شعار الموقع

سورة غافر - 1

00:00
00:00
تحميل
6

(سُورَةِ غَافِرٍ. وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.

قَدْ كَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ، مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنْ يُقَالَ: "الْحَوَامِيمُ" وَإِنَّمَا يُقَالُ: "آلُ حم".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: آلُ حم" دِيبَاجُ الْقُرْآنِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ لُبَابًا، ولُبَاب الْقُرْآنِ "آلُ حم"، أَوْ قَالَ: الْحَوَامِيمُ. وقَالَ مِسْعَر بْنُ كِدَام: كَانَ يُقَالُ لَهُنَّ: "الْعَرَائِسُ". ورَوَى ذَلِكَ كُلَّهُ الْإِمَامُ العَالمُ أَبُو عُبيد الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، -رَحِمَهُ اللَّهُ تعًالى-، فِي كِتَابِ: [فَضَائِلِ الْقُرْآنِ].

وَقَالَ حُميد بْنُ زَنْجويه: حَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، قَال: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "إنَّ مَثَلَ القُرْآنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ انْطَلَقَ يَرْتادُ لِأهْلِهِ مَنزِلًا فَمَرَّ بِأثَرِ غَيْثٍ، فَبَيْنَما هو يَسِيرُ فِيهِ ويَتَعَجَّبُ مِنهُ إذْ هَبَطَ عَلى رَوْضاتٍ دَمِثاتٍ فَقالَ: عَجِبْتُ مِنَ الغَيْثِ الأوَّلِ، فَهَذا أعْجَبُ وأعْجَبُ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ مَثَلَ الغَيْثِ الأوَّلِ مَثَلُ عِظَمِ القُرْآنِ، وإنَّ مَثَلَ هَؤُلاءِ الرَّوْضاتِ الدَّمِثاتِ مَثَلُ "آلِ {حم}" في القُرْآنِ. أَوْرَدَهُ الْبَغَوِيُّ).

(أَوْرَدَهُ الْبَغَوِيُّ) في أول (01:55) مرسل ولَّا كيف؟

الطالب: عن عبد الله بن مسعود.

الشيخ: موقوف.

الطالب: (قَدْ كَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ، مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنْ يُقَالَ: "الْحَوَامِيمُ"، وَإِنَّمَا يُقَالُ: "آلُ حم".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "آلُ حم" دِيبَاجُ الْقُرْآنِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ لُبَابًا، ولُبَاب الْقُرْآنِ "آلُ حم"، أَوْ قَالَ: الْحَوَامِيمُ).

الشيخ: ما عليه حاشية (لُباب) و(02:34)؟

الطالب: قال: أخرجه أبو عُبيد والبغوي بسندٍ ضعيف.

الشيخ: النسخة الثانية؟

الطالب: من طريق (02:50).

الشيخ: هذا أثر ابن مسعود؟

الطالب: ابن عباس. لكن العبارة -شيخنا- (إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ لَبَابًا) أو لُبابَا؟

الشيخ: محتمل.

الطالب: (إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ لَبَابًا، ولَبَاب الْقُرْآنِ "آلُ حم"، أَوْ قَالَ: الْحَوَامِيمُ. وقَالَ مِسْعَر بْنُ كِدَام: كَانَ يُقَالُ لَهُنَّ: "الْعَرَائِسُ". ورَوَى ذَلِكَ كُلَّهُ الْإِمَامُ العَالم أَبُو عُبيد الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، -رَحِمَهُ اللَّهُ تعًالى-، فِي كِتَابِ: [فَضَائِلِ الْقُرْآنِ].

وَقَالَ حُميد بْنُ زَنْجويه: حَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، قَال: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: إنَّ مَثَلَ القُرْآنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ انْطَلَقَ يَرْتادُ لِأهْلِهِ مَنزِلًا فَمَرَّ بِأثَرِ غَيْثٍ، فَبَيْنَما هو يَسِيرُ فِيهِ ويَتَعَجَّبُ مِنهُ إذْ هَبَطَ عَلى رَوْضاتٍ دَمِثاتٍ فَقالَ: عَجِبْتُ مِنَ الغَيْثِ الأوَّلِ، فَهَذا أعْجَبُ وأعْجَبُ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ مَثَلَ الغَيْثِ الأوَّلِ مَثَلُ عِظَمِ القُرْآنِ، وإنَّ مَثَلَ هَؤُلاءِ الرَّوْضاتِ الدَّمِثاتِ مَثَلُ "آلِ حم" في القُرْآنِ. أَوْرَدَهُ الْبَغَوِيُّ).

الشيخ: تكلم عن سنده؟

الطالب: قال: أخرجه البغوي من طريق حُميد بن زنجويه، وسنده حسن.

الشيخ: موقوف عن ابن مسعود.

(وَقَالَ ابْنُ لَهِيعة، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ الْجَرَّاحَ بْنَ أَبِي الْجِرَاحِ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: "لِكُلِّ شَيْءٍ لُبَابٌ، وَلُبَابُ الْقُرْآنِ الْحَوَامِيمُ").

هذا فيه سند ابن لهيعة، ابن لهيعة ضعيفة.

الطالب: قال: سنده ضعيف.

(وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا وَقعتُ فِي "آلِ حم" فَقَدْ وقعتُ فِي رَوْضَاتٍ أتأنَّق فِيهِنَّ).

قال من؟

الطالب: (ابْن مَسْعُود).

الشيخ: (قَالَ ابن مَسْعُود)، وقال عبد الله.

الطالب: (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: إِذَا وَقعتُ فِي "آلِ حم" فَقَدْ وقعتُ فِي رَوْضَاتٍ أتأنَّق فِيهِنَّ).

(وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا مِسْعر -هُوَ ابْنُ كِدَام- عَمَّنْ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَجُلًا رَأَى أَبَا الدَّرْدَاءِ يَبْنِي مَسْجِدًا، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: أَبْنِيهِ مِنْ أَجْلِ "آلِ حم". وَقَدْ يَكُونُ الْمَسْجِدُ الَّذِي بَنَاهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- هُوَ الْمَسْجِدُ الْمَنْسُوبُ إِلَيْهِ دَاخِلَ قَلْعَةِ دِمَشْقَ، وَقَدْ يَكُونُ صِيَانَتُهَا وَحِفْظُهَا بِبِرْكَتِهِ وَبِرْكَةِ مَا وُضع لَهُ، فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَدُلُّ عَلَى النَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ: «إِنْ بَيّتم اللَّيْلَةَ، فَقُولُوا: {حَم}، لَا يُنْصَرُونَ». وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا تُنْصَرُونَ»).

لكن ضعيف، هذا فيه مجهول عمن حدَّثه، ماذا قال عليه؟

الطالب: قال: أخرجه ابن أبي شيبة، وأبو عبيد كلاهما من طريق رجلٍ مبهمٍ، عن أبي الدرداء، وسنده ضعيفٌ بسبب الإبهام.

الشيخ: أعد المتن؟ عن أبي الدرداء أنه قال؟

الطالب: (أَنَّ رَجُلًا رَأَى أَبَا الدَّرْدَاءِ يَبْنِي مَسْجِدًا، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: أَبْنِيهِ مِنْ أَجْلِ "آلِ حم". وَقَدْ يَكُونُ الْمَسْجِدُ الَّذِي بَنَاهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- هُوَ الْمَسْجِدُ الْمَنْسُوبُ إِلَيْهِ دَاخِلَ قَلْعَةِ دِمَشْقَ).

الشيخ: هذا كلام الحافظ.

الطالب: (وَقَدْ يَكُونُ صِيَانَتُهَا وَحِفْظُهَا بِبِرْكَتِهِ وَبِرْكَةِ مَا وُضع لَهُ).

الشيخ: (صِيَانتُها)، يعني: دمشق.

الطالب: لعلَّه يقصد دمشق.

الشيخ: الحافظ بن كثير له كلام في هذا، كما ذكر (07:18) وذكر الحديث الذي (07:19) قال: «ولعلها تبقى إلى قيام الساعة ما يصيبها شيء» لكن أصابها بعدها، وصار فيها النصيرية الآن حكموا فيها مدة طويلة وكذلك أصابها ما أصابها كغيرها.

الطالب: (وَقَدْ يَكُونُ صِيَانَتُهَا وَحِفْظُهَا بِبِرْكَتِهِ وَبِرْكَةِ مَا وُضع لَهُ، فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَدُلُّ عَلَى النَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ: «إِنْ بَيّتم اللَّيْلَةَ، فَقُولُوا: {حَم}، لَا يُنْصَرُونَ». وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا تُنْصَرُونَ»).

الشيخ: لكن كيف يقول هذا؟ يعني كأنه جزم بصحته مع إنه فيه مبهم، الحافظ جزم ببركته وأنه بنى المسجد مع أن السند مبهم، ضعيف ما أصح حتى يُبنى عليه.

الطالب: ...............

الشيخ: الألباني ماذا يقول؟ له طريقة أخرى ولَّا كيف؟

الطالب: ...............

الشيخ: ينظر إذا كان له سند آخر ولَّا سنده ضعيف. سنده ضعيف ما يصح من السند.

والحافظ هنا جزم بأنه هذا يعيد إنه قد يكون له إسنادًا آخر؛ لأن الحافظ جزم بهذا قال: لعلَّ هذا، الحافظ الآن جزم بأنه صحيح عنه.

الطالب: من طريق سفيان الثوري.

الشيخ: ماذا يقول؟

الطالب: يقول: صحيح، رواه أحمد وأبو داود والترمذي، عن أَبُو عُبيد الْقَاسِمُ في [فضائل القرآن]، وابن الجارود في [المنتقى]، والحاكم من طريق سفيان الثوري، به.

الشيخ: هذا تعليق لمن؟

الطالب: (09:09).

الشيخ: طبعة أخيرة هذه؟

الطالب: (09:15).

الشيخ: هذا ثابت ما فيه إشكال.

الطالب: سيأتي به؟

الشيخ: ما فيه إشكال، لكن يعني لحافظ جعل هذا نظيرًا له، قال: لعله مثل ما قال: (جعله نظيرًا له)، لكن هذا يدل على أنه له طرق أخرى، يقول: إنه رواه الإمام أحمد، يصح بها غير الطريق هذا، الطريق هذا ضعيف.

الطالب: (09:38) قال، هو ذكر هنا أبو عُبيد حاله هنا، وقال: كلاهما من طريق رجلٍ مبهم، بعد ذلك عندي قال: أخرجه ابن أبي شيبة المصنف، وأبو عُبيد [فضائل القرآن] كلاهما من طريق رجلٍ مبهمٍ، عن أبي الدرداء.

الشيخ: في النسخة الثانية يقول: رواه أحمد، وأبو الدرداء وهكذا.

الطالب: قال البخاري في بدايته: (وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرة قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنْ بَيَّتم اللَّيْلَةَ فَقُولُوا: {حم}، لَا تُنْصَرُونَ») سيأتي إن شاء الله التفسير.

الشيخ: (حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ) هذا إبهام الصحابي، شهادة الصحابي لا تضر.

(وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ ظَبْيان بْنِ خَلف الْمَازِنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن اللَّيْثِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَلِيكِيِّ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَأَوَّلَ {حَم} الْمُؤْمِنِ، عُصِم ذَلِكَ الْيَوْمَ مَنْ كُلِّ سُوءٍ». ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُروى إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمُلَيْكِيِّ، وَقَالَ: تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِه).

عن التعليق؟

الطالب: قال: أخرجه الترمذي من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر الْمُليكيِّ [السُّنن: بابُ ما جاء في فضل سورة البقرة]، وسنده ضعيف؛ لضعف عبد الرحمن.

الشيخ: («مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَأَوَّلَ {حَم} الْمُؤْمِنِ، عُصِم ذَلِكَ الْيَوْمَ مَنْ كُلِّ سُوءٍ»)، ما ذكر الآن يعني عدد الآيات التي يقرأها؟

الطالب: أول الآيات.

الشيخ: فيه ضعف.

الطالب: كان ورد فيه بعض الأذكار التي تقولها، كانوا ذكروها بالأذكار أحيانًا، يمكن بناءً على هذا، بداية سورة غافر؟

الشيخ: أي نعم، بناءً على الأحاديث، بعض الأذكار التي ذكرت فيها ضعف.

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: {حم (1) تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)}[غافر:1-3].

أَمَّا الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ "سُورَةِ الْبَقَرَةِ" بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ {حم} اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ:

يُذَكِّرُني حامِيمَ والرمحُ شَاجر

 

فَهَلا تَلَا حَاميمَ قَبْل التَّقدُّمِ

 

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرة قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنْ بَيَّتم اللَّيْلَةَ فَقُولُوا: {حم}، لَا يُنْصَرُونَ» وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.

وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنْ يُروى: "فَقُولُوا: {حم}، لَا يُنْصَرُوا" أَيْ: إِنْ قُلْتُمْ ذَلِكَ لَا يُنْصَرُوا، جَعَلَهُ جَزَاءً لِقَوْلِهِ: «فَقُولُوا»).

(أَيْ: إِنْ قُلْتُمْ ذَلِكَ لَا يُنْصَرُوا) لا ينصرون عليكم يعني العدو، (جَعَلَهُ جَزَاءً لِقَوْلِهِ: «فَقُولُوا»).

الطالب: (أَمَّا الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ "سُورَةِ الْبَقَرَةِ" بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا).

الشيخ: ومن العلماء من قال إنها للتحدي، سورة التحدي إن البشر يأتوا بمثل هذا القرآن، يعني القرآن من هذه الحروف الثمانية والعشرين التي تكلم بها الناس، ومع ذلك تحدى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾[الإسراء:88]، و﴿بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ﴾[هود:13]، و﴿بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾[يونس:38] فعجزوا.

ولهذا كُل سورة تفتتح بالحروف المقطَّعة يأتي فيها لانتصار القرآن ﴿حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾[الزخرف:1-2]. ﴿الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾[البقرة:1-2]، وهكذا ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾[ق:1] اختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ- إنها للتحدي بعضهم قال، فيه أقوال كثيرة بعضهم يعني أشار إلى أسماء الله أو كذا،والله أعلم لكن شيخ الإسلام اختار هذا.

الطالب: (وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ {حم} اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-).

الشيخ: وهذا بعيد.

الطالب: (وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ:

يُذَكِّرُني حامِيمَ والرمحُ شَاجر

 

فَهَلا تَلَا حَاميمَ قَبْل التَّقدُّمِ

 

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرة قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنْ بَيَّتم اللَّيْلَةَ فَقُولُوا: {حم}، لَا يُنْصَرُونَ» وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.

وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنْ يُروى: «فَقُولُوا: {حم}، لَا يُنْصَرُوا»، أَيْ: إِنْ قُلْتُمْ ذَلِكَ لَا يُنْصَرُوا).

(لَا يُنصَروا) الأعداء عليكم.

الطالب: (جَعَلَهُ جَزَاءً لِقَوْلِهِ: «فَقُولُوا»).

الشيخ: لكن ما يدل على أنه اسم من أسماء الله.

(وَقَوْلُهُ: {تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} أَيْ: تَنْزِيلُ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ الْقُرْآنُ مِنَ اللَّهِ ذِي الْعِزَّةِ وَالْعِلْمِ، فَلَا يُرَامُ جَنَابُهُ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ الذَّرُّ وَإِنْ تَكَاثَفَ حِجَابُهُ. وَقَوْلُهُ: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ}).

الشيخ: وفيه إثبات في قوله: (﴿تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}[غافر:2]) فيه (كتاب) إن القرآن كلام الله منزلٌ غير مخلوق، في الرد على المعتزلة الذين يقولون: إن كلام الله مخلوق قال: ﴿تَنزيلُ﴾ مُنزَّل، وفيه إثبات العلو لله -عَزَّ وَجلَ-؛ لأن النزول إنه يكون من أعلى إلى أسفل، والرد على من أنكر علو الله، وفيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: إن الكلام معنًا نفسي وليس بحرف ولا صوت، هذا القرآن حروف وكلمات قال، وأخبر أنه مُنزه من الله.

﴿تَنزيلُ الْكِتَابِ﴾ يعني بألفاظه وحروفه ومعانيه كله مُنزَّل من عند الله، كما هو قول أهل السُّنَّة والجماعة: إن القرآن كلام الله حروفه ومعانيه.

أما المعتزلة فيقولون: القرآن مخلوق ألفاظه ومعانيه، والأشاعرة يقولون: معناه غير مخلوق وألفاظه مخلوقة وحروفه أيضًا أخذوا الاستدلال بنصف المذهب، مع المعتزلة في أن القرآن ألفاظه وحروفه مخلوقة، ومع أهل السُّنَّة في أن معنى القرآن غير مخلوق مذبذبين لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، والصواب: أن القرآن كلام الله حروفه ومعانيه وألفاظه وكلها مُنزَّلة، وكلامه هو صفةٌ من صفاته وما تماثل صفة المخلوقين، المخلوقين مخلوقون بألفاظهم وحروفهم وكلامهم، أما الله فهو الخالق بذاته وأسمائه وصفاته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

الطالب: شيخنا! هم الأشاعرة يثبتون الكلام، صفة الكلام؟

الشيخ: أي نعم. ومع ذلك ما أثبتوهُا على وجهها الصحيح، هي في الصفات السبع: (الحياة، والكلام، والسمع، والبصر، والعلم، والقُدرة، والإرادة) (18:14) الصفات السبع، ومنها (الكلام) لكن ما أثبتوه على (18:17)، ما أثبتوه إثباتًا صحيحًا هكذا خصَّها التفصيل. قالوا: إن جبريل ما سمع من الله ولا كلمة واحدة، ولا يمكن أن يتكلم جعلوا الرب أبكم ما يستطيع الكلام -والعياذُ بالله-، يقول: لو تكلم في حُرفة وصوت صار محل للحوادث، فتنزيهًا له ألا يكون محل للحوادث ليس الكلام بحرف وصوت، يقول: الكلام ما يصير بحرف وصوت، الكلام معنى في النفس مثل العلم ما يُسمع، وأما الحروف والأصوات هذه يقول: دليلٌ عليه.

ويستدلون بقول الأخطل النصراني:

إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا

 

جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلًا

 

هذا كلام أخطل، والأخطل نصراني، ومُولِّد من المتأخرين بعد، من المتأخرين كيف تحتجون بقول نصراني والنصارى غلطوا في مسمَّى الكلام! يعني النزاع بينهم وبين أهل الحق في نفس الكلام، قالوا: إن عيسى نفس كلمة الله، عيس هو الكلمة كلمة يقولون، كلمة (كُنْ)، وأهل السُّنَّة يقولوا: عيسى مخلوقٌ بكلمة (كن)، والنصارى يقولوا: لا. عيسى نفسه الكلمة، تستدل بقول نصراني وهذا كلامه وهو متأخر!

إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا

 

جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلًا

 

الطالب: الشيعة ماذا يقولون عن القرآن؟

الشيخ: يقولون: مُحرّف -نسأل الله العافية- وضع شيء بعضه، يزيدون بعض الحروف منها، يقولون: فيه سورة كاملة سقطت، وفيه بعض الآيات سقطت أسقطها أهل السُّنَّة، مثل يقول: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾[الشرح:1-4] قالوا: سقط عنه (وجعلنا عليُّ صهرك)، (وجعلنا عليُّ صهرك) يقولون: هذه ساقطة؛ إذًا فيه سورة: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ (وجعلنا عليُّ صهرك)، هذه يقول: هذه آية.

(وَقَوْلُهُ: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} أَيْ: يَغْفِرُ مَا سَلَفَ مِنَ الذَّنْبِ، وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِمَنْ تَابَ إِلَيْهِ وخَضَع لَدَيْهِ.

وَقَوْلُهُ: {شَدِيدُ الْعِقَابِ} أَيْ: لِمَنْ تَمَرَّدَ وَطَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَعَتَا عَنْ أَوَامِرِ اللَّه -تَعَالَى- وَبَغَى؛ وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ}[الْحِجْرِ:49-50]. يَقْرِنُ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ كَثِيرًا فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ؛ لِيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ).

الطالب: (وَقَوْلُهُ: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} أَيْ: يَغْفِرُ مَا سَلَفَ مِنَ الذَّنْبِ، وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِمَنْ تَابَ إِلَيْهِ وخَضَع لَدَيْهِ. وَقَوْلُهُ: {شَدِيدُ الْعِقَابِ} أَيْ: لِمَنْ تَمَرَّدَ وَطَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَعَتَا عَنْ أَوَامِرِ اللَّه -تَعَالَى- وَبَغَى؛ وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ}[الْحِجْرِ:49-50]).

الشيخ: ليجمع الإنسان بين الخوف والرجاء، ليكون الإنسان بين الخوف والرجاء، يذكر -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أنه شديد العقاب وأنه غفورٌ رحيم، أي يكون المؤمن يخاف ويرجو، وهكذا ينبغي للإنسان أن يسأل الله بين الخو والرجاء.

الطالب: (يَقْرِنُ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ كَثِيرًا فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ؛ لِيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ).

(وَقَوْلُهُ: {ذِي الطَّوْلِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي: السَّعَةَ وَالْغِنَى، وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الأصم: {ذِي الطَّوْلِ}، يعني: الخير الكثير.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {ذِي الطَّوْلِ} ذِي الْمَنِّ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ذِي النِّعَمِ وَالْفَوَاضِلِ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ الْمُتَفَضِّلُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُتَطَوِّلُ عَلَيْهِمْ، بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْمِنَّةِ وَالْإنْعَامِ، الَّتِي لَا يُطِيقُونَ الْقِيَامَ بِشُكْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[إِبْرَاهِيمَ:34]).

الشيخ: نعم كُل هذه معاني في ﴿ذِي الطَّوْلِ﴾[غافر:3] إنها (ذِي النِّعَمِ)، والبسط كُل هذه، المعاني كلها مراده.

(وَقَوْلُهُ: {لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} أَيْ: لَا نَظِيرَ لَهُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ، فَلَا إِلَهَ غَيْرَهُ، فَلَا إِلَهَ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} أَيِ: الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، فَيُجَازِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، {وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}[الرَّعْدِ:41]).

﴿غافر﴾ الغافر هذا وصف، قال ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ﴾[غافر:3].

﴿غَافِرِ الذَّنْبِ﴾: "الذنب" اسم جنس، اسم جميع الذنوب، هو يغفر الذنوب لمن تاب، والصواب: أن التوبة تتجزأ، فإذا تاب من ذنبٍ دون ذنب صحت التوبة.

إذا كان الإنسان مثلًا عاقٌ لولديه، ويأكل أموال الناس بالباطل، أو يتعامل بالربا أو بالرشوة ثم تاب من أحدهما صحت التوبة، قالوا: (23:51) ولابد يتوب من جميع الذنوب، تاب من عقوق الوالدين ولم يتوب من الرشوة، صحت توبته من عقوقه وبقي عليه رشوة، وكذلك إذا تاب من الرشوة ولم يتوب من العقوق صحت، تتجزأ التوبة، فهو غافر الذنب جميعًا، والله -تَعَالَى- كما سبق في آية الزمر: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾[الزمر:53] يعني لمن تاب هذه في التائبين، فمن تاب تاب الله عليه.

﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾، يعني قال: يقبل التوبة.

﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾: لمن عصاه وتمرد عليه.

﴿ذِي الطَّوْلِ﴾: ذي السعي والغنى والخير الكثير.

﴿لا إِلَهَ إِلا هُوَ﴾: لا معبود بحقٍ سواه، فهو المعبود بحق (ولَا نَظِيرَ لَهُ) في أسمائه وصفاته وأفعاله.

﴿إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾: إليه (الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ) يوم القيامة، يُجازي العباد بأعمالهم.

(وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيعي يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فَقَالَ: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَتَلْتُ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فقال عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: {حم (1) تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ(3)}[غافر:1-3]، وَقَالَ: اعْمَلْ وَلَا تَيْأَسْ". رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ جَرِيرٍ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرِّقِّي، قَال: حَدَّثَنَا عُمَرُ -يَعْنِي ابْنَ أَيُّوبَ-، قال: حَدَّثنا جَعْفَرِ بْنِ بَرْقان، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ذُو بَأْسٍ، وَكَانَ يَفِدُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فَفَقَدَهُ عُمَرُ فَقَالَ: مَا فَعَلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يُتَابِعُ فِي هَذَا الشَّرَابِ. قَالَ: فَدَعَا عُمَرُ كَاتِبَهُ، فَقَالَ: اكْتُبْ: "مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ: فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}[غافر:3]".

ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: ادْعُوَا اللَّهَ لِأَخِيكُمْ أَنْ يُقْبِل بِقَلْبِهِ، ويَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا بَلَغَ الرَّجُلَ كتابُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جَعْلَ يَقْرَأهُ وَيُرَدِّدُهُ، وَيَقُولُ: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ}، قَدْ حَذَّرَنِي عُقُوبَتَهُ وَوَعَدَنِي أَنْ يَغْفِرَ لِي. وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، وَزَادَ: "فَلَمْ يَزَلْ يُرَدّدها عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ نَزَعَ فَأَحْسَنَ النَّزْعَ، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ خبرهُ، قَالَ: هَكَذَا فَاصْنَعُوا، إِذَا رَأَيْتُمْ أَخًا لَكُم زَلَّ زلَّةً فَسَدِّدُوهُ وَوَثِّقُوهُ، وَادْعُوا اللَّهَ لَهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ).

(ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ نَزَعَ فَأَحْسَنَ النَّزْعَ)، يعني: تاب وأحسن التوبة، نزع عن المعاصي وتاب، فأحسن التوبة.

(فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ خبرهُ، قَالَ: هَكَذَا فَاصْنَعُوا، إِذَا رَأَيْتُمْ أَخًا لَكُم زَلَّ زلَّةً فَسَدِّدُوهُ وَوَثِّقُوهُ، وَادْعُوا اللَّهَ لَهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ، وَلَا تَكُونُوا أَعْوَانًا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ).

الشيخ: تخريجه؟

الطالب: قال: أخرجه أبو نعيمٍ في ترجمة يزيد ابن الأصم بسنده ومتنه، وذكره ابن كثيرٍ من طرق أبي نعيمٍ، به، ثم قال: إسناده جيدٌ وفيه انقطاع.

الشيخ: انقطاع ضعف.

(وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّة، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ، قال: حَدَّثنا أَبُو عُمَر الصَّفَّارُ، قَال: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ، فَدَخَلْتُ حَائِطًا أَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَافْتَتَحْتُ: {حم} الْمُؤْمِنِ، حَتَّى بَلَغْتُ: {لَا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} فَإِذَا رَجُلٌ خَلْفِي عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ عَلَيْهِ مُقَطَّعات يَمَنِيَّةٌ، فَقَالَ: إِذَا قُلْتَ: {غَافِرِ الذَّنْبِ} فَقُلْ: "يَا غَافِرَ الذنب، اغفر لي ذنبي". وَإِذَا قُلْتَ: {وَقَابِلِ التَّوْبِ}، فَقُلْ: "يَا قَابِلَ التَّوْبِ، أقْبَلْ تَوْبَتِي". وَإِذَا قُلْتَ: {شَدِيدُ الْعِقَابِ}، فَقُلْ: "يَا شَدِيدَ الْعِقَابِ، لَا تُعَاقِبْنِي". قَالَ: فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَخَرَجْتُ إِلَى الْبَابِ فَقُلْتُ: مَرّ بِكُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ يَمَنِيَّةٌ؟ قَالُوا: مَا رَأَيْنَا أَحَدًا، فَكَانُوا يُرَون أَنَّهُ إِلْيَاسُ. ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، عَنْ ثَابِتٍ، بِنَحْوِهِ. وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ إِلْيَاسَ).

يعني يقول: إلياس (30:08) من المعمرين، قال: فيه بعض الناس يقولوا من المعمرين وهذا ليس بصحيح، وبعضهم يقول: أن الخَضر يعني موجود مُعمر، لو كان موجود لجاء إلى النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وآمن به ما يمكن، والخَضر إما نبي أو عبدٍ صالح، فيمكن عبدٍ صالح ولا يكون نبي ولا يأتي إلى النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الصواب: أنه مات؛ ويدل على ذلك الحديث الصحيح الذي في البخاري: أن النَّبي أخبر في أخر حياته «أنَّه عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةَ ما يَبْقَى على وجه من هو على وجه الْأَرْضِ» يعني لتخلى من ذلك القرن، لو كان موجود لمات، وهذا إلياس بعضهم يقول: إن إلياس هذا موجود.

الطالب: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّة، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ، قال: حَدَّثنا أَبُو عُمَر الصَّفَّارُ، قَال: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ، فَدَخَلْتُ حَائِطًا أَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَافْتَتَحْتُ: {حم} الْمُؤْمِنِ، حَتَّى بَلَغْتُ: {لَا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}، فَإِذَا رَجُلٌ خَلْفِي عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ عَلَيْهِ مُقَطَّعات يَمَنِيَّةٌ، فَقَالَ: إِذَا قُلْتَ: {غَافِرِ الذَّنْبِ} فَقُلْ: "يَا غَافِرَ الذنب، اغفر لي ذنبي". وَإِذَا قُلْتَ: {وَقَابِلِ التَّوْبِ}، فَقُلْ: "يَا قَابِلَ التَّوْبِ، أقْبَلْ تَوْبَتِي". وَإِذَا قُلْتَ: {شَدِيدُ الْعِقَابِ}، فَقُلْ: "يَا شَدِيدَ الْعِقَابِ، لَا تُعَاقِبْنِي". قَالَ: فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَخَرَجْتُ إِلَى الْبَابِ فَقُلْتُ: مَرّ بِكُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ يَمَنِيَّةٌ؟ قَالُوا: مَا رَأَيْنَا أَحَدًا، فَكَانُوا يُرَون أَنَّهُ إِلْيَاسُ. ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، عَنْ ثَابِتٍ، بِنَحْوِهِ. وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ إِلْيَاسَ).

الشيخ: ماذا قال عليه؟

الطالب: قال: سنده ضعيف لضعف حماد بن واقد، وفي متنه غرابة.

الشيخ: نعم، فيه نكاره قوله: إنه إلياس.

الطالب: فربما يأتي (32:35)؟

الشيخ: والخضر الجمهور يرون أنه عبدٌ صالح، والصواب: أنه نبي، القول الثاني: أنه نبي؛ لأنه ما يمكن يفعل هذا الأشياء إلَّا بوحي، قتل الغلام، وخرق السفينة، وكذلك بناء الجدار وأن تحتها كنز ليأتي منه، هذا ما يعلمه إلَّا من الوحي، ويدل على قوله: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾[الكهف:82]، فعن أمر من؟ عن أمر الله، ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ هذا الصواب،  رأي من الجمهور: يرون أنه عبدٌ صالح.

الطالب: إذا كان فائدة هذا كعبدٌ صالح واجب علينا (33:16).

الشيخ: نعم، صح والعبد الصالح من أين يأتي الصلاح إلَّا إذا كان متبعًا للرسول، وإلَّا ما يكون صالح، يعني ما يتبع الرسول ما هو بصالح.

({مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (4) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5)}[غافر:4-5]).

الشيخ: نحتاج إلى الحديث الأخير هذا فيه ضعف، إذا كان له سند آخر؟ ما عليه تعليق نتركهم يقولوا: يرون أنه إلياس؟ هذا تعليق على التفسير؟ آخر الطبعة، ماذا يقول؟

الطالب: قال: ذكر ابن الجوزي في [الموضوعات]: أَنَّ الْبُخَارِيَّ سُئِلَ عَنِ الْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ هَلْ هُمَا فِي الأَحْيَاءِ؟ فَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا، وَقَدْ قَالَ النَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يَبْقَى عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَى الأَرْضِ أَحَد».

الشيخ: لأن اسمها (34:40) قالها في آخر حياته «لا يبقى ممن على وجه الأرض أحد» (34:45) يمكن يبقون؟ ما يمكن، سُمِّيَ ماذا؟ قال من؟

الطالب: ذكر ابن الجوزي في [الموضوعات]: أَنَّ الْبُخَارِيَّ سُئِلَ عَنِ الْخَضِرِ وَإِلْيَاس، هَلْ هُمَا فِي الأَحْيَاءِ؟ فَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا، وَقَدْ قَالَ النَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يَبْقَى عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَى الأَرْضِ أَحَد».

وقال ابن كثيرٍ في [البداية والنهاية]: إنَّ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ: أَنَّ الْخَضِرَ مَاتَ، وَكَذَلِكَ إِلْيَاسُ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-.

وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ عَسَاكِرَ طُرُقًا فِي مَنِ اجْتَمَعَ بِإِلْيَاسَ مِنَ الْعُبَّادِ، وَكُلُّهَا لَا يُفْرَحُ بِها؛ لِضَعْفِ إِسْنَادِهَا أَوْ لِجَهَالَةِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ فِيهَا.

الشيخ: يعني ابن عساكِر اخبري، يجمع (ما هب ودب).

هذه آخر طبعة ولَّا فيه طبعة ثانية؟ أيها أقدم؟

الطالب: (35:58).

الشيخ: وهذه؟

الطالب: هذه الطبعة السادسة سَنة اثنين وثلاثين.

الشيخ: هذه المتأخرة، من المحقق؟

الطالب: أبو معاوية البيروتي.

الشيخ: هو ذكر مجموعة؟

الطالب: مجموعة عن (36:17).

الشيخ: ما شاء الله يقول: تفسيره (36:16) بتحقيقات وطبعات متأخرة كثيرة، هو جديرٌ بهذا الكتاب كتابًا عظيم، وفيه أسانيد كثيرة وفيها يعني الطبعات فيها أخطاء كثيرة كثير من الطبعات، وتحريفات كثيرة جدير (36:33).

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد