهُ مُغَايَظَةً لَهُمْ

بركة، قف على هذا.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد