شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_42

00:00
00:00
تحميل
5

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

قارئ المتن:  بَابُ ذِكْرِ إِسْقَاطِ فَرْضِ الْحَجِّ عَنِ الصَّبِيِّ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ

قال: حدثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الْحَكَمِ، قَالَا: حدثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: مَرَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مداخلة بِمَجْنُونَةِ بَنِي فُلَانٍ؛ قَدْ زَنَتْ. أَمَرَ عُمَرُ-رضي الله عنه- بِرَجْمِهَا، فَرَدَّهَا عَلِيٌّ، وَقَالَ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَتَرْجِمُ هَذِهِ!؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ ‌الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ". قَالَ: صَدَقْتَ، فَخَلَّى عَنْهَا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عِنْدِي عَلَى أَنَّ ‌الْمَجْنُونَ إذا حُجَّ بِهِ فِي حَالِ جُنُونِهِ ثُمَّ أَفَاقَ، لَمْ يُجْزِهِ كَالصَّبِيِّ.

شرح الشيخ: ماذا قال في تخريجه؟ قال حديث صحيح؟ عندي: (حديث صحيح. ورجاله ثقات، وله طرق أخرى)، نعم، ماذا قال عليه عندك؟

المداخلة: قال: "سبق تخريجه في مجلد سابق".

الشيخ: فيه نكارة، في سنده نكارة، أبو ظبيان، ماذا قال أبو ظبيان في كلام في أبي ظبيان؟

المداخلة: ما ذكر عندي.

الشيخ: ما ذكر شيء؟ فيه نكارة من جهة أنه كيف عمر يأمر برجمها -رضي الله عنه- ولم يتثبت، وهي مجنونة، والمجنون يرفع عنه القلم. لا يمكن يأمر برجمها هكذا من دون أن يتثبت.

المداخلة: أحسن الله اليكم، في سنن أبي داوود قال في الحاشية: "حديث صحيح وقد اختلف في رفعه، ووقفه، ومهما يكن فهو مرفوع حكما، كما قال الحافظ في فتح الباري، على أن له طرقاً أخرى عن علي مرفوعة، وشاهدًا من حديث عائشة السالف قبله مرفوعاً كذلك".

الشيخ: فيه إشكال، كونه يأمر برجمها فيه نكارة، هذا في الرجم، في رجم الزانية، لكن المؤلف استنبط منه قال: (وَفِيهِ دَلِيلٌ عِنْدِي عَلَى أَنَّ ‌الْمَجْنُونَ إذا حُجَّ بِهِ فِي حَالِ جُنُونِهِ ثُمَّ أَفَاقَ، لَمْ يُجْزِهِ كَالصَّبِيِّ)، هكذا بإطلاق.

والأقرب أن فيه تفصيل وذكر أن الصبي إذا حج به ثم بلغ الصبي قبل الوقوف بعرفة، أو بعدها، قبل طلوع الفجر ثم رجع إلى عرفة ووقف بها، أجزأه عن الحج، وكذلك المجنون إذا أفاق قبل الوقوف بعرفة، أو بعد الوقوف بعرفة، ثم ذهب ووقف بعرفة قبل طلوع الفجر ليلة العيد، أدرك الحج.

وابن خزيمة -رحمه الله- ما فصل التفصيل قال أبوبكر: (وَفِيهِ دَلِيلٌ عِنْدِي عَلَى أَنَّ ‌الْمَجْنُونَ إذا حُجَّ بِهِ فِي حَالِ جُنُونِهِ ثُمَّ أَفَاقَ، لَمْ يُجْزِهِ كَالصَّبِيِّ)، أي إذا كان إفاقته بعد عرفه لا يجزئه، يعني بعد عرفة. أما إذا أفاق قبل عرفة، أو بعدها، قبل طلوع الفجر وذهب ووقف بها، أدرك الحج وصار حجه فرضًا.

(بَابُ ذِكْرِ إِسْقَاطِ فَرْضِ الْحَجِّ عَنِ الصَّبِيِّ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ) ووجه استنباط المؤلف من هذه القصة، أن علي -رضي الله عنه- إذا صح الحديث، ذكر الحديث، رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون، وعن الصبي؛ لأنه مرفوع عنه القلم وإذا كان مرفوع عنه القلم وحج، فإنه لا يجزئه عن حجة الإسلام، واضح الاستدلال؟

لكن نقول هذا لابد من التفصيل السابق، فإن كان إفاقته بعد عرفة، نعم لا يجزئه عن حجة الإسلام الصبي، وكذلك المجنون، أما إذا كانت إفاقته قبل الوقوف بعرفة، أو بعدها، وذهب قبل طلوع الفجر وذهب ووقف بعرفة، أدرك الحج وكان فرضا، نعم، هذا التفصيل مر، والمؤلف هنا (ابن خزيمة) يعني ما فصل التفصيل.

المداخلة: أبو ظبيان هذا في [التقريب] قال: "ثقة" لكن ابنه قابوس ابن أبي ظبيان، ضعيف.

الشيخ: هنا ما فيه رواية عن ابنه، المهم، على صحة الحديث، إذا صح الحديث، استنباط المؤلف لابد فيه من التفصيل.

على هذا فرض الحج لا يسقط عن الصبي، ولا عن المجنون، إذا حج، في حالة صباه ولا في حالة جنونه هذا إجمالًا، لكن التفصيل السابق معروف من الأدلة.

قارئ المتن: بَابُ ذِكرِ حَجِّ الصِّبْيَانِ قَبْلَ الْبُلُوغِ عَلَى غَيْرِ الْوُجُوبِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ الصَّبِيِّ، أَرَادَ الْقَلَمَ مِمَّا يَكُونُ إِثْمًا وَوِزْرًا عَلَى الْبَالِغِ إذا ارْتَكَبَهُ»

شرح الشيخ: «رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي ...»، (وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: رُفِعَ الْقَلَمُ) ماذا؟

المداخلة: عن الصبي.

الشيخ: رفع القلم عن ثلاث.

الشيخ: نعم، أراد ماذا؟

قارئ المتن: «أَرَادَ الْقَلَمَ مِمَّا يَكُونُ إِثْمًا وَوِزْرًا عَلَى الْبَالِغِ إذا ارْتَكَبَهُ»، لَا أَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْ كتَبه الْحَسَنَاتِ لِلصَّبِيِّ إذا عَمِلَهَا.

الشيخ: نعم، يعني هذه الترجمة فيها أن قوله: «رفع القلم عن ثلاثة» يعني: قلم الوزر والإثم، أما الحسنات فلن يرفع القلم بل يكتب له حسنات، هذه الترجمة فيها أن الصبيان تكتب لهم الحسنات ولا تكتب عليهم الأوزار.

الشيخ: نعم.

المداخلة: الطبعة الثالثة للأعظمي: "كذلك، رفع القلم عن الصبي".

الشيخ: فقط؟

المداخلة: المجنون إذا عمل الحسنات ...

الشيخ: رفع عن ثلاثة وذكره كما في الحديث السابق.

قارئ المتن: قال: حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حدثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ كُرَيْبًا، يُخْبِرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما-:

أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَدَرَ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ اسْتَقْبَلَهُ رَكْبٌ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: "مَنِ الْقَوْمُ؟ " قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ. فَمَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالَ: "رَسُولُ اللَّهِ"-صلى الله عليه وسلم-. فَفَزِعَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ، فَرَفَعَتْ صَبِيًّا لَهَا مِنْ مَحفٍّة، فَأَخَذَتْ بِعَضَلِتهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!

الشيخ: (بِعَضَلِتهِ)! هكذا عندك؟

المداخلة: نعم، قال في المطبوع: "بعضله".

قارئ المتن: فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ لِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: "وَلَكِ أَجْرُهُ".

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ، فَحَجَّ بِأَهْلِهِ أَجْمَعِينَ.

الشيخ: هذا أخرجه مسلم في صحيحه، وهو في حديث مسلم، نعم.

قارئ المتن: قال: وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، وَلَمْ يَقُلْ: "فَفَزِعَتْ"، وَقَالَ: فَقَالَتْ: "أَلِهَذَا حَجٌّ"؟ قَالَ: ‹‹ نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ››. وَقَالَ فِي كُلِّهَا: عَنْ.

الشيخ: عن ماذا؟

المداخلة: يقصد أنه لم يقل حدثنا.

الشيخ: إذًا الحديث يدل على أن الصبي إذا حُج به فحجه صحيح ويكون الأجر له، قال: «ولكِ» يكون الحج له، ووليه له أجر، أجر آخر: أجر المعونة والسبب، قال: «ولكِ أجرٌ».

الشيخ: دل على أن الصبي يصح حجه، وتصح صلاته، ويثاب عليها، لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام إذا بلغ.

قارئ المتن: بَابُ الصَّبِيِّ يَحُجُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثُمَّ يَبْلُغُ.

قال: حدثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قال: حدثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حدثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما-، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– أنه قَالَ: «إذا حَجَّ الصَّبِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ حَتَّى يَعْقِلَ، فَإذا عَقَلَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَإذا حَجَّ الْأَعْرَابِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ، فَإذا هَاجَرَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى».

أخبرني بُنْدَارٌ وَأَبُو مُوسَى، قَالَا: حدثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما-: بِمِثْلِهِ مَوْقُوفًا.

قَالَ أَبُو بَكْر: "هَذَا عِلْمِي هُوَ الصَّحِيحُ بِلَا شَكٍّ".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ: "وَإذا حَجَّ الْأَعْرَابِيُّ مِنَ الْجِنْسِ الذي كُنْتُ أَقُولُ إِنَّهُ فِي بَعْضِ الْأوقَاتِ دُونَ جَمِيعِ الْأوقَاتِ. وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ إِنْ صَحَّتْ عَنِ النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ قَبْلَ فَتْحِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَكَّةَ، فَلَمَّا فَتَحَهَا وَخَبَّرَ أَنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ اسْتَوَى الْأَعْرَابِيُّ وَالْمُهَاجِرُ فِي الْحَجِّ، فَجَازَ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ إذا حَجَّ، كَمَا يَجُوزُ عَنِ الْمُهَاجِرِ لِسُقُوطِ الْهِجْرَةِ وَبُطْلَانِهَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ.

شرح الشيخ: في الحديث الآخر بدل المهاجر العبد، «أيُّما صبيٍّ حجَّ ثم بلغ الحِنْثَ فعليهِ أن يَحُجَّ حجَّةً أخرى، وأيُّما عبدٍ حجَّ ثم أُعْتِقَ، فعليهِ الحج حجَّةٌ أخرى»، بدل المهاجر، نعم؟

 مداخلة: [00:10:20]

الشيخ: بدل المهاجر العبد، هذا في الصحيح، العبد إذا حج أذن له سيده ثم أعتق فعليه الحج حجة الإسلام، والصبي إذا حج صح حجه، وإذا بلغ يحج حجة أخرى، لكن بقي الأعرابي، الأعرابي هذا فيه إشكال، الأعرابي إسلامه صحيح، والأعراب ألذين أذن لهم النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يبقوا في أماكنهم ودارهم، ولم يهاجروا المدينة قال: ليس لهم في الفيء شيء، حتى يشاركوا المسلمين في الجهاد ولم ينكر عليهم، فالأعرابي إذا حج، وهو مسلم كيف يعيد الحج مرة أخرى وهو مسلم! ماذا قال عليه عندك في تخريجه؟

المداخلة: قال: "إسناده ضعيف إذ لا يصح رفعه والصواب فيه الوقف كما رجحه المصنف".

قال ابن عدي بعد أن أخرجه من طريق الحارث وحده: "وهذا الحديث معروف بمحمد ابن المنهال عن يزيد ابن زريع وأظن أن الحارث ابن سريج هذا سرقه منه. وهذا لا أعلم يرويه عن يزيد ابن زريع غيرهما. ورواه ابن أبي عدي وجماعة معه موقوفا".

 وقال ابن حزم في المحلى: "أوقفه ابن أبي عدي عن ابن عباس، من قوله وأوقفه أيضا سفيان الثورى عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، من قوله، وأوقفه أيضا أبو السفر، وعبيد صاحب الحلي، وقتادة على ابن عباس، وقال الخطيب البغدادي عقب تخريجه الحديث: لم يرفعه إلايزيد ابن زريع عن شعبه وهو غريب".

الشيخ: هذا كلام الفحل؟

المداخلة: نعم.

الشيخ: يقول إسناده ضعيف؟

المداخلة: "إسناده ضعيف؛ إذ لايصح رفعه والصواب فيه الوقف".

الشيخ: طيب، هنا الشيخ ناصر صححه وقال: "سنده صحيح، وإعلال المؤلف إياه بالوقف لا وجه له عندي، لأن ابن المنهال ثقة حافظ، وقد زاد الرفع، وزيادة الثقة مقبولة"، زيادة الثقة مقبولة عند المتأخرين والمحدثين، "ولعله لذلك أخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"، وهو مخرج في "الإرواء"، ناصر، من طريق محمد المنهال وهو صحيح كما قال ابن خزيمة، [00:13:09] الصحة، والصواب أنه ضعيف، لكن الحديث الآخر فيه الصبي، والعبد أيضًا كذلك اختُلف في وقفه، وفيه إشكال في حج الأعرابي، أعد الحديث، قال إذا حج ...

قارئ المتن: عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إذا حَجَّ الصَّبِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ حَتَّى يَعْقِلَ، فَإذا عَقَلَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَإذا حَجَّ الْأَعْرَابِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ، فَإذا هَاجَرَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى».

المداخلة: يوجد كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة عن حج الأعرابي.

الشيخ: ماذا قال؟

المداخلة: قال: "فصل، وإذا حج الأعرابي ثم هاجر، لم يجب عليه إعادة الحج عند أكثر أصحابنا المتأخرين، وقال أبو بكر: لا تجزئه تلك الحجة عن حجة الإسلام وعليه حجة أخرى وكلام أحمد محتمل".

 قال في رواية: "هذا حديث ابن عباس في الصبي يحج ثم يدرك، والعبد يحج ثم يعتق عليهما الحج".

الشيخ: وكلام أحمد؟

المداخلة: "وكلام أحمد محتمل"، قال في رواية: "هذا حديث ابن عباس في الصبي يحج ثم يدرك والعبد يحج ثم يعتق عليهما الحج"، قلت: "يقولون إن فيه الأعرابي يحج ثم يهاجر"، قال: "نعم". 

والأعرابي في حديث ابن عباس عليه الحج فيجوز أنه قاله آخذًا به، ويجوز أنه لم يأخذ به لأنه قد روى حديث محمد بن كعب القرضي المرسل، واعتمده وليس فيه ذكر الأعرابي.

واحتج أبوبكر بما رواه بإسناده عن جابر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا حج المملوك أجزأ عنه حجة المملوك، فإذا عتق فعليه حجة الإسلام»، وكذلك الأعرابي والصبي مثل هذه القصة، «ومن كفر فإن الله غني عن العالمين».

الشيخ: أبوبكر، من أبو بكر هذا؟

المداخلة: غلام الخلال.

الشيخ: غير أبوبكر بن خزيمة، قال أخبرني بندار وأبو موسى؟

قارئ المتن: قال: حدثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قال: حدثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حدثَنَا شُعْبَةُ ...

الشيخ: الثاني؟

قارئ المتن: أخبرني بُنْدَارٌ وَأَبُو مُوسَى، قَالَا: حدثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما-: بِمِثْلِهِ مَوْقُوفًا.

قَالَ أَبُو بَكْر: "هَذَا عِلْمِي هُوَ الصَّحِيحُ بِلَا شَكٍّ".

الشيخ: لأنه موقوف، هذا علمي هو الصحيح بلا شك أنه موقوف، طيب، قال أبو بكر ...

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ: وَإذا ‌حَجَّ ‌الْأَعْرَابِيُّ مِنَ الْجِنْسِ الذي كُنْتُ أَقُولُ إِنَّهُ فِي بَعْضِ الْأوقَاتِ دُونَ جَمِيعِ الْأوقَاتِ. وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ إِنْ صَحَّتْ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ قَبْلَ فَتْحِ النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم- مَكَّةَ، فَلَمَّا فَتَحَهَا وَخَبَّرَ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ اسْتَوَى ‌الْأَعْرَابِيُّ وَالْمُهَاجِرُ فِي الْحَجِّ، فَجَازَ عَنِ ‌الْأَعْرَابِيِّ إذا ‌حَجَّ، كَمَا يَجُوزُ عَنِ الْمُهَاجِرِ لِسُقُوطِ الْهِجْرَةِ وَبُطْلَانِهَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ.

الشيخ: يعني ما علاقة فتح مكة بسقوط الحج عن الأعرابي؟ هذا في الهجرة.

المداخلة: قال في الحديث: «فإذا هاجر فعليه حجة أخرى».

الشيخ: والهجرة إلى المدينة ليس خاصًّا بالأعرابي، حتى الذين في بلدانهم مأمورون بالهجرة، تخصيص الأعرابي ... إذا حج الأعرابي فهي له حجة فإذا هاجر، لماذا خص الأعرابي؟ الرسول-صلى الله عليه وسلم- أمر بالهجرة الأعراب وغير الأعراب، كل من أسلم عليه أن يهاجر حتى يكثّر سواد المسلمين في المدينة سواء الأعرابي أو غير الأعرابي، فتخصيص الأعرابي فيه إشكال.

نعم، قال أبو بكر: "هذا علمي هو الصحيح بلا شك لأنه موقوف"، هو موقوف، قول أبوبكر: "هذه اللفظة: إذا حج الأعرابي" يعني هذا بعد الصحة في الحديث، قال أبو بكر هذه اللفظة ماذا؟

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْر: هَذِهِ اللَّفْظَةُ: وَإذا ‌حَجَّ ‌الْأَعْرَابِيُّ مِنَ الْجِنْسِ الذي كُنْتُ أَقُولُ إِنَّهُ فِي بَعْضِ الْأوقَاتِ دُونَ جَمِيعِ الْأوقَاتِ. وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ إِنْ صَحَّتْ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ قَبْلَ فَتْحِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَكَّةَ، فَلَمَّا فَتَحَهَا وَخَبَّرَ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ اسْتَوَى ‌الْأَعْرَابِيُّ وَالْمُهَاجِرُ فِي الْحَجِّ، فَجَازَ عَنِ ‌الْأَعْرَابِيِّ إذا ‌حَجَّ، كَمَا يَجُوزُ عَنِ الْمُهَاجِرِ لِسُقُوطِ الْهِجْرَةِ وَبُطْلَانِهَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ.

شرح الشيخ: وهذه اللفظة إن صحت، أي لفظة؟ (إذا حج الأعرابي)، يعني هذا، إذا حج الأعرابي، يعني كأن المؤلف الآن يرى أنها لا تصح، لكن لو صحت فهذا هو الجواب.

ولهذا المؤلف قال: "هذا علمي هو الصحيح بلا شك"، يعني أنه موقوف، والموقوف ضعيف، يعني ليس مرفوعًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما هو من قول ابن عباس واجتهاد منه، يكون اجتهاد منه، ولكن لوصحت هذه اللفظة فيكون هذا الحكم قبل فتح مكة، فلما فتحت مكة انتهى الأمر. نعم؟

سؤال: هم هاجروا مع الرسول-صلى الله عليه وسلم- [00:20:42]؟

الشيخ: لعل هذا في الصبي يحج قبل البلوغ وهذا ما فيه إشكال، الترجمة: (باب الصبي يحج قبل البلوغ ثم يبلغ)، وهذا يحج ما في إشكال، وكذلك العبد، بقي المهاجر، الإشكال في المهاجر، وهذه اللفظة لا تصح، يقول المؤلف: "ولو صحت، فهذا محمول على أنها قبل فتح مكة"، لو صحت، ويرى أنها لا تصح، لأنه قال: "وهذا علمي هو الصحيح بلاشك".

المداخلة: يوجد تعليق لابن الملقن على هذا الحديث في [البدر المنير]، قال: "فائدة: المراد بالأعرابي هنا الكافر إذ كان الكفر هو الغالب حينئذ على الأعراب".

وقد نبه على ذلك ابن الصلاح في [مشكله] قال: "وقد جاء إطلاق الأعراب والمراد بهم الكفار في غير هذا الحديث".

وقال ابن حزم في [محلاه]: "احتج من لم ير للعبد حجا بهذا الحديث، قال: ولا يخلو أن يكون صحيحًا أو غير صحيح. فإن كان الثاني فقد كُفيناه، وإن كان الأول وهو الأظهر لأن رواته ثقات، فإنه خبر منسوخ بلا شك. برهان ذلك أن هذا الخبر بلا شك كان قبل فتح مكة؛ لأن فيه إعادة الحج على من حج من الأعراب قبل هجرته، وروى مسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا: «لا هجرة بعد الفتح». فإذن قد صح بلا شك أن هذا الحديث كان قبل الفتح".

الشيخ: هذا كلام ابن حزم؟

المداخلة: نعم.

الشيخ: أظن الظاهر أن في ثبوتها هذه ولو صحت هذا يكون بعد الفتح، وفتحت مكة الآن، والحمد لله ما فيه إشكال، فتحت مكة، يعني يصير الآن حجه صحيح الأعرابي، هذا يكون قبل فتح مكة ولكن في صحته نظر، والترجمة ما فيها إلا الصبي، لكن الحديث فيه إضافة المهاجر [00:23:31] وُجد الإشكال.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد