شعار الموقع

سورة الزمر - 11

00:00
00:00
تحميل
7

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، (وَقَال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا}).

الشيخ: هذا أم الذي بعده؟

الطالب: الذي بعده.

الشيخ: الذي بعده، آخر حديث...

(ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا، أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النّهْدِي، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ: إِنَّ عَلِيَّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي، بِيَدِهِ إِنَّهُمْ إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ يُسْتَقبلون -أَوْ: يُؤْتون-بِنُوقٍ لَهَا أَجْنِحَةٌ، وَعَلَيْهَا رِحَالُ الذَّهَبِ، شِرَاكُ نِعَالِهِمْ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ كُلُّ خَطْوَةٍ مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ، فَيَنْتَهُونَ إِلَى شَجَرَةٍ يَنْبُعُ مَنْ أَصِلُهَا عَيْنَانِ، فَيَشْرَبُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا فيُغْسَل مَا فِي بُطُونِهِمْ مَنْ دَنَسٍ، وَيَغْتَسِلُونَ مِنَ الْأُخْرَى، فَلَا تَشْعَثُ أَبْشَارُهُمْ وَلَا أَشْعَارُهُمْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، فَيَنْتَهُونَ -أَوْ: فَيَأْتُونَ-بَابَ الْجَنَّةِ، فَإِذَا حَلْقَةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ عَلَى صَفَائِحِ الذَّهَبِ، فَيَضْرِبُونَ بِالْحَلْقَةِ عَلَى الصَّفِيحَةِ، فَيُسْمَعُ لَهَا طَنِينٌ بأعلى).

الطالب: عندنا يا عليُّ أحسن الله إليك، يخاطب علي رضي الله عنه.

الشيخ: كلام معاذ البصري، قال: كنت عند علي، ما نسب القول لعلي.

الطالب: النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحسن الله عملك، حديث أحسن الله إليك، فقال علي: قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

الشيخ: ما فيه قال النبي، أول ما قرأ...

الطالب: (إِنَّ عَلِيَّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

الشيخ: هذا الذي قاله أبو معاذ البصري؟

الطالب: أبو معاذ يقول: إن عليًا رضي الله عنه.

الشيخ: الحديث مرسل، فقال: إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-...

الطالب: نقرأ من بداية الحديث؟

الشيخ: فقال: إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بداية الحديث.

(إِنَّ عَلِيَّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي، بِيَدِهِ إِنَّهُمْ إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ يُسْتَقبلون -أَوْ: يُؤْتون-بِنُوقٍ لَهَا أَجْنِحَةٌ، وَعَلَيْهَا رِحَالُ الذَّهَبِ، شِرَاكُ نِعَالِهِمْ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ كُلُّ خَطْوَةٍ مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ، فَيَنْتَهُونَ إِلَى شَجَرَةٍ يَنْبُعُ مَنْ أَصِلُهَا عَيْنَانِ، فَيَشْرَبُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا فيُغْسَل مَا فِي بُطُونِهِمْ مَنْ دَنَسٍ، وَيَغْتَسِلُونَ مِنَ الْأُخْرَى، فَلَا تَشْعَثُ أَبْشَارُهُمْ وَلَا أَشْعَارُهُمْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، فَيَنْتَهُونَ -أَوْ: فَيَأْتُونَ-بَابَ الْجَنَّةِ، فَإِذَا حَلْقَةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ عَلَى صَفَائِحِ الذَّهَبِ، فَيَضْرِبُونَ بِالْحَلْقَةِ عَلَى الصَّفِيحَةِ، فَيُسْمَعُ لَهَا طَنِينٌ بأعلى).

الشيخ: يا علي، ما هو مناسب يا علي، فيسمع لها طنين بأعلى، ماذا بعدها؟

(فَيَبْلُغُ كُلَّ حَوْرَاءَ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ أَقْبَلَ).

الشيخ: ما هو مناسب، فيسمع لها طنين يا علي، ما هو مناسب.

الطالب: [00:05:28]

الشيخ: فيسمع لها طنين بأعلى يعني مرتفع، هذا هو الظاهر، فيسمع لها طنين بأعلى...

(بأعلى، فَيَبْلُغُ كُلَّ حَوْرَاءَ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ أَقْبَلَ، فَتَبْعَثُ قَيّمها فَيَفْتَحُ لَهُ، فَإِذَا رَآهُ خَرّ لَهُ -قَالَ مَسْلَمَةُ: أُرَاهُ قَالَ: سَاجِدًا -فَيَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، فَإِنَّمَا أَنَا قَيمك، وُكِّلْتُ بِأَمْرِكَ. فَيَتْبَعُهُ وَيَقْفُو أَثَرَهُ، فَتَسْتَخِفُّ الْحَوْرَاءَ الْعَجَلَةُ، فَتَخْرُجُ مِنْ خِيَامِ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ حَتَّى تَعْتَنِقَهُ، ثُمَّ تَقُولُ: أَنْتَ حِبِّي، وَأَنَا حِبُّكَ، وَأَنَا الْخَالِدَةُ الَّتِي لَا أَمُوتُ، وَأَنَا النَّاعِمَةُ الَّتِي لَا أَبْأَسُ، وَأَنَا الرَّاضِيَةُ الَّتِي لَا أَسْخَطُ، وَأَنَا الْمُقِيمَةُ الَّتِي لَا أَظْعَنُ". فَيَدْخُلُ بَيْتًا مِنْ أُسِّهِ إِلَى سَقْفِهِ مِائَةُ أَلْفِ ذِرَاعٍ، بِنَاؤُهُ عَلَى جَنْدَلِ اللُّؤْلُؤِ، طَرَائِقُ أصفر وأخضر وأحمر، ليس فيها طريقة تُشَاكِلُ صَاحِبَتَهَا، فِي الْبَيْتِ سَبْعُونَ سَرِيرًا، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ حَشْيَة، عَلَى كُلِّ حَشِيَّةٍ سَبْعُونَ زَوْجَةً، عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً، يُرَى مُخّ سَاقِهَا مِنْ بَاطِنِ الحُلَل، يَقْضِي جِمَاعَهَا فِي مِقْدَارِ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِيكُمْ هَذِهِ. الأنهار مِنْ تَحْتِهِمْ تَطّرد، أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ -قَالَ: صَافٍ، لَا كَدَرَ فِيهِ-وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ -قَالَ: لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ضُرُوعِ الْمَاشِيَةِ-وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ -قَالَ: لَمْ تَعْصِرْهَا الرِّجَالُ بِأَقْدَامِهِمْ -وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى-قَالَ: لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُطُونِ النَّحْلِ. يَجْتنِي الثِّمَارَ، فَإِنْ شَاءَ قَائِمًا، وَإِنْ شَاءَ قَاعِدًا، وَإِنْ شَاءَ مُتَّكِئًا -ثُمَّ تَلَا {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا} [الْإِنْسَانِ:14] -فَيَشْتَهِي الطَّعَامَ فَيَأْتِيهِ طَيْرٌ أَبْيَضُ-قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ: أَخْضَرُ. قَالَ: -فَتَرْفَعُ أَجْنِحَتَهَا، فَيَأْكُلُ مِنْ جُنُوبِهَا، أَيَّ الْأَلْوَانِ شَاءَ، ثُمَّ يَطِيرُ فَيَذْهَبُ، فَيَدْخُلُ الْمَلَكُ فَيَقُولُ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. وَلَوْ أَنَّ شَعْرَةً مِنْ شَعْرِ الْحَوْرَاءِ وَقَعَتْ في الْأَرْضِ، لَأَضَاءَتِ الشَّمْسُ مَعَهَا سَوَادًا فِي نُورٍ»).

يعني تكون الشمس سوداء بالنسبة له من شدة إضاءة الشعرة، الشعرة لها إضاءة قوية تكون معها الشمس سوداء، ولو أن ماذا؟

(وَلَوْ أَنَّ شَعْرَةً مِنْ شَعْرِ الْحَوْرَاءِ وَقَعَتْ في الْأَرْضِ، لَأَضَاءَتِ الشَّمْسُ مَعَهَا سَوَادًا فِي نُورٍ.

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

نعم، لا شك ضعيف، فيه غرابة، ثم إنه مرسل ضعيف، فيه أبو معاذ، قال ماذا؟

(إِنَّ عَلِيَّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

أبو معاذ الآن هل التقى بعلي؟ ما فيه انقطاع؟

الطالب: قال في الحاشية: سنده ضعيف؛ لضعف أبي معاذ البصري، وهو سليمان بن أرقم كما في التقريب، ضعيف؛ لضعف أبي معاذ البصري، وهو سليمان بن أرقم كما في التقريب.

الشيخ: وهو راوي حديث: «لا يساوي بيوت الله إلا الجنة»، ابن أرقم هذا، هذا الحديث رواه سليمان بن أرقم هذا، وهو ضعيف، على كل حال هذا ضعيف مرسل، مرسل، فيه أبو معاذ، لكن هل هو معاصر لعلي؟ الظاهر أنه معاصر، لكنه ضعيف، على كل حال مرسل، هذا مرسل ضعيف، وفيه غرابة، وفيه أشياء لها شواهد، من هو؟ في تعليق على هذا في التفسير؟ هذا الحديث في الترهيب والترغيب، ضعيف جدًا، أبو معاذ ضعيف، مجهول أو لا؟

الطالب: هنا قال: لضعف أبي معاذ البصري، وهو سليمان بن أرقم كما في التقريب.

الشيخ: قد يكون بعد السند، قد يكون فيه علة أخرى، انظر السند، قال ابن أبي حاتم...

الطالب: (قَالَ: حَدَّثَنَا، أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النّهْدِي، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ: إِنَّ عَلِيَّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ).

الشيخ: ما ذكر سبب الضعف؟ ضعيف جدًا قال؟ على كل حال ضعيف، الأشياء التي انفرد بها لا يعول عليها، والأشياء التي وافق فيها الأحاديث نعم.

({وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‌‌(75)}.

لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حُكْمَهُ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَأَنَّهُ نَزَّلَ كُلا فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ وَيَصْلُحُ لَهُ وَهُوَ الْعَادِلُ فِي ذَلِكَ الَّذِي لَا يَجُورُ -أَخْبَرَ عَنْ مَلَائِكَتِهِ أَنَّهُمْ مُحْدِقُونَ مِنْ حَوْلِ عَرْشِهِ الْمَجِيدِ، يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَيُمَجِّدُونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُقَدِّسُونَهُ وَيُنَزِّهُونَهُ عَنِ النَّقَائِصِ وَالْجَوْرِ، وَقَدْ فَصَلَ الْقَضِيَّةَ، وَقَضَى الْأَمْرَ، وَحَكَمَ بِالْعَدْلِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} أَيْ: بَيْنَ الْخَلَائِقِ {بِالْحَقِّ}.

ثُمَّ قَالَ: {وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أَيْ: وَنُطْقُ الْكَوْنِ أَجْمَعِهِ -نَاطِقِهِ وَبَهِيمِهِ- لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، بِالْحَمْدِ فِي حُكْمِهِ وَعَدْلِهِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُسْنِدِ الْقَوْلَ إِلَى قَائِلٍ بَلْ أَطْلَقَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ شَهِدَت لَهُ بِالْحَمْدِ.

قَالَ قَتَادَةُ: افْتَتَحَ الْخَلْقَ بِالْحَمْدِ فِي قَوْلِهِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ} [الْأَنْعَامِ:1] وَاخْتَتَمَ بِالْحَمْدِ فِي قَوْلِهِ: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}).

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، هذه الآيات الكريمة ختم بها الله سبحانه وتعالى هذه السورة، ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الزمر:75]، لما ذكر أهل السعادة، وأهل الشقاوة، ذكر أهل الشقاوة وما حل بهم من النكال، ثم ذكر أهل السعادة، وما نالوه من الثواب والجزاء العظيم، أخبر سبحانه الملائكة يحيطون بالعرش ويحدقون به، حافين به، يسبحون الله، ويمجدونه، ويعظمونه، ويقدسونه، وأخبر سبحانه أنه قضى بين عباده بالعدل، وحمده على ذلك جميع الخلائق، وإن كان متكلمًا من الآدميين، ومن الإنس والجن والملائكة، وحمده أيضًا الخلائق الأعجمية؛ كالبهائم والحيوانات والطيور وغيرها، كلها تحمد الله سبحانه وتعالى على حكمه العدل، وعلى فضله وإنعامه وحكمه بين عباده بالقسط، ولهذا قال: ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الزمر:75]، هذا القول صادر من كل أحد، كل المخلوقات، من الآدميين، ومن الإنس، ومن الجن، ومن الملائكة، ومن الحيوانات العجماوات، كلها تحمد الله، وكلها تسبح الله، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾[الإسراء:44]، وكذلك تحمد الله، الحيوانات والطيور والحيتان في البحار وغيرها، ولهذا جاء في الحديث: «إن الحيتان في البحر يستغفرون لمن يعلمون الناس الخير»، ألهمها الله، فإذا كانت تستغفر وهي في الماء، فكذلك تسبح الله، وتقدسه، وتحمد الله سبحانه وتعالى.

الطالب: وكأن الضمير هنا يوحي أنه يعود إلى الملائكة أحسن الله عملك.

الشيخ: أين؟

الطالب: {وَقُضِيَ بينهم بالحق}، ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾[الزمر:75].

الشيخ: الظاهر أنه يعود على أهل الجنة، وأهل النار، قضي بينهم بالحق، الملائكة خلقوا للعبادة، لا يعصون الله ما أمرهم، لا يعصون الله ما أمرهم، فليس عليهم حساب الملائكة، الحساب على الآدميين، على الثقلين الجن والإنس، أما الملائكة فهم مخلوقون للعبادة، ﴿لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾[التحريم:6]، لا يعصى الله في السماء، وإنما يعصى في الأرض، والملائكة من أهل السماء، فهو يعود لحكمه وفصله في القضية بين عباده، بين الإنس والجن، بين الثقلين، بين أهل الجنة وأهل النار.

الطالب: [00:18:28]

الشيخ: ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ﴾[الزمر:75]، هذه جملة جاءت بعدما ذكر سبحانه وتعالى جزاء أهل الجنة، وجزاء أهل النار، أخبر أن الملائكة محيطون محدقون بالعرش يسبحون الله ويقدسونه، ثم قال: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الزمر:75]، ثم ختم بقول الخلائق: الحمد لله رب العالمين، افتتح الله سبحانه وتعالى الخلق بالحمد، ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾[الأنعام:1]، ثم ختمها كذلك، لما كان يوم القيامة بعد الجزاء والحساب ختم ذلك بالحمد، قال: ﴿وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الزمر:75]، ابتدأ خلقه بالحمد، وختمه بالحمد.

الطالب: الحمد يكون من أهل النار؟

الشيخ: نعم، أهل النار بلسان حالهم يحمدون الله، اعترفوا أنهم مستحقون للعذاب، وأن الله سبحانه وتعالى عدل وحكم، ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾[الملك:10/11]، قالوا: لو كان لنا عقول وأسماع سليمة ما كنا في هذا المكان في أهل النار، لكن الله سبحانه وتعالى لم يظلمهم، وإنما أعطاهم الأسماع والأبصار والأفئدة وأرسل إليهم الرسل فاعترفوا بذلك، ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾[الزمر:71]، ﴿قَالُوا بَلَى﴾[الزمر:71]، ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾[الزمر:71]، اعترفوا، فأهل النار أيضًا كذلك، يحمدون الله بلسان حالهم، ويعترفون أن حكم الله بينهم هو الحكم العدل سبحانه وتعالى.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد