| المتن |
كمال قدرة الله وانتفاء العجز عنه
قَالَ المُؤَلِّفُ رحمه الله:
| الشرح |
بعد أن ذكر الطحاوي -رحمه الله- عقيدة أهل السنة والجماعة في توحيد الله، وأنهم يعتقدون أن الله واحد لا شريك له، ولا يماثله شيء من مخلوقاته، قال: (وَلَا شَيْءَ يُعْجِزُهُ): فأهلُ السنة والجماعة وأهل الحق يعتقدون أن الله لا يعجزه شيء؛ لكمال قدرته ؛ كما قال : إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [سورة البقرة آية: 20]، وقال سبحانه: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا [سورة الكهف آية: 45]، وقال سبحانه: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا [سورة فاطر آية: 44].
وهذا النفي يستلزم إثبات ضده من الكمال؛ وهكذا كل نفي ورد في الكتاب والسنة في حق الرب ، فإنما هو لإثبات ضده من الكمال؛ ليس نفيًا صرفًا ولا محضًا، بل يستلزم إثبات ضده من الكمال؛ ولذا قال سبحانه: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ [سورة فاطر آية: 44]، وقال: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [سورة النساء آية: 11]؟؟؟؟، فهذا النفي وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ [سورة فاطر آية: 44]؛ لكمال علمه وقدرته، وكما قال سبحانه: وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [سورة الكهف آية: 49]؛ فنفى الظُّلْمَ هنا لإثبات كمال ضده وقولُه: لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ [سورة سبأ آية: 3]؛ لكمال علمه وقوله: وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا [سورة البقرة آية: 255]؛ لكمال قوته واقتداره لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ [سورة البقرة آية: 255]؛ لكمال حياته وقوله: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ [سورة الأنعام آية: 103]؛ لكمال عظمته وجلاله وكبريائه.
وهكذا كل نفي يأتي في الكتاب والسنة؛ فإنما هو لإثبات ضده من الكمال؛ لأن النفي المحض الصرف ليس فيه كمال؛ ولهذا يوصف المعدوم بالنفي الصرف المحض، ومن ذلك النفي الصرف المحض قول الشاعر العربي([1]):
قَبِيِّلَةٌ لاَ يَغْدِرُونَ بِذِمَّةٍ | وَلاَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَ خَرْدَلِ |
فنفى عنهم الغدر، ونفى عنهم الظلم، لكن ليس المراد أنهم مقتدرون؛ بل المراد بيان ضعفهم؛ وعجزهم؛ بدليل ما قبل البيت وما بعده، وبدليل أنه صغرهم بقوله: (قُبَيِّلَةٌ)، وهذا التصغير للتحقير؛ فهم لا يغدرون بذمة، ولا يظلمون الناس؛ لضعفهم وعجزهم؛ ونفي الغدر والظلم إنما يكون كمالًا إذا كان مع القدرة؛ أما إذا كان مع العجز فلا يكون كمالًا، كما في قول الشاعر([2]):
لَكِنَّ قَوْمِي وَإنْ كانُوا ذَوِي عَدَدٍ | لَيْسُوا مِنَ الشَّرِ فِي شَيءٍ وَإنْ هانَا |
يَجْزُونَ مِنْ ظلَمْ أهْلِ الظُّلْمِ مَغْفِرَةً | وَمنْ إسَاءَ أهْلِ السُّوءِ إِحْسَانَا |
فهو ينفي عن قومه الشر قائلاً: ليسوا من الشر في شيء وإن هانا، ومع ذلك يجزون عن ظلم أهل الظلم مغفرة؛ فإذا ظلمهم أحد غفروا له، وإذا أساء إليهم أحد أحسنوا إليه، فهذا يكون كمالاً لو كانوا قادرين، لكنهم إن فعلوا ذلك بسبب عجزهم وضعفهم، لم يكن كمالًا في حقهم، وهذا النوع من النفي لا يَرِدُ في أسماء الله وصفاته، ولا يرد في كتاب الله والسنة؛ لأنه نفي صرف، إنما الذي يَرِدُ كما تقدَّم النفي الذي يستلزم إثبات ضده من الكمال؛ ومضْت أمثلةٌ على هذا، كقوله تعالى: لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ [سورة سبأ آية: 3]؛ وذلك لكمال عِلْمِه، وقوله: لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ [سورة البقرة آية: 255]؛ وذلك لكمال حياته وقيوميته وهكذا.
والنصوص في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ جاءت في باب الأسماء والصفات بالإثبات المفصل وبالنفي المجمل، فنفي النقائص والعيوب عن الله يأتي مجملًا؛ كقوله سبحانه: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [سورة مريم آية: 65]، وكقوله: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [سورة الإخلاص آية: 4]، وكقوله: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ [سورة النحل آية: 74]، وكقوله: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا [سورة البقرة آية: 22].
أما الإثبات فإنه يأتي مفصلًا؛ كقوله تعالى: وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [سورة المائدة آية: 120]، وكقوله: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سور الحشر آية: 22- 24].
أما أهل الكلام وأهل البدع فعكسوا، حيث أتوا بإثبات مجمل ونفي مفصل؛ فإذا أرادوا أن ينفوا النقائص عن الله يأتون بالتفصيل، فيقولون: ليس بذي جثة، وليس بذي أعضاء، وليس بلون، ولا رائحة، ولا طعم، ولا كذا، ولا كذا، ولا لحم، ولا دم، ولا عِرْق، إلى آخره. فهم يفصّلون في نفي النقائص والعيوب.
أما الإثبات فإنهم يأتون فيه بإثبات مُجْمَل؛ فعكسوا بهذا ما دل عليه الكتاب والسنة، وهذا النفي المفصل مع كونه مخالفًا للكتاب والسنة ففيه إساءة أدب مع الله ؛ فإن الأدب والكمال أن تنفي النقائص إجمالًا ولا تعددها؛ فمثلًا -ولله المثل الأعلى- لو أراد إنسان أن يمدح أميرًا، أو مَلِكًا، أو رئيسًا فيقول له: أنت لست بخياط، ولست بحجام، ولست بأعور، ولست بكذا؛ فهذا المادح يؤدَّب ويعزَّر وإن كان صادقًا؛ لأنه أساء المدح، فبدلًا من أن يمدح صار يذم وهو لا يشعر، وإن كان في ذلك كله صادقًا.
وإنما الكمال أن تأتي بالنفي المجمل؛ فتقول: أنت لست مثل أحد من رعيتك، بل أنت أعلى وأجل وأكمل، فهذا يكون مدحًا؛ وإذا كان هذا في حق المخلوق؛ فهو في حق الخالق أولى.
وقد يأتي النفي مفصلًا للرد على أهل البدع([3])، كقوله : لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ [سورة الإخلاص آية: 3]؛ للرد على الكفرة الذين نسبوا الولد إلى الله، فينبغي للمسلم أن يعلم ما دل عليه الكتاب والسنة، وأن يحذو حذوهما، وأن يحذر طريقة أهل البدع.
| المتن |
كلمة التوحيد لا إله إلا الله
قَالَ المُؤَلِّفُ رحمه الله:
| الشرح|
هذه هي كلمة التوحيد التي بعث الله بها المرسلين، وأنزل الله من أجلها الكتب، ولأجلها خلق الخلق، ومعناها: لا معبود بحق إلا الله، وقد أخبر الله تعالى عن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- بقوله: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي [سورة الزخرف آية: 26- 27] ؛ فقوله: إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ [سورة الزخرف آية: 26] هذا هو النفي، وقوله: إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي [سورة الزخرف آية: 27] هذا هو الإثبات.
فإثبات التوحيد إنما هو بالنفي والإثبات المقتضي للحصر.
ولهذا لما قال : وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [سورة البقرة آية: 163]، قال بعدها: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [سورة البقرة آية: 163]؛ لأن الإثبات وحده يتطرق إليه الاحتمال؛ فقد يخطرُ خاطرٌ شيطاني فيقول قائلٌ: إذا كان إلهنا الله، فهل لنا إله غيره؟
ولهذا قال سبحانه: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [سورة البقرة آية: 163]، ثم قال بعدها: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [سورة البقرة آية: 163].
فليس هناك توحيد إلا بنفي وإثبات؛ وذلك التوحيدُ لا يكون إلا بكفرٍ وإيمانٍ، يعني: كفرًا بالطاغوت، وإيمانًا بالله ؛ فـ(لا إله)؛ هذا كفرٌ بالطاغوت، و(إلا الله)؛ هذا إيمانٌ بالله؛ ولذلك نقول: التخلية ثم التحلية.
و(لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ): (لا) نافية للجنس، و(إله) اسمها، والخبر محذوف، والتقدير: (لا إله حق إلا الله)، والإله معناه: المعبود، أي: لا معبود بحق إلا الله.
وهذه الكلمة كلمة التوحيد لا تنفع صاحبها إلا بتحقيق شروطها التي دلت عليها النصوص من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ؛ ومنها:
العلم المنافي للجهل:
قال سبحانه: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [سورة محمد آية: 19]، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.
ولهذا قال البخاري -رحمه الله- في «صحيحه»: (بابٌ: العلم قبل القول والعمل)، ثم استشهد بهذه الآية. فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [سورة محمد آية: 19]، وقال -سبحانه-: وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [سورة الزخرف آية: 86].
فلا بد من أن تعرف الشيء الذي تنفيه، والشيء الذي تثبته، فلا إله إلا الله تنفي الألوهية عن غير الله وتثبتها لله؛ فهي تنفي جميع أنواع العبادة لغير الله وتثبتها لله ، والعبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وهي كل ما أمر به الشرع ونهى عنه الشرع.
فكل ما أمر به أَمْرَ إيجاب أو استحباب؛ لا بد أن يُمتثل، وكل ما نهى عنه نَهْي تَحريمٍ أو تنزيه؛ لا بد أن يُترك، هذه هي العبادة؛ طاعة لله وإخلاص له.
اليقين:
فلا بد أن يقولها عن يقين منافٍ للشك والريب، فإن قالها وعنده شك وتردد في أن الإله المعبود بحق هو الله فلن تنفعه هذه الكلمة.
الصدق:
فلا بُدَّ لقائلها من الصدق المنافي للنفاق؛ فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم، وقلوبهم مكذِّبة، قال الله : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ [سورة البقرة آية: 8]، أي: يقولون ذلك بألسنتهم، وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [سورة البقرة آية: 8] أي: بقلوبهم، وقال سبحانه: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [سورة المنافقون آية: 1].
الإخلاص:
فلا بُدَّ لقائلها من الإخلاص المنافي للشرك. فإذا قال: «لا إله إلا الله» ولم يخلص أعماله لله؛ بطلت هذه الكلمة وانتقضت؛ فالشرك ينقضها ويحبط جميع الأعمال. قال سبحانه: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [سورة الزمر آية: 65]، وقال سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سورة الأنعام آية: 88]، وقال سبحانه: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [سورة الفرقان آية: 23].
ومثال ذلك: كمن توضأ وأحسن الوضوء، وتطهر وأحسن الطهارة، ثم أحدث، كأن خرج منه بول أو غائط أو ريح؛ فهذا قد بطلت طهارته، فكذلك كلمة التوحيد إذا قالها عن غير إخلاص؛ صار في عمله شرك.
المحبة لها ولأهلها:
فلا بُدَّ له من المحبة لهذه الكلمة ولأهلها، والسرور بذلك.
الانقياد:
فلا بُدَّ له من الانقياد لحقوقها؛ بفعل الواجبات، وترك المحرمات.
القبول:
ولا بد له أيضاً من القبول المنافي للترك؛ فقد يقولها بعض الناس، لكن لا يقبلها مِمَّنْ يَدْعُونَ إليها؛ تعصبًا وتكبرًا، فهذا لا تنفعه هذه الكلمة.
فإذا وُجدت هذه الشروط؛ فإن هذه الكلمة تكون صحيحة، وقد قالها قائلها عن تحقيق، أما مَن قالها مع فقدان هذه الشروط؛ فإنها لا تنفعه.
كذلك: لا بد أن يوحد الله في ربوبيته، وفي أسمائه وصفاته، وفي ألوهيته وعبادته كما سبق؛ فإن أنواع التوحيد الثلاثة متلازمة، وكلها مطلوبة، فمَنْ لم يأت بنوع من هذه الأنواع؛ فلا يصح التوحيد منه؛ ومن لم يوحد الله في ربوبيته فهو كافر ولو زعم أنه عابد، ولا يمكن أن يعبد الله وهو لا يوحده في ربوبيته؛ كذلك: من زعم أنه يوحد الله في أسمائه وصفاته، ولكنه لم يوحد الله في عبادته؛ لم يكن موحدًا، وهكذا.
وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية؛ أي: أنَّ مَنْ عَبَدَ الله، وأخلص التعلق بالله ؛ فلا بد أن يكون قد وحَّد الله في ربوبيته؛ لأنه إنما عَبَدَ الله؛ لاعتقاده أن الله هو الخالق، الرازق، المدبر، المحيي، المميت، الذي بيده النفع والضر.
أما توحيد الربوبية فإنه مستلزم لتوحيد الألوهية؛ أي: أنَّ مَن وحَّد الله في ربوبيته، واعتقد أن الله هو الخالق، الرازق، المدبر، المحيي، المميت، فإن هذا الاعتقاد وهذا التوحيد، يوجب له أن يوحد الله في ألوهيته.
لكن ليس كل فرد يلتزم بما لزمه؛ فإن الدلالات عند العلماء من أهل الأصول لها ثلاثة أنواع([4]):
1- دلالة التضمن: وهي دلالة الشيء على جزء معناه أو على بعض معناه.
2- دلالة الالتزام: وهي دلالة الشيء على خارج معناه.
3- ودلالة المطابقة: دلالة الشيء على جميع معناه.
فمثلًا مَن عَبَد الله؛ فإنه وحَّد الله في ربوبيته، ووحد الله في ألوهيته، فتكون دلالة توحيد العبادة دلالة مطابقة، لأنه دل على جميع معناه؛ لأن توحيد العبادة يشمل أمرين: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية.
ودلالة توحيد العبادة على توحيد الربوبية دلالة تضمن؛ لأنه يدل على جزء معناه، فتوحيد الربوبية جزء من معنى توحيد الألوهية.
أما دلالة توحيد الربوبية على توحيد الألوهية فهي دلالة التزام؛ لأنه خارج عن معناه؛ مثل دلالة التوبة على التائب؛ فالتوبة غير التائب، ودلالة الوالد على الولد؛ فالولد غير الوالد لأنه شيء خارج عنه؛ فتوحيد الربوبية غير توحيد الألوهية.
وبعض أهل الكلام كالأشاعرة وغيرهم أخطؤوا في تقدير الخبر المحذوف من كلمة التوحيد، فقالوا: «لا إله موجود إلا الله»، وفسروا الإله بالخالق، وهذا خطأ، لأنه لو كان المعنى: لا خالق إلا الله؛ لما حصل نزاع بين النبي ﷺ وكفار قريش، ولما حصل نزاع بين الرسل وأممهم، لأن الأمم يُقِرُّونَ بأنه لا خالق إلا الله.
فلا يتبين عظمة هذه الكلمة إلا بتفسير (الإله) بالمعبود، فتقدير الخبر المحذوف «بحق»؛ هو الصحيح، فيكون المعنى: لا معبود بحق إلا الله؛ وبهذا يتبين عظمة هذه الكلمة؛ لأن الآلهة موجودة، ولكنها آلهة باطلة، وإنْ عُبِدَتْ؛ فالباطل، قال سبحانه: فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ [سورة هود آية: 101]، فهم لهم آلهة، وقال سبحانه: قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [سورة الكافرون آية: 1- 6].
فاليهود لهم معبود؛ وهو العُزَيْرُ، والنصارى لهم معبود؛ وهو المسيح، والكافرون يعبدون الأصنام والأوثان؛ وجميع الكفرة لهم معبودات لكنها باطلة، لكن المعبود بحق هو الله، وما سواه فهو باطل، قال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سورة لقمان آية: 30].
فالكفار لهم دين، لكنه دين باطل؛ ولهذا قال سبحانه: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [سورة الكافرون آية: 6]، وحكى الله عن أهل الكتاب أنهم قالوا: وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ [سورة آل عمران آية: 73]، فلهم دين لكنه دين باطل، والدين الحق هو دين الإسلام؛ قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [سورة آل عمران آية: 19].
فتفسير الإله بالخالق؛ تفسير باطل؛ لأنه لو كان الإله هو الخالق؛ لما حَصَلَ خلاف وقتال بين الأنبياء وبين أممهم.
| المتن |
صفتا القدم والبقاء
قَالَ المُؤَلِّفُ رحمه الله:
| الشرح |
(قديمٌ): قوله: كلمة «القديم» لم ترد في أسماء الله، وإنما أحدثها أهل الكلام، إنما الذي ورد «الأول» و «الآخر»، وهما اسمان لأزلية الله وأبديته، فلما رأى الطحاوي هذا؛ قيده فقال: (قَدِيمٌ بِلا ابْتِدَاءٍ، دَائِمٌ بِلا انْتِهَاءٍ): فـ«قديم بلا ابتداء» تساوي اسمه «الأول»، و «دائم بلا انتهاء» تساوي اسمه «الآخر».
وأهل السنة والجماعة لا يسمون الله بأنه «القديم»؛ لأن الأسماء والصفات توقيفية؛ أي: أننا نقف على ما ورد في الكتاب والسنة فنثبته لله، وما ورد في الكتاب والسنة نفيًا عن الله؛ فإنَّا ننفيه عن الله.
وما لم يرد في الكتاب والسنة نفيًا ولا إثباتًا فنتوقف في إطلاقه: مثل الجسم، والحيز والعَرَضِ([5]).
فقول الطحاوي: «قديم، ودائم»، فهذا ليس من الأسماء([6]).
وليس لنا حاجة بها، وإنما نكتفي بما ورد في الكتاب والسنة، فنقول: الله الأول والآخر؛ كما قال سبحانه: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [سورة الحديد آية: 3]، وثبت في «صحيح مسلم» الدعاء المشهور أن النبي ﷺ قال: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ، وَرَبَّ العَرْشِ العَظَيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأْغَنِنَا مِنَ الفَقْرِ. ([7]).
هذا الحديث فيه: إثبات أربعة أسماء لله : الأول، والآخر، والظاهر، والباطن، وهذه الأسماء الأربعة؛ كل اسمين منها متقابلان؛ فالأول والآخر: متقابلان، والظاهر والباطن: متقابلان.
فالأول والآخر: اسمان لأزليته وأبديته؛ ولهذا فسَّرها النبي ﷺ في هذا الحديث فقال: اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ. ([8]).
والظاهر والباطن: اسمان لعلوه وفوقيته، فلا يحجبه شيء من المخلوقات؛ ولهذا قال: وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، فهو الظاهر؛ لأنه فوق السموات، وفوق العرش مستو على عرشه بائن من خلقه.
وهو الباطن الذي لا يحجبه شيء من المخلوقات، يرى كل شيء، ويبصر كل شيء ، ولا يخفى عليه شيء من خلقه؛ من أعمالهم وسكناتهم وحركاتهم. ووصْفُ الله بالأول والآخر معلوم مستقر في الفِطَر؛ فإن الموجودات لا بد أن تنتهي إلى واجب الوجود لذاته قطعًا للتسلسل؛ فإننا نشاهد حدوث الحوادث من النبات والحيوان والمعادن، وحوادث التحول وغيرها.
وهذه المخلوقات ليست ممتنعة؛ لأن الممتنع لا يمكن أن يوجد؛ وهي قد وُجدت، وليست واجبة الوجود لذاتها؛ لأنها كانت معدومة ثم وُجدت فدل على أن وجودها جائز ليس ممتنعًا؛ لأنها وُجدت، والممتنع لا يوجد.
وهذا المخلوق الذي يوجد بعد أن كان معدومًا لا بد له من موجد يوجده، وإلا بقي معدومًا؛ كما قال سبحانه: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [سورة الطور آية: 35]، أي: حدثوا من غير شيء أم هم أحدثوا أنفسهم؟
وأما اسم «القديم» فمع أنه لم يرد في الكتاب والسنة إلا أنه لا يفيد التقدم على كل شيء، وإنما يفيد التقدم تقدمًا نسبيًّا ؛ كما قال : حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [سورة يس آية: 39]، فالعرجون القديم لا يسمى قديمًا إلا إذا وجد العرجون الجديد، لكنه ليس متقدمًا على كل شيء.
وقال : أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ [سور الشعراء آية: 75- 76]، والْأَقْدَمُونَ مبالغة في القديم؛ وقال سبحانه: فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ [سورة الأحقاف آية: 11]، ومنه سُمِّيت قَدَمُ الإنسان قَدَمًا ؛ لأنها تتقدم بدن الإنسان؛ والفعل يأتي متعديًا ولازمًا؛ يقال: أخذني ما قدم وما حدث، ويقال: قَدُمَ هذا يَقْدُمُه يعني يتقدمه، وقال سبحانه في فرعون: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [سورة هو آية: 98]؛ أي: يتقدمهم في النار.
ومنه: قول «القديم والجديد في الشافعي»؛ فالقول القديم: ما أخذ به في العراق؛ والقول الجديد: ما أخذ به في مصر، فسمي القديم بالنسبة للقول الجديد.
فالمقصود: أن كلمة القديم لا يراد بها التقدم على كل شيء، وإنما تفيد التقدم النسبي، بخلاف الأول والآخر كما تقدم.
ولا يرد على هذا: كون الجنة والنار باقيتين، وكون الناس إذا بُعِثوا يبقون؛ لأن وجودهم إنما بإيجاد الله لهم؛ ولأن بقاءهم بإبقاء الله لهم.
| المتن |
الإقرار بدوام بقائه
قَالَ المُؤَلِّفُ رحمه الله:
| الشرح |
قوله: (لَا يَفْنَى وَلَا يَبِيدُ)؛ أي: الله ؛ وهذا تأكيد لقوله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ [سورة الحديد آية: 3]، وتأكيد لقول المؤلف: «قَدِيمٌ بِلَا ابْتِدَاءٍ، دَائِمٌ بِلَا انْتِهَاءٍ».
فالله لا يفنى ولا يبيد؛ فهو الباقي؛ أي: الذي لم يزل ولا يزال ولا يتطرق إليه الفناء، ولا التغير، ولا البلاء؛ لأن حياته كاملة فهو الحيُّ القيوم.
والفناء والبَيْد متقاربان؛ فهذا تأكيد لكونه هو الأول، وهو الآخر، وهو الحيُّ القيوم الذي لا يتطرق إليه ضعف، ولا نوم، ولا سِنَة؛ لأنه كامل بخلاف المخلوق فإنه يفنى، ويبيد، ويزول، ويضعف، ويمرض، ويتفرق، ويموت، أما الله فهو الموصوف بصفات الكمال الذي لا يتطرق إليه نقص في وجه من الوجوه.
| المتن |
كل ما يحدث في الكون فهو بإرادته سبحانه
قَالَ المُؤَلِّفُ رحمه الله:
| الشرح |
هذا فيه إثبات الإرادة، وكل ما يكون في هذا الكون فالله أراده؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد؛ لأن الله هو المالك، المدبِّر، المسيِّر، فلا يكون في ملكه إلا ما يريد من الذوات والصفات والأفعال.
وأراد الطحاوي -رحمه الله- أن يرد على القَدَرية([9]) من المعتزلة الذين يقولون: إنه يقع في ملك الله شيء لا يريده الله، وإن الله تعالى أراد الإيمان من الناس كلهم، ولكن الكافر والعاصي أرادا الكفر والمعصية، فوقع الكفر، والله لا يريد الكفر، ووقعت المعاصي، والله لا يريد المعاصي.
فألزمهم أهل السنة والجماعة بأنه إن يقع في ملك الله ما لا يريد؛ فهذا يلزم مِنه تَنَقُّص الرب ، وأهل السنة والجماعة يقولون: إن الله تعالى وإن كان أراد وقوع الكُفْر والمعاصي كونًا وقدرًا، لكنه لا يريدها دينًا وشرعًا، ولا يحبها، ولا يرضاها، ولا يأمر بها، بل ينهى عنها، ويبغضها، ويسخطها، ويكرهها.
ولهذا يقسم أهل السنة والجماعة الإرادة إلى قسمين:
الأول: إرادة كونية، قَدَرية، خَلْقية.
الثاني: إرادة دينية شرعية أمْرية.
فالأولى: ترادف المشيئة؛ وهي مشيئته الشاملة لجميع الموجودات والحوادث.
والإرادة الثانية: متضمنة للمحبة والإرادة، ولكل نوع من النوعين أدلة من الكتاب العزيز ومن السنة([10]).
فمن أدلة الإرادة الكونية القَدَرية الخَلْقية: قول الله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [سورة الأنعام آية: 125]، فهذه إرادة كونية قدرية، فمن أراد الله أن يهديه للإسلام شرح صدره، ومن أراد أن يضله جعل صدره ضيقًا حرجًا.
ومن الأدلة: قول الله تعالى عن نوح -عليه الصلاة والسلام- أنه قال لقومه: وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [سورة هود آية: 34]، فهذه إرادة كونية؛ فقوله: إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ [سورة هود آية: 34]؛ يعنى: كونًا وقدرًا.
ومن الأدلة قول الله تعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [سورة البقرة آية: 253].
أما أدلة الإرادة الدينية والشرعية فمنها: قول الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [سورة البقرة آية: 185]؛ يعنى: دينًا وشرعًا، وقول الله : مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [سورة المائدة آية: 6].
وقوله: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا [سورة النساء آية: 26- 28]، وقوله سبحانه: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [سورة الأحزاب آية: 33].
فأهل السنة والجماعة جمعوا بين النصوص فقسَّموا الإرادةَ إلى قسمين، ولم يقسموها مِن عند أنفسهم، إنما أخذوا هذا من النصوص.
فالإرادة الكونية القَدَرية هي المذكورة في قول المسلمين: (ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن).
وأمَّا الإرادة الدينية الشرعية؛ فهي مذكورة في قول الناس: (هذا يفعل ما لا يريده الله)؛ أي: يفعل ما لا يحبه الله؛ ولهذا لو قال الإنسان: والله لأفعلن كذا -إن شاء الله- ثم لا يفعل لا يحنث، حتى ولو كان الذي لم يفعله واجبًا أو مستحبًّا؛ فلو قال: والله لأصلينَّ الضحى -إن شاء الله- ثم لم يصل: لا يحنث؛ لأنه تعلق بالمشيئة، لكن لو قال: والله لأصلينَّ الضحى إن أحب الله؛ ثم لم يصل، فعليه كفارة يمين؛ لأن الله يحب أن يصلي الضحى.
أما المعتزلة والقَدَرية فما عندهم إلا إرادة واحدة، وهي الإرادة الدينية الشرعية، فهذه هي التي أثبوتها، لكنهم عَمُوا عن الإرادة الكونية فضلّوا سواء السبيل.
والجبرية([11]) ليس عندهم إلا إرادة واحدة، وهى الإرادة الكونية؛ وأنكروا الإرادة الدينية الشرعية فضلّوا أيضًا.
وأهل السنة والجماعة: أخذوا أدلة القدرية والمعتزلة التي يثبتون فيها الإرادة الدينية الشرعية وقالوا: هذه حق، وأخذوا الأدلة التي أثبتها الجبرية في الإرادة الكونية وقالوا: هذه حق، وقالوا: كل شيء في هذا الوجود أراده الله كونًا وقَدَرا؛ الكفر والمعاصي وغيرها، ولكن له الحكمة البالغة في ذلك، لكنه لا يريد الكفر والمعاصي دينًا وشرعًا، ولا يحبها بل يبغضها وينهى عنها، ومن حِكَمِه وأسراره من إيجاد الكفر والمعاصي: ظهورُ قدرة الله على إيجاد المتقابلات والمتضادات، فالكفر يقابل الإيمان، والمعصية تقابل الطاعة؛ كما أن الليل يقابل النهار.
ومنها: ظهور العبوديات المتنوعة كعبودية الجهاد في سبيل الله، وعبودية الولاء والبراء، وعبودية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ فلو لم يكن هناك كفر ولا كفار ولا عصاة، فكيف تكون هناك عبودية الجهاد في سبيل الله؟ وعبودية الولاء والبراء؟ وعبودية الحب في الله والبغض في الله؟ وهكذا؟
ومنها: انقسام الناس إلى شقي وسعيد، وإلى مؤمن وكافر؛ ولأن الله تعالى خلق للجنة أهلها ووعدهم بها، وخلق للنار أهلها ووعدهم بها.
وفى الحديث أن الله قال للجنة: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ من عبادي، وَقَالَ للنار: أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ من عبادي، وَلِكُلِّ واحدةٍ منكم مِلْؤُهَا.... ([12]).
فهذه حِكَمْ وأسرار قدَّرها الله تعالى لا لذاتها؛ بل لما يترتب عليها من الحِكَم، وكون الكفر والمعاصي يسببان ضررًا على الأشخاص الذين قدّر عليهم، فهذا ضرر نسبي لا يضاف إلى الله، والذي يضاف إلى الله إنما هو الخَلْق، والإيجاد، والتقدير.
وهذا الخلق والإيجاد مبني على الحكمة؛ فلا يسمى شرًّا بالنسبة إلى الله، ولكن يسمى شرًّا بالنسبة إلى العبد الذي أضره وأساء إليه، أما بالنسبة إلى الله فلا يضاف إليه إلا الخلق والإيجاد والتقدير، كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ. ([13]).
فالمقصود: أن قول المصنف -رحمه الله-: (وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ) يبين معتقدات أهل السنة والجماعة في إثبات الإرادة الكونية الشاملة والرَّد على المعتزلة الذين أنكروا الإرادة الكونية القدرية، وأنهم ضلوا بذلك؛ كما أن الجبرية أنكروا الإرادة الشرعية، وضلوا في عدم إثباتهم الإرادة الدينية الشرعية.
وهدى اللهُ أهلَ السنة والجماعة: فأثبتوا الإرادة بنوعيها، وعملوا بالنصوص من الجانبين وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [سورة البقرة آية: 213]. أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم.
| المتن |
معرفة البشر ربهم بأسمائه وصفاته وعجزهم عن الإحاطة بكنهه وحقيقته
قَالَ المُؤَلِّفُ رحمه الله:
| الشرح |
الأوهام: جمع وَهْم وهو الظن، والأفهام: جمع فَهْم وهو العلم، ولهذا يقول أهل اللغة: توهمتُ الشيء: ظننتُه، وفَهِمت الشيء: عَلِمتُه.
والمعنى: أن الله لا يبلغه الوَهْم، ولا يحيط به علمٌ؛ كما قال : وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا [سورة طه آية: 110]؛ أي: لا يعلمون كنهه وحقيقيته، وإنما يعلمونه بأسمائه وصفاته، لا كما يرونه يوم القيامة، وهذا يدل على كماله وعظمته .
| المتن |
تنزيه الله عن مشابهة مخلوقاته
قَالَ المُؤَلِّفُ رحمه الله:
| الشرح |
الله لا يشبهه أحدٌ من الأنام، والأنام: هم الناس، وهذا المعنى هو الأقرب والأفضل؛ كما قال الله تعالى: وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ [سورة الرحمن آية: 10]، وقيل: المراد بهم الثقلان الجن والإنس، وقيل: المراد بهم كل ذي روح، والمعنى: لا يشبه أحدًا من خلقه.
وأراد المصنف: الرد على المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه، ويغلون في الإثبات؛ فيقول أحدهم: عِلْم الله كعلم المخلوقين، وقدرته كقدرتهم، وسمعه كسمعهم، واستواؤه كاستوائهم.
وهذا هو مذهب المشبهة، والغالب أن المشبهة من غلاة الشيعة، وأول من قال إن الله جسم: هشام بن الحكم الرافضي([14])، وبيان بن سِمْعان التميمي([15]) الذي تنسب إليه البيانية من غالية الشيعة؛ وكان يقول: إن الله على صورة الإنسان.
ومِن المشبهة هشام بن سالم الجَوَاليقي([16])، وداود الجَوَاربي([17])؛ ومذهبهم الغلوُّ في الإثبات حتى أدخلوا في ذلك ما نفاه الله ورسوله.
حتى أثبتوا أنَّ الله يُرى في الدنيا بالأبصار، وأنه يُصَافَح ويعانَق، ويحاضَر ويسامَر، وينزل عشية عرفة على جَمَل، وقال بعضهم: إنه يندم ويحزن ويبكي-تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا- شابهوا اليهود في هذا، وهؤلاء ما قدروا الله حق قدره، قال : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [سورة الزمر آية: 67].
وثبت في الحديث الصحيح: أَنَّ اللهَ يَضَعُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ خَلْقِهِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ بِيَدِهِ فَيَقَولُ: أَنَا المَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟. ([18]).
وفى الحديث: مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضون السَّبْعُ فِي يَدِ الله إِلَّا كَخَرْدَلَةٍ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ. ([19])، ومعلوم: أن الإنسان إذا كان في يده خردلة؛ فهو مسيطر عليها؛ مستو عليها، إن شاء قبضها، وإن شاء جعلها تحته، فكيف يقول هؤلاء الكفرة: إن الله ينزل عشية عرفة على جَمَل، وتكون السماء فوقه والأرض تحته؟ -تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيًرا-.
والتشبيه مذهب باطل قد جاءت النصوص بنفيه وإبطاله، قال الله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [سورة الشورى آية: 11]، وقال سبحانه: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [سورة مريم آية: 65]، وقال سبحانه: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ [سورة النحل آية: 74]، وقال سبحانه: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [سورة البقرة آية: 22]، ومن شبَّه الله بخلقه -واعتقد أن الله يشبه المخلوقات- فهو في الحقيقة لم يعبد الله على الحقيقة، وإنما يعبد وثنًا صَوَّرَهُ خيالُه، ونحته له فِكْرُه؛ فهم من عباد الأوثان، لا من عباد الرحمن.
ومَن شبَّهَ الله بخلقه فقد شابه النصارى؛ وكما أن الله لا يشبه أحدًا من خلقه، فهو لا يشبهه أحدٌ من خلقه، ومذهب المشبهة عكس مذهب النصارى؛ فالمشبهة شبهوا الله بخلقه وقالوا: إن صفة الله كصفة المخلوق؛ والنصارى شبهوا المخلوق بالخالق، فقالوا: إن عيسى ابن الله؛ فالنسبة بين المشبهة والنصارى عكسية، وكلٌّ منهما مشبهة.
قال نُعيم بن حماد شيخ البخاري -رحمه الله-: «من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه، ولا رسوله؛ تشبيهاً»([20]).
قال إسحاق بن راهويه الإمام المشهور: «مَن شبه الله بخلقه فقال: إن الله يشبه أحدًا من خلقه في صفاته فهو كافر بالله العظيم، أو كما ورد عنه -رحمه الله-»([21]).
وبهذا يتبين: أن المشبهة كفار، وأن غالبهم من غلاة الشيعة -نسأل الله السلامة والعافية-.
| الحواشي |
([1]) هذا البيت للنجاشي من بني الحارث. انظر: «الشعر والشعراء» لابن قتيبة الدينوري (187-190) و «جمهرة الأمثال» (1/81).
([2]) هذان البيتان لقريط بن أنيف من بني العنبر. انظر: «ديوان الحماسة» (3-5).
([3]) انظر لتقرير هذه القاعدة الجليلة «مجموع الفتاوى» (2/478- 479)، و (6/37، 66، 515)، و(11/480)، و (20/111، 126)، و«منهاج السنة» (2/156-157، 185، 562)، و«درء التعارض» (5/163)، (6/348)، و«الصفدية» (1/116)، و«الصواعق المرسلة» (3/1009).
([4]) انظر: «الإحكام» للآمدي (1/36، 37) ، و«آداب البحث والمناظرة» (ص13).
([5]) قال شيخ الإسلام: «الألفاظ التي تنازع فيها من ابتدعها من المتأخرين، مثل لفظ «الجسم» و«الجوهر» و«المتحيز» و«الجهة» ونحو ذلك، فلا تُطلق نفيًا ولا إثباتًا، حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان قد أراد بالنفي والإثبات معنى صحيحًا موافقًا لما أخبر به الرسول، صُوِّب المعنى الذي قصده بلفظه، ولكن ينبغي أن يعبر عنه بألفاظ النصوص، لا يُعدل إلى هذه الألفاظ المبتدعة المجملة إلا عند الحاجة، مع قرائن تبيّن المراد بها، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، وأما إن أريد بها معنى باطل، نُفي ذلك المعنى، وإن جُمع بين حق وباطل، أثبت الحق وأبطل الباطل». «منهاج السنة» (2/554)، وانظر (2/611). وانظر «الدرء» (1/223)، و(229، 242)، و«الفتاوى» (5/229)، و(6/36، 16/426، 17/304).
([6]) قال الشيخ ابن باز في تعليقه على الطحاوية: «هذا اللفظ لم يرد في أسماء الله الحسنى، كما نبه عليه الشارح -رحمه الله- وغيره، وإنما ذكره كثير من علماء الكلام، ليثبتوا به وجوده قبل كل شيء، وأسماء الله توقيفية لا يجوز إثبات شيء منها إلا بالنص من الكتاب العزيز أو السنة الصحيحة، ولا يجوز إثبات شيء منها بالرأي، كما نص على ذلك أئمة السلف الصالح ولفظ القديم لا يدل على المعنى الذي أراده أصحاب الكلام؛ لأنه يقصد به في اللغة العربية: المتقدم على غيره، وإن كان مسبوقا بالعدم، كما في قوله: حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس:39]، وإنما يدل على المعنى الحق بالزيادة التي ذكرها المؤلف وهو قوله: (قَديمٌ بلا ابتدَاء)، ولكن لا ينبغي عدّه في أسماء الله الحسنى؛ لعدم ثبوته من جهة النقل، ويغني عنه اسمه سبحانه الأول، كما قال : هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ [الحديد:3] الآية. والله ولي التوفيق».
([7]) أخرجه مسلم (2713) من حديث أبي هريرة .
([8]) هو قطعة من الحديث السابق.
([9]) سموا بذلك؛ لقولهم في القدر، وهم يزعمون أن العبد هو الذي يخلق فعله استقلالًا فأثبتوا خالقًا مع الله، ولذا سماهم النبي ﷺ مجوس هذه الأمة؛ لأن المجوس قالوا بإثبات خالقيْن: النور والظلمة، وهم يزعمون أن الله لا يقدر على مقدورات غيره، وهذا هو مذهب المعتزلة في القدر. انظر: «الملل والنحل» (1/54)، و«البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان» (26، 27)، و«عون المعبود» للعظيم أبادي مع شرح ابن القيم (12/452، 453).
([10]) انظر: «منهاج السنة النبوية» (3/180-183)، و(5/360، 413،414)، و(7/72، 73)، و«مدارج السالكين» (1/264-268)، و«شفاء العليل» (2/767).
([11]) سموا بذلك نسبة إلى الجبر، فهم يقولون: إن العبد مجبور على فعله فهو كالريشة في مهب الريح ليس له إرادة ولا قدرة على الفعل، وممن قال بهذا الجهم بن صفوان. وهم أصناف: الجبرية الخالصة وهي التي لا تثبت للعبد فعلًا، ولا قدرة على الفعل أصلًا.
والجبرية المتوسطة: وهي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة. انظر: «اعتقادات فرق المسلمين والمشركين» (103)، و«الملل والنحل» (1/108)، و«رسالة في الرد على الرافضة» (169، 170).
([12]) أخرجه البخاري (4850), ومسلم (2847) من حديث أبي سعيد الخدري ، واللفظ لمسلم.
([13]) أخرجه مسلم (771) من حديث علي ، وورد هذا الحرفُ أيضاً من حديث حذيفة ، عند النسائي في «السنن الكبرى» (11294)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (34800)، والبزار في «مسنده» (2926)، والطيالسي في «مسنده» (414)، وأبو نعيم في «الحلية» (1/278)، واللالكائي في «السنة» (2086)، وابن منده في «الإيمان» (2/872). وصححه، والحاكم (2/395- تحقيق: مصطفى عبدالقادر). وصححه الحاكم، والحافظ ابن حجر كما في «فتح الباري» (8/399).
([14]) هو هشام بن الحكم البغدادي الكندي هشام بن الحكم الشيباني بالولاء، الكوفي، أبو محمد. ولد بالكوفة، ونشأ بواسط، وسكن بغداد. متكلم مناظر، كان شيخ الامامية في وقته، وهو من الشيعة الإمامية الذين غالوا في التجسيم والتشبيه، وإليه تنسب فرقة الهشامية. توفي بعد نكبة البرامكة 187هـ بمدة يسيرة، وقيل: بل في خلافة المأمون 198هـ- 218هـ. انظر: «الملل والنحل» للشهرستاني (1/164-166)، و«الفرق بين الفرق» لعبد القاهر البغدادي (19، 34، 41، 42، 67، 139)، و«الأعلام» للزركلي (8/85).
([15]) بيان بن سمعان النهدي التميمي، ظهر بالعراق بعد المائة. وزعم أن معبوده إنسان من نُورٍ على صورة الإنسان فى أعضائه، وأنه يفنى كله إلا وجهه، وهو من الغلاة القائلين بإلهية أمير المؤمنين علي ، وتنسب إليه فرقة البيانية. قتله خالد بن عبد الله القسري. انظر عنه وعن فرقته «المقالات» للأشعري (1/95)، و«الملل والنحل» (1/136)، و«الفرق بين الفرق» (27، 138، 145، 146، 163).
([16]) هشام بن سالم الجواليقي الجعفي العلاف، من الإمامية المشبهة.
([17]) قال ابن حجر في «لسان الميزان» (2/427): «رأس في الروافض والتجسيم من مرامي جهنم قال أبو بكر بن أبي عوف: سمعت يزيد بن هارون يقول: الجواربي والمريسي كافران»، وقال السمعاني في «الأنساب» (5/643) بعدما ذكر هشام الجواليقي:«وعنه أخذ داود الجواربي قوله: إن معبوده له جميع أعضاء الإنسان إلا الفرج واللحية». انظر: «الملل والنحل» (1/167)، و«الفرق بين الفرق» (140)، و«تلبيس إبليس» لابن الجوزي (87).
([18]) أخرجه بنحوه البخاري (7513)، وسائر المواضع في البخاري لم يرد فيه قوله: يهزهن إلاّ في الموضع هذا المحال إليه, وأخرجه بنحوه أيضاً: مسلم (2786)؛ كلاهما من حديث ابن مسعود، ، إلى قوله: أنا الملك، أما باقي لفظه فهو من حديث أبي هريرة في حديث آخر أخرجه البخاري (4812)، ومسلم (2787).
([19]) أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (21/324), من طريق أبي الجوزاء، عن ابن عباس ، موقوفاً.
([20]) أخرجه الذهبي في «العلو» رقم (464)، وفي «السير» (10/610)، وقال في «السير» (13/299): «وما أحسن قول نُعيم بن حماد الذي سمعناه بأصح إسناد...» ثم ذكره غير أنه لم يُسندْهُ. وهو في «شرح السنة» للالكائي رقم (936).
([21]) انظر: «شرح السنة» للالكائي رقم (937)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ص117).