شعار الموقع

شرح ذيل مختصر المختصر من صحيح ابن خزيمة_11

00:00
00:00
تحميل
6

قارئ المتن: ثم خطَّ عليه خطًّا، ثم قال: «لا تبرحنَّ خطَّك، فإنَّه سينتهي إليكَ رجالٌ فلا تُكلِّمهم، فإنهم لا يُكلِّمونك». قال: ثم مضى رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث أراد، فبينا أنا جالسٌ في خطِّي إذ أتاني رجالٌ كأنهم الزُّطُّ؛ أشعارهم وأجسامهم لا أرى عورةً ولا أرى قِشرًا، وينتهون إليَّ لا يجاوزون الخطَّ، ثم يَصدرون إلى رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى إذا كان من آخر الليل، لكن رسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد جاءني وأنا جالسٌ، فقال: «لقد أراني منذُ الليلة»، ثم دخل عليَّ في خطي فتوسد فخذي فرقد، وكان رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا رقد نفخ، فبينا أنا قاعدٌ ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متوسدٌ فخذي إذا أنا برجال عليهم ثياب بيض، الله أعلم ما بهم من الجمال، فانتهوا إليَّ، فجلس طائفةٌ منهم عند رأس رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وطائفةٌ منهم عند رجليه، ثم قالوا بينهم: ما رأينا عبدًا قطُّ أُوتي مثل ما أُوتي هذا النبي؛ إن عينيه تنامان وقلبه يقظان، اضربوا له مثلًا مثل سيد بني قصرًا ثم جعل مأدُبة، فدعا الناس إلى طعامه وشرابه، فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه، ومن لم يُجبه عاقبه – أو قال: عذبه- ثم ارتفعوا، واستيقظ رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند ذلك فقال: «سمعتَ ما قال هؤلاء؟ وهل تدري من هؤلاء؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «همُ الملائكة، فتدري ما المثل الذي ضربوا؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم. قال: «المثل الذي ضربوا: الرحمن - تبارك وتعالى- بنى الجنة ودعا إليها عباده، فمن أجابه دخل الجنة، ومن لم يُجبه عاقبه أو عذبه».

شرح الشيخ: هذا الحديث تكلم عليه المُحَشِّي قال: "إسناده ضعيف؛ لضعف جعفر بن ميمون والطرق الأخرى كلها ضعيفة يقول: لا تصحُّ وفي المتن نكارة، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود أنه لم يكن مع النبي ليلة الجن، وأنه قال: "لم أكن ليلة الجن مع الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وودت أني كنت معه".

وقال أبو حاتم وأبو زُرعة في الأحاديث الواردة بمن كان مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة الجن: "لا يصحُّ في هذا الباب شيء". في (العِلل).

 وأخرجه الترمذي من طريق محمد بن بشَّار بهذا الإسناد، وقد مر علينا الحافظ بن كثير في هذا قال: "وأخرجه الدارمي من طريق جعفر بن ميمون مرسلًا، وكذلك أخرجه أحمد والبخاري في (التاريخ الصغير)، وابن ماجه في (تهذيب الكمال).

 وقال الترمذي: "هذا حديث حسنٌ غريب من هذا الوجه"، أبو تميم هو اللجيمي واسمه طريف بن خالد، والبطحة أصل في المسير الواسع فيه دقاق الحصى، وقوله: "وضع النبي -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- عليه الخط" علامة للتحصين عليه من الجذع والضرر فلم يقدر أحد من الخلق على ضره ولا على البلوغ إليه، ومنعه من الكلام معهم؛ لأن الحديث بينهم وبينه، والكلام خِلطة واتصال وهو أول الضرر والنفع، وكان هؤلاء الجن.

والزُّط: صبغ أسود من السِند إليه تُنسب الثياب الرطبة، قيل: "الزُط: شراب بالهندية"، وهو جبل من أهل الهند، لسان العرب.

وقوله: "دخل رجال حسان الخط"؛ لأنهم ملائكة لم يحجب بينهم وبينه.

والمأدُبة: هي الطعام يصنعه الرجل ويدعوا إليه الناس.

 والإسناد: من الإتحاف.

 والمتن: من جامع الترمذي.

والتخريج هذا مر علينا في التفسير، والمشهور عن عبد الله بن مسعود في ليلة الجن، وأنا أقول ما ثبت.

أما مجيء الجن إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا ثابت في القرآن وفي السُّنَّة قال تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ [الأحقاف:29]، قال تعالى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا)﴾ [الجن: 1-3].

وثبت في الحديث الصحيح أنهم الجن أتوا إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال لهم: «لكم كل عظمٍ ذكر اسم الله عليه يعود أوفر ما كان عليه لحمًا»، وقال: «وكل بَعرة على كل دواب يعود إليه حبه الذي أُكل»، وقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لا تستنجوا بالعظام ولا بالروث فإنه زاد إخوانكم من الجن» فلا يجوز الاستنجاء بالعظم؛ لأنه يفسده على الجن؛ لأنه يعود إليه لحمه الذي أُكل، فيكون طعامًا لهم.

وكذلك البَعرة لا يجوز الاستنجاء بها؛ لأنه يفسدها على الدواب؛ لأنه يعود إليها حبها الذي أُكل، هذا ثابت، لكن كون ابن مسعود معهم أو لا يكون معهم هذا هو الذي فيه الكلام، هذا ثابت، يعني إتيان الجن للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنه مرسل إليهم، وسؤاله لهم الزاد وأعطاهم كل عظم وكل بَعرة هذا ثابت في القرآن وفي السُّنَّة، لكن هذه القصة في قصة عبد الله بن مسعود وأنه معهم وليس معهم وأنه أجلس وأنه خط عليه خط مر علينا في تفسير الحافظ بن كثير أيضاً، هذا وأن عبد الله بن مسعود معه، لكنه لا يصحُّ.

بهذا يتبين أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرسل إلى الجن، وأنهم أتوا إليه، وأنهم آمنوا به، وأنهم ولوا إلى قومهم منذرين، وأنه أعطاهم العظم طعامٌ لهم، والبعر طعامٌ لدوابهم، كل هذا ثابت.

وفي هذه القصة يذكر فيها أيضاً أن عبد الله مسعود أنه جعل بينه وبينهم خط، وجاء أيضاً في سياق الحافظ بن كثير أنه سمع جَنبه، وقال: "لا تبرح مكانك، وأنه ذهب في أول الليل ولم يأتِ إلَّا في آخر الليل، وأن النبي أراه مكانهم والمكان الذي يوقدون فيه النار إلى آخره.

مداخلة: فيه نكارة.

الشيخ: السند ما هو صحيح، والنكارة في المتن، يقول المحقق: "أن السند ضعف جعفر بن ميمون ويقول المحقق: "أن السند به ضعف جعفر بن ميمون ويقول الطرق الأخرى كلها ضعيفة، وقد جاء في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود أنه لم يكن مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة الجن، وأنه قال: "لم أكن ليلة الجن مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

 فإذا في صحيح مسلم أنه يقول: "لم أكن معهم" وفي هذا الحديث قال: "كان معهم"!، هذا وجه النكارة، يخالف الحديث الصحيح، قال: "لم أكن معهم وودت أني كنت معهم" في الصحيح، وهنا قال: "أنه معهم" خط خطًا.

قارئ المتن: ثم قال رحمه الله تعالى: "حدثنا إسحاق بن منصور، قال: حدثنا الحسين بن محمد، قال: حدثنا عبد الله – هو ابن العلاء بن زَبر- عن بُسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن أُبي بن كعبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال لجماعة من أصحاب رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إني كنت أدخل على رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويُقرئني وأنتم بالباب».

شرح الشيخ: قال على الإسناد: "حديث صحيح أخرجه الحاكم والإسناد والمتن في الإتحاف".

قارئ المتن: صحيح.

شرح الشيخ: وفيه فضيلة لأبي بن كعب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: «ويُقرئني وأنتم بالباب». وثبت في الحديث الصحيح أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأُبي بن كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أن الله أمرني أن أقرأ عليك: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة:1]، فقال أُبي وسماني فبكى أُبي من الفرحة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فهذه مَزية، ومنقبة لأبي بن كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

مداخلة: (11:17).

الشيخ: من الأساس ليس معهم ليلة الجن، النكارة في كونه معهم، في صحيح مسلم لم يكن معهم، قال: "لم أكن معهم". وهذه مبنية على وجوده.

قارئ المتن: قال: "أخبرنا عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حماد عن ثابت عن نفيع، عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كان زكريا نجارًا».

شرح الشيخ: والحديث صحيح، أخرجه مسلم وأخرجه الإمام أحمد والطحاوي.

 يقول في الحاشية: "في زكريا خمس لغات: المد والقصر زَكَّري بدون ألف، وزكريا بالألف والهمزة، زكريّ بالتشديد والتخفيف، وزِكر كعلم. خمس لغات: زكَّري زكريا، زكريّ بالتشديد، زكري، زِكر.

قال في الحاشية: "في الحديث جواز الصنائع، وأن النجارة لا تسقط المروءة، وأنها صنعة فاضلة.

الصناعة ما فيها عيب وليس فيها ما يُسقط المروءة؛ لأنه ينبغي للإنسان أن يكون له في يده صنعة ولا يحتاج أن يسأل الناس، يكون نجار، أو حداد، أو خراط، قصَّاب، سبَّاك، كهربائي، بناء، كل هذه أعمال شريفة ما فيها شيء، العيب في كونه يجلس ويسأل الناس ويمد يده للناس وهو يستطيع.

أما كونه يعمل ويشتغل ما فيه عيب، بعض الناس يعيب الصنايع، حتى بعض الشباب عندنا الآن لا يجد وظيفة، فإذا كان ما في وظيفة يجلس ينام، يترك وما يعمل، ما يريد؟ وظيفة! الوظائف ما تكفي للناس كلهم، فيجب عليه أن يعمل، داوود -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- كان يعمل بيده، يكون بيده عمل، تعمل، تكسب، تشتغل، تؤجر، تحرث، تزرع، تبيع، تشتري، هذا شرف ما فيه عيب، العيب في ترك العمل والكسل والنوم والحاجة للناس، هذا العيب.

سؤال: كسب الحجَّام؟

الشيخ: كسب الحجام مكروه؛ لأن كسب الحجام كسبٌ مرضي، ولكنه جائز والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احتجم وأعطى للحجَّام أُجرته، وفي الحديث: «كسب الحجام خبيث» يعني رديء، «ومهر البغي خبيث» الخبيث: المراد حرام، مهر البغي، المراد هنا بالخبث التحريم، وأما كسب الحجَّام فالمراد بالخبث: الرداءة، كسبٌ ردئ والدليل على أنه ليس بحرام النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى للحجام أُجرته، والدليل على أنه رديء قوله: «كسب الحجام خبيث».

قال العلماء: "ينبغي أن يجعل فيه شيء لا في الأكل ولا في الشرب، في الوقود، في وقود النار، في الغاز، مثلًا في الحطب وما أشبه ذلك.

سؤال: الحلوان؟ (15:36).

الشيخ: الحلوان: أجرته، سُمي حلوان أجرته على الكهانة؛ لأنه يأخذ حلوًا بدون تعب، وحرام.

 

 

قارئ المتن: ثم قال رحمه الله: "حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: حدثنا معتمر، عن أبيه، عن رقبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إن نوفًا البُكالي يزعم أن موسى -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- ليس بصاحب الخضر، إنما هو موسى آخر. قال: كذب عدو الله؛ أخبرنا أُبي بن كعب، عن رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «قام موسى في بني إسرائيل خطيبًا، فقيل له: أيُّ الناس أعلم؟ قال: أنا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فقال: عبد لي بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال: أي ربِّ فكيف لي به؟ قال: تأخذ حوتًا فتجعله في مِكْتل فحيثما فقدت الحوت، فهو ثَمَّ.

شرح الشيخ: المِكتل: هو الزنبيل.

 والبحرين: قال بحر فارس نحو المشرق، وبحر الروم نحو المغرب.

واسم البلد الذي بمجمع البحرين قولان: أحدهما إفريقيا والثانية طنجة. في تفسير البغوي.

فهو ثَمَّ: يعني تجده هناك في المكان الذي فقدت الحوت.

قارئ المتن: قال: فأخذ الحوت، فجعله في المِكتل، فدفعه إلى فتاه، فانطلقا حتى أتيا الصخرة فرقد موسى عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام.

شرح الشيخ: والفتى: هو يوشع بن نون هذا صار نبيًا بعد وفاة موسى -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- وهو الذي أُمسكت له الشمس حتى فتح بيت المقدس، ما في أحد أمسكت له الشمس إلَّا يوشع بن نون لما فتح بيت المقدس وكان القتال بعد المغرب فكانوا ممنوعون من القتال فأمسك الله الشمس عن الغروب حتى تم الفتح؛ فدخل بيت المقدس.

وأما القول بأن الشمس أمسكت لعلي و(18:41) هذا كلام باطل، على قول الشيعة يقولون: أمسكت الشمس لعلي، فما أمسكت الشمس إلَّا ليوشع بن نون، هو فتى موسى، صار نبيًا بعد ذلك.

قارئ المتن: فحيثما فقدت الحوت، فهو ثَمَّ. قال: فأخذ الحوت، فجعله في المِكتل، فدفعه إلى فتاه، فانطلقا حتى أتيا الصخرة فرقد موسى عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام، فاضطرب الحوت في المكتل فخرج، فوقع في البحر، فأمسك الله عليه جِريه الماء فصار مثل الطاق.

الشيخ: الطاق: عقد البناء، والجمع طوقان أو أطواق، قال: ( 19:32) وهو ما عقد عليه من البناء وبقي ما تحته خاليًا كما في شرح صحيح مسلم، وهذا من آيات الله العظيمة، حوت مشوي يأكلونه! جاء عليه النقط من البحر فأحياه الله وخرج من المِكتل ودخل في الماء، وأمسك الله جِريه حتى يشاهدونه، ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة:20]، حوت يأكلونه طعام لهم مشوي خرج أحياه الله. وموسى ما انتبه بعد ذلك لما أحس بالجوع قال: "هات الغداء ما في غداء".

قارئ المتن: فاضطرب الحوت في المكتل فخرج، فوقع في البحر، فأمسك الله عليه جِريه الماء فصار مثل الطاق. فكان البحر للحوت سربًا.

شرح الشيخ: سَربًا: طريقًا.

قارئ المتن: ولموسى ولفتاه عجبًا، فانطلقا يمشيان.

شرح الشيخ: قيل له: "إذا فقدت الحوت تجد هذا الرجل في مجمع البحرين".

قارئ المتن: فلما كان من الغد وجد موسى النصب.

الشيخ: ما أحس إلَّا بعد بالعناء.

قارئ المتن: فقال: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)﴾ [الكهف: 62].

الشيخ: يعني تعبًا.

قارئ المتن: قال: ولم يجد النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله - جَلَّ وَعَلَا – فقال له فتاه: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ [الكهف: 63]، قال: ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف: 64].

شرح الشيخ: يعني ذلك الذي نريد، نريد هذا، أنه جُعل على من فقد الحوت يجد الرجل يذهب إليه.

قارئ المتن: فجعلا يقصان آثارهما حتى أتيا الصخرة، فإذا رجل مُسَجًّى عليه بثوب.

شرح الشيخ: يقصان: يعني يتبعان الأثر.

عليه بثوب: يعني مغطى.

قارئ المتن: فسلم، فقال: وأني بأرضك السلام؟!

شرح الشيخ: يعنى أنكر الخضر عليهم السلام كأن البلد ما فيها مسلمين. استغرب، قال سَلَّم الأرض هذه ما فيها مسلمين من أين جئت أنت؟! لمَّا سلم عليه قال: وأنا بأرضك السلام، أنت في أرض ما فيها سلام، كان ما فيها مسلمين.

قارئ المتن: وأني بأرضك السلام؟! قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم.

شرح الشيخ: يعني في موسى كثير، من أنت؟ موسى بني إسرائيل أم موسى غيرهم، قال: موسى بني إسرائيل. فيه دليل على أن موسى أُرسل لبني إسرائيل، ولم يرسل لجميع أهل الأرض مثل نبيِّنا محمد -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- رسالته عامة للثقلين الجن والإنس، بخلاف موسى فإن رسالته خاصة ببني إسرائيل، ولهذا وسع الخضر أن يخرج على شريعة موسى، ما التزم بشريعة موسى، بخلاف نبينا محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا يسع أحد أن يخرج على شريعته.

فمن نواقض الإسلام أن يزعم أحد أنه يسعه الخروج على شريعة محمد كما وسع الخضر الخروج على شريعة موسى، يقال: فرق موسى ما وصل إلى جميع الناس، وإنما وصل إلى بني إسرائيل؛ فوسع الخضر أن يخرج عن شريعته، ومحمد أرسل لجميع الثقلين العرب والعجم والجن والإنس فلا يسع لأحد الخروج عن شريعته، فمن زعم أنه يخرج عن شريعته فقد كفر.

قال: موسى من؟ موسى بني إسرائيل أم غيره قال: لا. موسى بني إسرائيل.

قارئ المتن: قال: نعم. قال: يا موسى، إني على علم من علم الله، علمنيه الله لا تعلمه، وأنت على علم من علم الله علمكه لا أعلمه.

شرح الشيخ: هذا دليل على أن ما يؤيد أن الخضر نبي يوحى إليه، وهذا أحد القولين: "على علم"، كذلك يؤيد هذا قوله: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ [الكهف:82] يعني عن أمر الله، ويؤيد هذا أن قتل الغلام وخرق السفينة وكونه يقيم الجدار ويقول أن تحته كنز وسيعيش هذا ما يكون إلَّا بوحي، وأكثر العلماء على أنه رجلٌ صالح ليس نبي، والصواب أنه نبي.

قارئ المتن: قال: إني أريد أن أتبِعَك على أن تعلمني مما علمت رشدًا ﴿قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)﴾ [الكهف: 67-70]. قال: فانطلقا يمشيان على الساحل، فمرت به سفينة، فعرفوا الخضر، فحملوه بغير نولٍ.

الشيخ: يعني بغير أجرة. عرفوا الخضر، الخضر معروف، موسى غير معروف. فركبوهم بدون أجرة والتقدير للخضر.

قارئ المتن: قال: فلما يفجأ موسى إلَّا وهو يُنزل لوحًا من ألواح السفينة. فقال له موسى: ما صنعت؟! قوم حملوك بغير نولٍ عمدت إلى سفينتهم، فخرقتها ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)﴾

شرح الشيخ: هذا أول الإنكار هذا، الناس أحسنوا إلينا، وحملونا بدون أجرة، تُخرب سفينتهم، تخرقها، كيف هذا؟!

قال الخضر: أنا قلت لك أنك ما تصبر، علمتك من أول أنك ما تستطيع الصبر.

قارئ المتن: ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)﴾.

شرح الشيخ: لأنه أخبره في الأول أن الخضر عنده علم من عند الله لا يعلمه موسى، قال: عندي علم ما تعلمه أنت، كما أنك عندك علم لا أعلمه، فهذا من العلم الذي أعلمه أنا ولا تعلمه أنت. قلت لك: أنك ما تستطيع أن تصبر، موسى في ظاهره إن هذا منكر، أُناس أركبوهم وأحسنوا إليهم بدون أُجرة تخرق سفينتهم؟! خرقها وجاء الخرق وسد الخرق ومشت السفينة.

قارئ المتن: ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ [الكهف: 71-73]. قال: فكانت الأولى من موسى نسيانًا. قال: وجاء عصفور، فوقع على حرف السفينة، فنقر بمنقاره في البحر.

الشيخ: فوقع على حرف السفينة: يعني طرفها.

قارئ المتن: فقال الخضر لموسى: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلَّا مثل ما نقص هذا العصفورة بمنقاره من البحر.

شرح الشيخ: الله أكبر. وماذا يأخذ العصفور بمنقاره؟ بحر متلاطم الأمواج ما له طرف، فهذا علم الخلائق بالنسبة إلى علم الله، الخلائق ما أعطوا إلَّا بمقدار المنقار، وهذا من باب التقريب، الله تعالى أحاط بكل شيء علمًا، والمخلوق قال: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 85] مثل المنقار ما يأخذ هذا المنقار من البحر متلاطم الأمواج؟!

قارئ المتن: قال: ومروا على غِلمان يلعبون، فقال الخضر لغلام منهم بيده هكذا، فاقتلع رأسه.

شرح الشيخ: هذا أشد من الأول، الأول: خرق السفينة، هذه قتل الغلام، أخذ برأسه واقتلعها ورماها، مات في الحال، فموسى ما استطاع الصبر، ما يستطيع في هذا المنظر، فقال: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ إنكار، فقال الخضر: "ألم أقل لك؟" زيادة تأكيد، الأولى قال: "ألم أقل إنك لن تستطيع؟"، هنا قال: "ألم أقل لك؟" زاد تأكيد، والأولى ألم أقل إنك لن تستطيع؛ لأن إنكاره أشد فأكد عليه، قال: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)﴾ يعني أنا فعلت هذا إلَّا عن علم، أنت ما تستطيع أن تصبر.

قارئ المتن: فقال له موسى: ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾ [الكهف: 74-76].

الشيخ: يعني عرف لموسى الشرط الذي بينه وبينه، قال: أنا شارط عليك أنك ما تسألني حتى أحدثك، قال: خلاص هذه مرتين، المرة الثالثة إن سألتك هنا النهاية.

قارئ المتن: قال: فأتيا ﴿أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾.

شرح الشيخ: في الحاشية ذكر يقول النووي فيه ثلاث قراءات: ﴿لَدُنّي﴾، والثانية بالضم والتخفيف: ﴿لَدُنِي﴾، والثالثة: بإسكان الدال: ﴿لَدْني﴾.

وقال: اضطربت أقوال العلماء في اسم القرية التي مرت بحسب اختلافهم في مكان القصة، ففي قول ابن عباس: إنها أنطاكية، وقول ابن سيرين: هي الأيلة أو الأُبُلة وهي أبعد الأرض من السماء، وقيل: بُرقة، وقيل: بلدة بالأندلس وهي الجزيرة الخضراء، أو ناحية باجروان في أذربيجان، أو ناصرة من أرض الروم، أو قرية بارمينية، والله أعلم بحقيقتها. نقل هذا عن تفسير الطبري، وابن أبي حاتم وتفسير القرطبي.

على كل حال الله أعلم أهل القرية ما يترتب على أهلها شيء المهم إن القصة وقعت ولا يلزم معرفة القرية هذه.

قارئ المتن: فقال له الخضر بيده هكذا ﴿فَأَقَامَهُ﴾. فقال له موسى: استطعمناهم فأبوا أن يطعمونا، واستضفناهم فأبوا أن يضيفونا، عمدت إلى حائطهم فأقمته! ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)﴾ [الكهف: 77].

شرح الشيخ: هؤلاء قوم لُئمة ما قاموا بحق الضيف، ما أضافوهم، هؤلاء اللئمة تشتغل عندهم؟! لماذا لا تأخذ أُجرة منهم؟! تأخذ حقنا، حق الضيافة، كيف تشتغل عند هؤلاء اللئمة، لئمة ما أضافونا، ومع ذلك تذهب وتبني الجدار، فقال له الخضر: "انتهى. هذه المرة الثالثة" ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ﴾ بالأمور الثلاثة.

قارئ المتن: قال: ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ [الكهف:78]. فقال رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَددنا أن موسى كان صبرَ حتى يُقص علينا من أمرهم». وكان ابن عباس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يقرأ: وأما الغلام كان كافرًا وكان أبواه مؤمنين.

شرح الشيخ: هذه قراءة، قال قراءة أُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود. الأقرب أنها تحمل على أنها تفسير وشاذة.

قارئ المتن: وأما الغلام كان كافرًا وكان أبواه مؤمنين. ويقرأ: وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا.

شرح الشيخ: زيادة صالحة هذه تحمل على إنها تفسير.

هذه القصة قصَّها الله تعالى في القرآن الكريم والأحاديث أيضاً كذلك فيها عظة وعِبر، قال المُحَشِّي: يستنبط منها أحكام، قال في الحديث فوائد منها: استحباب الرحلة في طلب العلم، والاستكثار منه، ويُستحب للعالم أن يأخذ مما هو أعلم منه، وجواز التزود في السفر، وفيه الأدب مع العالِم، وحرمة الشيخ، وترك الاعتراض عليهم، وتأويل ما لا يُفهم ظاهره من أفعالهم وحركاتهم وأقوالهم والوفاء بعهودهم والاعتذار عند مخالفة عهدهم، وإثبات كرامات الأولياء على من يقول الخضر ولي، وجواز سؤال الطعام عند الحاجة.

وفيه أعظم الفوائد: أن العلم مشاع، وأنه قد يكون عند أي إنسان من العلم ما ليس عند غيره، قد يكون عند الصغير ما ليس عند الكبير، قد يكون عند المفضول ما ليس عند الفاضل، فهذا الخضر عنده علم ليس عند موسى، ما فيه شك أن موسى أفضل من الخضر، موسى نبي أحد أُولي العزم الخمسة، بل هو يلي إبراهيم في الفضيلة، والخضر مختلفٌ في نبوته، ومع ذلك صار عند الخضر علم ما ليس عنده، هذا من الفوائد.

وفي أوله قال: قلت للعباس إن نوفًا البكالي، قال: نوف بن فضالة هو ابن امرأة كعب الأحبار، قال: كان إمام من أهل دمشق، قال: قلتُ لابن عباس إن نوفًا البكالي يزعم أن موسى ليس بصاحب الخبر إنما موسى آخر، قال: كذب عدو الله، كذب يعني أخطأ، وإن كان لم يتعمد الكذب لكنه أخطأ في الخبر، ليس بصحيح، بل هو موسى بني إسرائيل، هو الذي حصلت القصة مع الخضر وليس موسى آخر، ونوفًا يزعم أنه موسى آخر غير موسى بني إسرائيل.

وفيه أن سبب هذه الرحلة في الرحلة في طلب العلم، انظر موسى -عَلَيهِ السَّلام- رحل وركب البحر في طلب العلم، وفي بعضها أن الخضر في بعض الروايات قال له: من أنت؟ قال: أنا موسى بني إسرائيل، قال موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال: ما جاء بك؟ قال: لأتعلم منك. قال: أما تكفيك التوراة التي أنزلها الله عليك؟

فيه دليل على الرحلة في طلب العلم والتزود من العلم، وأن الإنسان محتاج إلى العلم حتى يموت، كما قال الإمام أحمد: "من المحبرة إلى المقبرة"، يحتاج إلى التزود من العلم، الله تعالى يقول: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 85]، وليس هناك أحد من أهل العلم إلَّا يفوته شيء، يعلم أشياء ويفوته أشياء.

فموسى -عَلَيهِ السَّلام- سبب هذه الرحلة هذه في طلب العلم، وهي معروفة ولذلك قال البخاري: "رحل جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أُويس في طلب حديث واحد من المدينة إلى الشام" أعد لهذه المهمة اشترى بعير وسافر من المدينة إلى الشام لمدة شهر إلى عبد الله بن أُويس في حديث في المظالم، فطرق الباب فخرج عليه، فقال: مَن؟ قال: بالباب جابر، فجاء إليه فقال: حديثٌ سمعته من رسُول الله خشيت أن تموت أو أموت قبل أن أعلمه، حديث المظالم.

الرحلة في طلب العلم، قال: "ورحل جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أويس في الشام في طلب حديث واحد، طلب حديث واحد! ولا يزال العلماء يرحلون، الإمام أحمد يرحل من الشام أو من العراق إلى اليمن ويحمل كتبه على ظهره.

فموسى -عَلَيهِ السَّلام- كان يرحل -وهو نبي كريم- إلى الخضر، وسبب هذا: أن موسى قام خطيبًا إلى بني إسرائيل فسُئل فقيل: أي الناس أعلم؟ هل هناك أحد في الأرض أعلم منك؟ قال: "لا. أنا". فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه. فقال الله: عبدٌ لي بمجمع البحرين هو أعلم منك.

فقال: أي ربِّ، فكيف ألتقي به؟ قال: تأخذ حوتًا فتجعله في مِكتل فحينما فقدتَ الحوت تجده، فهو ثَم، وحصلت هذه القصة ونبيِّنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «وَددنا أن موسى صبرَ حتى يُقص علينا ونستفيد من العلم».

مداخلة: هل قتل الغلام لأنه كافر، أو أنه يشق على والديه؟

الشيخ: كما قال: ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ [الكهف: 80-81] بنص الآية، أنه لو عاش لأرهقهما طغيانًا وكفرا، والله تعالى يبدلهما خيرًا منه.

مداخلة: قتله يا شيخ قبل البلوغ ليدخل الجنة مثلًا بقتله؟ والرحمة للغلام؟

الشيخ: الله أعلم.

قارئ المتن: هذا الحديث الذي قبله منسوب إلى كتاب (التوكل في إتحاف المهرة).

الشيخ: (كتاب التوقير لابن خزيمة).

قارئ المتن: قال رحمه الله: عن بندار، عن عبد الوهاب، عن عوف، عن مهاجر، عن أبي العالية، عن أبي مسلم، قال: غزا يزيد بن أبي سفيان بالناس فغنموا، فوقعت جارية نفيسة في سهم رجل، فاغتصبها يزيد، فأتى الرجل أبا ذرّ فاستعان به عليه، فقال له: رد على الرجل جاريته، فتلكأ عليه ثلاثًا، فقال: إني فعلتُ ذاك. لقد سمعت رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: «أول من يُبدل سنتي رجل من بني أمية، يقال له يزيد». فقال له يزيد بن أبي سفيان: نشدتك بالله أنا منهم؟ قال: لا. قال: فرد على الرجل جاريته.

 قال ابن خزيمة: "رواه معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عوف، فلم يذكر بين أبي العالية وأبي ذر أحدًا".

شرح الشيخ: الحديث يقول: "إسناده معلولٌ بالانقطاع"، ومهاجر مقبول عند المتابعة ولم يُتابع.

 أخرجه: ابن أبي شَيبة من طريق عوف، عن أبي العالية، عن أبي ذَر، به. ليس فيه أبو مسلم.

وأخرجه: الروياني في مُسنده، قال: وللحديث شواهد عن أبي عبيدة بن الجراح.

وأخرجه: نعيم بن حماد في (الفتن)، وأبو يعلى بلفظ: «لا يزال أمر أمتي قائمًا بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أُمية يقال له يزيد». وإسناده منقطع.

قال البيهقي في كلامه على الحديث: "هو يزيد بن معاوية".

الحديث فيه ضعف: قال: "غزا يزيد بن أبي سفيان" يعني كأنه في خلافته بعد وفاة أبيه للناس فغنموا، فوقعت جارية نفيسة في سهم رجل، فاغتصبها يزيد – يعني أخذها منه- فأتى الرجل أبا ذرّ فاستعان به عليه، فقال له: "رد على الرجل جاريته" يقول أبو ذر ليزيد: "رد عليه جاريته"، فتلكأ عليه ثلاثًا.

كأنه يقول: إن فعلت يا يزيد ذلك فإني سمعت رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: «أول من يُبدل سنتي رجل من بني أمية، يقال له يزيد». فقال له يزيد بن أبي سفيان: نشدتك بالله أنا منهم؟ قال: لا. قال: فرد على الرجل جاريته. كأنه يقول: "إن فعلت" يعني إن كنت تفعل ذلك فإني سمعت رسُول الله ....... .

الحديث ضعيف لا يصحُّ، فهو معلول، وللحديث شواهد حتى بشواهده لا يصحُّ الحديث.

وكذلك حديث: «لا يزالُ أمر أمتي قائمًا حتى يكون أول مَن يثلمه رجل من بني أُمية يقال له يزيد» لا يصحُّ.

مداخلة: قراءة سورة الكهف يوم الجمعة حديث ضعيف؟

الشيخ: لا فيه كلام لأهل العلم. لا بأس بقراءتها، مر بنا.

قارئ المتن: هذا يزيد بن أبي سفيان ليس بيزيد بن معاوية، قالوا: "هو صحابي يزيد بن أبي سفيان" مترجم في (الإصابة).

قال في (الإصابة): "يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أُمية بن عبد شمسٍ القرشي الأموي أمير الشام وأخو الخليفة المعاوية، كان في فضلاء الصحابة ومن مسلمة الفتح، واستعمله النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على صدقات بني فِراس وكانوا أخواله".

الشيخ: يعني يزيد بن معاوية عمه، يكون يزيد بن معاوية عمه، هذا أخو معاوية يزيد بن أبي سفيان، سواء هذا أو هذا لا يصحُّ الحديث بيزيد بن معاوية ولا بيزيد بن أبي سفيان.

مداخلة: إن فعلت؟

الشيخ: ظاهر السياق أنه قال: "إن فعلت ذلك"، ما هو موجود عندي، السياق يقتضي يقول: إن فعلت، إن كنت تفعل ذلك فإني سمعت رسُول الله يقول كذا وكذا.

مداخلة: (44:43).

الشيخ: لا، إن كنت تفعل ذلك فأنا أُخبرك إني سمعت من الرسول كذا، مما يؤيد إنك ظالم. فرد على الرجل ذلك. لكنه ما يصحُّ.

قال: إن كنت تفعل ذلك ولا ترده فعندي حديث يدل على أنك ظالم، فرد عليه جاريته، لكن الحديث لا يصحُّ فيه يزيد بن أبي سفيان ولا يزيد بن معاوية.

قارئ المتن: قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلمًا وعدوانًا». قال: «ثم يخرج رجل من عترتي، أو قال: من أهل بيتي من يملأها قسطًا وعدلًا، كما ملئت ظلمً وعدوانًا».

شرح الشيخ: نعم، هذا الحديث قال المؤلف: "في إسناده مقال؛ فإن أبا الصديق الناجي هو بكر بن قيس مع جلالته قد تُكلم فيه بما ينفرد به، قال ابن سعد: "يتكلمون في أحاديثه ويستنكرونها". وأخرج العقيلي في (الضعفاء) عن ابن معين قال: "زيد العمي، وأبو الصديق الناجي يكتب حديثهما وهما ضعيفان".

أخرجه: الحاكم من طريق المُصَنِّف. وأخرجه أحمد أيضاً.

يعني كأن الحديث فيه ضعف، والمراد بـ «يخرج رجل من عترتي» المراد به المهدي. والأحاديث في المهدي ثابتة فيها الأحاديث الصحيحة، وفيها الأحاديث الحسنة، وفيها الأحاديث الضعيفة، ولكن الأحاديث الصحيحة فيها الكفاية، وبعضها يشد بعضًا، وهو أن المهدي يُبايع له في آخر الزمان. جاء في الحديث أنه اسمه كاسم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكُنيته كنيته: محمد بن عبد الله المهدي، وأنه يملأ الأرض عدلًا كما مُلئت جورًا، ويُبايع له في وقت ليس فيه إمام.

المهدي ما يقاتل الناس! لا، لكن يُبايع له في وقت ليس فيه إمام عند الكعبة بين الركن والباب والمقام كما جاء في الحديث، ويملأ الأرض عدلًا كما مُلئت جورًا، وهو أول أشراط الساعة الكِبار، وفيه أحاديث كثيرة في الصحيح، حتى إنهم قالوا: "بلغت الأحاديث تواتره في زمانه تكثر الفتن والحروب، والفتنة تحشر الناس في الشام، وفي زمانه يخرج الدجال بعد فتح القسطنطينية.

ثم بعد خروج الدجال ينزل عيسى بن مريم من السماء ويقتل الدجال، يقتل مسيح الهدى مسيح الضلالة، وهذه العلامة الثالثة.

 ثم بعد قتله ونزول عيسى يخرج يأجوج ومأجوج في زمان عيسى، وهي العلامة الرابعة، أربع علامات متوالية، ثم تتوالى أشراط الساعة، الله المستعان.

ونحن في آخر زمان الحروب كما قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "إن المهدي ليس وقته ببعيد". "ليس زمانه بالبعيد".

قارئ المتن: في التعليق على مُسند الإمام أحمد قالوا: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".

الشيخ: وعلى هذا قول: "يملأ الأرض عدلًا" له شواهد تدل على صحته، ليس ببعيد، أنه يملأ الأرض عدلًا كما مُلئت جورًا.

من عترتي: يعني من أهل بيتي.

يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظلمًا وعدوانًا.

قارئ المتن: عن عبد الله بن محمد الزهري، عن ابن أبي عدي، عن شُعبة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حُدس، عن عمه أبي رزين، وعن بحر بن نصر، عن أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة ح وعن محمد بن أبي صفوان، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة ح وعن أحمد بن سِنان، عن يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حُدس، عن عمه أبي رزين لقيط بن عامر العُقيلي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنه قال: قلت: يا رسُول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «هل ترون ليلة البدر القمر، أو الشمس بغير سحاب؟» قالوا: نعم. قال: «فالله أعظم». قلت: يا رسُول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: «في عماء، ما فوقه هواء، وما تحته هواء».

شرح الشيخ: هذا الحديث يقول: "إسناده ضعيف؛ وكيع بن حُدس مجهول، فقد تفرد بالرواية عنه يَعلى بن عطاء، قال ابن القطان: "مجهول الحال"، قال الذهبي في (الميزان): "لا يُعرف" وقال ابن قُتيبة: "غير معروف". واختلف في اسم أبيه. قيل: حدس، وقيل: عُدس، قال ابن حجر في (التقريب): "وكيع بن عُدس، بمهملات وضم أوله وثانيه، وقد يفتح ثانيه، ويقال بالحاء بدل العين".

أخرجه: أبو داود، وابن أبي عاصم في (السُّنَّة)، والطبراني، وأخرجه الطيالسي. وقال الترمذي: "هكذا يقول حماد بن سلمة: وكيع بن حُدس، ويقول شعبة وأبو عوانة وهشيم: وكيع بن عدس، وهو أصح".

قال المزي: "وكيع بن عُدس، ويقال: ابن حدس بضم الدال، وقيل: بفتحها. انظر: (تهذيب الكمال).

يعني اسمه قيل: وكيع بن عُدس وحُدس.

هذا الحديث نعم ضعيف، لكن قواه شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّةَ، وابن القيِّم قالوا: إن الحديث له شواهد تدل على صحته.

 ومن الشواهد الآية القرآنية: قال الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)﴾ [القيامة: 22-23].

في الحديث الصحيح: «إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر» في الصحيحين هذه كلها تشهد له.

قال: "هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «هل ترون ليلة البدر القمر، أو الشمس بغير سحاب؟» قالوا: نعم. قال: «فالله أعظم». في الحديث الصحيح: «إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر»، وفي اللفظ الآخر: «كما ترون الشمس صحوًا ليس دونها سحاب». والله تعالى يقول: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)﴾ [القيامة: 22-23].

فهذه الشواهد كلها تدل على صحته، وقوله: قلت: يا رسُول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: «في عماء، ما فوقه هواء، وما تحته هواء».

ما هنا نافية، ما وقعت ها هنا نفيًا بأن يكون فوقه أو تحته شيء، أي ليس له فوق ولا تحت، وحول الكلام ليس فوق ولا تحت، وعبَّر عنه بهذا المتشابه فصاحةً واتكال على علم السامعين وقيام الأدلة على استحالة ذلك في ربِّ العالمين. هذا قوله: أين كان ربنا؟ قال: كان في عماء، والعماء هو السحاب.

يعنى الله تعالى فوق الغمام، فوق الغمام: السحاب.

ما فوقه هواء، وما تحته هواء: يعني السحاب.

قال الترمذي: "قال أحمد بن منيع: قال يزيد بن هارون: العماء: أي ليس معه شيء".

قال ابن حِبَّان: "وهم في هذه اللفظة حماد بن سلمة من حيث (في غمام)، إنما هو في عِماء، يريد به أن الخلق لا يعرفون خالقهم من حيث هم، إذ كان لا زمان ولا مكان، ومن لم يعرف له زمان، ولا مكان، ولا شيء معه؛ لأنه خالقها؛ كان معرفة الخلق إياه، كأنه كان في عماء عن علم الخلق، لا أن الله كان في عماء، إذ هذا الوصف شبيه بأوصاف المخلوقين".

هذا كله تأويل، الصواب: أنه كان في عماء يعني فوق السحاب، وهذا السحاب ما فوقه هواء وما تحته هواء.

قال: "والإسناد من (الإتحاف)، والمتن أكملته من (صحيح ابن حِبَّان).

أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: «في عماء: يعني فوقه سحاب، وهذا السحاب فوقه هواء وتحته هواء، والله تعالى فوق. فقول الشارح هنا كله تأويل هذا، كونه في غماء إنما يريد به أن الخلق لا يعرفون خالقهم، الأحاديث كلها هذه ليست بطيبة الكلام هذا والتأويل.

وفيه أن الله تعالى له العلو سبحانه وتعالى، ثم لما خلق السماوات والأرض خلق العرش ثم استوى على العرش سبحانه وتعالى.

قارئ المتن: قال: حدثنا محمد بن محمد بن مرزوق، قال: حدثنا صالح بن عمر ابن شعيب قال: سمعت جدي شُعيب بن عمر الأزرق قال: حجبنا، فمررنا بطريق المنكدر، وكان الناس إذ ذاك يأخذون فيه فضللنا الطريق، قال: فبينا نحن كذلك إذ نحن بأعرابي كأنما نبع علينا من الأرض.

الشيخ: نبع: يعني خرج.

قال: "فمررنا بطريق المنكدر": وهو طريق يُسلك بين الشام واليمامة، وقيل: بين اليمامة والكوفة.

قارئ المتن: فقال: يا شيخ، تدري أين أنت؟ قلت: لا. قال: أنت بالربائب.

الشيخ: عند الطبراني يقول: الدوائب.

قارئ المتن: وهذا التل الأبيض الذي تراه عظام بكر بن وائل وتَغلب، وهذا قبر كُليب وأخيه مهلهل. قال: فدلنا على الطريق، ثم قال: ههنا رجل له من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صُحبة، هل لكم فيه؟ قال: فقلتُ: نعم. قال: فذهب بنا إلى شيخ معصوب الحاجبين بعصابة في قبة أدم.

شرح الشيخ: بعصابة: يعني مشدود الرأس.

في قبة أدم: يعني من جلد.

قارئ المتن: فقلنا له: من أنت؟ قال: أنا العدَّاء بن خالد فارس الصحباء في الجاهلية.

شرح الشيخ: الصَّحْبَاء: في طبعة الطبراني الضَّحْبَاء.

قارئ المتن: قال: فقلنا له: حدثنا –رحمك الله- عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحديث قال: كنا عند النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ قام قومه له كأنه مفزع، ثم رجع، فقال: «أُحذركم الدجالين الثلاث». فقال ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بأبي أنت وأمي يا رسُول الله، قد أخبرتنا عن الدجال الأعور وعن أكذب الكذابين، فمن الثالث؟ فقال: «رجل يخرج في قوم أولهم مثبور، وآخرهم مثبور، عليهم اللعنة دائبة في فتنة الجارفة وهو الدجال الأليس يأكل عباد الله».

 

شرح الشيخ: يقول الدائمة أي الملازمة.

في فتنة الجارفة: يعني الأخذ الكثير.

الأليس: الغدر والكذب.

وعند الطبراني: الأطلس ومعناه الأسود الوسخ. اللسان. يأكلُ عباد الله.

ماذا قال على تخريجه؟

قارئ المتن: قال: "إسناده ضعيف؛ قال الذهبي في تلخيص المستدرك: "شُعيبٌ مجهول، والحديث منكر بمرة، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه جماعةٌ لم أعرفهم، أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير)، وأخرجه الحاكم من طريق المُصَنِّف".

الشيخ: وأحاديث الدجال الأحاديث الصحيحة معروفة، أحاديث الدجال في صحيح مسلم وغيرها معروفة، كلها ليس بواضح فيه نكارة.

مداخلة: (58:56).

الشيخ: أكذب الدجالين هذا، والدجال الأكبر أكذبهم.

مداخلة: (59:11).

الشيخ: لا يصحُّ هذا. يأكل عباد الله: يعني يضلهم، لكن لا يصحُّ هذا، والأحاديث الصحيحة تغني عن هذا.

سؤال: يا شيخ أحسن الله إليك، ما الفرق بين المهدي الحقيقي، أم المهدي حق الشيعة؟

الشيخ: مهدي الشيعة خرافة لا أصل له، يزعمون أن محمدًا العسكري ولد له ولد وأدخلوه السرداب مع إن أبوه مات عقيمًا لا ولد له، وأدخلوه السرداب وقالوا إنه موجود في السرداب دخل منذ ألف ومائتين سنة ولم يخرج، موجود إلى الآن في العراق مكان السرداب، أُناس يقفون على السرداب وينادون في طرفي النهار: "يا مولانا اخرج، يا مولانا اخرج"، ولم يخرج، خرافة لا أصل له، ويقولون: "إن أمر الأمة مربوط بهذا المهدي"، وإنه لا (1:00:14) حتى يخرج المهدي من هذا السرداب، وأمر الأمة مُعطل حتى يخرج المهدي، خرافة، ما يصدقها إلَّا المجانين، نسأل الله العافية.

 

 

قارئ المتن: قال: حدثنا عَبَّاد بن منصور، عن أيوب، عن عبد الله بن زيد، عن أنس بن مالك. قال: قال رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سيدرك رجلان من أمتي عيسى ابن مريم ويشهدان قتال الدجال».

الشيخ: تخريجه؟

قارئ المتن: قال: "إسناده ضعيف؛ لضعف عباد بن منصور، وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: "منكر وعبادٌ ضعيف، أخرجه الحاكم من طريق المُصَنِّف".

شرح الشيخ: وقوله: «ويشهدان قتال الدجال»: أي قتل عيسى للدجال فإنه يقتله على باب لُدّ، وباب لُد بالضم والتشديد قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين، يقتل عيسى ابن مريم الدجال بابها، وهذا ضعيف، والأحاديث التي جاءت صحيحة، أما قصة الرجلان هذه لا تصح.

قارئ المتن: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة بن دعامة، عن أنس بن مالك -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنه قال: لما نزلت: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [سورة الحج: 1] على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في مسير له، فرفع بها صوته، حتى ثاب إليه أصحابه، فقال: «أتدرون أي يوم هذا؟ يوم يقول الله لآدم: يا آدم، قم فابعث بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين». فكبر ذلك على المسلمين، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سددوا وقاربوا وأبشروا، فوالذي نفسي بيده ما أنتم في الأمم إلَّا كالشامة في جنب البعير، أو كالرقمة في ذراع الدابة، فإن معكم لخليقتين ما كانتا مع شيءٍ إلَّا كثرتاه، يأجوج ومأجوج ومن هلك من كفرة الجن والإنس».

الشيخ: ماذا قال عليه؟

قارئ المتن: قال: "حديثٌ صحيح، وهذا إسنادٌ ظاهره الصحة، لكن قال الذهبي: هذا الحديث عندنا غير محفوظ عن أنس ولكن المحفوظ حديث قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين حدثنا به عبد الصمد قال: حدثنا هشام عن قتادة. أخرجه الحاكم من طريق المُصَنِّف".

شرح الشيخ: وهذا أصله في الصحيحين أن الله تعالى ينادي يوم القيامة: يا آدم، يقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث النار، فيقول: يا ربِّ وما بعث النار؟ قال: من كل ألفٍ تسع مائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدة إلى الجنة، من كل ألف واحد في الجنة".

 ولهذا ابن القيِّم رحمه الله يقول في (النونية):

يا سلعة الرحمن لست رخيصة
 

***

إلَّا على الكسلان
 


 

يا سلعة الرحمن لا ينالها
 

***

في الألف إلَّا واحد لا اثنان
 

 

 واحد في الألف. فهذا حديث صحيح، لكن هذا الحديث فيه ضعف، أما حديث إن الله تعالى يأمر آدم أن يخرج بعث النار هذا الحديث في الصحيح.

يقول: "أخرجه عبد بن حميد، وحديث ابن سعيد قال: عند البخاري ومسلم، ذكره إنه أصله في الصحيحين لكن هذا الحديث ضعيف، وأما قصة أن الله تعالى يأمر أدم أن يخرج بعث النار فهذا ثابت في الصحيحين.

قوله هنا: «سددوا وقاربوا وأبشروا، فوالذي نفسي بيده ما أنتم في الأمم إلَّا كالشامة: الشامة: علامة مخالفة للون، والجمع شامات وشام.

 أو كالرقمة في ذراع الدابة: الرقمة قيل إنها ناتئة في ذراع الدابة من الداخل، وهما رقمتان في ذراعيها.

قارئ المتن: قال: حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج، قال: حدثنا أبو يحيى إسماعيل ابن إبراهيم التيمي، عن الأعمش، عن ذكوان بن صالح، عن أبي سعيد الخدري أن رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال: «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن؟! وحنى جبهته وأصغى بسمعه؛ ينتظر متى يؤمر فينفخ». قلنا: يا رسُول الله، فكيف نقول؟ قال: قولوا: «حسبنا الله ونعم الوكيل، توكلنا على الله».

الشيخ: تخريجه؟

قارئ المتن: قال: "حديث صحيح، أخرجه الحاكم من تاريخ المُصَنِّف وأخرجه ابن المبارك".

الشيخ: قال البغوي: "قوله: «كيف أنعم؟»: أي كيف أتنعم؟ وقيل: كيف أفرح؟ والنعمة: المسرة".

صاحب القرن هو إسرافين ينفخ فيه بأمر به ثلاث نفخات، أولاها: نفخة الفزع، والثانية: نفخة الصعق، والثالثة: البعث.

يعني كيف أنعم وإسرافيل منتظر.... سيفنى فخاف على ما جاء في حديث الصُّورِ، إسماعيل بن رافع لكن فيه ضعف، والقول الثاني وهو الصح: أنها نفختان: أولها فزع وآخرها صعق وموت. كما قال الله تعالى في سورة النمل: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النمل: 87].

وفي سورة الزمر: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر:68] نفختان.

 

 

قارئ المتن: قال: حدثنا أبو موسى، قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن مُطرف، عن عياض بن حِمار، به.

وحدثنا أبو موسى، قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا قتادة عن يزيد بن عبد الله وعقبة والعلاء بن زياد ورجل آخر، عن مُطرف، أنه حدثهم، عن عياض بن حِمار -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أهل الجنة ثلاثة: عفيف، متصدق، وذو سلطان مُقْسط، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم».

الشيخ: تخريجه؟

قارئ المتن: قال: "حديث صحيح أخرجه مسلم".

الشيخ: والحديث فيه أن هؤلاء الثلاثة من أهل الجنة: «عفيف، متصدق، وذو سلطان مُقْسط، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم».

عفيف: عن الحرام. متصدق.

وذو سلطان مُقْسط: يعني عادل.

ورجل رحيم القلب لكل ذي قربى ومسلم.

قال الترمذي: "لكل مسلم مجرور معطوف على ذي قربى".

هذا فضل هؤلاء الثلاثة، فضل التعفف، والتصدق، وفيه فضل الحاكم ولي الأمر إذا كان عادلًا وأنه من أهل الجنة، وفيه فضل رحيم القلب القريب والمسلم.

قارئ المتن: قال: حدثنا محمد بن بشار بندار، قال: حدثنا عبد الرحمن -يعني ابن مهدي- قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البُناني، عن عبد الرحمن بن ابي ليلى، عن صهيب بن سنان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس:26] قال: «إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ، نادى منادٍ: يا أهل الجنة، إن لكم عند ربكم موعدًا. قالوا: أم تُبيض وجوهنا وتنجينا من النار وتدخلنا الجنة؟» قال: «فيكشف الحجاب». قال: «فوالله ما أعطاهم شيئًا هو أحب إليهم من النظر إليه».

 وعن يوسف بن موسى قال: حدثنا يزيد بن هارون ح وعن بحر بن نضر وزكريا بن يحيى بن أبانٍ، قالا: حدثنا أسد -هو ابن موسى- ح وعن محمد بن معمر، قال حدثنا روح بن عُباده كلهم قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البُناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب بن سنان.

وعن محمد بن معمر، عن روح، عن حماد بن زيد، عن ثابت عن عبد الرحمن، به.

 وعن محمد بن معمر، عن روح، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت عن عبد الرحمن، به، ولم يذكر صهيبًا.

وعن أحمد بن عبدة، عن حماد بن زيد، به كذلك. وعن محمد بن يحيى، عن عبد الرزاق، عن معمر عن ثابت، ببعضه، ولم يذكر صهيبًا.

الشيخ: الحديث قال عنه؟

قارئ المتن: قال: "صحيح أخرجه أحمد ومسلم".

شرح الشيخ: وفيه أن الله تعالى ينادي أهل الجنة: يا أهل الجنة، إن لكم عند ربكم موعدًا. قالوا: أم تُبيض وجوهنا وتنجينا من النار وتدخلنا الجنة؟» قال: «فيُكشف الحجاب». قال: «فوالله ما أعطاهم شيئًا هو أحب إليهم من النظر إليه».

في الحاشية قال البغوي: قال الله عز وجل: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)﴾ [القيامة: 22-23]. قوله: ناضرة، أي: نعمة بالنظر إلى ربها. وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس:26]، الحسنى: الجنة، والزيادة: رؤية الله تعالى. وسئل مالك بن أنس عن قوله: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ فقيل: قوم يقولون: إلى ثوابه. فقال مالك: كذبوا فأين هم عن قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين:15]. قال مالك: الناس ينظرون إلى الله يوم القيامة بأعينهم، وقال لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة، لم يعير الله الكفار بالحجاب، فقال: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين:15].

وقال النووي: "اعلم أن مذهب أهل السُّنَّة بأجمعهم أن رؤية الله تعالى ممكنة غير مستحيلة عقلًا، وأجمعوا أيضاً على وقوعها في الآخرة، وأن المؤمنين يرون الله تعالى دون الكافرين".

هذا فيه إثبات رؤية المؤمنون لربهم، وهذا ثابت في القرآن وفي السُّنَّة، ولا  ينكره إلَّا أهل البدع.

وقال بعض العلماء: "من أنكر رؤية الله كفر".

والله تعالى قال على من كفر: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين:15].

استدل الإمام الشافعي بهذه على من قال: "لما أن حُجب هؤلاء في السخط، دل على أن أولياء الله يرونه في الرضا".

لو كان المؤمنين لا يرون ربهم لكانوا محجوبين مثل الكفار، لكنهم يرونه، أنكر هذا أهل البدع وقالوا: إن ما يُرى إلَّا الأجسام، والله ليس له جسم، الخوارج والمعتزلة وغيرهم من أهل البدع، ابن القيِّم -رحمه الله- أخرج ثلاثين حديثًا في الرؤية وقال إنها متواترة، الأحاديث متواترة في هذا مع الآيات والنصوص الكريمة الواضحة في أن المؤمنين يرون ربهم بأعينهم، بأبصارهم يوم القيامة، وأهل البدع يعملوا عقولهم قالوا: "ما يمكن يُرى إلَّا الأجساد، أنكروا أن الله يُرى"، قالوا: "ما يمكن أن يُرى إلَّا الجسم، والله ليس بجسم". ما يُرى إلَّا الجسم المحدود. وهذا من جهلهم وضلالهم.

قارئ المتن: قال: حدثنا محمد بن معمر، قال: حدثنا روح، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت حُصين بن عبد الرحمن، عبد سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أن رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون».

مداخلة: (1:13:23).

الشيخ: ما يُثبت ولا ينفع، ما ورد. فاطلاق الاسم نفيًا وإثباتًا من البدع.

الحديث صحيح. قال النووي: "فيه عِظم ما أكرم الله سبحانه وتعالى به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمته زادها الله فضلًا وشرفًا".

وفيه أن هذه الأمة «يدخل الجنة من الأمة سبعون ألفًا بغير حساب ولا عذاب وهم الذين لا يسترقون»: يعني لا يطلبون من أحد أن يرقيهم، والرقية جائزة لكن تركها أفضل؛ لما فيه من ميل القلب إليها، إلا أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرقى ورُقي، وقالت أسماء بنت عُميس: «أسترقي لأولاد جعفر فإنهم تُسرع لهم العين؟» الرقية: هي القراءة على الشخص، تركها أولى حتى لا يحتاج إلى أحد. فهم تركوه.

«لا يسترقون» وفي اللفظ الآخر: «ولا يكتوون».

«ولا يتطيرون»: التطير شِرك تركوه.

«الكي»: مكروه تركوه.

والرُقية خلاف الأولى وتركوها، ثم اعتمدوا على الله، ختام ذلك: «وعلى ربهم يتوكلون». هؤلاء يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب.

جاء في الحديث الآخر: «مع كل ألفٍ سبعون ألفًا» وهذا الثابت، مع كل ألف سبعين ألف كم يكون؟ سبعين ضرب سبعين بـ ألف أربعمائة، مائة وأربعون..

جاء في حديث آخر: «مع كل واحد سبعون ألفًا» لكنه ضعيف.

قارئ المتن: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثني أبي، قال: حدثنا حجاج بن عمر هو أبو خُشينه الثقفي، عن الحكم بن الأعرج عن عمران بن حصين -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب، قال: من هم يا رسول الله؟ قال: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون».

 قال ابن خزيمة: "وحديث ابن مسعود خرَّجته في كتاب (الرُقى)".

الشيخ: ماذا قال عليه؟

قارئ المتن: قال: "صحيح أخرجه أحمد ومسلم".

شرح الشيخ: والحديث السابق فيه هنا: «ولا يكتوون»، هذه أوصافهم: «لا يسترقون» هذه ترك خلاف الأولى، «ولا يكتوون» الكي مكروه، ترك المكروه، «ولا يتطيرون» ترك الشرك، «وعلى ربهم يتوكلون» هذا ختام ذلك.

هنا قال ابن حِبَّان: "العِلة في الزجر عن الاكتواء والاسترقاء هي أن أهل الجاهلية كانوا يستعملونها، ويرون البُرء منهما من غير صنع الباري - جَلَّ وَعَلَا – وعلا فيه، فإذا كانت هذه العلة موجودة كان الزجر عنهما قائمًا، وإذا استعملها المرء، وجعلهما سببين للبرء الذي يكون من قضاء الله دون أن يرى ذلك منهما، كان ذلك جائزًا".

المقصود: أن الحديث صحيح. ثابت.

قارئ المتن: قال: روى خالد الحذَّاء، عن أبي قلابة، عن عائشة، عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «لا عدوى، وإذا رأيت المجذوم، ففر منه كما تفر من الأسد».

الشيخ: وهذا سبق الحديث.

ماذا قال عليه؟

قارئ المتن: قال: "المتن صحيح، وهذا سندٌ ضعيف؛ لانقطاعه فإن أبا قِلابة عبد الله بن زيد الجرمي لم يسمع من عائشة، وإن تصدير المُصَنِّف للمتن على السند سببه هذه العلة" والله أعلم.

الشيخ: المتن صحيح، وهذا سبب لانقطاعه.

والحديث أصله صحيح، والمتن صحيح، لأنه جاء في غير هذه الرواية صحيح، «لا عدوى، وإذا رأيت المجذوم، ففر منه كما تفر من الأسد». المجذوم: الذي أصابه الجُزام، وهو مرض تسقط على أثره أصابع اليد

 

 

قارئ المتن: حدثناه بشر بن معاذ قال حدثنا السكن بن إسماعيل قال حدثنا خالد قال حدثنا عبيد الله بن سعيد هو أبو قدامة، قال حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا ابي قال سمعت حرملة -يعني ابن عمران- عن عبد الرحمن بن شِماسة، قال: اتيت عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- زوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- أسألها عن شيء فقالت: أُخبرك بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به».

وعن أحمد بن عبد الرحمن بن وهبٍ قال: حدثنا عمي، قال: حدثني حرملة، عن عبد الرحمن بن شِماسة، عن عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها-، به.

الشيخ: والحديث صحيح، أخرجه أحمد ومسلم.

وفيه الحث على الرفق من ولاة الأمور، الرفق بالأمة، وأن من ولي شيئًا من أمر الأمة عليه أن يرفق بهم، ومن رفق بهم فإن النبي دعا له بأن يرفق الله به، قال النووي: "هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس، وأعظم الحث على الرفق بهم".

لأنه قال: «إذا رفقت بمن ولاك الله، الله تعالى يرفق بك».

قارئ المتن: بعض الطلاب يحتج بهذا الحديث على المدرسين إذا كان الاختبار صعبًا، هل يدخل في هذا؟

الشيخ: نعم، لكن الصعوبة بالنسبة لمن للجميع أم للبعض؟ الطلبة متفاوتون، بعض المدرسين يضعون أسئلة صعبة، يراعي الحالة، والمطلوب، الحال مما يكون فيه سبب لحثهم وتميز الجيد من غير الجيد.

المهم في هذا الدعاء: «اللهم من ولي من أمتي شيئًا.....

والحديث الأخير هنا .....

قارئ المتن: قال: روى ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «إن الملائكة تنزل في العنان – وهو السحاب- فتذكر الأمر قُضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع فتسمعه، فتوحيه إلى الكُهَّان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم».

حدثناه بحر بن نصر، قال: حدثنا ابن وهبٍ، عن ابن لهيعة.

الشيخ: تخريجه، قال صحيح؟

قارئ المتن: قال: صحيح من غير هذا الطريق، وهذا سندٌ ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وتصدير المُصَنِّف المتن على السند سببه ذلك، وبعضهم يصحح حديث ابن لهيعة إذا كان من طريق ابن وهب، وكنت أنحو هذا المنحا، لكن تبين لي أن الصواب أنها ضعيفة أيضاً لكثرة ما أخطأ فيه ابن لهيعة، وإن كان من طريق العبادلة.

قال: أخرجه البخاري والطبري في تفسيره.

شرح الشيخ: والحديث في الصحيح، لكن الحديث في هذا السند فيه ضعف، وأن الملائكة تنزل في العنان -السحاب- فتذكر الأمر قُضي في السماء فتسترق الشياطين السمع، فتسمعه فتوحي إلى الكُهَّان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم، فإن الشياطين كما في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام يركب بعضهم بعضًا هكذا، -حرك أصابعه واحد فوق واحد غير متلاصقين (يشير بيده)- فيصلون إلى السحاب والملائكة تتحدث تكلم الله بالوحي، .......ويصعقون ثم أول من يتحدث جبريل من كلام الله، ويسألون جبريل ويقولون: قال الحق، فيتحدث أهل السماء السابعة، ثم السادسة، ثم الخامسة، ثم الرابعة، حتى يصل إلى السماء الدنيا، ثم يتحدث إلى الملائكة في العنان –السحاب- والشياطين يركب بعضها بعضًا فتسمع الشياطين كلام الملائكة في العنان – في السحاب – فتأخذه ويلقيه هذا إلى من تحته إلى من تحته حتى يصل إلى الكاهن كما في الحديث الآخر فيُقر في أذنه قر قر الدجاجة قار قار فإذا وصل إليه كذب معه مائة كذبة، فحدَّث الناس، مائة كذبة وواحدة صادقة، فتقع الكلمة التي سمعت من السماء فيصدق الناس الكاهن بهذا الكذب الكثير من أجل واحدة.

هذا فيه دليل على قبول الناس للشر والباطل، كيف يعتبرون مائة ما يعتبرون لها ويعتبرون بواحدة؟!

والشهب تلاحقهم تحرق الشياطين، وأحيانًا تحرق الشيطان الأسفل قبل يلقيها بيده للكاهن، وأحيانًا يلقيها ثم يحرقه الشهاب، هكذا الشياطين كيف يتواردون.

نقف على هذا إن شاء الله. وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد