شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_33

00:00
00:00
تحميل
5

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:

قارئ المتن: بَابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ بِمِنًى لِلْحَاجِّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَغَيْرِ مَنْ قَدْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إِقَامَةً يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ بِذِكْرِ خَبَرٍ غَلَطَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ سُنَّةَ الصَّلَاةِ بِمِنًى لِأَهْلِ الْآفَاقِ وَأَهْلِ مَكَّةَ جَمِيعًا رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ الْمُسَافِرِ سَوَاءً

حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قال: حدثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ؛ ح وَحدثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى؛ ح وَحدثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثَنَا أبو مُعَاوِيَةُ؛ ح وَحدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ؛ ح وَحدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَجَرِيرٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ وَهُوَ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ

الشيخ: (وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ)، غلطَ هنا في نسخة الأعظمي (أبو)، (وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ).

قارئ المتن: وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقَ، فَوَدِدْتُ أَنَّ لِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ.

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ سَلْمِ بْنِ جُنَادَةَ.

الشيخ: نعم، تخريجه، رواه البخاري.

مداخلة: البخاري ومسلم.

شرح الشيخ: هذا الحديث حديث صحيح، (صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا) يعني في خلافته، لما كان خليفة، (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ) أي عبد الله بن مسعود منكرًا على عثمان الإتمام؛ لأنه أتم الصلاة وهو في منى في الحج، (صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقَ، فَوَدِدْتُ أَنَّ لِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ)، وفي لفظٍ آخر: (فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان).

وهذا بعض مضي فترة من خلافته، في أول خلافته كان يصلي ركعتين، ثم بعد ذلك صلى أربع ركعات، واختلف العلماء في هذا، فقيل لأنه تأول أنه تأهل، وقيل لأنه أراد أن يعلم الناس الأعراب أن الصلاة أربع، وقيل أقوال أخرى عن عثمان -رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود أنكر عليه، وفي لفظٍ آخر أنه حوقل وقال: (لا حول ولا قوة إلا بالله ثلاثًا)، قيل له: "تنكر وتصلي خلفه؟"، قال: "نعم، الخلاف شر".

وفيه دليل على أن المسافر إذا أتم الصلاة في السفر فهي تصِّح، خلافًا لبعض العلماء يقولون لا تصح تصلي في السفر أربعًا، لابد من ركعتين، والصواب أنها تصح، والدليل على هذا إجماع الصحابة على صلاتهم خلف عثمان وقد أتم في السفر، فلو كان لا يجوز الإتمام ما صلوا خلفه، لا يمكن أن يصنعوا أمرًا محرمًا، فلما صلوا خلفه دلَّ على الجواز، لكنه خلاف السنة، خلاف الأفضل.

قارئ المتن: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لاصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ.

شرح الشيخ: نعم، والحديث أخرجه البخاري في (الحج) أيضًا، يعني (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ) في الحج ركعتين، وصلى (أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ)، في أول خلافته، ثم بعد ذلك أتم عثمان.

مداخلة: في الدرس الماضي طلبتم الكلام عن حديث أم سلمة في الرجوع، قال: (إن هذا يوم رُخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا).

الشيخ: نعم.

مداخلة: فيه كلام لابن القيم -رحمه الله- في [تهذيب السنن].

الشيخ: طيب كمِّل هذا الحديث.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَلَّى بِهَا رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا غَيْرَ مُقِيمٍ، إِذْ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا قَدِمَ مَكَّةَ حَاجًّا، لَمْ يُقِمْ بِهَا إِقَامَةً يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ.

وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، فَصَرَّحَ أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ بِمِنًى عَلَى الْمُقِيمِ أَرْبَعا كَهُوَ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ مِمَّا سِوَاءٌ.

الشيخ: (كَهُوَ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ بمنىً)؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: هذا هو الصواب.

مداخلة: (كَهُوَ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ بمنى).

الشيخ: نعم، الصواب (بمنى)، (كَهُوَ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ بمنى سواء) ساقطة، وهذا أيضًا تخريجه سبق.

قارئ المتن: وَخَبَرُ عَائِشَةَ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، مُصَرِّحٌ أَنَّ الْحَاضِرَ بِمِنًى عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ

الشيخ: (مصرح)؟

مداخلة: عندي (يصرح).

الشيخ: بالياء؟

مداخلة: بالياء نعم.

الشيخ: يصلح، ولكن (مصرح) أحسن.

قارئ المتن: مُصَرِّحٌ أَنَّ الْحَاضِرَ بِمِنًى عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ لَيْسَ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ حَاضِرًا لَا مُسَافِرًا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ كُنْتُ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مَعْنَى خَبَرِ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ.

الشيخ: وهذا أيضًا تخريجه؟

مداخلة: حديث عائشة -رضي الله عنها- قال: "سبق في المجلد الأول".

شرح الشيخ: (وَقَدْ كُنْتُ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مَعْنَى خَبَرِ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ)، مرَّ معنا حديث يحيى بن أبي إسحاق قريب؟ هو الذي قبل هذا، (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ)، لكن ما ذكر تخريجه هنا.

مداخلة: في كتاب الصلاة، قال المؤلف: "بينته في كتاب الصلاة".

شرح الشيخ: في كتاب الصلاة، لكن هنا قبله: (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ)، لعل المقصود هذا في كتاب الصلاة.

قارئ المتن: وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ أَقَامَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إقامة يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ بِمِنًى، إِذْ هُوَ مُقِيمٌ لَا مُسَافِرٌ، لِأَنَّ فَرْضَ الْمُقِيمِ أَرْبَعًا.

شرح الشيخ: (وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ) الأول (فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ)، في خبر عائشة الذي بعده: (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ).

قارئ المتن: وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ أَقَامَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إقامة يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ بِمِنًى، إِذْ هُوَ مُقِيمٌ لَا مُسَافِرٌ، لِأَنَّ فَرْضَ الْمُقِيمِ أَرْبَعًا

سؤال: [00:09:40]

الشيخ: لا قبل (إقامةً أنه)، (قبل أنه إقامة) هذا نسخة الأعظمي، (أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ أَقَامَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إقامة) أنه (يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ بِمِنًى).

قارئ المتن: فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُسَافِرِ وَلِغَيْرِ الْخَائِفِ فِي الْقِتَالِ قَصْرُ الصَّلَاةِ، وَأَهْلِ مَكَّةَ، وَمَنْ قَدْ أَقَامَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إِقَامَةً يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ إِذَا خَرَجُوا إِلَى مِنًى نَاوِينَ الرُّجُوعَ إِلَى مَكَّةَ غَيْرَ مُسَافِرِينَ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُمْ قَصْرُ الصَّلَاةِ بِمِنًى.

شرح الشيخ: ابن خزيمة -رحمه الله- يقرر أن الحجاج بمنى ينقسمون إلى قسمين:

القسم الأول: الحجاج من أهل مكة، ومثلهم الحجاج الذين قدموا مبكرين وأقاموا بمكة، هؤلاء يتمون الصلاة في منى، يصلون أربعًا، وفي عرفة كذلك؛ لأن المسافة ليست مسافة قصر.

والقسم الثاني: الحجاج الذين قدموا للحج ولم يقيموا بمكة مدةً طويلة، ولا يريدون الإقامة بمكة، هؤلاء يقصرون الصلاة، هكذا قرر المؤلف، وهذا هو الذي قرره كثير من الجمهور الفقهاء الحنابلة والشافعية والحنفية والمالكية.

وذهب بعض المحققين إلى أن الحجاج جميعًا يقصرون الصلاة بمنى، سواء كانوا من أهل مكة أو غيرها، وسواء كانوا مسافر أو مقيم، وذهب إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم -رحمه الله-، واستدلوا بمن قالوا إن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالحجاج بأهل مكة وغيرهم ولم يأمرهم بإتمام الصلاة، صلى بهم قصرًا، ولم يقل أتموا يا أهل مكة، وإنما قال: (أتموا يا أهل مكة) لما كان في جوف مكة في غزوة الفتح، في غزوة الفتح لما صلى بهم في مكة قال: «أتموا يا أهل مكة؛ فإنا قومٌ سفْرٌ»، لكن ما قال لهم في منى، وصلى بهم، والعمل على هذا الآن، ماشيين على شيخ الإسلام وابن القيم.

انظر كلامه في [المغني]، ابن خزيمة معناه أنه يقرر ما قرره الجمهور، يقول ابن خزيمة أن الحجاج إن كانوا من أهل مكة يتمون في منى ولا يقصرون، وكذلك أيضًا من قدِم للإقامة، يريد أن يقيم، من قام مدة طويلة وسيقيم في مكة، فحكمه حكم أهل مكة، يتم، أما الحاج الذي قدِم للحج متأخرًا وسيرجع إلى بلده، فهذا هو الذي يقصر الصلاة، هذا هو ما قرره الفقهاء وقرره ابن خزيمة -رحمه الله- في هاتين الترجمتين.

أعد الترجمة الأولى: (باب سنة) ...

قارئ المتن: بَابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ بِمِنًى لِلْحَاجِّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَغَيْرِ مَنْ قَدْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إِقَامَةً يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ بِذِكْرِ خَبَرٍ غَلَطَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ سُنَّةَ الصَّلَاةِ بِمِنًى لِأَهْلِ الْآفَاقِ وَأَهْلِ مَكَّةَ جَمِيعًا رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ الْمُسَافِرِ سَوَاءً.

شرح الشيخ: يعني هذا خبر عبد الله بن مسعود لما قال: (صليت خلف رسول الله ركعتين وخلف أبي بكر ركعتين)، وقال: (ليت حظي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين)، قال هذا هو الذي غلط فيه بعض الناس، ما الغلط؟

يقول ابن مسعود مسافر غير مقيم، وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر، فكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول ما أقام في مكة إقامةً يجب عليه إتمام الصلاة، فلذلك استمر يقصر الصلاة.

والترجمة الثانية (باب ذكر الدليل) ...

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَلَّى بِهَا رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا غَيْرَ مُقِيمٍ، إِذْ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا قَدِمَ مَكَّةَ حَاجًّا، لَمْ يُقِمْ بِهَا إِقَامَةً يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ

الشيخ: نعم، ما الكلام في [المغني]؟

مداخلة: قال: "فصل: قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْحَجِّ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ، فَلَا يُقِيمُ بِهَا حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَهَذَا يُصَلِّي بِعَرَفَةَ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ أَنْشَأَ السَّفَرَ، فَهُوَ فِي سَفَرٍ مِنْ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ مُقِيمًا بِبَغْدَادَ، فَأَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى الْكُوفَةِ، فَعَرَضَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِالنَّهْرَوَانِ، ثُمَّ رَجَعَ فَمَرَّ بِبَغْدَادَ ذَاهِبًا إلَى الْكُوفَةِ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ إذَا كَانَ يَمُرُّ بِبَغْدَادَ مُجْتَازًا، لَا يُرِيدُ الْإِقَامَةَ بِهَا. وَإِنْ كَانَ الَّذِي خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ فِي نِيَّتِهِ الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ إذَا رَجَعَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ بِعَرَفَةَ، وَلِذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ لَا يَقْصُرُونَ.

وَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ خَلْفَ مَكِّيٍّ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَأَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، صَحَّتْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ الْمَكِّيَّ يَقْصُرُ بِتَأْوِيلٍ، فَصَحَّتْ صَلَاةُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ."

شرح الشيخ: يعني لو المكي صلى بعرفة ركعتين يأخذ بقول شيخ الإسلام ابن القيم في الركعتين، وواحد ثاني صلى خلفه يعتقد أنه يجب إتمام الصلاة، فقام وأتى بركعتين، صحت صلاة المكي؛ لأنه متأول، وصحت صلاة من يأتم به لأنه يعتقد أنه غير مسافر.

مداخلة: انتهى.

الشيخ: ما ذكر الخلاف؟

مداخلة: هذا ذكره في كتاب الصلاة، لعله في كتاب الحج.

الشيخ: في كتاب الصلاة، أعد الكلام الذي قرأته.

مداخلة: قال: "فصل: قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْحَجِّ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ، فَلَا يُقِيمُ بِهَا حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَهَذَا يُصَلِّي بِعَرَفَةَ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ أَنْشَأَ السَّفَرَ، فَهُوَ فِي سَفَرٍ مِنْ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ".

الشيخ: نعم؛ لأنه بعد الحج يسافر، ما يريد أن يرجع إلى بمكة، لكن إن كان يريد أن يرجع إلى مكة صار ما هو مسافر، بعض العلماء يقول هذه مسافة سفر حتى من مكة إلى عرفة، لكن في وقتنا الحاضر ما تسمى سفرًا.

مداخلة: "وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ مُقِيمًا بِبَغْدَادَ، فَأَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى الْكُوفَةِ، فَعَرَضَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِالنَّهْرَوَانِ، ثُمَّ رَجَعَ فَمَرَّ بِبَغْدَادَ ذَاهِبًا إلَى الْكُوفَةِ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ إذَا كَانَ يَمُرُّ بِبَغْدَادَ مُجْتَازًا، لَا يُرِيدُ الْإِقَامَةَ بِهَا. وَإِنْ كَانَ الَّذِي خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ فِي نِيَّتِهِ الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ إذَا رَجَعَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ بِعَرَفَةَ، وَلِذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ لَا يَقْصُرُونَ.

وَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ خَلْفَ مَكِّيٍّ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَأَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، صَحَّتْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ الْمَكِّيَّ يَقْصُرُ بِتَأْوِيلٍ، فَصَحَّتْ صَلَاةُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ".

الشيخ: هذا في كتاب الصلاة؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: في كتاب الحج ذكر خلاف أقوال الأئمة الأربعة.

العمل الآن على ما ذهب إليه شيخ الإسلام وابن القيم -رحمه الله-، العمل الآن الناس الحجاج كلهم يقصرون حتى أهل مكة، في بعض الحجاج، أرى بعض الأخوة الباكستانيين إذا سلم الإمام يقوم ويأتي بركعتين في منى عملاً بمذهب الجمهور، لكن ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالحجاج بأهل مكة وغيرهم ولم يأمرهم بإتمام الصلاة، هذا حجة.

سؤال: [00:19:24]

الشيخ: نعم، في عرفة وفي منى، يتمُّون، عند الجمهور يتمون ولو غير مسافرين، ومثلهم من قدم بمكة يريد الإقامة أيضًا كذلك، أقام مدة يريد الحج ويجلس في مكة يتم، أما من أقام بمكة مدة، ثم بدأ الحج ويريد بعد الحج أن ينصرف، مع أنه بدأ الحج حينما بدأت التحركات الآن إلى منى وإلى عرفة، هذا تنقلات السفر يقصر.

سؤال: [00:20:10]

الشيخ: نعم، ما دام نوى الذهاب إلى بلده بعد الحج، خلاص؛ لأنه بدأ تنقلات السفر.

مداخلة: كذلك في كتاب الصلاة في المغني قال: "فَصْلٌ: فَأَمَّا قَصْرُ الصَّلَاةِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِ مَكَّةَ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيُّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمٌ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَهُمْ الْقَصْرُ؛ لِأَنَّ لَهُمْ الْجَمْعَ، فَكَانَ لَهُمْ الْقَصْرُ كَغَيْرِهِمْ.

وَلَنَا، أَنَّهُمْ فِي غَيْرِ سَفَرٍ بَعِيدٍ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُمْ الْقَصْرُ كَغَيْرِ مَنْ فِي عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَرَجُلٌ أَقَامَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْحَجِّ؟ قَالَ: إنْ كَانَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ إذَا رَجَعَ صَلَّى ثَمَّ رَكْعَتَيْنِ، وَذَكَر فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: لِأَنَّ خُرُوجَهُ إلَى مِنًى وَعَرَفَةَ ابْتِدَاءُ سَفَرٍ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ، فَيُقِيمَ بِمَكَّةَ، أَتَمَّ بِمِنًى وَعَرَفَةَ".

الشيخ: لأنه بدأ التنقلات الآن في السفر، هو مقيم بمكة، لكن يريد أن يسافر بعد الحج، فلما انتقل إلى منى بدأت التنقلات، بدأت أحكام السفر، فيصلي ركعتين، أعد من الأول.

مداخلة: "فَصْلٌ: فَأَمَّا قَصْرُ الصَّلَاةِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِ مَكَّةَ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيُّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمٌ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَهُمْ الْقَصْرُ؛ لِأَنَّ لَهُمْ الْجَمْعَ، فَكَانَ لَهُمْ الْقَصْرُ كَغَيْرِهِمْ".

الشيخ: الجمهور يعني الشافعي وأبو حنيفة والإمام أحمد يقولون يتم، ومالك يرى أنه لا يتم وأنه يقصر. قال: (ومالك) وماذا؟

مداخلة: "وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمٌ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَهُمْ الْقَصْرُ؛ لِأَنَّ لَهُمْ الْجَمْعَ، فَكَانَ لَهُمْ الْقَصْرُ كَغَيْرِهِمْ. وَلَنَا، أَنَّهُمْ فِي غَيْرِ سَفَرٍ بَعِيدٍ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُمْ الْقَصْرُ كَغَيْرِ مَنْ فِي عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَرَجُلٌ أَقَامَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْحَجِّ؟ قَالَ: إنْ كَانَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ إذَا رَجَعَ صَلَّى ثَمَّ رَكْعَتَيْنِ. وَذَكَر فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: لِأَنَّ خُرُوجَهُ إلَى مِنًى وَعَرَفَةَ ابْتِدَاءُ سَفَرٍ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ، فَيُقِيمَ بِمَكَّةَ، أَتَمَّ بِمِنًى وَعَرَفَةَ".

الشيخ: وهل القصر نسك أو سفر؟ بعض العلماء قال إنه نسك من مناسك الحج، وعلى هذا فيكون أهل مكة يقصرون لا لأنهم مسافرون، ولكن لأنه نسك، ومن قال إنه سفر قال لا يقصرون؛ لأن المسافة ليست مسافة قصر.

وابن خزيمة متقدِّم، في القرن الثالث الهجري وفاته، وشيخ الإسلام جاء بعد ذلك في القرن المتأخر، شيخ الإسلام والجماعة، وكلام ابن القيم هنا أم في المسائل الأولى (عاد حرمًا)؟

مداخلة: نبحث إن شاء الله.

الشيخ: في كلام لشيخ الإسلام وابن القيم في هذا.

قارئ المتن: بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْقَرِّ، وَهُوَ أَوَّلُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثَنَا يَحْيَى، قال: حدثَنَا ثَوْرٌ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نجي،

(عبد الله بن لُحي) أم (نُجي)؟

مداخلة: قال: "في المطبوع (نُجَي) وهو تحريف".

الشيخ: قال بالجيم؟

مداخلة: ما ضبطها.

شرح الشيخ: النقطة تحصل خطأ، فيها ابن نجي، وابن نجي معروف، يقول بالحاء المهملة أو بالجيم المعجمة.

قارئ المتن: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ».

شرح الشيخ: وهو اليوم الحادي عشر، سمي يوم القر؛ لأن الناس يقرُّون فيه ما يتحركون، كل يوم من أيام الحج له اسم، اليوم الثامن يوم التروية، لأنهم سيتروون فيه الماء، التاسع يوم عرفة، والعيد يوم النحر ويوم الحج الأكبر، والحادي عشر يوم القر الحجاج يقرُّون فيه ولا يتحركون، واليوم الثاني عشر يوم النفر الأول، الناس ينفرون، واليوم الثالث عشر يوم النفر الثاني.

هذا يوم القر، قارين الناس ما يتحركون، ما فيه ذهاب، ما يقدرون ينصرفون، اليوم الثاني عشر ينفرون.

تخريج الحديث مر من قبل، تاريخ ... (أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ) هذا فيه نظر، الظاهر أنه يوم عرفة ويليه يوم النحر في الفضيلة، يوم النحر ثم يوم القر.

قارئ المتن: بَابُ بَدْءِ رَمْيِ النَّبِيِّ الْجِمَارَ، وَالْعِلَّةِ الَّتِي رَمَاهَا بَدْءًا قَبْلَ عَوْدٍ

قال: حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارمِيُّ، قال: حدثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قال: حدثَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ بِهِ لِيُرِيَهُ الْمَنَاسِكَ، فَانْفَرَجَ لَهُ ثَبِيرٌ فَدَخَلَ مِنًى فَأَرَاهُ الْجِمَارَ، ثُمَّ أَرَاهُ عَرَفَاتٍ فَتَتَبَّعَ الشَّيْطَانُ للِنبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ

الشيخ: (فنبغ)؟

مداخلة: نعم، قال: "في الأصل (فتبع)، وفي المطبوع (فتتبع)".

الشيخ: (فتتبع الشيطان).

مداخلة: "والمثبت من مصادر التخريج (ونبغ) أي ظهر".

الشيخ: نعم.

قارئ المتن: فنبغ الشَّيْطَانُ للِنبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْجَمْرَة، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ، ثُمَّ نبغ لَهُ فِي الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ، ثُمَّ نبغ لَهُ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فَذَهَبَ.

شرح الشيخ: وهذا قال: "الحديث السابق ضعيف فيه عطاء بن السائب وقد اختلط"، ماذا قال عندك؟

مداخلة: قال: "فيه إسناده مقال؛ فإن عطاء بن السائب كان قد اختلط، والراوي عنه أبو حمزة السكري محمد بن ميمون لم يُذكر فيمن سمع منه قبل الاختلاط، ويغلب على ظني أنه سمع منه بعد الاختلاط؛ لأن روايته عنه خارج الكتب الستة، وبه أعله الهيثمي، أخرجه الطبراني في الكبير والحاكم والبيهقي والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة".

الشيخ: (وَالْعِلَّةِ الَّتِي رَمَاهَا بَدْءًا قَبْلَ عَوْدٍ)؛ لأنه قد نقول متى بدأ النبي رمي الجمار (وَالْعِلَّةِ الَّتِي رَمَاهَا بَدْءًا قَبْلَ عَوْدٍ).

مداخلة: كلام ابن القيم في قصر الصلاة لأهل مكة، قال: "فدل على أن المسافر لا يصلي جمعة، ثم أقام فصلى العصر ركعتين أيضًا ومعه أهل مكة، وصلوا بصلاته قصرا وجمعًا بلا ريب، ولم يأمرهم بالإتمام ولا بترك الجمع، ومن قال إنه قال لهم أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سفْر، فقد غلط فيه غلطًا بينًا، ووهِم وهمًا قبيحًا، وإنما قال لهم ذلك في غزاة الفتح بجوف مكة حيث كانوا في ديارهم مقيمين، ولهذا كان أصح أقوال العلماء أن أهل مكة يقصرون ويجمعون بعرفة كما فعلوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا أوضح دليل على أن سفر القصر لا يتحدَّد بمسافة معلومة، ولا بأيام معلومة، ولا تأثير للنسك في قصر الصلاة البتة، وإنما التأثير لما جعله الله سببًا وهو السفر، هذا مقتضى السنة ولا وجه لما ذهب إليه المحددون".

الشيخ: هذا في [الزاد]؟

مداخلة: في [الزاد].

الشيخ: أعده.

مداخلة: "ولهذا كان أصح أقوال العلماء أن أهل مكة يقصرون ويجمعون بعرفة كما فعلوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا أوضح دليل على أن سفر القصر لا يتحدَّد بمسافة معلومة ولا بأيام معلومة ولا تأثير للنسك في قصر الصلاة البتة وإنما التأثير لما جعله الله سببًا وهو السفر، هذا مقتضى السنة ولا وجه لما ذهب إليه المحددون".

الشيخ: "ولا تأثير للنسك"، يشير للرد على من قال إن القصر نسك من مناسك الحج.

قارئ المتن: بَابُ وَقْتِ رَمْيِ الْجِمَارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ

حدثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ؛ ح وَحدثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قال: حدثَنَا أَبُو خَالِدٍ؛ ح وَحدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قال: حَدَّثَنِي ابْنُ إِدْرِيسَ؛ ح وَحدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.

وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ، والْأَشَجُّ: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ.

الشيخ: التخريج؟

مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه مسلم".

الشيخ: فيه أن وقت الرمي أيام التشريق، يوم النحر يكون في ضحاه، وأما أيام التشريق الثلاثة فهي بعد زوال الشمس، بعد أذان الظهر.

قارئ المتن: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثَنَا ابْنُ خُوَارٍ يَعْنِي حُمَيْدًا الْكُوفِيَّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَا أَرْمِي حَتَّى تُرْفَعَ الشَّمْسُ، أنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَعِنْدَ الزَّوَالِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِنْ كَانَ ابْنُ خُوَارٍ حَفِظَ عَطَاءً في هَذَا الْإِسْنَادِ.

شرح الشيخ: الحديث الأول (كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى) حديث جابر، (وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ)، تخريجه؟

مداخلة: قال: "أخرجه مسلم".

الشيخ: (وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ، والْأَشَجُّ: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ)، بعده؟

قارئ المتن: حدثَنَا ابْنُ خُوَارٍ يَعْنِي حُمَيْدًا الْكُوفِيَّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَا أَرْمِي ...

الشيخ: (عن ابن جريج)؟ صار عندك (عن عطاء)؟

مداخلة: أضافها، قال: "ما بين المعكوفتين ساقطٌ من الأصل بدليل تعليق ابن خزيمة بعد الحديث أولاً، وثانيًا أن الحاكم رواه في مستدركه من طريق شيخ ابن خزيمة محمد بن العلاء وجاء فيه ذكر عطاء، وثالثًا أن ابن جريج لم يرد ذكره في تلاميذ جابر بن عبد الله، وقد وجدنا عطاء بن أبي رباح شيخًا لابن جريج وتلميذًا لجابر، وما أثبته من [الإتحاف]، والله أعلم".

الشيخ: (عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَا أَرْمِي).

قارئ المتن: قَالَ: لَا أَرْمِي حَتَّى تُرْفَعَ الشَّمْسُ، أنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَعِنْدَ الزَّوَالِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِنْ كَانَ ابْنُ خُوَارٍ حَفِظَ عَطَاءً في هَذَا الْإِسْنَادِ.

شرح الشيخ: وهذا معلوم وثابت، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرمي الجمار في يوم العيد ضحى، ويمتد، بل يبدأ من آخر الليل لأصحاب الأعذار، من آخر الليل في العيد ويمتد إلى طلوع الفجر، ليلة الحادي عشر، ويوم الحادي عشر، وأما أيام التشريق فإنه يبدأ من الزوال -زوال الشمس- إلى الغروب عند الحنابلة وجماعة.

والقول الثاني أنه يمتد إلى طلوع الفجر، تكون الليلة تابعة لليوم السابق؛ لأن النبي حدَّد أوله ولم يحدِّد آخره، وهذا هو الذي أفتى به هيئة كبار العلماء بالأغلبية، أن أيام التشريق تمتد إلى طلوع الفجر، ويكون الليلة تابعة لليوم، وهذا معلوم.

مداخلة: في الإسناد الذي مرَّ (عبد الله بن لُحي) قال في [التقريب]: "بضم اللام وبالمهملة مصغرة".

الشيخ: (عبد الله بن لُحي).

مداخلة: قبل بابين، (بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْقَرِّ، وَهُوَ أَوَّلُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ).

الشيخ: (عبد الله بن) ماذا؟

مداخلة: (ابن لُحي) قال في [التقريب]: "بضم اللام وبالمهملة مصغرًا".

الشيخ: (لُحَي) ما هو (لُجَي)، هذا كلام من؟

مداخلة: كلام الحافظ في [التقريب].

الشيخ: (لُحي)؟

مداخلة: "عبد الله بن لحي بضم اللام وبالمهملة مصغرًا، وعامر الهوزاني الحمضي ثقةٌ مخضرمٌ من الثانية".

الشيخ: ما في (نُجي)؟

مداخلة: هذا الذي ذكره أنه روى عن عبد الله بن قرط، وروى عنه راشد بن سعد.

الشيخ: ولا في (نُجي) روى عنه؟

مداخلة: ما بحثت.

الشيخ: وفي ثاني (نُجيّ)؟

مداخلة: ما بحثت.

الشيخ: قصدي ثاني يعني يروي، نعم.

مداخلة: في [التقريب]: "عبد الله بن نُجي بنون وجيم مصغرة بن سلمة الحضرمي الكوفي أبو لقمان، صدوقٌ من الثالثة".

الشيخ: لكن غير هذا، هذا يروي عنه راشد، ويروي عن عبد الله بن قرط، هذا لحي، نعم؟

مداخلة: (عبد الله بن لُحي).

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ إِنَّمَا أَرَادَ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ لَا لِلرَّمْيِ فَقَطْ.

الشيخ: (إنما أراد به) كذلك عندك؟

مداخلة: نعم، قال: "سقطت من المطبوعة".

قارئ المتن: قال: حدثنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ".

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: "سبق".

الشيخ: نعم، فيه الحكم بالطواف بالبيت وبين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله قولاً وفعلاً، فالذي يرمي وكذلك الذي يقف عند الجمار إنما هو ذاكرٌ لله بالفعل، والذي يكبر ذاكرٌ لله بالقول.

مداخلة: قال عبيد الله بن أبي زياد، قال: "تفرد به وهو معلول بالوقف".

مداخلة: قال في الموضع السابق: "إسناده ضعيف لضعف عبيد الله بن أبي زياد، وقد تفرد به وهو معلولٌ بالوقف، قال المزي: وكذلك رواه عبد الله بن داود الخريبي وأبو عاصم النبيل عن عبيد الله ورفعاه، ورواه يحيى بن سعيد عن عبيد الله فجعله من قول عائشة، فأخبره أبو حفص الفلاس بقول ابن داود وأبي عاصم، فقال يحيى: قد سمعت عبيد الله يحدثه مرفوعًا، ولكني أهابه، ورواه أبو قتيبة سلْم بن قتيبة عن سفيان عن عبيد الله ولم يرفعه، وكذلك رواه أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن القاسم، وكذلك رواه يزيد بن زريع عن حسين المعلم عن عطاء عن عائشة قولها".

الشيخ: موقوف؛ هنا عندي يقول ضعيف.

مداخلة: طبعة الفحل.

الشيخ: ماذا قال عندك؟

مداخلة: "إسناده ضعيف لضعف عبيد الله بن أبي زياد، وقد تفرد به وهو معلولٌ بالوقف"، ثم نقل قول المزي في [تحفة الأشراف].

الشيخ: ماذا قال؟

مداخلة: قال المزي: "وكذلك رواه عبد الله بن داود الخريبي وأبو عاصم النبيل عن عبيد الله ورفعاه، ورواه يحيى بن سعيد عن عبيد الله فجعله من قول عائشة، فأخبره أبو حفص الفلاس بقول ابن داود وأبي عاصم، فقال يحيى: قد سمعت عبيد الله يحدثه مرفوعًا، ولكني أهابه، ورواه أبو قتيبة سلْم بن قتيبة عن سفيان عن عبيد الله ولم يرفعه، وكذلك رواه أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن القاسم وكذلك رواه يزيد بن زريع عن حسين المعلم عن عطاء عن عائشة قولها".

الشيخ: يكون إذن فيه ضعف، لكن إما أن يكون لهم شواهد، كذلك هو موقوف على عائشة، ومثل هذا لا يقال بالرأي إذا صحَّ عن عائشة، هذا له حكم الرفع، (إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ)، هذا عن عائشة يكون هذا له حكم الرفع، يحتاج إلى زيادة تخريج الحديث؛ لأنه مهم هذا (إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ) لعله فيه زيادة، الكلام في حديث أم سلمة، بعده ماذا؟ باب التكبير؟

قارئ المتن: بَابُ التَّكْبِيرِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ يَرْمِي بِهَا رَامِي الْجِمَارِ

قف على هذا، هات حديث أم سلمة.

مداخلة: لم يذكر في تلاميذ عبد الله بن قر إلا عبد الله بن لحي.

الشيخ: لم يذكر في تلاميذ ماذا؟

مداخلة: عبد الله بن نجي عن عبد الله بن قر، فالمزي -رحمه الله- لم يذكر في تلاميذ عبد الله بن قر إلا عبد الله أبا عامر عبد الله بن لحي الهوزاني.

الشيخ: تلاميذ من؟

مداخلة: تلاميذ عبد الله بن قر، لم يذكر من تلاميذه إلا عبد الله بن لحي.

الشيخ: هذا من قاله؟ المزي؟ هناك ذكر تلاميذه، هل ذكره عن [التقريب] ولا؟

مداخلة: عبد الله بن لحي.

الشيخ: (لحي) عندك؟ ما في شيء.

مداخلة: في تهذيب سنن أبي داود قال: "ثم ذكر المنذري حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قال: كانت ليلتي، ثم قال: "في إسناده محمد بن إسحاق". تم كلامه. قال الشيخ المذيل -يعني ابن القيم رحمه الله-: "هذا الحديث يرويه ابن إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة يحدثان عن أم سلمة، وقال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس بنت محصن، وكانت جارةً لهم قالت: خرج من عندي عكاشة بن محصن في نفرٍ من بني أسدٍ متقمصًا عشية يوم النحر، ثم رجعوا إليّ عشاءً وقمصهم على أيديهم يحملونها، فقلت: أي عكاشة، ما لكم خرجتم متقمصين، ثم رجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها؟ فقال: خيرٌ يا أم قيس، كان هذا يومًا رخَّص فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنا إذا نحن رمينا الجمرة حللنا من كل ما حرُمنا منه إلا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت، فإذا أمسينا ولم نطُف جعلنا قمصنا على أيدينا". قال ابن القيم: "وهذا يدل على أن الحديث محفوظ؛ فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه وعن أمه وعن أم قيس".

الشيخ: "وهذا يدل على أن هذا الحديث محفوظ"؟

مداخلة: نعم، "فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه وعن أمه وعن أم قيس، وقد استشكله الناس، قال البيهقي: وهذا حكمٌ لا أعلم أحدًا من الفقهاء يقول به. تم كلامه. وقد روى أبو داود عقبه عن أبي الزبير عن عائشة وابن عباس -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخَّر طواف يوم النحر إلى الليل، وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديثٌ حسن، أخرجه البخاري تعليقًا، وكأن رواية أبي داود له عقب حديث أم سلمة استدلالٌ منه على أنه أولى من حديث أم سلمة؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحَّل قبل طوافه بالبيت، ثم أخَّره إلى الليل، لكن هذا الحديث وهم، فإن المعلوم من فعله -صلى الله عليه وسلم- أنه إنما طاف طواف الإفاضة نهارًا بعد الزوال...".

الشيخ: نعم، هذا في الصحيحين، فلا يعارض هذا الحديث، هذا الحديث ضعيف، هذا مشهور معروف أن النبي طاف ضحى، وطاف أخرها بالليل.

مداخلة: "كما قاله جابر وعبد الله بن عمر وعائشة -رضي الله عنهم-، وهذا أمرٌ لا يرتاب فيه أهل العلم بالحديث".

الشيخ: صحيح، معروف.

مداخلة: "وقد تقدم قول عائشة -رضي الله عنها-: أفاض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين صلى الظهر من رواية أبي سلمة والقاسمي عنها، قال البيهقي: وحديث أبي سلمة عن عائشة أصح، قال البخاري: في سماع أبي الزبير من عائشة نظر، وقد سمع من ابن عباس، قال المنذري: ويمكن أن يُحمل قولها: أخَّر طواف يوم النحر إلى الليل، على أنه أذِن في ذلك فنُسب إليه وله نظائر".

الشيخ: صحيح ممكن، ما تكلم أنه لم يُعمل به؟

مداخلة: نقل كلام البيهقي.

الشيخ: حديث «عدتما حُرما كما كنتما»، نقل كلام البيهقي فقط ولا تعقبه؟

مداخلة: ما تعقبه، لكن قال الحديث محفوظ، قال يدل على أن الحديث محفوظ في أول الكلام.

الشيخ: محفوظ، لكن الحديث: «عدتما حرمًا» ماذا قال؟ هل هو صحيح؟ هو ما فيه إشكال، الحديث المحفوظ أن النبي طاف ضحىً، لكن قصة الرجلين الذين «عدتما حرمًا»؟

مداخلة: نعم، هذا قاله في قصة الرجلين، قال بعد أن ذكر حديث أم سلمة قال: "وهذا يدل على أن الحديث محفوظ؛ فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه وعن أمه وعن أم قيس، وقد استشكله الناس، قال البيهقي: وهذا حكمٌ لا أعلم أحدًا من الفقهاء يقول به".

الشيخ: طيب، غيره؟

مداخلة: ابن كثير أيضًا في [البداية والنهاية] قال: "وهذا الحديث غريبٌ جدًا، لا أعلم أحدًا من العلماء قال به، والله أعلم، قال ابن حزم في المحلى: قال أبو محمد: وروي أثر أن من لم يطف بالبيت يوم النحر فإنه يعود محرمًا كما كان حتى يطوف به. رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أبيه وأمه زينب بنت أم سلمة عن أمها عن أم سلمة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ولا يصح؛ لأن أبا عبيدة وإن كان مشهور الشرف والجلالة في الرياسة فليس معروفًا بنقل الحديث ولا معروفًا بالحفظ، ولو صحَّ لقلنا به مسارعين إلى ذلك، وقد قال به عروة بن الزبير".

الشيخ: هذا تعليق ابن القيم؟

مداخلة: لا، هذا ابن حزم في [المحلى].

الشيخ: ولم يتكلم ابن القيم عليه؟

مداخلة: ابن القيم ذكرت كلامه عليه.

الشيخ: الذي سبق، ما تعقبه؟

مداخلة: نُسب القول أيضًا بحكم هذا الحديث إلى الشيخ عليّ بن الإمام محمد بن عبد الوهاب.

الشيخ: عندك كلام له؟

مداخلة: في [مجموعة الرسائل والمسائل النجدية] في فتاوى للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب قال: "الخامسة عشرة: وهي ما ذُكر لك أن بعض العيال أفتى أن من يطف يوم العيد وأراد أن يطوف بعده فعليه أن يحرم بعد رمي جمرة العقبة والذبح والعقبة، فالذي أفتى به الأخ عليّ عفى الله عنه لحديث بلغه في ذلك، لكن ما لزَّم أحدًا فعله ونحن ما جسرنا على الفتيا به؛ لأجل أنه خلاف أقوال العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، وهو ما روته أم سلمة قالت: (كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي يَصِيرُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا مَسَاءَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَصَارَ إِلَيَّ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهْبٌ وَمَعَهُ رِجَالٌ مِنْ آلِ أَبِي أُمَيَّةَ، مُتَقَمِّصِينَ، فَقَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِوَهْبٍ: «هَلْ أَفَضْتَ بَعْدُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟» قَالَ: لَا وَاللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «فَانْزِعِ الْقَمِيصَ»، فَنَزَعَهُ مِنْ رَأْسِهِ. قَالَ: وَنَزَعَ صَاحِبُهُ قَمِيصَهُ مِنْ رَأْسِهِ. قَالُوا: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إن هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا بِهَذَا الْبَيْتِ صِرْتُمْ كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حتى تطوفوا به»).

قال ابن جماعة رواه أبو داود بإسناد صحيح، قال البيهقي: لا أعلم أحدًا من القدماء قال به، قال النووي: فيكون الحديث منسوخًا دلَّ الإجماع على نسخه. والله أعلم".

الشيخ: منسوخ، يعني إما منسوخ أو ضعيف، يعني فتاوى أئمة الدعوة ...

مداخلة: هذا [مجموعة الرسائل والمسائل النجدية].

الشيخ: يعني مخزَّنة، يعني عليّ جَسَر على الفتوى، وعبد الله يقول: (ما نجسر عليها)، والنووي يقول منسوخ، وابن حزم ضعفه؟

مداخلة: نعم، قال: "لا يصح".

الشيخ: "لا يصح"، يعني إما ضعيف أو منسوخ، وهذا هو الذي عليه العمل والحمد لله، يعني تتابع العلماء على هذا والصحابة ولا يمكن أن يقال إن هذا حديث ترك العلماء العمل به وترك العمل به الصحابة ويكون صحيحًا.

سؤال: هل الأفضل أن يطوف آخر النهار يوم النحر ولو فاته المبيت بعض الليل بمنى؟ أو يؤجله؟

الشيخ: البيتوتة الأفضل أن يطوف ويجمع بين الأمرين، يطوف قبل الليل ويبيت، لكن إذا طاف آخر النهار وينتهي قبل غيبوبة الشمس، لكن الحمد لله الحديث ليس بصحيح أو منسوخ، والأمر في هذا واسع، ينظر ما هو الأرفق به؛ لأن الزحام والأمر شديد وخطير، فينظر الوقت المناسب الذي يؤدي فيه العبادة براحة.

سؤال: ابن القيم يقول: "لا حجة للقاصر في النسك لعلة النسك"، كيف يقول بالقصر ويقول لا حجة [00:52:25]

الشيخ: كيف؟

سؤال: يقول: "لا حجة في العلة في النسك للقصر"، والقصر يخالف الجمهور، ويقول: "لا حجة في العلة بالنسك"؟

الشيخ: يقول ما هو من العلة النسك.

سؤال: كيف يكون بالقصر ...

الشيخ: يعني يقول مسافة، يقول مثلاً القصر يعني، مسافة غير محددة يقول بيومين على هذا، تكون غير مُحددة، يقول انتقل خلاص انتقل.

سؤال: [00:52:56]

الشيخ: العلة السفر، سفر أو نُسك، وهو ما يرى النسك، يرى أن العلة السفر، لكن المسافة ما هي بطويلة إلا إذا كان يريد أن يسافر إلى بلده لا بأس.

وفق الله الجميع لطاعته.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد